- عروس البحر تغني
قال ليتون :
- تلك هي منارة بارانجوى.
كانا قد خرجا باكرا من مزرعة هارفست مون وابحرا ساعه كامله ليصلا الى بيت ورتر . هناك ارسى ليتون المركب في حوض للسفن وانتقلا منه الى سيارة رانج روفر كانت متوقفه في المرآب .
ويبدو انه اعتاد ان يحتفظ بسيارته هناك .
سحرت المياه الصافية التي ابحرا فيها فيفيان كما لفتتها الصخور الشاهقة والمراكب والشواطئ الصغيرة الجميلة والجزر والخلجان وفتنتها المساكن التي لايمكن الوصول اليها الا بواسطة المراكب . كان يوما رائعا ارسلت فيه الشمس اشعتها خيوطا ذهبية لتدفئ الارض .
سبحا لبعض الوقت في مياه بالم بيتش حيث المقاهي الحيوية الممتده على الرصيف والمتجر الصغيرة . وقاما بجولة حول الرأس البحري . واثبت ليتون في فترة الصباح انه مرافق رائع مميز فقد استرخت وتسلت حتى نسيت خوفها مما قد يسببه لها هذا النهار من توتر .
منتديات ليلاس
سألها:
- هل انت جائعه ؟
فابتسمت قائلة :
- كاد يحين وقت الغداء .
- فلنتناول الغداء اذن .
لكنه لم يصطحبها الى مطعم بل عاد بالسيارة كيلو مترات متعدده ثم انعطف ليسلك طريقا ضيقا بمحاذاة المحيط . امتدت الطريق بين اشجار متشابكة ونباتات كثيفة ولم تر حين توقفا سوى باب مرآب خشبي انفتح دون صوت حين ضغط على زر التحكم عن بعد . سألته :
- ما هذا ؟
- انها استراحتي ..لعله المكان الوحيد الذي ادعوه بيتي .
وعندما اجفلت بشكل جلي وضع يده فوق يدها واضاف :
- لم احضرك الى هذا المكان لأغويك . اردتك ان تريه وحسب .
نظرت في عينيه فوجدتهما رزينتين وداكنتي الزرقة .
دخلت الى البيت من باب المرآب بشيء من الحذر . ولكنها ذهلت لما رأته. بنى المنزل على طرف جرف ينحدر انحدارا شديدا نحو المحيط وكانت المناظر التي يطل عليها رائعه للغاية . كما كانت الغرفة الفسيحة رائعه وتنتهي بما يشبه سح سفينة خشبي انيق .
لكن جل ما اذهلها في استراحة ليتون هذه هو الوحده اذ بدا بيته وكأنه كهف مضاء بين الصخور بعيد عن كل ضوضاء شاطئ بالم بيتش وحركة بيت ووتر وعن العالم اجمع .
- حسنا ؟
استدارت فرأته يقف خلفها وينظر اليها بمرح كان يرتدي سروالا قصيرا وقميصا قرمزيا بينما ثوبا مكشوفا فوق لباس البحر . كان شعرهما مشعثا ووجهاهما متوهجين من الشمس .
هزت رأسها وقالت :
- لا اظن ان الكلمات ستفيها حقها .. هذا رائع .
-شكرا . والآن اذا سارت الامور كما نريد فلابد ان جنيتي قد جهزت لنا لنلق نظرة .
كان المطبخ الذي قادها اليه رائعا ايضا وكان تصميمه اشبه بمبخ سفينه ويحتوي على كثير من الآنية والاجهزة المعدنية . فتح الثلاجة وقال :
- نعم , لقد جهزت الغداء.
ووقف جانبا كي يسمح لفيفيان بالقاء نظرة .
لم تكن الثلاجة تحتوي على الكثير , عدا الزبدة والحليب . ولكنها رأت طبقا كبيرا من القريدس المسلوق وغير المقشر وبقا من المحار وليمونتين .وتنهدت مسرورة .
- هل اعجبك هذا ؟
-ومن لا يعجبه قريدس بارد يؤكل بالاصابعفي يوم حار ومحار . جنيتك هذه نابغة حقا كيف علمت انني اعشق الحلوى بالشوكولا ؟
حملا الطعام الى الشرفة وتوجها الى السطح .
شهقت فيفيان ثم وقفت قرب الطاولة وقالت :
- لا اظنني قادرة على التقدم خطوة اخرى بعد .
كشر ليتون وضرب على جبينه قائلا :
- نسيت خوفك من العلو . اتعلمين يا فيفيان ان هذا السطح ليس اعلى من شقتك في الطابق الثالث بكثير؟ ومع ذلك سنبقى هنا .
فقالت وهي تجلس الى الطاولة :
- شكرا انا مرتاحة هنا تماما .
راحا يتناولان المحار وكان لذيذا مع عصير الليمون بعدها بدا بتقشير القريدس فراح يقشر واحدة منها ويأكلها فيما تقشر هي عددا منها اولا ثم تأكلها لاحقا .
وتعالى ضحكهما وهما يحاولان تحليل صفات كل منهما استادا الى طريقته في الاكل .
ارتفعت الشمس الى قبة السماء فأحضر ليتون قبعتين من القش ليتقيا اشعتها القوية . وكان البحر الممتد امام ناظريهما صافيا .
