كاتب الموضوع :
أحلامي خيال
المنتدى :
الارشيف
حبيباتي السلام عليكن
سامحوني لاني ما تمكنتش من قراءة ردودكم وبالتالي.. ولا الرد عليها،
استلموا مني الجزء بدون إطالة،
يا رب يعجبكم
والآتي أعصف وأجمل بإذن واحد أحد
محبتكم أحلامي خيال:
الجزءالتاسع عشر
الجمعة،
بعد مرور يومين،
حصلت العديد من التطورات،
أولها طبعا أن لمياء ذاقت الويلات على يد محمد..
ممنوعة من الخروج..
تمضي يومها كاملا بالبيت..
تعمل بكلل وملل ولكن لا استطاعة لديها للرفض والاعتراض..
لا تجيد أي شيء تقوم به فتلقى بذلك السب والتنكيل من زوجها..
حتى تناول الوجبات على طاولة الأكل صار من المحرمات..
فالمطبخ هو مكان الخدم كما أكد عليها محمد منذ أول صباح لليومين الماضيين..
وهاهي بعد نهار شاق من الأعمال المنزلية تدرس عادل بغرفته اتباعا لتشديدات زوجها عليها بالموضوع،
تمسك القلم بين يديها وتشير للدفتر على الطاولة:
- خمسة مضافة لاثنين تساوي كم؟
عادل بتردد وبعض الخوف:
- ثمانية؟
- ما هذا الغباء؟ أنت لم تجب على أي من الأسئلة بشكل صحيح، كله خطأ بخطأ!
الوضع لا يحتمل معك..أولست بالسنة الأولى ابتدائية؟
عادل بإحراج وهو يطأطئ رأسه:
- لا يا أمي أنا بالسنة الثانية!
لمياء بعصبية:
- أولا يدعوك هذا للخجل من نفسك؟
جاءها جواب أنضج وأقوى بكثير:
- لماذا عليه أن يخجل وهذا مفروض بغيره!
- هزها الصوت كما هزها ماجاء به الصوت من مضامين.. استمرت بتصفح الكراسة وهي لا تقوى على مواجهة عيونه المتهمة لها.. خشية مبطنة من انتقادات محمد اللاذعة ومن تواجده بشكل عام..
مايزال واقفا بالباب بطقم عمله الذي انتهى دوامه للتو، يحاول الحفاظ على نبرة هادئة قدر الإمكان، في حين نهض عادل وارتمى بحضنه فاستقبله محمد بحب، صورة أبوية مثالية واضحة حتى لمن يعانون ضعف بصر.. وهو يعبث بشعر ابنه بحنان:
- ألن تقبل أباك؟
- طبعا!
قالها عادل بابتسامة وهو يطبع قبلة على خد أبيه.. ليخرج هذا الأخير من جيب سترته قطعة من الشوكولا ويضعها بين يديه..
- هذه لك وسأمنحك أخرى حالما تقوم بواجباتك كلها!
- شكرا أبي!
لكنها للأسف صورة ليست بالقوة اللازمة لتتضح لمن يعانون ضعفا بالبصيرة شأن لمياء..
- حسنا حبيبي دعني أنا وأمك وحدنا لبعض الوقت!
انصرف الابن باحترام بالغ:
في حين أغلق محمد الباب بقوة:
- ماهاته الطريقة التي تكلمين بها الولد؟
لمياء أعطته نظرة متحدية وعادت عيناها للكراسة دون أن ترد عليه بعدم اهتمام ظاهري رافقه قلب مرتعش من الداخل...
صاح بها والغضب ينهشه:
- حين أكلمك ردي علي!
تشبثت بصمتها في حين اقترب منها وسحب الكراسة من تحت عينيها ليرميها بعيدا.. وبنفس نبرته:
- ألا تسمعين؟
أجابت بعصبية محاولة إخفاء توترها..
- لا لا أسمع واتركني وشأني الآن!
سحبها من ذراعها وجعلها تقف بالقوة:
- لن أسمح لك بإيذاء أبنائي بكلامك أكثر مما آذيتهم لحد الآن.. ألم تتساءلي مثلا أيتها الأم المثالية من المسؤول عن تراجعه بالدراسة!
أو.. لا داعي للسؤال لأن من الصعب على مثلك أن تكون أما فتفهم ما يحصل بحياة أبنائها أو تحاول فهمه ولو حتى على سبيل المجاملة!
استرسل وهو يصيح بها:
- لكن تذكري شيئا واحدا: وهو أنني لن أسمح لك بمخاطبة أبنائي على هذا النحو..
- وحاولي مساعدة عادل للتغلب على ضعفه بدل إحباطه بتعليقاتك السخيفة..
تركها واستعد للمغادرة وهي تدعك مكان يده بألم.. فقالت تستوقفه:
-أمي دعتني لزيارة البيت الليلة!
قال ببرود:
- لن تذهبي!
لمياء تستدرك بسرعة:
- ولكنها خطبة أختي!
خرج وترك لها الغرفة متجاهلا كلامها!
+++++++++
الثامنة مساءا:
عمر تأخر في العودة من المشفى،
ورغم قلقها عليه، إلا أن سهام حاولت شغل وقتها بعيدا عنه واستغلت عدم وجوده لأخذ مطلق الحرية بغرفتها،
اختارت قفطانا أسود ناعم وجميل بخياطة عصرية عبارة عن سفيفة وردية (ما يزين الرداء التقليدي المغربي من تفاصيل بذيل الرداء ونهايات الأكمام ومنتصف الصدر من الأعلى إلى الأسفل) اختارت له حذاء تقليديا (بلغة) مطرزة بالوردي وحجابا ورديا... فردتهم على السرير وتوجهت للحمام،
استحمت وتوضأت لتصلي آخر فرض لها، وحال خروجها من الحمام بعجلة... محاولة منها بذلك تجنب لقائه رغم أنها ستلقاه عاجلا أو آجلا.. بل ويتوجب عليها لقاؤه والتحدث إليه لطلب الإذن لحضور تجمع العائلتين تحت رغبة أمها.. لا علم لها أبدا أن علاء تولى الاتصال بعمر ومحمد لذات الغرض..
خرجت من الحمام وجسمها محاط بمنشفة طويلة وقطرات من الماء تتسلل لعنقها، نحرها وظهرها من شعرها المبلل والمرفوع بفوطة..، المنظر الذي لم يستطع عمر إلا إجلاله وهو يتوسط الغرفة وعيونه تتفرس وجهها..
صدمت من نظراته، ليس لأنها المرة الأولى التي يطيل بها النظر لها ولكن الجديد هو نوع النظرات، شعرت بإحراج من مظهرها العام، وهو مستمر على موقفه.. مرت من أمامه لتنهي هذا الإحراج البالغ فترك لها المجال لذلك..
سحبت إحدى بيجاماتها من الدولاب بسرعة وغادرت باتجاه غرفة ابنها، أو الأصح غرفتها المشتركة مع آدم بالوقت الحالي وربما إلى المالانهاية..
ارتدت بيجامتها وهي تشعر بضيق لا تعرف له سببا ولا تجده منطقيا، لماذا أحرج من زوجي؟ أب ابني؟ هل أصابني شيء من الجنون؟
عمر لم يقل استغرابه عنها.. كان مايزال واقفا ونظرة ثملة وبوادر ابتسامة تنكشف على محياه.. هل يمكن أن أحس هكذا تجاه زوجتي لمجرد ثلاثة أيام حاولت فيها التباعد عني.. لم هذا الشعور الغريب بجمالها العذب وجاذبيتها المغناطيسية..
هل لأن كل ممنوع مرغوب!
لكنه لاحظ بالنهاية وجود ملابسها على السرير والتي لم يرها أول دخوله إذ كان أول ما صدم عينيه هو ملاكه الرائع.. لاحظ ذلك وانفرجت ابتسامة ارتياح من بين شفتيه:
- هي مضطرة لزيارة الغرفة من جديد!
++++++++++
كريم يتوجه من شقته لبعض المحلات القريبة لاقتناء بضع هدايا،
الثامنة والربع ولم يتبقى على موعده مع عائلة هدى أقل من ساعة، أي مباشرة بعد صلاة العشاء، وكاحتياط من الاستعدادات النسائية التي تطول، اتصل بجوال نسيمة الدولي ليستعجلها و أمه.. حتى يجدهما في انتظاره بعد أن يسلك الطريق مباشرة من تلك المحلات لبيت العائلة،
++++++++++
هدى في قمة توترها،
اقتنت للمناسبة قفطانا في قمة الأناقة منسابا بطلاقة من غير حزام بلون أزرق غامق، لون من الألوان التي تعشق، تتوسطه عقد وسفيفة بلون الصم ذي الصفار الذهبي، حذاء بنفس خطوط السفيفة وحجاب أزرق،
لكن الأناقة لم تكن مطلبها الوحيد بل تتمنى أن يمن الله عليها بكثير من الصبر والتعقل لتتمكن من استضافة عائلة الشخص الذي تكره وهي تتخيل عددهم الذي لا علم لها به ومدى اضطرارها لتمثيل السعادة أمامهم، إرضاء لكثير من الأطراف، أطراف تعد هي خارج تعدادهم..
- أمي.. هل كل شيء جاهز؟
سألت وهي تضع آخر صحن من صحون الحلويات المنوعة.
أمها بنظرة متأملة لمجموع الصالون:
- أظنه كذلك!
هدى بامتعاض:
- ألا تلاحظين أن الحائط الفاصل بين مدخلي الصالون هو قصير بحيث لن يرتاح الطرفان.. أقصد الرجال والنساء من الحضور؟
السيدة حبيبة ببساطة:
- وماذا تقترحين لذلك؟ الصالون يا صغيرتي يتسع للكل وكلنا بمثابة عائلة واحدة..
هدى تبتسم من تلقائية أمها:
- بصفاء روحك يا أمي تعتبرينهم أقارب من الآن..؟؟
تتمسك بيد أمها لتقبلها ومن تم لتضمها بحب وإعجاب:
- أتمنى لو أن لي نصف أو حتى قدرا يسيرا من قدرتك على تقبل الآخرين بسهولة ودون تعقيدات!
++++++++++++
عمر وسهام،
صلت وغيرت ملابس ابنها وجهزته ثم نام وهي تتمنى لو بإمكانها
إيداعه لدى حماتها إلى أن تعود، لكنها لا تتجرأ على مفاتحة عمر بالموضوع،
بل ولا تتجرأ على مفاتحته بأي موضوع كان،
راجعت نفسها كثيرا بعد مكالمة هدى لها،
ولكن القول شيء.. والتطبيق شيء آخر،
مخالف تماما،
صعب تماما،
بل ومستحيل تماما بالوقت الحالي،
عمر منذ دخوله الغرفة لم يخرج لحد الآن..
كيف يمكنها ارتداء ثيابها ووضع شيء من الزينة دون أن يترك محرابه؟
هل من الممكن أنه نام؟
كيف أفاتحه بالموضوع؟
ولماذا أفاتحه من الأصل؟
أليس هو منبع المشاكل والهموم؟
أوووووف ماذا أفعل الآن؟!
باغتتها فكرة،
- لماذا لا أتصل بأحد إخوتي يستعجله مجيئي فيضطر لمرافقتي وأكون بذلك ضربت عصفورين بحجر واحد.. حتى دون أن أضطر لمحادثته!
أجل هي فكرة لا بأس بها..
حملت الهاتف من فوق المنضدة، ففاجأها صوت رسالة على المحمول، فتحتها بمهل واستغراب:
- ألن تستأذنيني أولا قبل خروجك من البيت؟
كانت رسالة من عمر، فهو بعد محاولات من التكلم إليها والتي انتهت في كل مرة بالصد.. قرر استعمال طريقة أخرى للتواصل..
سهام مهتمة جدا لرأيه فهي من المستحيل ألا تستشيره قبل أي تصرف مهما كان بسيطا أرسلت له بنفس الطريقة:
- فهل تسمح؟
عمر الذي أعجبته اللعبة أجابها برسالة أخرى:
-أكيـــــد.. تعلمين لم؟
- سهام لم تحب التمادي معه في الكلام، لم تسأل كرغبة في إظهار عدم الاكتراث بينما تنتظر جوابه، الذي أتاها بعد لحظات، باهتمام:
- لأنني سأصحبك مادمت ضيفا من ضيوف الشرف تماما مثلك أنت!
+++++++++++
سهام وعمر كانا أول الواصلين.. توقفت سيارتهما أمام البيت، طوال الطريق كانا ساكتين وهو الأمر الذي لا جديد به ولكن المستجد فعلا هو تألم روحها الذي بدأ يخف، لأنه ربما لم يعد يجد أسباب ملموسة.. ولكنه يجد أسباب نفسية عميقة من بينها تواجد تلك الـ...متدربة قليلة الأدب بنفس المستشفى.. أوليس هذا دليلا على أن المشهد الذي شهدته قد يتكرر بألوان وأشكال مختلفة؟
فالمرأة، (وهي أدرى ببنات جنسها) متى اهتمت برجل (وفي حال كانت المرأة هاته تحمل بعض مواصفات زميلته).. فهي لن تفوت فرص لفت انتباهه (الرجل، أعزب كان أو متزوجا) بشتى الطرق وحتى القذرة منها والمفتقرة للأخلاق والتخلق!
استعدت للنزول وهي تتشبث بأطراف عباءتها ولكن الباب لم ينفتح،
دفعته برفق،
لم ينفتح بعد،
اشتدت يدها على قبضته دون طائل!
ما الذي يحصل؟
ألا يحلو لهذا الباب اللعين التلاعب بأعصابي إلا الآن؟
بدأ وجهها يكتسب حمرة غيظ مقرون بخجل..
لا تستطيع طلب العون من عمر ولا حتى التلميح له بأنها تحتاج مساعدته..
بدأت تفقد صبرها مع هذا المقبض..
والموقف بمجمله لم يتعدى لحظات قليلة،
عمر الذي لاحظ للتو تردد وتوتر زوجته التي لم تنزل بعد.. سألها بهدوء:
- ما بك يا سهام؟
لم تجبه بل ولم تلتفت له حتى!
اكتشف أن الباب مغلق ويصعب فتحه.. ضغط زر تحكم الأبواب.. لكن لم يحصل شيء،
سهام تنهدت وهي ترى نفسها عالقة معه بمكان صغير كهذا.. حتى أنه يبدو خانقا وضيقا أكثر من أي وقت مضى..
انحنى قليلا لجهتها ومد يده للمقبض العنيد بدوره فلم يتزحزح المذكور ولو ملمترا واحدا..
سهام تتراجع حتى تكاد تلتصق بمقعدها منعا لأي تقارب مقصود أو غير مقصود...
لكن عمر أبعد تفكيرا من هذا.. وقصده فيما يفعله هو إنهاء المسرحية التي طالت وأَضْجَرَت..
لا تجيبني!
ولا تحتملني بالقرب منها حتى!
هل أستحق كل هذا من أجل شيء لم أقترفه!
من أجل ذنب ليس ذنبي؟
ألم أعد أعني لها شيئا هكذا بشكل مفاجئ؟
هل ضاعت سنتان من الثقة المتبادلة؟
هل تبخر حبها لي بالأيام القليلة الماضية؟
أم هل تراه قلبها الذي تبخر واندثر!!
سهام لم تعد تستحمل أكثر لهذا سألته من بين أسنانها:
- هل سيطول بنا المقام هنا؟
أعطاها عمر نظرة لائمة فهو فهم نبرتها ومغزاها،
هي تقصد أن الأمر لا يعدو أن يكون تلفيقا للموقف من جانبه بنية إرغامها على التحدث إليه!
ولكنه بالطبع لم يكن تلفيقا أو تخطيطا منه بل محض صدفة..
وليؤكد لها حسن نيته وخلوها من كل شائبة.. انحنى لجهة الباب بزاوية كبيرة.. يده على المقبض تدفعه بشدة.. وجهه جهة الباب فلم يلاحظ مدى التصاقه بها.. ولا مدى ارتفاع حرارة جسمها من هذا الالتصاق.. ولا انفعالا ظهر على وجهها ليؤكد انفعال قلبها..
نجحت مساعيه أخيرا لفتح الباب الذي بدا أن سبب انغلاقه شيء ما علق به.. دفعه لينفتح على مصراعية وليفهمها أن مقاصده أبعد من توقعاتها السيئة في حقه..
فصدم بقربها وهو بنفس الوضع..
أنفاسه تلفح خدها..
وعيونه تتعلق بعيونها..
ما يفتأ يزداد قربا فتزداد هي التصاقا بمقعدها..
أنهى التوتر الحاصل رنين جوال عمر فابتعد وحمله في حين انطلقت سهام مسرعة لداخل البيت!
مع تحيات أحلامـــــ خيال ـــــي
|