كاتب الموضوع :
أحلامي خيال
المنتدى :
الارشيف
السلام عليكم والرحمة،
بسم الله الرحمن الرحيم،
حبيباتي قارئات ليلاس إليكم جزء اليوم،
وقبله أشكر كلا من inay وراجية الغفران على المرور الأكثر من مذهل،
وسأعود فيما بعد للرد على مشاركتكما،
استلموا:
الجزء السابع والثلاثون
مساء نفس اليوم،
هدى وجهت دعوتها لصديقاتها الثلاث: إكرام، ليلى وصفاء، عبر ثلاثة اتصالات متتالية واتفقت معهن جميعا – حسب ما يناسبهن من توقيت – على يوم السبت، يوم الإجازة، ليتناولن معها الغداء ويمضين معها فترة ما بعد الظهيرة..
..............................
..................
لمياء تلقت اتصالا من الدكتورة المشرفة على حالتها، ورغم كم الشرح والتهييء النفسي الذي ألقته عليها إلا أنها لم تنجح كل النجاح في دحر شكها وارتيابها خاصة بعد عدد التحليلات والأشعة التي أجرتها والعينة التي أخذت منها وهي، كل هاته كانت عناصر باعثة للاستغراب وأبعد ما يكون عن فحص روتيني.. كما تدعي المرأة!
خرجت من المصحة في حالة من التوجس والرهبة، واتخذت من المقعد الأمامي مكانا والحيرة تمارس عليها أنواعا من الضغط، محمد كان ما يزال يحدث الطبيبة، حيث أوصته ببعض الأدوية الوقائية والمنشطة للمناعة تتناولها زوجته بينما تتوصل بالنتائج من المختبر بالأيام القليلة القادمة، ففرغ أخيرا ووصل أمام سيارته ليدخلها وحزن يملأ عينيه فيحاول أن يخفيه، جلس خلف عجلة القيادة ولمياء تتابع تحركاته والأسى على وجهه، ثم وهو يدس ورقة الأدوية بمخبأ السيارة الصغير أمامها..
امتدت يدها لنفس المكان تخرجها وتقرأ محتواها:
- لأي شيء أحتاج هاته الأدوية؟
محمد انتبه لتصرفها فتركها تفعل ما تشاء وانطلق يسلك طريقا للبيت وبعد أن طرحت سؤالها أجاب بعكس التوتر الذي يحسه:
- هي في مثابة مقويات!
أجابها وهو ينقل نظره بينها وبين الطريق أمامه..
- أمممممم! ( لمياء بعدم ارتياح) في مثابة مقويات! ولكنها ليست مقويات لأنني لست بحاجتها!
محمد يؤكد ليلزمها الصمت:
- لستِ أدرى من صاحبة الاختصاص..
انتهت رحلتهما القصيرة باتجاه المنزل بعد دقائق وهم محمد بالابتعاد – ليحضر لها الدواء من أقرب صيدلية ليلية بما أنها التاسعة مساء- فنزلت لمياء بطلب منه ودخلت بيتها بانكسار واضح.. بينما غادر محمد بتوتر أوضح!
..........................
................
يوم السبت،
يوم الزيارة الموعودة من صديقات هدى،
ونفس يوم استيفاء عمر للوقت المخصص بالبعثة وهما الأسبوعان الكاملان اللذان أمضاهما بالجزائر،
ولكنه لم يعلن عن قدومه ولا أشار مجرد إشارة لذلك،
وسهام في قلق دائم.. حتى قبل أن ينهي المدة، فكيف وقد أنهاها دون أن تتوصل منه بنبأ.. غير اتصالين اثنين كانا بنفس النهار منذ ثلاثة أيام.. أخبرها من خلالهما أنه بخير وصحة وأن لا شيء يدعو لقلق من أي نوع..
......................................
.........................
بيت كريم،
الساعة تشير لحدود منتصف النهار،
استعدادات هدى على قدم وساق،
أما كريم فقد توجه لبيت العائلة منذ الصباح الباكر، وهي أول زيارة لوالدته بعد الزفاف، من جهة لأن من المفترض أنه عريس جديد إضافة إلى أنه مشغول بعمله، ومن جهة أخرى لأنه لا يتوافر نفسيا على ما يتوافر عليه أي إنسان سعيد بزواجه ومرتاح ببيته وصحبة زوجته، أما من الجهة الثالثة، فأحد أسباب زياراته المستمرة لأمه ونسيمة وهي الاطمئنان على حالهما واحتياجاتهما، وقد استطاع أن يستأمن زوج أخته على هذا الدور لأنه قام به خير قيام،
وبعد ذلك أخذ طريقا لإحدى مزارعه المتواجدة بإقليم بن سليمان (منطقة فلاحية شرق المدينة، تبعد بـ 55 كلم ويصنفها البعض على أنها أجمل مدينة مغربية)
لسببين اثنين: أحدهما، أن له أشغالا هناك والآخر أنه يريد أن يعطي الزائرات فرصة ليشعرن بحرية أكثر فيعود بعد تناولهن الغداء إن هو أنهى مهمته السريعة..
بعد أن (صباح الخميس، نفس المدة التي منحها لصلاح حتى يهاجر البلاد) أرسل اثنين من مفتشي شغل يبتدئان تقريرهما من مقر عمله وحتى آخر بناية تقوم مقاولته بإنجازها.. ولم تتأكد ضده أية مخالفة لحسن حظه، وإلا لما كان ليتركه ينفذ بجلده، وصلاح لم يهاجر بل امتنع عن ذلك مستشهدا بأن رغبته في التسهيلات لها علاقة بحجم البضائع التي ستجد صعوبة وإشكالا بإجراءات دخولها نظرا لعددها الكبير وليس لأنها من المحظورات!
لهذا مانع السفر خاصة أن وضعه الصحي لا يسمح، وقد تراجع في مساومته لأنها لم تجلب له إلا الشك من كل جانب!
................................
....................
وصلت الصديقات الثلاث بسيارة ليلى،
كن جدا معجبات بالبيت منذ مدخله، وأعربن عن إعجابهن الشديد حالما جالسن هدى التي كانت في قمة من قمم السعادة، عاد لها بعض من المرح المفقود وطالت ابتساماتها وضحكها في مزيج عجيب بين رقة أنثى وشقاوة طفلة، تغدين وتناولن الحلوى واجتمعن بالصالة الداخلية يتجاذبن أطراف أحاديث شيقة، بين الماضي، ماضيهن القريب معا والماضي البعيد الخاص بكل منهن..
رغم أنها مرتاحة من عدم وجوده، إلا أن لدى هدى خوفا من رد فعله وتصرفه أمام صديقاتها، إلا أنها عادت لتتذكر أنها رجل الوعود الصادقة! والدليل أنه لم يحنث أيا من وعوده الشريرة معها..
...................................
....................
سهام تشاهد التلفاز لوحدها بعد أن تناولت غداءها وحممت ابنها ولاعبته إلى أن تعب ونام،
وأما والدتها فشعرت ببعض الارهاق وذهبت لغرفتها تغفو قليلا،
لذا فهي تنتقل من قناة لأخرى إلى أن توقفت لدى موجز إخباري،
أنباء مختلفة قصيرة،
وفي واحدة منها.. تناهى لمسمعها إسم سبق وسمعته:
غرداية!
وضع غير مستقر!
نزاعات جديدة!
وحرائق مندلعة!
أليست هذه هي المنطقة التي يعمل بها عمر حاليا؟
لا ربما هو تشابه بالأسماء،
حتى وإن كانت نفس المنطقة فبها مدن عدة،
ويحتمل أن عمر في منآى عن هاته الحرب الطائفية،
ولكن كل محاولات الاحتمال فشلت فشلا ذريعا في كبت شعور الخوف المتصاعد أو حتى النقص منه،
آه لو أتأكد على الأقل من اسم المدينة!
لماذا يا عمر تغيب علي كل هذا الوقت؟
ألا أستحق منك أن تطمئن قلبي بكلمة؟
أخذت رأسها بين يديها تضغط عليه بشدة لأن الأفكار المتخبطة به أوجعته، ولو كان لنفس اليدين أن يخترقا صدرها ليضغطا على ما وراءه من فؤاد موجوع أيضا لما تراجعت بفعل ذلك!
تجد أن الموقف أكبر من مجرد توتر وقلق وأنه يستدعي التحرك بأي أسلوب كان،
لذا التقطت الهاتف بشكل سريع واتصلت بخدمة المشتركين ومنهم حصلت على رقم وزارة الصحة فهاتفتهم على عجل:
- مرحبا!
- ...
- آنستي أيمكنك تزويدي بأخبار عن وجهة الطاقم الطبي الذي سافر منذ أسبوعين باتجاه الجزائر؟
- ...
- أفهم أن هناك سرية معينة.. ولكن أرجوك أنا زوجة عضو من الأعضاء ولم أتلقى مكالمة منه رغم أنه من المفترض انتهاء المدة اليوم.. ان لم تصدقيني يمكن أن أزودك بكل المعلومات الخاصة به...
.........................
..............
العصر،
وصل كريم بيته، ومع وصوله دخل الصالة تسبقه ابتسامة واثقة في منتهى الروعة بطقم أبيض شديد الأناقة، ألقى السلام عن قرب فوقفت هدى بجانبه مرحبة به أولا ومعرفة إياه لصديقاتها، بابتسامة صافية:
- أقدم لكن زوجي: كريم!
يرى قدرتها الفذة على التمثيل فابتسم أكثر قبل أن تردف هي:
- كريم أقدم لك صديقاتي الثلاث:
ثم مشيرة إليهن من اليمين إلى اليسار:
- ليلى.. صفاء.. وإكريم!
- تشرفت بكن!
- ونحن أكثر!
جواب مشترك أتاه من ثلاث أصوات مختلفة..
فرحب بهن ودعاهن للتصرف كما لو كن ببيوتهن حقا، بينما اختلفت ردود أفعالهن من واحدة لأخرى..
إكرام كانت أكثرهن خجلا، لذا لم ترفع رأسها أبدا حال وقوفه وكل ما رأته هو شبح أبيض مهيب لدى دخوله،
ليلى ألقت عليه نظرة خاطفة للتعرف إليه تعرفا كاملا يجمع بين الصوت والصورة،
أما صفاء، فقد أطالت النظر وبهرت به، لم تتوقع أنه على هذا المستوى من..
من..
من كل شيء!
رجل خارق للعادة شكلا ومضمونا،
هل هو من كوكب الأرض فعلا؟
أم أنه من عالم آخر؟
أكثر رقيا وتقدما..
فيما يخص الجمال والإثارة!
ما هذا الأبيض المتناقض تناقضا تاما مع بشرته،
والذي يكون في تناقضه لوحة من الإبداع والحسن؟
ما هذا الصوت؟
وما هاته النبرة؟
وأية ثقة ينعم بها هذا الإنسان؟
رجولة متجسدة!
ووسامة طاغية!
فأي حظ هذا الذي جعلك يا هدى تنعمين بهذا الرجل لوحدك دون باقي النساء!
كانت لكريم نية بالبقاء أكثر وحتى تناول مشروب ما معهن ولكنه عدل عن الفكرة وصعد غرفته بعد ثلاث دقائق من ولوجه البيت!
…………………..
…………..
سهام،
بعد أن أعطت الموظفة المعلومات الخاصة بزوجها وتأكد أنها واحدة من أهله أخبرتها عن وجهة الطاقم وأنها بريان، وأضافت على ذلك أن هناك حالات إصابات في صفوف الأطباء وأن واحدا منهم وافته المنية في حريق بليغ لم يكن هو ضحيته الوحيدة!
لم يكن ذاك هو الكارثة،
بل الكارثة الحقيقية تمثلت في أن لا أحد تعرف على اسمه لحد الآن يعود ذلك لأن الوضع غير قار وكل ما توصلت إليه الوزارة هو هذا الخبر الغير كامل لهذا شددت على عدم تسريبه لأي من الجهات، ولكن سهام أصرت.. وإصرارها لم يزد نارها إلا نارا وأوقد في نفسها المخاوف!
............................
...................
بعد أن أمضت الشابات وقتا ممتعا – طال لساعات- رفقة هدى، قررن الانصراف، خصوصا مع اقتراب الغروب،
تمنين لها السعادة واستعددن للرحيل:
إكرام:
- إهتمي بنفسك حبيبتي وبيننا اتصالات على الدوام!
هدى بود أكبر:
- أكيد!
ليلى تسلم وتهمس:
- دعينا نراك بالقريب.. وشكرا على الدعوة حبيبتي!
هدى تنهي سلامها لها لتودع صفاء بدورها:
- طبعا سنتقابل كلما أتاحت لنا الفرصة.. بإذن الله، والعفو حبيبتي لا داعي لشكري!
صفاء تسلم وعيناها تتجهان للدرج بالقرب من مكان وقوفهن أمام الباب الداخلي:
- شكرا لك على استضافتنا.. ولو أن زوجك لم ينزل منذ صعوده بعد العصر..
ثم ضاحكة ضحكة غير مناسبة للموقف العام:
- تدرين شيئا، لك حق بتقديم الاستقالة بدل إجازة طويلة، والتخلي عن العمل نهائيا، فهو يستحق أن تلزمي البيت لأجله فلا شيء يعوض عن دقيقة تعيشينها بقربه!
هدى طالها التعجب من كلام صديقتها ولكنه انمحى – الاستغراب – تدريجيا وهي ترى كريم ينزل الدرج متوجها للمسجد، بيده جواله يتحدث من خلاله، وبعينيه نظرة غير عادية، أو هكذا خيل لها لأنها لا تقوى – ككل مرة – على مواجهة نظرته – عكس بدايات تعرفها اللعين عليه!
نظرته جعلتها تعطي صديقتها إشارة لا تلاحظ طلبا لسكوتها.. فصمتت الأخرى!
وسلم كريم مودعا وهو ينصرف لتتبعه الباقيات بعد دقيقة من خروجه،
..................................
...................
أذان المغرب يصدح،
بيت أهل الأسد العتيق،
نبيل توجه للمسجد، وهي فرصة لالتقائه بكريم في أغلب الأحيان، لأنهما يصليان بذات مسجد الحي، ولو أنه بعيد بعض الشيء ولا يتوجهون له إلا ركوبا..
وكل من نسيمة وأمها تنهيان حديثا بدآه منذ قليل:
- أراه مستكينا نوعا!
نسيمة ترد بفضول:
- وأنا أظنه كذلك أيضا، ولكن لمَ لمْ يُحضر هدى يا أمي؟
السيدة صفية بهدوء:
- يقول أن صديقاتها سيزرنها.. دون أن تغفلي على أن زيارات العروس الجديدة تكون جد محدودة!
نسيمة ترتب شعرها بطريقة مسرحية:
- تقاليد عجيبة حقا! لماذا لا يسمح لها بالزيارات؟ أليست رفقة زوجها؟ والأهم: أليس بيتنا الأقرب لبيتهم؟
ثم وهي ترفع رأسها بأنفة واضحة:
- أنظري إلي ونبيل.. نحن أتيناك من كندا زائرين.. رغم أننا لازلنا عروسين لم نتمم من عمر زواجنا عشرين عاما بعد!
السيدة صفية تضحك:
- قومي ودعينا نصلي.. فأنت مسرح متحرك!
نسيمة تمثل الحزن وتمسح دموعا غير موجودة من الأصل:
- الآن صرت مسرحا؟ بالطبع فقد صارت لك زوجة ابن وما عاد لك حاجة بي!
لا بأس يا صفية.. لا بأس.. اشتميني كما شئت.. وأنا لن أرد لفارق السن بيننا!
صفية يهتز كتفاها الناعمان بضحكة ناعمة، وتقوم لتجذب ابنتها من ذراعها بلطف:
- لي زوجة ابن حلوة ولكن لي قبلها ابنة في غاية الحلاوة والجنون أيضا!
نسيمة تقف وتستعد للصعود لأعلى:
- لم تخبريني؟
- ماذا يا حبيبتي؟
- متى يحين لابني خالد أن يهان تماما كأمه؟
صفية تسبقها لصعود الدرج ونسيمة تبتسم:
- أعني متى يحل بدل حفيدك القديم حفيد جديد لترمينا – أنا وهو- خارج دائرة اهتماماتك بالمطلق!
صفية بعتاب حقيقي:
- أنت تغالين يا ابنتي! فقلبي يسعكم جميعا مهما كبرت عائلتي فقلبي سيكبر معها ويكون لكل مكانه المميز بها!
نسيمة تصل أمها وتمسك رأسها لتقبله لتنفض عنها المعاتبة:
- تعلمين أنني أمزح.. أليس كذلك!
صفية بتفهم:
- أجل.. صحيح!
نسيمة بجدية:
- كنت أقصد: هل أتى كريم على ذكر أي جنين في الطريق؟ ألا ينتظران طفلا بعد؟
صفية بابتسامة واسعة:
- طفل بالثمانية أيام الأولى! هل تؤمنين بالسرعة في كل شيء؟
نسيمة بصدق ليس غير مرح جديد وهما تدخلان إحدى الغرف وتلبسان لباس الصلاة:
- وما ذنبي أنا؟ كل ما أريده هو أن أكون عمة قبل سفري!
صفية تكتم ضحكتها وتفرش السجاد أمامهما:
- عمة في أقل من شهرين؟ يا لك من عمة مخبولة!
.....................................
.....................
بيت كريم،
بعد أداء فرضه عاد،
ودخل على وجه السرعة وهو يطلب هدى إلى مكتبه، ويحكم إغلاق الباب بعد ولوجهما معا،
هدى من جهتها كان لديها شك في أنه سمع الكلام الغبي المتغابي لصديقة أغبى،
وبعد طلبه لها تأكدت من سوء مصير اختيارها، وأن الهدنة كما بدأت بشكل مباغت ستنتهي بشكل مباغت كذلك!
تحاول الاسترخاء فوق كرسي الجلد الوثير لكن الاسترخاء يبدو بعيدا عنها بعد السماء عن الأرض،
كان كريم يعطيها فرصة للكلام – حسب ظنها – وهو يسحب كتابا من بين الكتب الكثيرة والتي تصل لسقف المكتب، يتوجه به ويجلس أمامها على كرسي الضيوف الآخر، يضعه على الطاولة بتأن ويبسط ذراعه اليمنى على سطح المكتب،
ولكنها لم تتكلم لحد الآن ولا هو فعل..
أحست أن مهلة الفرصة شارفت على الانتهاء وأنها يجب أن تصارحه وليكن ما يكون!
ألم يجبرها على التخلي عن عملها؟ فها هي قد تخلت عنه ولكن بما يناسب طموحاتها، بشكل مؤقت لا أبدي!
ولأنها ستمهد له رغبتها في الطلاق والحصول على حريتها بعد شهور قليلة قريبا، فالأحسن أن تخاطبه الآن بما يدور في عقلها فتطلعه على رأيها دون تردد وتدافع وتهاجم حسب فعله ورد فعله هو..
همت بقول شيء:
- كريم..
وهم هو قبلها بصوت أعلى وأكثر ثقة:
- هدى..
صمتا للحظة فدعته للكلام:
- بما أنك طلبتني، فتحدث أولا!
كريم بلباقة بالغة:
- تكلمي أنت!
هدى بنفس اللهجة:
- بل أنت!
ووسط دعواتهما المتتالية لبعض للكلام فقد ارتأى كريم أن لا يضيع وقتا أكبر:
- ما أردت قوله: هو أن عملية اختيارك لصديقاتك يتخللها خلل، وخلل هائل أيضا!
فتحت هدى عينيها باستغراب:
- لا أفهم قصدك!
كريم بلهجة أوضح:
- تلك الشقراء، لا أريدها أن تطأ عتبة بيتي مجددا!
هدى باندهاش حقيقي:
- تقصد صفاء؟
- أجل! (أجابها بهدوء)
هدى بعصبية:
- عجبا! ألم تقل أنه بيتي ويمكنني أن أدعو له من شئت؟ أم أنك تسحب مني ملكيته شيئا فشيئا.. إلى أن أجد في يوم ما كل معارفي معفيين.. بل وممنوعين من زيارتي؟
لقد سجنتني ببيتك! وها أنت تعود لتشديده بما لم ولا ولن يرضيني تقبله.. لن أرضى بانتقائك لصديقاتي أيضا!
كريم بنفس الهدوء:
- لقد قلت كل ما عندي.. ولا داعي لتذكيرك بأن..
توقف لتكمل هي:
- أوامرك لا تناقش!
كريم بابتسامة طفيفة:
- صرت تستوعبين بسرعة أكبر!
هدى بحزم:
- هي بالفعل غير قابلة للنقاش.. لأنها مرفوضة من طرفي رفضا تاما! وسأجيبك بـــ لا!
كريم لم يتحرك له ساكن من عصبيتها:
- إذن سأطردها بنفسي! وما منعني من طردها قبل قليل هو تواجد ضيفتين أخريين!
- لأي سبب؟ ولم صفاء بالذات؟
لم يشأ أن يجرحها ولكنه تضطره لفعل ذلك:
- لأنها تتحرش بي!
- مــــــــــــــــــــاذااااااا؟؟؟
صدمت من جوابه،
جواب غير قابل للفهم أو التصديق،
غير منطقي،
ولا مبرر له من المبررات غير أن صاحب الرد.. أو فقد جزءا من إدراكه، أو أن غروره بنفسه صور له من الحقائق باطلا!
علق كريم على سؤالها المصدوم:
- هو ذاك، لقد أسأت الاختيار!
هدى بتهجم بعد أن غالبت وقع المفاجأة:
- وهل تظن أن جمالك يفقد النساء صوابهن؟
كريم بغرور حقيقي:
- بالطبع!
صمتت وما عادت لترد بشيء خاصة أن الكلمات عندها عجزت أن تساير الموقف..
فأكمل كريم بنبرة واثقة:
- وبغض النظر عن انجذاب النساء لي.. فصديقتك هاته تبقى غير مخلصة تماما!
بتعقل مفتعل حاولت مجاراته بينما السخرية بدت جلية في صوتها:
- وما دليلك على ذلك؟ حتى أنها لم تقترب منك ليتسنى التحرش (شددت على الكلمة) بك، كما تدعي أنت!
- تريدين دليلا رغم ما قلته؟
هدى بتحد:
- نعم!
كريم بتحد أكبر:
- حسن سأوفر لك دليلا. إدعيها مجددا ولتكن وحدها.. وعلي الباقي!
هدى تمثل اندهاشا ساخرا:
- وهكذا أحصل على برهان؟
أومأ بالإيجاب فما كان منها إلا أن أجابت بثقة:
- موافقة!
أحلامي خيال
|