لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (8) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-12-07, 10:14 PM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
أميرة الرومنسية



البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29213
المشاركات: 2,295
الجنس أنثى
معدل التقييم: اقدار عضو على طريق الابداعاقدار عضو على طريق الابداعاقدار عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 250

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اقدار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اقدار المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

فصلٌ ثاني عشر

~ ياحزن اغرس بقلبي موطنك ~


المحتوى بالمرفقات

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 3.txt.zip‏ (28.1 كيلوبايت, المشاهدات 73)
عرض البوم صور اقدار  
قديم 05-01-08, 09:40 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
أميرة الرومنسية



البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29213
المشاركات: 2,295
الجنس أنثى
معدل التقييم: اقدار عضو على طريق الابداعاقدار عضو على طريق الابداعاقدار عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 250

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اقدار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اقدار المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

فصلٌ ثالث عشر


~~ تـــعـب قــلبـي ودمعي قرح جفوني ~~


المحتوى بالمرفقات

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 2.txt.zip‏ (31.1 كيلوبايت, المشاهدات 63)
عرض البوم صور اقدار  
قديم 13-01-08, 12:56 AM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
أميرة الرومنسية



البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29213
المشاركات: 2,295
الجنس أنثى
معدل التقييم: اقدار عضو على طريق الابداعاقدار عضو على طريق الابداعاقدار عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 250

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اقدار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اقدار المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

فصلٌ رابع عشر ..


~~ مشاعرٌ مبعثرة مطعونةٌ .. مقتولة .. مولودة .. ~~

المحتوى بالمرفقات

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 1.txt.zip‏ (30.5 كيلوبايت, المشاهدات 54)
عرض البوم صور اقدار  
قديم 20-01-08, 06:50 PM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
أميرة الرومنسية



البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29213
المشاركات: 2,295
الجنس أنثى
معدل التقييم: اقدار عضو على طريق الابداعاقدار عضو على طريق الابداعاقدار عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 250

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اقدار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اقدار المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 



فصلٌ خامس عشر ..



~~ باللقا هلت تباشير الفرح ~~



***

رغم انه تذكرها بوجع واعادت له طيف سعود وذكراه
الا انه حمد ربي وهو يشوفها بخير ..!
وحس بنشوة سعاده انه مشارك في نجاتها ..
دخل المجلس مع مشاري وبعد دقايق كان ابو مشاري عندهم ..
رحب وهلاّ وكأن اللي زايره شخصية اجتماعيه هامّة ويستحق الحفاوة والتكريم ..
في البداية كان يتكلم برسمية بحته وهو يسأل عن الحال والاخبار
بس بطيبة مشاري ومعرفته وصحبته له انقلب الجو لسوالف ودية ..
قال فهد لمشاري مستغل دخول ابومشاري لداخل البيت : اقول يامشاري ابوك وش يبي مني لي ساعتين جالس ماكلمني في شي .
: اصبر يارجال بعد العشا بيقول لك اش يبغى ..!
عدل فهد جلسته وهو يطالع في ساعة جواله : وش عشاه اللي يخليك لي .. انا وراي شغل منيب فاضي .
: عاد ابوي مسوي لك عشا مايصير تروح وتتركه .
حاول فهد يعترض واقنعه مشاري ان مافيه فايده من اعتراضه لأن العشا انتهى امره ..
ساعه ثالثه وبعد صلاة العشا كان مجلس ابو مشاري مكتظ بالضيوف ومن ضمنهم نايف ..!
عرَّف ابو مشاري على فهد بأنه اللي ساعد بنته في الحادث وان للرجال هذا جميل عليه ودينه في رقبته ليوم الدين ..!
قال فهد برزانه وثقه : الله يسلمك ياابو مشاري الله اللي ساعد بنتك وربي كاتب لها النجاة على يدي ولا يد غيري .. وانا ماسويت غير واجبي واللي املاه علي ضميري وديني ..
جلس فهد بتوتر ونايف بجنبه ..
قال لنايف بهمس : والله لودريت انه بيسوي كذا كان ماخليته يشوف وجهي .
قرب نايف منه وهمس : وسع صدرك يارجال اللي سويته تستاهل عليه اكثر .. بنته الوحيده وماتبغاه يفرح بنجاتها .
سكت فهد وهو يسترجع صورتها اللي لمحها ..
ويتذكر شكلها وجلستها على الدرج وجوالها في يدها ..!
شعرها البني بأطرافه الصفرا من اثر صبغه قديمة ..!
وجسمها النحيل وهي جالسه على الدرجات ..
هذا اللي قدر يلمحه من شكلها اليوم ..
بس اللي حفظه منها في الحادث كثير ..
رغم ان ملامحها كانت دامية وحزينة وبائسة ومفجوعه ..!
الا انها رسخت في ذهنه وثبتت .
انتبه لنايف وهو يقول : ترى مشاري يكلمك .
رفع راسه لمشاري قال : سم ...
اعاد مشاري جملته : اقول ماطلعت للبر ولا الشتا محد يطلع فيه .
تنهد فهد وهو يتذكر البر قال : الله يذكر ايام البر بالخير راحت حلاتها مع اللي راح ..!
اشر نايف لمشاري يعني اسكت واكتفى مشاري بـ : الله يرحمه ..
مر الوقت ،، والسوالف في مجلس ابومشاري عامرة ..
وصار العشا جاهز ..
قال ابو مشاري بصوت جهوري سمعه كل من في المجلس : تفضل ياابو ناصر حياك الله .. تفضلوا ياجماعه الله يحييكم .
وقف فهد والعيال معاه وجلس في صدر المقلط اللي حضروا فيه العشا ..!
وبعد العشا بدا المجلس يخلو من الضيوف لحد مابقى فهد ونايف ومشاري ..
وقف فهد وهو يقول : يالله ياجماعه اسمحوا لي ...
قاطعه ابومشاري : اجلس يافهد ابيك بسالفه ..
انصاع فهد لامر ابو مشاري وجلس .واستخرج ابو مشاري من جيبه ورقه مدها عليه وقال : هذي اقل هدية اقدمها لك يافهد بعد اللي سويته معاي .. والله اني احترت ماادري وش اعطيك لكن ان شاء الله انها افضل من غيرها .
اخذ فهد الورقه المستطيله اللي محد يجهل شكلها ..
بس انذهل وهو يقرأ العدد المدون في الشيك 300 الف ريال ..
رجع مده على ابو مشاري وهو يقول : الله يسامحك ياابو مشاري مهيب هقوتي فيك ....
قاطعه ابو مشاري باليمين اللي حلفه : والله مايرجع وانه حلال عليك .
طالع فهد في مشاري ونايف قال : مابغيت هالتصرف منك ياابو مشاري .. وانا يوم ساعدت بنتك مهوب لأنها بنتك ولا لأني اعرفكم .. أي احد مكانها كان شلته في سيارتي ووديته المستشفى ...
كمل مشاري : وتبرعت له بدم رغم انك مريض وتحتاج دم .. وتقطع به مسافة 250 كيلو وانت صايم وتعبان .. وتجلس في المستشفى لين تطمن عليه وتبشر اهله انه حي ونجاه ربي .
قال فهد بلهجة حاده : اكيد اني بسوي هالتصرف مع أي احد سواء اختك ولا غيرها .
رد ابو مشاري : وشي طبيعي تنال جزاك من اهل اللي ساعدته .. الموضوع انتهى يافهد والمبلغ قليل ومو حقك ..
سكت وهو يشوف فهد يشقق الشيك لقطع صغيرة قال : انت حلفت مايرجع لك .. وانا رجالٍ مااخذ على الواجب اجر ياابو مشاري ..
وقف وكمل : كرمكم الله .. اسمحوا لي بمشي .. ويالله اشوفكم على خير .
فز مشاري ومسكه بيده قال : ترى ابوي مايقصد يهينك .. ابوي فرحان بسلامة اختي .. ماتدري هي وش بالنسبة له ونجاتها عنده تسوى الدنيا ومافيها .
هز فهد راسه وسلَّم على راس ابو مشاري اللي ماتحرك من مكانه قال : انا عارف وش يقصد وادري ان نيته خير وهو بمقام ابوي ماازعل منه ..
وقف ابو مشاري وربت على كتف فهد قال : لو اخذت الشيك يافهد كان ريحتني .. انا حالف ان قامت سارة بالسلامه ......
قاطعه فهد : هالشيك بدل ماتعطيني اياه عطه مساكين ومحتاجين واشكر ربي انه منّ على بنتك بالسلامه .
قال مشاري : من هالناحيه ابوي ماقصر ...
قاطعه ابوه وسكتّه بلهجة حاده : مشاااااري .. التفت لفهد قال : ياولدي الواحد اذا ماشكر ربه اول شي ليه اجل يشكر الناس ..
قطع عليهم جوال مشاري الكلام وهو يكلم ريهام بهمس ويلوذ بجواله عن عيونهم لداخل البيت ..
قال فهد : يالله اسمحوا ..
: الله معك ياولدي ولا تقطعنا .
: ان شاء الله .. كرمكم الله ويالله مع السلامه ..!
وصله ابو مشاري للبوابه وودعه بذات الحفاوة اللي استقبله فيها ..




***




احياناً الحياة تأخذ الفرح منا عنوة
لكنها ماتلبث ان ترده قاصدة ومترصده ..!
وجمرة الغياب تشعل نار شوقٍ بأقفاص الصدور
تلهب القلب بأوردته وشرايينه وأذينه وبطينه ..!
هي ...!
قد اضناها الفراق ..!
والنار بقلبها سعير ..!
على من غيبهما الموت ..
ومن ابعده عنها السفر ..!
ورحلة عمرها ..
كانت شقاء وقليلٌ من افراح ..!!!

جالسه في صالتها .. سالفة شهد اللي قالتها لها ماخلت جفنها يغمض طول الليل ..!
وعماد من اصبح وهو طالع برا يقول ان عنده شغل ..!
والحين العصر مارجع ..!
وصفحة الحساب لابد تنفتح ..
الا الظلم ماتسمح به في بيتها ..
والا ان شادن البنت الأصيلة تنقهر وتداري قهره ..!

..


في هاللحظة كانت شادت واقفه في المطبخ وتشتغل بهمه وحماس ..!
طلعت صينية الفطاير من الفرن وحطتها على الطاولة بحذر ..
قالت للشغاله : لسلي طلعي الفطاير حطيها في الحافظة الكبيرة واقفليها .. انا بطلع وارجع بعد شوي ..!
ولعت على الجمر وغسلت يدينها وطلعت للصاله ..
مرت من عند جدتها اللي مو على عادتها تطفي الراديو وتسكت بدون ماتسولف معاها وتكلمها اما عن حديث ولا عن سالفة في الديرة ولا سالفه قديمه تسردها عليها منها تعيد الذكرى ومنها تسليها وتضيع الوقت ..
قالت شادن وهي تقرب من جلسة جدتها : جدتي فيك شي .. اليوم منتي عاجبتني ..تحسين بشي ..؟
ردت جدتها بفتور : لا ابد مافيني غير العافيه .. الا رجلتس وين راح ؟.
مسحت يدينها بمنديل قالت : ماادري صحيت ماشفته .
ردت ام ناصر بلهجة حاده : اجل انتي تشوفينه ولا تدرين عنه ..؟
زمت شادن شفايفها قالت بمرح : ادري ادري اش تقصدين ؟ يعني عشان رجع بعد اسبوعين واول مارجع نام والصباح خرج من بدري .
ابتسمت بتودد لجدتها وكملت : مممم تدرين ياجدتي ان عماد البارحه قال لي انه عامل لي مفاجأة حلوة ..
ردت ام ناصر بتشاؤم وبنفس اللهجة الحاده : الله يكفينا شره وشر مفاجعاته .. هو متى يجي بس ..؟
طالعت شادن في الساعه المعلقه على جدار الصاله وهي تحاول تمسك نفسها ولا تضحك من كلمة ( مفاجعاته ) اللي قالتها جدتها ..
قالت : اوووه ياجدتي بروح البس قبل الضيوف يجون .. انتي خلاص جاهزة ؟.
هزت ام ناصر راسها بإيجاب وهمست بـ : إيه خلصت .
وبسرعه راحت شادن تجري مع الدرج ..
تحممت بعد اليوم الحافل بالعجين والسكر والشكولاته واللي لطخ جسمها وملابسها
حتى شعرها ماسلم ..!
بعد ماطلعت ..
جففت شعرها ولبست تنورة قصيرة من الصوف كاروهات الوانها بين البيج والبني المحروق وتحتها بنطلون بني جلد ومبطن بقماش قطني .!
وعليه بلوزة بكم طويل وياقة طويلة لونها بني وضيقه على جسمها النحيل ..!
وبسرعه قصوى عملت مكياج هادي وبسيط الوانه بدرجات البني وختمته بكحل وماسكرا وروج بني ولمعه بنفس لون الروج ..
تعطرت ونزلت بعد مامشطت شعرها وتركته مسدول بحريه وحطت على اكتافها شال مشغول بالتريكو بلون بيج وأطرافه بنية ..!
قابلتها فوزية بعد ما نزلت الاغراض اللي جابتها معاها في المطبخ ـ قهوة وصينية حلا وبيتزا ـ ..!
وسلمت عليها وقالت : ها ماقال لك عماد متى بيجون ضيوفه ..؟
ردت شادن ببراءة : لا ماقال بس الحين يجي ويقول ..
ردت فوزية باستغراب : الحين يجي ..؟ ليه ماشفتيه وهو طالع لك قبل ربع ساعه يقول بتروش والبس ..
تغير لون شادن قالت بارتباك : ها لا ماشفته انا كنت ….
قاطعتها ام ناصر : ايه تلقينه في حجرته ماراح لحجرة شادن .
ضحكت فوزية وشادن مصدومة ومذهولة من جدتها قالت فوزية باستخفاف : ليش هم مو عايشين بغرفه وحده ..؟
ردت ام ناصر بلكنة غاضبة : انشديها ( اسأليها ) عندتس ..!!
ابتسمت شادت ووجهها يكتسي حمرة احراج وارتباك قالت : تلاقينه حصلني اتحمم في الحمام وماقدر يستنى قام راح لغرفته .. القديمة .
رمقتها جدتها بنظرة عدم رضى قالت فوزية : هذا هو .. جبنا سير الئط ..
طالعت شادن فيها بنظرة تهديد وقالت وعلى وجهها ابتسامه : قصدك الذيب وجا على طاريه .
نزل من الدرج بثوب اسود وغتره بيضا وهو يلبس ساعته الفضية وريحة عوده المعتق سابقته ..
قالت فوزية : واااااو ماشاء الله تبارك الله .. وش سالفتك انت وحرمتك اليوم كل واحد يقول الزين عندي .
طالع في فوزية هو يجاهد تجاهل شادن الواقفه وراها قال : شهد وين مااشوفها ..؟
ردت فوزية وهي تضحك : ياخي شهد ذي عليها افكار .. كل شوي مطلعه ثلاثه فساتين وتحتار بينهم وتعد اللي يجي عليه العشرة تقول ابي البسه ..وماخلت شي في الدولاب الا وطلعته .. عاد جيتك وهي مارست على شي تلبسه وخليت الشغاله معاها .
انسحبت شادن بهدوء وفوزية تتكلم وراحت للمطبخ ..
ورد عماد على فوزية وهو يضحك بصوت خفيف : ياحبي لها هاللي ذوقها صعب .
التفت على جدته قال : الغاليه علامها ساكته عسى ماشر تحسين بشي .
ردت ام ناصر بزعل : مافيني شي .. بس اذا راحوا ضيوفك لي معك كلام انت ومرتك .
ضحك وهو يطالع في ساعته قال : هههههههههههههههه اذا رااااحوا يالله في العافيه …!
وصلتهم ريحة العود من جلس الرجال ..
والتفت عماد على جهة المجلس قال : عز الله حطته في وقته .. يالله بروح انتظر الناس برا ..
توجه للبوابه وغيرت خطواته مسيرها تحثه للمجلس لاارداياً ..!
وقف على الباب وهي تدور بالمبخره الذهبيه الكبيرة وتمرره على الستاير والوسايد والزوايا ..والمكتبه ..
لحظات مرت عليه يتأملها بدون شعور ..
شكلها آسر يسر الناظرين ..
وشعرها رغم قصره الا انه عليها يشبه الليل بسواده ..!
انوثتها تفيض على المكان سحر يخلب الألباب ..
التفتت عليه قالت متفاجأة : عماد .. كويس انك جيت عشان ابخرك قبل يخلص .. ابتسمت له وكملت : ولو ان ريحة عطرك احلى بس لازم ابخرك .
قربت منه وبخرته وهو ساكن وساكت وحاط يدينه على اطراف الباب قالت بجديه : عماد ترى جدتي قاعده تلمح بكلام قبل شوي عني انا وانت شكلها زعلانه ..
اخذ المبخرة منها ونفخ على الجمر قال : انتي ماقلتي لها شي .
: لا طبعا مستحيل اتكلم مع احد عن حياتنا .
: الله يستر بس لاتشك بشي ثم تزعل ……
قطع كلامه وهو يسمع صوت الجرس قال : هذا هم وصلوا .. مد عليها المبخرة وعطاها ظهره .. رجع التفت عليها قال : ان شفت دموع ياشادن ياويلك مني ..!
طلع مع قسم الرجال وهي راحت لجدتها وفوزية تبلغهم بوصول الضيوف وبداخلها خايفه من سيرة الدموع ..!



***


جالسه في غرفتها لوحدها وساكته
افكارها تعبانه من التفكير ..
والاسبوعين اللي مرت عليها كفيله انها تشبعها ارق وإرهاق
الصمت انيسها وجليسها ..
والوحده مطلبها وغايتها ..
ماتبي تفكر بشي يتعب ..
لاحمود ولاعماد ولا الكابوس مسفر اللي قلب لها حياتها في لحظات ...
اكتفت بالتدقيق في رسمة ورود صغيره على بطانيتها ..!
نفسها تمسك ورده حمرا وكبيرة ..
نفسها تشم ريحة الورد الطبيعي ..
عمرها وبحياتها ماشمته ولا لمسته ولا مسكته ..!
تذكرت الورده الحمرا الجافه اللي بين طيات دفتر خلود حق التحضير ..
بس استحت لاتمسكها ولا تشمها
شكلها من شخص عزيز عليها ولا مااحتفظت فيها ..
حركت اصبعها على الرسمه بنعومه وهي تحاول تصفي ذهنها بسيرة الورد وطاريه اللي تريح الاعصاب وتخفف التوتر ..
رفعت راسها لنورة وهي داخله بصينية فيها شاهي ومضير ( اقط ) ومكسرات قالت نورة بملل : انتظرتس في الصاله لين مليت ماجيتي قلت مافيه الا اني اجي عندتس في غرفتس .
صبت لها كاسة شاهي ومدته عليها قالت نوف بهدوء : امي وين راحت ..؟
ردت نورة : راحت هي وام حمود يقهوون مهرة بنت ام سالم .
عقدت نوف حواجبها قالت : مهرة ولدت ..؟
: بسم الله علينا موب امي علمتنا قبل يومين وانتي اللي سألتيها عن وش جابت قالت لتس جابت ولد ..!!!
فتحت نوف عيونها قالت : اناااا ..؟
: بسم الله علينا منتيب صاحية ....
قطعت نورة كلامها وهي تشوف وجه نوف متغير قالت بمرح : محد يلومتس لو تنسين لتس اسبوعين ماتجلسين مع احد ولاتكلمين احد .. حتى الاكل اعوذ بالله ماعاد تعرفين شكله ..!
ردت نوف بألم : لاوالله يانورة .. انا لي كم يوم صايرة انسى ومااقدر اركز في شي ..
دمعت عيونها وهي تطالع في نورة وتشد على طرف البطانية بتوتر
قالت : اصلاً ليش ماانسى واتجنن بعد اللي صار لي ... يانورة صورة العله هذا ماتفارقني وصوته وفي اذني للحين .. ياليته ذبحني ومت في يده ..
قالت نورة بوجع : يانوف استغفري ربتس مايجوز تمنين الموت ربي ادرى بعبده .. ثم انتي اللي جبتي هذا كله لنفستس وزين انها انتهت على خير السالفه .. تدرين امي وش قالت لي امس ..؟؟
: وش قالت ..؟
: قالت ان مسفر جانا وقال انه يبي يخطبتس بس ابوي رده قال انه ملك لتس على حمود .
بكت نوف بقهر وقالت بصوت باكي : يعني مافيه حظ غير حمود ولا مسفر .. وتقولين حظنا زين يانورة .. وين الحظ اللي تقولينه .. حمود حظ ..؟ ومسفر عشم يانورة .. ياربي اخذني ياربي اخذني قبل آخذ حمود .
تنهدت نورة بوجع ممزوج بملل ويأس من حال اختها قالت : يانوف اذكري ربي واستغفري .. انتي لو شفتي حمود هذاك اليوم وهو خايف عليتس كان ماقلتي اللي تقولين .. تكفين يانوف فكري بحمود .. تراه صار زوجتس خلاص ..
قاطعتها ببكاء و : لا يانورة انا منيب آخذته .. مااقدر يانورة .. ماابيه اذا تبينه انتي اخذيه .
: وش هالكلام يانوف .. تكفين خليني اشوفتس عاقلة لومرة وحده .. والله ان كلام العنود اركد من كلامتس . امسكي امسكي هذا من مضير امي الجديد ذوقيه طعمه يهبل .
صدت نوف عنها وتمددت في فراشها قالت : ماابي شي بس خليني ارقد .
: وشلون ترقدين وانتي ماقمتي الا الساعه ثلاث .. قومي قومي ولاتبين تخلين العشا عليّ تراني من يوم عطلت وانا اكرف لحالي وانتي منسدحه .
ماردت عليها نوف وتغطت ببطانيتها وحمود وهاجسه مسيطر عليها في هاللحظة ..
وشلون تفتك منه ..
وشلون تهرب ولا تبعد عن الواقع السوداوي اللي يحاصرها ..
من بعد سالفة ملكتها وحمود والتفاؤل مقتول والفرح ماتت تباشيره وعلاماته ..!
قامت نورة واخذت الصينيه وهي تقول : الله يسامحتس بغيت استانس عدنتس وغثيتيني ..


