كاتب الموضوع :
أحلامي خيال
المنتدى :
الارشيف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح الخير والنور والفل والياسمين على جميلات القراء
متابعات عرين الأسد..
أقول صباح الخير لأنها التاسعة بتوقيت المغرب
جزء اليوم فيه هدوء نوعي ولكن بنهايته يعوض الهدوء شيء آخر
أهديه لكن جميعا دون استثناء
استلموه:
الجزء الثاني عشر
عودة لبيت عمر:
بعد انتهاء المباراة أخيرا استدار ناحية زوجته بعد أن أطفأ التلفاز وفي ود سألها:
- وإذا أخبريني كيف أمضيت الحفل؟
سهام التي كانت تنتظر أن يعطيها بعضا من اهتمامه:
- صغير ومتواضع لكن ممتع.. كما أن هدى أعجبت بهديتنا المشتركة.. (حتى بالهدايا يتفقان على ذات الشيء)
- صحيح؟ أعجبتها الآلة الرياضية؟
- أها!.. وتقول أنها لم تكن لتفكر بابتياعها إنما الانضمام لنادي رياضي إلا أن الوقت لا يسعفها بين العمل والدروس الليلة حديثة العهد بها!
(دروس اللغة الاسبانية)
ابتسم بجاذبية وابتسامته تبعث بالقلب فرحا مهما غارت به الأحزان:
- جيد!
....
وبعد صمت معتاد قال بشيء من الوجل:
- سهام... سأنضم لطاقم طبي متطوع بعد فترة..
تحطمت معنوياتها فظهر ذلك جليا على محياها ليس لأنها المرة الأولى التي يتطوع بها فهو يفعل ذلك للمرة الثالثة أولها كان بزلزال الحسيمة (شمال المغرب) وثانيها بفلسطين بعد آخر حصار صهيوني همجي أواخر 2008 وبدايات 2009 ضمن طاقم طبي متكامل،
وليس لأنها قد تفكر في منعه من واجب مهني وإنساني قبل كل شيء بل لأن كل مساعيها لتحسين علاقتهما ستبوء بالفشل إن هو ابتعد عنها، لكن رزانتها غلبت فسألته باهتمام:
- متى؟
- لم تحدد لنا وزارة الصحة الفترة بعد لكن ليس قبل شهر على الأقل..
أضاف بلطف:
- لهذا سأسحب أوراقي من الجامعة إلى حين عودتي. (أوراق تخصص جراحة العظام بعد موقف سهام من تخصص الأمراض النسائية)
سألته وقد فقدت الرغبة في السؤال:
- عودتك من أين؟
تنهد بعمق أوجعها لإحساسها بخطر ما سيقول.. ونطق بكل ما يتيحه له طبعه من هدوء:
- حدود المغرب والجزائر، بالضبط معتقل تندوف!
.....
...
بعد العصر وقبل المغرب،
لم يكن محمد قد وصل من حفل الشاي المتعلق بعمله فإذ بلمياء وصلت، ارتدت بيجامتها وأخفت أي علامة قد تشكك بعدم تواجدها بالبيت بعد منتصف النهار، وضعت بعض المسكنات على الكمود وأخيرا تمددت على سريرها بكل تعب الدنيا والدوار يغلب على ذهنها المشتت، سمعت طرقا على الباب:
- أدخل!
تقدم أصغر أبنائها (جواد) ذي الثلاث سنوات وتلاه شقيقاه (عادل: 7 سنوات ومحمد أمين في العاشرة من عمره).. تقدم الثلاثة بخجل وتردد فتكلم عنهم جواد بلهجته المتلعثمة:
- ماما... الحادمة قول أنت مريده (الخادمة تقول أنك مريضة)
ووافقه أخواه بإشارة من رأسيهما.
