كانت البداية بالمشاكل
كل المشاكل
تعقيدات ادارية و تهديد بحجب الثقة عن رئاسة لابورتا لبرشلونة
انسحابات ادارية و استقالات جماعية
احتجاجات جماهيرية و حزن كتالوني خييم على المشجعين
لا وجود للامل و لا وجود لمن يكفف دموع الكتالان
حزن و احباط و تشاؤوم
كلها اجتمعت في الصيف الماضي
خسارة كل البطولات التي لعب فيها البرشا
و في غمرة كل هذه الكآبة
ياتي قرار محفوف بالمخاطر
هو قرار تعيين بيب غوارديولا مدرباً لفريق برشلونة
ذلك الشاب الذي لم يدرب غير فريق درجة ثالثة لموسم واحد في حياته
كان عليه تدريب احد اكبر اندية العالم
بل و ان يخرجه من الازمة الخانقة التي وضع فيها
ان يقتل الخراف السوداء في الفريق
و ان يعيد الالتحام لغرفة الملابس
ان يعيد الامل الى الجماهير
و ان ينقذ رأس لابورتا و مجلس ادارته
و ان يعيد مناديل الاعضاء البيضاء الى جيوبها
كل هذا كان على رأس شخص واحد فقط هو بيب غوارديولا
بدأ الموسم بترقب كبير
كانت هناك نتائج ايجابية خلال التحضيرات
جعلت الكوليز يشعرون بالقليل من التفائل
ولكن كانت العودة لارض الواقع بعد خسارة من نومانثيا في اول اسبوع في الليغا
و اداء سيء من الفريق لم يختلف عن اداءه في اخر اسابيع الموسم الماضي
ثم تعادل بائس في الكامب نو امام الراسنغ اعاد المناديل البيضاء لترتفع في وجه لابورتا
وعادت الشكوك تحوم حول قدرة غوارديولا لادارة كفة الفريق
و من تحت كل هذا الركام
خرج لنا البطل من جديد
ليعلن انه لن يستسلم
فيعيد اللحمة للفريق من جديد
و يكثف من العمل و كله اصرار و تحدي للنجاح
بعزيمة كبيرة و بروح البلوغرانا و قوة الشخصية و ذكاء مدرب شاب كان لاعباً رائعاً لفترة طويلة من حياته
عاد البرشا من جديد
فحقق فوز كبير بستة اهداف على خيخون
كانت مثل البركان الذي انفجر بعد ضغط كبير
تلاه انتصار مهم على بيتيس و بصعوبة بهدف جودينسن المهم جداً
ثم فوز مهم جداً و محطة حساسة كانت في موسم الفريق بالتغلب على اسبانيول على ارضه بنتيجة 2-1 في الدقائق الاخيرة
هدف ميسي من ركلة الجزاء في تلك الليلة كان بمثابة الهدف الذي اعاد الثقة للاعبين
تلك الثقة التي كانت مفتاح تفجير اللاعبين لطاقاتهم و اظهار ما لديهم بكل شجاعة و تحدي
فبدأ بعدها الفريق يضرب بقوة
مسجلاً 6 اهداف على اتلتكو مدريد و خماسية في مرمى الميريا و رباعية في مرمى ملقا
استمر الفريق بكل قوة
استعاد اللاعبين ثقتهم الكاملة في انفسهم
استعاد الفريق الهدوء و خمدت نيران الفتنة و الضغط الاعلامي و الجماهيري
كل هذا جعل الفريق يستمر بكل قوة و ثقة و هدوء
محققاً النتائج الايجابية في كل المباريات التي لعبها و باداء ممتع و مقنع
و بغزارة في الاهداف و هجوم كاسح ابهر العالم كله
و برغبة شديد و متجددة و غير منتهية بالفوز و الاكتساح
فكان لاعبو الفريق يلعبون المباريات بكل غل و حماس
وكانهم يريدون الانتقام لانفسهم من خيبة الامل في الموسمين الماضيين
مع كل هذا
فان الشكوك استمرت
فهل سيكون هذا الفريق الذي يفوز باداء و نتيجة و امتاع على الفرق المتوسطة و الصغيرة
على مقدرة كافية لتخطي فرق اسبانيا الكبيرة
هنا كان الامتحان الثاني لغوارديولا
فبدأ الفريق بمبارة اشبيلية على ملعبه الصعب
و بتالق ميسي المرعب في تلك المباراة و بروح الفريق و قوة شخصية لاعبيه
استطاع البرشا تحقيق نتيجة عريضة على ارض اشبيلية ب3-0
فكانت هذه خطوة الفريق الثانية للتقدم
تلاها فوز مهم اخر على فالنسيا و برباعية نظيفة جعلت الفريق يحلم
ثم جاءت مباراة الثأر امام ريال مدريد و التي انتهت بنتيجة 2-0 و جعلت الفارق بين الفريقين الى 12 نقطة في ترتيب الدوري
مما جعل الجماهير تحلم و للمرة الاولى بالفوز بالدوري
بل و تشعر باقتراب تحقيق الحلم
خاصة بعد فوز البرشا امام فياريال على ارض ملعبه الصعبة ب2-1
