كاتب الموضوع :
أحلامي خيال
المنتدى :
الارشيف
السلام عليكم يا أحلى قارئات
أشكركم كل الشكر
وها أنا قد أتيتكم بجزء آخر أعتبره مختلفا
حيث تبدأ القصة ببأخذ منحى آخر مختلف
انتهت التعريفات
والحالة المستقرة
وبدأت العقدة
أتمنى يعجبكم
وينال رضاكم الغالي
الجزء السادس
بعد عودة والدة هدى، استطاعت هذه الأخيرة الاستسلام للنوم، أيقظها المنبه للفجر.. صلت ثم غفت مطولا...
وهاهي الساعة تشير للحادية عشرة، مدت ذراعيها بكسل وخيوط ذهبية من الشمس تغزو الغرفة، تركت السرير وتوجهت للحمام (وأنتم بكرامة) تغسل وجهها...
اتصلت بسهام تسأل عن حالها وارتساماتها عن مناسبة الليلة الماضية، ووعدتها بالزيارة اليوم... أنهت المكالمة، غيرت قميص نومها وارتدت بدله بيجامة ذات لون سماوي بتفاصيل طفولية ورسوم كارتونية جعلتها تبدو أصغر وأجمل ببراءة ساحرة...
تركت غرفتها بمهل وتوجهت لغرفة أخيها.. تطرق الباب بخفة فلا يرد وتعيد الكرة فيصل مسامعها صوته ذي النبرة الشهيرة - كلما حاول أحد كسر سباته العميق الذي لا ينتهي إلا ظهرا أو عصرا-:
- هدى كفي عن الضجيج ودعيني أنام! نوم.. نوم.. أحتاج نوما!
تفتح الباب بنفس الهدوء وتجلس على جانب السرير تمعن النظر بوجهه الجميل:
يشبه أباها كثيرا،
صبياني لأبعد حد،
مشاكس حتى النخاع،
مبهر بكل تفاصيله،
كم تحبه وكم هي عاتبة على طيشه!
ذراعه يغطي مقلتيه وجسمه يمتد على طول السرير.
يحس بنظراتها له ويروق له إغاظتها تماما كما أفسدت راحته:
-إن تزوجتي فسأضمن لك وجها أحسن للتدقيق فيه.
يدرك أن الموضوع سيوقظ رغبتها بعضه ولكنها لم تفعل..
رفع ذراعه برفق وعيناه تبحثان عنها، ليست بطرف السرير فأين هي إذن؟
واقفة أعلى رأسه وحالما أبعد ذراعه تنقض على خده فتقبصه.. وعلاء يئن بشكل مبالغ وهو يمسح على مكان الألم المزعوم:
- آاااااااه... ما هاته الأصابع الرقيقة الدقيقة الشريرة القاسية اللادغة اللاذعة السامة؟؟
كلامه السريع وطريقته وانسياب الكلمات العجيب منه دفعها للضحك بصوت عال:
- أنا؟ أنا أصابعي سامة يا سيد سلم؟ فليسامحك الله على هذا الوصف الوافي.
دفعته برفق ليترك لها مكانا بجانبه:
- أترك لي مجالا لأجلس!
أذعن لكلامها وقبل أن تنطق بما يتوقع (تأنيباتها لغيابه وإهماله).. يرتفع صوت الشــــخيـــــر..
- هيا قم وأخبرني أين أمضيت أمس؟
جلس بملل:
- لم أكن أدري قبل الآن أنك أخي الكبير وأنا أختك الصغيرة.
تواجه عينيه بلطف وتمط شفتيها استعدادا للكلام: - حسنا يا عزيزتي الصغيرة أخبريني..
وقبل أن تكمل جملتها يهجم عليها بدغدغة أسالت دموعها من شدة الضحك:
- أنا صغيرة أنا؟
هدى تحاول استجماع الكلمات وبطنها يوجعها من فرط الضحك:
- أرجـ و ك أن تـــ تـــــ وقــــف!
فتح الباب والسيدة حبيبة تتدخل لفض النزاع:
- الفطور جاهز.. توقفا عن العبث!
وبالفعل توجهوا ثلاثتهم للمطبخ وهدى تنوي زيارة سهام وإمضاء بقية اليوم برفقتها
....
..
بوسط المدينة.. بعيدا عن سكن العائلة وسكنه الشبه مكتمل..
ملعب الغولف الممتد في مساحات خضراء معشوشبة وبرك مائية بأشكال وأحجام مختلفة..
كريم ببدلة مميزة للغولف.. سروال أبيض، قميص أزرق فاتح، قبعة (بيريه) بيضاء و أخيرا حذاء محدب خاص باللعبة ذي لونين اثنين أزرق وأبيض، هذا البياض يبرز لون بشرته البرونزي الخاص جدا..
يحمل بيده الميجارا (عصا الغولف) ويسندها على كتفه، بثقته التي لا تتنازل:
- كنت أكيدا من الفوز!
عبد الغفور زميله في اللعبة وصديق للعائلة:
- وأنا كنت واثقا مثلك.. ولكن..
- ولكني لم أبلي حسنا؟
- بلا ولكن.. ليس كما المرات السابقة..
- علي ضغوط كثيرة وأنا أحاول تقسيم وقتي بينها!
قالها وتعابير وجهه أبعد ما يكون عن الضغط؛
أو هو ضغط غير منفر؛
مستحسن من جهته؛
محبب إلى قلبه؛
مرغوب لديه؟؟
عبد الغفور بتعجب:
- أستغرب حقا عدم انضمامك للمحترفين لماذا تصر على قسم الهواة فأنا أتوقع لك مستقبلا كبيرا..
ابتسم كريم ابتسامة ساخرة:
- خيالاتك شطحت بك بعيدا.
عبد الغفور باستنكار أخوي:
- ولم تعتبره خيالا غير ذي معنى؟
كريم بحزم:
- لا عملي ولا مكانتي تسمح لي باتخاذها أكثر من تسلية!
أتراني متفرغا لهذه الدرجة حتى أهمل مسؤولياتي في سبيل لعبة؟
كانت لدى عبد الغفور النية بالرد ولكن قادما ما قاطع نيته تلك، بارك لكريم الفوز واستمر حديثهم لبعض الوقت،
محاور مميز وأنفته وغروره يطغيان أينما تواجد..
في هذه الأثناء تم الإعلان عن الفائز رسميا
وبعدها مباشرة انصرف كريم حتى يتناول غداءه مع الوالدة وينهي بعض الأعمال العالقة خارج المدينة..
.....
وتمر أيام على الأحداث الأخيرة
أسبوعان اثنان
كل شيء على ما هو عليه
لا تغيرات تطبع الأسر الصغيرة أو العائلات الكبيرة..
هدى بلا،
انزعاجها يزيد،
وعقلها ما ينفك يصور لها أمورا مريعة،
صارت أكيدة من أنها مراقبة ولكن لا دليل لديها،
والتخوفات بدأت تأخذ منحى جديا،
لم تصارح أحدا بالأمر فهي جدا كتومة بما هو خطر،
والخطر ما يفتأ يزداد منها قربا،
أكثر وأكثر،
انتزعها من تهيؤاتها طرق على باب مكتبها،
- أدخل! أذنت للطارق بهدوء.
- أيا خائنة الصداقة؟ تشربين الشاي لوحدك وأنا أريد إشراكك بقهوتي!
صفاء وهي تضع الفنجالين على سطح المكتب بينما تترك هدى وضعها في الجلوس على حافة المكتب وعيونها تبحر عبر النافذة المطلة على الشارع..
تبتسم لها بود:
لا لم أقصد ولكني أحسست بحاجتي لكافيين الشاي أكثر..
- أعذرك إذا!
سكتت صفاء لبعض الوقت وأردفت:
- سمعت أنه من المترقب أن تحصل ترقيات بالسلم الإداري..
ببرود غير معهود منها فيما يخص العمل:
- جيد!
- هدى هل أنت أكيدة أنك على ما يرام؟
باضطراب مغلف بهدوء:
- أجل أكيدة!
استمرت صفاء بالحديث عن العمل مرة وعن الموضا والزينة مرات، وهي تعد زميلة (موظفة في التسويق) أكثر منها صديقة لهدى لأن لهاته الأخيرة بعض التحفظات على تفكيرها ليس لعيب محدد ولكن لاختلاف طباع الاثنتين، صفاء جمالها غربي لا شرقي، خصلات شعرها الشقراء ولون عيونها المائل للاخضرار يعطيها لمسة جمالية لكنها متحررة بقناعاتها الشخصية وبطريقة لباسها..
وفي خضم دقائق الاستراحة المسائية التي طالت تمنت هدى أن يقترب موعد الذهاب للبيت حتى تتمكن من النوم تعويضا للأرق الذي بدأ يلازمها..
.....
يترك مقر عمله ببدلة رسمية سوداء، احترامه مفروض على من حوله، ووجوده يفرض صمتا حادا،
يتبعه الحرس الخاص فيواجههم بحدة:
- ألم أخبركم مسبقا أن لا تتبعوني!
واحد من الحرس باحترام:
- ولكن سيدي الأوامر..
- أنا من يأمركما.. انصرفا!
لديه مهمة خاصة،
يركب سيارته فهو لا يحبذ استعمال سيارة العمل إلا في مهام معينة..
يأخذ طريقه بالشارع الرئيسي، الساعة السادسة وبضع دقائق، التوقيت الرسمي العام لانتهاء عمل أغلب المؤسسات..
هدى بهذا الوقت تتوجه لبيتها بعد يوم طويل مضني..
إشارة ضوئية على الطريق اضطرتها للتوقف شأنها شأن كل الراكبين..
تسحب هاتفها المحمول بهدوء تود التأكد من أن ليس لديها اتصالات.. ثم كاستعمال ثان (خاص بالنساء وحسب) تتأكد من مظهرها بمرآة السيارة الأمامية ( ياقة معطفها الربيعي بأخضر غامق والذي يصل لتحت ركبتيها بقليل يخفي تحته سروال جينز أزرق وحذاء بكعب بذات لون المعطف، تتأكد من استدارة حجابها الحريري الأخضر على وجه جميل لا يزينه غير كحل أسود) فإذ بنظرها يمتد قليلا لما وراء محياها أو الأصح لما وراء سيارتها من خلال المرآة،
سيارة فاخرة سوداء وراءها مباشرة، مألوفة لها، جدا، كثيرا...
لم تستطع أن تتبين سائقها فهاهي الاشارة الضوئية تعود لتسمح لها ولغيرها بالمرور... مرت دقائق إضافية وهي مازالت بالطريق العام، وكنوع من الحدس رفعت رأسها للمرآة لتجد أن السيارة وراءها من جديد..
الخوف سيطر عليها؛
والقلق يغزو قلبها المتعب؛
لكن إلى متى؟
ولماذا علي أن أعيش هذا القلق؟
من هذا الذي يحسب خطواتي؟
وما السر وراء ذلك؟
السيارة هاته رأيتها ذات مرة أمام منزلنا!
وأخرى أمام عملي!
وأظن صادفتها (إن كانت مصادفة فعلا) بهذا الشارع تحديدا أكثر من مرة!
الفوضى عمت صبرها؛
وأغلقت كل منافذ التعقل الممكنة والغير ممكنة..
فليكن إذا!
لابد من المواجهة!
المسيرة مستمرة بالشارع الغارق بعربات من مختلف الأحجام.. كل لوجهته.. وكل ومقصده..
فإذ بها تكبح الفرامل بغتة وصوت الاحتكاك بالإسفلت يصدح بشدة... شبه ارتطام بالسيارة التي خلف سيارتها تماما لولا أن صاحبها تدارك الأمر رغم المفاجأة..
غضب لف أعصابها لفاٍّ فأفلتها وأتلفها بذات الوقت..
تركت مقودها وقفزت من السيارة يحركها فضول وشجاعة خفيان للتعرف على قناصها..
ترك هو الآخر مقوده وتحرر من مقعده يقف إلى جانب سيارته بثبات في حين تتوجه اليه كإعصار، كزلزال يعلن دمارا فوريا وحتميا...
هو.. إنه هو!!
الشخص الذي سلمني الوثائق ذات مرة؛
يوم المخالفة؛
منذ ثلاث أسابيع؛
لماذا؟
وكيف؟
قاطع أسألتها الداخلية صوته وهي تقف أمامه، في مواجهته،
ندا لند،
وجها لوجه،
وببروده الساخر:
- هل يمكن أن أعرف سبب توقفك الغريب هذا بمنتصف الطريق؟
عيونه تناظر عيونها في حين تشير يده للمارين من خلفه يتيح لهم الاستمرار في المسير بعد أن ارتفعت أصوات منبهاتهم.
رغم توترها البالغ، إلا أنها بادرته بسؤال آخر.. فاحم متحد.. ولكنه يطوي حقدا اشتعل بنفس الثانية التي رأته بها وتأكدت شكوكها:
- وهل يمكن أن أعرف أنــــــــا سبب تتبعك لي؟؟؟
مع تحيات أحلامي خيال
بانتظار آرائكم وتوقعاتكم وتعليقاتكم
وموعدنا بعد غد بإذن الله
|