توقفت مى عن السير ونظرت بخجل الى عمرو الذى يجاورها وقالت برقة :
-حسنا اعتقد ان هذا يكفى هذا مدخل حينا الذى اقطن به
نظر عمرو الى الشارع الذى اشارت اليه ثم عاد ينظر الى عينيها
الخجلتان ووجنتيها اللتان توردتا فاضفت عليها جمالا منقطع النظير ورقة متناهية خلبت لبه وحركت بداخله احاسيس عديدة لم يشعر بها من قبل قط احاسيس حاول اخفائها الا انها رغم محاولته ظهرت على وجهه بوضوح وفى كلماته:
-حمدا لله على سلامتك
اخفضت بصرها فى الارض وهى تهمس:
-شكرا لك جزاك الله خيرا على صنيعك
هز كتفيه وهو يقول بابتسامة خجلة:
-انا لم افعل شىء سوى الواجب والذى يفترض اى شاب بمكانى ان يقوم بفعله فهذا الشاب الوقح الذى تحرش بكى كان يجب ان اوقفه عند حده واسلمه الى قسم الشرطة ايضا لولا هروب ذلك الجبان
رفعت نظرها اليه وهى تهتف:
-لااااا قسم شرطة وتحقيقات ونيابة لا لا اريد هذا
حمدا لله ان الامر انتهى عند هذا الحد
قال بعتاب:
-لو كل فتاة مثلك تعرضت لمثل هذا الموقف وصمتت وتجاهلته فاننا بذلك نشجع على نمو تلك الظاهرة المنحرفة التى ابتلى بها مجتمعنا ونشجع على انحراف الشباب الذى فقد اخلاقه واسلامه
وانصاع وراء التقليد الغربى المباح
هزت رأسها وهى تقول:
-لا اعترض على كلامك بالطبع لكن الامر لم يصل معى الى تحرش بمعنى الكلمة ، لقد حاول هذا الشاب ان يسىء الىّ لكنك منعته ولم يتمكن من اى فعل سوى الكلام الجارح الذى خدش حيائى وحمدا لله انك كنت بالجوار واوقفته عند حده
تهدج صوته وهو يهتف:
-انا على استعداد لفعل اى شىء من اجلك يا انسة مى
تطلعا الى بعضهم البعض وانفاسهما المرتجفة تعلو
واحساس لذيذ يسرى فى عروقهما كالخدر ويحول العالم من حولهما الى لون وردى زاهى تخفق له القلوب
انتزعت مى نفسها بصعوبة من ذلك الاحساس الذى غمرها وتنحنحت بخجل قائلة:
-انا احم احم يجب ان اذهب
كلماتها اعادته الى الواقع فابتسم بخجل وهو يقول بارتباك:
-طبعا طبعا حسنا هيا بنا
اشارت اليه بيدها وقالت بتهذيب:
-لا سأكمل وحدى انا فتاة اعيش بمفردى ولا اريد ان تثار الاقاويل من حولى
اومأ برأسه وهو يصافحها قائلا :
-حسنا القاكى غدا
تطلعت اليه باستغراب فاسرع يقول:
-فى الشركة القاكى غدا فى الشركة
هزت رأسها وهى تنصرف بعيدا عنه وتهمس بخجل وسعادة:
-اذن فهو موعد
**************
جلست ناهد تتطلع بحزن لصورة امجد وعروسه التى التقطتها
دنيا يوم زفافه والتى اخذتها منها خلسة دون ان تشعر
وهتفت بصوت مختنق تملؤه الحسرة:
-لماذا يا امجد ؟؟ لماذا لم تتقبل اسفى واعتذارى ؟؟
انا امك لماذا دفعك ممدوح لكراهيتى ؟؟
لقد كان يجب ان اتمتع بشبابى وجمالى وان احيا كما حييت طوال عمرى يكفى الفقر وعذابه الذى تجرعته مع والدك
وكيف كان لى ان اعلم انه سيغتنى بهذا الشكل ويصبح من كبار رجال الاعمال ؟؟ لقد كان يجب ان افعل هذا