قالت وهي تغسل اصابعها في وعاء مخصص ثم تنشفها بمحرمة من قماش .
- هذا رائع جدا , الاحتفال بالبحر , وطعامه , والاكل بالاصابع ... والشمس وهذا الجزء من العالم .
وسكتت مقطبة جبينها ثم اضافت :
- الا تعتبر هارفست مون بيتا لك ؟
- لا , فقد بناه والدي ثم آل الى امي بعد وفته . هي جعلته على حاله هذه كتعويض عن فقدان ابي . انه منزل ممتازا لأسرة ولكن ليس لي , يمكن لماغ وادي ان يعيشا فيه على الرحب والسعة اذا ما ارادا ذلك .
- وماذا عن رالف ؟
- وهو ايضا اذا شاء.
ونظر الى به قريدس في يده مفكرا , ثم رفع نظراته الى فيفيان وقال :
- لكن رالف لا يمكث ابدا لفترات طويلة هناك .
- انت وماغ متشابهان جدا .لكن رالف مختلف عنكما .انا واثقة من ان امك شغوفة به وان كانت لا تظهر ذلك .
بدا المرح في عيني ليتون حين قال :
- كانت علاقتي بماغ حميمه ولم تكن امي تنوي انجاب المزيد من الاطفال . لهذا , اتى رالف بعد فترة طويلة واظنها تشعر بضرورة حمايته لأنه كان مختلفا .
- هل ... كانت جيني تحب العيش في هارفست مون ؟
- هذا ممكن , نعم اظنها كانت تريد ذلك .
وهز كتفيه فسألته :
- لم حطمت قلبها يا ليتون ؟ الا اذا كان العكس صحيحا .
لمعت عيناه بشرارة غامضة ثم قال متاملا :
- ارتاها ماغ , ام جيني نفسها , هي التي تركت لديك هذا الانطباع ؟
لم تجب فيفيان بل قالت :
- يمكنني ان اكون مستمعه جيده . ولكن فقط اذا شئت ان تخبرني , كما اني اتمتع بحدس صائب في الليلة الماضية مثلا , كنت .. لم تكن على ما يرام فساورني شعور بأنك تحتاج الى الابتعاد اليوم مثلي انا تماما .
تشابكت نظراتهما لكن نظراته بقيت غامضة .
- منذ ليلتين رفضت ان تعرفي شيئا عن ذلك .
حركت كتفيها بتملل وردت :
- اظنني فكرت منذ ذلك الحين بأننا يمكن ان نكون صديقين ولكنك لم تشأ ... قالت جملتها الاخيرة بهدوء وهي تتأمل البحر.
- صديقان فقط ؟
وعضت على شفتها وهي تضيف :
- انها البداية . انها افضل من كل ما نقوم به بأسم عصير كلوفر مثر .
لوى شفتيه وقال :
- هل يعني هذا انك عندما ستحصلين على اتفاقية العصير ستفكرين في انشاء علاقة جدية ؟
عادت نظراتها لتستقر عليه وهي تبتلع ريقها واجابته بتلعثم :
- انا ... لا ادري, لقد سبق وهجرت مرة , ولهذا نعم , اظنني مجروحة بعض الشيء .
وسكتت ثم نظرت اليه بأسى مضيفة :
- اعلم ان ما اقوله جنون , لكنه مفيد . ان كان لديك نقاط ضعف فقد لا اشعر اني ادخل عرين الاسد دون ان اعرف ما ينتظرني .
تبدلت تعابير وجهه ثم قال بابتسامة عريضة :
- اضمن لك ان الاسد لن يفترسك .
- كنت اتحدث بشكل مجازي .فقال والابتسامة لا تزال على محياه:
- اعلم هذا , حسنا .
لكن فيفيان قاطعته فجأة عندما لمعت في رأسها فكرة :
- ما قصدته هو ان زوجتك هجرتك رغم رغبتها في العودة اليك الآن . كنت اتساءل فقط ولأنك اختبرت هذا الشعور , ما اذا كنت تفهم ما اشعر به اكاد اموت خوفا من ان يتكرر ذلك مرة اخرى .
قالت ذلك بصراحه مؤلمةواكملت :
- حسنا يكون شعور الانسان افضل ان لم تعتمد سعادته على شخص اخر .
تبدد من وجهه كل اثر للمرح , وراح يتفرس فيها .. تأمل الطريقة التي تحرك بها عنقها والتي تنقبض بها يداها , وظلال العذاب في عينيها البنيتين , وخطوط جسمها المتوتيرة ثم سألها بهدوء :
- كيف حدث هذا ؟
- كنت اعمل معه في وكالة غودمان وكان هو اول ...
ثم سكتت وعضت على شفتيها لتضيف بعد حين :
- اول رجل ارتبطت به بعلاقة جديه فقد فقدت امي في طفولتي ولم ينس ابي حزنه قط وعشت طفولة غير مستقرة لهذا نشات وحيده وخائفة من .. اليس هذا ما اخبرك به ستان ؟ انه ...احيانا اعتقد انه يعرفني اكثر مما اعرف نفسي .