***

انفتح الباب بمفتاح عماد اللي يرحب ويهلي وصوت ضحكه واصلهم قبله ..
: اصبر اصبر لاتفجعهم .. خلني امهد ..هههههههههههههههههه هييييي على هونك ياابن الحلال ..
دخل احمد خطواته تسابق لهفته وشوقه وحنينه ..
رمى نفسه بين يدينها بدون أي انذار مسبق اواعلان ..
متجمده للحظات ..
مو مصدقه او مستوعبه ..
المفاجأة كانت هائلة ..
والصدمه ماكانت على البال ولا الخاطر ..
هي نايمه ...؟
ولا تحلم مثل عادتها بوجهه وزوله وريحته ولمته ..؟؟
ولا انها صاحية وتتخيل ويتهيأ لها
هو صدق وحقيقه اللي تشوفه بعينها وتحسه بقلبها ...
لحظات مابين يمكن ويمكن ..
صوته وضمته ودموعه كانت البرهان انه حقيقه مو خيال ولا وهم او حلم ..
طاح عقاله على الأرض وهو يدفن راسه في صدرها ويلثم يدينها الثنتين وراسها بحرارة وشوق .. ويرجع ليدينها يلثمها ويحطها على خده ..
: ياهلا ومرحبا .. ياربي انك تحيي هالوجه .. يالله لك الحمد اني شفته ..
الغصة بحلقها خنقتها ووقفت باقي الكلام ..
ودموعها انسلت من بين جفونها وكان الحنين اقوى من الصبر ..
الجبل الصامد اهتز امام لحظة لقا تنتظرها من سنين وتحلم فيها كل يوم ..
قالت بصوتها المختلط بالبكاء : ابطيت عليّ ياوليدي .. سنتين يادافع البلا .
مسحت دموعها بطرف طرحتها السودا اللي ماتفارقها حتى بمنامها الا اذا استبدلتها بمثيلتها ..
المفاجأة اكبر من انها تستحملها وأقوى من كل توقعاتها ..
مسح دموعه هو الثاني بقفا يده قال : ماابطيت الا بعذري يالغاليه .. سامحيني وارضي عني .
سحبه عماد من حضن جدته وهو يضحك ويقول : ياخي هذا وانا موصيك لاتصير بزر .. قوم قوم نكدت على الغاليه .
وقف احمد واخذ شماغه اللي طاح والتفت على فوزية
الأخت الصغرى ، والصديقه ، رفيقة الطفولة والعمر .. وفتح لها يدينه ..
كان السلام حار بحرارة الحنين واللهفه والشوق ..
قال عماد : ياخي ترى حرمتي بعد مشتاقة لك عطها وجه .
التفت على شادن المتأثرة بالموقف وابتسمت له وسلمت عليه بخجل وحذر ورسميه ..
قال لعماد وهو يبتسم : يالملعون كل هالزين لك ..
قال عماد بمحاولة منه اضفاء شيء من المرح ..: اذكر الله تراني خابرٍ عينك قوية ..
ضحك احمد وهو يتوجه للمغاسل قال : لا اله الا الله ذكرت الله واخترته .. اوووه ترى ليلى عند الباب نسيتها .
تحركت شادن من مكانها وراحت استقبلتها ودخلتها لمجلس الحريم بعد ماسلمت عليها
قالت شادن بعد ماسلمت عليها .. : هلا والله .. كيف حالك ..؟
رفعت ليلى حواجبها وهي تتأمل شادن قالت : الحمد لله بخير انتي كيفك ؟
ردت شادن وهي تطالع بعبايتها السودا ( الخيمه ) والمطرزة بالتركواز على اطراف اكمامها الضيقه وأسفلها بنقشات كبيرة وواسعه : ماشي الحال الحمد لله .
فتحت ليلى لثمتها ونزلت طرحتها اللي تغطي جبينها وأطرافها مثل العباية بتطريزها التركواز وحبات اللولو المنتثره في زواياها ..
قالت : اوووف .. ياربي على هالبرد والجفاف .. جو الديرة هو هو مايتغير ابد ..!
اخذت شادن عبايتها وطرحتها علقتها وهي مستغربه من اللبس والكلام .. قالت : الحين اشغل التكييف على الحار اذا انتي بردانه ..؟
طالعت فوق قالت : ماشاء الله ومكيفات بعد ..زين ان الديرة بدت تتطور . يااختي مدري كيف قدرتي تعيشين فيها بعد ماتعودتي على حياة المدينة .
ردت شادن بابتسامه وهي تحاول ماتبدأ بنقاش من اولها : الحمد لله مو ناقصني شي ومرتاحه .
رفعت ليلى حواجبها بتعجب قالت : غريبة . انا لو تقطعيني ماقدرت اعيش فيها اكثر من يوم .. حتى حاولت في احمد اني امشي اليوم لاهلي بس مارضى .
اكتفت شادن بابتسامه و : الله يعين .. عن اذنك بجيب القهوة ..
قالت : لا لاتجيبين قهوة ترى مااشربها .
: ماتشربين قهوة ..؟
ردت ليلى : لا لا مااحب القهوة العادية ..!!
: زين اجل بجيب شاهي ونعناع ويانسون ....
قاطعتها : لا لا شكراً لاتتعبين نفسك . انا مااشرب غير كبتشينو ..
تفاجأت شادن بطريقتها وطلبها .. واتسعت ابتسامتها غصب ..
قالت .: ممممم خلاص اسوي لك ولا يهمك ..
: ياليت اذا فيه من الجاهز ..
: جاهز ماعندنا لكن بسوي لك وان شاء الله تعجبك ..
: حتى سوبر ماركت ولا جمعيه مافيه جد جد الله يعينك على الحياة هنا ..!
: ههههههههههههه اش نسوي عاد . . هذا النصيب واذا على الكماليات ماراح نموت من دونها ..
سكتت ليلى وهي تتأمل الديكور اللي يزين سقف المجلس والتعتيق الهادي على الجدران ..
وطلعت شادن متوجهه للمطبخ ..
قابلت فوزية اللي جاية تسلم على ليلى قالت بابتسامه واسعه : اجلسي معاها لحد مااجيب الكبتشينو .
فتحت فوزية عيونها باستغراب قالت : كبتشينو .. خير ان شاء الله ..؟
انسحبت شادن من عندها من دون ماتضيف أي كلمه والثانية كملت طريقها ودخلت على ليلى حتى تسلم عليها ..


دخلت شادن للمطبخ تحضر قهوة عمها وتضيـّْفه بطريقتها ..
حضرت الحلا والمعمول اللي سوته من بدري ..
وزمت شفايفها وهي تتذكر قهوة ليلى اللي ماكانت على البال "هذي وشلون اسوي لها قهوتها .. لو فيه كابتشينو جاهز كان اشوا "
تذكرت هبالها هي وسارة اذا اشتهوا كابتشينو وكانت مخلصة ولا مافيه احد يجيب لهم من برا .. قالت " بسويها بطريقتي انا وسارة التقليديه والله يعين ويساعد ان عجبتها كان بها ماعجبتها عنها ماشربت قهوة اليوم "
حطت حليب وموية باردة وسكر في الخلاط الكهربائي لحد ماطلعت له رغوة وصبته في ثلاثه اكواب ..
جهزت النسكافيه والسكر والموية الحارة وحطتها هي كمان في الخلاط وشغلته لحد ماشافت الرغوة ..
صبتها في الاكواب على الحليب ورشت عليها بودرة شكولاتة نسكويك العادية ..
قررت تاخذ قهوة عمها توديها قبل ماتودي قهوة ليلى ...
بس دخل عماد عليها قال : هاتيها عنك .. ! التفت على الكبتشينو
قال : هذي لمن ..؟
: لزوجة عمي ماتشرب قهوة عاديه ..
ضحك عماد باستهزاء قال : هههههههههههههه اجل ماتعجبها قهوتنا ... وريني بذوق ..
شرب منها رشفه قال : هاتي هذا لي عز الله انه ازين من اللي اشتريه من برا ..
حطه في الصينية قال باستهبال : حتى انا مااشرب قهوتكم ..
فتحت فمها وضحكت وهو شال الصينية وتوجه للباب ورجع التفت عليها قال : ترى اخلاقها شينة وماتشوف الناس ناس بس تحمليها عشان احمد .. ابتسم وكمل : واذا طلبت كبتشينو سوي لها على طول ..
طلع بصينية القهوة والضحكة على محياه .. وهي تضحك بصوت مسموع من كلامه او فرحه باسلوبه المرح معاها لأول مرة ..!
احلى شي في وجود احمد انه غيّر موده وقلبه رأساً على عقب من اول مادخل ..
ويمكن يشغل جدتها عن الملاحظات اللي ماكفت عنها من العصر ..!
اخذت صينية القهوة ودخلت بها على فوزية وليلى والابتسامه على محياها ..
سمعت فوزية تقول باستغراب : ياحبي لك ياليلى اللي يسمع كلامك يقول انك مو من الديرة ولا قد عشتي فيها ..
ردت ليلى وهي تعدل كم بلوزتها الصوف قالت : ياقلبي كنت من الديرة ونقلنا من سنين وماعاد يربطني فيها شي غير زيارتكم .
قالت فوزية : هذا كلامك وانتي ماطلعتي منها الا بعد مااخذتي احمد .. اجل وشلون لو عشتي طول عمرك في مدينة مثل شادن .
رفعت نظرها لشادن قالت : من جد ياشادن ماادري كيف عايشة هنا ولا كيف تتحملين تجلسين بدون كهربا وتلفون .
ابتسمت شادن وقربت الصينية منها وحطت كوبها على الطاولة القزاز اللي قاعدتها خشب على هيئة جذع شجرة .. قالت : بالعكس انا احب الديرة لأني احب اهلها والكهربا موجوده حتى لو نص يوم .. والتلفون ان شاء الله بيجي بعد فترة قصيرة ..
قالت فوزية : ياربي لك الحمد ان شادن عاقلة .. جد ياليلى انتي مررررة سخيفه .. يابنت وش اللي غيرك ماكنتي كذا .. بعدين العباية اللي دخلتي فيها وشلون تمشين فيها .
ضحكت ليلى قالت : هذي آخر موديل نزل .. شادن وش عبايتك ..
قالت فوزية : عباية راس وواسعه وسادة مثل عبايتي .
طالعت شادن في فوزية اللي ماخذه راحتها مع ليلى وتكلمها بجلافه وبدون رسمية قالت : عمتي ترى ليلى ضيفتنا .
اشرت ليلى بيدها وهي تقول : خليها خليها متعودة على اسلوبها .. يقولون انها كانت صديقتي واحنا صغار .
ضحكت فوزية قالت : يقولون وكانت يالنذلة .
دق جرس قسم الحريم ووقفت شادن وهي تسمع عماد يناديها بصوت عالي ..
طلعت وهو يضحك مع احمد قال : روحي افتحي الباب وترى هذا كلامي اللي البارح لك .
عقدت حواجبها وهي تبتسم وتتذكر وش مفاجأته لها غير عمها احمد واهله ..
قال وهو مقابل لجدته واحمد ومتكي على التكاية : ان شفت لك دمعه وحده لاتلومين الا نفسك .
هزت راسها ومشت للباب .. قال احمد : والله البنت مأثرة عليك باللهجة ياخوفي لاتجيني بكرة تقول كمان واشبك وياوااد ..؟
انفجر عماد بالضحك على غير عادته قال : ابشرك اني شوي واقولها .. اجلس مع شادن يومين بس وهذا وجهي ماتكلمت مثلها .
قالت ام ناصر بدقه لعماد : شادن مامنها الله يستر عليها ليت الحريم مثلها بالصبر والستر على اللي فيها .
قال احمد : افاااااا الكلام دق ياابو مشعل اعترف وش مزعلٍ امي فيه .
التفت عماد على شهقة شادن وترحيبها وصوتها يتهدج ..
قال : عز الله مااعدى حرمتي بالدموع الا انت ..
لكزه احمد وهو يوقف قال : قوم خلنا ندخل عن الحرمة بتدخل .
وقف عماد معه قال : عاد عمتي الله يستر عليها فيها حيا عمري ماشفته في الحريم .
تنهد احمد وهو يقول : الله يرحمك ياخالد ويجعل قبرك روضة من رياض الجنه . امش امش الحرمة دخلت وشكلها تبي امي .
وقف احمد بعيد عن ام نايف وسلم عليها من بعيد وردت عليه بصوت واطي وخجول ..
قال : كيف الحال ياام نايف عساكم بخير .
: بخير الله يعافيك ... اش اخباركم انتم ..؟
: بخير الله يسلمك . .
عدى احمد للمجلس مكتفي بالسلام والسؤال ودخل للمجلس ..
جا عماد وسلم على عمته اللي تقريباً اعتادت عليه .. قال لشادن : ها وش رايك ..؟
ابتسمت شادن بامتنان قالت وهي تلف يدها على اكتاف امها المتكتفه بعبايتها الساترة : تسلم عماد .. عن جد احلى مفاجأة ..
قال : نايف وين مادخل ..؟
ردت ام نايف : الا الظاهر دخل من قسم الرجال .
توجه عماد لقسم الرجال وكملت ام نايف مشيها للصالة عند ام ناصر ..
بعد السلام والتراحيب اللي استقبلتها فيها ام ناصر ساعدت شادن جدتها على الوقوف ودخلتها للمجلس معاهم ..!
وقفت ليلى وسلمت على ام ناصر ورجعت سلمت على ام نايف وهي تطالع فيها بحرج ..
قربت فوزية وهمست لها : شوفي ستر الحرمة وتعلمي .
لكزتها ليلى بكوعها وقالت بنفس الهمس : اقول اسكتي مو وقتك الحين .
اخذت شادن عباية امها وغطاها وعلقتها والسعاده باينه عليها في كلامها وتصرفاتها وحركاتها ..




***



بعد ماوصل الديرة ..
دخل اخذ له شور سريع يعيد له نشاطه اللي نفد من التعب خلال الأربع ساعات الماضيه وهو جاي ..
وقف فهد على المرايه يمشط شعره اللي بدا يطول ..!
حاول يدسه خلف رقبته ولا يبين مع الشماغ حتى مايسمع كلمتين معتبره من ابوه وعمه فواز بسبب طول الشعر ..
اخذ فروته ولبسها وحس بالدفء يتسلل لجسده في صقيع الديرة وبردها القارس ..
مر طيف صورتها في ذهنه .. وحس بشي يسري في دمه ..
من امس ومن بعد ماشافها ماقدر يتخلص من شكلها وصورتها سواء في الحادث ولا في بيت اهلها ..
ليه اذا تذكرها حس ان بينه وبينها رابط قوي ..
تشبهه بشي ..!!
يمكن الحزن والوجع ذاته ومرارة الفقد عاشوها الاثنين ..
ويمكن لأن الاثنين فقدوا وهم يطالعون وما قدروا يسوون شي ..!
التفت وراه لبندر اخوه وهو يدخل ويقول : ترى عماد جا وابوي على جمر يبي يشوفه ويسأله عن سوالفه في بيت لافي .
قال فهد وهو يعدل شماغه : الله يكفيني شر هالشياب لاينغصون عليّ ويغصبوني على شيٍ ماابيه ...
: وين بتروح انت ..؟
: بجلس مع ابوي وعمي ثم اروح لاهل سعود الله يرحمه .
رفع بندر حاجبه باستغراب قال : وانا اقول سيارتك مليانه اغراض ومانزلتها اثرك تبي تروح لهم ... طيب ارتاح لك شوي انت توك واصل .
اخذ فهد مفاتيحه ومحفظته قال بوجع وهو يغمض عيونه بقوة ويصك اسنانه : الله يساعدني على شوفة اخته الصغيرة ..!
قرب بندر منه قال بلهجة حانية : اذا روحتك لهم تبي تنكد عليك خلني اروح بدالك .
رد فهد بصوت حاول انه يكون عادي لكن لكنة الألم مااختفت وكانت فيه واضحه وجلية : لا لا انا اللي لازم اروح لهم .. معك خمسمية ريال ..
فتح بندر محفظته ومدها عليه بدون مايسأل واخذها فهد وهو يقول : اردها لك بكرة ان شاء الله .
دخلت منال عليهم بسرعه وقطعت كلامهم بحماس قالت : عيال تخيلوا من اللي جا عند جدتي .
قال بندر : من عندها ..؟
قالت منال بحماس : عمي احمد .. ياربي ماني مصدقه اني بشوفه .
رد فهد بضحكة : هالحين من يفكنا من حنان ان درت انه جا .
قالت منال وهي تضحك : هههههههههه لو شفتوها ..! اول ماسمعت خالد وانطلقت تبدل ملابسها تبي تروح معه .
: ابوي درى عنه ..؟
: ايه وراح مع عمي فواز ..
قال بندر : خلنا نروح نسلم على عمي ثم روح لمشوارك .
: زين يالله امش معي وعلم خالد يجيب امي والبنات على سيارتك .
اخذ بندر شماغه وعقاله وطلع مع فهد المشغول بلقاءه باهل سعود ..
رغم انه اعتاد الا انه في كل مرة يستصعب الامر وكأنه اول مرة يقابلهم م ن بعد وفاة سعود ..
وقف على صوت امه اللي استوقفته عند الباب : فهد يمه اصبر ابيك لاتروح .
وقف فهد ورجع لها قال لبندر : اسبقني على السيارة وانا جاي وراك .
التفت على امه قال : سمي يمه بغيتي شي ..؟
وصلته امه وقربت منه قالت : يقولون عماد من البارح وهو فيه .. لاتنسى تسأله عن سالفة الخطبة اللي ماعطانا عنها علمن اكيد . الله يهديه مشى صبحية كلامه لنا ولا شفناه ولا سمعنا منه شي ..!
هز فهد راسه قال : تلقين ابوي اخذ منه العلوم كلها .. لكن ابشري مالتس الا من يسأله ويرد لتس .
طلع فهد من عندها وهو عارف ان الخطبة اللي قال عماد عنها وهمية وانه ماخطب ولا نوى يخطب له من دون علم اهله وشورهم .


***



البرد من بعد المغرب في أوجه ..!
دخلت ام نوف بعد مارجعت من عند غنمها وهي تدور الدفا داخل البيت ..
قالت العنود اللي تمشي معاها لها ساعه وتحن عليها تبيها تروح تتعشى عند جيرانهم : تكفين يايمه ابي اروح العب مع شهد وابي اشوف مرة احمد وابلا شادن .. تكفين يايمه طلبتس .
ردت امها بتعب وكلل : حنا وين نسري في هالبرد .
: يايمه بيتهم مهوب بعيد .. شوفيه قريب واخذي فروة ابوي وليا دخلنا نزليها عند الباب واذا رجعنا اخذيها والبسيها .
: الله يقطع شرتس من بنت سويتي سواة نوف فيني ماتحيدين عن الشي لين تاخذينه غصب .. هاروحي لنورة خليها تسوي شعرتس وتدور لتس على ثوبٍ زين تلبسينه ..
مرت من عند نوف وهي متمدده في فراشها وملتحفه ببطانيتها وعيونها ثابته في مكان واحد وعقلها بعيد عن المكان موديها لعالمها البعيد والمستحيل ..
قالت امها بحنان وخوف وشفقه : يمه نوف .. اليوم وشلونتس ؟ .
ماتحرك منها ساكن ..!
وكررت الأم الملهوفة على بنتها وصحتها : نوف .. نوف .
تحركت بهدوء وقالت بذات الهدوء : سمي يمه وش قلتي ماسمعتس .
: يابنيتي اللي تسوينه بعمرتس مايجوز .. قومي كلي لتس لقمة وسولفي معنا وونسي عمرتس .
نزلت من عينها دمعه قالت بألم : يمه انا ماابي حمود .. حمود مايناسبني وابوي غصبني عليه .
تنهدت امها بوجع لأن هذي الجملة الوحيدة اللي تكررها وتقولها كل ماحاولوا يفتحون معها أي سالفه اونقاش ..
قالت بيأس وقلة حيلة : ماعاد بيدينا شي يانوف .. اول شايلين همتس يوم نقول مااعرست وهالحين مانبي نشيل همتس ونقول مطلقه .. حمود اخير لتس من مقعدتس في بيت ابوتس بلا رجال ولا عيال ..
صدت بوجهها عن امها وزفرت بآهه أليمة وعادت لصمتها وسكونها وأفكارها وعالمها ..!
راحت امها لنورة اللي طلعت للعنود فستان طويل من الصوف وعليه جاكيت بكم طويل الوانه بين الأسود والاورنج ..
قالت نورة : يمه اللي عزمتس من ..؟
: ابوتس يقول خالد ولد ناصر عزمه ويقول خل اهلك يجون .
: يعني اكيد العشا عند عماد مهوب عند ناصر .
: ايه عند عماد ..!
دخلت امها غرفتها بتلبس وتروح للعشاء ارضاءً للعنود وتلبية لدعوة جيرانهم .



***

دخلت بسرعه وفي يدها كيس مليان العاب وعرايس ودباديب ..
قالت فوزية : خلاص جمعتيها ..؟
ردت شهد وهي تدور في الصاله : ايوه جمعتها بس رجعت الباربي وعباية فلة .
عقدت فوزية حواجبها قالت : وليه رجعتيها مو زعلانه وماتبين منه شي ..؟
قالت ببراءة : بس انا ابغى الباربي وابغى العباية حاجاته هذي ماابغاها خلاص .
ضحكت فوزية قالت : حريم .
سألتها ليلى بغرور : وش فيها بنتك كذا ماتشوف الناس شي حتى سلام مافكرت تسلم .
قالت فوزية لشهد : بنت ..! شهد ..! تعالي سلمي على خاله ام نايف وعمة ليلى .
شهقت شهد وهي تطالع في ام نايف قالت بحرج وخدودها محمرة : انتي زوجة خالي خالد اللي مات .. وام شادن زوجة عماد .
ضحكت ام نايف وهي تفتح لها يدينها قالت : ايوه .. تعالي ياقلبي سلمي ..
سلمت عليها وجلست في حضنها قالت فوزية : باقي عمة ليلى قومي سلمي عليها .
وقفت شهد وسلمت على ليلى بسرعه ورجعت لحضن ام نايف والثانية حاضنتها وتدلعها وتسمي عليها ..!
دخلت شادن وشافت الكيس اللي نزلته شهد قالت : لمين هذا ..؟
ردت شهد : هذي حاجات عماد رجعتها له لأني خلاص زاعلته .
قالت شادن وهي تفتش الكيس : اوف اوف اوف شهد تزعل من عماد .. لا لا لا مااصدق ....
قطعت كلامها وهي تحس قلبها تحرك من اليسار لليمين لمن شاف الصورة اللي تتوسط الألعاب والهدايا ..!
طالعت بامها وعمتها وليلى وهم ملتهين مع بعض ويسولفون
وسحبت الصورة منه بهدوء ودخلتها تحت بلوزتها وتنفست بعمق ورجعت الكيس في المجلس بمكانه ..!
وطلعت برا ..!
سمعت صوت عماد ينادي وفي يده صينية القهوة والشاهي قال : شادن خذي بالله جدديها ..
اخذتها منه قالت بابتسامه : انتبه ترى فيه ناس زعلانه منك .
لحقها للمطبخ وهو يعدل غترته البيضا ويثبت عقاله عليها قال : من اللي زعلان لايكون مرة احمد راعية الكبتشينو .
قالت شادن بضحكة وهي تطالع وراه : لا لا شوفها واقفه وراك ..
التفت على شهد وهي حاطة يدها اليمين على خصرها والثانية ماسكة بها الكيس ورافعه حواجبها معقودة وتشمق فيه بعيونها ..!
قال : افا افا افا .. شهودة تزعل مني ... هذا الكلام اللي مايصييييييير ابد .. تعالي سلمي عليّ .
ردت عليه بزعل : لأ ماني مسلمة خلاااااااص تزاعلنا ..
ضحك عماد وهو يثني ركبه ويجلس لمستواها قال : وش اللي مزعل حضرة شهد بنت عبدالعزيز ..
مدت عليه الكيس قالت : كل حاجاتك اللي جبتها لي خلاااااص ماعاد ابغى عشاني زعلانه .
فتح عماد الكيس وضحك قال : يالظالمة آخذة الهدايا الجديدة ومرجعة القديم واللي مليتي منه ..!
كانت شادن تضحك وشهد ترد الضحكه وترسم على وجهها علامات الزعل قال عماد : طيب وش اللي مزعلك مني .
: عشان انت ماتحب شادن وعشان نوف العله دايم تقزك وعشااان ماتنام مع شادن ...
حط يده على فمها وهو يسبحها ويدخلها للمطبخ ويشيلها على الطاولة قال بجديه : وش الكلام هذا ..؟
قالت شهد : العنود علمتني انك زعلان من شادن ..
طالعت شادن فيهم باستغراب قالت شهد : وعشان ماتحب شادن وهي احلى بنت في الديرة ..
التفت لشادن قال : العلوم هذي منين جابتها ..؟
هزت شادن اكتافها قالت باستغراب : ماادري عنها اول مرة اسمعه منها .
قال : وانتي تسمعين كلام العنود وتصدقينه .
: ايه هي اصلاً تقول خلي عماد يخطب نوف مثل ابو سليم عنده اربع حريم وعيال كثيريييين .
: وهي اللي قالت عماد ماينام مع شادن .
: لأ انا شفتك تنام في غرفتك وكل يوم تقول لشادن رتبي غرفتي تعبان ابي انام .
زم شفايفه قال : طيب وش اللي يرضيك عليّ الحين .
: اول شي تصالح شادن وتحبها كثيييير زي بابا وماما .. بعدين تنام عندها عشان هي مسكينة يتيمة ماعندها ابو وتنام لوحدها .
ضحك عماد قال : وبس هذي خالصين منها .. غيره .
: طيب ليش انت ماتحب شادن .
كانت شادن تطالع في شهد باستغراب وشرود وحضور وتشتت ..!
التفت لشادن وشافها واقفه تنتظر حسم الحوار بنتيجه قال : وش دراك اني مااحبها ..؟
: طيب احلف انك تحبها .
تحركت شادن من مكانها قالت : شهد عيب تتكلمين كذا تبغين تسوين زي البنات قليلات الأدب ...
سكتها عماد وهو يسحبها ويسلم على خدها قال : ها شفتي اني احبها .
تنفست شهد بعمق وهي تبتسم بانتصار قالت : خلاص الحين صالحتك .. صرت احبك ..
فتح لها يدينه وحضنها وهو يقول : عاد ان زعلت شهد من اللي بيرضى عليّ .. وجه نظراته لشادن الغاطسة في خجلها وبقعه حمراء اعتلت وجهها ورقبتها قال : القهوة ياشادن لاتتأخرين علينا بها .. شال شهد وكمل : الكلام هذا ان قلتيه لاحد ماعاد فيه شي اسمه هدايا والعاب .
قالت ببراءة : طيب بعدين اذا صار عندك ولد اسمه مشعل تجيب له العاب زيي ولا لا ..؟
نزلها قال : روحي روحي لامك خلاص انتي الحين كبيرة لاعاد اشوفك عند الرجال .
ردت : اصلاً انا بجلس عند خالتي ام نايف هي تحبني كثير .
: انتي من اللي مايحبك ..؟
شهقت وهي تشوف العنود قالت : عماد روح روح يمكن العنود جابت الجني حق نوف معاها بعدين يدخل فيك .
صد عماد عن الحرمه اللي دخلت ودخل للمجلس وهو يقهقه ويستغفر ويتحسب الله على ابليس شهد ..


