لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-05-09, 02:00 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الهـــروب من إبليـــس

نظرت كريستينا بارتياح إلى الآلة الكاتبة . لقد أنجزت كل ما عليها وكتبت القائمة بأكملها ، وراجعتها اكثر من مرة . انه إنجاز عظيم ، خاطبت نفسها وهي تمزقها تيارات عاطفية هائلة .
حملت مظاريف الرسائل والقائمة لتتوجه إلى الدور العلوي من المنزل وتسليمها إلى السيدة براندون . ثم ترددت قليلاً . لن تصعد الآن ، فتواجه ديفلين وعمته سوية لا ليس الآن ، كان عزاؤها الوحيد جهل ديفلين التام لحقيقة مشاعرها تجاهه وهكذا تستطيع أن تغادر سانت فيكتوار بدون أن تتورط معه في قصة حب فاشلة . أمامها الآن فرصة ذهبية للرحيل محتفظة ببعض كرامتها وكبريائها . نهضت متوجهة نحو النافذة . كانت تشعر بالحر الخانق والعرق يتصبب منها . غمرها توق جارف لمداعبة مياه حوض السباحة . ركضت مسرعة نحو غرفتها ، واختطفت منشفة كبيرة ، ثم هبطت السلم المؤدي إلى الحوض . كانت المياه رائعة كما توقعتها . سبحت متوانية من طرف إلى آخر . استعادت نشاطها وحيويتها ، فقررت الاسترخاء قليلاً على حافة الحوض لتجفيف شعرها ، والتمتع بأشعة الشمس . كان الهدوء يخيم على المكان ، ماعدا هسهسة بعض الحشرات . غلبها النعاس ، فأغمضت عينيها واستسلمت إلى نوم عميق .

أيقظتها بعد فترة قصيرة قطرات ماء تتساقط فوق وجهها . فتحت عينيها فرأت ثيو أمامها يرش فوقها رذاذاً من مياه الحوض وحدجته متعجبة . كان يرتدي ملابس السباحة ،

قالت متلعثمة :

- شكراً على إيقاظي . علي العودة لا شك أن جدتك تنتظرني .

قطب جبينه :

- إن جدتي لا تحتاج إلى أحد اليوم . جلست مع ديفلين طوال الصباح واعرف أن مزاجها يصبح لا يطاق بعد كل جلسة من هذا النوع والأرجح أنها لن تغادر غرفتها .

ردت :

- مع ذلك ، علي الذهاب الآن ...

ولم يدعها تكتمل كلماتها . مد يده وشدها من قدمها وقال :

- لا تتركيني يا كريستينا . لا يمكنك أن تحقدي علي إلى الأبد بسبب حادث مر وانتهى .

أكدت له :

- لم اعد أفكر في الامر .

ابتسم قليلاً :

- إذن امكثي بعض الوقت .

قالت :

- إذا أمعنت في كلام كهذا ، سأمضي لتوي إلى الداخل .

تنهد مستاء ثم أرخى قبضته عن قدمها وقال متلوعاً :

- أف لديفلين . ما الذي أتي به اليوم؟ جاء ليلهي جدتي ويعكر مزاجها ، وكنت احضر نفسي لذهاب معها بعد الظهر لمشاهدة زورقي الجديد .

سألته كريستينا ببعض الدهشة :

- زورق؟ أي زورق؟

قال :

- انه هدية عيد ميلادي . وهو زورق رائع ، أكثر جمالاً من مركب ديفلين ويرسو الآن في سانت فيكتوار ينتظر عمتي لتوقيع عقد الشراء أما الآن فقد ترفض بعد اجتماعها بذلك اللعين .

علقت كريستينا بجفاف :

- لا اعتقد ذلك يا ثيو . أن جدتك لا ترفض لك طلباً .

نظر إليها بتمعن :

- نعم هذا صحيح باستثناء أمر واحد احتاج إليه اكثر من أي شيء آخر . لماذا لا تأتين معنا لرؤية الزورق؟ انه ملائم جداً لقضاء شهر العسل .

قالت بنبرة استنكار :

- لا اعتقد أنها فكرة صائبة .

نهضت على قدميها فارتبك متوسلاً :

- لم اقصد إزعاجك المعذرة . أرجوكِ ألا تذهبي واعدك بتهذيب سلوكي إذا قبلت الإجابة على سؤال واحد :

قالت بتأفف :

- وما هو هذا السؤال؟

سألها بصوت خفيض :

- لماذا ترفضين الزواج مني؟

أدركت مدى كآبته وعمق مأساته ، فحاولت أن تهدئ من روعه :

- لأننا لا نستطيع التحكم بمشاعرنا يا ثيو . لا اعرف كيف اشرح لك ولكن ...

قاطعها برفق :

- أنتِ ترفضين وهذا كل شيء . كوني صريحة معي لا تخافي أستطيع تحمل الصدمة .

استطردت :

- إن المسألة ليست في هذه البساطة أنا لا أريد أي شخص ...

انفجرت أساريره :

- لا ينطبق هذا تماماً على ما رأيته عبر نافذة المكتبة صباح اليوم.

تجمدت في مكانها ، والغضب يشتعل في داخلها . تنهد ثيو بتكلف :

- آه يا كريستينا كم يؤلمني أن أرى ديفلين يستغلك بهذا الأسلوب القذر ولكن لا تجزعي لن أبوح بشيء أمام جدتي . وأنا لست متزمتاً كثيراً وعندما نتزوج ستكشفين ذلك بنفسك.

جن جنونها :

- ما هذا الهراء يا ثيو؟

ابتسم بوداعة وانتصب واقفاً :

- هيا بنا لنسبح معاً .

ظل يلح عليها إلى أن أذعنت للأمر الواقع وأخذا يتسابقان لبلوغ الطرف الآخر فظنت أن ثيو يتعمد التلكؤ ليترك لها فرصة تجاوزه . انتظرته فلحقها صائحاً :

- أحسنتِ .

قالت محتجة :

- أنت تعمدت التأخر .

- لا أبداً اقسم لك .

ألقت نظرة على حافة الحوض ، حيث كانا يجلسان فلم تجده ثم أحست بقوة هائلة تشدها من قدميها إلى قاع الماء . فغرت فمها مشدوهة فابتلعت بعض الماء . أفلتت من القبضة الملتفة حول قدمها واندفعت نحو سطح الماء .

قالت صارخة :

- يا لك من صبي أحمق يا ثيو ...

وشدها مرة ثانية إلى الأسفل . حبست أنفاسها توجسا ً. ثم أخذت تركل بعنف وتجاهد للإفلات منه . استمرت في عراكها خائرة القوى ، تشعر بألم حاد في رئتيها . ضاعفت جهدها للإفلات منه وأدركت فجأة أن ما بدأ كلعبة مسلية تحول إلى حلبة قتال حقيقة ليثبت ثيو تفوقه عليها ، فهو أقوى منها حتماً كان يبارزها ليؤكد لها انه السيد المطلق .

أصابها رعب شديد ممزوج بغضب هائل ، حاقد . حاولت السيطرة على أعصابها معللة نفسها بعدم قدرة ثيو على البقاء تحت الماء طويلاً . سيضطر للتوقف والتنفس بعد قليل فلتصبر وتتحمل ما دام ذلك ممكناً .

ولكنها لم تعد تملك قوة على الصبر وهو مستمر في جذبها نحو القاع فتضيق أنفاسها ويضج رأسها ألماً وتخال أنها تكاد تنفجر كالقنبلة وكانت قبضته تمسك بها بقوة حديدية لا تستطيع الإفلات منها مهما تلوت وركلت .
ياله من وغد مجرم ، فكرت كريستينا ملتاعة . انه لا يسمح لأحد بعصيان أوامره وهو الآن يعاقبها بكل وحشية لأنها رفضته ، عصت أوامره ، ولم تركع ساجدة أمامه كما يتوقع من الجميع .

اخذ يشدها بكل قواه بوحشية هائلة فأطلقت صرخة ألم حاد وتدفقت المياه إلى فمها كتيار جارف . غمرتها ظلمة قاتمة وأخمدت أنفاسها .

كانت تتقيأ كل ما في أمعائها وهي تحس بقبضة متينة تضغط على ظهرها وتدفع الماء من فمها . فتحت عينيها متأوهة . كانت مستلقية على حافة الحوض ورئتاها تقذفان الماء خارجاً . حاولت اكتشاف هوية صاحب اليدين اللتين تضغطان عليها سمعت ديفلين يقول بصوت هادئ :

- لا تتحركي ستكونين بخير الآن .

ثم تكلم ثيو :

- كريستينا . كريستينا ( ثم ارتمى أمامها) اعذريني . لم اقصد إيذاءك كانت مجرد لعبة .

كان صوته يقطر ندامة . ولكنها لمست في نبرته مسحة من الابتهاج بالانتصار أيضاً وأدركت كريستينا أنه يحاول تلقينها درساً لن تنساه . أغمضت عينيها لكي لا تراه .

انحنى ديفلين يساعدها على النهوض . ثم حملها بين ذراعيه شعرت باطمئنان غريب وهو يمضي بها إلى غرفتها واستلقت على سريرها ، كأنها في حلم من تلك الأحلام التي تختلط فيها لحظات اليأس والذعر بقبس من الأمل والرجاء .

جلس ديفلين على حافة السرير ، وحدجها بنظرة عتاب :

- هل تسبحين دائماً بهذا الأسلوب المحموم؟ لو لم أصل في اللحظة الحاسمة لكنت في وضع سيئ للغاية .

كان صوت في داخلها يحثها على قول حقيقة ما جرى والارتماء بين أحضانه والتنفيس عن مخاوفها ولكنها ترددت وهي تدرك نتيجة خطوة كهذه .

غمغمت بإعياء :

- كنا نلعب في الماء . ثم تطورت الأمور أنها غلطتي منذ البداية .

قال في عذوبة :

- لا شك في ذلك ربما يكون من الأفضل الحذر قليلاً عندما تمارسين ألعاباً كهذه أو على الأقل التريث في اختيار من تلعبين معه .

أطرقت برأسها :

- ربما كنت على حق . يبدو أن علي أن أشكرك ثانية .

صمت قليلاً ثم نهض واقفاًَ وهو يقول :

- سيجلبون لك الشاي في أي لحظة الآن أرجوك أن تعتني بنفسك والإصغاء إلى نصائحي .

هزت برأسها ، يهدها التعب غمرتها رغبة جامحة لتغرق في نوبة من البكاء المرير ولكنها لن تسمح لنفسها بالظهور بمظهر الضعف أمام ديفلين يجب عليها ومهما كانت الظروف ، الاحتفاظ ببعض كرامتها . لم تنظر إليه نهائياً ، فتدحرجت على خديها دموع كالجمر الحارق .

مسحت دموعها ، متأهبة لاستقبال السيدة كريستوف التي ستحمل إليها إبريق الشاي في أي وقت . رأتها تدخل بصحبة السيدة براندون التي هتفت فور دخولها :

- كريستينا! ما الذي جرى؟

حدقت فيها كريستينا ملياً وهي تتناول فنجان الشاي . وأحست بقشعريرة باردة تنفذ إلى عظامها رغم جو الغرفة الدافئ . اقتربت السيدة براندون من السرير بعد أن أشارت على السيدة كريستوف بالخروج . قالت العجوز بشفتين مرتجفتين :

- يا له من حادث مؤسف! كدت تغرقين في حمام السباحة لولا أن أسرع ثيو لإنقاذك .

انحنت كريستينا إلى الأمام :

- أهذا ما قاله لك؟ لولا وجود ثيو هناك لما كنت في حاجة إلى الإنقاذ يا سيدتي .

تأوهت العجوز منكمشة في كرسيها . أخرجت منديلاً ومسحت به جبينها :

- اعرف انك منهمكة القوى يا عزيزتي ولا تدركين معنى كلامك الآن سنتحدث في وقت لاحق .

ردت كريستينا بأسى :

- أنا أدرك تماماً معنى كلماتي . ناقشت موضوع الزواج مع ثيو ولم تعجبه آرائي ولذلك قرر أن يعاقبني هذه هي الحقيقة المرة .

حاولت السيدة براندون تملقها :

- يجب أن تراعي شاب مثل ثيو ، وتتفهمي مدى خيبة أمله إن لم يتزوجك .

ردت كريستينا بمرارة :

- آسفة لجهلي لم تخطر على بالي مسألة بديهية كهذه . ولكنك تعلمين أنه يستحيل علي البقاء هنا بعد ما جرى . أود أن ارحل بأسرع وقت ما يمكن ...

تأوهت العجوز في حركة تمثيلية :

- لا . لا . مستحيل ...

لاحظت كريستينا بارتياع اضطراب السيدة براندون ، إذ كانت تتنفس بصعوبة وإجهاد وتضغط بيدها على صدرها . قفزت كريستينا من سريرها بانزعاج :

- سيدة براندون هل أنتِ بخير؟

وسمعتها تتمتم :

- أقراص الدواء ... محفظة يدي ...

فتحت كريستينا المحفظة وناولتها علبة الدواء ... ابتلعت قرصاً ثم لم تلبث أن هدا روعها ، واستعادت بعض حيويتها ، قالت تخاطب كريستينا بلهجة قاسية :

- هل تدركين الآن كما أنا مريضة ؟ مع ذلك لم أتعرض لنوبة كهذه منذ مجيئك إنني اعتمد عليك يا ابنتي .



قالت كريستينا باحتجاج :

- ولكني لم افعل شيئاً .

مدت السيدة براندون يداً مرتعشة :

- ولكنك أدخلت الأمل إلى قلبي يا ابنتي . شارفت حياتي على نهايتها ولا أتمنى أي شيء سوى رؤيتك أنتِ وثيو في بيت واحد . أنتِ وحدك قادرة على إسعاد ثيو وإسعادي .

جحظت عينا كريستينا :

- استمعي إلى جيداً يا سيدة براندون . لن أتزوج ثيو الآن أو في أي وقت آخر وانوي الرحيل عن سانت فيكتوار والاستقرار في إنجلترا سواء قبلت أو رفضت .

أغمضت العجوز عينيها:

- نعم ربما كان ذلك افضل حل ، سأحجز لك مقعداً على الطائرة من المارتينيك ولكن ليس الآن . أرجوك يا كريستينا أن تتكرمي علي و تساعديني في الترتيب لعيد ميلاد ثيو الأسبوع المقبل وبعد ذلك لك مطلق الحرية وسأقدم كل مساعدة ممكنة .

جلست كريستينا على سريرها ، تتجاذبها آراء متضاربة . أقنعت نفسها أن بقاءها بضعة أيام أخرى لن يغير شيئاً طالما أن السيدة براندون رضخت للأمر الواقع كما يبدو . قالت متنهدة :

- حسناً سأبقى ثم ارحل فور انتهاء الحفل .

راحت تتقلب في فراشها تلك الليلة حائرة غاضبة ، تتقاذفها أصابع القدر الخفية وصورة مستقبلها المجهول . لماذا قررت البقاء على ذكرى صداقتها القديمة مع عمتها غريس.

دفنت رأسها في الوسادة . هتف صوت داخلي هازئاً . ان عدم رحيلها مباشرة يتعلق به هو ،، ديفلين،، انه السبب الرئيسي وراء بقائها وأملها في سماع كلمة واحدة تغير مجرى حياتها . ومهما كان تعلقها به وحبها له ، فكرت يائسة ، ما الفائدة من هذا الانتظار؟ آن لها الاقتناع بطبيعته واستهتاره . استغل يولالي وهو يريد استغلالها اكثر . هذا هو الواقع الأليم . ولكن عليها مواجهته كما هو . إن ديفلين رجل شرير عليها الابتعاد عنه .

كانت لا تزال كئيبة ومتعبة عندما استقبلت أنوار الصباح . ارتدت ملابسها بسرعة وتوجهت لتوها إلى جناح السيدة براندون . اعترضت يولالي طريقها قائلة :

- إن السيدة براندون لا تزال مرهقة . وقد استدعينا الطبيب لمعالجتها ولا ترغب في رؤية أحد .

عادت كريستينا أدراجها كانت تلقت تعليمات واضحة بالأعداد لحفل ثيو . عمدت إلى إرسال كل بطاقات الدعوة ، ثم توجهت للتباحث مع السيدة كريستوف ، وجدتها متجهمة الوجه ، تبدي تأففها من الحفل وهموم استقبال الناس والاهتمام بهم فقررت أن تتحدث ألى الطاهية مباشرة .
منتديات ليلاس
كانت كريستينا في حالة يرثى لها ، عندما سمعت هدير سيارة خارج المنزل ولمحت السيدة كريستوف تفتح الباب لزائر أتى للاطمئنان على صحة السيدة براندون ولكن أصابتها الدهشة وهي ترى لورنا مينارد تدخل غرفة المكتبة فلحقت بها :

وتهللت أساريرها :

- لورنا! يا للمفاجأة السارة . ماذا تفعلين هنا؟

ردت لورنا تتكلف ابتسامة باهتة :

- استدعتني السيدة براندون هذا الصباح ويبدو آن علي مساعدتك في شؤون الحفل خاصة وانك ستكونين سيدة المنزل عما قريب .

حملقت كريستينا مندهشة :

- ماذا تقولين؟ هل أصبحت حديث الجزيرة؟

أجابت لورنا بعفوية :

- أنك على كل شفة ولسان . لم تعد القضية سراً أليس الحفل من اجل إعلان الخطبة؟

قالت كريستينا ببطء :

- لا . أن الحفل من أجل عيد ميلاد ثيو لا أكثر ولا اقل .

نظرت إليها لورنا بارتياب :

- كنا نتوقع زواجك من ثيو منذ أن وطئت قدماك ارض سانت فيكتوار .

قالت كريستينا مستاءة :

- يا لخيبة الأمل . أطمئنك يا لورنا إنني سأعود إلى إنجلترا الأسبوع المقبل ولن يرى وجهي أحد من عائلة براندون بعد ذلك.

ارتسمت إمارات الغبطة على وجه لورنا :

- هل أنتِ جادة؟ يا له من خبر سار! ولا أخفي عنك مدى كراهيتي لهذا الصبي الأناني المدلل . إن زوجي كلايف لا يقل كرهاً لثيو عني ياله من ولد قذر وجبان كلما وقع نظري عليه أخال أنني أرى إبليس اللعين .

نعم ، فكرت كريستينا هذه هي الحقيقة التي فاتتها ، حقيقة غطرسته وحبه للسيطرة والاستبداد وفظاظته . كانت تظن أن تحذير العراف ينطبق على ديفلين ولكنها كم كانت مخطئة! الآن تعرف من هو إبليس الحقيقي .

استطردت لورنا :

- ولكن كيف ستغادرين هذا المكان؟ إن عائلة براندون لا تنهزم بسهولة .

- وعدتني السيدة براندون أمس بمساعدتي على الرحيل فور انتهاء الحفل .

حدجتها لورنا مستغربة :

- يبدو لي أنها تخدعك ، وإلا ما معنى طلبها منا اخذ الخاتم إلى الصائغ لتنظيفه وتصغير حجمه وطلبت منا الاستعجال .

علقت كريستينا :

- هكذا إذن . كانت السيدة براندون تريد وضعي أمام الامر الواقع في ليلة الحفل معتقدة أنني لن اجرؤ على رد طلبها أمام أصدقائها .

سألتها لورنا برقة :

- وهل ترفضين طلبها في وضع كهذا؟

تنهدت كريستينا :

- أنه موقف حرج . ولذلك علي الهرب بأسرع وقت . متى يبحر المركب من الميناء؟

- الساعة الرابعة بعد الظهر . ولكن كيف ستصلين إلى هناك؟

تراقصت عينا كريستينا :

- سأطلب من لويس نقلي بالسيارة . سأختلق عذراً ملائماً فأقول له أنني أريد مقابلة فرقة موسيقية لاكتشاف إمكانية استئجارها ليلة الحفل .

سألتها لورنا :

- وماذا عن أمتعتك؟ كيف ستحملينها معك بدون إثارة الشكوك؟

رمت كريستينا يديها متأوهة :

- لابد من العثور على وسيلة ما .

قالت لورنا :

- احزمي أمتعتك وضعيها في مكان أمين . ثم أخذها معي إلى بيتي واحتفظ بها حتى تتدبري أمرك فأرسلها إليك .

- شكراً يا لورنا . لا أدري كيف أعبر عن عرفاني بالجميل .

تنهدت لورنا :

- والآن لنعد إلى الحفل وتدبير شئونه .

تناولت كريستينا طعام الغداء بسرعة ، ثم تسللت إلى غرفتها لحزم أمتعتها وكانت قد أنهت إعداد كل الترتيبات اللازمة للحفل ومن كل النواحي . ظل شبح ديفلين براندون يطاردها ، ويلقي بينها وبين مستقبلها ستاراً غامضاً ملياً بالتساؤلات . عقدت العزم على نسيانه ، تابعت أفكارها ، لم يبدر منه ما يشجعها ويمنحها بعض الأمل لتوقع تطور إيجابي حقيقي في موقفه .

ألقت نظرة أخيرة حزينة حولها ، ثم حملت حقائبها عبر السلم الخلفي ، ومضت إلى طرف الحديقة واخفت الحقائب تحت شجيرة مورقة بانتظار مجيء لورنا لنقلها في الوقت اللائم ثم أقفلت عائدة إلى غرفتها وهبطت إلى الدور الأرضي حيث كانت لورنا تتوقعها بلهفة مع السيدة كريستوف وقالت لورنا بهدوء :

- أن لويس ينتظرك في السيارة ، لقد أخبرته على ضرورة ذهابك إلى المدينة للاتفاق مع فرقة موسيقية .

شكرتها كريستينا بابتسامة ذات معنى ، وسارت نحو الباب الأمامي فرأت لويس يتمشى أمام السيارة مترقباً قدومها , هرول يفتح لها الباب بكل لباقة واحترام .

انطلقت بهم السيارة تترنح صعوداً وهبوطاً فوق الطريق وبقى لويس صامتاً يصفر ألحاناً ناعمة . نظرت كريستينا من النافذة إلى الحقول ، غارقة في تفكير عميق . كان عليها أن تدبر مكاناً للسكن .

ورأت أن يكون هذا المكان غرفة في فندق حيث تعرض على صاحبه بعض الخدمات مثل الغسل أو الكنس أو أي شيء آخر مقابل سكنها مجاناً وما أن تستقر حتى تعمد إلى كتابة رسالة مفصلة تشرح فيها مشكلتها لسيد فريث .





لاحظت فجأة أن السيارة تزداد ترنحاً وتأرجحاً ورأت لويس ينحرف إلى جانب الطريق ويتوقف . خرج من السيارة وألقى نظرة على العجلات وصاح :

- لا بد من تغيير العجلة الأمامية يبدو أنها ثقبت .

ولم تعد تذكر كم استغرق تغيير العجلة اللعينة . لكنها انتظرت مدة طويلة ، ونفذ صبرها ، ولويس كان لا يزال منكباً على العجلة يفكها بجهد النفس ولا يجد سبيلاً إلى وضع عجلة أخرى مكانها .

وأخيراً نجح لويس في إنجاز عمله ، فداخلها بعض الاطمئنان ، وانطلقت بهم السيارة نحو الميناء .

غادرت كريستينا السيارة وأشارت على لويس بعد انتظارها فرفع قبعته قائلاً :

- كما تشائين يا آنسة .

أدركت كريستينا أن لويس هو الآخر سمع باقتراب زواجها من ثيو واخذ يظهر لها احتراماً يليق بسيدة البيت في المستقبل . أسرعت الخطى عبر الشوارع المزدحمة التي عرفتها جيداً أثناء وصولها المارتينيك . تفقدت ساعة يدها لتتأكد من عدم تأخرها عن موعد إبحار المركب وما هي إلا لحظات حتى رأت الميناء أمامها والمركب يرسو قرب رصيفه . وكان الناس حوله ، فاعتقدت انهم يستعدون للسفر والإبحار .

ومر أمامها أحد راكبي الدراجات فتقدمت منه مستفسرة عن حقيقة ما يجري ومعنى تجمع الناس بهذه الكثافة . أجابها بعجب :

- ألم تلاحظي تلبد الغيوم في الفضاء . إن العاصفة على وشك الهبوب ولن يبحر المركب نتيجة لذلك بانتظار تحسن الجو يوم غد انه الإعصار الرهيب يا آنسة .

تراجعت كريستينا تجر أذيال الخيبة والفشل . أين تذهب الآن؟ لا يمكنها العودة إلى ارك اينجل وليس من السهل العثور على مكان تلجأ أليه حتى موعد الإبحار الثاني . كانت تسير ببطء فوق الرصيف تضرب أخماساً بأسداس عندما أحست بقبضة عنيفة تطوق يدها وأعلن ثيو براندون مبتهجاً :

- يا للصدفة العجيبة! ماذا تفعلين هنا يا عزيزتي .

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 16-05-09, 02:01 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ســـيدة الملاك الحارس

ارتمت كريستينا فوق مقعد سيارة ثيو في طريق العودة إلى ارك اينجل ولم تحاول اللجوء إلى حجة الاتصال بالفرقة الموسيقية لتبرير وجودها قرب الميناء . فاكتفت بكلمات غامضة مركزة انتباهها على تلبد الغيوم السوداء ووميض البرق فوق الأفق .

- لا أجد تفسيراً لهذا التصرف يا كريستينا . كيف تسمحين لنفسك بالرحيل على هذا النحو وقبل الإعلان عن خطبتنا بأيام . أن الحب بالنسبة لي مسألة ثانوية لا تشغلي نفسك به انه يأتي بعد الزواج ولا اخفي عنك أن زواجي بك ليس مجرد شغف صبياني بجمالك .

صاحت كريستينا :

- كفى! يبدو أنك فقدت عقلك .

نظر إليها ثيو بتمعن :

- لا يا كريستينا . انك لا تفهمين معنى كلامي . إن زواجي منك يعني أنني سأرزق بصبي يرثني بعد وفاتي وهكذا احول بين ديفلين وسيطرته على ارك اينجل . وأنتِ افضل فتاة للقيام بهذه المهمة النبيلة خاصة وان جدتي خططت لذلك فور وفاة عمتك .

أخذت كريستينا تتلمس باب السيارة محاولة فتحه وجدت انه أوصده بأحكام . أرادت أن تقفز خارج السيارة عندما يبطئ ثيو السرعة وهو يقترب من منعطف في الطريق لكن فشلت خطتها فحدقت فيه بمرارة :

- يا لك من إنسان قليل الحياء . إن عمتي غريس لم تتفق مع جدتك على أي شيء من هذا القبيل .

رد ثيو بهدوء :

- هذا صحيح . كل ما في الامر أن عمتك كتبت رسالة إلى العمة مادلين أخت جدتي عندما كنت تعيشين معها ، أخبرتها عن مدى سعادتها بك وتم الاتفاق على أن تكوني زوجة ديفلين يا عزيزتي . عثرت جدتي على الرسالة بين أوراق عمتي مادلين بعد مأتمها فأخفتها والعمة مادلين هي التي كانت صديقة عمتك غريس وليس جدتي .

أغمضت كريستينا عينيها ، تشعر بدوار عاصف . حبست الدموع المترقرقة في عينيها وهي تفكر في مصيرها المؤلم . إنها تحب الرجل الذي اختارته لها عمتها وهي الآن لا تجد إليه سبيلاً .

استطرد ثيو :

- تتلقى جدتي جريدتها المفضلة من إنجلترا ، تماماً كما كان يفعل جدي وعندما قرأت عن وفاة عمتك غريس ، قامت فوراً بالسفر إلى إنجلترا بحثاً عنك ولو اكتشفت انك قبيحة المظهر أو غير ملائمة لأسباب أخرى لما كانت تابعت مساعيها .

هتفت كريستينا ملتاعة :

- يا ليتني كنت اقبح فتاة في الكرة الأرضية .

انفجر ضاحكاً :

- ولكنك لست كذلك . كفي إذن عن هذا الهراء .

وفجأة ضاعف ثيو من سرعة السيارة ، وانعطف نحو حافة تلك الصخرة الشاهقة التي تذكرها جيداً . ارتعدت فرائصها وجلة ، خائفة . نظر إليها ثيو ساخراً :

- ما بالك يا عزيزتي؟ اطمئني . هذه المرة سنموت معاً وتحضننا الأمواج في عناق أبدي .

عادت تحاول فتح الباب وهي تتوسل قائلة :

- بحق السماء يا ثيو ، أوقف هذه السيارة قبل أن يصيب أحدنا أي مكروه .

أعاد ثيو السيارة إلى وسط الطريق وظل يتأرجح بها يميناً ويساراً . كان الظلام يزحف بعتمته الداكنة ، وازداد تلبد الغيوم المنذرة بعاصفة عاتية . تبينت كريستينا أمامهما شجرة كبيرة ، تمتد أغصانها كأنها رماح تتلظى شوقاً لخوض معركة دموية وتذكرت لتوها تمثال ارك اينجل برمحه المسنون .

أمعنت في البحث عن وسيلة لفتح الباب وفجأة انفتح بقوة فأمسكت به تأهباً للحظة ملائمة . كان ثيو يقهقه كالمجنون وهو يقود السيارة في اتجاه الشجرة الكبيرة . أدركت انه يمارس لعبة قذرة ولن يجرؤ على تنفيذ أي شيء وسيتجنب الاصطدام مباشرة وينحرف عن الشجرة .

مدت يدها ، وقبضت على المقود مصوبة السيارة نحو جذع الشجرة مباشرة . أخذ ثيو يلعنها ويحاول الضغط على فرامل السيارة لإيقافها . قفزت بسرعة من الباب فتهاوت فوق الحشائش بجانب الطريق .

ظلت تتدحرج على الحشائش إلى أن استلقت بظهرها تعاني من بعض الألم ثم نهضت قليلاً وببطء شديد ، تتحرى مصير ثيو وسيارته . رأت السيارة مصطدمة بجذع الشجرة وقد تحطم جزء من غطاء المحرك . لم تبدر أية حركة من داخل السيارة فمشت متثاقلة نحوها . كان ثيو منبطحاً فوق المقود واعتقدت للوهلة الأولى انه يرقد ميتاً إلى أن جست نبضه فتنهدت الصعداء لبقائه حياً . خطت إلى الوراء وهو يئن متأوهاً ، وقررت أن تبتعد عنه بأقصى سرعة وقبل أن يستعيد كامل وعيه أطلقت ساقيها للريح هائمة على وجهها . كانت تجري بكل قوتها ، وبدون أن تعرف في أي اتجاه تحملها قدماها.

مرت دقائق طويلة وهي تمضي راكضة ومهرولة ، ثم تلألأت وراءها أنوار السيارة ، فانتابها ذعر شديد وهي تفكر بوقوعها ثانية فريسة سهلة بين أيدي ثيو اللعين . ارتطمت بحاجز خشبي ، فقفزت فوقه بحذر ورأت البحر يمتد تحتها مزبداً مرغياً وسمعت هدير محرك السيارة يقترب منها ، فانزلقت فوق صخرة ناتئة ببطء واختبأت وراءها وتابع ثيو طريقه متجهاً إلى ارك اينجل لا يلوي على شيء .

رفعت رأسها قليلاً تجيل النظر حولها . رأت في البعيد نوراً خافتاً ، فداخلها الشك والأمل في آن معاً وكانت العاصفة على وشك الهبوب . نزلت إلى الشاطئ وراحت تسير بخطى ثابتة في اتجاه ذلك الضوء ولاح أمامها كوخ ديفلين يقف جميلاً آمناً وادعاً . كان التعب يهدها هداً عندما وقفت أمام باب الكوخ وانهالت عليه بقبضتها . قرعت الباب أكثر من مرة فلم تسمع أي جواب .

وقفت صامتة يمزقها الألم كالطير المذبوح . همت أن تعود أدراجها ، عندما انفتح الباب على مصراعيه . تفرس في وجهها مدهوشاً ثم جذبها من يدها إلى الداخل واغلق الباب . صاح غاضباً :

- ما الذي تفعلينه هنا أيتها المجنونة وفي هذا الطقس؟ أن الإعصار على وشك أن يهب في أي لحظة وما الذي جرى لك يبدو انك مشعثة الشعر ، ممزقة الثياب؟

قالت بصوت مرتعش :

- كنت أخوض معركة حياة أو موت . وكدت أهوى فوق إحدى الصخور .

أجاب مهدئاً من روعها :

- اذهبي إلى الحمام واغسلي وجهك ويديك وخذي قميصاً نظيفاً من دولابي والتفي به .

ظل يراقبها من بعيد إلى أن نفذت أوامره ، جلست على حافة المقعد اقترب منها ببطء مستفهماً :

- والآن ماذا حدث بالضبط؟

قالت متلعثمة :

- كنت على حق . إن عمتك تريدني أن أتزوج ثيو . واعدت كل شيء لوضعي أمام الامر الواقع . لذلك قررت أن اهرب إلى المارتينيك لكن المركب لم يبحر بسبب الإعصار وكان أن اعثر علي ثيو وأعادني بسيارته .

فهم لتوه ما تعنيه رغم كلماتها المتقطعة المقتضبة .

سألها :

- وأين ثيو الآن؟

بلعت ريقها :

- أتوقع أن يكون في ارك اينجل الآن . كان يمارس معي إحدى ألاعيبه القذرة لتخويفي ، فأخذ ينحرف بالسيارة يميناً وشمالاً ويوهمني انه سيصعد فوق المنحدر الصخري . قبضت على المقود ، فارتطمت السيارة بجذع شجرة ، فقد ثيو وعيه لكن لم يصب بأذى . قفزت وأخذت اجري إلى أن وصلت إلى هنا .

صفق بيديه :

- يا لها من تجربة مروعه . الحمد الله على سلامتك .

ردت بحياء :

- لست أدري ما الذي وسوس بعقله . قال لي أنه يريد الحفاظ على اسم عائلة براندون ولذلك سيتزوجني رغماً عني .

هز ديفلين برأسه :

- اطمئني يا كريستينا . إن ثيو لا ينتمي إلى عائلة براندون . لا أدري مدى معرفتك بتاريخ العائلة وربما لا تدركين أن عمتي عاقر لا الأولاد لها ، ولذلك كانت تكره أمي . عندما كبرت ودخلت المدرسة بدأت اشعر بالحرج إزاء تصرفات عائلتي وأخجلتني أننا كنا نملك العبيد ، فأخذت أتحدث عن ضرورة تغيير أسلوب معيشتنا عندما يصبح ارك اينجل ملكاً لي . وكم كنت مغفلاً إذ ما أن انتهت إجازتي وعدت إلى المدرسة ، حتى بادرت عمتي إلى إبراز ثيو . وتدعي انه الابن اليتيم لاحد أقربائها الذين لا نعرف عنهم شيئاً في المارتينيك . واعتقد أن السيدة كريستوف هي الوحيدة التي تعلم حقيقة ثيو ولكنها تكن الولاء التام لعمتي .

- ولكن لا يمكنها أن تجعل من ثيو الوريث ....

- أقنعت زوجها ، عمي تشارلز ، بتبني ثيو ، وكان آنذاك ولداً صغيراً ولم يعلنا انهما والداه بل وأصرا للناس بأنه حفيدهما . واستطاعا أن يربياه كما يريدان وفق لمبادئ عائلة براندون الشهيرة ، فيتزوج عندما يبلغ سن الرشد فيحجب عني ميراث ارك اينجل . ثم توفي عمي تشارلز ولحق به كل من أمي وأبي فاستولت عمتي على كل شيء وشب ثيو تحت رعايتها . بذلت جهوداً متواصلة لعقد قرانه على فتاة من العائلات التي تعرفها هنا ، فجوبهت بالرفض القاطع بسبب غموض اصله . عندئذ صممت على البحث في مكان آخر .

تمتمت كريستينا :

- وعثرت علي . يا الهي ، عثرت علي .

واغرورقت عيناها بالدموع ، فوضع ديفلين يديه على كتفيها مربتاً :

- ولكن خاب ظنها ، ولم تنجح في ترويضك ، فقرر ثيو كسر عنادك وتحطيم إرادتك بأسلوبه القذر .

ولمع بريق خاطف ، ثم دوى قصف الرعد ، وانهالت الأمطار بغزارة تطرق سطح الكوخ كأنها وحوش جبابرة ، أحست كريستينا بقلبها يرتعش كالعصفور الوجل . احتمت بصدر ديفلين وهي تشعر ببعض الطمأنينة .

قال بهدوء :

- لا تجزعي . ليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الكوخ للإعصار وظل صامداً لا يتزحزح . وما أن يطل الفجر حتى تنقشع الغيوم وتهدأ العاصفة .

حدقت فيه متوترة الأعصاب ، ما الذي يعنيه؟ هل يتوقع منها أن تقضي ليلتها معه؟

قالت بتمهل :

- أتمنى أن يخف سقوط المطر بعد قليل . علي الذهاب إلى المنزل ...

قاطعها :

- لا لن تذهبي إلى المنزل قبل أن يهدأ الإعصار .

أوت إلى الفراش بحياء وبعض القلق ولاحظت أن ديفلين يجمع بعض البطانيات من خزانته ويمضي إلى الغرفة المجاورة .

كانت منهكة القوى فلم تلبث أن غلبها النوم وغرقت في سبات عميق . وما هي إلا لحظات حتى انهالت طرقات متوالية شديدة على الباب الخارجي يتخللها عويل الرياح الحاد . خالت أنها في حلم مزعج . فتحت عينيها قليلاً وترامى إلى أذنيها صوت ديفلين يتبادل الحديث مع كلايف مينارد .


ثم دخل ديفلين غرفة النوم صائحاً :

- استيقظي يا كريستينا وارتدي ملابسك علينا الذهاب إلى ارك اينجل حالاً .

استفسرت متثائبة :

- ما الذي جرى؟ هل ألم مكروه بالسيدة براندون؟

قال متأففاً :

- لا . لا . انه ثيو .

أسرعت تنضم إلى كلايف مينارد في سيارة الجيب و جلست قرب ديفلين في حالة انفعال .

كانت المصابيح الكهربائية تضئ المنزل عندما توقفا أمام السلم ولمحت كريستينا سيارة ثيو مهشمة تهشيماً رهيباً ، وقد ارتطمت بقوة بالبوابة الحديدية أمام المدخل . صعدوا درجات السلم المؤدية إلى المنزل وأطلت السيدة كريستوف مولولة :

- سيد ديفلين الحمد الله على مجيئك . يا لها من فاجعة مؤلمة .

دفعها جانباً :

- أين ثيو؟

- وضعناه في غرفته وبذلنا المستحيل لإسعافه .

صاح ديفلين بحدة :

- لا بد من أجراء تحقيق أين عمتي؟ كيف جرى الحادث؟

تلعثمت السيدة كريستوف وقالت متأوهة :

- عاد السيد ثيو إلى المنزل مضطرباً غاضباً سأل عن الآنسة كريستينا فقلنا له أنها لم تعد بعد . جن جنونه واخذ يشتم ويلعن ثم أسرع إلى سيارته وأدار المحرك ولست أدري ما الذي حدث بعد ذلك . ارتطمت سيارته بالبوابة الحديدية هرعنا لمساعدته ولكن بعد فوات الأوان . كان شاباً رائعاً بكل معنى الكلمة . رحمه الله .

ثم راحت تولول وتنتحب بحزن واسى . واستدار ديفلين نحو كريستينا :

- الأفضل لك أن تذهبي مع كلايف إلى بيته . ابقي مع زوجته لورنا وسوف انضم إليك في الصباح وبالمناسبة انوي مفاتحتك لقبولي زوجاً لك .

تجمدت كريستينا في مكانها لا تصدق ما قاله لا تكاد تصدق شيئاً .

شدها كلايف من يدها :

- هيا بنا يا كريستينا ستغتبط لورنا لرؤيتك قلقت عليك كثيراً وظنت أنك تعرضت لحادث ما .

ظلت تراقب ديفلين إلى أن اختفى عن أنظارها . ثم تأبطت ذراع كلايف وعادت أدراجها .

