كاتب الموضوع :
حفيدة الألباني
المنتدى :
المنتدى الاسلامي
رابعاً: تشميت العاطس
متى يشمت العاطس وكيفية التشميت؟!
قال عليه الصلاة والسلام في الحديث: (وإذا عطس فحمد الله فشمته) ، ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب).
فالعطاس رحمة من الله، والتثاؤب من الشيطان؛ لأن العطاس فيه تفتيح لشرايين القلب، وانشراح للصدر، وهو رحمة من الله، والله أعلم بالسر في ذلك.
فكان الواجب أن تقول: الحمد لله.
أما التثاؤب فإنك تكظم ما استطعت، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري وأحمد : (إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه: يرحمك الله، فإذا قال له يرحمك الله فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم) وعند البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد عن أنس : (أنه عطس عنده رجلان فشمت أحدهما، ولم يشمت الآخر، فقال الذي لم يشمته: عطس فلان فشمته، وعطست فلم تشمتني، فقال: هذا حمد الله، وأنت لم تحمد الله). وعند مسلم وأحمد من حديث أبي موسى الأشعري أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه)
ففهم من الحديث أنه من قال: الحمد لله، فعلينا وجوباً أن نقول له: يرحمك الله، وإذا سكت ولم يحمد الله، فليس عليك أن تقول له: يرحمك الله، بل تسكت..
هل التشميت فرض عين أم فرض كفاية؟!
ذهب المالكية ومنهم ابن أبي زيد و ابن العربي إلى أن التشميت فرض عين، وهو الصحيح، فإن على أهل المجلس مثلاً إذا سمعوا الحمد لله أن يقولوا: يرحمك الله لا يكفي منهم واحد، فهو فرض عين وليس فرض كفاية. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في العطاس ما ذكره أبو داود والترمذي وأحمد وابن السني -وسنده حسن- كما أن الحاكم صححه ، (أنه كان إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه، وخفض أو غض به صوته) فالسنة ألا يرفع المسلم صوته بالعطاس.
وهناك حديثان ضعيفان أشير إليهما: الحديث الأول: (التثاؤب الشديد والعطسة الشديدة من الشيطان) رواه ابن السني ، وهو ضعيف لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم.
الحديث الثاني: (إن الله يكره رفع الصوت بالتثاؤب والعطاس) . حديث ضعيف لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم.
وقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود بسند حسن: (شمت أخاك ثلاثاً، فما زاد فهو زكام) يعني أنه يعطس في المرة الأولى فيحمد الله، فقل له: يرحمك الله. وفي الثانية قل له: يرحمك الله، وفي الثالثة قل له: يرحمك الله، وفي الرابعة قل له: عافاك الله. وقد عطس رجلٌ عنده عليه الصلاة والسلام، فقال له: (يرحمك الله. ثم عطس أخرى فقال له صلى الله عليه وسلم: الرجل مزكوم) قال ابن القيم : وقوله في الحديث: (الرجل مزكوم) تنبيه على الدعاء له بالعافية؛ لأن الزكمة علة، وفيه اعتذار من ترك تشميته بعد الثلاث، وفيه تنبيه له على هذه العلة ليتداركها ولا يهملها، فيصعب أمرها، فكلامه صلى الله عليه وسلم كله حكمة، ورحمة، و علم، وهدى.
وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود بسند حسن: (إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه، فإن زاد على الثلاثة فهو مزكوم، ولا تشمته بعد الثلاث).
وذكر أهل العلم أنه إذا زاد على الثلاث فيدعو لصاحبه بالعافية.
هنا مسألة: إذا لم تسمع أنت حمد العاطس، لكن سمع من بجانبه أنه حمد الله فماذا تفعل إذا تبين لك أنه حمد الله؟
ولو لم تسمعه، فقل: يرحمك الله، أما إذا لم يتبين لك، فلا تشمته.
مسألة ثانية: هل تذكر العاطس إذا نسي الحمد؟
ذهب إلى ذلك نفر من أهل العلم كـالنووي وغيره من العلماء، واستحسنوا ذلك، وقد فعله إبراهيم التيمي ، كما فعله أيضاً ابن المبارك ، فقد عطس رجل عند ابن المبارك ولم يحمد الله، فقال ابن المبارك : ماذا يقول الرجل إذا عطس؟
قال: يقول: الحمد لله، قال: يرحمك الله، هذا قول.
والقول الصحيح: أنه لا يلزمك أن تذكره، لأنه لو كان يلزمك أن تذكره لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بتذكير من عطس ولم يشمته، ولم يذكره، وهذا تعزير له وحرمان لبركة الدعاء، لما حرم نفسه بركة الحمد.
وقد تعاطس الناس في مجلسه، ولم يذكرهم عليه الصلاة والسلام، بل لم يشمتهم، وهذا هو القول الراجح.
وكان اليهود يتعاطسون عنده عليه الصلاة والسلام، فيقولون: الحمد لله، فيقول: (يهديكم الله، ويصلح بالكم) رواه أبو داود والترمذي وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ، وصححه الترمذي و النووي و الحاكم .
فانظر إلى الحكمة: اليهود بحاجة إلى الهداية، وليسوا أهلاً للرحمة، فهل يترحم عليهم وهم مخالفون؟
لا. هم بحاجة إلى أن يهديهم الله أولاً، قبل أن يرحمهم، فعدل عليه الصلاة والسلام عن لفظ: (يرحمكم الله) إلى لفظ: (يهديكم الله ويصلح بالكم)..
.. يتبع بإذن الله ..
|