***


جالسين حول السفرة وهي معاهم ومو معاهم ..
عيونها تقرحت من كثر البكا بعد ماكلمت اهل اميرة وقالت لها امها ان عيالها مايكفون اسئلة عنها ..
قال مشاري وهو يطالع في يدها ورجلها وهي مقيدتها : اقول سارة .
بلعت لقمتها قالت بهدوء وصوت مبحوح : هلا .
: فيه جبيرة ناعمه ورقيقه اش رايك نسويها لك بدال هذا اللي الجبس وزنه اثقل من وزنك .
طالعت في يدها الثقيلة قالت : ياليت والله اقدر افك هذا .. قرفني بالحر والعرق ومرة مضايقني .
شرب ابوها كاسة اللبن قال : خلاص اليوم مشاري يوديك تغيرينه ويحطون لك واحد اخف من هذا .
قالت امها باهتمام : اخاف نرجع من البداية ويضيع عمل الجبس هذا ..
رد مشاري بثقه : لا لا انا سألت عنه ماراح يضرها شي .. المهم ياسارة البسي بعد شوي بوديك لاتتأخرين عليّ مواعد لي رجال بطلع انا وياه لأبحر .
سحب ابوه الكرسي ووقف وهو يقول : الحمد لله .. مو فهد اللي بتطلع معاه .. ؟
قال مشاري : لا مو فهد .. فهد طلع لديرتهم اليوم .
: ليت في الرجال منه عشرة ..
سألت سارة بعفوية : فهد مين ..؟
رد مشاري : ولد عم شادن .. هذا اللي وداك المستشفى يوم الحادث .
شهقت بصوت خافت وحطت يدها على فمها ..
قالت : هذا ولد عم شادن ..؟
: ايوه ولد عمها .. ماقلت لك انا ..؟
: لا ماقلت .. حطت يدها على جبينها ومسدته قالت بصوت خجول : فشله.
وقف مشاري وساعدها على الوقوف وهو يقول : لا فشلة ولا شي .. لاتفكرين بالموقف وانسيه نهائي ..
زمت شفايفها وهي ترجع بذاكرتها للحادث وتحاول تنحيّ المصاب وتتخيل كيف كان شكلها بس ماقدرت تتذكر الا صورة الموت في الجثث والدم والسيارة ..
جاتها امها ومسكتها بدال مشاري ومشتها لحد ماوصلت الكنب قالت لامها بهمس : يمه مرة متفشلة .. ياليت اللي ساعدني مايعرف عنا شي ..
ردت امها باتزان : بسم الله علينا ياسارة .. ويعني شافك ..! كان بيدك هو .. ولاكنتي في حال شي ..! اسمعي كلام مشاري ولاتفكرين بالموقف كله .. ولاتصيرين حساسة كذا .
وصل عندها ابوها وجلس بجنبها وهو ينشف يدينه بمناديل قال : ترى هو اللي اسعفك وتبرع لك بدمه ولولا الله ثم هو ماندري وش صار لك . والمسألة انسانية محد فكر باللي تفكرين فيه .. لف يده على اكتافها وكمل بلهجة دلال : يعني بلاخجل وبلا حيا ويافشلتي ويافضحي .. ميل جسمها عليه وهو يقول : كل الناس تدري ان بنتي متربية احسن تربيه واولهم فهد اللي شالك واسعفك ..
ابتسمت لابوها اللي يحاول جاهد انه يغير مودها كل ماشاف ملامح الحزن على وجهها ويرسم الابتسامة لو مجرد طيف ..!


***

في مجلس عماد اللي برا ..
جالسين حول النار ..
احمد وعماد وبندر بجاكيتات وخالد ولد ناصر لابس فروته وناصر في صدر المجلس بالبشت الاشقر المصنوع من الصوف ..!
قال ناصر : تدرون فهد ونايف رجعوا من عند اهل المرحوم ولا لا .؟
رد بندر : لا ماالظاهر انهم رجعوا ..
تكلم فواز مقاطع : الله يعينك يافهد .. كل مايروح لهم يرجع وهو شايل الحزن من جديد .
قال احمد : والله يوم سمعت ا لخبر اني شايل هم فهد اكثر من هم اهله .. الله يرحمك ياسعود ويغمد روحك الجنه .
حل الصمت فجأة مع صوت فهد اللي وصلهم وهو يدخل مع البوابه ويغني بعالي صوته وبلحن حزين وكأنه ينفث حزنه بطريقة معبرة ..

ليت المنايا وقفت عنك ياسعود ......... خلّتك لين أوريتني في ضريحي

أنت الصديق الصادق الود ياسعود ......... وانت الطبيب لقلبي اللي جريحي

انا أشهد أني عقب فرقاك مقرود ......... ماأنلام انا لو كان اصفّق واصيحي

والله لصيحك لين أجاورك ياسعود ......... الله يعجّل جنب قبرك مطيحي

الدمع غار وجفّت العين ياسعود ......... والقلب ينحب والجوارح تصيحي

دخل فهد بصحبة نايف اللي اصر انه يروح ويشوف اهل سعود ويتعرف عليهم ورجع والحزن يملا قلبه لموقف ام سعود من فهد اذا شافته ..
سلم وتوجه لآخر المجلس بعيد عنهم وتمدد على ظهره على الكنب ورفع رجله على التكاية ..
غطى وجهه بشماغه قال : لاتنادوني على عشاكم واذا نمت لحد يكلمني .
اشر بندر لنايف وش صار ..؟ ورد نايف بإشارة بعدين اقول لك ..
قال عماد لنايف : ابوخالد .. ادخل ياخي شوف اختك كل شوي وهي تقول نادوه لي .
وقف نايف قال : كنت بجيها قبل شوي قالوا لي فيه حريم .
وقف عماد مع نايف قال : خلني اناديها لك في المجلس اللي داخل ..
دخل عماد مع نايف لمجلس الرجال بداخل البيت ونادى بصوت عالي : ياولـــد .. ياشهد .. ياشااادن ..
وصلته شادن وهي تضحك والعنود تمشي وراها وتقول ابلا يعني خلاص اقول لامي انتس بتجينا ...
قطعت كلامها وهي تشوف عماد وتربط صورته بكلامه لها بعد ماشقق الرسالة وتراجعت قال : تعالي تعالي ..
رجعت له بحيا قال : وش اسمك انتي ..؟
دخلت العنود اصبعها في فمها وقعدت تعض عليه باحراج وخجل قالت شادن : هذي العنود الشاطرة .
قال عماد وهو يبتسم من حركتها : وش تبي منك ..؟
: تبغاني ازورهم ..!
: اهااااا .. تعالي تعالي نايف هنا .
دخلت شادن وسلمت على نايف بلهفه قالت : دب فينك ليا ساعتين ادور عليك .
قال نايف : والله جيت قالوا ان فيه حريم وانتي فوق .. وطلعت مع فهد ودوبني راجع ..
التفت للعنود وهي تطالع فيهم وكأنها شايفه حدث مهم وتسجله بالحرف والحركة ..!
ودارى وجهه عن العنود ورى شادن قال : اش هذا المخلوق اللي وراك .
ضحكت شادن قالت بهمس : حرام عليك اسكت هذي بنت الجيران .
قال عماد وعلى وجهه ابتسامه واسعه : تعالي يالعنود ..
قربت العنود منهم بحذر وخوف وخجل قال : من احسن مدرسة عندكم بالمدرسة .
ردت على طول وبدون تفكير : ابلا شادن .. اصلاً انا احبها وكل البنات يحبونها حتى صالحة بنت محمد جار خالك ناصر تحبها وتموت فيها .
لف عماد يده ورى شادن قال : ماشاء الله طلعتوا تحبون مرتي وانا ماادري ..
ردت العنود بسرعه وهي تهز راسها : ايه نحبها .
دنقت شادن براسها محرجه وخجلانه قال نايف اللي انتبه لحرج اخته وحب يلطف الجو : والله وطلع لك معجبين ياشدون خابر محد يرفع من معنوياتك الا سارة ..
رفعت راسها لنايف ووجهها تكتسحه حمرة خجل من طوق يد عماد عليها وتحس بحرارته تشع في جسدها ..
قال نايف : لااااااااااا طلع العرق ياابومشعل . اذا انت حريص على عمرك امسك الباب وانا وراك .
قال عماد بعفوية : وش عرْقه . .؟
: هذا عرق اللي في جبينها اذا طلع معناتها الأخت عصبت .. واذا عصبت انفد بجلدك .
ضحك عماد بهدوء والتفت لجبين شادن يدور العرق .. لكن قربه منها احرف نظره ناحية عيونها ونسى نفسه لثواني وهو يتأملها ..
في عيونها جاذبية لحظها من اول لمحة شاف فيها شادن ..!
تيار بحر جارف اقتنع فيها ليلة زواجهم الباكية ..!
سحر تأثيره بالغ وقوي المفعول ادركه وعرفه مع الأيام والوقت ..
انتبه انه قد غاص وغرق وانتهى امره وماعاد فيه امل يرسو على بر ..!
نسى العرق اللي يقوله نايف واكتفى بعيونها ..!
قال بصوت بارد : نايف عيون شادن تشبه عيونك ..؟ .. هز راسه وكأنه مو مقتنع بكلامه وكمل : فيه شوية شبه صح ..
رفع نايف حاجبه بابتسامه قال بغرور مصطنع : لابسم الله عليّ . . انا كلي ازين منها حتى اسألها يوم كنت اجيبها من الجامعه كيف البنات يلاحقوني ويحاولون يرقموني ويعاكسوني .
فتحت شادن فمها وضحكت قالت : كلها مرة وحده جبتني من الجامعه وازعجتني فيها .
طالعها عماد بجدية قال : اجل من كان يوديك ويجيبك .
قالت : مع سارة .
: وسارة من يوديها ..؟
: السواق حقهم ..
: اها ..! اشوا اشوا .. حسبتك تروحين مع مشاري ولا ابوه .
يعني غيرة ..!
ولا الحالة اليوم وفرحته باحمد مخربطته ومايدري وش يقول ..!
صدت عنه بصعوبه وهي تطالع في العنود وحمرة الخجل والاحراج تكتسح بشرتها وتبث الحرارة في اوصالها ..!
قالت بصوت خجول : عنود حبيبتي روحي العبي مع شهد ..
ردت العنود : طيب بس تكفين ابلا لاتعلمين نوف اني عزمتس عشان ماترسبني ..!
حاول نايف يكتم ضحكته بس ماقدر وانفجر ضاحك .. ورفع يده لهم يعني مع السلامه وطلع مع الباب وسط ذهول العنود منه وهي تجهل السبب ..!
حاول عماد يتماسك حتى مايحرج البنت وطالع بشادن وهي تبتسم وتهز راسها للعنود قالت : لاحبيبتي ماراح اقول لها ونوف ماتقدر ترسبك لأنك ممتازة .
: الا هي تقول ان عزمتيها ولا كلمتيها بقول لمدرساتس يرسبونتس .
صد عماد وهو يضحك مايبغى يحرج العنود ويدينه على اكتاف شادن المنحرجه وبنفس الوقت تتماسك لاتضحك من كلام العنود قالت : ياعمري المدرسات عندهم امانه محد يرسب البنت الممتازة واذا رسبوها يفصلونها من التدريس ويطردونها وربي يعاقبها .. فهمتي ؟
ضحكت العنود وهزت راسها قالت : ايه .
قال عماد وهو يطلع من جيبه عشرين ريال : خذي هذي عشانتس تحبين شادن .. اشتري شكولاته وشيبس مو تروحين تشترين آيسكريم فاهمه .
هزت راسها وهي تاخذ العشرين وتروح تجري لامها بفرح يشبه براءتها ..!
مسك عماد يد شادن ودلّك اطراف اناملها وأظافرها بنعومة وهو ي قول بهدوء : ترى بكرة بنروح لمزرعتنا الكبيرة في الطايف ونجلس هناك اسبوع عشان احمد .
قالت بصوت واطي وخجول : في الطايف ..؟
: على حدود الطايف .. ترك يدها وعدل شماغه قال : رتبي لي شنطتي قبل تنامين وحطي لي ملابس دافيه ترى البرد هناك يكسر العظم .
: حاضر .. زمت شفايفها قالت : اكثر من البرد هذا .
اعطاها ظهره وهو يقول : ايه اقوى .. بس تدفي زين .. وعلمي فوزية تراها بتروح معنا هي وزوجها .

: عماد .
التفت عليها قال : سمي ..!
: الجوال يشتغل في المزرعه .. آخذ جوالي معاي .
: ايه شغال .. من بتكلمين .
جات تمشي عنده وهي مركزة نظرها على وجهه قالت : ام وحده من صاحباتي كان عندها الخبيث في صدرها اكثر من سبع سنوات ..
اصغى لها باهتمام وهي تكمل : تخيل كذا مرة أجلت العملية والحين الحمد لله تعافت بدون عملية ماعاد عندها شي .
فتح عيونه قال : والله ؟.
: ايوه دوبها امي قالت لي .. عاد انا بكلم صاحبتي اتحمد لها على سلامة امها .
رد عليها : وشلون تعافت بدون عملية ..؟
عيونها على وجهه وهو يسألها باهتمام قالت بمحاولة انها تشد من ازره وتخليه يتفاءل : موية زمزم وعلاج طبيعي ورقية شرعيه .
: بسسس ..؟
: هذا كلام امي عن بنتها .
: ماشاء الله تبارك الله ..
طلع جواله الثريا من جيبه قال : خذي كلميها الحين لو تبين .
ابتسمت قالت : لا خلاص اذا بكرة فيه جوال ادق عليها منه اصلاً هي استحالة ترد على رقم غريب وانا الحين مشغولة .
: زين ... يالله انا طالع للمجلس ترى العشا على وصول جهزوا السفرة ..
طلع وهي تتبع آثاره وبقلبها يارب اول الخطوة بديتها بقوتك .. ساعدني على الباقي ولاتخذله ولاتخذلني ..



***


في مجلس الحريم ..
دخلت عليهم العنود تجري وجلست بجنب امها وهمست في اذنها : يمه يمه شوفي عماد عطاني عشرين ريال .
طالعت امها فيها بنظرة تهديد : وشو .. الله يفضح عدوتس فضحتينا في الرجال .
ردت العنود بصوت عالي : يايمه هو عطاني اياها .. انا ماقلت له ..
وصل حوارهم لام ناصر وام نايف وام نوف تقول : اجل ليش يعطيتس فلوس .
: دخلتها العنود في صدر امها وهي تقول : عماد يقول عشانتس تحبين شادن خذي الفلوس هذي واشتري بها شكولاته وشيبس .
هزت ام نوف راسها قالت : الله يجزاه خير ويرزقه .
استمعت ام ناصر للحوار بدقه ..
ماتدري تصدق كلام شهد ولاتصدق تصرفات شادن مع عماد وعدم اكتراثها وشكواها وكلامه للعنود ..!
محتاره وشكوكها ماريحتها ابد .. لكن الا مايبين المستور وتعرف المخفي ان الله اشاء واراد ..!
وفي زاوية المجلس ..
ليلى وفوزية ومنال وحنان منزويات في الزاوية ويسولفون بحماس ..
اخذت ليلى جوالها المزين باكسسوارات كثيرة .. وهي تسب الديرة والحياة في الديرة قالت : مدري وش اللي مفرحك فيها يافوزية .. ياربيييي جوالي ماله داعي هنا ..
خطفته حنان من يدها وهي تقول : ياااااااااقلبي ياهالصورة وراعيييييييها والله يوم شفته لولا حياي من ابوي كان اضمه على صدري .. بس استحيت من ابوي وسلمت عليه عادي ..
قالت فوزية : تراه من اول ماجا وهو يسأل عنك يقول بنتي وش اخبارها .
حطت حنان يدها على قلبها قالت : بنته واخته وامه وابوه واهله كلهم الله يخليه لي ويخليني له .
التفتت ليلى عليها وضربتها على راسها قالت : هييييي بنت انتي ترى هذا اللي تتكلمين عليه زوجي .
ردت منال بعد ماحطت في فمها قطعه الحلا اللي قدامها : وانتي ترى اللي تقولين عنه زوجتس ماجبتي سيرته بالطيب من اليوم غير .. وقلدتها .. احمد قاهرني ، يرفع ضغطي ، تفكيره سخيف ، افكاره رجعيه ومتخلفه ، مايحب التطور ، كابتني ، يكره شي اسم حرية ...
قاطعتها فوزية : بنت منال وش هالكلام .. ولو ليلى ضيفتنا عطوها لبكرة ولا بعد بكرة ثم استلموها على كيفكم ..
رمقتها ليلى بنظره قالت : لاوالله .. الحين يعني سويتي خير .
سندت فوزية بظهرها على التكاية قالت : الله يقطع ابليسك ياليلى عليك ثقل دم عمري ماشفته في احد . بس احلى شي فيك قلبك الطيب .
ردت ليلى بتأفف : وانا وش مضيعني الا طيبة قلبي .. المهم زوجة عماد وين راحت .. ياربي من برودها يرفع الضغط .. من يوم جيت وهي توزع ابتسامات وتشتغل . . ماتتعب هي ..؟
قالت منال باندفاع : لا عاد حدتس ياليلى تراني ساكته لي ساعه وانتي ماخليتي احد الا واعطيتيه نصيبه حتى امي وجدتي واخواني ماقصرتي عليهم .. بس شادن ترى مااسمح لتس .
شهقت حنان وهي تفتش جوال ليلى وردت عليها ليلى بشهقه مماثله وهي تقول : قليلة ادب من سمح لك تفتشين ...؟
رمته حنان عليها قالت : خسارة انتس زوجة عمي احمد ..!
تبادلوا منال وفوزية النظرات مو فاهمات شي .. قالت فوزية : وش فيه ..؟
سكتت ليلى وهي تقفل جوالها وتمتمت : انا الغلطانه اللي فتحته وخليته في يدها .


***

بعد مارجعت من المستشفى ..!
نزلت عكازها بجنبها وجلست بين امها ومشاري بخفة وهي تتأمل يدها ..!
قال مشاري : لو كنت ادري انك بتمشين بالعكاز بسهولة كان سويناه لك من زمان .
ردت وهي شبه مرتاحه : اوووه الحمد لله احسني خفيفه .. مو زي اول .
قالت امها : ياربي لك الحمد ... خلاص من اليوم ورايح مافيه ساعدوني وشيلوني .
ضحكت سارة وهي تمد يدها على مشاري قالت : ممكن توقع راح توقيعك الاول .
طلع مشاري قلمه من جيبه وكتب : الحمد لله على السلامه ياسو...
سحبت يهدها بخفه وهي تقول : وجع وجع وجع ... الشرهه مو عليك عليّ انا اللي اعطيك يدي توقع عليها .
قهقه مشاري باستهبال قال : خلاص خلاص هاتي كنت ابغى اكتب ياسوسو بس انتي ماخذة فكرة شينه عني .
صرت عينها قالت بشك : سوسو ولا سويرة ها ..
: ههههههههههههههههههههههههههه لاوالله كنت ناوي اكتب سوسو .. مو شادن تقولك سوسو .
تحولت ابتسامتها على طاري شادن لتكشيرة .. وتنهدت وقالت : ياعمري ياشادن .. مشتهية اجلس معاها واعرف اخبارها .
قالت امها : مصيرها تجي ان شاء الله وتتقابلون وتجلسون مع بعض اكثر . يالله قوموا للعشا .
قالت لامها ومشاري : اسمعوا .. تراني بكرة بروح لدار الايتام .. وابغى انزل السوق اشتري هدايا وألعاب للأيتام .
حاول مشاري يعترض بس قاطعته امه وهي تقول : الله يعينك على فعل الخير .. خلاص تراني خويتك في المشوار .
هزت سارة راسها لامها بامتنان لموافقتها قالت : الله يكتب اللي فيه الخير ..!



***


فتحت عيونها بكسل على صوته وهو جالس بجنبها على السرير ويناديها ..
: شاادن .. يالله اصحي الساعه سبعه ماصليتي ولالبستي وكل الناس سبقتنا وراحت وانتي نايمه .. شادن قومي وش هالنوم اليوم .
قالت بكسل وصوت نايم : طيب دقايق واصحى .. اذا بتروح روح وانا اجي مع امي ونايف .
رجعت ودست نفسها في اللحاف وشدته عليها وراحت في نوم عميق ..
ابتسم على شكلها قال : قومي يابنت الحلال مابقى غيري انا وياك ... شادن .. هزها ونادها من جديد : شادن اصحي ولا تراني صبيت على راسك كاس المويه هذا .
قامت جلست ورجعت شعرها ورى قالت : تعبانه والله مافيني اصحى الحين .
رد عماد بصوت حاني وهو يتأمل عيونها المغمضة وشعرها الفوضوي بنعومه وبيجامتها البيضا الأنيقه ..
البارحه اشتغلت شغل عشر حريم لوحدها ..
مااشتكت ولا تذمرت ولانامت الا بعد ماناموا كلهم وبعد مارتبت شنطته وشنطة جدتها ..
مد يده ورجع خصلة نازلة على جبينها بدلع لورى اذنها وفتحت عيونها بكسل قال : ارجعي نامي متى ماشبعتي نوم نمشي .
ماصدقت كلامه ورجعت رمت نفسها على السرير وهي تقول : بس عشر دقايق واصحى .
سحب المخدة الثانية اللي المفترض انها تكون له وتكى عليها وهي يطالعها ..!
وانتبه للورقه البيضا مكان المخده ..
يعرف وش هالورقه من شكلها بس يجهل تخص من ..!
سحبها وقلبها يشوف لمن هالصورة ..
صورته ..؟؟
رجعها بسرعه وهو يجزم ان فوزية اعطتها الصورة هذي لأنها هي اللي صورته ..!
حط يدينه على وجهه ورجع يطالع فيها وهي تغط بنومها ..!
يحبها وتحبه ..!
واثق من حبها له ..!
عيونها وكلامها وتصرفاتها كلها تثبت حبها له ..!
تمدد بجنبها بدون شعور ولا احساس وغمض عيونه وهو يحاول مايقرب منها حتى مايزعج نومها ..!
لف يده على عيونه وسرح مابين الخيال والواقع .. ولحظات حالمه ولحظات مريرة وبائسة .. غفت عينه بجنب شادن لأول مرة بدون أي مقاومه وبمنتهى الاستسلام ..!


