ارجع على رأسه للوراء مستندا على مسند المقعد قائلا وهو يزفر بضيق:
-يالها من لغة !
وضعت نور اصبعها بسرعة على شفتيه لتحثه على الصمت قائلة بهمس:
-ششش صوتك عالى ، امينة المكتبه تنظر الينا بتحذير
هنا يجب ان تلتزم بالقواعد، المكتبة للقراءة فقط، لا حديث على الاطلاق
ازال على اصبعها من فوق شفتيه وهو يضحك مشاركا اياها فى همسها :
-حسنا نعود الى ما كنا نفعله
لم تمتلك نور نفسها من الشرود بعيدا عن كلماته المفككة الهولندية وتعبيرات وجهه
المنزعجة اذ سبحت بعيدا فى عالم اخر مختبرة اجمل شعور فى حياتها وهى
بجواره الا انها عادت من شرودها الى الواقع عندما طرقع على
اصابعه امام عينيها وهو يتساءل :
-اين ذهبتى
اجابته بارتباك :
-انا معك انا معك حسنا لنعد الى ماكنا نقوله
استعادت رباطة جأشها وهى تستطرد :
-اللغة الهولندية صعبة قليلا انا معك فى هذا لكن لا سبيل امامك
سوى هذا ان اردت ان تعمل فى عمل افضل مختص بمجال دراستك
وايضا حتى تستطيع التعامل والتعايش فى هولندا فليس الجميع هنا يتحدث
الانجليزية ثم ان انجيلزيتك ليست بالرائعة
قال على بتأفف :
-لكنها لغة صعبة للغاية
ابتسمت وهى تقول بحكمة :
- كل شىء فى بدايته صعب بمرور الوقت ستدرك كم هى سهلة
بمجرد ان تألف القواعد وتحفظ حروفها الابجدية حتى يصير
كل شىء سلسا
مط شفتيه وقال بلهجة من لا يملك خيار اخر :
-حسنا انا معك للنهاية
اشارت الى ساعة يدها وهى تقول بحزم:
- اسمع بمجرد ان تنتهى ساعة دراستك للغة الهولندية حتى
تبدأ فى مساعدتى فى مادة المصريات
عقد حاجبيه فى حيرة وهو يتساءل :
-صحيح اخبرينى لماذا اخترتى هذه المادة رغم ان دراستك
لا علاقة لها من قريب او من بعيد بالتاريخ الفرعونى او حتى العربى
ابتسمت وهى تجيبه :
-هذه مادة الدراسة المستقلة فكل فرد له حق اختيار مادة مستقلة وقد وقع
اختيارى على هذه المادة لشوقى الشديد لمعرفة اسرار وحياة
الفراعنة فالجميع يتحدث عنهم وعن عبقريتهم الفذة
قال بتحسر:
-نعم ياليتنا نعرف اسرارهم ساعتها لم اكن لاكون هنا
قطبت حاجبيها قائلة بتعجب:
-ماذا تعنى
تضاعفت حسرته وهو يمط شفتيه مجيبا:
-لو كنا متقدمين مثلهم لوجدت عملا فى بلدى وما اضطرت الى مغادرتها والتغرب هنا
- لا انا اشكر الله انكم لستم بدرجة عبقريتهم
-لماذا تقولين هذا ؟؟
ابتسمت وهى تجيب بصوت حالم:
-لان ساعتها لم تكن لتأتى الى هولندا ولم اكن لاقابلك
ضحك على طويلا حتى فوجىء بأمينة المكتبة تقف امامهم موجهة كلامها لنور التى
احمر وجهها وجذبته من يده واخذت كتبهم فاستوقفها فى الخارج قائلا:
-ماذا حدث لماذا غادرنا ؟؟
اجابته بضيق:
-جيد انك لا تفهم الهولندية لقد تم تقريعى بالداخل تقريعا شديدا بسبب حديثنا
وضحكاتك و تم طردنا فى النهاية.
ابتسم على وهو يقول مازحا:
-لقد قلت لكى من البداية لا يوجد افضل من حديقة فيلتكم لم تصدقينى
ضحكت نور لمزحته الثقيلة وقالت وهى تجذبه الى الامام:
-حسنا ايها المتبجج لنعد للمنزل
××××××××××××××××
خرجت غادة من دورة مياة حجرة نومها بفيلا امجد وهى تجفف شعرها بالمنشفة لكنها
تراجعت فى حدة عندما وجدت امجد جالسا على الفراش فى حجرة نومها
فقال بتهكم حينما رأى تعبير الانزعاج مرتسما على وجهها:
- ماذا! هل رأيتى عفريتا ؟؟
نفضت رأسها فتطاير معه شعرها الكستنائى المبلل مجيبة:
- لا ابدا لقد تفاجأت بوجودك لقد اعتقدت انك ذهبت لعملك
هز رأسه وهو يقول :
- نعم اننى سأذهب الان لكننى اردت الحديث معكى قليلا
نظرت اليه بتساؤل وهى تقول:ا
- بأى شأن ؟
قال بتهكم:
- بشأن حديث الساعة بشأن قضية محمد
اشارت اليه بيدها فى لهفة وهى تقول:
- نعم صحيح لقد اردت فعلا معرفة التطورات منك امس لكنك كنت متعب واردت ان تنام
يا ترى ماذا حدث ؟؟
هز كتفيه وهو يقول بلامبالاة :
- لا جديد سوى اننى استخرجت تصريح لمى لتزور اخيها فى سجن طرة
اغمضت عينيها بارتياح وهى تطلق تنهيدة حارة قائلة:
- الحمد لله لقد كانت متحرقة شوقا لهذا
اومأ رأسه قائلا بتهكم:
- نعم يجب ان تذهب لمواساته قليلا
عقدت حاجبيها بضيق وقالت بتوتر:ا
- لماذا تتحدث بهذا الاسلوب
تصنع الدهشة وهو يتساءل ببراءة:
-اى اسلوب !!
