محب يتوب
يا أخي لغني أنك تبت ، وإلي ربك أنبت، فسرني والله ذلك سرور من وجد المفقود وبشر بالمولود؛ لأننا كنا نفقدك في صفوف الطائعين، والآن وجدت ، وكنا نسأل عنك في موكب الضالين وتجددت ، فو الله لو كتبنا برموش العين علي صحائف الخدود تحية لقدومك لما انصفنا ، ولو رسمنا بنياط القلوب علي سويدائها ثناءنا عليك لما بالغنا ، احبك الله فاجتباك وآثرك فاصطفاك ، كنت عبد بعد التوبة قريباً مطيعاً محبوباً، يا أهلاً بمن فرخ الله بتوبته، يا مرحباً بمن استبشرت الملائكة بعودته، يا سهلاً بم تفتحت السماء لدعائه، يا حناناً لمن ذابت المهج لبكائه، يا قرة عين لمن أنصت عالم الغيب لندائه، سبحان من ابتلاك بالذنب ليكسرك كسرة فيها حسرة، ثم جبرك بالتوبة لتذوق لذة الأوبة ويغسل عنك أدران الحوبة، ركبت إلي الخطايا المطايا فأمهلك وما أهلكك براً وكرماً ، ثم جذبك إليه بحيل التوفيق وأركبك سفينة النجاة في البحر العميق، تبارك من ألبسك تاج التوبة، وزينك بوشاح المحبة، وجملك براء القبول، دمعك علي ما مضي يسأل في ديوان الرضي ، وتأسفك علي ما فات منشور الحسنات وسلم الدرجات، كلما قلت من ذنبك آه، قيل لك : طبت يا (أواه) فقد قلبك الله، كلما صحت من خطاياك ونحت ، نوديت نجوت وأفلت ، كلما ذرفت منك دمعة أوقدت لك في عليين شمعة ، كلما ضج فؤادك شاكياً باكياً قيل لك: دمت طاهراً زاكياً، أدمت الخطيئة ـ قبل ـ أبيك آدم فنودي: يا آدم لو لم تكن التوبة أحب شئ إلينا ما ابتلينا بالذنب أعز الناس علينا:
لعل عتبك محـــمود عواقبه *** فربما صحت الأجسام بالعلل
لما ترك الذنب زال عنه الكرب ، وذهب عنه الخطب، ورضي عنه الرب )ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى):
سـامح الدمـــع إن أبان جوانا *** نحن لا نكتم الدموع الغزارا
بكي داود حتى بكت معه أحبابه، وتفجع حتى رق له أصحابه فنودي:
رجوعك إلينا أحب من إدلالك علينا، دمعة علي مصابك أشرف من ألف ركعة مع إعجابك، فيا أيها التائب لو تدري بمدلول حديث : ((لله أفرح بتوبة عبده)) لهمت طرباً ، ولتقطعت من الشوق إرباً إراباً ، ولو علمت بتزين الجنان لقدومك لجعلت أفراح أعيادك مكان همومك ، ولو اطلعت فرأيت مقعدك في الفردوس الأعلى، والملائكة ينادون أهلاً وسهلاً ، والحور يقلن وأغلي وأعلي لذبت سروراً ولملئت حبوراً ، ولصرت من البهجة مبهوراً ، وفي ظلال الإنس مغموراً ، أيها التائب أبشر بخير يوم طلعت عليك فيه الشمس ، فأنت ابن اليوم لا غد ولا أمس، طاب ممشاك، وأفلح وجهك، وقرت عينك، وسرت روحك، وعلا قدرك، ورفع ذكرك ، هنئياً لك بنداء: ) يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) ، إذا وصلك الخطاب، وعرفت الجواب النبي صلي الله عليه وسلم ورفع لك الحجاب، فسبحان من جبر كسر من زل، ودمل جرح من ضل ، وراش جناح من ذل، اقترفوا ، وعلي الهلاك اشرفوا، فاعترفوا، فبشروا بـ (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) ، أخطؤوا ،فأسفوا، وندموا علي ما أسلفوا فوعدوا بـ) بَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) للمعاصي في أول العمر أزلفوا، ثم عادوا إلي باب أرحم الراحمين ووقفوا فسمعوا:
)قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) .. يتقلب التائب في الليل الداجي يبكي ويناجي فيقال له: ما عليك أطلعنا فسترنا ، وعرفنا فعذرنا ، وعلمنا فحملنا، وقدرنا فغفرنا!.