لا يجب ان تلومنى على هذا ابداا ابدااااا
انتفضت من مرقدها على فراشها عندما تناهى الى سمعها دقات قوية متتالية على باب الفيلا الذى اسرعت انتصار بفتحه لتدخل دنيا كالعاصفة صائحة بصوت هادر:
-اين عمتى ؟؟ عمتىىىىىىىى عمتىىىىىىى
اطلت ناهد برأسها من غرفتها على اثر سماعها صياح دنيا
وتساءلت بحيرة:
-لماذا عادوا بهذه السرعة ؟؟
ثم ما لبثت ان هبطت السلالم بسرعة قائلة بسعادة مصطنعة:
-دنيا حبيبة قلبى لماذا عدتوا بهذه السرعة ؟؟ اين ادهم ؟؟
اوقفتها دنيا باشارة من يدها لتبعدها عن احضانها وهتفت وهى تتطلع اليها باشمئزاز:
-لماذا ؟؟ ماذا فعلت لكى ؟؟ هل اذيتك فى شىء؟؟ لماذا فعلتى بى هذا ؟؟ لمااااااااذاااااااااااا؟
تضاعفت حيرة ناهد امام انهيار دنيا الوشيك وقالت:
-ماذا هناك يا دنيا ؟؟ لا تريدين ان احتضنك وعيناكى حمراواتان
كالدم وعدتى وحدك دون ادهم ثم ما هذا الصراخ والكلام الغريب الذى تقولينه؟؟
ثم اضافت وهى تضحك حينما اعتقدت انها فهمت ما يجرى:
-آآآه انه ادهم اليس كذلك ؟؟ ماذا فعل لكى ؟ اخبرينى
لا تعتقدى اننى سأقف فى صفه لانى امه
تطلعت اليها دنيا ببغض وهى تتساءل ببطء:
-حقا!! اذن لن تقفى فى صفه لانكى امه
ثم مالت عليها وهى تضيف:
-ام لانكى زوجة ابيه ؟؟ا
انتفضت ناهد فى ذعر ودنيا تواصل بغضب وحنق:
-ام لانكى مفلسة انتى وابن زوجك ولا يمكن ان تجعلينى اغضب عليكما حتى تواصلى حياتك فى هذا النعيم ؟؟
تدلى فك ناهد فى دهشة وهى تقول بغير تصديق:
-ماذا ؟؟ كيف!!
صاحت دنيا بالم:
-كيف عرفت هذا ؟؟ من محامى زوجك يا ناهد هانم
اطلعنى على كل شىء واستنتجت انا بذكائى المحدود لعبتك الحقيرة
ثم هتفت بذهول:
-تخدعينى يا عمتى !! وتجعلينى اتوهم ان ابن زوجك هو ابنك
وتجعليه يوهمنى بالحب ويتزوجنى وكل هذا من اجل ماذا ؟؟
لتستولوا على اموالى !! هل هنت عليكى الى هذا الحد يا عمتى ؟؟ ابنة اخيكى من لحمك ودمك تفعلين بها هذا !! لماذا ؟
لماذا ؟ وهل كنت سأرفض مساعدتك فى ازمتك واقامتك فى
بيتى واعطاء وظيفة لابن زوجك ؟ ام ان كل هذا لا يرضي جشعك واردتى ان تكون ثروتى كلها من نصيبك
اردتى ان تأخذى حقا غير حقك
هتفت ناهد:
-لا يا دنيا هذا حقى
صاحت دنيا باستنكار:
-اى حق هذا الذى تتحدثين عنه ؟؟
-حقى فى ميراث ابى الذى التهمة اباكى ولم يعطه لى
ضحكت دنيا باستهزاء وهى تنظر اليها بعينان تشتعلان غضب ووتهتف بكلمات متألمة مذهولة:
-هل واتتك الجرأة ان تقفى امامى وتضعى عينك فى عينى بعد كل ما اكتشفته عنك وتواصلى كذبك يا عمتى ايتها السيدة الفاضلة ، لقد كنت معكم عندما سلمك ابى ميراثك نعم كنت طفلة صغيرة لكن لم ينمحى هذا من ذاكرتى لقد اعطاكى ابى حقك لكنكى عدتى بعد ان خسرتيه فى البورصة رغبة فى زيادته
عدتى لتطلبى المزيد وتطلبين مساواتك بابى رغم ان هذا يخالف الشرع
ثم عقدت ذراعيها امام صدرها وهى تتساءل:
-ويا ترى هل هذه هى الكذبة التى اقنعتى بها ادهم بالقيام بدوره الحقير الذى لعبه بمهارة ام انه لم يكن بحاجة الى اى دوافع وكان يكفيه المال الذى كان سيضع يده عليه ؟؟
اسقط فى يد ناهد للاتهامات المتتالية التى تطلقها دنيا والتى لا تملك معها تفسيرا او اعتذارا لكن عقلها الشيطانى لم يتركها
خالية الوفاض اذ امدها على الفور بتفسير قالته بلهجة من اجبرت على فعل هذا:
-صدقينى يا دنيا ادهم هو الذى اقنعنى بتلك اللعبة قال انه لن يستطيع المكوث هكذا تحت رحمتك لقد اراد المال بشدة بعد افلاس ابيه انا كنت سآتى لاقيم معكى لكن هو من اصر على هذا اصر على خداعك وايهامك انه ابنى ، لقد ضعفت امام كلماته الشيطانية واغراء المال ولثراء
تصنعت البكاء وهى تضيف:
-انا اسفة يا دنيا
اطاحت دنيا بالفازة التى وقعت وتفرقت شظاياها فى كل مكان ودنيا تصرخ بغضب:
-كذب كذب كل شىء كذب ، انتى وادهم خدعتونى
لن انخدع ثانية ولن اصدق حرفا مما تقولين واعتذارك هذا لا يساوى اى شىء
واشارت نحو باب الفيلا وهى تواصل صراخها:
-والان اخرجى من بيتى لا اريد ان اراكى
اخرجىىىىىىىىىى
اسرعت انتصار وعم سالم باخراج ناهد من الفيلا وانتصار تقول بشماتة:
-انتظرى بالخارج حتى احضر لكى اغراضك ايتها العقربة
اما دنيا فقد اندفعت فى احضان دادة شريفة وهى تبكى وتهتف من وسط دموعها:
-انا اكره اموالى يا دادة اكرهها واكرههم كلهم
كلهم يخدعونى من اجلها كلهم يخدعونى
*************
ما ان سمحت له سكرتيرة المحامى وديع عياش بالدخول الى مكتبه حتى اخترق ادهم الباب كالقذيفة وهو يصيح:
-استاذ وديع هل قابلت زوجتى واعطيتها هذا الكارت ؟؟
اشار اليه وديع بالجلوس الا انه لوح برأسه نفيا وهو يتساءل بضيق وغضب مكتوم:
-ما الذى حدث بينك وبينها ؟؟ اخبرنى
قال وديع ببرود وهو يبتسم:
-زوجتك امرأة جميلة جدا يا استاذ ادهم لقد احسنت الاختيار
قبض ادهم على حافة المكتب بقوة وهو يهتف:
-هل تريد ان تدفعنى للجنون؟؟ قل لى ما الذى دار بينك وبينها
هز وديع كتفيه وهو يجيب ببساطة:
-لم يدر شيئا لقد قلت لها اننى ابحث عنك وعن السيدة ناهد لاعطائكم وصية ابيك رحمه الله
عقد ادهم حاجبيه باستغراب وهو يتساءل بحدة:
-فقط!! الم تقل لها شيئا اخر ؟؟
-لا لماذا تسأل ؟؟
هتف ادهم بحنق :
-لماذا اذن تركتنى وطلبت منى الطلاق لا بد ان تكون قد اخبرتها بشىء
تطلع اليه وديع ثم تنحنح قائلا:
-فى حقيقة الامر لقد بدت مندهشة للغاية عندما اخبرتها ان السيدة ناهد هى زوجة ابيك وليست والدتك وايضا بشأن افلاسك
اعتقد انها لم تكن على علم به
رسمت الصدمة معالمها القاسية على وجه ادهم الذى هتف
وهو يمسك وديع من ياقة قميصه بحدة:
-ايها الغبى هل اخبرتها بهذا ؟؟
اسرع بالابتعاد عنه وهو يهتف بوجه ممتقع:
-يا الهى !! دنيا
حاول ادهم المغادرة الا ان وديع استوقفه قائلا:
-استاذ ادهم من فضلك انتظر يجب ان تتسلم وصية ابيك
عاد ادهم على الرغم منه وهو يقول بضيق:
-اسرع اين هى تلك الوصية المشئومة ؟؟
-لقد سجلها المرحوم على شريط الكاسيت هذا
تناول منه ادهم الشريط بحدة وهو يغادر الا ان وديع استوقفه
ثانية وهو يهتف:
-من فضلك يا استاذ ادهم وقع هنا بالاستلام
نظر اليه ادهم بغل وتناول منه القلم وقع به على الاوراق ثم
كسره الى نصفين وهو يرميه بوجه وديع قائلا بغضب:
-هل استرحت الان ؟؟؟؟
وغمغم وهو يبتعد عنه:
-لقد دمرت حياتى ايها الغبى
************
هتفت مى باستنكار:
-ما هذا ؟؟
عاد حسام ينظر الى السوار الماسى الذى تلألأ بعلبته الزرقاء
ثم نقل بصره اليها قائلا وهو يبتسم:
-هذه هدية بسيطة تقديرا منى لعملك ومجهودك الرائع
ثم تناول السوار من علبته وكاد ان يضعه حول معصمها
الا انها اسرعت بالابتعاد عنه وهى تهتف فى استنكار:
-هل تحاول شرائى ؟؟
حسام بيه من فضلك انا لست فتاة من اولئك الفتيات اللاتى ربما تعرفت عليهم انا فتاة محترمة واعتقد ان احترامى هذا يفرض نفسه وبقوة على الجميع من حولى فكيف تعتقد اننى قد اقبل شيئا كهذا منك ؟؟ يبدو اننى قد اعطيت لك تلميحا خاطئا برقتى وتعاملى المهذب معك لقد جرحتنى جرحا غائرا يا حسام بيه بهذا الذى فعلته
ظهرت الدهشة على وجه حسام بينما سرى فى عروقه شعور
بالاعجاب الشديد نحوها وبشخصيتها الفريدة التى لم يقابلها من قبل لكن مع ذلك شعر بالضيق انها تواصل هدم محاولاته وسد الطريق امام ما يرغب به وان اعترف لنفسه انه كلما تفعل هذا كلما يرغب بها اكثر وكلما يتعلق بها فمتى تخضع متى
رسم على شفتيه ابتسامة واغلق العلبة وقال:
-اعتذر يا مى ان كنت قد اثرت ضيقك او جرحت كرامتك
لكن لا تخطئى فهمى انا احب دوما ان اشجع العامل النشيط المتميز وادفعه لمزيد من الاجادة
هتفت مى بحنق مدروس :
-ليس بهذا الشكل يا حسام بيه
ثم اضافت برقة:
-ليس بهذا الشكل ابدا
اتسعت عينا حسام عندما شعر بهذا الشعور الغريب يجتاحه
هل هو يتوهم ام ان هذا حقيقة هل فعلا خفق قلبه
هل لا لا لا هو بالتأكيد يتوهم
لا لا .. لماذا يكاد يجن ؟؟ هل ضعف
هل اضعفته تلك الفتاة الهزيلة ؟؟
اندهشت مى لتلك المعركة التى ظهرت جولاتها على وجهه
الممتقع فهتفت بانزعاج:
-حسام بيه هل هناك شىء؟ هل انت بخير ؟؟
ارخى عقدة ربطة عنقه وهو يقول بصوت مختنق
ويشير اليها بالانصراف:
-من فضلك يا مى اتركينى وحدى الان
-لكن
قال بضعف وعيناه تتوسلان لها:
-من فضلك اتركينى وحدى
هزت كتفيها فى حيرة وخرجت واغلقت الباب ورائها
لتخلف حسام خائرا القوى فى صراع مميت مع اسمى شعور
بالحياة وبين طبيعة متدنية وشخصية وقحة اعتادت على
الغرائز الحيوانية ولاول مرة يجتاحها هذا الشعور النبيل الذى تريد قتله بشدة
***********
جلس ادهم فى صالة الانتظار بمطار لبنان ، منتظرا بلهفة اقلاع