اشارت اليه قائلة بعصبية لم تتمكن من اخفائها:
- اسلوب السخرية والتهكم وكأن هذا الامر برمته لا يعنينا او كأن محمد تاجر
فى المخدرات فعلا
ضيق عينيه قائلا بصوت خافت يشبه فحيح الثعبان:
- وماذا ادراك انه لم يفعل ؟؟
اتسعت عيناها وقالت بغضب:
-هل انت مجنون انه فى كلية الشرطة
هز كتفيه وهو يقول بتهكم:
- وماذا فى هذا ؟؟
جزت على اسنانها وهى تدافع عن شىء لم تكن تتصور فى حياتها ان
يكون موضع هجوم:
- انهم يجرون تحريات واسعة عليهم قبل قبولهم فى الكلية
- هذا صحيح لكنهم يتساهلون فى كثير من الحالات ومحمد كان حالة منهم
بسبب توصياتى الواسعة عليه.
هزت رأسها بعنف غير مصدقة وصوتها الغاضب يرتفع:
- هل تنسب الفضل لنفسك الان وتريد ان تقول ان محمد تاجر فى المخدرات
لكن لولا توصياتك لكانوا قد اكتشفوه
قال امجد ببطء مستفز:
- هذا صحيح
شعرت غادة بالغيظ الشديد لاسلوبه فقالت بحدة:
- ولماذا يريد تاجر مخدرات ان يصبح شرطيا
- غطاء رائع له
تضاعف غضبها فتمالكت نفسها وهى تحاربه بالمنطق:
- انت لا تطاق بنظرياتك السخيفة هذه اذن قل لى لماذا لم يظهر يسر الحال
على عمى واسرته
- لانه هكذا قد يلفت الانظار اليه بالتأكيد يخفى ارباحه فى مكان امين
تساءلت بتهكم حانق:
- اذن وهل كان ليحتفظ ببضاعته فى الشقة التى يقام فيها حفل زفاف والجميع
يتجولون فى كل مكان !!
نظر اليها نظرة غامضة وهو يقول باستفزاز محاولا اثارتها:
- لاتعرفين ابدا ما يجرى فى عقل المجرم
لم تستطع التحمل اكثر من هذا لم تستطع كتمان انفعالاتها الغاضبة المكبوتة
فحررتها من اسرها فخرجت قوية عنيدة امتزجت بكلماتها
المهددة حادة اللهجة:
- اخرس كيف تقول هذا الكلام هل جننت !!
جذبها امجد من شعرها وهو ينظر لعينيها بغضب وتهديد قائلا:
- انتى التى جننتى لتتحدثى مع زوجك هكذا
هتفت بالم وحنق:
- اتركنى اتركنى يا امجد
ظل على وضعه بل شدد على قبضته الملتفة حول شعرها الناعم وهو يقول
بلهجة واثقة غارقة فى الوعيد:
- لن اتركك حتى تعتذرى لى عن الفاظك وطريقة تعاملك معى
هتفت بذهول واستنكار:
- انا ! انا التى يجب ان تعتذر !!!
شدد على كلماته المهددة:
- وتعدينى انكى لن تكريرها ثانية
تسربت دمعتان متألمتن من عينيعا الخضراوان وهى تتوسل قائلة:
- اتركنى يا امجد ارجوك
اجاب بغضب:
- اعتذرى
نظرت اليه بغل وهى تعض شفتيها قائلة بقهر:
- حسنا انا اسفة هل ارتحت الان
تركها فهوت على الفراش وهى تبكى ثم اخرج ورقة من جيب قميصه
طوحها فى وجهها قائلا وهو يغادر الغرفة:
- هذا هو تصريح الزيارة غدا فى الساعة الثالثة لا تدعيها تتأخر.