***


وصل احمد وامه وزوجته والشغاله للمزرعه الكبيرة وامه تذكر الله وتهلل وتبارك ..
اشجارها كبرت وحيواناتها كثرت .!
قالت وهي تشوف النياق في آخرها : احمد ياوليدي ودنا عند عطايا الرحمن خلني اشوفها ..!
لف احمد بسيارته للركن المخصص للنياق حقت ام ناصر وعيالها وعماد من ضمنهم
.. قال : ماشاء الله تبارك الله .. كثرانه مهب على خبري .
ردت ام ناصر ووجهها يتهلل اعجاب وفرح ووناسة : ايه زادها عماد فوق خمسين قبل سنه .
تكلمت ليلى بقرف : اوف اوف من الريحه .. ودوني للبيت بعدين ارجعوا تفرجوا على كيفكم .
رد احمد بقلة صبر : ليلى بتسكتين ولا لا ..
قالت ام ناصر بمودة : ودها ياوليدي للبيت خلها ترتاح وانا نزلني عند النياق .
رد احمد بحزم : لا ارجعها ولا شي حالها حالنا تنزل وتتفرج ولاتقعد في السيارة تنتظرنا .. طالع في المرايه قال : هذا ناصر واهله وصلوا ..
قالت ليلى : احمد وشلون انزل وناصر وعياله بيجون هنا ..؟
تنهد احمد بتعب قال : الله يعين عليتس .. خليني انزلتس وارجع بامي .
لف ورجع للبيت وشاف فهد يفتح باب البيت ويدخل الاغراض والشنط وبندر وخالد يساعدونه والبنات واقفات وراه ..
قال احمد بصوت عالي : خلوا حنان تنزل معي ..
رد فهد عليه : خلها تدخل نايف بيجي الحين ويتمشى في المزرعه مانبيها تحرجه ولايشوفها .
التفت احمد على ليلى قال : انزلي وادخلي مع الباب اللي ورى الحين ارسل حنان تفتح لك .
نزلت ليلى من المقعد الخلفي وهي تتأفف ..
صاحية من صلاة الفجر والبارحه مانامت زي الناس من تغيير المكان والبرد ..!
وياليت بعد كل هالمعاناة تجني وناسة ولا راحة ..
نزل احمد وطالع عيونها الباينه وحواجبها الخفيفه ولثمتها الفتنة .. فقرب منها وسحب طرحتها لحد ماغطت وجهها كله قال : اعتقد انتس اقتنعتي ان فيه احد غيرتس مايلبس هالفستان واللثمة .. شوفي لبس فوزية وشادن وتعلمي .
سكت ماردت عليه لأنها في قرارة نفسها اقتنعت بأن لبسها منبوذ بينهم ..!
دخل احمد من باب الرجال وشاف حنان ومنال قال : حنونة روحي افتحي الباب الصغير لليلى .
طالعت حنان في منال قالت بهمس : منال روحي افتحي لها مالي خلق اتصبح بوجهها .
همست منال : عاد انا لي خلق ..؟
: تكفين روحي عني اخاف اخاف اشخبط على وجهها بأظافري .
قال فهد وهو ياخذ سكينة حادة من المطبخ : هييييييي وحده منكم تروح تنظف قسم الرجال والثانية تفتح لحرمة عمي وتجي تنظف المطبخ عن الغبار .
ردت منال بسرعه : انا ماشية لقسم الرجال .. رفعت حواجبها وجركتها بإغاضة لحنان وكملت : وانتي ياحنونه روحي افتحي الباب وارجعي نظفي المطبخ .. باااااي .
ضربت حنان برجلها على الأرض قالت بقلة حيلة تقلدها : بااااااي .. خافي ربك هذي مو كلمة مسلمين .
هز احمد راسه وهو يقول : هذولا موب عاجباتني لكن شغلكم شوي عندي ..
رجع لامه في السيارة وراحوا يلفون المزرعه ..!


***



فتحت عيونها على الساعه 10 .. ومدت يدها اليمين على الكمدينو اخذت الساعه الصغيرة وشافتها وقامت جلست على طول ..
نايم بجنبها بثوبه وجاكيته الجلد الأسود الطويل .. وشراباته ..
ولاف الشال الصوف الممزوجه الوانه بين الاسود والرمادي على جبينه ومصدر صوت شخير خفيف لأن راسه مايل على طرف المخدة ووضعه مايساعده انه يتنفس بارتياح ..!
شعورين لخبطتها وماقدرت تتبع احد فيهم بسرعه ..!
الخجل كونه اول مرة ينام بجنبها ..
وشعور الخوف اللي سيطر عليها خشية انه يكون تعبان ويحس بشي ..!
نادته بهمس بعد تردد : عماد .. عمااااد .
وما رد عليها الا شخيره المنتظم ..
لمست يده بطرف اصبعها قالت : عماد ..
فتح عيونه بصعوبه قالت : عماد فيك شي ..؟ تحس بشي ..؟
مسك يدها بعد مااستوعب مكانه وواقعه وسحبها على صدره ..
استرخت بهواده ودقات قلبها تزيد وتعلا وتتخربط وتتسابق ..
قال بهمس : كم الساعه يالنوامه ..؟
ابتسمت وقالت بذات الهمس : 10 ونص .
ورجعت للسؤال اللي اقلقها : عماد تحس بشي ..؟
غمض عيونه وهنا جزم انها ياكاشفته ياشاكه فيه ..
قال باعلان للاستسلام في لحظة شبه حرجة : اليوم مافيني الا العافية ..
تنهد من العمق وكمل : تبينا نمشي ولا جازت لك النومه .
رفعت نفسها عن صدره قالت : لا خلنا نمشي ..! من متى وانت نايم هنا ...؟
جلس على السرير ومس ظهره ويدينه وهو يتثاوب قال : الساعه سبعه حاولت اصحيك لقيتك تبين النوم وحطيت راسي بجنبك .
ابتسمت له بخجل قالت : مانمت الا بعد ماصليت الفجر .. بس خلاص انزل وانا ببدل ملابسي والحقك .
رجع وتمدد على السرير قال : بنتظرك هنا بس عجلي ..!
اخذت ملابسها ودخلت الحمام بدلت في وقت قياسي وطلعت ..
بنطلون جينز كحلي وبلوزة بيضا بكم طويل وعليها بلوفر قطني لنص الفخذ بحزام وزراير من الأمام ..!
جمعت شعرها بشباصه والتفتت عليه وهو يناديها : شادن .. انتبهي لايشوفونك خوالي بالبنطلون ..
هزت راسها قالت : ماخذه حذري ماعليك .. اخذت عبايتها في يدها قالت : يالله ننزل ..؟
: عطيني الشنطة ..
: ترى رتبت لك شنطتك .. شفتها ..؟
رد عليها وهو خارج : ايه شفتها الله يجزاك خير .. يالله الحقيني .


***



ماكانت تتخيل ان الصخب والازعاج ارتياح نفسي ويبث الهدوء للنفس ويطمنها ..
كل انسان بداخله مشاعر واحاسيس وطاقات هائلة من الحنان
احياناً يستغلها ويصبها في المكان المناسب
واحياناً يشذ بها لطريق خاطيء
واحياناً يكبتها وتموت بداخله ويدفنها
وغيره يحتاج منها لو لمسة حانية
كلمة رقيقه
عبارة تخفف من وطأة الحزن والألم والفقد
..
كانت سارة جالسة مع امها في دار الأيتام
المكان اللي ياما وياما ارتادته فاطمه وعلمتها طريقه
وحكت لها عن الاحساس فيه والشعور بقرب البراءة ..!
اليوم بس حست باحساس فاطمه ..
كانت دموعها تنزل مدراراً وهي تحاول تداريها عن الصغار اللي ينطون لها بين كل دمعه ودمعه : سارة رجلك تعورك .. يدك تعورك .. تبكين عشان يدك ورجلك مكسورة ..
وكان ردها عليهم : لا ماابكي بس عيوني تعبانه عشاني مانمت بدري وقعدت اتفرج على التلفزيون ..
ضحكت فاطمة _ الطفلة المسماة على زميلتها صاحبة الأيادي البيضاء على الدار _ وحطت يدها على فمها قالت بذكاء وسرعة بديهه : سارة سارة يعني انتي تشوفين توم وجيري زيي انا وسمر ..
ردت والعبرة تخنقها : ايوه اشوفها واشوف عدنان ولينا ..
نط احمد ابن السابعه يتماً قال : تشوفين ابطال النينجا ..؟
هزت راسها بأيوه و : ايوه اشوفها واحبها بس اذا عندي واجب ولا حفظ اطفي التلفزيون واذاكر عشان اصير ممتازة ..
قالت ام مشاري وهي تطالع في ساعتها والوقت بدا يداهمها رغم انهم قضوا ثلاث ساعات ماحسوا فيها : يالله اسكتوا عشان سارة توزع عليكم الهدايا ..
تحول الصخب في ثواني لهدوء وسكون وكل طفل مكتف يدينه حول صدره ويحاول يلفت نظرها بهدوءه وأدبه حتى ينال اولى الهدايا ..
وزعت الهدايا كلها ورجع الصخب اكثر والازعاج لج بالمكان وبث الفرح فيه ونشوة السعادة بنيل اغلى مايتمناه الطفل ويحبه ..!
طالعت سارة في زهرة الطفلة الغير شرعيه ..
لقيطة وجدت بجوار برميل زباله ( والجميع بكرامه )
عمرها فوق السبع سنوات لكن لغتها ركيكة لأسباب نفسية بحته ..
قالت سارة بألم : زهرة حبيبتي ليه مو فرحانه زي اصحابك .
وقفت زهرة وكيس هديتها في يدها قالت بتأتأة : د د دزاكِ الله ك ك كيل ( جزاكِ الله خير ) .. انا ابقى ماما فاطمة تزيب لي هدية عسان هي تحبني . ( انا ابغى ماما فاطمه تجيب لي هدية .... )
حضنتها سارة بقوة وربتت على كتفها قالت والدموع فاضت وأغرقت صدرها : ياعمري هذي ارسلتها عليك ماما فاطمة ..
رفعت نفسها من عليها وطالعتها بنظرات جامده قالت : ك ك ك كليها ت ت تزيبها هيَّ . ( خليها تجيبها هي )
: هي الحين تعبانه شوية ماتقدر تيجي عندكم بس قالت ياسارة خذي هذي الهدية اديها زهرة وخليها تلعب فيها وتفرح وتنبسط مع اصحابها .
وقف عبدالله طفل الثمان سنوات وحده ويتم قال بلهجة حجازية بحته : انا كمان ماابغى هدي الهدية .. انا ماآخد هدايا من احد الا من ماما فاطمه .
ابتسمت له سارة من بين دموعها قالت : عبدالله حبيبي هذي من ماما فاطمه هي قالت لي انك تحب تصيد السمك واشترت لك السنارة والسمكات وكمان الكورة . وشووووف مسدس الموية اللي انت تطلبه كل مرة ..
نزلت دموعه وحط يده على عيونه قال : بس انا ابغاها تيجي بنفسها .. هيَّا وعدتني ماتتأخر علي ودحين ليها سنه ماجات .. ابغى اقولها حاجة مهمه .
انسحب بسرعه من المكان وراح يجري ودخل الغرفه وقفل بقوة ..
والكورة والسمكات وسنارتها ومسدس الموية والواح الشكولاته كلها على الأرض ..
وكأنه يقول ماما فاطمه اهم من هذا كله ..
غيابها شهرين كأنه سنه عنه ..!
ماقدرت سارة تلحقه ..
هي اضعف من هالمواقف
مابقى عندها مساحة لاضافة حزن جديد ..
ممتلئة بالحزن والوجع حد الطفح والفيضان ..!
قالت زهرة بملامح جامده وخالية من اي تعابير وهي تتأمل وجه سارة الباكي : اااانتي ت ت تبكين عس عس عسااان ( عشاان ) تبغي ماما فاطمه تدمك ( تضمك ) وتزيب ( تجيب ) لك دانينو وعصير منجا .
انتفضت سارة وحاولت تتكلم ببقايا قوة انتهكها الحزن اليوم على ارض الدار : لا ياعمري ماابكي .. بس اذا انتي تحبين ماما فاطمة خذي الهدية والعبي فيها زي فاطمة وسلوى ورهف .. شوفي .. !
خرجت العروسة المصنوعه من القطن والقماش وكملت : مرررة حلوة تشبهك .. خذي نيميها في حضنك .. غني لها دوها يادوها .
تأملتها زهرة ببرود ومدت يدها واخذتها قالت : ك ك كلي ماما تيزي بسرررررعه قو قو قو قولي زهرة تبغاك زي عبدالله .
هزت سارة راسها ورجعت لامها اللي تمسح دموعها وهي تسمع الحوارات الصغيرة بأصواتها وعقليات اصحابها وكبيرة بمعانيها وإنسانيتها ..
نفسها ترتمي في حضن امها حتى تلمها من الشتات والحزن والألم والذكريات بس تراجعت خشية انها تؤلم الأطفال وهم يفتقدون للحضن والأم وهم يطالعونها ..
قالت لامها : يمه يالله خلينا نمشي .
قالت امها : ادعي لصاحبتك يمكن هالوقت ساعة استجابة ..
وجهت سارة بيدينها للسماء وابتهلت للي يراقبهم باللي في قلبها
لفاطمه وزميلاتها ونفسها ..!


***

في السيارة ..
قال عماد لشادن اللي تحس بالبرد يتغلغل لعظمها ..
: ليه ماجبتي لك شي ثقيل ..؟
: ماكنت عارفه ان البرد عندكم كذا ..!
: ايه متعوده على جو جده في عز الشتا حر ..
: يازين جو جده هالأيام .. طالعت في جوالها قالت : اوووه الحمد لله الشبكه فُل ..
: بتكلمين خويتك ..؟
: لابخليها اذا وصلنا بس نفسي ادق على سارة آخذ اخبارها ..
قال عماد : اشووووا انك ذكرتيني .. وش رايك في سارة ..؟
التفتت عليه وسحبت غطا عيونها لورا قالت : من أي ناحية ..؟
: زوجة لشخص يهمك ..؟
قالت بابتسامه : اذا قصدك على نايف تراها اكبر منه ونايف يعتبرها اخته وهي كمان تعتبره اخوها .
: لا لا مو نايف ..
عقدت حواجبها قالت : غير نايف ويهمني .. لايكون بتزوجها احد من عماني ..؟
ابتسم قال بمحاولة لاستفزازها : لا بتزوجها انا .. ابو مشاري رجال وينشري واخوها والنعم وامها يقولون فيها خير وراعية دين .
تدري انه يمزح ويحاول يستفزها ..!
قالت ببرود : بس سارة ماراح توافق عليك ..!
اتستعت ابتسامته قال : افاااا ليه ماتوافق ولا عشان انتي صديقتها ماتبي تاخذ زوجك .
: لا مو عشان كذا ..! بس هي تدري اني ماراح اتنازل عن حقوقي لأي مخلوق في الدنيا حتى لو لها هي اعز الناس .
انطفت الابتسامه بالتدريج من ملامحه قال بجديه : الموضوع اللي تقصدينه لازم نتكلم فيه بجديه بس مو الحين ..
طالعت في الطريق بجنبها قالت : لا الحين ولا بعدين ياعماد .. اذا اشتكيت لك ساعتها يحق لك تكلمني فيه .. انا راضيه بعيشتي كذا الا اذا انت ....
قاطعها : اتركينا من هالموضوع الحين .. قولي لي بنت ابو مشاري تصلح نخطبها لفهد ولد خالي ناصر .
فتحت عيونها مو مصدقه قالت : لااااا عماد عن جد تتكلم . ..؟
: والله اكلمك جد .. خالي من امس وهو كل شوي يسألني من اللي خطبتها لفهد وانا اقول بعدين اعلمك ... والصراحة ابو مشاري ونعم الرجال .. وبنته اذا هي صديقتك اكيد انها تناسبه .. التفت عليها وكمل : ولا وش رايك ..؟
: سارة مافيه منها .. بس اخاف ماتوافق .. خاصة ان لها تجربة قبل ..
: البركة فيك انتي .. اقنعيها ..!
: لا ياعماد .. انا مااعرف فهد ومااقدر اقنع سارة في احد مااعرفه ومن باب انه قريبي . خاصة ان سارة نفسيتها تعبانه بعد الحادث ووفاة زميلاتها وطلاقها ..
: فهد انا اضمنه لك .. رجال وينحط على اليمنى ... سكت شوي وكمل : تصدقين محد يناسب فهد غيرها ويمكن هي مايناسبها غير فهد .. ظروفهم متشابهه ويمكن يعينون بعض على الحزن ..
وصل عماد المزرعه المسورة بسور عالي وفتح له العامل السوداني وهو يرحب فيه .. ودخل بسيارته ..
شهقت شادن من منظر المزرعه وشكلها ..
الشتا قاسي على اشجارها الكبيرة رغم انها لازالت تحتفظ بلونها الأخضر ورونقها الا انها ذابله من البرودة القارسة في منطقة جبلية ومرتفعه عن سطح البحر كالطايف ..!
قالت شادن وهي تطالع في زاوية المزرعه بعيد عن الأشجار وفي اتجاه النياق الكثيرة : يممممممه تخوف ..
طالعها عماد وهو يبتسم : العصر اطلعي انتي والبنات وتفرجوا عليها كلها بس لاتبعدون تراها كبيرة فوق 2 كيلو .
قالت وهي تناظر المكان وتتفحصه : مرة متحمسه اتمشى فيها ...
قال عماد : ادخلي من هنا .. وانا برجع للعيال ...
مسكها بيدها قال : سالفة خطبة فهد لاتقولينها لاحد لين اكلم فهد وخالي .
: حاضر ..
نزلت وتوجهت للباب اللي أشر عليه عماد ودخلت البيت الكبير اللي يتوسط المزرعه ..!


***


في البيت الشعبي المهتريء ..!
نورة وامها وابوها والعنود في الصالة قدام الدفاية اللي تشتعل بالغاز ..!
قالت نورة وهي تقرب يدينها من شعلة الدفاية : يبه الله يرضى عليك اصبروا عليها اقل شي لين تتقبل الموضوع .
رد ابوها وهو يشرب فنجال القهوة دفعه وحده : مهيب متقبلته لين تروح لبيت رجلها وتعرفه زين .
كانت العنود مشغولة بكاسة الحليب اللي اضافت لها سكر وشربتها كلها وتحاول توصل بقايا السكر اللزجة في قاع البيالة لفمها بتروي وانتظار ..
قالت نورة : العنود وش هالحركات .. قومي هاتي لتس ملعقه وطلعي السكر جبتي لي المرض بحركتس هذي ..!
رد ابوها : خفي على اختس يانورة تراها صغيرة وجاهلة وانا ابوتس .
قالت العنود والكاسة على فمها : نورة اشوا من بنتك المجنونة اليوم بغت تذبحني يوم قلت ان عماد عطاني عشرين ريال .
قال ابوها : عنود وانا ابوتس نوف ماتبيتس تاخذين فلوس من احد ليا بغيتي فلوس روحي لها وهي تعطيتس .
ردت العنود : مهب قصدها يايبه .. هي عشانها تحسب عماد يبي يخطب...
صرخت نورة بصوت عالي تسكتها : عنود وترااااااااب .. اتركي البياله وطسي اغسلي وجهتس وارمي في الزباله على طريقتس .
قالت امها بحده : بنت انا ماقلت اخفضي صوتس لايسمعتس احد برا .. فضحتوني بخلق ربي كل من مر من عند بيتنا الا ويسمع اصواتكم ..!
ردت نورة والشرر يتطاير من عيونها خوف ان العنود تفضح اختها قدام ابوها ثم يهون مسفر معه ..
: يبه ترى العنود ماتحترم نوف وقليلة ادب ... ونوف هالايام ماتستحمل شي .
قال ابوها وهو يعدل جلسته ويلتفت على العنود : والله ان سمعت انتس ماتحترمين خواتس اني لاوديتس مسفر .
طيرت العنود عيونها وهبدت على صدرها بيدها قالت : والله ثم والله لاحترمهن بس لاتوديني مسفر المجنون .
: ها اعقلي واسمعي كلام خواتس .
هزت راسها ونورة تتنفس الصعداء بارتياح لأنها انقذت الموقف في آخر لحظة من لسان العنود ..







***


تحت شجرة الطلح اللي نبتت عشوائياً في وسط المزرعه الكبيرة وأصرت ام ناصر انها ماتجتث من جذورها .. لأنها مثل ماتقول " غارسها ربي في ارضنا "
كان فهد واقف ومعلق الذبيحه في احد اغصانها العريضه ويسلخ بعصبيه ووجه مكفهر وغاضب ..
قال لعماد بطفش : ايه وش عليك جايني شبعان نوم وماشي على كيف كيفك محد صبحك قبل اذان الفجر وكرفك في الذبح والدم ..
نزل عماد نظارته السودا وتنحى عن الدم لايلمس ملابسه : وش فيها الاخلاق اليوم قافله عسى ماشر ..؟
: وراها ماتقفل وعجوزك تمشينا على كيفها ..! حلفت الا تذبح الذبيحه في البيت والسوداني مايلمسها ولايسلخها مدري شاكة انه مهب مسلم ولا مهب معجبها ولا مدري وش سالفتها ..
: اعوذ بالله منك انا كم مرة قلت لك لاتقول عجوز استح على وجهك ياخي ولا تتكلم عن جدتك بالكلام هذا .
: توكل على الله بس خلني انجز شغلي .
لبس عماد نظارته قال : اخوانك وينهم عنك مايخدمونك اذا انت تعبان .
: بندر جاني قبل شوي وارسلته يجيب لنا اغراض ناقصتنا .. وخالد التيس مافيه فايده غير مناقر خواته .. وخالك الخبل ذا منتهي ماخلا مكان في المزرعه ماراح له وهو يسحب ذي العجوز معه يقال لهم مشتاقين لبعض ثم آخرتها راح يقابلها وترك ابوي وعمي في المجلس وهم متعنين وجايين عشانه .
ضحك عماد منه وهز راسه بيأس وهو يقول : لاحول ولاقوة الا بالله .. هذا وانا جايك ابي اعلمك بالبنت اللي بخطبها لك .. ماتستاهل من يجوزك وهذا كلامك .
تأفف فهد بملل قال : جاني الثاني .. اقول روح منيب ناقصك خلني اخلص من هالجهاد واروح انام لي لو ثلاث ساعات ...
قال عماد : وخالي اللي وهقتني معه وش اقول له ..؟
: قول له فهد عيّا مايبي العرس .
: عيّا ها ...؟ اجل بكرة اذا قالك خالي تعال اعرس على بنت فلان ولا مدري من لااشوفك تنخاني وتقول تكفي ياابو مشعل .. ترى مالي شغل فيك ...
سكت فهد وهو يقطع اوصال الذبيحه المعلقه في الشجرة بحرفنه وخبرة .. قال عماد وهو يلتفت له من بعيد : اسمع ترى ان سألني خالي بقول اني خطبت لك من ابومشاري وانت ماوافقت .
طاحت السكين من يد فهد وهو يسترجع كلمة عماد اللي كمل مسيره ويربطها بالصورة والشكل اللي ماغابوا عنه ..!
مشى ورى عماد وترك الذبيحه معلقه وراه قال بصوت عالي يمزج الحيرة والتردد بعدم التصديق : تعال تعال .. عماد .. اصبر ..!
وقف عماد قال : هلا .. وراك تركت ذبيحتك وجيت ..؟
: ها... ؟ بنادي خالد يكملها ماباقي شي ..!
دخل عماد المجلس وسلم على خاله ناصر وفواز وجلس بينهم ونايف متغطي بالبطانية وجالس في زاوية المجلس ..
قال ناصر وهو يطالع في فهد : انا ابو فهد .. انت ورى ماغسلت يدينك وبدلت ملابسك عن الدم ..!
رد فهد وهو يطالع في خالد : بروح اغسل الحين .. خالد قوم روح كمل الذبيحه مابقي منها شي .
ارتعص خالد قال وهو يطالع في ابوه : يبه انا مااعرف اسلخ زين .
صرخ فهد بعصبيه : قوم اذلف مامنك فايده .. يالله ولااسمع منك كلمة وحده .
قال ناصر : قوم اسمع كلام اخوك ياخالد .
وقف خالد بعصبيه وطلع من دون مايتكلم قال فهد لنايف : نايف بالله قوم طلع لي ملابس نظيفه من الشنطه .. وجيبها لي عند الحمام بتروش الله يعين على هالبرد .
قال فواز وهو متلحف بفروته ومتلثم : لاتروش في البرد يلتهب صدرك من جديد .
: بتروش غصب .. مااقدر اصبر على هالقرف .
وقف نايف وراح لشنطة فهد وطلع ملابسه اللي يحتاجها ووداها عند الحمام ..
سند عماد بظهره على المسندة قال : العامل ماجاب لكم حليب نياق ..؟
رد ناصر : الا جابه لنا من بدري .. هذا هو قدامك في البراد اللي على يمينك .
قرب عماد من الحليب وصب له كاسة وهو يتذكر كلام الدكتور اللي نصحه بحليب النياق لأن فيه دراسه جديدة اثبتت فاعليته في مقاومات التهاب الكبدي ......!
دخل نايف قال : انا بنتظر بندر برا .. عن اذنكم .
قال فواز باستغراب : وش السالفه ..؟ وراه متخربط ..؟ قبل شوي وش زينه ..!
رد ناصر : وش يرده لايتفرقع وينهبل ويتخربط وخويه فهيدان .. الله يعين على هالولد .. التفت على عماد وكمل : الا على الطاري ياعماد .. انت مانويت تعطيني علمٍ(ن) اكيد .. ؟
ربت عماد على فخذ خاله بهدوء قال : العلم الاكيد ياخالي اني بغيت بنت ابو مشاري لولدك وهو والله ماادري عنه شكله ماوافق عليها .
قال فواز : والله والنعم .. قابلته قبل ايام في المدينه عز الله رجال وولده رجال . ووراه مايوافق ولا بس عبط ..؟
قال ناصر : بنته اللي صار عليها حادث في رمضان . ؟
سرد لهم عماد اخبارها واصاباتها ونفسيتها وكلام شادن عنها ووشلون صحت .. وهم مصغين له باهتمام ..
دخل فهد وهو يسمعه يقول : انا شايفها تناسب فهد وهو يناسبها ....
قاطعه فهد قال : شلها من راسك انا ماابيها ..
عقد فواز حواجبه قال : وبس ماتبيها ..؟ هذا اللي عندك .. كل ماقلنا اعرس قلت ماابي .
شال فهد منشفته من فوق شعره الرطب ولبس قميصه ولف شماغه على راسه ..
قال عماد : طيب ليه معترض على بنت ابو مشاري ..؟
تمدد فهد في فراشه قال : مطلقه وماابيها ولحد يكلمني في السالفه هذي مرة ثانية .. والعرس برضيكم واعرس بس اللي اختارها انا لحد يختار لي عشان ماافشلكم ..
هز ابوه راسه بأسى وهو يرد : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..