قال التائب : يا رب أذنبت قال: وأنا غفرت ، قال التائب: ذنوبي تجل عن الإحصاء ، قال الرب: ولو بلغت عنان السماء، قال التائب: يا رب أهلكتني السيئات ، قال التائب : يا رب تسامحنا علي ما فات أما تحاسبنا علي تلك الزلات؟ فقال الرب: بل أبدل السيئات حسنات، قال التائب: لا أكرم منك أحد ، قال الله أنا الصمد!..
جاء مذنب إلي عالم فقال: غرقت في الذنوب، فقال له: الآن أدركتك رحمته علام الغيوب ، وقال أحد السلف: والله لو خيرت أن يحاسبني ربي أو يحاسبني أبى وأمي لاخترت حساب ربي لأنه أرحم الراحمين!.
أيها التائب أبشر فإن تذكرك لذنبك طاعة منك لربك، كلما احترق قلبك بنار الدم ، ذابت جبال الخطايا والمم، كلما أطار الهم نومك وكدر الحزن يومك غسلت سيئاتك ومحيت خطيئاتك ،التائب حبيب الله وصديق عباده، وضيف رحمته، ووافد جنته، ومستحق كرامته، وحائر قربه، التائب يحبه المرسلون لأنه صدق قيلهم، واتبع سبيلهم ، واقتفي دليلهم، والتائب تحبه الملائكة؛ لأنهم يستغفرون له ، ويفرحون بطاعته، ويحبون توبته، والتائب يحبه المؤمنون؛ لأنه أعانهم علي نفسه، وجاهد مهم شيطانه، وارضي إلههم وإلهه، دمع التائب طاهر، لو وقعت منه قطرة علي جليد الخطايا لذاب، ولو سقط علي ركام المعاصي لغاب ، دمع التائب علي صدق صاحبه برهان، وعلي صحة توبته سلطان:
إذا اشتبكت دموع في خدود *** تبين من بكي ممن تباكي
أيها التائب الآن عرفت فالزم،ووصلت فاسلم ، وحصلت فاغنم، فتقدم ولا تحجم، الباب أمامك مفتوح، والعطاء من ربك ممنوح، والكرم منه يغدو ويروح:
والله والله ما أبكي علي طلل *** أقفى وأقفر من أهل وسكان
ولا بكيت علي واد الغضا سحراً *** أو خيمة بين روض الطلح والبان
وما ذرفت دموعي في الهوي سفهاً *** لفيء خل ولا تذكار جيران
لكن لذكر ذنوب ليتها محيت *** بعفو رب وغفران وإحسان
قل للمخطئين ومن في المعاصي تورطوا، لأنكم خلقتم من الطين أبشروا برحمة ارحم الراحمين ، من الذي دعاه فما لباه؟ من الذي سأله فما أعطاه ؟ من الذي استجار به فما حماه؟ من الذي استنجد به فما كفاه؟ من الذي أوى إليه فما آواه؟.. أيها التائب ارتكبت امرأة ذنباً، فأسقت كلبا، فأرضت رباً، وكشفت خطباً، وأزالت كرباً، قالوا في الأخبار وقديم الآثار: وقعت حمامة في ملامة فأكثرت الندامة، فبكت علي الغصون بدمع هتون ، وناحت في شجون وأنشدت:
ربي إذا ما القلب أفحم بالرضا *** وبكي لفرط ذنوبه وأتاكا
هل تعف عنه وهلا تزيل همومه *** إذ لا إله لذي الوجود سواكا
فهتف بها هاتف يقول: من عصانا أمهلناه، ومن تاب إلينا قبلناه ومن أطاعنا قربناه.. يا أيها التائب أما تري فيل أبرهة وجهوه إلي البيت العتيق فأبي، وضربوه فبكي خجلاً من صاحب البيت!.
والله لو قطعـوا رأسي لأجلـكم *** لسار نحو هواكم في الهوي رأسي
ولو هوت قدمي ممشى لغيركم *** لقلت بيني وما البين من بأس
نظر رجل في المرأة وهو في الأربعين وقد عصى رب العالمين، فرأي الشيب قد غطي عارضيه فصاح: أواه، واأسفاه، يا رباه!، ثم ذهب إلي عالم فقال له:
أما تري الشيب في هذا السواد شطا *** ونحن في ليل لهو نركب الغلطا
أراه ينهـــرني عـمـا ألم بـه *** كـأنما هو سيف بالهلاك سطـا؟!
فقال العالم: إن كان صبح الشباب عذرك ، فإن غروب الشيب أنذرك ، فتب إليه واشك الحال عليه، فإذا لقيته يوم الدين ،وقال لك: عبدي ما أغرك بي؟ فقل برك بي .
بكي عمر بن عبد العزيز ثم قال : اللهم إنك قلت: )ُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، وأنا شيء فلتسعني رحمتك . وخرج أحد العباد يصلي بالناس الاستسقاء وهو شيخ كبير ، فكشف رأسه فإذا هو أبيض كالقطن، وقبض لحيته وبكي وقال:
سبحــان من يعفو ويعفو دائماً *** ولم يزل مهما هفا العبد عفا
يعطي الذي يخــطي ولا يمنعه *** جلالة عن العطى لذي الخطا
فنزل الغيث .
براهين الحب
الأبطال يقدمون الرؤوس والنفوس لتلك المعالي والضروس ، فيا عابد الدراهم والفلوس، عش في عبوس، ودم في نكوس.
قال نور الدين محمود: (( اللهم احشرني في حواصل الطير وبطون السباع، فرزق الشهادة. وقال ابن الطرماح: اللهم لا تجعل وفاتي علي سرير في الدار، ولكن اقتلني بسيف الكفار. وقال طلحة يوم أحد: اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضي. وقال عبد الله بن جحش: اللهم إنك تعلم أني أحبك.. وقال إعرابي رب أرسل علي في المعركة سهماً يقتلني.. وصح في الحديث : (( من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات علي فراشه))، وسأل ابن رواحه ربه أن يطعن في سبيله طعنة تصل الكبد !..
يا ليت أنك قد حـضرت نزالنا *** ورأيت كيف تقطع الأعناق
كأس المنايا بيننا نحـــسو به *** حب المهـــيمن كله ترياق
صارت كأغماد السيوف دورنا *** والرمح في أحشائنا خفاف
متضرجين دماً فلو أبصرتنــا *** أنسـاك ما قلد أنشد العشاق
طعن الإمام المحدث النابلسي بالخنجر في سبيل الله، فكلما طعن طعنة قال: الله الله الله !، فمات وهو يقول الله الله !.. قال أهل السير نزف دمه، فكتب علي الأرض الله الله الله ، فالله أعلم ، والعهدة علي الرواة:
إذا قتـلوا صحت بحق دماهــم *** وكانت قديماً من مناياهم القتل
تدوس الخيول الصافنات رؤوسهم *** غريبون لمال لديهم ولا أهل
تكسرت الأسياف يوم نزالهم *** وفلت رماح الموت وانقطع النبل
تضحية برجال لا بجمال !
وفي عالم التضحية يتقدم عضد الدولة الملك المشهور بذبح ثلاثة ملوك من الكفار في عيد الأضحى المبارك ويهنئه الشاعر فيقول:
صل ياذا العــلا لـربك وأنحـر *** كل ضد وشانئ لك أبتر
أنت أعلي من أن تكون ذوي السؤدد *** تيجانهم أمامك تنثــر
كلما خر سـاجــدا لك رأس *** منهم قال سيفك: الله أكبر !
وهذا مثل أضحية الأمير خالد القسري لما صعد المنبر يوم عيد الأضحى ، فخطب الناس وقال أيها الناس: ضحوا تقبل أضحيتكم ، فإني مضح بالجعد بن درهم،إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، يقول ابن القيم:
ولذاك ضحي خـالد بالجـعـد *** يوم ذبائح القـــربـان
إذ قال إبراهيم ليس خليلــه *** كـلا ولا مـوسى الكليم الداني
شكر الضحية كل صاحب سنة *** لله درك من أخي قربـــان
(يحبهم ويحبونهم)
( يحبهم) !.. هذا عجيب، لأنه غني عنهم، وهم فقراء إليه، ولا يعتمد عليهم، ويعتمدون عليه ، ولا يطلب شيئاً منهم، وهم يطلبونه في كل شئ .
وعجيب أن يحبهم وهم مخلوقون ، وهو الذي خلق، ومرزوقون وهو الذي رزق.
(ويحبونه) .. ليس بعجيب، فقد صورهم وهم أجنة ، ثم أخرجهم من بطون أمهاتهم وله المنة ، ثم هداهم بالكتاب والسنة.
ويحبونه؛ لأنه أعطاهم القلوب، والأسماع ، والأبصار ، وسخر لهم الشمس والقمر والنهار، وحماهم من الأخطار في القفار والبحار.
ولو قال: يحبهم، وسكت لتوهم منهم الجفاء، ولو قال: يحبونه، وسكت، لقيل ليس لهم عنده اختفاء، فلما قال: (يحبهم ويحبونه)، تم الوداد والصفاء، وظهر الوفاق والوفاء.
ضحايا الحب .. شعراً
الحب في لغة الـهوي حرفان *** لكنه يوم النوى لغــتان
لغة القلوب ولا يفك رموزها *** إلا فؤاد دائم الخفقان
متوهد بهليب ذكري لو هوت *** في البحر ظل البحر في هيجان
ومضرج بدم الشهادة معلناً *** أسماء من ذبحوا علي القربان
ذابت حشاشة ورق خطابه *** فتجاوبت لحنينه العينان
بعثت له بالدمع ألف رسالة *** مظروفة بكمائم الأجفان
فإذا قرأت حروفها في ليلة *** أيقنت أن الحب شئ ثان
الحب ليس قصيدة عربية *** محبوكة الأطراف والأوزان
الحب ليس رواية منسوجة *** للعرض والأعلام والإعلان
الحب ليس تهتكا وتهافتاً *** وتظاهراً بمرارة الحرمان
الحب ليس من الدعي مقالة *** منحوتة بعجائب البلدان
كلا وليست خيمة بدوية *** مضروبة الأطنان في الصوان
ما كان حباً مسرحية عابث *** أدوارها تصميك بالدوران
الحب أن يقف الفؤاد مولهاً *** أنفاسه من لاهب النيران
لو سال من جسم المحب دماؤه *** كتبت حروف الحب في الجدران!
ترمي العيون إليه وهي نواعس *** سهمين من وصل ومن هجران
فإذا التقي سهم الوصال بقلبه *** هزته ذكر ملاعب الولدان
وإذا أتي بالهجر سهم صائب *** فهو الشهيد بساحــة الميدان
وتثير أنفاس الصباح بروحه *** أشواق من رحلوا من الأوطان
فيظل في بحر التذكر باكياً *** ما عاد من صبر ومن سلوان
وإذا الصبا هبت وحل أريجها *** هجر الكرى ومجالس الإخوان
لو مر طيف حبيبه بمنامة *** لارتاع وهو يعد في الشجعان !
أما الضلوع فلو لمست لهيبها *** لظننتهـا مـن لاهب النيران !
هجر الرقاد وقد تصدق بالكرى *** فكأنه يشكو إلي الدبــران
خلعت له الجوزاء من أسمالها *** ثوب السهاد بليلة الأحـزان
وكساه حتى الليل بردة عاشق *** تغنيه عن خلع وعن قمصان
تلقاه مفجوعاً يقلب كفه *** متلهفاً كـالواله الحــيران
فإذا غفا فحبيبه في جفنه *** متمثلاً في صـورة الخجلان
وإذا صحا من يهوي غدا *** في كل ناحية وكل زمــان
إن لاح برق قال بسمة عاشق *** أو ناح رعد قال صوت فلان!
والصبح طلعة وجهه وجماله *** والغيث يشبه دمع من يهواني!
ونشيد طير الروض يحيي ميتاً *** من شوقه في سالف الأزمان
فهو المعذب ما قد راعه يحنو له *** حساده فهو البعيد الــداني
يا لائمي في الحب ليتك ذقنه *** وسقاك من جفنيه من أسقاني!
إن كنت تعذلني فجرب ساعة *** هجر المحب وفرقة الخلان
فلسوف تعذرني وتفقه قصتي *** وتبيت أنت مجرح الأركان
أنا ما هويت مربرباً ألحاظه *** سحر وفوق لماته خالان
ورموشه كسيوف هند اشرعت *** ضرباتها تهدي الردى لجنان
وعلي الجبين من الجمال مهابة *** وحلاوة من منطق فتان
فالنور من تلك الثنايا ذائب *** والشهد ترشف شمعة شفتان
وكلامه سحر حلال مترف *** ينسيك عذب معازف العيدان
وكلامه سحر حلال مترف *** لا يصح سامعه من الإدمان
سكر من النغم البريء وآخر *** من دفء حب إنه سكران
قالوا الثريا علقت بجبينه *** وتوضأت بضيائها كفان
ما روضة فيحاء باكر الندي *** والغيث مساها علي إبان
والمسك في أعطاف كل خميلة *** ما شئت من شيح ومن ريحان
والطل في أردانها متمارج *** لله من طل ومــن أردان
يوماً بأذكى من تضوع عطره *** كلاً ولا في الحسن يستويان
لم يسبني هذا ولم أهدي له *** حبى ولم أراهن عليه جناني
كلا وما أحللته من مهجتي *** روضاً وما اسكنته بستاني
عهد الزيانب كله أنسيته *** وذكرت كل العمر ما أنساني!
حبي لمن منح الجميل وزادني *** شرفاً وبصرني الهدي وحباني
حبي لمالك مهجتي ولخالقي *** ولرازقي هو صاحب السبحان
شرفي بأرني عبده يا فرحتى *** والفخر لي بعبادة الرحمن
وعليه سار الفائزون جميعهم *** متوهجين إلي عظيم الشان
ولأجله بذلوا النفوس وعلقت *** تلك الجماجم والتقي الجمعان
سالت علي حد السيوف دماؤهم *** وسعوا دامي الملابس قاني
ومقطع الأوصال يسحب جسمه *** فوق اللظي، يشوي علي الصوان
ومبعثر الأشلاء لو جمعته *** ألفيته بحواصل الغربـــان !
قتلوا لأجل محبهم وحبيبهم *** وسواهمو لمحبـــة النسوان!
فاعرف( ضحايا الحب) وافعل فعلهم *** إن كان ذاك الفعل في إمكان
فإذا جبنت من القتال وخفت من *** وهج السيوف وزحمة الشجعان
وخشيت من وخز الرماح ولم تطق *** ضرب الردى من فارس طعان
وبخلت بالنفس النفيسة موقناً *** أن العلا حرمت علي الكسلان
فاهجر فراشك والمنام مهللاً *** يوم الاذان يضج في الآذان
واحضر إلي الصف المقدم ضارعاً *** متملقاً للواحـــد الديان
واسكب دموعاً لا تصان لموقف *** عند العظيم مصور الأكوان
واهتف بصوت خافت متخشع *** متصدع لعجائب القــرآن
ومعفراً منك الجبين ومعلناً *** ندمـاً بنطق مقصر خجلان
فإذا أبيت ولم تطق هذا ولم *** تقدر عليه لسطوة الشيطان
فتمن موتاً عاجلاً وارحل فما *** أقسى البقاء لمفلس خسران!
النهايه
هنا نهاية الكتاب لكن ليست نهاية الخير الذى جنيناه
هنا النهايه لنبدأ بها صفحات جديده من حياتنا
هنا النهايه لماضينا واخطائنا
هنا البدايه لحب الله وخشيته وقربه
استودعكم بحفظ المولى
مع كتاب أخر
لشيخنا حفظه الله