دفنت غادة وجهها بين كفيها وهى تبكى على هذا الرجل الذى خدعت فيه
وتزوجته لينقلب حاله 360 درجة بعد ان كان حالما رومانسى رقيق الكلام
وشعرت معه بالامان وانها ستكون ملكة متوجة على رأسه ، وجدته وقد تحول
الى وحش كاسر يأمر وينهى ويعاقب ويهدد ويمحى دورها
لا تدرى ما الذى حدث له؟ كيف تغير هكذا00بين يوم وليلة ؟؟
هل صدر منها شىء ؟؟ لكن لا هى لم ترتكب فى حقه اى جرم
هزت رأسها ودموعها تواصل تساقطها وكأن صفحة احزانها لن تنتهى بل ربما تبدأ
بداية جديدة حسبتها نهاية احزانها واتضح انها بداية لا تبشر باى خير ابدا
وعادت الحيرة تلتهمها والذل ينهش فى جسدها وهى تردد
ماذا حدث؟؟؟ ماذا حدث؟؟؟؟
*********************
استغرقت دنيا فى مراجعة اوراق الصفقة الالمانية وادهم يجلس امامها متطلعا
الى التعبيرات التى ترتسم على وجهها لانطباعها عن عمله فتارة كانت عيناها
تتسعان بانبهار وتارة كانت تتمتم باعجاب لكنها فجأة زوت ما بين حاجبيها
وضيقت عينيها مدققة فى شىء بعينه ثم رفعت عينيها المتساءلتان
عن الاوراق وهى تهز راسها قائلة بحيرة:
-ادهم ما هذا المبلغ الكبييير ؟؟ هل هذا ما اتفقت عليه مع الوفد الالمانى
اومأ برأسه وهو يقول بهدوء:
-نعم يا حبيبتى لقد طمعوا فى مبلغا اكبر من هذا لكننى بعد مفاوضات ومناقشات
تمكنت من التوصل لهذا المبلغ الذى ترينه امامك
مطت شفتيها وهى تقول بضيق:
-لكنه مبلغ كبير للغاية يا ادهم ليس من عاداتهم التعاقد بهذه الارقام
هل انت واثق انهم لم يتلاعبوا بك
اصطنع ادهم الغضب وهو يقول بلهجة متوترة:
-ماذا تعنين؟؟ هل تنعتينى بالمغفل؟
هزت رأسها بحدة وهى تنفى:
-لا لا ابدا لا اقصد ذلك ولكن المبلغ كبير بالفعل
انهم دائما يتعاملون معنا لماذا يرفعون اسعارهم الى هذا الحد؟؟
اقترب منها وربت على كتفيها وهو يقول:
-لقد قلتى لى يا دنيا ان اقبل كل شروطهم واننا لا نريد خسارتهم
ثم تصنع الامتعاض وهو يستطرد:
-ثم انهم بصراحة هددونى بان هناك اكثر من عرض متاح مع شركات لها وزنها
وانهم يشكون فى جدارة شركتنا بعدما توفى المرحوم خالى
بهتت دنيا لجملته فرردت بحيرة ودهشة:
-حقا !! هل قالوا هذا يا لهم من مستغلين
ابتسم ادهم بسخرية وهو يقول بحكمة:
-هكذا العالم الحقيقى يا دنيا انتى مازلتى صغيرة لتفهمى خباياه
الكل يبحث عن مصلحته الخاصة ويستغل اى فرصة متاحة
امامه للوصول لما يريد و سحقا لاى شىء اخر
هتفت دنيا بانزعاج:
-الى هذا الحد !!
اومأ برأسه وهو يضيف:
-الى اكثر من هذا
زفرت بضيق وهى تغمغم:
- اذن سنضطر ان نتحمل هذا حتى اثبت اننى فى محل ابى
اشار اليها بيده قائلا باستغراب:
-انتى فقط !! وماذا عنى انا ؟؟
مسحت على شعره الناعم وهى تقول:
-انت ايضا يا حبيبى لقد تحملت الكثير عنى الفترة الماضية
عندما انشغلت مع مى وانا اريد ان اعوضك عن تعبك هذا بعودتى
يجب ان ترتاح انت قليلا
تناول يدها الرقيقة ولثم راحتها برقة وهو يقول:
-وهل شكوت لكى انتى التى يجب ان ترتاحى ، انتى من نال منها التعب
وانهارت اعصابك وساءت حالتك النفسية ثم اننى انا الرجل الذى يجب
ان يتحمل كل شىء
تصنعت دنيا الغضب وهى تهتف:
-لا يا حبيبى المرأة ايضا تستطيع فعل ما يفعله الرجل واكثر
ضحك ادهم قائلا:
-لن اجادلك فى هذا لانى اعلم الى اين يفضى بنا هذا النقاش
ثم نظر الى عينيها الواسعتان وهو يقول:
-لكن الم يأن الاوان كى ترتاحى فعلا يا دنيا وان تعيشى حياتك
كأى فتاة طبيعية وتتزوجين
رددت كلمته بتردد وخجل:
-اتزوج !!