الطائرة المتجهة الى مصر والتى سيكون على متنها متمنيا ان يصل الى مصر باسرع من البرق ليحاول ان يعيد كل شىء الى نصابه
تنهد بضيق وهو يفكر باعماقه
اذن فقد علمت دنيا كل شىء واكتشفت الحقيقة العارية
التى حاول رتق ثقوبها بلا فائدة
لم يواته القدر الفرصة ليخبرها هو باسفه وندمه وحبه وعشقه
بالطبع لها كل الحق فى كل ما فعلته وان كان ما فعلته قليل للغاية
كان يجب ان توسعه ضربا وتسلمه الى الشرطة ان لزم الامر
لكن لكن
كان يجب ان تستمع اليه اولا يجب ان تعلم انه احبها فعلا
وانها اصبحت اغلى شىء بحياته يجب ان
باغته رنين هاتفه المحمول فالتقطه فى سرعة مجيبا بلهفة :
-آلو من المتحدث ؟؟
اتاه صوتها الغاضب :
-انا ناهد يا ادهم امازلت فى لبنان
هتف فى سرعة:
-انا فى المطار بعد قليل ستقلع رحلتى وسأكون بمصر
هل رأيتى دنيا
هتفت بحنق وسخرية:
-رأيتها!! نعم رأيتها وطردتنى شر الطردة
من اين لها ان تعلم خطتنا ؟؟ هل اخبرتها يا ادهم
هتف فى دهشة:
-طردتك !! هل طردتك حقا ؟؟
اذن اين انتى الان ؟؟
-لقد اقمت فى فندق......... بمجرد ان تصل توجه الى الفندق
على الفور هناك امور كثيرة يجب مناقشتها
هل تفهم ؟؟ لكن قل لى هل اخبرتها ؟؟
اجاب بضيق:
-لا لم افعل الى اللقاء الان وعندما اصل سأتوجه اليكى على الفور انهم ينادون على رحلتى
اغلق الهاتف ووضعه بجيبه الخلقى وهو يزفر فى ضيق مغمغما:
-تبا لكى ولخطتك الحمقاء
افتكرلى اى حاجة كانت حلوة منى
مش هجرح تانى قلبك
حبيبى خلاص سامحنى
انا مش عارف ابعد عنك
انا مش عارف حتى اعيش
واللى تاعبنى بحبك اكتر
وانت بعيد ومابتشوفنيش
معقول قادر تسيبنى وفراقنا سهل عندك
عديهالى عشان خاطرى
حبيبى دة انا حتة منك
***********
طرقت نور باب المكتب المفتوح فرفع على نظره عن الاوراق
ليجدها واقفة امامه مبتسمة فقال باستغراب:
-هل حقا تبتسمين ام اننى اتخيل هذا ؟؟
ضحكت نور وهى تتجه نحوه وتجلس على المقعد المواجه للمكتب قائلة:
-لاانت مازلت بعقلك ونظرك ممتاز انا فعلا ابتسم
لقد طمأنى الاطباء على صحة ابى وقالوا انه بين لحظة والثانية
قد يفتح عينه ويصحو من غيبوبته مؤشراته الحيوية تدل على هذا
شعر على بالارتياح وكأن عبئا كبيرا يزاح من على كاهله وقال وهو يبتسم :
-الحمد لله
-وانت ما اخبار العمل معك ؟؟
نظر اليها بتأنيب قائلا:
-لقد ترك ابيكى فى عنقى عملا ليس بالسهل ابدا لكننى احاول
باقصى استطاعتى ان اكون بحجم المسئولية التى وضعنى بها
ضحكت نور وهى تهتف باستغراب:
-انا حتى الان لا اصدق انه جعلك الواصى علىّ
وافقها على بايماءة من رأسه قائلا:
-نعم امر غريب فعلا لا تتصورين حجم دهشتى عندما اخبرنى المحامى الخاص بكم هذا لقد ذهلت
-وانا ايضا لا اعنى اى اهانة لكننى اعتقدت دوما ان عمى هو سيكون الواصى علىّ
-يبدو ان تفكير ابيكى سليم فعمك هذا لم يظهر ليطمئن حتى على صحة والدك اى اخ هذا !!
