كاتب الموضوع :
أحلامي خيال
المنتدى :
الارشيف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أم الجمايل والجوهرة،
شكرا بزاف على تعليقاتكم،
لهلا يخطيكم ويحفظكم يا ربي امين،
بلا ما نطول،
إليكم الجزء،
جزء خليط من مشاعر،
إنما يطبعه الحزن أكثر:
مع التحية:
الجزء الثامن والثلاثون
...
كريم بتحد أكبر:
- حسن سأوفر لك دليلا. إدعيها مجددا ولتكن وحدها.. وعلي الباقي!
هدى تمثل اندهاشا ساخرا:
- وهكذا أحصل على برهان؟
أومأ بالإيجاب فما كان منها إلا أن أجابت بثقة:
- موافقة!
قالتها وأرادت الوقوف لتترك المكتب،
لكن بمنتصف وقفتها مد ذراعه لمعصمها يوقفها:
- أنا أخبرتك بموضوعي، فما كان موضوعك أنت؟
عادت هدى للجلوس وعنصران اثنان يوترانها: يده على معصمها القابضة بتملك، ثم الموضوع في حد ذاته.. هل بعد أن لم يسمع كلام صفاء يتوجب عليها فضح نفسها شخصيا؟
أبعد يده فارتاحت لجانب من الجوانب، واستعدت للكلام:
- كنت... الحقيقة أنني...
لم تكن قد حضرت لها حجة محددة فتذكرت شيئا هاما:
- أنا بحاجة تجهيز غرفة ضيوف لصالحي..
علق كريم بسخرية وهو يرفع حاجبا مستغربا:
- هل تحتاجين غرفتين ليرتاح بالك ويهنأ نومك؟
- لا، لست أريدها غرفة نوم.. بل أريد تجهيزها لممارسة بعض الأعمال اليدوية!
( كانت بالفعل في حاجة لها فالملل تسلل لقلبها ووجدت من الموقف فرصة لذلك)
ادعى اهتماما مفاجئا:
- أعمال يدوية!
- أجل.. كل ما له علاقة بفن الديكور، سواء المنزلي أو غيره..
كريم بمقاطعة رغم طريقتها الودودة في الطرح:
- وما المطلوب مني؟ فالبيت كما تعرفين تحت تصرفك!
بنفس الهدوء الذي تفرضه عليها غايتها:
- كما تعلم.. أثاث الغرفة سيعيق تحركاتي، وإبداعي قد يتبخر وأن أحاول إيجاد متسع.. أنا أحتاج غرفة خالية تماما إلا من أدوات العمل التي سأحتاجها.. وأريدها قريبة من غرفتي.
ببساطة تساءل:
- إبـــــداع!
سكت قليلا وأتم:
- فليكن.. غدا سأباشر بالأمر.. فهل هذا مناسب لإبداعك؟
لكن هدوءها لم يتزحزح شبرا رغم لكنة التشكيك في قدراتها الفنية، فهي وإن لم تمارس هذا النوع من الفنون إلا أنها لطالما رافقت إكرام (خلال أيام الدراسة العليا) بحضور بعض حصص الديكور والتي هي من تخصصها.. فصارت فكرة مزاولتها الآن فقط فيما كانت من قبل مستبعدة لانشغالها بالعمل.
وردا على سؤاله أجابته بابتسامة واسعة:
- مناسب!
....................................
................
انقضت ثلاثة أيام،
سهام تعيش رعبا كبيرا، عادت لتسأل بالوزارة أكثر من مرة لتلقى نفس الجواب إلى أن أحست بأن الردود تتكرر تماما كما تتكرر أسئلتها دون أي تغيير يذكر.. لم تود إقلاق أحد بالأمر خاصة أن لا أساس من الصحة لأي خبر قد تنقله عدا أن عمر شدد على عدم نشر مكان توجهه خارج حدود الأقارب جدا العائلة..
كانت هدى وعلاء الشخصان الوحيدان اللذان استأمنتهما على مخاوفها، فسانداها بكل ما وتتهم المساندة فعله حتى أن هدى زارتها بالبيت قبل يوم لتؤازرها وتخفف عنها همها وتنفض عنها هذا الارتياب!