-نعم وترتاحين من عبء العمل وتتركين لرجلك متاعبك ليحملها عنكى
حلق الفرح والسعادة فوق رأسها واعتراها خجل اصطبغت
غمغمتها به:
-رجلى !! رجلى من ؟؟
ابتسم وهو يمسح على شعرها ويغوص فى بحر عينيها السوداوان:
-رجلك الذى يحبك ويخشى عليكى ويتمنى رضاكى وحمل التعب عنكى
ويطلب يدك الان
تلفتت دنيا حولها وهى تقول بحيرة مصطنعة:
-يا ترى من هو ؟؟ اننى اتحرق شوقا لملاقاته
ابتعد عنها وهو يقول بغضب مصطنع:
-الا تعرفين من هو ! حسنا انا ذاهب
هرولت خلفه واضعة يدها على كتفه العريضة وهى تضحك قائلة:
-ادهم انتظر
تناول ادهم يدها ملثما اياها وهو مستغرقا فى النظر الى عينيها
وطبع صوته بطابع الهيام وهو يقول:
-دنيا هل تتزوجينى ؟؟
اخفضت دنيا عيناها فى الارض بخجل وسحبت يدها من يده وهى تقترب من
النافذة التى تطل على النيل الخالد العظيم لتستغرق فى تأمل مياهه
الزرقاء وهى تقول بصوت هامس:
-ولكن العمل امانة فى رقبتى يا ادهم لقد اوصانى ابى عليه
اقترب منها ووقف جوارها يتطلع لذلك المشهد الذى يخطف الالباب اذ
تلألأت المياة الزرقاء مع اشعة الشمس الذهبية لتصنع مزيجا ساحرا
ارغم ادهم على خفض صوته حتى لا يفسد المشهد الحالم:
-نعم لانكى ابنته الوحيدة ولم يجد رجلا يعتمد عليه لكنه لم يكن يعلم
ان ابن اخته سيعود ويقع فى غرام ابنته ويكون مستعدا لفعل اى شىء
اى شىء للحرص على راحتها وسعادتها
التفتت دنيا اليه وقالت بتخوف:
-لكن الزواج خطوة كبيرة يا ادهم
تنهدت وصمتت فترة راقب فيها عيناها الحائرتان التى استقرتا اخيرا
على عينيه وهى تقول بهدوء:
-اسمع اترك لى فرصة للتفكير اتفقنا
اخفى امتعاضه وهو يومأ برأسه قائلا بغموض:
-اتفقنا
*************
اسرع حسام يعدو فى ردهات المستشفى حتى وصل لمكتب الاستقبال الخاص
بالدور الثالث وهتف بكلمات عدة لكن انقطاع نفسه اجبر الممرضة ان
تتساءل بحدة:
-نعم !! ماذا تقول ؟؟؟
سيطر على كيانه المرتجف وهو يقول بهدوء حارب ليكون على هذه الدرجة:
-السيدة التى بعثتم سيارة الاسعاف لجلبها من فيلا المعادى اين هى ؟؟
نظرت للكشف امامها واشارت بيدها للمقاعد الجلدية المنتشرة فى الردهة قائلة:
-تفضل استرح الاطباء معها وسينبئوك بحالتها فور خروجهم من عندها
ضرب بقبضتيه سطح زجاج مكتبها الذى تتوارى خلفه وهو يهتف بغضب:
-اريد رؤيتها فى الحال
تمالكت نفسها حتى لا تندفع فى وجهه مقدرة حالته وعادت تشير الى المقاعد
قائلة بصرامة:
-من فضلك نحن فى مستشفى الهدوء مطلوب تفضل استرح حتى يتم الكشف عليها
واتخاذ الاجراءات اللازمة والا سأبلغ الامن
حدجها بنظرة نارية وهو يكتم غضبه المستعر واتجه الى احد المقاعد
جلس عليه بضيق وهو يفرك يده بتوتر ناظرا بين كل ثانية والاخرى
الى ساعة يده
لاحظت الممرضة تململه وقلقه الكبير الواضح على وجهه فخرجت عن مكانها
متوجهة ناحيته وقالت باشفاق:
-اطمئن ستكون بخير
نظر اليها باحتقار وهو يكتم غضبه الذى خرج بعضا منه مع كلماته
المنتقاة بعناية التى ارهبت الممرضة وجعلتها تفر عائدة لمكانها:
-امى ستكون بخير لا نحتاج لرأيك الطبى
لو كنا بمكان اخر لكنتى علمتى جيدا من انا واحفرى اسمى منذ الان
فى ذهنك "حسام الشريف"لان هذا الاسم سيحمل لكى فى ايامك القادمة
مفاجآت كثيرة ومخيفة
تطلع الى هرولتها الفارة منه بلامبالاة وهو يزفر بضيق لم يكتمل وتحول
للهفة ما ان رأى الاطباء يخرجون من غرفة بعينها
اسرع نحوههم وهو يتساءل بقلق:
-ماذا هناك؟؟ ماذا حدث لها؟؟ هل هى بخير؟؟
ربت احد الاطباء على كتفه وهو يبتسم قائلا:
-هذه المرة جاءت سليمة والحمد لله ستتعافى سريعا
لقد تعرضت لازمة قلبية حادة بسبب انفعالها الزائد
اتمنى لو تهتم بها ولا تعرضها لهذه الانفعالات
تنهد حسام بارتياح وهو يقول بسعادة:
-بالتأكيد يا دكتور اشكرك كثيرا
مسح العرق الغزير الذى ملأ جبهته وهو يزفر انفعالاته التى كادت
تقتله قلقا وخوفا وفجأة تذكر سبب كل هذه الانفعالات التى مرت به وبوالدته
وهتف بانزعاج:
-عمرو !!!!!!