***


بعد الغدا وحزة العصرية ..!
كانت جالسة مع امها والبنات وهي في قمة سعادتها
اللي وصلت له مع عماد يعتبر خطوة كبيرة وناجحه ..!
قالت فوزية في شادن وهي تغمز لها : اشوف الوجه مشرق اليوم بزيادة .. كل هذا عشان السيد عماد رجع ..؟
طالعتها ليلى بعقدة حواجبها وهي توها صاحية من النوم قالت : رجع من وين ..؟
ردت منال بحده : من وين يعني .. اكيد من شغله ..!
صبت شادن فنجال قهوة وخلعت البلوفر حقها لأن الغرفة فيها دفاية كهربائية وبثت الدفى في المكان ..!
قالت : منال مدي عليّ شنطتي الصغيرة وراك ولاعليك امر .
مدت منال شنطتها وفتحتها شادن ..
سوت لها ميك اب خفيف وكحلت عيونها وحددت شفايفها ولونتها بروج لحمي من شانيل ..!
سمعت صوته يناديها واخذت عطرها بخت عليها بختين وفتحت شعرها وخرجت له ..
وصلته وهي تمشي بهدوء قالت : هلا عماد ..
مد عليها شماغه وعقاله وهو ساكت ويحاول يتجاهل شكلها ..
قالت بدلع : وين احطها ..؟
رد عليها وهو يرفع حاجبه ويقلدها : وين احطها ..
تكلم بجديه : حطيها بأي مكان المهم لااخربط بينها وبين شمغ العيال ..
اتسعت ابتسامتها قالت : ترى شفت غرفتك وحرمتها على البنات ..
طلعت المفتاح من جيب بنطلونها قالت : خلاص صارت لي .
اكتسى وجهه حرارة واعتلته قشعريرة وحس بارتباك قال : خذيها حلال عليك .. وروحي جيبي لي قهوة بشرب لي فنجال مع جدتي واحمد هنا .
هزت راسها بتمشي ورجعت قالت : بتتقهوى هنا .. ليه ماتروح للمجلس عند عماني ..؟
: وليه مااتقهوى هنا مع جدتي واحمد ..؟
: بصراحه .. البيت هنا كله حريم وماني مستعده اتهاوش مع وحده منهم اذا شفتها ..
رفع حواجبه باستغراب قال : لاوالله ..؟ كل هذي غيرة ..؟
ردت بسرعه ووجها يشتعل حمرة خجل : ماتبغاني اغار عليك ..؟
امتدت يده بسرعه ومسك يدها قال : تعالي .. وش سالفة حركات الدلع هذي ..
طالعت وراها بتشوف اذا احد منتبه لها ولا لا قالت بضحكه : والله مو دلع بس مبسوطه .
سحبها بيدها لحد ماوصل باب الغرفه حقته القريبة من قسم الرجال قال : افتحي الباب .. بسرعه لحد يشوفك .
طلعت المفتاح من جيبها وسحبه منها وفتح ودخلها قدامه ودخل ..
سكر الباب بالمفتاح قال بلهجة آمرة : اجلسي .
جلست وهي متوترة ومرتبكه وخايفه من اللي بيقوله ..
قال : شادن انتي تستفزيني ببرودك هذا .. ولا ماعندك احساس ..؟ ولا ناوية تنتقمين مني بطريقة خبيثة .
فزت ورفعت يدها تسكته قالت : عماد اش هالكلام .. ليه تقول كذا ..
اخذ يدينها ولثمها بلهفه قال : ماابيك تضيعين عمرك معي .. وماابي اضيع معك اكثر من كذا ..؟
ابتسمت له بتودد ورعشة الخجل والارتباك تسري بجسدها وتوترها اكثر قالت : عماد لاتقول كذا الله يخليك ... اش رايك نطلع نتمشى بالمزرعه .
هز راسه قال : يالله طالما ان خوالي والعيال نايمين البسي عبايتك ..!
ردت : حتى داخل كلهم ناموا الا البنات .
قال وهو يطلع من الغرفه : بمر على جدتي ووليدها آخر العنقود من يوم جا وهو لاصق فيها ..
ضحكت قالت : بجيب عبايتي وجوالي .. لحظة بس .
راحت لمجلس الحريم وقابلت منال وهي خارجة من المطبخ وتناديها : شادن ... شدونه .
وقفت لها غصب قالت : هلا .
مدت عليها كاسة عصير قالت : امسكي بالله بلف شعري بهذلني .. كملت منال وهي تلف شعرها الطويل .. : اش رايك نروح نتمشى حنان نامت وخلتني مع مرة عمي اللي تجيب المرض وعمتي فوزية عليها طولة بال عمري ماشفت مثلها . ياربي ماادري كيف تتحملها .
قالت شادن : ماعليه منال خليها مرة ثانية الحين بطلع انا وعماد .
زمت منال شفايفها ولفت للمرايه تطالع بشكلها وتزبط الخصلة الكثيفه اللي نزلتها على كتفها ..
تسمرت بمكانها وارتجفت يدها وصوت ليلى وهي تتكلم يخترقها لحد العظم ..
هزها وقلب لها حياتها رأساً على عقب ..!
السعادة اللي عاشتها قبل شوي صحتها منها ليلى على كابوس مرير ..
وقفت على الباب وليلى تتكلم وفوزية تكذبها وتوبخها وتدافع ..
وطاحت الكاسة من يدها وتحول الزجاج لشظايا اختلطت بالعصير ..!
وقفت فوزية وشافتها فاتحه عيونها وفمها بذهول ..
وانطلقت شادن تجري لغرفة عماد ..
قفلت الباب قبل توصلها فوزية ..
قالت فوزية : شادن افتحي الله يخليك لاتقلبينها مشكله ترى ماعندها سالفه ..



بارت طويل جداً لعيونكم

عشان تأخرت وعشاني قصرت بالردود هالمرة ..


قراءةٌ ممتعه ارجوها لكم ...

 
 

 

عرض البوم صور اقدار  
قديم 27-01-08, 02:14 AM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
أميرة الرومنسية



البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29213
المشاركات: 2,295
الجنس أنثى
معدل التقييم: اقدار عضو على طريق الابداعاقدار عضو على طريق الابداعاقدار عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 250

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اقدار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اقدار المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 



فصلٌ سادس عشر

~~ صرخة شعور ~~


في قسم الرجال ..
حزة العصرية ...
اجواء الطايف في فصل الشتاء ..
غيم وبرد ..
وبرده صقيع ..
واقف على باب المجلس اللي يطل على المزرعه مباشرة ولابس دقلة ثقيلة ( الدقلة جاكيت طويل لأسفل الثوب وأقمشته متعدده اما ثقيله او خفيفه ) ومتلثم بشماغه ..! ومدخل يده في جيبه .. بين كل فترة وفترة يضم على المنديل اللي لفه بعناية وحرص عليه ..!
وطلع يمشي في المزرعه بيختلي بنفسه وبالمنديل واللي فيه ..
ماعتاد على الأجواء الباردة لأن جده شتاها ربيع وباقي فصولها حرارة ورطوبة ..!
من الظهر ماقدر يتكلم ولايركز وتفكيره منشغل بشي واحد ..
طلع المنديل وفتحه بحذر بعد ماحس بالأمان ان ماحوله عيون تشوفه ..
وتأمل اللي بداخله دقايق كادت تطول لولا صوت عمه اللي قصرها وهو يناديه ..
قال : نايف وانا عمك تعال ارقد مع العيال .. تراهم بيسهرون ويقعدون يشوون ويلعبون للصبح بس الصلاة ياوليدي لاتفوتك .. ترى الصلاة على المؤمنين كتاباً موقوتاً لابد نصليها على وقتها ..
اعاد نايف المنديل بسرعه لجيبه وهو مرتبك وكأنه جاني ومرتكب له منكر وخايف احد يكتشفه قال : هلا عمي .. ها .. مافيني نوم .. بجلس معك .. الا عمي فواز نام ..؟
رد ناصر وهو يمشي وفي يده عصا ورامي نظره لآخر المزرعه الكبيرة ويتشوف للنياق اللي طلعت تاكل من العلف المنثور قدام شبكها ..
قال : ايه رقد ومابقي غير انت .. وحتى عماد واحمد يمديهم رقدوا عند امي بس روح وانا عمك وارقد مع العيال .
: ماني نايم ومخليك لوحدك .. بجلس معك .
: لايابوي ماعليك مني انا رجال ارقد بعد صلاة العشا واقوم مع صلاة الفجر .. وانتم شباب وسعوا صدوركم واسهروا واستانسوا المهم لاتلتهون عن صلاتكم وانا عمك ..
حاول نايف يعترض بأنه مافيه نوم وان وده يجلس معه بس ناصر حسم الموضوع بـ : والله لتدخل وترقد مع العيال ولاتهتم لي .. انا بروح اشوف النياق والحلال واعود اقعد مع عجوزي داخل البيت .
لبى نايف حلفان عمه ودخل للمجلس والثاني توجه للنياق اللي شوفها بالنسبه له يشرح الصدر ويسره ..!


***


دخل غرفة جدته القريبة من غرفته ..
احمد منسدح ومسند راسه على التكاية ومغطي وجهه بشماغه وشكله نايم ..
وام ناصر متمدده في فراشها وتسبح وتذكر الله بصوت واطي والتعب ماخذ منها مأخذ ..
شافت عماد يدخل قبل لاتغفى عينها قالت بصوت مرتخي من تأثير النوم اللي بدت بوادره تتسلل لجفونها وتكسل جسمها : هلا ياوليدي ادخل وتسان ( كان ) ودك تاخذ لك غفوة انسدح عند احمد ...
رد عليها : لا ماعندي نوم .. كلكم صاحين بدري الا انا ومرتي .
قالت ام ناصر بصوت اوضح : ياوليدي مرتك مافكت يدها من يوم جات يمديها رقدت من زود التعب وانت اخذ لك غطة مع الخلق اللي رقدت .
جلس بجنب جدته والتفت على احمد قال : ماعندي نوم هالوقت بس هذا ورى مايروح لاخوانه يومه مقابلتس من يوم جا .. حتى الغدا بالقوة جا يتغدى عندنا .
تنهدت ام ناصر بحب واطمئنان قالت : الله لايحر قلبي عليه .. خله يقعد عندي اشبع منه ويشبع مني .
ضحك عماد بصوت واطي قال : اجل هذا يشبع .. الله يعافيه بس لو يسمع كلامي ويتزوج يوم الدكاترة يقولون ماعنده مشاكل ويجيه عيال يشغلونه عنتس كان ابرك له .
هزت ام ناصر راسها باستسلام قالت : والله ماخليت عنه شي ... خص انه مهوب مرتاح مع مرته ويقول ان مايمر يوم الا وهو متهاوشٍ معها .
: هههههههههههههههه راعية الكبتشينو هذي ....
قطع كلامه على صوت فوزية وهي تنادي شادن بلهفه وفز بسرعه ..
..
كانت فوزية تدق الباب وتنادي : شادن افتحي يابنت الحلال .. انتي من عقلك تصدقين هالمهبولة .. شااادن والله هذاني احلف لك انها تكذب وماعندها سالفه، شااااادن افتحي خليني افهمك ، شاااااااادن ، شاااادن .. اسمعيني بس .. انا اعرف ليلى واعرف عماد .. ليلى نذله وعماد مستحيل يغلط على احد مو عليك انتي زوجته وبنت خاله ....
وقف ورى فوزية قال بصوته الثقيل والحاد والآمر : فوزية .. ! وش فيه ..؟
رمقته فوزية بنظرة عتب قالت : ماادري عنها اسألها وتقول لك ..
انسحبت فوزية من المكان بحضوره
ورجعت لليلى الجالسة بكل غرور وبرود ولؤم وهي تتصفح جوالها وترسل منه مسجات وتستقبل والابتسامه على شفاهها كل ماوردت لجوالها رساله ..!
قالت فوزية بعصبيه وانفعال وحواجبها معقوده : انتي ماتخافين ربك ، ماتستحين على وجهك ، صدق انك قليلة ادب كيف تتبلين على الرجال وتقولين عنه هالكلام .
عضت على شفتها السفلى بمحاوله منها انها تخفي ابتسامتها اللي صنعتها الرسالة اللي وصلتها ..
قالت : وانا وش قلت ..؟ ماقلت الا اللي سمعته ..!
: كذابه وستين كذابه ..
قالت منال اللي دخلت بعد فوزية : عمتي وش فيه ..؟
غمضت فوزية عيونها وفتحتها قالت : مافيه شي ..! الا اختك وينها ماشفتها من بعد الغدا .
: حنان نايمه مع امي وخالتي ام نايف وحليمه ... عمتي بالله تقولين لي وش فيه ... وشادن ليه رمت كاسة العصير من يدها وراحت تجري ..
طالعت فوزية في ليلى قالت : شادن سمعت العله هذي وهي تتكلم عليها هي وعماد .
وقفت ليلى قالت : حدك عاد يافوزية تراك تلطشين بالكلام من يوم جيت انا ماقلت الا الصدق .
طالعت منال فيها بنص عين قالت : حقتس وماجاتس نصه .. لاتحسبين حنان ماقالت لي عن جوالتس وخرابيطتس الوسخه .
رفعت ليلى راسها قالت : اصحي ياماما الناس طلعت من الحفر اللي انتم عايشين فيها ووصلت القمر وانتي واختك قلبتوا الدنيا على راسي عشان شي تافه .
التفت فوزية على منال قالت : وش شايفه حنان ..؟
انفتح شعر منال الطويل بحركة سريعه ماقدرت تسيطر عليه بسرعه قالت بتأفف وملل من شعرها وليلى : خليها هي تقول لتس ياعمتي انا انزه لساني عن وسخ حرمة اخوتس .
عضت فوزية على شفتها السفلى قالت : الله يفشلتس هذا ومالتس الا يومين قلبتي الدنيا ..
قالت منال بهمس : عمتي روحي لعماد يناديتس .
طلعت فوزية من غير ماتتكلم وشافته على باب البيت قالت : مافتَحَت ..؟
قال عماد وهو يعدل فروته على جسمه ويلف شاله الصوف على راسه : البسي لتس شي ثقيل واطلعي معي برا علميني وش صار لها ..!
كررت فوزية سؤالها باهتمام : هي مافتحت لك ..؟
: لا .
قالت فوزية وهي تحاول تهرب من عماد ومواجهته اذا سألها عن شادن : ماعليه عماد مااقدر اطلع فصولي تعبان وبيصحى وماعنده احد ..
: زين .. وش اللي صاير ..؟ قبل شوي وش زينها ورايحة من عندي تجيب عبايتها كنا بنطلع انا وياها ..؟
: اذا طلعت اسألها وتكفى لاتدخلني بينكم خذ من راسها لراسك .
هز راسه بحيرة واعطاها ظهره طالع برا البيت وهو يتمتم : يصير خير ان شاء الله .
وده يروح يشوفها ويلمس جروحها
ورغبته بالهروب تحفزه انه يركب سيارته ويمشي لجده ويلتهي بشغله وشركته وارقامه وحساباته ..
بس وجود احمد وتجمع اهله في المزرعه يعيقه عن البعد ..
وسبب ثاني واضح ويحاول يبعده ويتجاهله..
هو انها صارت في حياته شيء اساسي صعب يستغني عنه ..
توجه لخاله في آخر المزرعه وهو يلف الشال على وجهه عن الهواء البارد اللي يلسعه فيه ..!


***


دخلت عليها امها بزبدية صغيرة فيها خبز بر مقطع لقطع صغيرة ومفروك باللبن والسمن ..كوجبة مشبعه ومريحة لمعدتها اللي آخر عهد لها بالأكل قبل يومين وكان حبة شابورة مع كاسة حليب ماكملتها ..
جلست ام نوف بجنب نوف بعد صلت المغرب وتمددت على فراشها
قالت الام بلهجة حانية : يمه نوف .. قومي يابنيتي اكلي لتس لقمةٍ(ن) حارة ..
وصلت الريحة الشهية لأنفها وحست ان معدتها تحثها على الأقتراب والأكل ..
بس العدائية الغريبة تجاه رغباتها وقفت بينها وبين الأكل وريحته ..
قالت بعناد وعصبيه : ماابيه ولاتغصبيني على شي مانيب ماكله .
ردت امها بتعب : يانوف اكلي ترى عنادتس مهوب نافعتس واللي صار صار وابوتس يقول ان ماتحسنت حالتها تراني خليتها تعرس في العيد .
حطت يدها على صدرها ونبضات قلبها تزيد وهي تتخيل حمود وتتذكر شكله ..
قالت : والله ما آخذه لو اذبح عمري انا علمتكم وانتوا غصبتوني عليه . .. وترى ذنبي في رقبة ابوي .
نزلت دموعها سيل وسيرة الزواج تتراءى قدامها واقع ..
" ماابيه .. ماابيه .. ياربي اخذني قبل آخذه .."
سحبت بطانيتها واندست فيها وغاصت بمخاوفها وهلعها وتخيلاتها المؤرقة ..
قامت امها وهي تردد "لاحول ولاقوة الا بالله " بيأس وخوف وقلق ورجا وترجي ..
وطلعت لزوجها تبي تشكي له حال بنتهم بكرهم واول فرحتهم لعل وعسى انه يتحرك ويشوف لبنته صرفه وحل وعلاج . .
قابلتها نورة وهي طالعه من عند نوف قالت : ها يمه وشلونها مااكلت ..؟
هزت امها راسها بيأس وقلة حيلة قالت : لاوالله عيت .. ادخلي ادخلي شوفي وجهها اصفر ولا يتهيّا لي .
قالت نورة بمرار : شفته يمه اصفر وعيونها تروع .. ان مااكلت خلي ابوي يوديها لمستشفى قبل لاتموت عندنا من الجفاف و الجوع ..
هبدت امها على صدرها وتعدتها بخطوات واسعه لابوها ..
كان جالس يتقهوى والعنود تسولف عليه وهو يسمع لها باصغاء ..
: يبه انت ليش موب مثل عماد يوم بيته وش كبببببببببره وفيه العاب وفيه درج وكله قزاز المرايا وش كثرها والطاولات في كل مكان والمطبخ مثل اللي نشوفه في التلفزيون .
: يابنيتي عماد رجالٍ درس وتوظف ورزقه ربي وعنده فلوس مهب مثلي ...
قاطعته ببراءه : حتى انت عندك فلوس .. انا شايفةٍ(ن) في صندوقك الحديد مية ريال وخمسينين ..
كانت تحرك اصابعها بحماس وكأنها وصلت لأعلى الارقام وهي تقول مية ..
ضحك ابوها منها قال : وانتي وش خلاتس تفتشين صندوقي ......
قاطعته ام نوف وهي تحث خطاها لجلسته في زاوية الصالة الدافيه واللي تحيد عن الباب والهواء البارد ..
قالت : ابو نوف ترى بنتك اهلكت عمرها بعمرها .. لها ثلاث ايام مادخل بطنها الزاد .. الدبرة وش وانا اشوفها تهلك قدام عيني .
نزل لافي فنجاله وتنهد بصوت عالي وذكر الله : لا اله الا الله .. هي وراها تسوي فينا هالسواة .
: نورة تقول لازم نوديها مستشفى ولا تراها تبي تموت من الجوع والجفاف .
عدل جلسته قال : دواها مهب عند الدكاترة .. دواها عند مسفر ولا خليت حمود ياخذها الاسبوع الجاي ويعالجها بمعرفته .
انطلقت العنود تجري مثل البرق بدون ماينتبه لها احد ودخلت على نوف المتغطية ببطانيتها ونورة عندها تحاول تبثها شيء من التفاؤل بالنصايح والتذكير ..
قالت العنود بلهفة .. : نورة نورة .. ابوي يقول بودي نوف لمسفر ولا خليت حمود ياخذها الاسبوع الجاي .
صفقت بيدينها وسط ذهول نورة وكملت : ياويلي مااشتريت لي فستان لعرس نوف .. مايمدينا ... بس باخذ من عند شهد فستانها الكبير الابيض اللي فيه ورده كبيرة على صدره .. هي تقول وسيع عليّ وماابيه .....
رفعت نوف بطانيتها قالت بصوت ضعيف : نورة طلعيها ولا تراني ذبحتها ثم ذبحت عمري بعدها .
قالت نورة : اطلعي يالعنود ولا ترى ابوي بيوديتس لمسفر ..!
طلعت العنود بنفس سرعتها اللي دخلت بها وقامت نوف وجلست ..
نظرها شارد وعيونها زايغه وهي منهكه وتعبانه قالت بهمس : كل شي يهون مع مسفر يانورة ..
قطعت كلامها والدموع تنزل من عيونها قالت نورة : ماتبين مسفر ..؟ هاقومي واجلسي مع امي وابوي اللي قطعتي قلوبهم عليتس .. واكلي وخافي ربتس تراتس تذبحين نفستس وهذا مايجوز .
هزت راسها بلا قالت : اذا طلقني العله هذا اقوم واسوي اللي يبونه .
ردت نورة بحده : واذا طلقتس ..؟ وش بتسوين من بيتقدم لتس اصلاً ولا تبين تقعدين عاله على امي وابوي طول عمرتس وتحيلين بيننا وبين الزواج .
تاهت نظراتها في الغرفة ..
محد فاهمها ..
انا خلاص ماابغى شي اسمه زواج
حتى عماد لو تقدم لي ماراح اوافق عليه
طابت النفس منه
وعفته يوم عيا يخلي فهد ياخذني ودف حمود عليّ عشان يفتك هو ولد خاله منيّ ..!
مايبيني حتى لولد خاله .. آآآآه .
وقفت وهي تحس بدوخه والأرض تحوم بها والغرفه تظلم في وجهها ..
قالت نورة وهي تشوفها تاخذ عبايتها وطرحتها : بسم الله الرحمن الرحيم .. وين بتروحين ..؟
همست ببرود : بروح اتوضأ واطلع امشي في الحوش .
: تمشين بعبايتس ..؟
: بردانه وماابي اللحاف ومااقدر البس شي ثقيل .
هزت نورة اكتافها بشك وهي تراقبها الين اختفت من امامها ..
عدت من عند امها وابوها اللي لازال محور حديثهم زواجها هو بت فيه وانتهى امره وهي تحاول فيه يتريث وينتظر لين تتعافى وتظهر من حالتها ...!
لمحتها العنود ووقفت وراحت تمشي وراها على اطراف اصابعها اللي اعتادت الأرض وآلفتها ..
طلعت نوف مع الباب وصكته بقوة من دون ماتشوف العنود او تنتبه لها ..
ورجعت العنود تجري لنورة قالت : نورة نوف وين راحت ..؟
فتحت نورة كتاب لاتحزن لعايض القرني اللي استعارته من وحده من زميلاتها .. قالت : للحمام وتبي تتمشى في الحوش .
: لاااااا نوف طلعت برا .
سكرت نورة الكتاب بقوة وفتحت عيونها قالت : قولي والله ..
حطت العنود اصبعها على حلقها بالعرض قالت : الله يقص رقبتي كان كذبت .
فزت نورة وراحت تتأكد مالقت لها اثر لابالحمام ولا بالحوش .. وراحت لابوها تجري قالت : يبه نوف طلعت برا ..
عدت من عندهم واخذت عبايتها ولفت طرحتها على راسها وانطلقت تجري بالشبشب حقت البيت .. وامها وابوها وراها ..
قال ابوها بصوت عالي : اصبري يانورة يمكن انها عند بيت عمتس .
اشرت نورة بيدها وهي تقول : يبه نوف تعبانه بالمرة .. بلحقها واشوف وين راحت .
الوقت بعد المغرب ..
والليل بدا يخيم ..
والنور شبه معدوم في طرقات القرية الا من ضوء القمر والنجوم ..
لمحت الحرمة من بعيد وهي تمشي بسرعه ومتوجهه للمزرعه حقت ابوها وعمها .. واللي تبعد عنهم حوالي نصف كيلو متر وماتفصل بينهم الا مسافه خالية من المباني ..
رجعت لابوها اللي يمشي وراها قالت : يبه راحت للوادي ..
رد لافي الرجل الكبير في السن والوحيد بلا ولد يسنده ويعزه قال بقلة حيلة : الحقيها وانا ابوتس .. رديها مالها روحة هالحزة ...
صرخت امها وهي تحط يدها على راسها قالت : ياويلي ويلاه على بنتي ... البير البير ياابو نوف .. الحق بنتك تراها ماتفك الموت من فمها لها كم يوم .
فتح فمه بين الشيب اللي يكسو شنبه ولحيته قال : انا مااشوف زين هالحزة روحوا علموا غازي وولده يجوني ..
قالت نورة لابوها : لايبه لاتعلم احد بس عطني مفتاح سيارتك .
عطاها المفتاح وهو يقول : اجل روحي يالعنود علمي حمود يلحقنا ولا يعلم احد اخاف انها طاحت في البير ومانقدر نظهرها ..
ركب بجنب نورة اللي تعلمت السواقه من زمن لأن ابوها احتاج وقفتها معه اكثر من مرة ..
اذا ضاعت الغنم ..!
اذا بغى موية من مكان بعيد وماله قدرة على السواقه ..!
واذا احد احتاج شي من قرية بعيد في الليل خلاها تسوق وهو بجنبها لين يوصلون للمكان اللي يبيه ..
شغلتها وبسرعة البرق داست على بنزين الونيت وتحركت ووجهتها للمزرعه ..
تشوفت لنوف ماعادت تشوفها ..
قالت بصوت عالي ..: نوووووووووووف ..


