كاتب الموضوع :
حفيدة الألباني
المنتدى :
المنتدى الاسلامي
العصبية القبلية
يهدد مجتمعنا اليوم سرطان العصبية القبلية التي أصبحت تُثار بشكل بشع ممقوت، يقوم بذلك بعض الشعراء الشعبيين العوام تساندهم بعض القنوات التي لا تفكر في العواقب، فأصبحنا نُمطر صباح مساء بقصائد هوجاء يمدح بها الشاعر قبيلته ويمجدها ويرفعها فوق النجوم وكأن هذه القبيلة صاحبة البطولات في بدر والقادسية واليرموك ويعرِّض بغيرها من القبائل.
وإذا نظرت إلى هذا الشاعر وجدت تعليمه لا يتجاوز (خامس ليلي) من محو الأمية في يساره سيجارة يشعلها بسيجارة قد تفحِّمت أسنانه واسودت شفتاه وأعفى شنبه حتى وصل أذنيه، ثم تقوّس حتى كأنه قرني خروف نعيمي.
لماذا هذه الصرخات القبلية والعصبية الجاهلية؟
لماذا تُثار الآن بعدما وحدَّنا الإسلام ثم اجتمعنا تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول صلى الله عليه وسلم؟
هل يؤمن هؤلاء حقاً بمبدأ (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ))[الحجرات:13] الله أعلم بما في قلوبهم.
أنا أعرف أن الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقِهوا، لكن أن نسلم ديننا ومبادئنا ووحدتنا واجتماع شملنا لبعض الشعراء الجهلة السفهاء وبعض القنوات التي لا تفكر إلا في الشهرة وابتزاز الأموال فهذا أمر خطير جد خطير، أنقذوا البلاد والمجتمع من سرطان العصبية القبلية ومن ريح العنصرية الجاهلية.
سمع الرسول صلى الله عليه وسلم رجلين يفتخران بالقبيلة على حساب القبيلة الأخرى فقال: "دعوها فإنها منتنة"، من أشد الحرام أن نربي أجيالنا على النعرات الجاهلية.
ومن أعظم المنكر أن نسعى في هدم كيان الدولة المسلمة بمعاول الهدم والتفرقة، عيب علينا أن نفرّق الصف بالفخر بالقبيلة والتعريض بالقبائل الأخرى، إن الفاسد في حياته والمحبط في نفسه والذي يشعر بمركَّب النقص يريد أن يعوّض ذلك بمدح قبيلته فحسب وإضفاء الثناء عليها وحدها وإهمال غيرها من القبائل.
إن المجتمعات التي لا زالت القبائل فيها تكوِّن بذور المجتمع كدول الخليج عموماً سوف تقع فريسة لهؤلاء الحمقى الذين سوّل لهم الشيطان تقديس القبيلة حتى أن بعضهم لا يحفظ له قصيدة في الثناء على الله عز وجل أو الدفاع عن رسوله المصطفى والمجتبى صلى الله عليه وسلم أو الإشارة بالرسالة الخالدة، أو الدعوة لمكارم الأخلاق أو التنويه بالوحدة وجمع الكلمة.
وإنما قصائده كلها نعرات جاهلية وعصبية قبلية فمثل هذا يُوقف عند حده ولو قالوا له: لا تلعب بالنار أيها السفيه، فمثلاً نحن في المملكة العربية السعودية جمعنا الله بفضله في كيان واحد ودولة واحدة فضلاً من الله ونعمة وكنّا قبل نتقاتل ونتهاجى بأبشع السّب وأقذع الشتم حتى قامت القبائل ببناء حصون الحرب مع القبائل الأخرى ولا زالت بعض هذه الحصون قائمة للعيان وأدعو إلى هدمها؛ لأنها تذكر بالإحن والعداوات والثأر.
فلما تـمّت الوحدة واجتمع الشمل صار الثناء على الكيان كله والمدح للمجتمع بأسره حتى استيقظ الشيطان في رؤوس بعض الشعراء الأغبياء فقاموا بتقسيم البلاد في قصائدهم وتشتيت الشمل في أبياتهم وعادوا إلى كهنوت القبلية ونسوا الدين والدولة وأغفلوا التوحيد والوحدة ولو كان عمر حيّاً لبطح الواحد منهم على بطنه وأدبه بالدِّرة حتى يخرج وساوس الشيطان من رأسه.
ماذا نفع أبا لهب الهاشمي القرشي نسبه؟
وماذا ضرَّ بلال بن رباح المولى الأسود الحبشي نسبه؟
أيها الشعراء احترموا أنفسكم، ارفعوا رؤوسكم، طهِّروا ألسنتكم، قبل أن تؤدِّبكم سياط الدولة ومن أنذر فقد أعذر، نحن أمة واحدة، ربنا واحد، ورسولنا واحد، وديننا واحد، وقبلتنا واحدة، فلماذا التفرقة والعنصرية والدعوة الجاهلية وبث بذور الفرقة والفتنة:
مجـدنا ملـحمة عنـوانها : نـحن في بـدرٍ قتلنا الوثنا
وطنـي لا وطـن يشبهـه تعشق الأوطـان هذا الوطنا
من كتاب شيخنا الفاضل سنابل وقنابل
|