*********************
-ممدوح
انطلقت صيحة هادرة من فم نعمة لتوقف ممدوح بمكانه لا يبارحه وهو يتطلع
الى وجهها الحاد باستغراب وتساءل فى اعماقه عن سر هذا الغضب
الذى يبدو على وجهها
اقترب منها وهو يبتسم قائلا:
-مساء الخير يا اجمل نعمة فى حياتى
اشارت بيدها وهى تقول بضيق:
-دعك من هذا الكلام المعسول
وقل لى اين كنت حتى هذا الوقت المتأخر ؟؟
جلس بجوارها على الاريكة الجلدية وهو يقول:
-كنت بالعمل يا حبيبتى
-لا تكذب على ابنك هنا منذ زمن
-من الطبيعى ان يعود هو باكرا انه حديث الزواج ويجب ان
اعطيه حقه فى التمتع بحياته وزوجته
ابتسمت بسخرية وهى تقول بتهكم:
-زوجته !!! زوجته ليست هنا يا ممدوح باشا ولا تمكث هنا سوى
اقل القليل ثم تسرع هاربة لبيت عمها هذا
ثم ضيقت عينيها وهى تقترب منه حتى اصبح وجهها ملاصق لوجهه
وقالت بلهجة ثعبانية:
-لكن ليس هذا موضوعنا انا اريد الحديث معك فى موضوع اخر؟؟
تخوف من لهجتها وكلماتها فقال بتوتر:
-ماذا هناك يا نعمة
ابتعدت عنه بحدة وهى تشبك اصابعا قائلة:
-فى زفاف امجد يوم قلت لى انك نسيت هاتفك المحمول فى السيارة
وذهبت لاحضاره وتغيبت لاكثر من ساعة فى طريقك لذلك
قطعت كلماتها لتتطلع الى ملامح وجهه المتساءلة وعادت تتابع:
-هاتفك المحمول لم يفارق جيب سروالك وتأكدت من هذا بنفسى
بمجرد ان ابتعدت عنى لاحضاره اذ اسرعت بطلب رقمك لاجدك
تتحسس سروالك دون عناء ان تخرج هاتفك لترى من المتصل
او حتى تيقن انك لم تنساه بالسيارة كما زعمت
اذن ما السبب الذى جعلك فجأة تزعم هذا وتلعب هذه اللعبة
ايقنت ان السبب هو رغبتك المستميتة فى التنصل منى والخروج
من الشقة والفرح
والسؤال هو لماذا
نظرت الى وجهه المندهش واكملت وهى تبتسم:
-لكننى املك اجابة هذا السؤال
لا تعتقد اننى انتظر جوابه منك
الجواب هو هرولتك خلف تلك السيدة التى لم تفارقها عيناك
والتى فجأة خرجت مسرعة فاردت انت عذرا لتخرج ورائها واعطيتك انا
هذا العذر وتركتك تخرج ورائها حتى اكتشف الحقيقة بنفسى
انقلبت ملامح وجهها فجأة وهتفت بحدة:
-اتخوننى ايها الوقح انت .. انت تخون امرأة بجمالى ورقتى
انت يا ممدوح
لاح الذعر على وجهه وهو يهز رأسه بعنف هاتفا:
-لا ابدا اقسم لكى ان لا .. نعم ما ذكرتيه قد حدث
لكن ليس هذا هو التفسير الذى ينطبق عليه
قالت بتهكم:
-اذن فسر لى وقل لى من هذه المرأة وما سر خروجك وراءها
اومأ برأسه وهو يقول بهدوء:
-حسنا سأقول لكى كل شىءلكن عدينى اولا انكى لن تخبرين امجد ابدا
تألقت عيناها ببريق حاولت اخفاؤه ..امجد.. ؟؟
اذن امجد متورط فى الموضوع
او هو موضوع لا يريد اباه ان يعلم عنه
هذه نقطة جديدة يمكن ان تستغلها فى حربها الباردة ضده خصوصا ان زوجته
تلك لا تعطيها الفرصة الكاملة لاطفاء نار غيرتها وغضبها منها ومنه
بتواجدها النادر بالمنزل
الجمت افكارها وهى تتطلع اليه قائلة بصوت هادىء واثق:
-قل ما عندك يا ممدوح وكلى اذان صاغية
******************
اقترب حسام من فراش عمرو الذى تمدد عليه بذراعه اليمنى المجبسة
وكدمات جسده المتفرقة وجروح وجهه الدامية ونظر-حسام- باشفاق لحالته المؤسفة
التى وصل اليها بعد اصطدامه بتلك السيارة المسرعة
تنحنح بتوتر فالتفت عمرو لوجوده ونظر اليه بعنين ضيقتين للغاية من جراء
الكدمات المحيطة بهما
فرك حسام كفيه وهو يحاول عدم النظر الى عينى عمرو وقال بهدوء:
-الف سلامة عليك يا عمرو حمدا لله انك مازلت معنا
غمغم عمرو بعدة كلمات لم يستطع حسام فهم ايا منها الا انه تجاهل هذا
وهو يستطرد بلهجة تقطر حزنا:
-يؤلمنى رؤيتك على هذا النحو لكننى احمد الله ان الامور لم تتطور لاكثر من هذا
وانك بخير وستتحسن حالك باذن الله
تطلع الى اصاباته قليلا ثم قام فجأة من مقعده وجلس على فراش
عمرو وهو يقول بندم وعينان دامعتان:
-لا تتخيل كم ما شعرت به من هول عندما اعتقدت اننى سأفقدك
حينها دارت برأسى افكار مريعة
حينها شعرت بآلام واحساس اهالى الشباب الذين يتعاطون المخدرات وفى اى لحظة يمكن ان يفقدوا حياتهم
هز رأسه وقال عندما ارتسم على وجه عمرو الدهشة وعدم التصديق:
-نعم انا اعترف اننى بالفعل اتاجر فى هذه السموم البيضاء لكن صدقنى هذا
لم يكن اختيارى لقد ترعرت وجدت مهمنة ابى هكذا وهو من علمنى
هذا العمل الحرام
لكننى الان افقت انا حمدا لله معى من اموال ما يكفينى ويزيد وشركاتى بكل
مكان ولم اعد احتاجها بعد الان كغطاء لتجارتى او استخدمها فى غسيل
الاموال بل ستكن الان بمثابة عملى وتجارتى الوحيدة
اطمئن يا عمرو هذه الحادثة التى تعرضت لها وما اشعر به الان
من خوف عليك وخوف اشد من فقدانك اثر بيّ ولمس وترا خفيا
لم اكن اعتقد انه يوجد بداخلى
بالفعل ( رب ضارة نافعة) ما حدث لك الان كان خير لى
اذ ساهم ان اعود لصوابى ورشدى
واعدك منذ الان انا حسام جديد ولن اطأ بقدمى ايا من الاماكن الموبوءة
او اضع يدى بيد تجار ومتعاطى السموم
لاحت ابتسامة عريضة على وجه عمرو عندما انسكبت دمعتان حارتان من عينى
حسام وبان الندم والاسف فى عيناه
شعر حينها الارتياح التام وان اخيرا حسام عاد لصوابه
وادرك طريق الاشواك الذى كان يخطو به
*****************
جلست مى تنتظر بقلق ولهفة مقابلة اخيها محمد بمكتب مأمور سجن طرة
وسرعان ما فتح الباب ودخل منه محمد بالزى الابيض المميز للمسجونين
الذين لم تتم محاكمتهم بعد، هالها شحوب وجهه ونظرات عينيه الزائغتين ولحيته
الطويلة التى اضفت عليه عمرا اكبر من عمره
بؤسه الواضح على وجهه مزق نياط قلبها وجعلها ترتجف وهى تأخذه
بين احضانها
نقل محمد بصره بين زيها الاسود والحزن الدفين فى عينيها
فتساءل بقلق ما ان جلس بجوارها:
-لماذا ترتدين الاسود يا مى ؟؟
اخذت نفسا عميقا قبل ان تقول وهى تشير الى فستانها:
-انه احدى الملابس التى امتلكها يا محمد ثم ان هذا سجن
هل تريدينى ان آتى اليه بفستان احمر مثلا
استمر قلق محمد وهو يسأل بلهفة:
-كيف حال ابى يا مى ؟؟
حاولت مى كبت دموعها واخفاء حزنها وهى تقول بهدوء:
-الحمد لله يا محمد
-هل تتحسن صحته يا مى ؟؟
هذه المرة لم تستطع حبس دموعها التى هربت من اسرها وسالت
على وجهها فاسرع محمد يقول بذعر:
-هل حدث شىء لابى يا مى ؟؟ تكلمى
مسحت دموعها بسرعة وقالت بتوتر :
-لم يحدث شىء يا محمد لم يحدث شىء
تطلع الى وجهها وقال بعدم تصديق:
-اذن لماذا تبكين؟؟
جاء انفعالها لا اراديا اذ ثارت فى وجهه قائلة:
-ولماذا لا ابكى؟؟ ابى مريض وانت هنا وانا وحيدة
ربت على ظهرها وهو يقول بحسرة:
-هذا قدرنا يا مى لكن والله يا مى اقسم بالله العظيم انا برىء
تماما من هذه التهمة الحقيرة
اومأت برأسها وهى تقول بثقة:
-انا اعلم يا محمد .ز لست بحاجة الى القسم. انت اخى وانا اثق بك يا حبيبى
ثم هزت كتفيها وهى تقول بحيرة:
-لكن من يا ترى الذى لفق لك هذه التهمة البشعة؟؟ ولماذا؟؟
مال محمد على اذنها وهمس قائلا:
-انا اعلم
انتفضت من على مقعدها وهتفت بدهشة:
-تعلم !! تعلم ولم تقل شيئا !! من هذا الذى لفق لك هذه التهمة
نظر الى عينيها بدقة وهو يضغط على كلماته:
-حسام الشريف
رددت باستغراب:
-حسام الشريف!! صاحب البرج !! وما دخله بهذا ؟؟
-انه هو من دس حقيبة المخدرات بمنزلى
اتسعت عيناها بدهشة وهى تهتف:
-ما ادراك بهذا ؟؟
اجابها بضيق:
-لقد بعث لى منذ يومين احد رجاله برسالة شخصية قال فيها
يجب ان تتعلم كيف تتحدث مع اسيادك وهذا درس قاسى لى يعلمنى
الا ارفع عينى فى عين سيدى واتطاول عليه بالتهديد
ظهرت الدهشة على وجه مى وتساءلت بفضول:
-وهل قال لك انه مرسل من طرف حسام الشريف
هز رأسه نفيا وهو يقول:
- لا بالطبع لم يقل سوى هذه الجملة وبعدها ذاب لم اجد حتى الوقت
لاستدعى احد رجال الشرطة ليستجوبوا هذا الرجل الذى بالطبع
ما كان ليقول شيئا
-وما ادراك انه حسام الشريف
اشار الى جبهته وهو يجيب:
- بعقلك هكذا يا مى من هو الرجل صاحب النفوذ والذى قمت بتهديده
هزت رأسها بغير تصديق وهى تقول باستغراب:
- هل ذهبت اليه لتهدده يا محمد! الم تقل انك ذاهب لتتطلب حقنا ؟
زفر بضيق وهو يهتف بحنق:
- لقد انكره يا مى انكر حقنا وقال انها غلطة ناتجة عن ضمير مقاول خسيس
قالت مى بتهكم:
- فتقوم سيادتك بتهديده !