..


وعلى باب بيتهم
كان واقف ويدخن بشراهه .
يفكر بحياته وشلون يبداها مع نوف وهو يدري انها رافضته وماتبيه ..
ياترى ليه كارهته وهو اللي يحبها من صغره ويودها من بين بنات خواله وخالاته ..
بنى احلامه معاها وعليها ولأجلها ..!
التفت للعنود وهي تجري بسرعة اعتادها وتعود عليها ..
ورجع سحب نفس عميق من سيجارته اللي ماعرفها الا بعد رفض نوف له للمرة الأولى ..
اخيراً وصلته وهي ترتجف وعيونها متجمد فيها الدمع ورافض ينزل ..
قال بخوف على العنود وشكلها المرعوب : عنود علامتس وش جايبتس هالوقت .. عمي فيه شي ..
قالت وهي تلهث : ابوي يقول الحق على نوف طاحت في البير .
رمى زقارته من يده وفز من مكانه قال بعدم استيعاب : وش تقولين ..؟
ارتجفت العنود وشبكت يدينها في بعض قال بارتباك : طاحت ، طاحت ، طاحت .. تبي تطيح .. راحت للوادي وامي تقول ودها تموت .
راح بخطوات واسعه اختصرها للنصف وركب سيارته وشاف العنود تتعثر بخطوتها والخوف بدا يشلها ..!
قال : تعالي لاتخافين اركبي معي .
ركبت معه وانطلق باتجاه المزرعه ..
يايلحق يامايلحق ...!




***

جلس مع خاله ناصر بعد المغرب والكل نايم ..!
قام ناصر وهو يردد : جيل الله يهديه بس .. لاصلاة ومقام ولا حياة مع الناس ..
ابتسم عماد وهو يصب له حليب نياق في كوب كبير قال : هذا وانت اللي مقومهم ينامون عشان يسهرون .
رد ناصر بعصبيه : قومتهم يكسرون عنهم ويرقدون ساعة ساعتين موب النهار كله ويتركون طاعة ربهم .
اخذ كاسة فيها مويه وصب في يده منها قليل رشه على بندر اللي تحرك على طول وجلس وهو يقول : قمت قمت ترانا بردانين وانت زدتنا بالماء البارد اللي يخليك لي .
تكلم ناصر بعصبيه وزعل : قوموا صلوا خافوا ربكم .. لاعصر ولا مغرب .
جلس نايف وهو مغمض وحاط يده على حلقه قال : عمي لاترش الموية عليّ الظاهر اني محموم وحلقي ملتهب .
تغيرت لهجة ناصر لحنية واضحه قال : والله ..؟ هاقوم وانا عمك صلّ العصر والمغرب وانا برسل خالد يجيب لك ليمون وبندول من عند الحريم .
وقف نايف بلبسه الفنيله البيضا والبنطلون الابيض العادي قال عماد الملتحف بفروته : نايف ارجع خذ لحاف ترى الجو بارد عليك .
رجع نايف واخذ جاكيته وشماغه وطلع للحمام اللي يبعد عن المجالس بمسافه قصيرة ..!
واستمر ناصر في محاولته بتصحية فهد وبندر واحمد ..
قال لبندر اللي رجع ينام : بندر تبي تقوم ولا صبيت الما على راسك ..
وقف بندر بسرعه وطلع بدون لحاف ورجع جلس قال : نايف في الحمام ... والبرد برا يقطع القلب .. خلني انسدح لين يجي .
رجع ناصر وجلس قال : والله ماتنسدح .. اجلس لين ولد عمك يطلع ثم روح ادخل بعده ..
جلس بندر على التكاية وسحب بطانيته غطى بها ظهره وغمض عيونه بقهر وسند براسه على الجدار وراه ..
قال ناصر : لا ترقد وانت قاعد .. قوّم اخوك وعمك ..
مد بندر يده على بطانية فهد وسحبها بقوة عنه وفز فهد جلس قال بصوت عالي وعصبي : صاحي انت ولا مجنون انا ماقلت الف مرى لحد يرفع اللحاف عني وانا نايم .
رد بندر بمزاج سيء : ابوي ابلشني يقول قومه .
: ابوي ماسحب لحافي تجي تسحبه انت .. اقسم بالله لوعدتها يابندر لتشوف شي مايسرك .
تكلم ناصر بصوت عالي : انتم ماتخافون ربكم .. قوموا صلوا .. المغرب راح وقته وانتم مجيفين عندي من كثر النوم ..
قام احمد وجلس قال : الله يخليك لي ياابو فهد انت ماتغير هالعادة ابد .. ترى النايم مرفوع عنه القلم .
: مرفوع عنه القلم اذا صار ماعنده احد يقومه لكن ذنبكم في رقبتي ان ماقومتكم .
كان جالس معهم بجسده وتفكيره بعيد ..
عندها وبين افكارها وهواجيسها تايه ومايدري وين يرسي ..
تذكر كلامها " ماني مستعده اتهاوش مع وحد من البنات اذا شفتها "
معقول زعلت لأني شفت ليلى الظهر ..
عز الله بتزعل كل يوم اجل
ليلى من يوم اخذت احمد وانا اشوف وجهها كل يوم ..!
ارتسم على وجهه طيف ابتسامه ساخرة ..
" هالخبلة لاتكون تغار من ليلى وهي ازين منها بمليون مرة "
مسك جواله ودق على فوزية ووقف طلع برا عن هواش ناصر لفهد واحمد ..
ردت عليه فوزية وقالت على طول : هلا ياعماد ماطلعت ومارضت تفتح .. خلها متى ماطلعت تكلمها .
: انا ابي اعرف وش صار لها بالضبط .
: ماادري عنها اذا شفتها اسألها وحلوا مشاكلكم بينكم .
: اهااااااا يعني انا في الموضوع .
: بصراحه انت اصل الموضوع ..
التفتت فوزية على ليلى المشغولة بجوالها ورسايلها قالت : مرة خالك ماقصرت نشرت الغسيل ..
عقد حواجبه قال : وشووو ..؟ وش تقولين انتي ..؟ أي مرة خال فيهم .
: ماادري عنك اللي انت تعطيه اخبارك واسرارك اول بأول .
عض على شفته قال : زين زين .. يالله مع السلامه .
قفل جواله ودخل لخاله اللي لازال يهاوش فهد ويجاهده للقومة من النوم ..
قرب عماد من فهد ولكزه برجله قال : استح على وجهك وقوم اذا منت خايف من ربي قوم عشان ابوك اللي رفعت سكره وضغطه .. فهد ..
رفع صوته اكثر : فههههههههد .. يالله قوم فز .
زفر فهد وقام جلس ومسد وجهه قال : الحين انتم وش تبون مني صلاتي وبيني وبين ربي وش اللي حاشركم .
رد عماد بتوتر وعصبيه : اقول قوم بس وخاف ربك عليك فرضين ماصليتها والعشا على وشك .. قوم هذا نايف وبندر قاموا .
قرب من احمد المنسدح ومتكي على ذراعه قال : احمد مهوب خبري فيك تأخر صلاتك وش اللي غيرك ...؟
انسدح احمد على ظهره قال بتعب وهم وضح في لهجته : محد يبقى على حاله ياابو مشعل .
شده عماد بيده بقوة جلس احمد على اثرها قال : اعوذ بالله بغيت تقطع يدي .
: فز قوم صل وتعال اجلس ابي سولف معي .. تراك من يوم جيت وانت مقابل جدتي محد شافك .
شد احمد شعره قال : امي وينها صدق .. تدري وشلونها .
قال فهد بسخرية : علمه علمه عن امه ماغير يداريها وتداريه من يوم جا .
رد ناصر بلهجة حادة : انت ماعند كبير ولاتحشم احد ..
وقف فهد ورمى اللحاف عنه وراح للحمام بعد ماشاف بندر يدخل متوضي بدون مايرد ولاينتظر بقية كلام ابوه ..!
قال ناصر لعماد : عماد وانا خالك ورى وجهك اليوم مهوب معجبني .
رفع عماد حاجبه وأطلق آهه قصيرة قال : قلة نوم ياخال .
: ورى مارقدت مثل اللي رقدوا للعشا يوم دينك ازين من دينهم وتهتم بصلاتك اكثر منهم .
: بصلي العشا وانام ان شاء الله . .
رجع التفت لاحمد قال بهمس : اللي هامك وشو ..؟
جلس احمد وثنى ركبه ولف يدينه حولها قال بملل : هامني حظي ونصيبي ياعماد ..
زفر عماد : كلن فيه خيره بس قوم واحمد ربك على النعمه . بس والله ياحرمتك تبي من يسنعها بالعقال .
قال احمد بملل : عندك اياها تراني ماقصرت استخدمت كل الاساليب ومامن جدوى .
وقف وحط فروة فهد على اكتافه وطلع وهو يقول : بروح اشوف امي واصلي عندها وان شفتها تبي الجية عندكم جبتها .
طلع احمد وعماد جالس بمكانه يتبعه بنظراته ويتأمل حال احمد اللي زاد تذمره من زوجته ..




***



وصل بالسيارة بسرعه ووقفها قدام المزرعه الصغيرة بمسافه قصيرة ..
ونزل منها بدون مايطفي محركها ..
انطلق يجري بلا اتجاه . .
كل مافيه ينطق بنوف ..
وصوته دوى بداخله لكنه عجز يطلع ..
كانت عيونه تحوف المكان وتاكل ارض المزرعه اللي مافيها الا عدد قليل من النخل وحشائش قصيرة تغطي الأرض ..
وصل للبير المسورة بشبك حديد من اجل لايطيح فيها انسان او حيوان يمر بالمكان ..
سمع نورة تجري بين النخل والمكان قد اظلم والنور معدوم ..!
اول ماوقعت عينها على حمود وهو متجمد قدام سور البير غطت وجهها بطرف طرحتها قالت : مااعتقد انها وصلت البير . سبَرْتها ( طليت عليها ) قبل شوي مافيها شي .
تجاوز البير من الجهه الثانية وشاف السواد المتكوم تحت النخله القريبة من البير وقرب منه واخذ نفس عميق لمن ادرك انها حرمه بعبايتها
قال باحباط وخيبة ممزوجة بفرحة نجاتها : روحي علمي عمي لقيتها .
وصلت نورة للمكان اللي يطالعه حمود وهي تلهث وتبكي ..
اول ماشافتها صرخت عليها : ليييش يانووووف ليش تسوين في امي وابوي كذا .... حرام عليتس خافي ربي .. ضمتها على صدرها بقوة والثانية ترتجف بذهول ..
قال حمود : وخري يانورة خليها عندي ..
ردت نورة وهي تحاول ماتحتك بحمود اللي ماشافها ولا كلمها من سنين طويلة : لا ياحمود لو سمحت خلها عندي وناد ابوي .
تكلم بلهجة آمرة : نوف حرمتي يانورة .. روحي علمي امتس وابوتس انها بخير وانا بجيبها .
وقفت نورة منفذه ومستحيه من ولد عمها لاتراده بالكلام بس يد نوف اللي قبضت على طرف عبايتها بكل قوتها وقفتها بمكانها ..
جلست نورة مثنية ركبها قالت بهمس في اذنها ماقدر حمود يسمع منه شي : هذا حمود ولد عمتس بغى يموت عليتس .. دوري اللي يبيتس ولاتدورين اللي تبينه . قومي يانوف وتعوذي من ابليس .
همست نوف بخوف وهي تضم على معصم نورة بقوة : لاتروحين عني خليتس معي . انا اخاف ربي ومااقدر اذبح نفسي .. بس ماابي الحياة يانورة ..
قال حمود باستسلام : انا بروح اعلم اهلتس انها بخير هاتيها معتس بسرعه ولاتراني رجعت وجبتها غصبٍ عليها .
رجع بخطوات واسعه وسريعه وراح لابوها اللي تسمرت رجوله بمكان واحد وانتقل نظره من بقعه لبقعه وهو يتخيل زولها وهيئتها وصوتها في كل مكان تطيح عينه عليه ..
قال حمود : ابشرك ياعمي لقيناها تقول انها جاية تمشى وتغير جو .
ارتجفت شفايف الشايب فرح وقهر وحسرة قال : حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل .. هجدتنا الله يهجد عدوها .
ربت حمود على كتف عمه يطمنه قال : امش ياعمي معي اختها بتجيبها معها ..
هز لافي راسه قال : خلنا نبشر امها يمديها انفجعت المسكينه .
وصلت نورة وهي تسند نوف قال لافي : اقلعيها للسيارة الله يفرج لي منها عجل يوم ماخلتني اذوق النوم لي شهر واليوم بغت تذبحني انا وامها . حسبي الله عليها من بنت .
ركب حمود سيارته وهو ساكت ومنزل نظره للأرض وركب عمه معه ..
ونورة اخذت اختها وامها والعنود ووصلتهم للبيت ..
نزلت نوف بمساندة نورة وامها وراها تشهق وتبكي بمرار وتهمس لها : امشي فضحتيني الله يفضح عدوتس .
التفتت للعنود القابعه في السيارة بهلع وأسنانها تصك في بعض من سيرة فقد نوف ولا رمي نفسها في البير ..
قالت امها بلهفه : العنود علامتس يمه .
كان صدرها يلعو ويهبط وشفايفها مبيضة ووجهها باهت قالت برجفه : يم يم يمممه نووووف بغت تموت في الب البييير .
ضمتها امها وهي تتحسب الله وتدعي ان الله يحمي بنتها ..! قالت : نوف مافيها شي شوفيها بخير ياقلبي ..
هزت العنود راسها وهي بخوفها ودخلت مع امها اللي شالتها وهي ضامتها على صدرها ..!
دخل لافي بيته واستوقفه حمود بـ : عمي ..!
وقف لافي بوجه يكسوه السواد قال : سم وانا عمك ..!
: سم الله عدوك .. ابيك تسمح لي آخذ حرمتي الاسبوع هذا .
رفع لافي راسه قال : ياولدي هي ماتبيك وانا غصبتها ...
قاطعه حمود : طلبتك ياعمي لاتردني وان شاء الله انك ماانت بندمان .
هز لافي راسه قال بإذعان واستسلام : تعال بعد اسبوع واخذها خلها تجهز وانا عمك .
دخل حمود يده في جيبه يدور دخان وتذكر عمه ورجع طلعها قال : بكرة الظهر المهر عندك ان شاء الله ... انتبهوا لها ياعمي ولاتخلونها لحالها .. ويالله اسلم عليك .
سكت لافي واكتفى بمراقبته وهو يركب سيارته ويحركها بسرعه متوجه للطريق اللي يودي لخارج القريه كلها ..


***


عدى عليها اليوم وهي في غرفتها ..!
نامت بعد العشا وماصحت الا على اذان الفجر ..
صلت فرضها وجلست على سجادتها والبيت هادي مافيه الا صوت جدتها وهي تسبح وتهلل وتذكر الله ..
استرجعت السالفه اللي سمعتها من ليلى ..
وحست بتشويش ذهني اعجزتها عن تحديد الطريقه اللي المفروض تتبعها ..
ليه هو اللي يقهرها وهي اللي تدور رضاه ..!
ليه هي اللي تتنازل وهو مايقدِّر ..!
ليه كل ماقالت فرجت ترجع تتسكر بوجهها
معقول ان النصيب هو اللي يفرض عليها اللي يصير
معقول ان حياتها مع عماد ماراح تستمر والعراقيل اللي تواجهها انذار بعدم الاستمرار ..
ومعقول ان عماد فعلاً مايبيها بحياته وانه كارهها ولايبي قربها ..
عقدت حواجبها ومسدت جبينها بتوتر ..
طيب تصرفاته غير
حتى امس كان مرة غير ..
زفرت بـ : ياااارب .
وقامت طبقت شرشف صلاتها وسجادتها ورفعتها في الدولاب الخشب الصغير اللي يتوسط الغرفه ..
اخذت جوالها وفتحته وحصلت رساله من نايف .. ( اذا صحيتي دقي عليّ ضروري )
شهقت وهي تتخيل الكلام وصل نايف ..
ونايف مايتحمل عليها كلمة او اهانه ..
تخيلت عماد وموقفه قدامهم ..
بسرعه استبعدت الموقف اللي كرهته قالت بصوت سمعته : لاياربي ... لاياربي .. تكفى ياربي استر علينا ولاتفضحنا ولاتجيب المشاكل بين اهلي .
طلعت لجدتها وهي تضم على جوالها وشافت احمد طالع من عندها ..
حست بمغص في بطنها وهي تتذكر كلام ليلى وتتخيل صورتها قدام عمها .. وش يقول عنها ..
قال احمد والابتسامه على محياه : يااااهلااااا والله .. حيا الله بنت اخوي النوامه .. وش سالفتتس انتي وزوجتس نايمين من بدري كأنكم دجاج .
ضحكت شادن مجامله قالت : عاد انا نايمه من العصر .. صليتوا في المسجد ولا لسه .
وبنفس ابتسامته قال : ماعندنا مسجد قريب بس صلينا انا والعيال جماعه .. على فكرة عماد تراه تعبان روحي شوفيه .
ارتعبت من الكلمه قالت : تعبان اش فيه ..؟
قبل لايرد احمد وصلهم صوت ام ناصر من داخل غرفتها تقول : احمد ياوليدي لاتروعها ..
نفضت راسها تبي تفهم وتستوعب قال احمد : مافيه شي بس القولون شكله تهيج عليه ..
ردت بلهفة : هو وين الحين ..؟
قالت ام ناصر : شاااادن تعالي ياامي ..
دخلت عند جدتها قالت : جدتي عماد اش فيه ..؟
: مافيه غير العافية تو احمد جا من عنده يقول طيب .. ماغير قيلونه متهيج عليه وليله كله وهو يستفرغ .
بلعت ريقها بصعوبه متناسية الكلام اللي سمعته من ليلى ..
تفكيرها محصور فيه ،
وقلبها خايف عليه ،
ومشاعرها منصبه ناحيته ..
قالت : هو صاحي الحين ؟
رد احمد اللي رجع ووقف على الباب قال : مافيه شي يابنت الحلال يقول انه نسى علاجه وامس غداه كان دَسِم .
عضت على شفتها قالت : اجل بدق عليه الحين .
ردت ام ناصر : سوي له فطور وارسليه عليه تراه ماتعشى البارح معهم .
هزت راسها ورجعت دخلت المطبخ على نية انها تدق عليه وغايتها تتطمن على صحته ..!