ولكن الارتياب مازال قائما!
...
كريم جهز لهدى الحجرة (الملاصقة لحجرتها) حسب طلبها تماما، واهتمت هي بابتياع الأدوات المطلوبة، من محل شهير خاص بالأعمال اليدوية، عبر الهاتف لأنه لم يسمح لها بمغادرة البيت أكثر من مرة في خلال يومين!
كما قامت بدعوة صفاء دعوى جديدة لأخذ رأيها بموضوع لم تحدده، فقبلت الأخرى بصدر رحب.
...
محمد ودوامته الجديدة المسماة مرض لمياء وإمكانية إصابتها بالخبيث تمثل أمامه وحشا كاسرا قد يسلبه وأبناءه الفرح إلى الأبد!
ولكن ماذا عن صاحبة الشأن والمهددة الحقيقية بالمرض؟ هي أكثرهم ضررا وستكون أكثرهم تضررا إن كشف لها سبب الفحوصات، ولأن الطبيبة وعدته بنتيجة هاته الأخيرة في خضم يومين (بين البارحة واليوم)، فقد قرر إخبارها حال تأكده من إيجابيتها وإلا.. فستتغير حياتها وحياة عائلته ككل تحولا جزئيا إن أمكن علاجها.. أو كليا إن استحال!
وبعد الظهيرة من اليوم،
كان يستقبل عميلا ما إذ به يتلقى اتصالا من الدكتورة، استأذن للحظات ولكن العميل كان قد أنهى زيارته فاستأذن بدله بالذهاب..
محمد يرد على بلهفة:
- بشريني يا دكتورة!
على الخط أتاه صوتها متثاقلا:
- هناك خبر غير سار وعليك موافاتي بالمصحة لأنقله لك!
شعر أن الدوار اشتد برأسه:
- ألا يمكن أن تعلميني الآن؟ أعصابي لن تحتمل إلى حين وصولي..
الطبيبة برفض:
- ينبغي أن تقابلني وجها لوجه، أن أنبأك عبر الهاتف هو شيء غير مناسب، أمامي الكثير لأشرحه لك!
.............................
...............
منزل الأسد،
السادسة مساء،
هدى نزلت من غرفتها تلبس رداء رياضيا،
لتؤكد لسمية على إعداد وجبة خفيفة من أجل كريم حال حضوره بعد دقائق،
فقد صارت أكثر مجاملة له وتمثيلا للاهتمام به استعدادا لانتهاء هذا الهدوء في أية لحظة..
تأكدت من أن المرأة حضرت الوجبة كما يجب.. وفي طريقها من المطبخ للخارج حيث ستبدأ تمارينها، التي صارت يومية، بالصالة الرياضية خلف الحديقة،
في طريقها ذاك عبر البهو رن هاتف البيت فردت، وهي أول مرة ترد فيها على اتصال منزلي:
- مرحبا!
صوت غاية في الغنج والدلال:
- مرحبا!
هدى باستغراب من النبرة الغير طبيعية والمبالغة في غنجها:
- من معي من فضلك؟
مريم عرفت في الصوت صوت سيدة بيت وأنها ولابد الزوجة الكريهة لغرامها الأبدي كريم فقررت التمسك بتخطيطها المحكم:
- أنا الآنسة سارة!
هدى تستفسر:
- ومن تطلبين يا آنسة؟
مريم بدهاء:
- أطلب كريم.. هل هو موجود؟
كريم!
هكذا دون ألقاب!
لا سيد ولا حضرة الوالي ولا أيا من علامات الاحترام؟
هل يمكن أنها فرد من أفراد عائلته؟
ممكن!
انتهت من أسئلتها الداخلية لتسأل سؤالا مباشرا:
- لا، لم يحضر بعد، هل أنت قريبة له؟
مريم بدلال:
- قريبة؟ لا قطعا! يبدو أنك لم تتعرفي علي.. على العموم أخبريه أنني اتصلت!