ثم اضافت بغيظ:
- لماذا فعلت هذا يا محمد
اجابها بحنق :
- وهل اصبح التهديد الان عقابه التورط بجريمة الاتجار بالمخدرات
ماذا بكى يا مى؟ لقد كان مجرد تهديد اجوف لم اكن لافعل شىء
ليس بيدى اى شىء افعله لقد كان تنفيث عن غضبى بعد ان طردنى من منزله
والاحمق اخذه على محمل الجد اتعلمين الى ماذا يشير هذا ؟
يشير الى مخالفته للقانون فلماذا يخشى احدا من تهديد طالما ان طريقه سليم
بالتأكيد وراءه شىء يخفيه اليس كذلك
اومأت برأسها وهى تقول:
- بالتأكيد لكن لماذا اقحم بك هذا الرجل فى قضية كهذه
- بل قولى من اين اتى بهذه الكمية من المخدرات
ثم مال على اذنها وهو يهمس بما يوحى انه سيفضى بشىء خطير :
- اعتقد انه هو الذى يتاجر فى المخدرات يا مى
تراجعت الى الوراء وهى تهتف بدهشة :
- ماذا !!!!
- نعم من اين له الحصول على كمية كهذا الا لو كان يتاجر بها
ثم ان اى رجل نزيه وشريف لن يفكر فى هذا ابدا ولن يعلم من اين يأتى
بالمخدرات هذا التفكير الشيطانى لا يخرج الا من شيطان
اخبرينى يا مى هل اتى احدهم واعطاكى هذه الحقيبة على انها تخصنى ؟
هزت رأسها نفيا وهى تقول بحدة :
- لا ابدا
- اذن فقد دسوها اما ونحن نيام وهذا احتمال مستبعد او اثناء فرح
غادة وامجد والجميع منشغلون
- نعم احتمال جائز
دارت بينهما فترة صمت يفكر فيها كلا منهما فيما قيل
لكن قطع الصمت محمد بلهجة امتنان :
- مى اشكرى دنيا بالنيابة عنى فتوكيلها للمحامى وتكفلها بنفقاته جميل سيظل
فى عنقى طوال عمرى
- وان شاء الله ترده لها عندما تخرج بريئا باذن الله
قال محمد بتهكم:
- براءة !! انتى متفائلة جدا يا مى ولسوء الحظ فأن الاستاذ ربيع المحامى
صريح جدا ويخبرنى كل شىء ان وضعى سيىء جدا فى القضية
ربتت على كتفه وهى تقول بحزن :
- لا تقلق يا محمد ربنا لا يترك مظلوما ابدا والحق دائما يظهر ان اجلا او عاجلا
- نعم لكن ماذا لو هذا الحق ظهر بعد عشر سنوات من الان او عشرين سنة
- لا تقل هذا يا محمد ارجوك ثق فى الله
زفر محمد بضيق وغير دفة الحديث بسؤاله :
- يا ترى ما اخبار غادة فى زواجها من امجد يا مى
انتظر جوابها الذى لم يأتى فتطلع اليها ليجدها بعالم ثانى فلوح
بيده امام وجهها وهو يهتف :
- مى مى
التفتت اليه قائلة بصوت خافت:
- نعم يا محمد
قال بقلق :
- ماذا حدث لك ؟شرودك هذا وعيناكى الغامضتان تلك انتى تدبرين
شيئا ما اليس كذلك
نظرت اليه لبرهة ثم ادارت عيناها بعيدا عنه:
- نعم يا محمد انه لصالحك وباذن الله سيثبت براءتك
*************
اخرج انفعالاته الكامنة مع دخان سجائره الذى خرج من فمه
وتاه بنظره بعيدا بعيدا عن كل ما حولهتناسى انه فى مشفى والجميع
ينظر اليه باستهجان بسبب السيجارة المشتعلة فى يده واللافتة
المعلقة فوق رأسه والتى تهتف كلماتها (ممنوع التدخين)
لكنه لم يهتم فلو لم يستجب لهذا النداء بداخله للتدخين لكان جن خصوصا
بالتوتر الذى يسيطر عليه والضيق الذى يعتريه بعد المسرحية
الرائعة التى مثلها باتقان ويستحق عليها جائزة الاوسكار
كم ود بعد ان خرج من غرفة عمرو ان يذهب لاقرب مرآة ليطالع
وجهه بها ويبصق عليه لدموع التماسيح التى اذرفها وكلماته
الحانية التى قالها
كم ود لو يقتلع لسانه وعيناه لما ارتكبتاه
سحقا لهذا الموقف الذى وضع فيه وجعله غير قادر على اتخاذ
اى خطوات اخرى غير ما فعل
فوالدته مريضة وجاءتها الازمة وكادت ان تذهب عن دنيانا
لمجرد حلم سىء راودها عن عمرو
ماذا اذا لو كان ذهب بجوار ربه
الاحتمال الاكيد انه كان ليفقدها
عمرو هذا كالشوكة فى ظهره لا يستطيع اقتلاعها والا نزف حتى الموت
انه بالفعل يحمدالله على نجاته ليس لانه عاش لكن من اجل امه
التى كانت لتلحق به
فقط لو لم يكن هناك عمرو فقط لو لم يكن موجود بعالمنا
لكان كل شىء افضل لكان الواقع اصبح حلم جميل
لكن للاسف عمرو دوما بجواره وطبعا بعد هذه التمثيلية التى اداها
وتوسله لعمرو ان يعود للشركة عليه ان يظل ودودا معه موهما اياه
انه ابتعد عن ذالك الطريق حتى لا يشك بشىء ويذهب هو الى التهلكة
********************
فتح امجد باب الغرفة فجأة ليطالعه وجه غادة المندهش
اغلق الباب ورائه وهو يتقدم منها وعيناه توحيان بالضيق والغضب اللذان
يشتعلان بصدره ، نظرت اليه بتوجس متوقعة ان يصدر منه اى شىء
فهذا ما اعتادت اليه دوما يفاجئها بمفاجئات غير متوقعة
فيا ترى ايها هذه الليلة ؟؟؟
وقف امامها وارتفع صوته الغاضب وهو يهتف بحدة:
-اسمعى لقد سمعت ما يكفينى هذه الليلة ويجب ان تنصاعى لما اقوله
لن اسمح بعد الان لحشرة ان تتهكم على وتقول لى اننى لست رجلا ولا
استطيع حكم زوجتى اتفهمين
لم تتمكن من الفهم فقالت بقلق:
-ماذا هناك ؟؟ انا لا افهم شىء
صاح فيها بغضبه المشتعل:
-تفهمى او لا تفهمين المهم ان تنصاعى لما اقوله لا تذهبين بعد الان لمى
انا لن اقبل مطلقا ما قالته لى تلك الحشرة نعمة
انا رجل ببيتى وبيتى هذا تجلسين به ولا تخرجى منه الا معى
اتسعت عيناها بدهشة وقالت باصرار:
-ماذا !! لا يمكننى ان اترك مى بهذه الظروف
-لقد تزوجتى يا غادة هانم تناسى التسلية واجلسى ببيتك لتؤدين
دورك كزوجة
هتفت بتعجب:
-اى تسلية !! اننى اخفف عنها مصيبتها وما تعانيه من مآسى
صاح بصوت آمر:
-قلت لن تذهبين يعنى لن تذهبين
دمعت عيناها وهى تقول بضيق:
-امجد عندما تزوجتنى قلت لى ان لى الحرية فى الذهاب لعمى عندما تتواجد
بالشرقية اليس كذلك ؟
-هذا عندما كان عمك موجود على قيد الحياة وكان للمنزل رجل يحكمه اما الان وابنة عمك وحيدة والحبل على الغارب و
قاطعته غادة بغضب:
-هل جننت لتقول هذا !
اندفع امجد نحو غادة وهوى على وجهها بكفه القوية فاندفعت مع الضربة دموعها الملتهبة
وامسكت خدها بغير تصديق وهى تهتف:
-ما هذا الذى فعلته؟؟
-لقد حذرتك من قبل لو تحدثتى معى بهذه اللهجة ستنالى ما لا يرضيكى
هل تفهمين ؟؟؟
نظرت اليه باشمئزاز واحتقار ودموعها تملأ عينيها الخضراوان وقالت بحدة:
-لماذا تفعل بى هذا؟؟ لماذا ؟؟
نظر الى عينيها بدقة وهو يقول بصوت قاسى:
-انتى تعلمين
تضاعفت دهشتها وهتفت :
-اعلم ماذا ؟؟ اخبرنى بالله عليك لماذا تفعل بى هذا ؟؟
فى هذه اللحظة سمعا كلاهما طرقات على باب غرفتهما ففتح الباب
ليطالعه وجه الخادمة تقول:
-امجد بيه هناك سيدة بانتظاركم انت وغادة هانم بالصالون
تقول انها عمة الانسة دنيا وقد جاءت لتقديم المباركة لكم
********************
اغلقت الخادمة باب الفيلا وراء ناهد التى لم تسعها السعادة
وحلقت طيور الفرح بجوارها من كل جانب وقد حققت حلم كان
بعيد المنال ورأت ولدها بل وجلست معه متجاذبة اطراف الحديث
اهملت غادة تماما ولم ترفع عينيها عن امجد
ضحكت لكل نكاته وابتسمت لحديثه الهادىء و
-انتى !!!!
قطع حبل افكارها صيحة عالية غلب عليها الدهشة والاستغراب
وتطلعت الى الشخص الذى امامها بتوجس اذ خرجت كلماته
الحادة تمزق اعصابها:
-هل تجرؤين على المجىء الى هنا !!!!!!!!!!!!
*******************