لمياء التي كانت مجهدة لأبعد حد إضافة لصعوبة الرؤية والتمييز من تأثير المخدر قالت بلوم:
- ومادامت الخادمة تقول أني مريضة... أفترون ثلاثتكم أنني أحتاج لإزعاج؟؟
تدخل أكبرهم باحترام:
محمد أمين: - أمي .. وددنا الاطمئنان على صحة حضرتك!
أجابته بضيق:
- لا بأس إذن .. أنا بخير!
اندفع الصغير نحوها بسرعة ينوي معانقتها لكنها منعته بحركة من يدها حتى لا يقترب من مكان الجراحة الغائر في بطنها..
تراجع عن نيته بأسى كبير.. أكبر من سنه... فأطلقت أمرها الحازم رغم وهن صوتها:
- محمد أمين.. خذ أخاك للمربية ودعوني أرتاح!
أذعن لأمرها وأمسك بيد أخيه الأصغر جواد،
ربت على كتف عادل بما معناه دعنا ننصرف..
فخرج الثلاثة خائبين كما تعودوا، فهذا اللقاء الجاف ليس إلا امتدادا لوضعهم المحزن مع أمهم، الغير مهتمة لنفسيتهم، التي تتدهور يوما عن يوم في قربها البعيد ووصلها الخالي من المشاعر!!
...
بعد السادسة
لمياء، بعد وصول زوجها حاولت قدر الإمكان إقناعه أن ما تحسه لا يتعدى أن يكون آلاما خفيفة.. صدت اهتمامه المنصب نحوها ونامت على الفور...
....
اليوم التالي،
بعد ظهر الأحد،
منطقة المعاريف،
هدى لا تستطيع إنكار توترها وأن تحدي شخص مثل كريم هو ضرب من الجنون لكنها لن تتنازل خاصة بعد إهاناته اللاذعة: (عرض زواجي بك كان فوق طموحاتك..) جملة تحمل أنواعا من الإهانة لا تحصى ولا تعد... لهذا قررت السفر لتبتعد عن مدينة يتنفس هو من هوائها، لترحل - ولو مؤقتا - لآخر مكان يمكنه أن يجدها فيه فيرقبها ويترقب كل خطواتها، كما أنها تفكر بشكل منطقي تعيد به هديته...
لا علم لها بعنوان بيته فهل ترسله للولاية؟ لا مستحيل لا أريد الخلط بين عمله وحياته الخاصة، كما أن الأمر سيكون فيه فضح لشؤونه الشخصية! إلا أنها ولابد ستجد طريقة ما لذلك!
مهلة الأربع وعشرين ساعة قاربت على الانتهاء فقررت، للقضاء أو على الأقل للتغلب على بعض التوتر، أن تتسوق ما قد تحتاجه أثناء السفر من أغراض وملابس،
كانت حينها بمحل الأحذية تقوم بتجريب زوج منها.. فإذ برسالة ترن على جوالها فتحتها وهي متوقعة لمصدرها:
كتب بالرسالة:
- ما هو جوابك النهائي؟
كان رقم كريم الذي لم يعد مستعدا لسماع رفضها من جديد...
ألقت نظرة على ساعة يدها.. استغربت لدقة مواعيده: 24 ساعة بالتمام..
المهلة انتهت فأريني ماذا تستطيع فعله وبم تهددني؟؟
كتبت له بنفس الاختصار الحاد الجامد:
- لا.. أبدا.. نهائيا.. مطلقا.. مستحيل!!
....
كريم الذي كان ينتظر ردها بمنتصف الطريق ليشرع في تنفيذ مخططه، أعطاه رفضها الوقح الضوء الأخضر فتحركت سيارته برمشة عين...
.....
..
سهام، بعد ليلة ونهار كاملين تحاول تقبل السفر الصادم لزوجها.. وهي الآن ترتب غرفة آدم الذي يتسلى بسريره الصغير.. تقوم بطي بعض الثياب والمفارش، وتصفها بدولابه.. فإذ بها تحس بأنفاس دافئة على رقبتها العارية وصوت حنون يخاطبها:
- آسف!
لكن ملامحها الساكنة تعلن بوضوح عدم رضاها..
حضن بذراعيه خصرها وظهرها لجهته:
- سهام الأمر لا يستحق!
- بل يستحق يا عمر..(أجابته بعتب)
أدارها ناحيته ليصيرا وجها لوجه،
كم يستعصي عليها إهمال اهتمامه لكن قلبها يتوجع!!
- افهميني يا سهام.. انه نداء إنساني ولا يمكنني تجاهله..
سهام بألم:
- أنا لم أقل تجاهله إنما أن تدخل لبلد عبر حدود بحرية بدل حدوده البرية المغلقة وبجنسية مغايرة.. ألا تعد أنك تعرض حياتك عرضا سافرا للخطر إن هم تعرفوا على جنسيتك الحقيقية وأنك ورفقاءك قد تزيدون من الحساسية بين البلدين؟؟
- ومن قال أنهم سيتعرفون؟
- كل شيء ممكن..
- سهام أنت تعطين المسألة أكبر من حجمها.. حتى وان تعرفت علي قوات البوليساريو فأنا لا أمثل أي تهديد لهم،
- قد يظنونك جاسوسا مندسا بينهم...
أضاف بذات حنانه:
- سهام فليكن إيمانك بالخالق أكبر!
صمتت لرجاحة رأيه وعدم الاطمئنان قد خف ولكنه باق:
- ونعم بالله!
.....
..
بعد انتهائها من التسوق شعرت هدى بحاجة ملحة لتفريغ طاقتها السلبية والتفكير الغير منقطع، توجهت لمدينة الزهور (المحمدية)، أقرب ضاحية للدار البيضاء حيث لا تبعد عنها بأكثر من نصف ساعة، لكن من موقعها بحي المعاريف احتاجت لربع ساعة إضافية،
جلست فوق الرمل على حافة الشاطئ تتمتع بمنظر البحر البديع، نسائم الهواء تلفح وجهها الجميل فتكون وسط المكان لوحة خيالية الوصف، تناغم الأبيض والأسود يزيدانها سحرا وتميزا،
تنورتها الواسعة البيضاء بتفاصيل سوداء على شكل رسومات أزهار تصل لأخمص قدميها، مع حزام رقيق أسود يتدلى منها بنعومة، قميص أبيض واسع من أعلى ويضيق عند الخصر، تصل أكمامه للمرفقين .. من تحته يغطي بقية الذراع من المرفق للمعصم قميص أسود، حجابها ابيض بخطوط رفيعة سوداء وحذاء مريح أبيض بورود سوداء على جانبيه...
مستمتعة بالجو الصامت وبالطبيعة الخلابة فإذ برنين هاتفها يقطع الهدوء:
- ألو!
كان صوت سعد: - مرحبا يا هدى.. أين أنت؟
استغربت اتصاله وأخذتها المخاوف لتلقي بعقلها بعيدا،
بصوت قلق سألته:
- هل أمي بخير يا سعد؟
- بألف خير.. إسمعي أنا أنتظرك بالبيت رفقة أمي وعلاء..
- والسبب؟
سألته والقلق لم يغادر نبرتها:
- حالما تصلين أخبرك!
...
هرولت ناحية سيارتها وقادتها بسرعة فهي لا تطمئن لاتصالات سعد لأنها نادرة ولا تنم إلا عن مشاكل وكوارث عائلية في الغالب..
بعد مسيرة نصف ساعة.. أعادت الاتصال به للمرة العاشرة لكن هاتفه المشغول سابقا هو مغلق الآن..
إلهي ماذا يحدث؟
هل أمي بالمشفى مثلا؟؟
علاء حصل منه أو له شيء؟
أجل علاء؟؟
كيف إن الغباء غلف عقلي!!
علي أن أتصل بعلاء
أو برقم البيت؟
وبعد محاولتي اتصال دون رد أجابها في الثالثة:
- علاء أخبرني ما خطبكم لا تجيبون؟؟
ابتسم علاء بمرح:
- اطمئني نحن جميعا أحسن منك صحة وعافية!
- ولماذا اتصال أخيك المباغت بي؟؟
- اشتاق لك!
بلوم: - علااااااااء...
وصوت انتهاء شحن الهاتف..
توترت أكثر،
ما هاته التمثيلية السخيفة ولماذا يتلاعبون بأعصابي على هذا النحو؟؟
بعد دقائق أخرى كانت أمام البيت مباشرة..
شيء ما غير طبيعي!
سيارة سعد!
وسيارة شخص آخر!
لم تسعفها التكهنات،
لأن أسوء أحلامها تحقق أمامها صورة طاغية،
طاغية في الرجولة والثقة،
قوة وصلابة،
بدلته الرسمية السوداء تتخللها ربطة عنق بيضاء أنيقة،
وابتسامة تزين ثغره وتزيده غرورا،
ابتسامة شماتة ربما،
لكن لم عساه يشمت بي؟؟
ولأي سبب هو ببيتنا من الأصل؟؟؟؟؟
لااااااااااااااااااااا!
أيعقل أنه أخبر أمي وإخوتي بأمر الاتهامات الباطلة؟؟
أيعقل أن يفضح أسرارنا..
منهما سر جاهدت أيام وشهور طويلة لأبقيه طي الكتمان؟؟
أهذا هو رد فعله على رفضي القاطع؟؟
كان كريم يتوجه من باب البيت لسيارته، يرتدي نظارته لتخفي الشماتة الواضحة المعالم!!
انفعلت دقات قلب هدى بعنف!!
وهو هز أوتاره جمالها الهادئ الخداع بعنف أكبر!!
توتر في الجو،
وشرارات من الحقد والاستهزاء تتطاير بينهما،
يرسلها الواحد ويتلقفها الثاني!!
قبل أن يختفي بداخل سيارته ألقى عليها تحية صامتة بانحناءة خفيفة من رأسه تكاد لا تلاحظ..
لأنه بالطبع يكره الانحناء هذا المغرور!!
هكذا فكرت هدى فلم ترد له التحية بل وجهت له نظرة حارقة حاقدة..
ليس بينهما إلا أمتار معدودة،
لم يعطها فرصة اكبر للتحديق به،
بل اختفى من أمامها في ثواني وتوجهت للباب وهي مرعوبة،
لا ترى بوضوح ولا تستطيع التركيز فيما أمامها،
كادت تصطدم بسعد الذي استفسر:
- مهلا مهلا.. ألم يكن من الممكن أن تصلي قبل الآن؟
- لا لم يكن ممكنا..
أجابته ببرود وصدمة كريم مازالت مؤثرة عليها..
- لسوء الحظ أنك لم تصادفي السيد أسد قبل انصرافه!
- امممم (أجابت وهي لا تفهم لماذا يعده هو سوء حظ في حين تعتبره هي حظا صرفا)
نطق بابتسام:
- مبارك إذا!
قالها وهو يقترب منها ويطبع قبلة على جبهتها،
سألته ولم تعد تستطيع فهم الموضوع أو ما يصبو له سعد:
- مبروك على ماذا؟؟
استغرب سؤالها ولكنه ظنه دلالا نسائيا بحتا:
- على اختيارك الصائب...
لا بد وأن كريم أسد شخصيا يعد أفضل فرصة للزواج!
حاولت تمالك ما تبقى من بقايا عقلها الفائر فخرجت نبرتها مرتابة:
- تقصد.. أنه.. خطبني؟؟
ظن أنه يطمئنها بجوابه وهو لا يعلم ثقل الحمل الذي رماه على أوزارها ليكسرها كسرا بلا شفقة:
- ونحن وافقنا بالطبع..إطمئني..
أولا لأنه من المحال أن يرد إنسان بشخصيته المهيبة ومركزه!.. وثانيا لأنكما متفقان على الزواج كما أخبرنا!!
مع تحيات أحلامي خيال
|