الاختبار الثالث لغوارديولا كان استعادة قوة الفريق في مرحلة ما بعد اعياد الميلاد و توقف المباريات
وعدم ارتخاء اللاعبين خاصة بعد فاصل ال12 نقطة بينه و بين ريال مدريد
و قد نجح غوارديولا باستمرار انتصارات الفريق و حقق العلامة الكاملة مرة اخرى
ففاز الفريق على مايوركا و اوساسونا و ديبورتيفو و بنتائج جيدة و اداء ممتع و مبهر
و استمر الفريق بهذا النحو بينما استمر الريال بحصد النتائج الايجابية مع مدربه الجديد خواندي راموس
نتائج ريال مدريد و بالرغم من انها اتت مع اداء ممل الى حد ما في كثير من المباريات
الا انها كانت نتائج مميزة ومثيرة للاهتمام
و بالرغم من انها كانت نتائج تحيي امال جماهير ريال مدريد
الا انها ايضاً كانت وسيلة ضغط على لاعبي البرشا خاصة مع اعلام مدريد القوي
فمرت الفترة الصعبة التي دائماً ما تمر على الفريق البطل و التي كانت في شهر فبراير
فتعادل الفريق امام بيتيس و خسر على ارضه امام اسبانيول و خسر خسارة اخرى صعبة امام اتلتكو مدريد
جعلت الفريق يدخل في " مرحلة الشك " خاصة مع استمرار ريال مدريد بسلسلة النتائج الايجابية و حصد النقاط
فاصبح الفارق الى 4 نقاط بعد ان كان 12 نقطة
و عاد شبح موسم 2006/2007 يطارد جماهير البلوغرانا
هنا دخل غوارديولا في اختباره الرابع والذي ايضاً برهن فيه انه قادر على تجاوز كل الاختبارات
فحافظ على الهدوء و اعاد للاعبين ثقتهم بانفسهم بعد ان صرح تصريحه المشهور بعد خسارة الفريق امام اتلتكو مدريد قائلاً
" اشعر اليوم بانني اقرب لان اكون بطل الدوري اكثر من اي وقت مضى "
ذلك التصريح العبقري لغوارديولا اعاد للفريق قوة الشخصية
و اعاد لهم اعتزازهم بانفسهم
فذهب الفريق الى جزيرة مايوركا بهدف الوصول الى النهائي الاول هذا الموسم
و بالتالي الشعور بحقيقة ان كل ما يقوم به الفريق من اداء و نتائج ستتوج في النهاية باشياء ملموسة
مثل الوصول الى نهائي الكأس بعد سنوات من عدم حدوث ذلك وهو ما سيكون كفيل لاعادة الفريق الى الطريق الصحيح
تلك المباراة التي كان بطلها الحارس بينتو
خاصة بعد تصديه لركلة الجزاء بعد خبث و دهاء و تمويه
و اكمال ميسي عمل الفريق بتسجيله هدف التعادل على ارض مايوركا
و ضمان تاهل البرشا الى نهائي الكأس
تلك المباراة كانت بمثابة عودة الفريق الى المسار الصحيح
بكل عزيمة و قوة و اصرار
فعاد الفريق الى الانتصارات ليتوسع الفارق الى 6 نقاط خاصة بعد تعادل ريال مدريد في ديربي العاصمة امام الاتلتكو
ولكن كل هذا لم يكن كافياً لاحباط محاولات مدريد المستمرة في مفاجأة البرشا و سحب البطولة من تحت اقدامه
كما فعلها من قبل في موسم 2006/2007
خاصة مع رهان لاعبي و اعلام ريال مدريد على ارهاق لاعبي البرشا جراء البطولات الثلاث التي يلعبون بها
ولكن و كما ان البرشا يعي تماماً خطورة الموقف
فلم يستكين و لم يتهاون
و استمر بسلسة الانتصارات وهو عاقد العزم على الفوز بالبطولات بكل الطرق
و لم يكتفي بالاهداف الغزيرة في اسبانيا فقط
بل صدر اهدافه لخارج اسبانيا بتسجيله خماسية على بطل فرنسا اولمبك ليون في ثمن نهائي الابطال
و رباعية على بطل المانيا بايرن ميونخ الكبير في ربع نهائي الابطال
الا ان وصلت مباراة فالنسيا التي تعادل فيها البرشا بصعوبة بالغة بعد هدف هنري و جعل الفارق بعد ذلك الاسبوع في الدوري الى 4 نقاط فقط
في تلك اللحظة كان على بيب ان يتجاوز الاختبار الخامس هذا الموسم
و هو تخطي عقبة ريال مدريد في البرنابيو من اجل ضمان اول و اهم القاب هذا الموسم
وهو الفوز بالدوري
و كانت صعوبة الاختبار كبيرة خاصة ان الفريق كان مرهق بسبب كثرة المباريات في تلك الاسابيع
فالبرشا كان يلعب مباراتين كل اسبوع مع فرق قوية و في مباريات حاسمة و في بطولات ثلاث
و مع تشكيلة لم يتغير فيها الكثير من اللاعبين