- ليس تماما قال لي انك يتيمه , وانه اخذك تحت جناحه وكانك ابنته بالتبني كما اخبرني انك قد تكونين عنيدة احيانا لفرط تحمسك لعملك اذن جعلك ذاك الرجل تعتقدين ان علاقتكما تتجه الى نهاية معلومة , ثم هرب ؟
فقالت بشيء من الحيرة :
- نعم , لا , ربما تصورت علاقتنا اعظم مما هي عليه . فقد تعلقت به جدا وما كنت لأفعل هذا لو لم .. يبدو انني تصورت مستقبلا لعلاقتنا لم يكن يفكر هو فيه .
- هل مازلت تحبينه ؟
- لا . اذا كنت تعني اني تعيسة , اشعر بالحرمان او ما اشبه , فلا . هذا من الماضي , ولكن حينذاك كنت .. تعيسة جدا .
حدق ليتون فيها مطولا ثم حول نظراته عنها قبل ان يقول :
- بالنسبة الي كان الامر مختلفا . فأنا من طلب منها الرحيل , لكن وفي لحظة سخرية حمقاء طلبت منها ان تدع الجميع يظن العكس .
فغرت فمها وسألته :
- لماذا ؟
- هل نزيل هذه الفوضى عن المائدة اولا ثم نحضر القهوة لنرتشفها مع الحلوى ؟
- اذا شئت .
وهذا ما فعلاه وبقيا في الداخل لأن حرارة الجو ارتفعت فأخذت الشوكولاته تذوب على الحلوى .
سكبت القهوة وقطعت قالب الحوى ثم جلسا وقد فصلت بينهما طاولة منخفضة بادرته قائلة فجأة :
- اذا بدلت رأيك ولم تشأ ان تخبرني لا بأس .
- لا , لم اغير رأيي في الواقع ... حسنا , اشعر بحاجه الى القيام بذلك تعرفت الى جيني عن طريق ماغ وكان ذلك بعد مرور ست سنوات على وفاة ابي , كنت ...
وسكت وسرح بنظره الى البعيد , ثم اكمل قائلا :
- .... كنت قد تحررت من اوهام الحياة .
- لماذا ؟
- اظنني لم اكن اتوقع ان اتحمل المسؤولية لشركة كلوفر بهذه السرعه , او لم اشأ ذلك . ولا يعني هذا انني كنت اريد ان اتخذ الطيران كمهنة لي . ولكن قبل ان يتوفى ابي كنا قد قررنا اقامة مصنع للطائرات وهذا ماكنت اريده حقا , لا العصير والشامبو ولا أي شيء اخر , ولكن كان هذا مستحيلا .
انتظرت فيفيان بصمت كي يكمل حديثه وراحت تكون انطباعا جديدا عن ليتون , فكرت في وهو يترك القوات الجوية والاحلام التي داعبت خياله ليواجه امبراطورية من الاعمال .
كما تخيلته فتى خالي البال تكونت شخصيته وتغيرت بسبب هذه المسؤولية الضخمة وتساءلت عما اذا كان هذا هو سبب الناحية الحاقده والساخرة من شخصيته .
ومع ذلك , لم يكن من الصعب ان تتخيله عاشقا مدمرا يمكنه ان ينال ما يشاء .. واخيرا تابع يقول :
- كان الامر مستحيلا لآن وضع الشركة كان مهزوزا قليلا بسبب موت ابي المفاجئ وكذلك الوضع الاقتصادي العام انذاك. وقد استلزم انقاذها من الافلاس الكثير من الجهد والعمل فكيف يمكنني ان افكر بالطسران ؟
لفظ سؤاله الاخير بجفاء ساخر فسألته جادة :
- هل تعني ان جيني دخلت حياتك حين كنت ضعيا نسبيا ؟
فألقى براسه الى الخلف مفكرا وقال :
- ربما . لكنني لم اكن افكر في الزواج وان كنت منجذبا اليها ..
- هذا ليس صعبا , فهي .. جميلة جدا .
رفع ليتون رأسه ونظر الى فيفيان ساخرا :
- شكرا . هل يفترض ان اشعر بتحسن ؟ يمكن لأي رجل ان يواجه المشكلة نفسها .
فعبست واجابت :
- آسفة . لم اقصد الاستعلاء عليك .
فضحك بهدوء وقال :
- لعلك لم تصلي الى هذا الحد يا انسة فلوري . على أي حال , وقبل ان تصل الامور .. الى ذلك الحد بحسب التطور الطبيعي لها , تزوجنا عندما اكتشفت انها حامل , رغم ان هذا ما كان يجب ان يحدث عمليا .
وعندما رفعت حاجبيها قال :
- كانت قد اخبرتني انها تتناول حبوبا لمنع الحمل . ولكن الحبة قد تخذلك او هذا ما اعتقدته انا . اما ما لم انتبه له فهو الازمة المالية الخانقة التي كانت اسرتها ترزح تحتها . كانوا وما زالوا رعاة ماشية .
فقاطعته غير مصدقة :
- الم تكن تعرف ما ضيها ؟
- بلى , فهي من اسرة عريقة من غرب ويلز . لم تكن نعرفهم شخصيا لكني اجتمعت بهم طبعا . وقد تركوا اثرا طيبا على امي . مثلي تماما فأسم ديكون مذكور في سجلات الاسطول الحربي . ولاحظت انهم كانوا اغنياء في ما مضى . اما احتمال افلاسهم وامكانية ان يخسروا مزرعتهم فهو سر لم يبوحوا به لأحد . كما كانت والدة جيني تتظاهر بأنهم في احسن حال وذلك حتى النهاية المرة .