***



متمدد في فراشه الوثير ومغمض عيونه ..
ينتظر متى يجي الصبح حتى يروح يشتري علاجه اللي مايقدر يرسل احد يجيبه ..
سمع جواله يدق ورفعه يطالع من المتصل .
فتح عيونه وهو يشوف الشادن يتصل بك ..
حط الوضع صامت وعلى شفاهه ابتسامة تعجب ..!
"اكيد قال لها احمد اني تعبان وانشغلت بي ..
ياقلب هالبنت "
وقف تفكيره عنها وصوت جواله يدق مرة ثانية ..
ويعيد نفس الحركه ويحطه صامت ..
اهتمامها فيه يثيره ..!
يسبب له حالة انسجام غريبة ..!
يحس باحتواء عمره ماحسه ولاشعر فيه قبل يعرفها ..!
فيها جاذبيه تحسسه بانتماؤه لها غصب ..!
فتح الخط وهو يشوف اتصالها الثالث بإلحاح ...
قال بهدوء : الو ..
ردت بلهفه وزعل وحرج : هلا عماد .. كيفك الحين .. قالوا لي انك تعبان .
تنهد وهو يمسد شعره بيده اليسار ويده اليمين ماسكه جواله على اذنه قال : بخير .. انتي اللي وشلونك يالزعلانه .
عقدت حواجبها رافضة ذكرى امس وسبب زعلها قالت : انا مو مهم .. المهم انت قول لي كيفك الحين .. ؟
التفت على نايف وفهد وهم يتململون مافيهم نوم قال بصوت خافت : شادن تقدرين تطلعين برا ابيك شوي ..؟
ردت ببرود واحباط : بسوي لك فطور وارسله عليك .. مااقدر اخرج من العيال .. بس اذا تبغى شي قوله لي ارسله لك مع الشغاله .
: افااااا وين اللي تغار امس اشوف اليوم ماهمك وبترسلين الشغاله عندي .. ترى محد صاحي غيري .
امتلت عيونها دموع ..
وهي تتذكر خيبتها الكبيرة ..
هي اللي دايماً تلمح له وتبين غيرتها وطلع مايستاهلها ..
قالت بصوت مخنوق ولهجة السخرية واضحة بكلامها : ليه اغار وانا واثقه فيك ..!
حس بكلامها موجوع وقام عدل جلسته قال فهد وهو يرفع يده عن وجهه : ياخي ودك تغازلها لاتغازلها عندنا العزوبية ترى مايجوز .. قوم دور لك مكان فاضي ولا قابل عجوزك وغازل مرتك قدامها كود انها ترضى عليك تراها قبل يومين تشكيك لابوي تقول انك مهملها وماعليك منها ..
ابتسم عماد من فهد قال : الله يصلحك بس ..هذاني احاول فيك على بنت ابومشاري وانت معند ماتبيها ..
سمع شادن تقول بصوت عالي عكس لهجتها السابقه : ياسلام .. وخير ان شاء الله ليه يرفض سارة ..؟
رد عماد وعلى وجهه ابتسامه وهو يطالع في فهد : مايبيها يقول مطلقه ..؟
: واذا مطلقه ..؟ بعدين هو عرف ليه مطلقه عشان يرفضها ولا بس اسم انها مطلقه خلاص مايبيها ..؟
ضحك عماد قال : هههههههههههه والله ياانتي شاطه عشان خويتك .
رد نايف بصوته المبحوح بفعل الزكام والتهاب اللوز : الله يعينك على شادن من بيفكك من لسانها والسالفه فيها سارة .
توسد فهد ذراعه وهو يسمع بكل دقه ..
يبي احد يفتح الموضوع من جديد ..
نفسه احد يقول لا انت غلطان ..
ترى مو مطلقه
تراها بنت بنوت ومحد مس منها شعره ..
يبي من يقول انك لو اخذتها بتكون اول رجل في حياتها .
تراءت له صورتها بلمحه امام ناظره ووغطى وجهه بالبطانية الناعمه وتنهد من عمق مشاعره الجديدة ..
وصله صوت عماد وهو يقول : بالله مادخل بها زوجها ..؟
رفع الغطا عنه منذهل وهو ينقل نظره بين عماد ونايف ..
طلع عماد برا وهو يكلم شادن المندفعه في هجومها على اعتراض فهد على صديقة عمرها ..
قال فهد : هذا وين راح ..؟
رد نايف : ماراح يفتك من شادن بسهولة اعرفها ..
جلس فهد وشد شعره المتبعثر على رقبته باهمال قال : نايف قوم سولف معي .
قال نايف وهو مغمض : والله يافهد مااقدر اتكلم من اللوز تبيني اسمع لك ماعندي اشكال بس اسولف صعب .
ثنى فهد رجوله ولف يدينه حولها قال : اسمع .. ابيك تقول لي كل شي عن بنت ابومشاري .
رد نايف : مو امس مارضيت تسمع مني .. اول ماقلت خلها تنسى سالفة طلاقها سكتني .
: ياخي انت تدري اني متهور وامس كنت طفشان من جدتك .. قوم قوم بالله علمني . .. هي صدق مادخل بها اللي طلقها وليه طلقها ومنهو ..؟
فتح نايف عيونه قال : كل هالأسئلة اجاوبك عليها .. اصبر لين اتعافى وابشر باللي تبغاه . الحين آسف .
سحب فهد اللحاف من عليه قال : وانا وش يصبرني لين تتعافى ..؟ فز كلمني .
جلس نايف وسحب البطانية ورجع تمدد وضم اللحاف عليه قال : خطبها واحد من جيراننا القديمين .. المهم ابو مشاري زوجه على اساس معرفته باهله والرجال طلع داشر ..
قاطعه فهد : داشر وشلون راعي مخدرات ولا بنات ولا وشو …؟
: شاذ والعياذ بالله .. المهم الرجال الحين في السجن واهل سارة رفعوا عليه قضية والمحكمة طلقتها منه .. خلاص ..؟
: لا مهوب خلاص .. هي … سكت ورجع يعيد صيغة السؤال بتروي .. اقصد هي ماكانت تبيه يوم تطلقت ولا اهلها غاصبينها .
جلس نايف قال لفهد بتفهم : اللي عرفته من اخوها وامي انها صلت الاستخارة وعافته وعافت سيرته ..
قاطعه فهد باهتمام : وانك تقول خلها تنسى سالفة الطلاق اكيد انها زعلت عشانه ..؟
: لا مااقصد انها زعلت .. بس شي طبيعي ان البنت طالعه من مشكلة خطوبة وملكة ثم طلاق والحادث ونفسيتها دمار اكيد ان الوقت مو مناسب الحين انك تفكر تخطبها .
حك فهد شعره وزم شفايفه قال بخيبه : صادق .. اخخخخ بس .. لولا سالفة الطلاق ذي كان يمديها هانت .
اخذ نايف علبة المناديل وسحب واحد مسح به خشمه قال : فهد ابعد عني لااعديك ..
اندس فهد في لحافه وهو يقول : نام نام بس قبل لايجي الظهر ثم ينكد ابوي علينا وحنا ماشبعنا نوم .


***

وصل لبيت الشعر وهي تكلمه عن سارة وخالد وانها هي اللي طلبت الطلاق وعافته من سمعته وسلوكه الشين ..
قال وهو يعدي من وراه لشجرة التين الذابلة بفعل الشتا والبرد قال : اصبري اصبري .. انا وش ابي في سارة الحين .. قلعة فهد اخذها ولا مااخذها انا اللي عليّ سويته ونصحته وماقصرت عليه . خلينا فيك انتي . ماودك تشوفين المزرعه تراها اكبر من مزارعنا اللي في الديرة .
سرى بجسدها حرارة وفترت عظامها ..
ثنت رجولها وجلست في المطبخ وهي تحاول تثبت الخصلة المتمردة على وجهها بحرج وتوتر ..
قالت : بعدين اشوفها .. بلعت ريقها وكملت تبي تنهي المكالمة المتعبه
: طيب .. تبغى شي قبل مااقفل ترى المكالمة على حسابي وخلاص راح اوصل الحد الإئتماني .
لف شاله الصوف على راسه زين قال : وكم حدك اللي انتي خايفه توصلين له ..؟
: خمسمية ريال ..
: اذا قفلتي ارفعيه الحين لألف .
: لا ليه ارفعه .. بتروح كلها رسوم وانا ماكلمت ..
: اجل انا ماعلمتك ان الجوال بيشتغل في الديرة خلال شهر .
شهقت قالت : والله صادق ..
: ايه صادق ان شاء الله .. اقول شادن سوي لي فطور وجيبيه لبيت الشعر عجلي عليّ … انتظرك طيب .. ؟
عقدت حواجبها قالت : خلاص يجيك الفطور بعد شوي …
: ان كان بترسلين الشغاله لاتتعبين نفسك .
رفعت حاجبها الأيسر قالت بزعل : ماراح ارسلها . بس ماقلت لي تحس بشي الحين ..؟
ارتسمت على ملامحه ابتسامه لها عدة مغازي ..
فرحة باهتمامها ،
تعجب لسؤالها وهو شاك انه سبب زعلها ،
وناسة لأنها تغار عليه ،
والأهم لأنه راح يشوفها وهي تجيب الفطور ..
قال بمكر : ايه تعبان تعالي تطمني عليّ …
حاولت تلملم حروف ترد بها عليه ..
وتبعثرت كل الحروف ..
يرهقها باسلوبه ..
ويحرجها
امس جارحها وقاهرها ومع هذا تنقاد له وتتبعه وتدوره ..
ضاع الرد بين زوايا عقلها المرتبك وتفكيرها المتوتر وآثرت السكوت ..
اتسعت ابتسامته لحرجها قال : زين زين يالله انتظرك لاتطولين .
رمت حاضر على شفتها وسمعها بهمس وقفلت ..
تحركت من مكانها حين وصلها صوت جدتها واحمد وهم يمشون في الصاله باتجاه باب البيت وطلعت لهم قالت : فين رايحين ..؟
ردت ام ناصر بهمه : بروح اشوف عماد آكلني قلبي عليه وانتي البسي جلالتس والحقينا شوفي رجلتس يحتاج شي .
ردت شادن بابتسامه حنونة ومطمئنة لجدتها : دوبني كلمته الحين وان شاء الله انه بخير .. بس بسوي الفطور والحقكم .
قال احمد : لاتسوين حليب ترى عماد وصى العامل يجيب له حليب نياق .. ماادري وش سالفته مع حليب النياق اول ماكان يحبه ومن امس وهو طايح فيه .
ردت ام ناصر وهم يطلعون من الباب : ياوليدي حليب البل ( الابل ) زين وكله فوايد .
طلعوا من البيت وقابلوا ناصر اللي توه قام من المصلى المخصص في المزرعه يقرأ قرآن لين تطلع الشمس كعادته بعد كل صلاة فجر .


***

صلت الفجر ووقفت على باب غرفتها تنتظره يمر بعد النقاش الطويل العريض اللي درا بينه وبينها ..
شافته ينزل بثوبه الابيض وشماغه وعقاله في يده قالت سارة وهي تحاول تثبت خطواتها بعكازها وتسيطر على مشيتها : مشمش .. استنى .
التفت عليها بعيون منفخه وصوت ثقيل من اثر النوم قال : سارة ماني رايق لك ..
ابتسمت وقربت منه قالت : يهون عليك تحسسني بالذنب وانا احس انك زعلان .
لبس طاقيته ورمى شماغه على راسه بمهارة قال : ماني زعلان ولا شي .. اصلاً انتي اش عليك فيني ازعل ولا ماازعل .. خلي قراراتك تنفعك .
قالت بتعب من الوقفه : تعال خلني اكلمك .
رد عليها بحزم ولهجة حاده : موضوع امس انتهينا منه .. انا مو موافق اذا رأيي يهمك .. شوفي ابوي وامي شاوريهم .
: شاورتهم امي تقول عمل خير وتؤجرين عليه … وابوي يقول بكيفك وانتي حرة .
عطاها ظهره ونزل من الدرج قال بصوت عالي : وانا اقول لا والف لا .. تتركين وظيفتك وتشتغلين بدار الايتام ومجاناً لااااااااا .
وقفت على راس الدرج زامة شفايفهاقالت : ليش تمنعني من عمل الخير . .؟
: مامنعتك انا قلت رأيي .. عمل الخير تقدرين تخصصين جزء من راتبك لهم اعانه ، تبرع ، هدية ، صدقه ، سميها اللي تبين .. المهم مو تتركين وظيفتك وتقابلينهم .. فيه ناس متخصصه في المجال هذا .. وانتي ساعدي بالمادة ولك عليّ اوديك كل اسبوع لو تبغين .
وقف وطالع فيها زين قال : فكري .. لو تركتي الوظيفه واخذت مدرسة ثانية مكانك وراتبك اللي بيصير لها ماراح يستفيدون منه الايتام اذا مافكرت فيهم .. بس انتي لو عطيتيهم من راتبك راح يستفيدون … وترى لو توظفتي في الجمعيه مجاناً يمكن تقطعين رزق وحده من اللي يدورون وظيفه وتروحين عليها فرصة راتب اذا فيه متبرعه تمسك مكانها مجاناً .
طلع بعد كلامه وسكر الباب بقوة وهي واقفه على الدرج ..
مقتنعه ومحتارة ..
كلام مشاري مقنع لدرجة انها ممكن تتنحى عن الفكرة .. بس الرغبه بداخلها انها تقرب من الأيتام وتمد لهم يدها تمسح دموعهم وتمسح على روسهم وتضمهم تلح عليها بجنون ..
ورغبة ثانية هي البعد كلية عن جو التدريس والذكرى اللي راح تهاجمها في كل درس تحضره وتشرحه حتى وان غيرت مدرستها ونقلت من السبيل ..!
رجعت لغرفتها تمشي وهي تتركى على عكازها بتوجس وحذر خشية الطيحة وشادن في مخيلتها لو كانت فيه يمديها ساعدتها على التفكير ووجهتها الوجهه المقنعه اكثر .. اما أيدتها ولا منعتها بححج وأساليب مقنعه ..
ولو فاطمة .. زفرت بآهه موجوعه ورفعت نظرها للسماء وابتهلت آللهم أرحمها وأسكنها فسيح جناتك
آللهم باعد بينهن وبين خطاياهن كما باعدت بين المشرق والمغرب
اللهم نقهن من الخطايا والذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
اللهم اغسلهن بالثلج والماء والبرد
اللهم أبدلهن داراً خيراً من دورهن وأهلاً خيراً من أهلهن
اللهم اجمعنا وإياهن في مستقر رحمتك



***



خلصت الفطور بمساعدة فوزية اللي صحت من بدري عشان عيالها مزكمين ..
وراحت استبدلت قميصها القطني العادي بتنورة جينز اسود مطرز على الفخذ وبلوفر صوف ثقيل بياقه طويلة لونه رمادي ..
اخذت جلالها الطويل وحطته على راسها وغطت وجهها فيه احتياطاً اذا احد صاحي من العيال ، وعدت لبيت الشعر والشغاله وراها تشيل صينية الفطور ..
دخلت على جدتها وعمانها احمد وناصر حول منقل الجمر وهو ماله اثر بينهم ..
سلمت عليهم وصبحت عمها ناصر بالخير وجلست مقابلة لهم وهي ترتب الفطور على السفرة ..
قالت لعمها احمد بصوت واطي : عمي عماد فين ..؟
رد احمد وهو يدفي يدينه بحرارة الجمر : ماادري من يوم جينا مالقيناه ..
دخل عليهم عماد عليه فروته وشاله الصوف لافه على راسه قالت جدته بلهفه : عْمَاد يمه وشلونك الحين .. تونس شي ( تحس بشي )..!
عدى من عندهم وجلس بجنب شادن قال : لا الحمد لله مافيني الا العافيه . قرب من شادن ولفها بطرف الفروة وغمرتها ريحة العود المعتق المختلطة بريحة النار وفترت عظامها وبردت اوصالها ..
قال : لاتجفلين يالشادن ابي اغطيتس عن البرد .. شوي وتتجمدين في هالمربعانية ( المربعانية ايام في الشتاء يكون البرد فيها في اوجه )
بلعت ريقها ورفعت راسها لاحمد اللي قال : شادن تعرفين وش معنى اسمتس . ؟
رد ناصر باهتمام وبدون مايدقق في حركة عماد : الشادن الغزال ليا انفطم عن امه واجذوذع ( صار جذع ) .
ابتسمت لعمها بخدود متوهجة احراج وخجل قال احمد : من اللي سماك الاسم هذا ابوتس الله يرحمه ولا ذوق الوالده .
ردت وهي تحاول تنزل الفروة عن اكتافها وعماد يردها عنوة وعمد قالت : ابوي الله يرحمه هو اللي سماني الاسم هذا وامي اختارت اسم نايف .
دق جوالها في جيبها وطلعته وهي محرجه وشافت اسم نايف
ردت عليه بصوت واطي ومخنوق من الاحراج ..
: هلا نايف ..
رد عليها بصوت مبحوح : هلا شادن انتي فين من امس .؟ واش هذا النوم من العصر للفجر الله لايبلانا .
تذكرت اللي صار امس وطالعت في عماد بنظرة عتب فهمها على طول قالت : كنت تعبانه ونمت .. اش فيه صوتك ..؟
: تعباان .. الحمى كسرت عظامي وامي ماشفتها بالله روحي صحيها بشوفها قبل انام .
وقفت وهي تقول : امي مانامت الا متأخرة .. عندك دوا .. ولا اجيب لك ..؟
مسك عماد يدها ووقفت بمكانها قال : خليه يجي يفطر اذا مانام للحين .
قالت لنايف : عماد يقول لك تعال افطر معانا احنا في بيت الشعر .
: من عندكم ..؟
: جدتي وعمي ناصر وعمي احمد ..
: طيب دوري لي عصير ليمون الانفلونزا هالكتني .
عضت شادن على شفايفها قالت : مافيه ليمون في البيت .. عيال عمتي تعبانين وشكله راح عليهم . بس انا عندي بندول كولد آند فلو بجيب لك منها .
قال عماد وهو يوقف : خليه يجي يفطر وانا بروح اجيب له ليمون .. اخذ له قطعة عيش صامولي دهنها بلبنه ووقف وهو ياكل منها لقمه ..
قال لشادن : امشي تعالي ابيك برا .
قبل ماتعترض وترد تكلمت جدته : لاتروح انت تعبان خل احمد يخدمك
.
رد وهو يعطيهم ظهره : لا انا اصلا لازم اروح اشتري علاجي محد يعرفه غيري .
زفرت ام ناصر وقالت برجا واعتراض : الله يكفيك شر هالعلاجات اللي ماتصبح وتمسي الا عليها .
رفع احمد حاجبه قال : هو ليه مايروح يسوي فحوصات ترى سرطان القولون منتشر هالأيام الله يكفينا شره .
رد ناصر : اعوذ بالله فالك ماقبلناه .. ان شاء الله مافيه غير العافيه ..
كانت واقفه مكانها معترضه ومحتارة تروح ولاترفض ..
مر وقت قصير وسمعت صوته يناديها : شااااادن ..
طلعت تمشي بخطوات سريعه اول ماشافها مسكها بيدها وسحبها ورى بيت الشعر ناحية جدار المزرعه قال : علميني وش اللي زعلك امس ..؟
تجمع الدمع بعيونها .. وزفر وضرب برجله على الارض قال وهو صاك اسنانه على بعض وعصبيه حاول يكبتها : لاتبكين ..
انهال الدمع على خدودها قالت : ليه ماابكي وزوجة عمي تمشي وتفضح فيني بسببك .
فك الشال عن راسه ورجع لفه من جديد وزم شفايفه قال بأمر وصرامه : وش قالت عنك ..؟
شهقت قالت : عماد انا ماابغى ادخلك في سوالف الحريم .. بس وش ذنبي ليلى تشكك في شرفي وتقول انك تنتظرني اكمل سنه عندك ....
قاطعها : التافهه هذي منين جابت الكلام هذا ..؟
غمضت بقوة على الدموع اللي غرقت عيونها قالت : اسأل نفسك .
كان يتأمل وجهها ..
جبينها ناصع والشمس تنعكس عليه ..
وخشمها وجفونها وخدودها مكتسية بقع حمرا ..
طلع لها مجموعة مناديل مطبقه من جيب قميصه قال : مسحي دموعك واسمعيني .
اخذت المناديل ومسحت وجهها وهي ساكته ونظرها للأرض ..
مسك يدينها الثنتين وضم عليها بقوة وهو يقول : اسمعي ياشادن انا بقول لك كلامي هذا وماراح اعيده .. وابيك تصدقينه ولاتصدقين غيري ..
رفعت له راسها وطالعت فيه بعيون باكية ..
وبلحظة فك يدينها ولف يدينه حول اكتافها وضمها ودفن راسها في صدره وهو يقول : اقسم بالله ياشادن من يوم دخلتي بيتي زوجة ماكلمت احد عن حياتنا .. التافهه هذي يمكن احمد علمها عن كلامي ايام ماكانت جدتي تحاول فيني اخطبك ..
ماابيك تصدقين اني امسك بكلمة ولااسمح لاحد يتجرأ ويتكلم عليك ..
انا اذكر مرة ان احمد قال طاوع امي ولاتقهرها قلت ماابي الزواج وان اخذت البنت ارضي جدتي اخاف اخليها سنة ثم اطلقها .. بس هذا اللي صار .
رفعت راسها ورجع يلمه على صدره قال : الكلام سهل ياشادن .. لكن الفعل صعب .. انا لوبيدي عطيتك حريتك الحين قبل شوي لأنه حرام تعيشين مع واحد مثلي .. بس مااقدر ..
ضمها عليه اكثر وكمل : والله مااقدر ياشادن .. انتي ماتدرين وش انتي بالنسبة لي انا .. تنهد ونفخ بقوة قال : انا مااتخيل اني اكمل باقي عمري بدونك .
رفع راسها وطالع في عيونها بعمق قال : تراني ماقلت لك الكلام هذا الا بعد كلامك لي في السيارة امس .. لكن سألتك بالله ياشادن متى ماحسيتي انك تبين تعيشين حياتك لاتترددين لحظة وحده .
استرخت كلها على صدره قالت : عماد انا ماابغى اعيش حياتي الا معاك انت .. تكفى عماد لااسمع الكلام القديم ولاسيرته .. اوعدني الله يخليك .
: ان شاء الله ماتسمعينه ..
قطع كلامه وهو يسمع نايف يتنحنح بصوت عالي ويكح ..
بعدت عنه وقالت : بروح اجيب لنايف الدوا ولو اني ماابغى اقابل زوجة عمي .. اووف اكرهها .
ضحك بصوت واطي وقلدها : اووف اكرهها ..
قال بصوته الطبيعي : روحي جيبي لاخوك الدوا .. ضحك وكمل : وسوي لي كبتشينو ..
عقدت حواجبها وهي تتذكر ليلى وغمضت بعيونها قالت : لاعماد عن جد اجيب لك ..
: ايه والله سوي لي على بال ماالبس ثوبي وشماغي .
هزت راسها وراحت للبيت بسرعه محملة بروح جديدة ومشاعر نقية ماتشوبها شائبة حزن او خوف . .


***



وبعد ايام ثلاثه في المزرعه ..
واقف على باب المجلس ويدينه على اطراف الباب
ماراحت السالفه من باله للحين ..
ضرب برجله على الارض بتوتر وهو يتذكر ان امه بتمشي لخاله اللي ساكن في الطايف .. وهو وراه مشوار لعزيمة واحد من اصحابه في الطايف ..
مافيه فرصه يكلمها في الموضوع بهدوء الا في السيارة وهو مايبي يروح لخاله اللي كل ماشافه كل تعال املك لك على وحده من بناتي ..
مستحي يقول لا ماابي من بناتك ويزعل خاله وخايف انه يوافق ثم يتوهق ..
قال بندر وهو يتذمر : انا مواعد لي رجال في الشفا بعد المغرب ... وش السواة ..؟
قال فهد : خلاص روح في طريقك وانا اوصلها .
رد بندر بحماس : جزاك الله خير .. بس مشوارك ..؟
عقد فهد حواجبه قال : مشواري اقدر الحق عليه بس انت اللي ترجع امي ..
ابتسم بندر قال : وش هالكرم الحاتمي .. روح ياشيخ الله يوفقك ويريح بالك .. على فكرة ترى محد بيروح معك الا امي وخالد .
: خالد وش يدور ..؟
: خله يروح يبي عيال خالي وهنا مافيه احد في سنه .
: الله يعين ..
لبس فروته وتلثم بشماغه قال لخالد اللي جاه يمشي : خالد ارجع ازهم امي قول اني انتظرها في السيارة .
قال خالد باستغراب : انت اللي بتودينا ..؟
: ايه انا عجل ..
راح للسيارة وبعد دقايق قليله كانت امه راكبه في المقعد الخلفي وهو وخالد في الأمام ..
تنحنح وتأهب للكلام اللي حس ان مقدمته صعبه على امه ..
قال : يمه تذكرين اهل ابو مشاري جيران نايف وامه .
قالت امه وهي تقرب من مقعده : ايه ياوليدي اذكرهم .. اجوادٍ (ن) محد ينساهم .
اخذ نفس عميق قال : سألتي ام نايف عن بنتهم اللي صار عليها حادث وشلونها .
: ايه سألتها تقول ان شاء الله انها بتطيب .. يدها ورجلها متكسرة وتقول انها بدت تمشي على العكاز .. ياوليدي رحمها ربي يوم حطك في طريقها .
قال فهد وهو يجر في كلامه ويدور مدخل لسالفته : تدرين ان اخوها منقهر مني يوم شلتها وشاف دمها عليّ ...
قاطعته امه : اعوذ بالله من الشيطان وش يقهره وانت لولا الله ثم انت يمديها مع درب زميلاتها .
: لا يايمه مهوب اجلها .. وربي كتبني في طريقها وجعلني سبب في نجاتها يمكن من مشاكل اكبر من الكسور .. الا وش تعرفين عنها انتي ..؟
: بنيةٍ(ن) ساترها الله . وشو له تنشد عنها ..؟
غمض عيونها قال : ابيتس تروحين تخطبينها لي انتي وابوي .
: وشووو ..؟ انت صاحي ولا مجنون .. البنت مطلقه ماكملت شهرين .
عض على شفته " هذا اللي كان متوقعه " ..
قال خالد باندفاع وتعصب مراهق : والله ماتاخذ المطلقه وانا حي .. اكثر لاكثر الله بنات خلق الله ..
دفه فهد بأطراف اصابعه قال : انكتم انت واذا هرجك احد ولا وجه لك كلام تعال افزع ..
قال خالد : اخطب وضحى بنت خالي سعد .
رد فهد بعصبيه : اصصصصصصص لاتفتح فمك الا اذا قلت لك .. ووالله والله ياخالد لوطلع هالكلام لمخلوق اني لاشغل العقال في ظهرك .
سكت خالد قال فهد لامه .. : يمه انتي تدرين وش سالفة طلاقها .
: وانا امك علمتني ام نايف مير انا ماابي الناس تقول ولدهم باير مالقوا له الا المطلقه .
: بسم الله الرحمن الرحيم .. يمه الله يخليتس لي انا اللي ابي اعرس ولا الناس .. بعدين البنت هي اللي طلبت الطلاق ثم الرجال مادخل بها .
ردت امه منهية الحوار وبحسم : ولو ولو اسمها مطلقه اسمع كلام خالد وخلني اخطب لك وضحى .
: اجل لاعاد تفتحون لي سيرة العرس . هذاني قلت لكم اخطبوا لي وعييتوا ( رفضتوا ) .
: ياوليدي قلوا بنات الخلق .. عز الله ان خالد اعقل منك .
التفت فهد لخالد وهو يتباهى بابتسامه على وجهه من كلام امه قال : والله لولا خوفي من ربي واخاف ان امي يصير لها شي لاخليك في هالخليان لين تتوب ماتتدخل في احد .
ساد الصمت في السيارة مايقطعه الا تأفف فهد الدال على ملله وضيقة خلقه ..