هدى لم تعجبها طريقة ولا مضمون كلام مخاطبتها، لكنها أرادت طرح سؤال ملح: ألا وهو من تكون المتصلة بالنسبة لزوجها، ولكن رغبتها ذابت ولم يعد لها معنى وهي تسمع صوت انقطاع الخط دلالة على أن الأخرى أنهت المكالمة، فهزت كتفيها تعجبا..
وضعت السماعة..
وأكملت طريقها إلى الخارج!
.................................
..............
السابعة والنصف،
منطقة نائية بحي من أحياء الدار البيضاء،
محمد لم يحتمل حجم المصيبة الملقاة على كتفه لوحده،
لوحده وحسب،
يذكر كم كان بسيطا على الطبيبة إتحافه بتشخيصها بكل بساطة الدنيا،
وكيف تلقفه هو بكل تعقيداتها،
عقدة معقدة،
وورم خبيث يترعرع بأحشاء زوجته وأم أبنائه،
يذكر كيف كانت عيناها مرتاحتان وفمها المتخاذل وراء كم من التجاعيد الجديدة والقديمة يبتسم شبه ابتسامة ممتعضة غير راضية، كيف كان جسمها الهزيل يتربع على كرسي دكتوري خبير،
وكيف اختلطت عليها الكلمات –كما تختلط على معظم الأطباء- بين فرنسية مهنية وعربية ممعنة في الشرح، وهي تهدم آماله أملا أملا، وتخنق نبضات قلبه نبضة نبضة، لتخترق كلماتها أذنه بعسر بما معناه:
- أن لمياء تعاني من ورم ليفي حميد أعلى جدار الرحم تطور منذ مدة قصيرة – بسبب الإهمال وعدم بتر المرض في حينه- ليصبح ورما سرطانيا سريع الانتشار، وأن عملية جراحية يجب أن تجرى لها بعد الثماني والأربعين ساعة القادمة!
لم يستطع التحمل وهو، بنفس الوقت، مضطر أن ينقل لها الخبر شخصيا وهاته أبشع مهمة أوكلت له على مر تاريخ حياته! لذا فقد أخذ يلف بالشوارع إلى أن تعب من السواقة وتوقف بحي خال من السكان، إلا من مصانع متباعدة تفصل بينها أمتار وأمتار، كما تفصل بينه وبين راحة البال مسافات ومسافات!
.....................................
.....................
بيت العراقي،
العاشرة ليلا،
على طاولة المطبخ،
سهام تتناول عشاءها مع كل من أمها وأخيها،
شهيتها منعدمة والكل لاحظ ذلك،
حبيبة أمها سألت:
- ما بك يا حبيبتي تقلبين الملعقة بطبقك دون أن تتناولي منه شيئا؟
سهام كانت حاضرة بالجسد لا غير، فلم تسمع ولم تهتز وبذلك لم تجب..
وعلاء لاحظ سهوها وحز في نفسه صمتها الكئيب:
- سهام!
- هــــــــــاااااااا!
أدارت رأسها بحدة تبحث عن مكلمها، فتكلم علاء:
أمي تسألك لم لا تأكلين؟ -
قالها وغمز لها حتى تتدارك نفسها، وهي تلقت إشارته وفهمتها:
- لا أشعر بالجوع يا أمي، هذا كل ما في الأمر!
ومع انتهاء جملتها رن هاتف المطبخ،
وقفت بحدة لترد ولكن علاء هدأها بنظرة منه وهو لا يريدها أن تثير الشكوك بتصرفاتها، فجلست بالرغم عنها وأعطت لنفسها حق التصنت على المكالمة، إلى أن سمعت اسم حبيب القلب وساكن الفؤاد الذي لم يغب عن الفكر برهة ولا اطمأنت النفس بعيدا عن لقياه.
علاء بصوت مرح ولم يتبقى لديه أي سبب لإخفاء شيء، فقد زال الهم وتنحى للأبد:
- أهلا بك يا عمر، لقد فزعنا لانقطاع أخبارك يا رجل!
.......................................
.......................