فسألته بحزن :
- وكيف حدثت النهاية المرة ؟
- انها سلسلة من الاحداث. اجهضت جيني بعد ان تزوجنا بأسابيع.. وكان قد مر على حملها 3 اشهر . كان مقدرا لها ان تخسر الجنين بحسب الاطباء . لكن لم اكن واثقا تماما من ذلك . كانت ... تصرفاتها غريبة بعد عودتنا من شهر العسل , اذ بقيت اعصابها متوترة وذات يوم اقبلت باكية واخبرتني ان ابها يهدد بالانتحار بسبب مشاكله المالية ثم توسلت الي لأساعده وحينذاك بدأت اتساءل .
فعادت تسأله بحزن :
- وما الذي دفعك الى الاقدام على ما فعلته ؟
- وجدت رساله من امها , ولم يكن فيها أي التباس . ذكرت فيها ان حالتهم ميؤوس منها ولكن بما اني تزوجت جيني , بالرغم من خسارتها للجنين , فلا بد انها اصبحت واثقة مني ويمكنها ان تطلب مني مساعدتهم لدفع رهن المزرعه .
- آه ...
فقال بجفاء :
- وكما قلت انت , ولأفيها حقها . لقد تعرضت لكثير من الضغط من اهلها , ولا سيما من امها . كان اسمهم ذا ماض مجيد . وكان لها 3 اخوة اصغر منها سنا , ومازالوا في المدرسة او الجامعة . واظن ان انعدام الكرامة بدا واضحا على وجه جيني نفسها .
- لكنني لا افهم لماذا تساندها اسرتك ؟
- لأنهم لا يعلمون ما جرى .
- وهل دعت الرهن .
- آه نعم . كان هذا جزءا من الاتفاقية , وقد سرتهم جميعا . اذ نص الاتفاق على الا يعلم بذلك احد , حتى ما واسرتي .
- فهمت لهذا طلبت منها ان تفهم الجميع انها هي التي تركتك .
- تماما . اما الجزء الاخر من الاتفاقية فنص على ان يكون دفع الرهن عن الاسرة مقابل الطلاق .
وظهر الذهول على وجه فيفيان .
فقال وقد ارتسم على وجهه طيف ابتسامة :
- كان يمكن للأمور ان تسوء اكثر . ولكن ان اكتشف انني كنت مخدوعا او مغفلا لم يكن بالامر السهل .
فازداد الذهول في عينيها , وقالت :
- انت تعني انها حاولت الحصول على المزيد من المال منك ؟
- لا . لكني انذاك , كنت من الحرض بحيث لم اسمح لها بذلك كما اكتشفت انها لم تستعمل وسائل منع الحمل عمدا . ان هذا النوع من الغش واستغلال حياة شخص اخر لتحقيق المآرب جرحتني في الصميم . وهذا ما لا استطيع الصفح عنه ابدا .
فتنفست فيفيان بعمق وسألته :
- ولكن قل لي ياليتون , كيف استطاعت ان تخدعك؟ ليس في مسألة الحبوب ولكن في مسألة حبها لك ؟
ساد صمت طويل عادت فيفيان لتقول بعده هامسة : هل احبتك في تلك الفترة ؟
فأجاب باقتضاب :
- هذا ما قالته .
- وهل فكرت في انه يمكن للحب ان يجمعكما الى الابد بالرغم مما فعلته ؟
- نعم .
ووضع فنجانه على الطاولة ثم اضاف:
- وانا اسف اذا فكرت هي في الامر نفسه . لكني اشك في ذلك فأنا اعلم ان هذا غير صحيح .
وعندما رأها تفتح فمها قال محذرا :
- فيفيان اياك والقاء محاضرة حول الكبرياء .
سكتت لتقول بعد لحظة :
- بصفتي فتاتك المأجورة فأنا مؤهلة لأن اشكك ياليتون .
وترددت حين رمقها بنظرة ساخرة ثم قالت :
- شكرا لأنك اخبرتني كل هذا .
نظر اليها فقالت بلهجة منطقية :
- حسنا , يجب ان اعترف ان هذا يجعل الامور مريبة نوعا ما .
حول نظراته عنها ثم عاد ينظر اليها قائلا :
- احد الاسباب التي جعلتني استخدمك يا فيفيان , هو عدم ثقتي بالحصول عليك بطريقة اخرى اسمعي .. كان ذلك تصرفا من وحي الساعه اعني ان احملك جزءا من المسؤولية مع الاسف . منذ اللحظة التي دخلت فيها الى مكتبتي حافية القدمين تملكني الفضول نحوك .
فقالت بشيء من المرارة :
- ذاك الحذاء الذي كلفني مبلغا ضخما , لم يكن يستحق سنتا واحدا كما سبب لي الكثير من المشاكل .
- هذا وقف على النتيجة التي حصلت عليها بسببه .
هزت كتفيها ثم قطبت جبينها وهي تنظر اليه . اذ ادركت فجاة ان تغييرا ما قد حصل وانه انتقل الى موضوع آخر . ثم خطر لها انهما وثقا ببعضهما ,وتكلما في امورهما الشخصية ولكن , بدلا من ان يعزز ذلك علاقتهما فتح فجوة بينهما وسعتها كلماته الاخيرة .
قضت كلماته على شعور الصداقة البسيط الذينشأ بينهما في فترة الصباح واثناء الغداء . كلمات تناقضت والاحساس الذي جعله يرغب في ان يريها استراحة كلمات اثارت في داخلها قشعريرة غريبة .
اتراه ندم لصالحتها حول زواجه الفاشل ؟
- فيفيان ؟
استفاقت من تأملها مجفلة وقالت:
- آسفة ... نعم ؟
- اتريدين ان تستحمي وتغيري ملابسك قبل ان تعود ؟
- آه , نعم . شكرا
ولكنها شعرت مجددا وكأن ماء باردا انسكب عليها . وربما بدا هذا عليها .
اذ ظهرت الرقة في عينيه وهو ينظر الى وجهها الا انه حول نظراته على الفور ونهض واقفا ثم قال :
- سأريك غرفة نوم الضيوف .
استغرق حمامها وقتا طويلا لآنها حاولت ان تتخلص من الملح والرمال التي علقت بجسمها , ومن الشعور الغريب الذي انتابها . احست انها اشبه بحبة رمل على الشاطئ تافههة وحيدة تتقاذفها الامواج.
ثم ارتدت الثياب التي احضرتها معها سروالا قصيرا وقميصا قصير الكمين .
جلست خلف طاولة الزينة وحملت بيدها الفرشاة لتسرح شعرها لم تكن غرفة النوم تحتوي الا الضروري من الاثاث . لكنها لم تكن رخيصة او قبيحة.
نظرت فيفيان الى صورة الغرفة المنعكسة في المرآة وفكرت في انها تحتاج الى لمسة ما ... لمسة تمنحها لونا وحياة . لكن عينيها ضاقتا حين وجدت نفسها تفكر معذبة , في ما يمكن ان يقودها الى مفتاح لحل لغو ليتون .
وفي هذه اللحظة بالذات قرع الباب ودخل , ولأن فكرها انحصرت فيه عجزت عن النطق وراحت تنظر اليه في المرآة . بدا وكأنه انهى حمامه للتو بشعره المبتل القاتم الممشط وقد ارتدى سروالا قصيرا وقميصا ازرقا .
رأته يقطب جبينه فتمنت لو تستطيع ان تقول ما يخف عنه , لكنها بقيت عاجزة وفي الواقع حدث ما لم يكن في الحسبان , اغرورغت عيناها بالدموع فخفضت بصرها بسرعه ثم رفعه الفرشاة بيدها .
- فيفيان ؟
فأجابت وهي تشهق بصوت منخفض :
- لحظة واحده .. شعري .
وضع يده على يدها ثم اخذ الفرشاة منها ادارها نحوه , وسألها :
- ماذا حدث ؟
فتحت فمها لترد عليه فشعرت بدوار قوي مما انقذها من ضرورة الكلام .
- آه لا شيء ..لعله المحار والقريدس والشوكولا لقد اكلت منها بنهم .
سكتت وتنفست بعمق . لكن الدوار عاودها مجددا فوضعت رأسها بين يديها بارتباك وبأس .
جذبها لتقف على قدميها مقاما كل محاولاتها المذعورة للافلات منه .وحين اصبح الدوار اسوأ لمرها :
- قفي ثابته .
ثم عاد يمسك بها ويضمها اليه ويمسح بيده على شعرها , وبعد 5 دقائق شعرت بتحسن فأخذت نفسا عميقا وهمست تقول :
- لا ادري كيف تفعل هذا , ياليتون , ولكني اشكرك ولن اهتم بشعري , سأجمعه تحت القبعه ..
ابعدها قليلا عنه ثم تفرس في عينيها :
- ما الذي جعلك حزينة ؟
- انا ...
وتنحنحت .
- كنت تبكين... لماذا ؟اغمضت عينيها واطلقت آهة خفيفة وهو يضم وجهها بين يديه آهة صغير بائسة :
- لا ادري . لا شيء ..حقا .
فقال برقة :
- اخبريني , انظري الي يافيفيان .
رفعت اهادبها وكانت مبتله فقالت بصوت خفيض :
- لا استطيع . انا لا اعلم ... ولهذا ..
- لابد ان لديك فكرة .
فابتلعت ريقها , وقالت :
- انا ... حسنا شعرت وكأني حبه رمل على الشاطئ. يتملكني احيانا شعور بالوحده . وهذا كل مافي الامر . ولكنه شعور لا يدوم .
وهزت كتفيها ثم اضافت :
- اظنها من الاوقات الغريبة التي اكون فيها تلك الشقراء الممصابة بالدوار التي رأيتها في البداية .
حاولت ان تبتسم لكنها لم تستطع . همس لها كلمات لم تسمعها ثم عانقها .
وتمتمت عندما ضمها بين ذراعيه :
-آه , لا , ارجوك دعني .
- لسبب ما لا احتمل رؤيتك حزينة .
فقالت بعجز :
- هذا يزيد الامر سوءا .
لكنه لم يهتم بما قالته , بل ضمها اليه اكثر , فشعرت بأحاسيسها تدفعها الى احضانه كما يدفع المد المياه نحو الشاطئ . تملكها مشاعر لم تختبرها من قبل فأحست ببهجة عجيبة عجزت عن مقاومتها .
احست بين ذراعي هذا الرجل الضخم بانوثتها وصغر حجمها . وادركت تأثير الرجولة المتدفقة منه على حواسها , فاستسلمت لعناقه .
حدقا في عيني بعضهما البعض . فشعرت فيفيان وكانها تغرق في بحر عينيه , اذ راحتا تنطقان بشوق اليه . وكأن ليتون ديكستر لا يفكر سوى بشخص واحد .. هو فيفيان .
وترك شعورها بانها الوحيدة في عالمه تأثيرا بالغا عليها .
انحنى نحوها ليأخذها بين ذراعيه واحاطت عنقه بذراعيها هامسه :
- انت كالشجرة احيانا , قوي جدا .
- وانت كعروس البحر , تغنين لي اغنية لا استطيع مقاومتها .
جمدت فيفيان مكانها , وانزلت يديها ووضعتهما على صدره , وهي تحدق في عينيه , ثم رمشت بعينها , اذ اعادتها كلماته هذه الى شيء من التعقل .
كان قد قال شيئا مشابها من قبل وهي تتذكره جيدا . قال ان عليه ان يكون قويا ليتمكن من اغراء اللذات الارضية . قالها بلهجة الازدراء .
ثم هزتها قناعتها الذاتيه بأن ما جرى ينبغي ان يكون اختبارا . اختبارا لاستقامتها , اختبارا لقدرتها على المقاومة , حتى وان كانت تحتاج الى شيء منه .
اصبحت تعرف الكثير عنه .القصة الحقيقية لزواجه من جيني ديكون والتحذير من نتيجة تورطها معه , فقد اوشك قلبها ان يتحطم ذات يوم . ولم تكن واثقة من ان هذا لن يتكرر وبشكل اسوأ ..
اضطربت وابتعدت عنه فسألها وقد ضاقت عيناه :
- لماذا ؟
- انا ...
وتعلثمت ثم تنهدت وقالت :
- ليتون .. انا ...
ولكن لم تستطع ان تعبر عن افكارها بالكلمات .
وقف يتأملها وهو لا يزال ممسكا بها , ثم قال بشيء من السخرية :
- لن احاول , اغوائك , على أي حال , يا فيفيان ؟
توهج وجهها وراح السخط يغلي في داخلها , فقالت :
- لم اكن انتظر منك ذلك .
فرفع حاجبه قائلا :
- ايا كان ذلك الشخص الذي صدمك فقد خلف فيك جرحا يصعب شفاؤه صدقيني .
حاولت ان ترفع يدها لتصفعه فأمسك بيدها وهو يهز رأسه ساخرا :
- الا يمكنك ضبط نفسك .
فقالت متلعثمة :
- ما كان عليك .. ماكان عليك ... اعني .
فرد ببطء:
- الثأر مني ؟ لا , حسنا ليس بهذه الطريقة . اعلم انك لا تنفرين مني . يبدو انك احرزت تقدما في هذا المجال .
اطبقت فيفيان اسنانها واغمضت عينيها بشدة ثم قالت بعنف :
- كفاك سخرية , ياليتون ديكستر ! انت من يتغير ويتبدل ويتلون . انت من احضرني الى هنا وحدثني عن زواجه ثم منعني من التحدث عنه ! انت الذي قارنني بعروس البحر , وكأن مهمتي تنحصر في اغوائك . انت من اخبرني انه عليك ان تكون قويا لتتمكن من مقاومة الملذات الارضية التي امثلها انا . ولن اذكر انك في مزاج ملائم يوما وخلاف ذلك في يوم اخر ...
سكتت وراحت تتنفس بعمق وقد اغرورقت عيناها بالدموع مجددا رغما عنها . واخذت تمسح دموعها بضيق وهي تقول :
- لا ادري ما الذي حصل لي . لكن ان كانت هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على اتفاقية كلوفر فالتعامل انتهى بيننا .
ختمت كلامها بكبرياء بالرغم من دموعها الجارية .
- خذي .
تركها ودس في يديها منديلا كبيرا اخرجه من جيبه . ثم عاد يضع ضراعه حولها بينما راحت تمسح دموعها وتحبس انفاسها لتتجنب الدوار الذي هددها من جديد .
وعندما هدأت امسك بيدها ليقودها الى غرفة الجلوس وقال بجدية وحزم :
- اجلسي سأحضر لك ما تشربينه .
غاصت فيفيان في الاريكة , كانت وما تزال ترتجف لفرط انفعالها فتناولت منه فنجان الشاي الذي احضره شاكرة . وكان قد سكب واحدا لنفسه فسار نحو الباب الزجاجي وقف يحدق في البحر . ثم استدار نحوها قائلا :
- المشكلة هي انني ظننت اننا من نوع واحد .
فنظرت اليه بعجز , وسألته :
- من أي ناحية ؟
اخذت نظراته تتأملها , وقال برزانة :
- بأمكاننا ان نتحكم بانفسنا .
فاخذت تطرف بعينيها وهي تقول :
- لم افهم ما تعنيه .
- كأي شخصين ينجذب احدهما الى الاخر , انما لا يريدان الالتزام بعهد طويل الامد .
فسألته غير مصدقة :
- هل هذا ما فهمته , ياليتون ؟
فقطب جبينه , وقال :
- لقد اعيت نظراته على الخاتم في اصبعها .
فغرت فمها ولم تنطق بأي كلمة . وبعد لحظة , جلس بجانبها فنظرت اليه من خلال اهدابها :
- لم اكن انوي التورط معك , وقد اخبرتك بذلك ..
- وبرهنت ذلك الآن ...
وكان في صوته سخرية ومكر شيطاني .
ارتجفت من شدة غيظها . وفكرت في ان تعلمه كيف كادت تنجرف وراء مشاعرها , وكيف ردعتها كلماته وجذبتها بعيدا عن حافة المجهول , لكن الحكمة تغلبت عليها :
- آه , اذا اعطيت بقدر ما اخذت فلهذا سببان .اولا , لأبرهن لك انك لست ذاك الرجل الذي لا يقاوم , وثانيا من اجل غودمان .
سكتت وعلقت الكلمات على شفتيها مجددا , لن تطلعه على ورطتهم المالية, ولن تخبره بمدى حاجتهم الى المال الذي ستكسبه من الاتفاقية , لاسيما بعد ان سمعت منه قصة جيني .
وارتجفت حين راودتها هذه الفكرة , ثم تابعت تقول بصعوبة :
- اذن , وبالرغم من ... انجذابك الي , لم تفكر قط بأي نوع من الالتزام ؟
- نعم .
فسألته وهي غير قادرة على اخفاء الالم في صوتها :
- و.... ألم يغير أي شيء في رأيك هذا ؟
- فيك اشياء كثيرة مخيبة . لهذا اكره ان أؤذيك .
اخذت نفسا عميقا , واحست وكانها كشفت اوراقها كلها .
فقالت وهي ترتعش :
- ما الذي جعلك تغير رأيك ؟
- تصرفاتك كفاحك حتى النهاية , ما اخبرتني به اليوم , والذي يفسر سبب مقاومتك لي .
اخذ يعبث بالخاتم في اصبعها واضاف :
- انت الفتاة التي تحطم قلبها , يا فيفيان .
وحدق في عينيها فجأة فقالت غير قادرة على تجنب عينيه :
- نعم , لهذا السبب كنت واثقة من قدرتي على التعامل معك , كنت مخطئة لكن جزءا من مشكلتي هو ... انني اشعر احيانا بالامان معك . فأنسى تلك الجبانه في داخلي , تلك التي تخاف ركوب الطائرة والعلو والمصاعد والتي تصاب بالدوار وتسقط في الانهار وتفقد حذاءها .
ترك يدها لكنه لف ذراعه حول كتفيها واستند معها الى الخلف وهو يقول :
- وهذا ما جعلني اخبرك بالحقيقة عن جيني . لقد قررت , اثناء الغداء ان الوقت حان كي نوقف هذه المهزلة .. ظننت ان اقل ما ادين به لك هو تقديم تفسير .لكن نواياي الطيبة لم تمنع تأثري عند رؤيتك محرومة .
سألته وهي ترتجف :
- هل عدم رغبتك .. بالالتزام هو بسبب جيني ؟
- نعم ولا . يفترض ان اتوخى الحذر بعد تجربتي مع جيني , وهذا امر طبيعي . لكن المشكلة الحقيقية هي اني لست الرجل المناسب لفتاة مثلك .- وكيف ذلك ؟
- اظن ان آخر ما تاحتاجينه هو رجل دائم التنقل والترحال مثلي لا سيما الآن وقد اوشكت على تحقيق احلامي .
بدت مشوشة واذ بها تدرك فجأة ما عناه فسألته :
- مصنع الطائرات ؟
- نعم . سيتطلب هذا الكثير من الوقت والجهد , وسانشغل به لسنوات .
حدقت في عينيه الزرقاوين , ومضت لحظات طويلة شعرت خلالها بالشكوك والمخاوف تساورها ازاء هذا الرجل . تذكرت مشاعرها وهي بين يديه وكيف استطاع ان يلهب احاسيسها ,
وان يجعل الشوق يكتسح كيانها بنظرة منه . كما تذكرت كيف ضحكا واستمتعا بقضاء الوقت معا ... فأحست وكأن عالمها ينهار من حولها كمنزل من ورق .
وارغمها هذا على مواجهة الواقع , وتبين لها ان ليتون كان على صواب فيما قال عنها لكنه اخطأ في نقاط اخرى , والا لما تملكها هذا الشعور بالحزن والكآبة , وهذا الاحساس بالوحدة الآتية .. والهجر .
وسالها بهدوء :
- اتفقنا ؟
تبا لك ياليتون ديكستر . واغرورغت عيناها بالدموع مجددا . هاهي جالسة ورأسها على كتفه من جديد وقلبها محطم ثم يوجه اليها مثل هذا السؤال .. اين كرامتها وكبرياؤها ؟ وكيف تستطيع استعادتهما ؟ كيف يمكنها ان تنهي هذه المسألة الآن والى الابد ؟
فقالت بصوت اجش :
- نعم حسنا , سأكون مجنونة لو فكرت في المنافسة . ولو كانت مع أي شيء اخر عدا الطائرات لجربت حظي . لكن حسنا لقد فهمت !
استقامت في جلستها عندما هب لنجدتها احساس لعله الكبرياء .. واخذت تتساءل عما اذا كان احس بأنها تحاول استعادة كرامتها وعالمها اجمع , بهذه الشجاعة التي تظهرها .
نظر اليها متأملا ولكن قبل ان ينبس ببت شفة بادرته بالقول :
- بالمناسبة , افضل الا احضر الحفلة الراقصة هذه الليلة . اظنك على حق حين قلت انه علينا انهاء هذه المسالة الآن والى الابد .
ثم خلعت خاتمه وناولته اياه .
اخذ يقلبه بين اصابعه ويتفحصه وقد قطب جبينه . ثم سألها :
- هكذا .. دون ندم او اسف ؟
ورفع عينيه فجأة ينظر في عينيها فأجابت ببساطه :
- بل اشعر بالاثنين معا , لكني سأتغلب على ذلك .
ثم ابتسمت له بمرح واضافت بأسى :
- واقول لك بصراحه اني سأرتاح لو ... عدت الى التعقل . فمنذ قابلتك وانا اشعر وكأنني " اليس في بلاد العجائب " او كأنني في مستشفى مجانين .
ومضت عيناه ومضة غريبة لكنه اكتفى بالقول :
- امتعتك في هاوفست مون .
سكتت محبطة ثم اشرق وجهها وهتفت :
- ربما يمكنني قضاء الليلة هنا , او في مكان اخر في بالم بيتش ثم تقوم انت بارسال امتعتي غدا . وهكذا يمكنني ان ارحل من دون مشاكل .
- افضل ان تاتي الى الحفلة الراقصة .
حدقت فيه وتذكرت فجأة كيف بدا تلك الليلة حين تناولا العشاء في بريسبين . يومها كان ليتون الصلب البارد
- ولكن لماذا ؟
فهز كتفيه وقال :
- لم ننته من موضوع اتفاقية عصير كلوفر .
- ماذا ؟
- لم تحصلي عليها بعد , يافيفيان وانا اعرف حاجة غودمان الماسة اليها .
لم تملك سوى ان تحق فيه بذهول بالغ وغضب واضح على وجهها بينما تابع يقول بجدية :
- فقد خسرتم الكثير من عقودكم , مؤخرا .
فاتهمته بصوت منخفض :
- هل كنت تعلم ؟ كنت تعلم منذ البداية ؟
- نعم واي فرق يحدثه هذا ؟
فوقفت فيفيان وملقت فيه :
- اتعني انك كنت تعلم السبب الحقيقي الذي جعلني اشترك في هذه المهزلة السخيفة ياليتون ؟
- بل هو احد الاسباب . نعم ,والسبب الاخر هو انك عجزت عن القاومة والرفض .
سأخبرك بشيء ما ! كان هذا السبب الوحيد الذي منعني من ترك مكتبك حين تحدثت اول مرة عن الفتيات والخوخ .
فذكرها بمرح :
- ولأنك كنت حافية القدمين .
- لم يكن لذلك أي اهمية . كنت لأعود الى بريسببن حافية القدمين لو لم اكن افكر في غودمان .
- حسنا . هنا كتمن مصلحتك في انقاذ وكالتك . ولا بد انك تعتبرين الرقص متعه مقارنة مع السير الى برسبين حافية القدمين .
ابتلعت ريقها واحست بغضب عارم لم تخبره من قبل . شعرت برغبة في الثأر منه لخداعه لها . كيف يمكن لهذا الرجل ان يثير مشاعرها بهذا الشكل ؟ كيف يحافظ على هدوءه بعد ان اكتشف مشاعرها الدفينه ونبذها ؟ وهاهو يبتزها الآن .. واخذت نفسا مرتجفا وقالت :
- لا تظن اني لا اعرف سبب فعلتك هذه يا ليتون .
رفع حاجبيه وانتظرها كي تفصح عن قصدها . تاملت هذا الطول الفارع وهذه القوة , كل الاشياء التي ظنت انها تحبها فيه .
هاتان العينان الداكنتان الزرقة وتلك الابتسامة الكسول , قوته ورقته , الشعور بالامان معه . انه الشخص الوحيد الذي ساعدها في التغلب على مخاوفها وعلى شعورها بالغثيان .. وها هو الآن امامها بهذا الشكل ! اغمضت عينها للحظة , ثم تابعت تقول :
- سأخبرك . انت بحاجة الليلة لدرع واقي , اليس كذلك , ياليتون ؟ فقد تكشفك هذه الحفلة على حقيقتك امام جيني وهي في ابهى حلتها .
ليس هذا وحسب ... فقد تكشفك اما زوجتك السابقة التي تستغل اخاك كي تثير غيرتك .
تشابكت نظراتها طويلا .ظهر الغضب في عينيها , في حين ان عينيه لم تملا أي تعبير . ولكن متى استطاعت ان تقرأ في عينيه ما يريد اخفاءه ؟
- اتظنني لم الاحظ ما يجري بينهما في الامس ؟ اتظنني لم ادرك انهما سبب رغبتك في الابتعاد عن المنزل اليوم ؟
وقف فبدا كالمارد امامها . لكن فيفيان لم تتراجع خطوة واحده بل اكمل كلامها :
- فهل تخطط لأستغلالي في اثارة غيرتها هذه الليلة , ياليتون ؟ لم لا تعترف بذلك ؟ فعندها احدد موقفي .
نهاية الفصل الخامس