استطاع غوارديولا الابقاء على امله بالوصول الى نهائي روما بعد تعادله على ارضه امام تشلسي بنتيجة 0-0
و مع ادراك اهمية الفوز على ريال مدريد و تاجيل التفكير بمباراة تشلسي في الاياب
ظهر غوارديولا و فريقه بابهى صور الموسم عندما سحق الغريم ريال مدريد بنتيجة 6-2 على ارضه و بين جماهيره
مسجلاً خسارة ريال مدريد الثانية بقيادة خواندي راموس بعد خسارته الاولى امام برشلونة بالذات
فوز وضع النقاط على الحروف و كان بمثابة المباراة النهائية للفريق في مسابقة الدوري
نتيجة جعلت مشجعي البرشا يخرجون الى شوارع كتالونيا بعد اشهر طويلة من التزام البيوت
ثم كان على غوارديولا النجاح في اختباره السادس الصعب
وهو ابعاد اجواء الفرحة العارمة عن اللاعبين و اراحتهم باكبر قدر ممكن من اجل تخطي عقبة تشلسي الصعبة على ارضه و بين جماهيره
خاصة مع تميز الفريق الانجليزي بالقوة البدنية و اللياقة العالية
و مرة اخرى يتخطى غوارديولا الاختبار بنجاح و يؤهل فريقه الى نهائي الحلم امام اقوى فرق العالم حالياً مانشيستر يونايتد
بعد هدف انيستا القاتل في الدقيقة 93 من المباراة و بعشرة لاعبين لاكثر من 30 دقيقة
هدف جاء بكل عزيمة و اصرار و روح
روح البلوغرانا التي ابت ان تفسد على جماهيرها فرحة الموسم الحالي و اطلقت الكرة بكل حب لتعانق شباك بيتر تشيك و تنتصر لنفسها و للفريق الذي يمثلها كافضل تمثيل
هنا كانت لحظات ملامسة البرشا للبطولات الثلاث من بعيد
و هنا حانت لحظات الحسم
فاستمر الفريق بكل قوة و دون اي استرخاء او راحة
و اثبت علو كعبه على فرق اسبانيا كلها بعد ان سحق بلباو بنتيجة 4-1 في نهائي الكأس
محققاً الفريق اولى بطولات هذا الموسم و واضعاً نفسه كعنوان للامتاع و النتائج و البطولات
فاظهر للعالم كله بان البطولات كما تاتي مع التكتيك الزائد و اللعب البدني و الدفاع الممل
ايضاً تاتي بالهجوم و الامتاع و الاقناع و اللعب الجميل الذي يحبه الجمهور
و بذلك يكون غوارديولا قد اعاد لكرة القدم جوهر معناها الاول بكونها رياضة للاستمتاع و الامتاع و الاهداف
و ليست لعبة شطرنج مملة تحتاج الى الكثير من الخطط و التكتيكات المعقدة
بل هي لعبة انسيابية هجومية متعتها باللمسات و الفنيات و التحرك الجميل و تسجيل الاهداف
و هو ما لا يمنع ابداً الفوز بالبطولات ايضاً و بكل جدارة و استحقاق
و ايضاً تسجيل رقم كبير جداً من الاهداف وصل الى غاية الآن 104 اهداف في 36 اسبوع في الليغا واصبح على بعد 4 اهداف من تسجيله كرقم قياسي في تاريخ الليغا ككل
و بعد هذا الانجاز الاول للفريق بقيادة الداهية بيب غوارديولا
حقق البرشا اللقب الثاني هو لقب الليغا الغالية بعد خسارة ريال مدريد امام فياريال
معلناً ثنائية هائلة بكل استحقاق وامتاع و ابداع و سحر و فن للكتيبة الكتالونية
مع وصول مثير لنهائي الابطال ليلعب فيه البرشا امام اقوى الفرق في العالم
و ليكون غوارديولا امام اختبار سابع هذا الموسم
هو اختبار تخطي الخبير و الكبير السير اليكس فيرغسون
فهل سينجح غوارديولا في اختباره السابع محققاً موسماً تاريخياً ليس فقط في كرة مدينة برشلونة
بل في تاريخ كرة القدم العالمية ككل
ام سيكتفي المدرب بانجازه الاعجازي الحالي بحصوله على لقبين ووصوله الى نهائي اللقب الثالث
بالرغم من انه يدرب لاول مرة في حياته فريق يلعب في دوري درجة اولى
و بالرغم من ان الفريق كان يغرق في الطين قبل 9 اشهر فقط
غوارديولا ألف لنا قصة من الف ليلة و ليلة
قصة فريق بطل
عاد من تحت الركام لينفض كل ما عليه من رماد
و يعود من جديد
سيد اسياد اسبانيا
و منافس اول ليكون سيد اسياد اوروبا و ربما العالم
ليس فقط بالنتائج.. بل ايضاً بالاداء و المتعة و الابداع و الاهداف
هكذا اضحت النهاية في اسبانيا
بانتظار اجمل النهايات في اوروبا