قالت نور فى سخرية:
-لا..لا تظلمه يا على لقد جاء مسرعا ليعرف وصية ابى
وعندما اخبرته ان ابى اوصاك علىّ وعلى ممتلكاته لثقته الكبيرة بك لعننى ولعن ابى وتركنى وانصرف وهو غاضبا
تلاعب على بالقلم بين يديه وهو يتساءل :
-هل يقطن فى مصر ؟؟
هزت رأسها نفيا وهى تجيبه:
-لا يا على انه يقيم هنا فى هولندا ، لقد هاجر مع ابى
الى هولندا منذ اكثر من عشرين عاما وخلال سنواتى الثمانى عشر لم اره الا حوالى اربع مرات
ضحك على قائلا:
- لم تبلغين الثامنة عشر بعد يا نور ام تحاولين ان تبدى شابة كبيرة
قالت نور فى دلال:
-انا كبيرة بالفعل يا على
قال على بلهجة ذات معنى:
-لا يا نور انتى مازلتى صغيرة والدنيا امامك لم تتفتح بعد
ويوما ما ستقابلين الشخص الذى تحبينه ويحبك وتقضين معه اجمل ايامك
اغمضت نور عيناها فى تأثر ثم فتحتها بعد قليل وتنهدت
وقالت وهى تبتسم بحزن:
-لقد وصلتنى رسالتك يا على لكن اخبرنى
قاطعها على قائلا فى رقة:
-لستى انتى السبب يا نور
تساءلت وهى تعلم الجواب الذى تتمنى الا يكون حقيقة:
-اذن فهناك اخرى ؟؟
اجابها بحزن:
-نعم
جرحها تصريحه الا انها ضغطت على نفسها وهى تتساءل بقلق:
-لماذا اذن تبدو حزينا هكذا ؟؟
ابعد بصره عنها وشرد بعيدا متخيلا
غادة امامه بشعرها الكستنائى الطويل وعيناها الخضراروان الساحرتان وابتسامتها المشرقة ومحياها الجميل وهو يغمغم بضيق:
-لاننى قطعت علاقتى بها قبل سفرى لم اكن املك ما يمكننى ان اتزوجها به واجعلها تعيش حياة رغدة ومازلت لا املك الان
هتفت نور باستغراب:
-كيف هذا يا على ؟؟ انك
قطع كلماتها قائلا:
-نعم يا نور انا بالفعل قادر على الزواج بها لكننى لا استطيع ان اجعلها تعيش بالمستوى الذى ظللت طوال عمرى اطمح به
حاولت نور كبت مشاعرها وهى تقول بتأنيب :
-لا يا على المرأة لا تريد سوى التواجد مع حبيبها يا على
لا يهمها كم معه او اى مستوى ستحيا به المهم ان تكون بجواره وتظل معه
نظرت الى عينيه بتمعن وهى تتساءل على الرغم من قلبها المجروح :
-هل مازلت تحبها ؟؟
اومأ برأسه فهتفت بتشجيع سيطرت على اللهجة التى نطقته بها حتى لا تظهر جراحها الدامية:
-اذن ماذا تنتظر ؟ هل ستقضى عمرك كله فى الغربة وجراح قلبك دامية بهذا الشكل ؟؟ ما الذى سيحققه لك المال والثراء؟؟
هل سيشعرك بالسعادة ؟؟ مستحيل .. يجب ان تشعر بالسعادة فى قلبك اولا كى تشعر بطعم المال ولن تفعل طالما قلبك معذب بهذا الشكل
صمتت قليلا ثم قالت بصوت مبحوح:
-عد لها يا على
اشار اليها قائلا:
-وماذا عنكى ؟ انا لا استطيع ان اتركك فى هذا الوقت ثم اننى انا الواصى عليكى والمسئول عن عملك واموالك
قالت بكبرياء شامخ:
-انا لن اضغط عليك للبقاء
-وانا لن انتظر منكى فعل هذا انا سأبقى حتى يشفى اباكى باذن الله ويتسلم هو مقاليد كل شىء
ابتسمت نور وهى تقول:
-اذن فقد اقتنعت وستكتفى بما لديك وتعود لتبدأ معها
هتف على بسعادة:
-نعم يا نور سأعود
ثم امسك يدها مقبلا اياها وهو يقول بامتنان:
-اشكرك على مشاعرك النبيلة
ارتجفت شفتاها ودمعت عيناها وهى تقول:
-انا لست انانية يا على انا احبك فعلا ولكن حبى لك اساسه
ان اراك سعيدا حتى لو لم تكن سعادتك معى
اسرعت بجذب يدها من يده وغادرت على عجل وهى تمسح دموعها التى سالت على وجهها بينما ظل هو على مقعده سعيدا ومتأثرا فى آن واحد
**********
وقف امجد عاقدا ذراعيه امام صدره قائلا بصرامة:
-اذن ما هو هذا الامر الضرورى الهام للغاية الذى لا يستحق التأجيل ويستدعى ان آتى هنا الان ؟؟
تطلعت اليه نعمة بشماتة وهى تقول:
-لا يمكننى ان اخبرك يجب ان ترى بنفسك دناءة فعلتك وما اكتشفته عنك بعدما غادرت الفيلا وقمت انا بتنظيف غرفتك ووجدت بها فظائع
عقد حاجبيه باستغراب وهو يهتف متسائلا:
-ما هذا الذى تتحدثين عنه ؟؟ ماذا تعنين
؟؟
اشارت بيدها الى الطابق العلوى واتجهت نحو الدرج وهى تقول:
-يجب ان تصعد لترى بنفسك فانا اخجل مما وجدته
ارتقى الدرج وهو يهتف حانقا:
-انتى بالتأكيد مجنونة انا لا ادرى ما الذى تتحدثين عنه؟؟
وصلا الى غرفته وسبقها الى الدخول بها وهو يتلفت حوله قائلا:
-اذن اين فضائحى تلك التى تخجلين منها ايتها المجنونة
فوجىء بها تغلق الباب خلفهم وتتخلى عن الرداء الذى ارتدته فوق قميص نومها الاسود المثير
تطلع اليها بذهول وهى تقترب منه بميوعة قائلة بصوت
مقزز:
-اخبرنى يا امجد هل انت مرتاح بحياتك الزوجية ؟ هل تحب امرأتك المختلة تلك ؟ الا تشعر باى شىء نحوى؟؟
نظر اليها باشمئزاز وهو يبعد يدها التى تعلقت بعنقه ويسير مبتعدا عنها قائلا بضيق:
-اذن هذا ما هاتفتينى وجلبتينى من اجله ايتها الماموس
اتسعت عيناها مع جملته فى حين واصل هو بشماتة :
حسنا سأجيبك عن اسئلتك ولنبدأ بالسؤال الثانى بما اشعر نحوك؟
اشعر بالاشمئزاز والتقزز ، اشعر انك فتاة شارع لا تستحقين لقب زوجة ممدوح السعدنى اما عن زوجتى فهى اشرف امرأة على وجه الارض ونعم احبها .....يا ترى هل اجبت عن تساؤلاتك
تطلعت اليه بضيق وغضب وقالت بغل:
-ما قلته الان ستندم عليه كثيرا وليس لاحقا كما تتوهم بل الان وحالا
ضحك امجد بسخرية وهو يتساءل:
-حقا!! وكيف هذا ؟؟
فوجىء بها تمسح بيدها بعنف على شفتيها فلطخت وجهها باحمر الشفاة واسرعت بحل عقدة شعرها وحركته بيدها لتتركه اشعثا
وابتسمت حين سمعت هتاف ممدوح المنزعج:
-نعمة نعمة اين انت يا حبيبتى ؟؟
نظرت نعمة الى امجد بخبث فى حين فهم هو لعبتها الحقيرة وحاول التنصل منها وهو يبتعد عنها الا انها تعلقت بعنقه وهى تهتف:
-ممدوح انجدنى يا ممدوح انجدنى
فتح ممدوح الباب على مصراعيه لتتسع عيناه عن اخرهما
ويصيح صيحة هادرة :
-امجااااااااااااااااااااااااااااااااااااد ؟؟؟؟؟؟
**************