بيت الغازي،
الساعة تشير لمنتصف الليل،
تناولوا عشاءهم بجو يشيع غرابة،
ولأول مرة يطلب محمد من لمياء – منذ خلافهما – أن تشاركه وأبناءهما الطعام،
بعد ذاك منعها من غسل الأطباق أو بذل أي مجهود، وهو شيء لا يستوعبه عقل عاقل، إنما هو مبعث لعدم الارتياح،
تفاجأت لمياء من تغيراته الكثيرة بالأيام الأخيرة،
إشرافه على تناولها الدواء وتأكده من ذلك بعد كل وجبة،
إعفاؤها من بعض الأشغال اليومية بالرغم من أنها لا تشتكي من أي إرهاق عدا انتفاخ بسيط أسفل البطن،
ورغم كل هذا وذاك.. لم تجتمع لديها صورة محددة، أما هذا القلق البادي على محياه وهو يقلب أوراق عمله على الطاولة الصغيرة بجلسة غرفة النوم منذ أكثر من ساعتين،
تتمدد هي على السرير في انتظار أن يترك لها مكانا بالكنبة حيث يجلس، ولكنه تأخر عن المعقول،
لمياء بحيرة:
- محمد!
محمد زعزعه صوتها السائل بألم خفي متجذر:
- نعم!
لمياء تستجديه:
- ماذا تخفيان عني.. أنت والطبيبة؟ هل أعاني من شيء محدد؟ أخبرني بمرضي فأنا لست غافلة عن تغيراتك ولا عن الفحوصات الكثيرة التي أجريتها؟ ولا حتى عن نظرة الشفقة بعيون الممرضات وهن يقمن بفحصي!
محمد جمع أوراقه ورتبها بحقيبة في حين تماسك ليخوض معها حديثا جد مهم وعلى قدر من الخطورة:
- ما درجة تقبلك للمرض.. إن أنت كنت مصابة بمرض معين؟
لمياء تحس أن ثقلا يوضع على صدرها، تستوي جالسة على السرير:
- هذا يتوقف على نوع المرض!
محمد يترك مكانه ويقترب من مكانها ليجلس قربها ويدير وجهها ناحيته، بهدوء ولكن بحزن:
- يقول جل من قائل في كتابه العزيز : {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}
وأنت من المؤكد تؤمنين بقضاء الله وقدره!
الدمع بدأ يملأ عينيها والرعب تشعب بخلاياها فلم تجل ولكنها هزت رأسها بنعم،
ومحمد حاول إنهاء مهمته على أسرع وجه، المعاناة في طريقها إليها فملاذا يزيدها معاناة بإطالة لا طائل من ورائها، أخذ نفسا ليكمل:
- مرضك هو عبارة عن ورم يجب استئصاله، ومن بعد الاستئصال سيكون عليك تتبع نوع من العلاج، وقد أكدت لي الطبيبة ألا شيء نخاف من أجله، فالعملية ستكون بسيطة لا تتطلب أي انفعال من أجلها وكذلك التداوي بعدها..
لمياء صدمت والدموع انسابت على خديها دون انقطاع،
تطلب منها الأمر دقائق لتستوعبه بوضوح،
ومحمد دمعت روحه من أجلها ولكنه احترم سكوتها، إلى أن تكلمت من نفسها:
- تقصد سرطانا!
وجد الزوج المعذب أن ما يواجهه هو حقا أصعب من المواجهة..:
- أجل!
ثم أردف:
- لكنه في بداياته ولا يشكل عليك أي خطر!
(قال هذا وهو يعلم أنه مخطئ وأن ادعاءاته هي عكس تأكيدات الدكتورة ولكن لا مانع من زرع أمل كاذب بقلب إنسان عزيز.. فالأمل وحده يمنح لفاقدي الحياة حياة ولليائسين رغبة في العيش والمضي قدما)
أكمل ليكون قد أعطاها فكرة عامة شاملة لما ينتظرها:
- حجزت لك بالمستشفى بعد يومين لتجري عملية مستعجلة حتى نقطع على الخبيث فرصة التفشي وننتهي من أمره.
لمياء بصوت مختنق:
- أخرج!
محمد تفاجأ من أمرها:
- ماذا؟
أجابته بنفس الكلمة:
- أخرج!
