المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
مع مرتبة الشرف
كان سر أسرارها ، دنياها الخاصة منذ أيام خمس ، وقت خلفته ، والارتباك يسيطر على مفاصلها ، عبرت بابه تترنح ، ساقاها يتلاطمان ، يلتفان بها، تتعثر ، لولا مقعد إلى الجنب ، لكانت على الأرض :" موعدنا .. أي الليالي أنسب لك ؟".
كانت تدرى ، يهدف إلى خلوة ، ربما بريئة ، عيناه لا تريحاها . تلسعانها تدرك صعوبة الانفلات منه :" ليكن الثلاثاء .. هل يناسبك ؟!".
يغتصب بسمة كريهة ، يزحف نحوها ، يلامس شعرها المسترسل :" ليكن .. لكن حذار .. أنا أحب الالتزام ".
التقطت منه ورقة ، جسدها ينتفض بعنف ، كأنها عارية ، لا يسترها شيء ، تلتف حول نفسها ، تلم صدرها بين ذراعيها ، تقيه العين الذئبة . تتحرك متصنعة بسمة ، تذوب من أمامه كهواء .
عرق غزير كان يتفصد من كل جسدها ، أصوات كثيرة تمزق وجهها ، أصوات بكاء تترامى من أعلى ، فى وجوه زميلاتها تحدق ، تساؤلات تضنيها .. هى تسمع .. ما جرؤت واحدة بحديث ، فقط نظرات ، لا أكثر من لي الشفاة.. لكن أحداثا تدور .. تعربد فى روحها كفئران مذعورة!
كان فريدا فى طبعه ، ليس ككل أساتذتها ، يؤلفون ، يلقون بحثالتهم و قمامتهم ، هن يدفعن ، و يدفعن ، لولا الأم ما ظلت هنا ، عملها الإضافي على ماكينة الخياطة ، أتاح لها الكثير ، عرضها أيضا للكثير ، من المآزق ، فكم تعرضت لانتهاكات أولاد الزبائن ، لا تدرى الآن كيف كانت تخرج سليمة ، ما بال رفيقاتها ، نعم هناك من تركب سيارة أحدث موديل ، و هناك أيضا المعدمة .. !!
ها هو الثلاثاء ، أتى بليله ، آن موعده ، ماذا لو لم تفي بوعدها .. لم تذهب .. لم تبرح البيت .. ؟! الرسوب فى مادته يكون نصيبها ، مثل الخاملات .. نعم .. أيعقل أن يكون الامتياز فى كل المواد هو تقديرها ، وهذه بلا تقدير .. رأت وجوما وحرقة ، صمتا ممرورا ، أسماء اختفت ، و أسماء تباعدت ، وأخرى انداحت صخبا وتغنجا .. لكنهن لا يتكلمن .. لا يبحن بما كان .. أتعنى دعوته شيئا فاضحا ؟!
كثيرة هى الأسئلة ، لا إجابات تقنع ، كلها تهويمات ، محض تخمينات .. سألت عن كتبه أول العام .. قالوا : لا يكتب .. لا يؤلف .. له طرقه الخاصة .. هو لا يكلف .. إنه أفضل دكتور بالكلية ".
هومت حولها شياطين الأرض ، غربان الحقول . نال منها الرعب ، تراه يدنو ، يلقى بأوراقها للريح ، يرفع عنها ثيابها .. تتراجع .. يهاجمها ، يقبض على رمان صدرها ، يهتكها..يمزق ثيابها ، يعريها ، بأنفاسه النتنة يخنق صدرها .. تقاومه ، تدفعه بعيدا .. تفشل ، يبرك عليها كقدر ، تصرخ .. لا أحد يسمع .. تصرخ .. تعضه ، لا يتوقف .. يكاد يكسر حوضها ، يفتتها .. يفسح ما بين ساقيها .. تجن .. تغرز أصابعها فى عينيه .. ينهار أرضا .. تطوح برأسها : إذا لا ذهاب .. المادة رسوب .. لا يهم .. كيف لا يهم .. يهم نعم .. آن الخلاص من هذه الطاحونة .. نعم .. لا تراجع .. لن يستطيع أخذ شىء برغمى .. نعم .. لن .. ربما محض أفكار .. تهيؤات لا أكثر .. و هسيس و أقوال طائرة تحلق فى سماء الكلية .. لا .. إني خائفة .. مرعوبة .. تماسكي .. تماسكي .. لا يجب أن تشعر بك أمك .. لو أحست بك ربما ماتت كمدا ؛ إذ كيف تزورين رجلا في عرينه .. اهدئي أرجوك .. اهدئي فقد أزف الوقت !! ".
في لحظة شهيدة كانت تتخذ قرارها ، بإصرار عجيب ، وتعد نفسها للمقابلة الواعدة فإما امتياز مع مرتبة الشرف ، وإما سقوط ، عرجت صوب المطبخ ، غابت قليلا ، عادت تحمل حقيبتها ، وفى فمها ثمرة فراولة ناضجة ، عادت أدراجها صوب حجرتها ، التقطت ( قطرا صلبا ) ، وضعته فى حقيبتها ، بعد اختبار جودته !
فى الموعد تماما ، كانت أمامه ، ما تصورت اللقاء في مكان عام ، فقد حملت الورقة رقم البناء ، و الدور .. كانت شلل متناثرة من أدباء و فنانين .. صعد بها أحد موظفي الدار ، بعينين شرهتين كان فى استقبالها ، قاعة فسيحة ، بها متكئات .. مقاعد ، كنبة كبيرة .. بعض بورتريهات على الحائط .. بش لها .. قبضت أصابعه كفها كملقاط ، سحبها إلى الكنبة كذبيحة.. رطب المقابلة بضحكة ، اتجه صوب الباب ، أغلقه من الداخل . اهتزت ، تصلبت ضلوعها :" لا أريد أن يزعجنا أحد .. اقعدي ".
كان العرق ينضح من جسدها ، يغسله . قهقهات تلطم وجهها ، صرخات طائرة كنعيق بوم .. زحرح جسده . دنا منها ..يده تمسك بالأوراق .. دنا أكثر .. كانت تتداخل ، تتراجع إلى أقصى ركن الكنبة :" مالك .. أخائفة .. لا تخافي .. هكذا الأمر ".
هتفت :" أي أمر " اعتدلت واقفة .
ألقى بالأوراق جانبا ، تراخى على الكنبة :" أنت هنا لأني أريد ذلك .. و إلا ".
كشر مفتعلا . حطت إلى جانبه :" و إلا ماذا ؟!".
هجم دفعة واحدة ، تركها :" لن يكون إلا برضاك أنت .. لن يكون غصبا ".
نال منها خوف .. ذعر :" ما الذي تريده .. أمجنون أنت ؟!".
قهقه :" أعرف أنك عذراء .. ليكن من خلف ". صرخ فجأة بقسوة :" انتهى .. لا أريد وجع رأس ".
بطريقة أستاذية ، كان يرحل بها ، فى عوالم من خيالات ، يبنى فى رأسها قواعد المس الجميل ، عن الجزر ، و النساء ، و بلاد الإغريق ، وهيلين و باريس ، تماثيل ولوحات دافنشى .. و مايكل انجلو .. مايكل وليم ..مانو .. فيلا فى اختطاف.. وهو يشكل معالم الخديعة حتى ظن أنه أصبح الآن قريبا من نيل وطره ، فح ، تلوى تحت وهج شهوته ، حط فى صدرها . نفرت .. كشر أنيابه ، سحقها كدودة ، تداخلت كقوقعة ، تلملم أربابها ، تقيم وتد يقينها دقا ، من هذيان و هستيريا إلى نمرة جسور .هاجمها بقسوة ، ألقى بها على الكنبة ، يفك أزرار بنطاله .. تحسست حقيبتها :" هيا .. انتهى "
يد فى الحقيبة ، ويد معه .. تلوت بطراوة منهكة :" طيب .. أغمض عينيك .. أرجوك أرجوك .. أنا .. أنا مكسوفة موووت ".
دون تردد كان القطر بيدها ، و عيناه مقفلة بأنين روحه .. بنفس السرعة ، كانت تخلصه من ذكورته !!
|