كاتب الموضوع :
زونار
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
الفصل الثامن
فتحت فيفيان فمها ذاهلة و اجتاز العتبة و أغلق الباب ،ثم ألقى بحقيبته على الأرض.تراجعت خطوتين ثم تعثرت ، فمد يده و أمسك بمعصمها ليمنعها من السقوط. فهمست :
-من...من أخبرك بأني مريضة؟
- سكرتيرتك.هذا ما قالته للسيدة هاربر عندما حاولت أن تتصل بك من طرفي هذا الصباح ، ولكن يكفي أن انظر إليك لأدرك أنك مريضة.فتحت فيفيان فمها ،لكنها لم تستطع النطق.ومنعها الذهول من المقاومة عندما جرها بيدها إلى غرفة الجلوس و طلب منها أن تجلس. غاصت في الأريكة الصفراء و أخذت تحملق فيه غير مصدقة و هو يخلع سترته و يفك ربطة عنقه ،ثم يمد يده إلى جيبه ليخرج بعض الأوراق ثم قال متجهم الوجه :
- إذن،قررت الاستمرار بعلاقتك مع رالف.
و ألقى بالأوراق على الطاولة أمامها.
نظرت إلى رسوماتها ،ثم أجفلت و قالت بصوت أجش :
-ليتون ، لقد رضيت أنت على هذه الفكرة ، حتى قبل أن أعلم أن رالف موجود في هذه العالم.
-و أنت أكدت لي ، يا فيفيان ، أنك لن تمسي اتفاقية كلوفر لأنك لن تبيعي نفسك...ثم هذه....و أشار إلى الأوراق.
فصرخت :" أنت الذي أجبرني على قبولها.أعني أنك،في الواقع ،أعطيتها لغودمان دون أن تخبرني"
فقال معنفا :" كان يمكنك أن تتراجعي..تحنثي بوعدك و تخبري رئيسك بما حدث.و كيف تشعرين بأن هذه الإتفاقية تتعارض مع أخلاقك"
- لا ، إنني...
- سكتت و حاولت أن تتمالك نفسها ،لكن اضطرابها لم يهدأ بسبب هذه الصدمات الكبيرة.فأغمضت عينيها قائلة :"و أي فرق يمكن أن يحدثه هذا؟"
- -سأخبرك يا فيفيان.
- و جلس أمامها ثم أضاف:"لو كنت زوجتي ، لفضلت أن تحتفظي بمستواك الأخلاقي الرفيع.وألا تحاولي أن تتباهي ، وتستمري في المباهاة برالف أمامي"
- شحب وجهها و راح رأسها يدور، و أخذ العالم يختفي من أمامها.
- لم يغم عليها ، لأن تصرفه الفوري أنقذها من ذلك.فقد هب واقفا و جلس بجانبها ،ثم دفع رأسها برفق إلى الأسفل بين ركبتها ، إلى أن أخذت تحتج بضعف و صوت متلعثم بأنها أصبحت بخير.
- فقال بجمود:"حسنا " ثم ساعدها على الجلوس و أضاف :"هل تريدين شرب شيء من القهوة؟".
- -نعم، و لكن هناك زجاجة مياه معدنية بنكهة المانجا في الثلاجة، ستكون ...أفضل....
توجه إلى المطبخ و أحضر الشراب في كأس.و عندما عاد لاحظ طبق اللحم البارد و السلطة فحمله معه أيضا ثم سألها:
- منذ متى و أنت مريضة؟ألم تذهبي إلى الطبيب بعد؟
- لم أذهب إلى الطبيب و لكنني بخير...المشكلة بكل بساطة أنني أعاني من بعض الضغط.
فقال و هو يعود للجلوس بجانبها:"إذن فأنت لا تعترفين بأنك مريضة؟"
ثم بادرته بلهجة لاذعة لتغير مجرى الحديث:
- هذا....
و سكتت ثم غيرت لهجتها :هل أنت...هل أمك...؟
و لم تستطع أن تتابع.
- أطلعتني على ما أخبرتها به ؟نعم ،لقد فعلت.و صعب علي تصديق ذلك نوعا ما ، خصوصا عندما لم ترفضوا اتفاقية كلوفر.
فقالت فيفيان بعد صمت طويل مزعج :"وماذا عن رالف؟"
- أعطاني تفسيرا يتفق مع ما قلته أنت لأمي.لكنه كان يشعر بالخجل و الذنب حيال ما حصل ، لاسيما حين طرق بابك في الساعة الواحدة و النصف صباحا.فقد جاء ليخبرك ، وعلى حد قوله ، بأنه لم يستطع العثور علي و لهذا يبدو أن الخطة فشلت.هل كنت تصدقين ذلك، لو كنت مكاني ، يا فيفيان؟
فأجابت باكتئاب :"نعم ، حسنا ، ربما كانت تلك حجة لشيء آخر ، ولكن...."
سألها و هو يتأملها بسخرية :"شيء آخر؟"
فأجابت بكل حزم:"لم يكن بتوصية أو برغبة مني.و ما كنت لأرضى بذلك و لا يهمني سواء صدقتني أو لم تصدقني ، يا ليتون."
فلوى شفتيه ، و قال :"ما أغرب ما يمكن أن يفعله :أس مياه معدنية و قطعة جبنة."
فأجابته بحدة،
-لقد بدأت لتوي أتغلب على الصدمة التي تلقيتها منك.
ثم تناولت قطعة اللحم وورقة خس و قالت :"لا بأس ، دعنا نبدأ بالأهم.سأخبرك لماذا لم يكن أمامي أي خيار سوى قبول اتفاقية كلوفر ،خصوصا بعد أن أعلمت أنت مؤسسة غودمان بموافقتك"
-فهمت.
رد عليها باقتضاب دون أن يعكس وجهه أي انفعال أو تعبير.
-وهكذا لعلك تظن أنك اشتريتني ، ولكن هذا لا يهمني.كان ستان بمثابة أب لي.كما أنني لم أكن أحاول أن أتباهى برالف أمامك...لكنني ما كنت لأقدم للوكالة خملا كهذا طوال حياتي.
و أشارت إلى الرسومات الملقاة على الطاولة ، ثم أضافت:"و لا حتى بنصف جودته.لقد سبق و قدمت أعمالا أخرى لكن ستان رفضها ، أما هذه فقد فازت بالقبول"و بان العجز في صوتها :
-حسنا ، أعتقد أنك و جيني لن تنسيا بعضكما البعض أبدا.و لكن هذا غير مهم و لا صلة له بموضوعنا.
و سكتت فجأة ،معنفة نفسها لقولها هذا.فهو أشبه باعتراف بأنها تظنه لا يحبها..مما ينبغي أنه لا يشكل أي فرق.
فقال "و هو كذلك فعلا" فنظرت إليه و طرفت بعينيها.
فعاد يقول : " غير مهم و لا صلة له بموضوعنا. و لكن تابعي يا فيفيان "
فصرفت بأسنانها: " لا إنك تظنني مجنونة ، يا ليتون.أنت تهزأ بي و تحتقرني...تعتقد أنه بإمكانك أن تشتريني.لقد شككت بي بسبب تصميم وضعته يشبه أخاك ، ولن أذكر تلك الخطط الرخيصة التي وضعتها ، كما أكره التفكير فيها."
فقال برزانة : " كان ذلك نوعا من ردات الفعل الفورية."
-كما إنني أرفض التفكير في ما يمكنك أن تبتدعه من إهانات إذا قصدت.و ارتجفت بشكل واضح، ثم أكملت قائلة : " لكنك أخبرتني بنفسك أنه ليس لديك الوقت لأي شخص، لا سيما أنا"
- و من قال إنه ليس لدي وقت لك؟
لم ترد أن تدخل غمار هذا السؤال و ما قد يتبعه لذا حاولت أن تغير الموضوع سألته :" هل لازلت تحب جيني؟"
-يبدو أنا نعود دائما إلى إثارة هذا الموضوع ، و لكن....
لكن فيفيان وقفت و قد عادت ترتجف ، و شحب وجهها : " ليتون ، لقد استمر هذا طويلا.أنا لست مريضة"
-إنك لم....
و لم ينه كلامه ،لكنها لم تره من قبل بمثل هذه الصرامة و البرودة.و بدا و كأنه كشف لها عن رأيه فيها.
-لا!أنا لست مريضة!
-و لكن ، كيف يمكنك أن تكوني متأكدة إلى هذا الحد؟
عادت فجلست و هي تفلاك و جنتها غير مصدقة : "هل علي أن أعطيك درسا في علم الأحياء؟"
فسألتها بخشونة :"و لكن لماذا تبدين بهذا المظهر؟"
-تعرضت لكثير من التوتر و الضغط أثناء مرض ستان .
و نظرت إليه فقرأت في عينيه عدم التصديق ، فأغمضت عينيها للحظة و قالت : "لقد أخبرتك مرة...المرتفعات ، الطيران ،ضغط العمل ، المصاعد...هذا كل ما في الأمر "
أمعن النظر فيها فرأى أن وجهها ما يزال شاحبا فقال " اسمعي ... لا تبدين لي بخير.سأحضر فنجانين من الشاي...."
غاب قليلا ثم عاد يحمل فنجانين من الشاي قدم أحدهما لها.
شربت رشفة ثم تنفست بعمق.
منتديات ليلاس
-أظنني أثرت الشكوك، كما حدث أثناء الاتصال الهاتفي. وقد قلت لسكرتيرتي إنها ستنتشر ، بهذه الطريقة ، إشاعة بأنني مريضة ، لكن لم يخطر على بالي لحظة... حسنا ، لم أكن أعلم أنك أنت من اتصل ، على أي حال.لماذا اتصلت بي؟"
فقال و هو يتناول الأوراق فجأة و يكورها في يده : "لأتحدث معك في هذا الموضوع ".
أخذت تنظر إليه بحذر و قد فغرت فمها.
-و لكن...
وسكت ثم نظر إليها : "إذا حملت الأمور أكثر مما ينبغي...بمساعدة السيدة !هاربر ،فلأني ظننت أني حصلت على فرصة أخرى"
بدا الأسى في صوته و هو يلفظ كلماته هذه ،فنظرت إليه بحيرة :" بشأن ماذا لا أفهم "
- فرصة أخرى معك يا فيفيان.
فشهقت و ردت :"ولكن ....لكن لديك الكثير ضدي ، و قد أدركت ذلك لتوي.يكفي أني كارثة متنقلة ، يا ليتون.لا أستطيع تصديق ذلك "
فجلس بجانبها ، وقال ساخرا :
- و لا أنا.
ثم هز كتفيه ، و أكمل: " لقد تركتك و رحلت. و حدث نفسي عن كل عيوبك... لم أشأ أن أستمع إلى أمي ،أو إلى رالف. و أقنعت نفسي بأن كل شيء انتهى..." و سكت و هو يتنهد ثم أضاف : "و لكن عندما رأيت هذه " و أشار إلى الرسوم التي صممتها : " أدركت أن ذلك غير صحيح.لم صدق كم أغضبتني هذه الرسوم.ثم، اعتقدت أنك مريضة ، فزاد قلقي و غضبي ، و لكن ليس لهذا السبب".
فهمست حابسة أنفاسها :"لماذا؟ "
التفت ينظر إليها أخيرا.و استطاعت للمرة الأولى أن ترى نوعا من العذاب في عينيه :
-لأني أقنعت نفسي بأنك لا لا تهتمين برأيي.فأنت لم تحاولي أن تشرحي لي الأمور.لقد قلت لي إنك كذبت على أمي... وبعد ذلك رحلت ، ثم استلمت اتفاقيات كلوفر.
تملكها شعور بالحنان جعل دمها يجري في عروقها من جديد و كأنها لم نكن حية من قبل.وجلست صامتة مذهولة بينما تابع هو : " و منذ دقائق قليلة ، أرجعت سبب شحوبك و هزالك الباديين عليك و غير ذلك ، إلا أن ظغط العمل و حسب. و كأنك تقولين أن فراقك عني لا يؤثر فيك أبدا "
ابتلعت ريقها :"لقد كذبت فعلا على أمك، فقد سألتني إن كنت أحبك، فأجبتها بالنفي.ولكنها الكذبة الوحيدة التي قلتها لها."
-فيفيان....
- لا ،يا ليتون
ووضعت يدها على يده و أضافت "دعني أنهي حديثي ،هناك مشاكل كثيرة بيننا...فأنت قلت إنك لست لي...لم أجد تفسيرا لهذا سوى جيني ، وأنا ما زلت غير واثقة..."
جيني خرجت من حياتي مرة و إلى الأبد.و قد حدث هذا قبل أن أكتشف أنني أحببتك"
-لكنك قلت إن زواجكما كان ليستمر...
أعلم هذا.و لكن من أجل الطفل فقط.لأمنح ذلك الطفل أبا شرعيا، لأنني أعتقد أن الأولاد يستحقون ذلك و أن عليهم أن يولدوا في إطار الزوجية ، حتى و إن لم يدم الزواج.و لكن أي أمل لها بإعادة إشعال الحب بيننا حكمت عليه بالموت حين استغلت رالف.لأنها أظهرت بذلك و جهها الحقيقي مرة أخرى.لهذا لم أهتم للأمر مثقال ذرة.
فقطبت فيفيان جبهتها و تابع بجهد: " لكن حين ظننت أنك تلهين مع رالف ، كدت أقتلكما معا"
-و لكنفي الليلة التي سبقت ذهابنا إلى بيتش ، ظننت أنك...لاحظت أنك متكدر و ظننت أن السبب هو رالف و جيني.لهذا السبب أردت الابتعاد عن المنزل.
-هذا صحيح، ولكني شعرت بالاشمئزاز منهما، وهذا كل شيء .
أخذت تفكر لدقائق ثم قالت بشيء من العجز : " ما زلت لا أفهم لما أصريت علي لأحضر الحفلة الراقصة؟"
-في بالم بيتش ، لم يثر مشاعري بهذا القدر سوى أنت.شعرت و كأنني هوجمت على جميع الجبهات.
وبدا في عينيه أول أثر للمرح منذ مجيئه و أضاف :"قررت ، بعد تصريحك المؤلم ، ألا يستمر التعاون بيننا... وإذا بي أجد نفسي أعانقك".
ورفع حاجبيه مستفهما ثم أكمل : "لكن الضربة القاضية جاءت عندما بدا أنك قادرة على تجاهل هذه المشاعر و هذا الانجذاب الذي يشد أحدنا إلى إلى الآخر... و رغم أنني أنا من ابتعد عنك ،و جدت نفسي فجأة عاجزا عن فراقك ، ولم أستطع أن أدعك ترحلين".
فتحت فمها غير مصدقة ، بينما تابع هو يقول : " و هكذا لم يكن للأمر علاقة بكلوفر أو بجيني...أنا و أنت فقط ، يا فيفيان"
وضعت يديها على خديها و هي تشعر بالدم يجري فيهما ، ثم قالت بتعاسة :
"وأنى لي أن أعرف كل هذا؟ لو علمت ، لما تفوهت قط بتلك الأشياء التي قلتها...أواه"
- أعلم هذا.إن الذنب ذنبي أنا ،لكن الحقيقة هي أنني أصبحت عاجزا عن التفكير بشكل سوي منذ دخلت مكتبي حافية القدمين.وكان كلامك صحيحا.كنت مثقلا بإرث المرارة و عدم الثقة بالنساء بشكل عام.
فسألته بحيرة: " وكيف استطعت أنا أن أغير كل هذا ؟ لقد قدمت إلى هنا و أنت تحمل في قلبك كرهك لي...و لكل ما يتعلق بي"
-لقد دخلت بيتك ،كارها حقيقة أنني وقعت في غرامك ، و لم تظهري أنت أي ذرة اهتمام بي.
لم تستطيع أن تتكلم ، و إنما أخذت تحدق فيه بعينين تدفقت منهما مشاعرها الجامحة كلها.ثم و قفت و صارت نحو الباب الزجاجي.كانت الشمس قد غابت ، واصطبغت السماء بلون وردي متألق.فيما كانت تحدق في المشهد الرائع ، لم تسمعه يلحق بها لكنها شعرت ، غريزيا ، بأنه يقف خلفها مباشرة.
التفتت قليلا و قالت بشيء من اليأس :
-أنا فعلت ذلك و لكن...
و سكتت تغالب دموعها ثم أضافت : "فكرت حقا...أنه يمكنني إصلاح الأمور بينك و بين جيني أثناء الحفلة.و لكن النتيجة ارتدت علي.ثم عندما تركتني بتلك الطريقة".
و ابتلعت ريقها عندما تحرك بضيق و قالت : " أدركت أنني لن أثق بك مجددا يا ليتون.أنا... ما كنت أقبل بذلك من رجل لا أحبه لكنني أدركت أن الأمر مختلف بالنسبة لك"
- فيفيان...
فقالت بهدوء بالغ :
-لا ، لم تكن تثق بي حينذاك.عندما كشفت لك عن مكنونات نفسي...آسفة ، لكنني عاجزة عن تكرار ذلك.لا بأس...إنني محطمة الآن بسبب ما جرى ، لكنني سأتغلب على ذلك مع مرور الزمن.كما أنني لن أستطيع خوض هذه التجربة مرة أخرى.
سألها بعد صمت طويل : "هل تظنين حقا بأن عليك ذلك؟"
فنظرت إلى البعيد و سمعته يقول : " أنا لا أحاول أن أقلل من شأن ما فعلت ، و لكن إذا نظرت إلى الأمور من زاوية أخرى لرأيت قصة مختلفة ، يا فيفيان"
-لا بل أعني...
- فيفيان..
لم يحاول أن يلمسها ، ولكنها رأته يجاهد ليمنع نفسه من ذلك.رأت شريانا ينبض عند فكه و مشاعر عنيفة في عينيه لم تر مثيلا لها من قبل.بدا و كأنه يركز على أمر حيوي ، هو مسألة حياة أو موت : "أتظنين أني كنت لأقصد بيتك لو أنني ما زلت الرجل نفسه الذي اجتمعت به أول مرة ؟ لو أنني ما زلت ذلك المتحرر من أوهام الحياة و الباحث عن نوع من التحدي العاجز أو ، بصراحة أكثر ، عن علاقة رخيصة؟"
سكت قليلا ، و هو يتأمل خصلات شعرها الثائرة و جسدها الرشيق في قميصها الذي ما زال مزررا بشكل خاطئ و سروالها القصير الأبيض ، ثم نظر إلى وجهها الشاحب ،و قدميها الحافيتين ، و تابع يقول :
أتظنين أني كنت اهتميت لأمرك بأي شكل ؟...هل تظنين حقا أني كنت سأدع رالف يؤلمني بسبب فتاة لا تعني لي شيئا؟و هل كنت أطلب منك الزواج رغم أننا لم نعرف بعضنا إلا منذ شهر و قد أمضينا ثلاثة أسابيع منه في خصام ، إن لم أكن جادا تماما؟
فقالت بعجز : حسنا هذا شيء آخر في الواقع لم نعرف بعضنا سوى لأيام قليلة فقط"
فقال بصوت خافت : و مع ذلك بعد تلك الأيام القلائل أدركت أنني لن أكون الرجل نفسه مرة أخرى.أدركت أنني لن أرتاح أبدا إن لم أكن حاضرا...حاضرا من أجلك.لتتغلبي على خوفك من المصاعد و العلو و الطائرات و الدوار
وأغمض عينيه فجأة و قال : لا أستطيع أن احتمل فكرة وجود رجل آخر في حياتك فيفيان. و لا أستطيع أن أتصور بقية حياتي من دونك، إلا إذا كانت جهنم بعينها
فهمست : ليتون
ثم هزت رأسها وكأنها تجلو ذهنها : لا تنسى المشال الكثيرة التي أقع فيها...
- و لماذا تضنينني أحبك إلى هذا الحد إذن؟
فتلعثمت غير مصدقة :هل...هل لهذا الأمر أيضا؟
- لهذا أيضا.أريد أن أعيش إلى جانبك يا فيفيان أريد أن أحبك و أضحك معك و أحميك و أن يصبح لدي أطفال منك.
فبللت شفتيها و سألته : وماذا عن مصنع الطائرات؟
- فليذهب إلى الجحيم.كان ذلك عذرا فقط على أي حال.
- فحملقت فيه : أتعني أنه ليس لديك مصنع؟
- لا ، سأبني و احدا يوما .لكنه عمل آخر و حسب ، بينما أنت يا فيفيان ستكونين حياتي بهجتي.
فسألته :إذن لن تشك بي و لن تخاصمني؟
فابتسم لها و بدت الرقة جلية غي عينيه مما جعلها تشعر بأنه سيغمى عليها مجددا.
- لا أستطيع أن أعد بذلك و أنا متأكد من أن هذا الشعور سيتملكك أنت أيضا في بعض الأحيان.ما دمنا نعلم أننا روحا واحدة في جسدين...
وأمسك بها ينظر في عينيها بعمق.
و استسلمت فيفيان لعناقه بصمت مستكينة بين ذراعيه و كأنهما ملاذها
-هذا حسن...حسن جدا.
علق بهذه الكلمات برقة بالغة و هو يضمها إليه.بينما أخذت ترتجف كورقة في مهب الريح.ثم أضاف: ثقي بي
لم تعرف فيفيان هذا الإحساس بالأمان من قبل ها هي أخيرا تكتشف جوانب شخصية هذا الرجل.رجل أحبها و أحب مخاوفها كلها.كانت كمن وصل أخيرا إلى بر الأمان فهدأت تدريجيا ثم رفعت رأسها إليه.
- إنه شيء غريب لكني أحيانا أشعر بثقة بك لم أشعر بمثلها حيال أحد آخرقٌط.
فكرر كلامها ببطء:
إنه شيء غريب لكنني لم أعرف ما كنت أبحث عنه حتى دخلت أنت حياتي ،ببراءتك و عدم زيفك..لا يمكنني صياغة صفاتك الأخر في كلمات و لكن قد أتمكن من أظهر لك مدى حبي.
فقالت تجيبه : و أظنني قد أتمكن من أن أبرهن لك...عن عمق شعوري نحوك
**************************************
قالت فيفيان النعاس يتملكها :لم تخبرني بعد
ثم سكتت.
- ما الذي لم أخبرك به؟
- ووضع ذراعه حول كتفيها و هما جالسان على الأريكة.
- ابتسمت له ثم أراحت رأسها على مرفقها و نظرت إليه بمكر، أشعر و كأنني في الفردوس معك...فقاطعها : يسرني ذلك.و ضمها إليه ليظهر لها شوقا و حنينا عميقين.
- تابعي كلامك يا فيفيان
و أخذ يمرر أصابعه على و جهها الناعم.
فقالت بجهد :نعم لم تخبرني بعد ماذا كنت تعني حين تحدثت عن الفتيات و الخوخ و الأشجار
- لا شيء.
فقالت لا شيء؟
- حسنا...
رفع رأسها نحوه و تطاير من عينيه شرر ماكر ثم قال : كانت هذه الجملة حكمة اليوم على الروزنامة في المكتب.وخطر في بالي أنها قد تحدث لديك ردة فعل.
فشهقت : ليتون ديكستر...هذا.
قال بوقار خطير :
-مهما يمكن أن ستقولينه أوافقك عليه.تعصبي لكنني سأخبرك شيئا يا فيفيان.حصل ذلك حين خطر في بالي أن جوليانا جونز قد تكون رائعة الجمال لكنها لا تقارن بك.و أعلم الآن أنه ما من امرأة يمكنها ذلك بالنسبة لي.
ارتجفت فيفيان و تنهدت ثم أحاطت وجهه بيديها : أحبك يا ليتون
و أنا أحبك يا فيفيان
*******
-كيف تريدين ان يكون عرسك؟
كانا في غرفة الجلوس و يجلسان على الأريكة.
تحركت فيفيان و رفعت و جهها نحوه : آه نسيت أن أسألك كيف انتهى الأمر
فنظر في عينيها و قال:
- انتهى كل شيء بشكل حسن.سلمت ماغ في الكنيسة إلى الرجل الذي تحب.و كل الصدمات و المشاكل التي سبقت ذلك و انتهت لأنهما كانا في غاية السعادة.
- أنا سعيدة جدا لهذا ، و إلا ما كنت سأصفح عن نفسي.
|