***


"خلاص اقتنعت ..! بس فكها شوي ترى الزعل مو لايق عليك "
قالته سارة لمشاري وهو يفرش اسنانه قبل يدخل ينام ..
قال وهو يحرك الفرشة بسرعه في فمه : ترانا حددنا زواجنا انا وريهام في اجازة عيد الاضحى .
شهقت بصوت عالي قالت : ايييش .. ؟
غسل فمه وتمضمض اكثر من مرة وسحب له منديل قال : اللي سمعتيه .
: خير ان شاء الله مسرع ..؟ وانا ماعليكم مني .. نسيتوا اني بالجبس لسه ..؟
: انتي ان شاء الله كلها شهر وتفكين الجبس والزواج بعد شهر ونص تقريباً ..
عقدت حواجبها قالت بزعل : اصلاً انت حاقد عليّ عشان سالفة الشغل وتبغى تقهرني . ياخي قلت لك خلاص بطلت واقتنعت بكلامك .
مشى لغرفته قال : انا ماني زعلان بس انتي قاهرتني اذا ماتفكرين بقراراتك .. ماكفاك تهورك وموافقتك على خالد . هه شوفي وش جنيتي ..؟
ليش يامشاري تخدش الجرح وهو لسه ينزف ..؟
بهت لونها وفترت ملامحها ..
قال مشاري بندم : اوووه سارة انا آآآسف والله مااقصد اجرحك .. بس ابيك دايماً تفكرين مليون مرة قبل ماتتخذين أي قرار بحياتك .
حاولت تلف بتطلع مع باب غرفة مشاري وتعثرت وطاح العكاز وطاحت ..
جا مشاري بسرعه وساعدها لحد ماوقفت قال : سارة لاتزعلين مني ترى مو قصدي ....
رفعت يدها يعني خلاص وهزت راسها وهي تمشي بتركيز وهدوء لحد ماوصلت غرفتها ..
ماصدقت تتجاهل الموضوع وتنساه في زخم الأحداث اللي صارت ..
وجا مشاري ونكأهـ ونثر اوجاعه على صفحة ايامها من جديد ..
رجعه وكأنه امس مو قبل اشهر ..
جلست على سريرها ودموعها تتجمع بعيونها وحلقها مخنوق .
ماتبي من الدنيا وفي هاللحظة الا فاطمة او شادن ..
فاطمه مستحيل ..
لكن شادن مو مستحيل خاصة انها كلمتها اكثر من ثلاث مرات وهي في الطايف ..
اخذت جوالها ودقت على شادن تلوذ بها عن الذكرى ووجعها ومرار واقعها اللي تعيشه ومسمى مطلقه اللي تعتبره كابوس تصحى منه عليه ..!!


***



جالسات في الصاله حقت البيت الصغير المنزوي في المزرعه الكبيرة ..
ام ناصر منسدحه وتسبح ..
وحولها ام نايف وشادن وحليمه وفوزية وليلى ..
ومنال وحنان جالسات عند التلفزيون
قالت ام نايف لشادن وهي تضم شهد على صدرها : الله يرحم ندى .. كل مااضم شهد اتخيل اني اضمها .
قربت شادن من امها قالت بحنان : يمه الله يخليك لاتفكرين بالأشياء اللي تحزنك .
ردت امها بهمس : ياحبي لشهد .. محد يلوم عماد والله .. بسم الله عليها ذكية وعقلها اكبر من سنها .
التفتوا بسرعه لليلى اللي ضحكت بصوت عالي من المسج اللي وصلها قالت باحراج : هههههههههههههه اقرا لي نكته بس ماتصلح لكم .
قالت حنان وهي قاعده ومتغطيه ببطانيتها وتطالع في مسلسل صعيدي ينعرض على قناة ابوظبي : انتي اصلاً كلتس على بعضتس ماتصلحين لنا .
ردت ليلى : طبعا مااصلح لكم انا غير عنكم يابدويه ياجاهله ياللي حدودك مدرستك وبقالتكم اللي بجنب بيتكم ...
قالت حنان بتقزز : ياربييييييييييه يالحضرية .. انا بدوية ومحتفظة باصلي وديني مو مثلتس .
قالت منال لحنان بلهجة حادة : حنان خلاص احترمي جدتي و خالتي ام نايف وحليمه وعمتي .
حذفتها شادن بعلبة المنديل وهي تضحك وتقول : يادبه وانا ماتحترمني .
قالت منال بمرح : خلاص احترمي خالتي شادن .
وقفت حنان قالت بجديه عكس مرح حنان وشادن : هي متى تذلف لاهلها ونرتاح .
قالت فوزية : حنان زودتيها عاد .
عقدت حنان حواجبها ووقفت قالت : خلاص سكتنا .
جلست ام ناصر بملل وقالت : شادن يابنيتي قومي معي وديني لعيالي في مجلسهم .
وقفت شادن وساعدت جدتها على الوقوف ولفت جلالها عليها وطلعت معاها للمجلس القريب من البيت ..
دقت الباب ووقف احمد اول ماسمع صوت امه واخذ يدها ودخلها ..
قال لشادن قبل ترجع : تعالي مافيه احد غريب عمانتس ونايف وعماد .
كان عماد مسند ظهره على المسنده وراه ..
اول ماشافها عدل جلسته متفاجيء قال : تعالي هنا ..
اشر لمكان بجنبه وجلست باستحيا وعلى وجهها ابتسامه خجوله ..
شافت كيس الأدويه بجنبه قالت بهمس : كيفك اليوم ..؟
التهمت نظراته وجهها قال بشغف : بخير .. انتي وشلونك من امس ماشفتك .
ابتسمت بحرج قالت : انا كمان بخير ...
سحبت كيس الدوا وطلعت الأدوية قالت : عماد طلبتك لاتاخذ الانترفيرون ترى سمعت انه يسبب اكتئاب .
اخذه من يدها قال : وش سمعتي عنه بعد ..؟
التفتت لاحمد اللي انقذها من احراج الاجابة وهو يقول : ابو مشعل نبي آخر قصيدة كتبتها ..
قال فواز وهو يرشف من حليب النياق قدامه : فكنا من الحزن الله يرحم ابوك .
ابتسم عماد وطالع في شادن قال : هذي جديدة البارح كاتبها ..
تنحنح وقال :
في عز ما كنت اهوجس فيك وأفتح لك
أبواب قلبي خذتني رجلي لبابك
وجيتك وأنا ما اذكر اني كنت رايح لك
بس أذكر اني كذا لا طول غيابك
يا ما ترددت مدري كيف بشرح لك
أجيك وأرجع ابيك تقول وش جابك
يا ابن الأوادم ترى مليت ألمح لك
أنا اعزك وأحبــك وأعشــق ترابك
لا ضقت أضيق ومتى تفرح أنا أفرح لك
ولا غبت أموت ومتى ما شفتك أحيا بك
ان كان ودك ترسيني على كحلك
لميت عمري وخاويتك على اهدابك
لكن قبل تنجرف حبيت اوضح لك
مستقبلي في يدينك..واعمل حسابك
لو ضاع مستقبلي مانيب سامح لك
يكفيني الماضي اللي ضاع بسبابك

وسلامتكم .



كانت تتأمله ..
وجد عيونه وهو يناظرها ويصد ..
وشوق يدينه وهو يحركها
وعشق قلبه وشفايفه المترجمة له ..
سمعتها حرف حرف ..!
كلمه كلمه .. !
ارسلها من قلبه لقلبها ..
طالعت فيه ورمقها بنظره فهمتها ..
وصلت لعمق قلبها وترجمها احساسها ..
" ايه انتي المقصودة .. "
قالوا كلهم : صح لسانك
ورد : صحت ابدانكم .
قال نايف : هيضتنا ياابو مشعل .
طالعت شادن في نايف باستغراب وسكتها بعيونه وقال وهو يضحك باستهبال : تبين حليب نياق ...؟
فهمت انه خايف من لقافتها قالت : لا لا شكراً ماحبيت ريحته .
قال عماد : صب لها بياله والله لتشربه مثل مااشربه وانا مااحبه .
ضحك احمد قال : بالله انك لتقول لنا قصيدة البحر ..
رد عماد : فواز مايبي حزن .. وجدتي ماابي اكدر عليها قد سمعت مني قصيده تشبه لها وبكت .
قال احمد : اذا امي بتبكي اجل فكنا منك انت وقصيدك ..
وصلهم صوت فهد وهو يقول بصوت عالي : هيييييييي يااااولــــد .
فزوا عماد ونايف قال عماد بصوت عالي : ارجع وراك .
قال فهد بنفس صوته : وين ارجع ماوراي الا البرد اللي يقطع القلب .. من عندك .
طلع له عماد وهو يقول : ياخي مرتي فيه ارجع لين تطلع .
رجع فهد وراح للمغاسل وطلعت شادن ونايف يمشي معاها وهي متغطيه بجلالها الطويل الضافي على جسمها ..
قال نايف قبل ماتدخل : شادن تعالي .
وقفت شادن ورجعت بعد مالاذت عن فهد بنايف لحد مادخل ..
قال : ابي اسألك سؤال وجاوبيني من دون أي نقاش .
مسكت بطنها خايفه يكون سمع شي من كلام ليلى ولا وصله من احمد شي ..
قالت : اسأل ..!
قال : شوفي تراني نبهت عليك ماتناقشين .. اوكي .؟
: اووه نايف اسأل ترى ارهقتني ..
طلع المنديل المطبق في جيبه وفتحه وطلع شعرة طويلة من بين طياته : قال الشعره هذي لمن .
فتحت شادن فمها قالت : صدق انك ماتستحي . اش هذا وكيف تتجرأ .
سكتها بسرعه : اسكتي وقصري صوتك .. هذي الشعرة سبب الحمى اللي جاتني ..
تأملها على النور الصادر من اللمبة المثبته في جدار البيت وتطل على المزرعه ..
قال : الشعرة هذي جننتني وبصراحه انا شاك في راعيتها .. امي كانت تمدح لي منال بنت عمي ناصر .. وتقول شعرها طويل واول ماشفت الشعره هذي عند المغاسل تخيلت انها لها .. بس من جد فيه حرمه في الدنيا شعرها هالطول .
: من قال لك انها لمنال .. يمكن تكون لوحده من حريم عماني .
رجع الشعرة في المنديل .. وهو معقد حواجبه قال مستبعد الفكرة : لا لا زوجة احمد وشفتها شعرها قصير ..
فتحت شادن عيونها وكمل نايف : وزوجة عمي فواز شعرها موطويل لأن عمي فواز سحره الحرمة اللي شعرها طويل ..
وام فهد حرمة كبيرة وماتنزل طرحتها ولا برقعها حتى يطيح شعرها عند المغاسل حقت الرجال ..
دخل المنديل في جيبه قال : قولي لي هذي لمنال ولا لحنان . ابي اخطب راعيتها .
ضحكت شادن باستغراب قالت : والله منت صاحي ..!
: اييييييه صح مجنون .. مأجر ذا .. أشر على راسه وكمل : من يوم شفت الشعرة هذي وانا منتهي ومنهبل ومستخف .. ها ماقلتي لي لمن .
ضحكت قالت : خلاص روح اخطب منال .
تنفس بعمق وحط يده على قلبه قال : اشوا ان هذا مادق عبط .. روحي روحي نادي لي امي وخليها تلبس شي ثقيل لاتطلع في البرد بدون شي . ابغى ابشرها قبل اكلم عمي ..
دخلت شادن والفرحه مو سايعتها عشان تنادي امها ..
قبل ماتكلم امها شافتها تمتم بـ : (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ، أعلم أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما وأحصى بكل شئ عدد اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركاه ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم )
طالعت شادن فيها قالت : يمه فيك شي ..
استغفرت امها بصوت واطي قالت : شهد فتشت جوال ليلى ومدري وش شافت والظاهر ان فوزية وليلى تهاوشوا .
عقدت شادن حواجبها قالت : ماعليك فيها .. نايف يبغاك برا ومجهز لك خبر حلو .
قامت امها وهي تلف جلالها على شعرها قالت : الله يجعله خير اش عنده .
حطت شادن اصبعها على فمها بحركه طفوليه تعني ماراح اتكلم ..
وتوجهوا لنايف اللي ينتظرهم على جمر حتى يبلغ امه الخبر ويروح لعمه يخطب منه ..!



***




انتفضت وهي تشوف نورة تدخل شنطتها الجديده والكبيرة والممتلئة بانواع الملابس اللي تخص العروس ..
يعني زواجي من حمود حقيقي ..!
حمود اللي ماحلمت به ولافكرت فيه لو ثانية من عمري او لحظة من حياتي ..
انا بصير لحمود ..
انعصر قلبها بكاء وهي تتأمل الشنطه المخيفه بنظرها ..
هزت راسها قالت بتحدي : انا موب لك ياحمود .. احلامي فوق مستواك .. واجمل من عالمك .. واذا احلامي ماتحققت الحياة مهب لازم .
سمعت العنود تبكي لأن فستانها الحلم ماحصلت عليه ..
قارنت احلام العنود بأحلامها ..
العنود تبي فستان ابيض .. وامي معيّه ( رافضه ) تشتري الابيض تقول الابيض يسمرها زود على سمارها ..
وانا احلامي باختصار كانت عماد ..
وحلمي انقتل بيد عماد ..
العنود تقدر تكبر وتشتري الفستان
بس انا اذا كبرت وشلون اجيب عماد واحييه من جديد .
نزلت دمعتها على خدها وهي تطالع في الباب المقفول ..
حتى لو انفتح ..
يعني بذبح نفسي ..؟
وشلون اذبح نفسي وانا يوم رحت للبير تذكرت ربي وعذابه وعقابه وماقدرت ارمي نفسي في البير رغم ان الموت لحظتها ابرك لي من الحياة وحمود ..
فتحت نورة عليها الباب قالت : نوف ... خالتي ام حمود جات بتسلم عليتس .
تغطت ببطانيتها وغمضت عيونها وطلعت نورة يائسة بائسة ومقهورة من حال اختها ووضعها والوضع اللي ابوها حطها هي فيه ..
الحارس الجلاد ..
تقفل عليها وتجهز لزواجها اللي تشوفه نوف موتها وجنازتها ..
قالت لامها اللي قابلتها : ماتبي تشوف احد ولاتكلم احد ..
وماكان شعور الام افضل من شعور الأخت ..
زاده الخيبة في اول الفرحه وأكبر ضناها اللي المفروض تكون الأعقل والأفضل ..
تمتمت بدعوات بينها وبين ربها انه يهديها ويصلح شأنها ولايتكلها لنفسها طرفة عين ..




***




رفع حاجبه لعماد قال بزعل : امي هي اللي رفضت وانا يوم رفضت ماكنت ادري انه مادخل بها ..
قال عماد باهتمام : طيب انت قلت لها انها ملكة بس وانها هي اللي طلبت الطلاق .
رد فهد باحباط : ايييييه وماعندها استعداد تسمع .
قال ناصر : اذا همك امك ماعليك .. انت اكيد انك تبي البنت ..؟
طالع فهد في ابوه قال بثقة : ايه ابيها .
قال فواز : لا يالظالم متمقل منها ( متأمل فيها ) وهي في دمها .
طالع احمد اللي مافهم من السالفه الا ان فهد اختار البنت اللي يبيها ..
قال وهو يتكي على التكاية ويمدد رجوله: وش السالفه ..؟
وقف عماد ولف شاله الصوف على راسه واخذ فروته قال : الشيخ فهد جاك من جده وصادف له حادث مدرسات واسعف وحده منهن والظاهر انه عشقها .
ضحكوا احمد وفواز قال احمد : وين بتروح ..؟
مس عماد ظهره قال : بطلع امشي شوي في المزرعه واطلق رجولي .. من يبي يخاويني منكم .
قال فواز : اقعد اقعد في الدفا واستتم النعمة .. من اللي بيطلع معك في هالبرد .
رد عماد وهو طالع : قدامي النسيب هو اللي بيمشي معي .
قال احمد : عماد .. تعرف خويي عبدالمحسن ..!
قال عماد : ايه اعرفه الله يشفيه .
رد احمد : الله يشفيك انت .. الرجال تعافى ومابه غير العافيه ..
رجع عماد ووقف مكانه قال : تعافى .. هو ماكان عنده سرطان في الدم ..
: هذي من معجزات القرآن والطب العربي يقولك الرجال راح لطبيب عربي في الاردن واعطاه وصفات طبيعيه ونصحه يقرأ سورة البقرة يومياً ويمسح بها على جسده ويشرب من زمزم .. وشهرين اثنين والرجال زي الحصان .
الأمل وشبَّاكه ..
الحلم وبوادره ..
الحياة بطعمها ولذتها ..
بين ممكن وممكن ..
مقعول في امل ..؟
فيه تحقيق حلم ..؟
تنتظره حياه ممتعه ..؟
ولا صادفت مع عبدالمحسن وحظه هو ماراح يتحسن ..
قال بفرح بالأمل وخوف من التأمل : الحمد لله اللي عافاه واشفاه .. ماشاء الله تبارك الله عسى الله يتم عليه ..
طلع من المجلس وطريقه مابين ابيض وأسود ..
مستقيم ومتعرج
نوافذ مغلقه ونوافذ مفتوحه ..
باختصار
كان يمشي وهو يائس ومتأمل ..
شاف نايف واقف مع امه وشادن وناداه بصوت عالي يبعده عن التفكير والخربطه اللي توهته ..
وجا يمشي عنده ..
اول ماوصلهم قال : يالله اجمعهم على خير . السلام عليكم ..
ردوا السلام قال : مسيتي بالخير ياعمتي .
ردت عزيزة وهي تحط طرف جلالها على فمها وخشمها بخجل : هلا والله مسا النور والسرور .
: وشلونك مع البرد عساك تأقلمتي .
: الله يعين ماني متعودة عليه .. بس الحمد لله على كل حال تغيير جو .
طالع عماد في نايف قال : وش مجمعكم برا ..؟
ضحك نايف قال : مجتمعين على خير وزواج ابشرك .
ضحك عماد بصوت واطي قال : ماشاء الله ماشاء الله .. الا وش السالفه اليوم .. انت وفهد تطامرون تبون العرس .
قالت شادن : فهد بيتزوج .
قال : ايه وافق على بنت ابومشاري .
زمت شفايفها قالت : مااعتقد انها راح توافق عليه .
: افاااا وعلومي امس لك وين راحت ..؟
: قصدك اقنعها ..........
قاطعها نايف : هيييي انت وياها .. لعنبو ابليسك قاعد ابشرك بزواجي تفتح موضوع فهد وزواجه .. ياخي اسأل من اللي راح يتشرف وآخذ بنته .
: ان كان ماني غلطان فخالي ناصر هو اللي بيتشرف ..
رد نايف وهو يقهقه باستهبال قال : انت داهية وحرمتك ادهى منك ..
قال عماد : شادن انقزي جيبي لك شي ثقيل وتعالي امشي معي في المزرعه ..
دخلت شادن للبيت وقالت ام نايف قبل تدخل : نايف حبيبي كلم جدتك قبل ماتكلم عمك حتى تحس انها مهمه وانك لازم تاخذ رايها .. بعدين كلم عمك ولا خلها هي تكلمه لك ..
قال نايف : ان شاء الله ابشري باللي تبين .
: يالله عاد انا بدخل عن البرد .
قال عماد : الله يستر عليك .
ورد نايف : يمه دعواتك لي .
ابتسمت له امه قالت : الله يوفقك ويسعدك ياقلبي .
دخلت البيت وشادن طالعه بجاكيت عمتها فوزية الفرو البني المحروق قال عماد : يالله عن اذنك روح كلم جدتك وعمك وعسى الله يتمم لك .
مشى نايف من عندهم ومسك عماد يدها وراحوا يمشون في الجهه البعيده عن قسم الرجال ..
قال : الله يسعد نايف رجال ويستاهل منال .
طالعت فيه قالت : اش عرفك بمنال ..؟
ضحك عماد من طريقة سؤالها اللي ينم عن غيره قال : ههههههههههه منال اختي الصغيرة لااشوفك تغارين منها هي وحنان .
طالع وراها و لمح قطعة خشب كبيرة في حوض شجرة التين ..
قال : هذا من اللي جابه هنا ..
قالت شادن : ماادري والله .
ربط الشال على راسه وثبته قال : امسكي فروتي بشيله .
رفعها بدون ماينتبه للمسمار في طرف الخشب الا بعد ماانغرس في ساعده وسحبه بآهة معبرة عن الألم ..
جات شادن عنده قالت : اش فيك ..؟
عقد حواجبه وهو يطالع في اثر المسمار على الوريد والدم ينزف لين غطى يده اليمين وضم عليه بيده اليسار ..
اشر لها براسه قال : لاتقربين مني ... روحي جيبي لي مناديل ولا شاش وقطن ...
قالت : معاي بلاستر بجيب لك .
انطلقت شادن ودخلت البيت وطلعت شهد على اثرها ..
نادته بفرح وهي تقول : عماااااااد من الصباح ماشفتك .
كان مكشر بتوجع قال : ارجعي ارجعي لاتقربين مني .
مابين تتقدم رغبة وتتأخر خطوتها تنفيذ لأمره تعثرت خطوتها وطاحت على راسها وصرختها دوت بالمكان امام مرأى منه وهو مكبله دمه ومقيده عن قربها و مساعدتها ..!





***




قراءةٌ ممتعه ارجوها لكم ..

 
 

 

عرض البوم صور اقدار  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ملامح الحزن العتيق, اقدار, قصص من وحي الاعضاء
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t111703.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 01-05-15 07:57 PM
Untitled document This thread Refback 11-12-14 08:55 PM
ط؛ظ†ظ… طھط³ظˆظٹ ط¹ط±ط¶ طھط´ظƒظٹظ„ظٹ ظ…ط§ ظٹط³ظˆظ†ظ‡ ط§ظ„ط¨ط´ط± ط´ظٹ ط®ظٹط§ظ„ظٹ ظ„ط§ ظٹطµط¯ظ‚ This thread Refback 19-08-14 08:07 AM
ظˆط§ظ†ظƒطھط¨ ظپظٹ ط§ظ„ط¹ظ…ط± ظƒط°ط¨ط© liilas This thread Refback 15-08-14 06:02 AM
ط¬ط¯طھظٹ ط¬ط¯طھظٹ ط­ظ„ظˆط© ط§ظ„ط¨ط³ظ…طھظٹ ط¨ط¯ظˆظ† ط§ظٹظ‚ط§ط¹ This thread Refback 11-08-14 07:21 AM
ط¬ط¯طھظٹ ط¬ط¯طھظٹ ط­ظ„ظˆط© ط§ظ„ط¨ط³ظ…طھظٹ ط¨ط¯ظˆظ† ط§ظٹظ‚ط§ط¹ This thread Refback 08-08-14 01:54 AM
ظ…ظ„ط§ظ…ط­ ط§ظ„ط­ط²ظ† ط§ظ„ط¹طھظٹظ‚ ط§ظ„ظ‚طµطµ This thread Refback 07-08-14 10:49 AM
ط®ط±ظ…ط§ظ† ظˆط´ ط§ط³ظˆظٹ This thread Refback 04-08-14 10:43 PM


الساعة الآن 06:19 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية