المنتدى :
الخواطر والكلام العذب
احزان
احزان
اتطلع الى عينيها البائستين ، اخترقها ، ارى هضابا وسهولا وجبالا تروي قصة حزن سنين عجاف، اتخيلها تولول وتصرخ بأعلى صوتها ... لماذا تركتموني نهبا لأيدي مارقة ؟ لماذا تخليتم عني ؟ انا ارضكم وسلفكم الصالح، انا امكم الرؤوم ، احتضنتكم وعطفت عليكم ، لم ابخل عليكم ولم اشردكم ، لماذا لم تأخذوني معكم ، بل لماذا لم تودعوني ؟
لقد رحلتم وتناثرتم ... الا عودوا قبل ان انساكم وانسى نزوحكم .
... انه وجه امي !
انه وجه امي يلومني ويوبخني كي لا انسى بلادي ...
انه وجه امي يحتقن بدماء الشهداء ...
انه وجه امي يجسد رهبة النكبة ...
انه وجه امي يرسم خارطة المجهول ...
... تأملت الاخاديد والحفر، تراءى في الوجه جمال صبوح ، جمال طفلة تلعب على رمل شاطئ بدون امواج ، تودع شمسا لن تظهر مرة اخرى ، تركب موجات النسيم وتنتظر طيف نورس مهاجر الى ارض القدماء ... لم اطق طول التحديق ، اغمضت عيني ، تخيلت نفسي اسير بين اطلال بلادي السليبة ، يتقرح قلبي ويمطر حنيني ، استرق السمع لصوت انين الارض تحت وطأة الجراح النازفة بفعل سياط جلاد تربع على عرش الكون بخسته وقذارته ، تأملت المكان من حولي ، شموخ الاشجار وصمود الوديان ؛ تبكي الحجارة مرارة الغياب وتنوء الصخور تحت حمل الفراق ، تلوح في الافق وجوه ماكرة ، تزرع الحقول وتحرث المنعطفات علّ الارض تحبل بمكنوناتها وتلد الشهد والعسل ، لصوص الليل وأولياء النهار ، جردونا من اثواب اعراسنا ، حنّوا الارض بدمائنا ونثرونا في مشارق الارض ومغاربها . لماذا سمح لهم بالبقاء ؟ وكيف انطلت حيلتهم على دواهينا ؟ اسئلة بلا اجوبة تدور في ساقية الحيرة .
... انسابت قطرة عرق على جبيني ، افقت على بريق دمعة ترقرقت في عيني امي وصوت اهازيج بعيدة تصدح:
قشة قصمت ظهر البعير والسكوت خبز الجبان
سمير الاسعد / فلسطين
|