شعر فيها رغبة متقدة بالانعزال والوحدة لتفريغ حزنها وألمها فوافق رغم رغبته بالبقاء إلى جانبها:
- سأفعل!
قالها وابتعد عنها لجهة الباب ووقف وراءه مترددا بين إغلاقه والتنحي أو تركه مفتوحا والثبات خلفه وهو يرى دموعها تزيد وشهقاتها ترتفع،
لكن كانت للمياء كلمة الفص بأن وقفت بقوة وأسرعت ناحية الباب تغلقه بوجهه!
.................................
....................
العاشرة ليلا بدل الثانية عشرة،
وبيت العراقي بدل بيت الغازي،
سهام شاع بدواخلها الفرح وهي تسمع اسمه، واتسعت ابتسامتها وهي ترد بدل عمر بعد أن سلبته سماعة الهاتف، بلهفة وشوق نطقت:
- عمر!
عمر بحب:
- اشتقت لك يا سهام، كل الاشتياق حبيبتي!
سهام بعدم شعور:
- لم أنم الليالي الماضية من خوفي عليك يا حياتي، أين كنت؟ ولم لم تتصل؟ وهل صحيح أن هناك وفيات بصفوفكم؟
(هنا،
السيدة حبيبة انزوى حاجباها استغرابا من الأسئلة الغريبة واللهفة الأغرب،
استفسرت من ابنها:
- ماذا هناك يا علاء؟ ما به صهري؟
علاء يسحب يدها ليقبلها:
- ما به إلا كل الخير يا غالية!)
عمر بحزن على رفيق جديد:
- رفيق لي بالسكن والعمل هنا، عبد الجليل رحمة الله عليه، مات وهو يؤدي عمله من بين أشخاص آخرين من المنطقة!
وأنا لم أكن لأتصل لهذا السبب ولأسباب أمنية أيضا..
حزنت سهام لحزنه وتأثرت لتأثره ولكن هذا لم ينسيها فرحتها بسماع صوته:
- وهل أنت بخير؟ ألن تعود بعد؟ هل..
عمر قاطعها بلطف:
- حبيبتي المكالمة قصيرة ولا داعي أن نمضيها في السؤال عن حالي..
فأنا بخير! ماذا عنك وعن ابني وأهلك وأهلي؟
سهام تطمئنه:
- كلنا على خير ما يرام والكل مشتاق لتواجدك بيننا!
عمر ينهي المكالمة:
- بلغي سلامي للجميع، أما أنا فسأتصل بوالداي الآن لدقيقة أخرى وعلي إنهاء المكالمة حالا!
سهام:
- ألن تعود بعد؟
عمر بصوته الهادئ:
- لا، ليس الآن، أمامي أسبوعان على الأقل، ولا تقلقي علي فالوضع هنا صار أحسن وأكثر استقرار!
....................................
.....................
مضت أكثر من ساعة،
قضتها لمياء بالحمام تبكيها بكاء عنيفا يقطع أوصال سامعه،
تنتحب لأنها تخاف المرض،
تبكي لأنها ترهب الموت،
تدمع عينها خوفا من غد موحش،
وتتساقط عبراتها كتلا متتالية لأن أنياب المستقبل قد كشرت في وجهها،
بدأ يجف دمعها رويدا رويدا وتضخم وجهها باحمرار واضح،
فكرت وفكرت،
وبعد التفكير قررت،
خرجت من الحمام (أعزكم الله)
ثم من الغرفة،
لتجد أن محمد ينتظر خروجها وأن وضع وقوفه أمام الباب الذي أغلقته بوجهه لم يتبدل،
وقفت بمقابلته،
ومسحت بكم قميصها وجهها استعدادا لأن تقول:
- موافقة!
سأقوم بالعملية، ولكن ليس هنا، ولا بعلم من أي كان، بل ببلد آخر، أعود منه معافاة دون نظرة الشفقة من أقاربي والتي ستنحرني كلما لمحتها بعيونهم!
كان صوتها واهنا ولكن محمد رفض فكرتها:
- لن يسعنا الوقت يا لمياء..
لمياء بتصميم:
- بل سيسعنا، وإلا فأنا لن أتعالج أبدا!
أحلامي خيال
|