كانت العاصفة تهدأ بسرعة وحبست الغيوم هدير أمطارها .

صعد ديفلين إلى الطابق العلوي ، فاعترضت طريقه يولالي تئن بألم . ضمها إليه يهدئ من روعها . ودخل غرفة عمته فوجدها في حالة من الانهيار التام . رفعت رأسها عندما اقترب منها وقالت شاكية :

- أنت المسؤول عن كل هذا أنت قتلت ثيو وإياك أن تتفوه بكلمة واحدة . سأغادر هذا المكان واتركه لك وافعل ما شئت بالمنزل والمزرعة . لم يعد يهمني أي شيء بعد وفاة حلم حياتي .

قرر ديفلين أن يتركها وشأنها ، وتوجه إلى غرفة ثيو . ألقى عليه نظرة سريعة ثم أوصد الباب ، ودخل إلى غرفة كريستينا ، وغط في نوم عميق .

نهض مبكراً في صباح اليوم التالي . وعمد إلى الاتصال بالشرطة للمجيء إلى المنزل والتحقيق في الحادث وأسرع إلى بيت كلايف لمتابعة بحث مستقبله مع كريستينا .

وجدها تجلس مع لورنا في غرفة الاستقبال . وما أن دخل حتى خطت كريستينا نحوه بلهفة :

- هل من جديد؟

قال برباطة جأش :

- لا . ستأتي الشرطة بعد قليل ، وتنهي القضية عند هذا الحد ويعلنون الحادث قضاء وقدراً . أما عمتي فسترحل إلى المارتينيك وربما إلى فرنسا . ولكنها لن تبقى في ارك اينجل مهما كانت الأحوال . والآن لنعد إلى موضوعنا الأساسي .

نهضت لورنا ، واستأذنت بالذهاب إلى المطبخ لاعداد بعض المرطبات ....

ظلت كريستينا قلقة البال فقررت أن تواجه ديفلين بحقيقة شكوكها . سألته وهو يجلس بجانبها :

- وماذا عن يولالي؟ هل ستتركها؟

طافت ابتسامة باهتة :

- ما علاقة يولالي بي؟

خالته يمعن في خداعه المعتاد :

- لقد رأيت يولالي تتسلل عبر الحديقة إلى كوخك تحت جناح الظلام ثم رأيت تمثالها بين مجموعة التماثيل الأخرى . وثمة شيء أخر ، سر احتفظت به ولم اطلع أحد عليه . إن يولالي حامل ولا بد ....

تجهم وجهه وانقبضت أساريره ورد مقاطعاً :

- يا عزيزتي كريستينا . كم أنتِ ساذجة! أولاً ، إن يولالي زارتني مرة واحدة وبعد إلحاحها علي لحفر تمثال لها لكي تهديه إلى حبيب قلبها . أما حبيب القلب هذا فهو ثيو . نعم ثيو كان يقيم علاقة سرية معها وبدون معرفة عمتي . أما السيدة كريستوف فكانت تعلم كل شيء وأنا بالطبع عرفت القصة بكاملها من يولالي نفسها .

تنفست الصعداء :

- ما أغباني . لم أتوقع أن ذلك الإبليس اللعين قادر على كل هذه الأعمال المنكرة .

- والآن ، أحب أن أتقدم طالباً يدك ، فهل تقبلين الزواج مني؟

صمتت كريستينا غارقة في بحر أفكارها . ماذا تقول له؟ هل تقبل به زوجاً لها؟ أنها حتماً تحبه ، واكتشفت مع مرور الوقت وتوالي الأحداث انه رجل صادق ، مخلص ، حاولت عائلة براندون تلطيخ سمعته النظيفة . وماذا عن استعدادها للعيش في هذه الجزيرة الصغيرة؟ وكيف ستدير شؤون منزل بهذه الضخامة؟ ثم ، قبل كل شيء ، هل يحبها كما تحبه؟ قطع ديفلين سلسلة أفكارها :

- أني انتظر ألان جواباً واضحاً وصريحاً وأؤكد لك أن حبي لك صادق وعميق ونابع من إعجابي بشخصيتك وذكائك وقدرتك على تحمل المصاعب .

عادت لورنا تحمل أكواب المرطبات انتهزت كريستينا الفرصة لتعلن موافقتها :
- لورنا ، ديفلين يريدني زوجه له وقد قبلت ما رأيك؟

أجابت لورنا مغتبطة :

- هذا اسعد نبأ سمعته منذ زمن طويل .

غمغم ديفلين بعض الكلمات الغامضة ثم رفع يد كريستينا وضمها إلى صدره .

وكانت الشمس ترسل أشعتها عبر النافذة ، فتغمر الغرفة بنور متوهج ، متألق وكأنها تعلن عن ابتهاجها بالنبأ السار ، وتتمنى لهما حياة سعيدة هنيئة .



تمـــــت

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 16-05-09, 08:59 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 101656
المشاركات: 70
الجنس أنثى
معدل التقييم: zoubaida عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدGermany
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
zoubaida غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

chokran ktiiiiiir zonar ow tislam موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

 
 

 

عرض البوم صور zoubaida   رد مع اقتباس
قديم 17-05-09, 09:29 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2009
العضوية: 143053
المشاركات: 107
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسماء88 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 24

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسماء88 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . بارك الله فيك , يعطيك الف عافيه

 
 

 

عرض البوم صور اسماء88   رد مع اقتباس
قديم 29-08-09, 01:17 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2009
العضوية: 148557
المشاركات: 120
الجنس أنثى
معدل التقييم: نونا المجنونه عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 15

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نونا المجنونه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

 
 

 

عرض البوم صور نونا المجنونه   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الملاك الحارس, devil at archangel, دار الكتاب العربي, روايات, روايات مترجمة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, سارة كريفن, sara craven, عبير, قيد الوفاء
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:09 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية