لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


239 - لون منتصف الليل ـ روبين دونالد ـ مكتبة مدبولي ( كاملة )

الملخص كان صوتها يبدو عميقا بالنسبة لمن فى مثل نحافتها ، كما ظهرت فى صوتها لهجة بريطانية لم يكن من الممكن تفاديها بعد أن عملت

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-05-09, 09:01 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Icon Mod 44 239 - لون منتصف الليل ـ روبين دونالد ـ مكتبة مدبولي ( كاملة )

 

الملخص
كان صوتها يبدو عميقا بالنسبة لمن فى مثل نحافتها ، كما ظهرت


فى صوتها لهجة بريطانية لم يكن من الممكن تفاديها بعد أن عملت


لمدة عامين على ظهر يخت يمتلكه ملياردير بريطانى ، وكل طاقمه


من البريطانيين ، أما الآن وقد عادت لوطنها نيوزيلندا فقد حاولت
بإخلاص التخلص من تلك اللهجة . كان عليها أن تعود من حيث
أتت إذا لم تستطع تحديد مكان مزرعة ما قريبة من حيث فقدت
طريقها ، اسمها القلعة الاسبانية ، وقد شعرت مينرفا وهى تائهة
فى سيارتها تحت هذا المطر أن هذه المزرعة ربما تكون فى أسبانيا


فالخمسة أيام الأخيرة كانت آخذة فى الاتجاه شمالا من أوكلاند


وهى تحاول إقناع نفسها أنها فى أجازة .منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس

قديم 02-05-09, 09:02 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الأول


تمتمت منيرفا روبير ستون وهى تحدق خلال الأمطار نحو اللافتة :
" يجب أن تكون هناك علامات على هذه اللافتة ، اللعنة على المهملين "
كان صوتها يبدو عميقا بالنسبة لمن فى مثل نحافتها ، كما ظهرت فى فى صوتها لهجة بريطانية لم يكن من الممكن تفاديها بعد أن عملت لمدة عامين على ظهر يخت يمتلكه ملياردير بريطانى ، وكل طاقمه من البريطانيين ، أما الآن وقد عادت لوطنها نيوزيلندا فقد حاولت بإخلاص التخلص من تلك اللهجة . كان عليها أن تعود من حيث أتت إذا لم تستطع تحديد مكان مزرعة ما قريبة من حيث فقدت
طريقها ، اسمها القلعة الاسبانية ، وقد شعرت مينرفا وهى تائهة فى سيارتها تحت هذا المطر أن هذه المزرعة ربما تكون فى أسبانيا فالخمسة أيام الأخيرة كانت آخذة فى الاتجاه شمالا من أوكلاند وهى تحاول إقناع نفسها أنها فى أجازة . وليس هناك من تبقى معه حيث ذهب والدها وزوجته فى رحلة عمل لأمريكا الشمالية لذلك قررت أن ترى بعضا من ساحل نيوزيلندا الشمالى الطويل ربما حتى تصل إلى كيرى كيرى . ولم تكن لديها أية نية لزيارة المكان الذى أمضت فيه أختها آخر عام من عمرها . ولكنها ما أن رأت اللافتة تشير إلى القلعة الاسبانية حتى سارت فى اتجاهها وهى ترفع درجة المكيف الساخنة فى سيارتها فى محاولة لتبخير الماء المتراكم على زجاج سيارتها الامامى والذى يعوق رؤيتها لحد غير قليل ، ولكم ها هى الآن فى مفترق طريقين لا تدرى أيهما يؤدى للقلعة الاسبانية والجو رغم رداءته الا أنه متوقع فى مثل هذا الوقت من العام ولكن هل تأخذ أى طريق ولترى كيف يكون حظها ؟
لكنا خرجت من السيارة إلى المطر محتمية بمظلة رقيقة وقد حدست بأن المطر لابد أنه حطم بعض اللافتات أو أوقعها وأن عليها أن تبحث عنها ، ولكن بعد وقت غير طويل وتحت تأثير المطر عادت فى اتجاه سيارتها دون أن تجد أى أثر لأى علامة أو لافته .كان صوت تساقط حبات المطر على المظلة ذا إيقاع منتظم جعلها لا تشعر بوجود ذلك الرجل الذى كان ممتطيا صهوة جواد رمادى لامع ، وقد رقد أمامه على الجواد كلب أبيض اللون به بقع سوداء بينما ارتدى الرجل معطفا من معاطف المطر الطويلة وأخذ ينظر إليها دون أن يأتى بأية حركة وكأنه متجمد من البرد والمطر . ابتسمت مينرفا وهى تتذكر أنها لم تر منزلا فى آخر ثلاثة أميال وأن حولها آلاف الهكتارات من الأراضى التى تغطيها الاعشاب ونباتات الغابة .منتديات ليلاس
قال الرجل وهو يجذب لجام الحصان الذى بدأ يتحرك بقليل من العصبية :
" لا تحركى مظلتك فى الهواء فهى تزعج الحصان "
شعرت مينرفا أن الرجل يشع قوة وتحكم ذكرها برجال الفايكنج المحاربين بينما أخذت حبات المطر تتساقط على زوايا وجهه الحادة ، لكن يدها أصبحت أكثر تحكما فى المظلة وهى تسأله :
" هل يمكنك أن تدلنى على الطريق إلى القلعة الاسبانية ؟ "
أخذ يتفحصها بعينين باردتين بدا لها أنه ينظر بهما خلالها وليس لها فحسب ، ورغم أنها كانت متأكدة أن لا شئ سيهرب من ملاحظته التى بدت قوية وحادة إلا أنه ذكرها بهؤلاء المغامرين الذين يسافرون وراء طموحاتهم إلى أى مكان دون أن تجذبهم أسرة أو بيت إلى وطنهم . كان الحصان يتحرك تحركات قلقة ، بينما بدا الكلب لمينرفا وكأنه خارج من خارج هذا الكوكب . لقد بدا ثلاثتهم : الحصان والرجل والكلب وكأنهم يسخرون منها أو يضايقهم وجودها فى ذلك المكان . قالت مينرفا بأدب فى محاولة لاسترداد ثقتها بنفسها رغم أن الرجل لم يجب على سؤالها :
" إنها مزرعة لتربية الأغنام قريبة من هنا ، مملوكة للسيد نيك بيفريل "
فأجاب الرجل بصوته الخالى من لمسة إنسانية وكأنه صوت صادر من آلة :
" إننى أعرف من يمتلكها ، لماذا تودين الذهاب هناك ؟ "
فقالت وقد رفعت حاجبيها فى تعجب :
" وهل يهمك هذا فى شئ ؟ "
" أعتقد ذلك ، فأنا أملك القلعة الاسبانية :
كان عليها أن تعرف ذلك . فقد رأت صور الزفاف ولكن العريس الذى كان فى الصور كان مبتسما دائما ومختلفا عن هذا الرجل تماما ، ولكنها صور زفاف ... الجميع يبتسمون فى صور الزفاف ويبدون كالسعداء .
فقالت وهى تأمل أن تظهر ثقتها وتحكمها :
" سيد بيفريل . أنا مينرفا روبير ستون "
فقال دون أن يبدو عليه أى اهتمام :
" وهو كذلك ، هل من المفترض أننى أعرفك ؟ "
" أنا أخت ستيلا "

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 02-05-09, 09:04 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

اهتزت قبضته على لجام الفرس الذى عاود التحرك بعصبية بينما رفع الكلب رأسه لصاحبة القاسى للحظة ثم خفضها ثانية لكتفى الفرس الذى كان راقدا فوقه . فقال نيك بيفريل :
" إذن الأمر كذلك "
كيف تزوجت ستيلا من ذلك الرجل البارد بل من تلك السمكة الباردة ؟ لكن مينرفا تمكنت من أن تقول بتودد :
" لقد عدت لتوى من الخارج وقررت أن أمضى عطلتى فى الشمال بعدما وجدت روث وأبى مسافرين"
لقد ذكرت روث نيك بيفريل أحيانا ، لكن إلى أى مدى كانت علاقتهما وثيقة لم تخبرها . وهو بالطبع لم يفعل فوجهه القاسى الخالى من أى تعبير لا يبدو عليه أن عضلاته تتحرك وهو يتحدث .


فأضافت وفى حديثها مسحة من الشعور بالذنب لقدومها :
" لم يكن فى نيتى القدوم هنا . ولكننى رأيت اللافتة فى أسفل التل فأتيت هاآنذا "
ولكنها تضايقت عندما انتبهت لاعتذاراتها المتكررة التى لا يوجد ما يستوجبها . فهى لم تفقد كرامتها لمجرد أن زوج أختها ينظر إليها وكأنها شيئا غريبا وجده تحت إحدى الصخور . لكنه قال :
" انا آسف . فقد كنت فظا للغاية ولم أرحب بك "
ما زالت نفس اللهجة الخالية من اى انطباع تملأ صوته وأضيفت لها ابتسامة صغيرة مغلفة بنوع من السخرية لم تسترح لها مينرفا .
" لم تكن لدى أدنى فكرى بعودتك "
" لقد عدت للوطن منذ ثلاثة أسابيع "
فأومأ برأسه دون أن يتوقف عن النظر إليها ثم قال :
" المزرعة على بعد ميلين من هنا . اتجهى يسارا حتى تجدى لافتة تشير للمزرعة ثم اتجهى يسارا ثانية واتبعى الطريق حتى تصلى للمنزل ، وعندما تصلى اخبرى السيدة بوردوس من أنت . هل تنوين البقاء ؟ "
فأجابت بسرعة :
" لا . سأقضى الليلة فى أحد الفنادق الصغيرة ، أعتقد أن اسمه مانجونوى "
لم يبد عليه انه ارتاح لذلك مما أدهشها ، بل ظل كما هو ثابتا خاليا من أى تعبير لكنها قالت برقة :
" أتمنى ألا يزعجك ذلك "
لم تتلق أى رد فعل . وتنبهت مينرفا أنها لم تكن واضعة أى مكياج وربما تدلت خيوط شعرها البنى على كتفيها فى فوضى تامة بفعل المطر . لكنه قال :
" على الاطلاق . سألحق بك بمجرد انتهائى من بعض الاعمال "
وانطلق بحصانه فى حركة مدربة ، وبمجرد أن جذب اللجام ودفع الحصان بقدميه انطلق فى طريقه الذى بدا عليه أنه يحفظه عن ظهر قلب وما هى الا لحظات حتى ابتلع الضباب ثلاثتهم : الرجل والحصان والكلب . أخذت تحملق مينرفا فى غباء حيث اختفوا حتى نبهتها قدماها المثلجتان إلى أنها تقف تحت المطر . إذن هذا هو نيك بيفريل .
إنه مناسب لهذا المكان الممطر بمعطفه الثقيل الداكن وحصانه وكلبه ، ولكن ما الذى عنته ستيلا عندما كتبت لها عن طيبته وضحكاته وعطفه الرائع . لم يكن هناك شئ عاطفى فى ذلك الرجل ، إنه يبدو كسادة الأرض التقليديين من القرن التاسع عشر. رغم جمال ستيلا وتعدد علاقاتها إلا أن نيك بيفريل كان أول رجل أحبته بحق . ولكن بالتأكيد قد شارك هذا الرجل فى قلقها ببروده حتى دفعها لتناول الأقراص التى وضعت حدا لحياتها التى لم تتجاوز السادسة والعشرين .
عادت مينرفا للسيارة وشعرت بالدفء ثانية بعد أن أدارت المكيف ، وفى طريقها للمزرعة اعترفت لنفسها أنها لم تأت لهذا المكان سوى لرغبة فى معرفة ما حدث لأختها الحبيبة وأدى لوفاتها .
ورغم مرور عام على وفاة ستيلا إلا أن مينرفا عادت لبيتهم لتجده ما زال فى حالة حداد .
لقد كانت روث – والدة ستيلا – تبتسم كثيرا لكن سلوكها الرفيع لم يخف ضعفها وحزنها الذى بدا على وجهها وفى فترات صمتها الطويلة .
لقد فوجئت مينرفا بتدهور صحتها عندما عادت من سفرها الطويل وقد تحدثت مع والدها فى إحدى الليالى بعد أن ذهبت روث للفراش .
كان براين روبير ستون رجلا مرحا بالنسبة لأحد رجال الأعمال لكنه كان يشعر بعذاب زوجته التى تزوجها بعد وفاة زوجته الأولى التى أنجب منها مينرفا .
لا أعتقد أنها ستجتاز هذه الأزمة أبدا .فما زالت تبكى كل ليلة عندما تعتقد أننى نعست تماما حتى لا تشركنى فى أحزانها المسكينة . إنها تشعر بذنب وكأنها قتلت ستيلا بأن تخلت عنها وتركتها هناك وحيدة فى الشمال "
فتساءلت مينرفا :
" وماذا عن نيك ؟ لابد أنه يعرف شيئا عما حدث لستيلا وسبب وفاتها "
" لقد صدم مثلنا تماما ولا يعرف شيئا نهائيا "
لكنها قالت فى عناد :
" لابد أنه يعرف شيئا "
" لقد قال أنه لا يعرف وأنا أصدقه "
تذكرت مينرفا تلك المناقشة وهى فى طريقها للقلعة الاسبانية . كان أبوها حكما جيدا عن الرجال لكن ذلك الرجل الذى برز من الظلام لم يبد أنه من الصعب عليه أن يكذب لو كان ذلك فى مصلحته . هل كان يكذب بالنسبة لحالة ستيلا العقلية ؟
توقفت مينرفا أمام السور الصخرى الكبير الذى يعود عمره إلى مائة سنة خلت حيث استقر نيكولا بيفريل الاول . كان المنزل أشبه بقصور البارونات بلونه الداكن وطرازه الكلاسيكى وحديقته الواسعة . بدت القلعة لمينرفا وكأنها اطلال أحد القلاع الحربية التى قرأت عنها وشاهدتها فى الأفلام القديمة . وشعرت برجفة خفيفة عندما تذكرت أن أغلب أفلام الرعب تتم فى أمكنة شبيهة بتلك القلعة . لكنها وبخت نفسها لذلك الشعور فقد شاهدت حصانا وكلبا ولم تشاهد خفافيش .
كان واضحا أن نيك بيفريل مزارع جيد . فالأسوار فى حالة ممتازة وكذلك المنزل ، كما قصت حشائش الحديقة بخبرة ومهارة .كما بدا أيضا أنه مالك وصاحب عمل جيد ، فمنزل العمال كان ضخما وظهر أنه يعتنى به فى مكانه الجانبى من الحديقة لكن منزله هو كان من طابقين ظغى عليهما الطابع الفيكتورى فلابد أن من بناهما كان نيكولا الأكبر جده . كما كانت هناك فى مواجهة البوابة شرفة كبيرة فى الطابق الثانى وصلت إليها أغصان نبات الوستريا المتسلق مما أعطاها مسحة من الرومانسية ، أو هكذا اعتقدت مينرفا . أما الحديقة فكانت تشبه بالحدائق التى تظهر فى حكايات الأطفال الخيالية والتى تظهر فيها الملائكة ليلا لتغنى مع بطلة الحكاية .
وقفت مينرفا أمام الباب الحديدى الضخم بعد أن عبرت السلالم الخشبية القليلة الموصلة بين الحديقة والمنزل ، وقفت للحظات تلتقط أنفاسها قبل أن تدخل للمنزل الذى شهد وفاة أختها الوحيدة .
رنت مينرفا جرس المنزل الذى أحدث صوتا عاليا أزعجها ،وبعد حوالى دقيقة فتح الباب قليلا وظهرت سيدة فى منتصف الخمسين بدت على ملامحها الجدية والصرامة وقد جمعت شعرها الرمادى بإحكام فى مؤخرة رأسها .
نظرت إليها المرأة بإمعان ثم قالت فى صوت قوى :
" نعم "
" أنا مينرفا روبيرستون "
فلم يبد على المراة أى تأثير بل واصلت النظر إليها بإمعان فأضافت مينرفا :
" أنا أخت المرحومة ستيلا "
وللحظة بدا على المرأة أنها فوجئت فقالت مسرعة بلهجة اعتذار :
" طبعا ، تفضلى ..... تفضلى "
دخلت مينرفا وهى تقول دون ان تنظر للمرأة لتحاشى عينيها الفاحصتين :
" لقد قابلت السيد بيفريل فى الطريق فى أثناء توجهى للشمال "
توجهت مينرفا للقاعة الكبرى المزينة باللوحات الزيتية والسجاد الذى بدا باهظ الثمن وهى تحاول استجماع قوتها حتى لا تبكى فى المكان الذى ماتت فيه ستيلا . لم يكن قبل هذا المنزل غريبا عليها فلسنوات عملت فى مطابخ أثرياء أوروبا وأمريكا وكانت لديهم منازل وقصور أعظم وأضخم ولكن هذا المنزل بقدمه ولأن أختها كانت سيدته ظهر لها مختلفا .
كان المنزل دافئا رغم أنها لم تر ما يدل على أنه مكيف مركزيا لكن المدفئة التقليدية فى صدر القاعة كانت تشع دفئا رائعا أراح مينرفا بعد صباحها التى قضتها وسط الأمطار فى سيارتها الصغيرة . ودون أن تتحدث للمرأة خلعت معطفها ووضعته على أريكة ضخمة وجلست بجانبها وقد تركت مظلتها المبتلة على الأرض قالت بعد أن استراحت وهى تدير رأسها فى المكان :
" إنه لرائع ،كم عمر هذا البيت ؟ "
" مائة وعشرون عاما "
" لا يبدو عليه ذلك القدم فهوفى حالة جيدة تماما "
فقالت ربة المنزل وكأنها ترفع عن نفسها تهمة عدم الاعتناء بعملها :
" لقد تم الحفاظ على القلعة الأسبانية دائما كما أن الاعتناء بها وبصيانتها ونظافتها لا يتوقف "
فلم تجب مينرفا بل اكتفت بابتسامة ، فقالت المرأة بصوت أكثر رقة وضيافة :
" هل ترغبين فى قدح من الشاى بينما تنتظرين السيد بيفريل "
كانت مينرفا بدأت تشعر بالندم لقدومها لهذا المنزل . فالمنزل يبدو مرحبا لكن من يعيشون فيه ليسوا كذلك بالتأكيد . لكنها هنا الآن وعليها أن تبقى لتقابل نيك ثم تفعل بعد ذلك ما يحلو لها . فقالت بتودد لم تعرف له سببا وهى تتحدث للمرأة :
" نعم من فضلك "
وعندما ذهبت المرأة لتحضير الشاى بدأت عينا مينرفا تتجولان فى المكان ثانية ومر الوقت سريعا جدا .
فلم تشعر مينرفا بالمرأة إلا وهى تضع صينية الشاى أمامها وما لبث سيد المنزل أن وصل هو الآخر فى نفس الوقت . شعرت مينرفا ببعض الارتباك فهى لم تتوقع عودته المبكرة جدا . والأن وهى تراه على قدميه تحققت من ملامحه جيدا التى اختفت تحت حبات المطر عندما قابلته فى الطريق .
لم يكن كثيرا من والدها ولكن كانت هناك مسحة من السيطرة فى ملامحه مع برود عينيه التى لم تتعرف مينرفا على لونهما جعلتها تشعر بالصغر والضعف أمامه . لكنها تمكنت من أن تقول بابتسامة مؤدبة : " مرحبا "
فقال بطريقة مهذبة لكن بصلابة أقرب للهجة القساوسة :
" إذن فقد وجدت طريقك بسهولة " ثم ملتفتا لربة المنزل :
" هيلين ،هل يمكن تناول قدح أنا الآخر ؟ "
فقالت المرأة :
" لقد وضعت لك قدحا بالفعل "
" هل اتصل أحد بعد ؟"
" لا " قالت المراة ذلك بدا عليها الاهتمام والقلق فى الوقت نفسها .
" دعينى أعرف عندما يتصول مباشرة "
فقالت المرأة وهى تحاول الابتسام :
" طبعا سأفعل "
إذن لا تعامل رسمى هنا ، فكرت مينرفا فى ذلك بينما غادرت المرأة القاعة . وعندما اختفت تماما قال نيك :
" إن ابنة هيلين تنتظر مولودها فى كريستشترش . إنه الحفيد الأول لها بذلك فهى متوترة ومستثارة قليلا . كيف كانت رحلتك على ظهر يخت الملياردير ؟ "
فقالت مينرفا بمسحة من السخرية لتذكرها تلك الرحلة التى لم تر فيها صاحب اليخت سوى لثلاثة أسابيع طوال العامين اللذين أمضتهما على يخته :
" لقد كنت مجرد الطاهية ولكنى استمتعت بالرحلة كثيرا "
وهو يتناول فنجان الشاى لاحظت مينرفا يديه الجميلتين وأصابعه الطويلة الرقيقة التى اكتسبت لونا نحاسيا كوجهه تماما . وقد جعل منظر أصابعه وهى تتعامل مع الفنجان بأرستقراطية ،جعل مينرفا تشعر بتناقض فى شخصية هذا الرجل .
" إنها مهنة غريبة بالنسبة لمرأة لديها كل مميزاتك "
على الأقل لقد اعتبرها مهنة . فابتسمت مينرفا ابتسامتها المعتادة وأجابت إجابتها المعتادة لذلك السؤال :
" إنها موهبتى الوحيدة وأنا أستمتع بها كثيرا "
" ولكنك لا تبقين فى عمل واحد طويلا . فقد قالت ستيلا أنك لا تمكثين فى أى مكان أكثر من عام "
فقالت وهى تحاول أن تضفى نوع من الأهمية على عملها :
" إننى أوقع عقودا صغيرة . بهذه الطريقة يمكننى رؤية أماكن اكثر والتعرف على خبرات أكثر مما يفعل السائح "
" لابد أن اليخت كان ممتعا للغاية لدرجة أنك أمضيتى عامين على سطحه "
كانت قد التحقت بطاقم اليخت عندما وصلها خطاب ستيلا المتأخر بسبب البريد عن الزفاف ، لذلك لم تتمكن من اللحاق به ، وعندما ماتت ستيلا كانت فى وسط الاطلنطى . ولكن بمجرد عودتها للأرض طارت عائدة للوطن ولكن متأخرة عن موعد الجنازة لكنها تمكنت من البقاء أسبوعين بجانب روث وأبيها وأخيها كين قبل أن تعود لعملها ثانية .


تذكرت مينرفا ذلك ثم قالت :
" لقد أصر صاحب اليخت على عقد لمدة عامين وكنت فى حاجة ماسة للعمل فقبلت "
فقال بصوته الجميل المتعدد الطبقات :
" تجربة عظيمة عبر البحار "
كان صوته جميلا لكنه خال من أى تعبير كوجهه وعينيه الرماديتين الفضيتين . لقد أختبأ هذا الرجل خلف ستار من الثقة والتحكم جعل الوصول لشخصيته الحقيقية أمرا شديد الصعوبة . فقالت محاولة إعادته للحديث :
" بدلا من قضاء العمر فى مكان واحد لم نر العالم ولو لمرة واحدة "
فقال بلهجة شعرت فيها ببعض السخرية :
" ولتوسعى من أفقك أيضا "
فرفعت حاجبيها فى دهشة ولكن ما لبث أن قالت :
" ربما . فالبعض لا يمكنهم نسيان تعنتهم الزائف لإضفاء مسحة من العظمة على شخصياتهم "
بالطبع لم يعلم أنها تعنيه بما قالت ، فهى لا تكاد تعرف شيئا عنه لكى تصفه بأى شئ ، فأومأ برأسه وقال :
" لقد سافرت أنا نفسى كثيرا ، ولكن أجمل رحلة لى كانت الأولى . من الهند عن طريق البر حتى وسط أوروبا . أمضيت ستة أشهر فى انجلترا ثم ذهبت فى رحلة عبر أفريقيا حتى كيب تاون قبل أن أعود عبر كندا وأمريكا "
لو كان شخص آخر هو المتحدث لاعتقدت أن هناك حزنا فى صوته وهو يتحدث ، لكن هذا الرجل كان من الصعب بل من المستحيل تخيله حزينا فقد كانت ثقته وتحكمه أشبه بتهديد لكل من يتعامل معه . كان من الصعب تخيل رجل ما يعيش فى هذا المكان ويعمل بالزراعة وتربية الخراف وهو يتجول حول العالم .
فاختطفت مينرفا نظرة سريعة لوجهه ، الملامح الحادة والفم المستقيم كانا وكأنهما يتحدثان عن القوة وعدم الاقتناع بالحلول الوسطى ، فإما أن يحصل على الأشياء كما يريدها أو لا يريدها على الإطلاق .
إن هذا الرجل الجالس أمامها ليس بينه وبين الذى كتبت عنه ستيلا فى خطاباتها أى أوجه للشبه . الآخر عطوف ومرح أما هذا فمتجهم وطلب وتشع القسوة من ملامحه ونظراته . وأنبت مينرفا نفسها لتوترها الذى لا مبرر له عندما بدا قدح لشاى يهتز فى يدها عندما تحدث هو ثانية :
" كم ستمضين قبل أن تسافرى ثانية ؟ "
" شهر "
لم يكن لديها أن تأخذ أطول من ذلك فهى بحاجة للنقود لكى تحقق ما تخطط له فى المستقبل . لكنه قال :
" وبعد ذلك ؟ لقد كانت ستيلا تعتقد أنك ستستقرين فى نيوزيلندا آجلا أم عاجلا "
قالت بصوت غير واثق :
" أتمنى أن أعود يوما ما وأفتتح مطعمى الخاص . ولكن بالنسبة للوقت الحالى فأنا أريد حياتى كما هى . لقد عرضت على وظيفة فى بريطانيا لدى عائلة من المغتربين "
عندما ابتسم ارتفع أحد جانبى فمه عن الجانب الآخر فبدا ساخرا ولم يعلق . بدأت مينرفا تشعر بالضيق لوجودها فى ذلك المكان .
إن هذا الرجل أكثر من مقبض. واعتقدت أن أية امرأة تعاشره لمدة طويلة لابد وأن تقدم على الانتحار فما بالك بستيلا التى أحبت حياة السهر والحفلات أكثر من أى شئ آخر . لابد أنها أصيبت باكتئباب فى هذه المنطقة البعيدة . رغم أن ستيلا كانت أكبر من مينرفا بعام عندما تزوجت أمها – روث – من والد مينرفا إلا أن مينرفا كانت تقوم بدور الأخت الأكبر. فقد كانت أكثر عقلا ونضجا . ولكن ربما يعود ذلك إلى أنها كانت أقل جمالا فلم تكن تحتاج للتدبر طويلا قبل الاندماج مع الشباب فى علاقات عاطفية ، تحكى ستيلا التى كان وراءها معجبون دائما .
لقد كانت تحب ستيلا كثيرا رغم أنها ليست أختها حقا ، وكانت تحب روث أيضا ومازالت فقد كانت بمثابة أم لها وعاملتها دون تفرقة ما عاملت ولديها ستيلا وكين الصغير . لذلك فقد شعرتمينرفا بضيق لأن أختها ماتت وهى وحيدة هنا مع ذلك الرجل الخالى من أى شعور .
قال نيك وهو يتفحصها جيدا :
" لأمر ما توقعت أن تكونى مثل ستيلا فى الشكل ، لكنك مختلفة "
فأجابت مينرفا بسرعة :
" لأننا عائلة مختلطة . فستيلا ليست أختى بل ابنة زوجة أبى روث . لذلك فهى جميلة . أو كانت جميلة أم أنا فلا "
فى اللحظة التى قالت فيها ذلك شعرت كأنها محاولة ساذجة منها للحصول على مجاملة من نوع ما . ورغم أنها لم تعتقد ذلك فقد شعرت بسخافة ما قالته . لكنه قال : " نعم لقد كانت جميلة . وأنت جذابة للغاية ، بالتأكيد تعرفين ذلك "
لم يتبع ذلك بنظرات طويلة فاحصة كما يفعل الرجال ، ولكن لسبب ما غامض فى صوته شعرت مينرفا أنه يرى ساقيها الطويلتين واستدارة ثدييها اللطيفة وخصرها الضيق عبر ثيابها بعينيه الحادتين .
كم تمنت أن يكون لها لون أختها البرونزى . كان لون ستيلا يناسبها تماما أما هى فلونها الشاحب كان يسبب لها حرجا فى بعض المناسبات أو هى تشعر بذلك . كانت تعرف أن الرجال يستمتعون دائما بتفحص النساء ، كذلك تفعل النساء . وقد شعرت هى ببعض الذنب تجاه ستيلا عندما أخذت تتفحصه فى متعة ، عيناه اللتان يتراوح لونهما بين الرمادى والفضى ، رموشه الطويلة الداكنة ، حاجبيه الكثيفة وشعره الذى بدا فى لون العسل الصافى . وشعرت بارتياح عندما اندفعت السيدة هيلين بوروز ربة المنزل إلى القاعة وقد بدا على وجهها الانزعاج وجهت حديثها لنيك :
" نيك ، لقد تحدث موراى لتوه ، الأمور ليست على ما يرام . ويرى أن على الذهاب بأسرع ما يمكن "
وقف نيك بسرعة وقد بدا عليه الاهتمام والقلق الواضح وقال فى لهجة آمرة :
" احزمى حقيبتك ، وسوف آخذك للمطار لتلحقى بطائرة المساء إلى أوكلاند . وسوف أرتب لك مكانا على الرحلة المتجهة إلى كريستشرش "
لكن هيلين قالت بصوت متردد :
" لا يمكننى الذهاب يا نيك "
" ولم لا ؟ "
" أنسيت دعوة العشاء التى تقيمها يوم السبت لهؤلاء البرازيليين . فنحن فى منطقة بعيدة ، لن تتمكن من شراء الطعام ولن تجد من يطهو بدلا منى ...."
فقاطعها بهدوء وقد تركزت عيناه على مينرفا :
" لحسن الحظ ، مينرفا طاهية محترفة ، سوف يسعدها البقاء لكى تتأكد أن ضيوفنا سيتناولون عشاءهم . أليس كذلك يا مينرفا ؟ "
لم يكن سؤالا . فقد باغتها بفكرته تلك التى طرحها وكأنها أمر فى غاية البساطة . وشعرت مينرفا أن لسانها قد تصلب فى حلقها فقالت بعد أن رأت نظرات الأمل فى عينى المرأة :
" بالطبع ، بالطبع سيسعدنى ذلك "
فنظرت إليها المرأة نظرة ودودة بدت غريبة عليها فواصلت مينرفا لتؤكد استعدادها وترحيبها :
" فقط أعطنى قائمة بالأصناف المرغوبة وسأقوم أنا باللازم على خير وجه واطمئنى "
ولكن بدا على المرأة أنها ما زالت مترددة فقالت وهى تحول بصرها بينهما :
" ولكن ، هذا غير لائق أعنى ...."
فقال نيك بلهجة حازمة :
" هيلين . إن مينرفا عضو فى العائلة فلا تقلقى "
ابتسمت مينرفا فقد أراحتها عبارته تلك كمبرر قوى لقبولها فقالت بابتسامة :
" هذه هى فائدة العائلات فى الأوقات الصعبة "
وبعد نصف ساعة كان ثلاثتهم فى السيارة الرانج روفر الفخمة فى طرقهم لأوكلاند . كانوا فى نفس الطريق الذى قطعته مينرفا من فترة قصيرة ولكن فى الاتجاه الآخر . ولم تكن لدى هيلين سوى التعليمات لتعطيها لمينرفا التى لم تكن فى أدنى حاجة لها . ولكنها تعاطفت مع المرأة التى لم يكن لديها سوى القلق فى رحلتها لابنتها أخذت تطرح عليها بعض الأسئلة من حين لآخر لتشغيل ذهنها .
وصلوا متأخرين عشر دقائق لكن الطائرة انتظرت هيلين بوروز الذى يدل على نفوذ واتصالات نيك بيفريل فى المنطقة . وبعد وداع متعجل ركضت السيدة للطائرة واختفت وراء بابها الضخم . وقال صوت نسائى ضاحك من خلفهما وهما يشاهدان الطائرة تقلع :
" أهلا نيك : هل وصل الطفل بعد ؟ "
فاستدار نيك ليرى المتحدثة إليه . كانت امرأة فى الثلاثينيات بدت أنيقة فى ثياب أقرب ما تكون لثياب العمل ، بنطلون جينز ورداء أسود ، جنفيف تشاستوود . وبعد أن تم التعارف بينها وبين مينرفا أخذت تفحص مينرفا بعين باردة لكن باهتمام واضح :
" أخت ستيلا ؟ لكن لا تبدين شبيهة بها ؟ "
" إننا أخوة بالتبنى فحسب " . أجابت مينرفا وهى تحاول إخفاء استيائها من ملاحظة المرأة : " لقد تزوجت والدتها من أبى "
وبعد نظرة طويلة حولت جينفيف نظرها لنيك وقالت :
" إذا كانت السيدة بوروز مسافرة لابنتها فماذا ستفعل فى عشاء السبت ؟ "
فقال نيك وقد بدت عليه السعادة :
" هنا تدخل يد القدر ، سوف تتولى مينرفا الأمر بأكمله ، وبالمناسبة فهى طاهية محترفة "
فقالت المرأة وقد أصبح صوتها أكثر برودة :
" يا لحسن الحظ . هل تنوين البقاء طويلا يا مينرفا ؟ "
فأجابت مينرفا باقتضاب : " لا " . لم يكن لديها استعداد لإجابة أسئلة الغرباء الذين ليس لهم الحق فى السؤال .
فقال نيك وقد تركزت نظراته الغامضة على مينرفا :
" إن مينرفا فى رحلة للشمال ، ولكنى أتمنى إقناعها بالبقاء لبضعة أيام بعد عشاء السبت "
ضاقت عينا جنيفيف ثم اتسعتا ثانية وهى توجه حديثها لنيك مبتسمة :
" حسنا ، إذا احتجت لمساعدة فسأكون سعيدة لو اتصلت بى . وسيسعدنى لو قمت بدور المضفة لك مرة ثانية ....." ثم ذهبت ابتسامتها عندما تحولت عيناها لمينرفا وأكملت :
" على أن أذهب الآن . هناك أعمال لابد من إنهائها "
وابتعدت فى ثقة ، متأكدة من جاذبيتها وفتنتها . وشاهدتها مينرفا وهى تسير فى تمعن قائلة لنفسها لو أن هذه النوعية المقتحمة هى الغالبة على النساء هنا . لكان من السهل معرفة لم وجدت ستيلا صعوبة فى تكوين صداقات . لقد جعلتها تشعر بالأسف تجاه المهتمين بالجمال ، فهم لا يعرفون هل يتم تقديرهم لملامحهم أم لشخصياتهم وذواتهم .
أخفت مينرفا ابتسامة ساخرة وهى تحكم حزام مقعدها حول نفسها ، ان هذا الرجل الجالس بجانبها يبدو أشبه بأبطال قصص الفرسان الخيالية . لابد أن لديه نقطة ضعف من نوع ما . لا يمكن أن يكون هناك إنسان بهذا الهدوء بل البرود . لكنه بدا حاذقا فى اختيار ما صلح لمركزه الاجتماعى ، السيارة الرانج روفر والقلعة الاسبانة والفرس والكلب للسيد المالك الكبير . من المؤسف أن الحصان لم يكن أسود فقد كان يمكن تسميته إبليس أو الشيطان ، ولا يمكن لأحد امتطاؤه سوى سيد المنزل . أخذت تتخيل مينرفا ذلك والسيارة عائدة بها للقلعة الاسبانية وهى تسخر فى سرها من تلك الخواطر . ولكن بالرغم من كل شئ فقد كان نيك بيفريل هو أول رجل جعلها تشعر منذ أغراها بول بين وهى فى التاسعة عشر من عمرها . كان ذلك علامة خطر مما جعلها تنظر أمامها مباشرة بينما قاد هو السيارة فى صمت . ولكنه قال بعد فترة طويلة وكأنه تذكر شيئا ما فجأة :
" لن يكون عليك أن تؤدى أيا من الأعمال المنزلية ، فهناك من يساعد هيلين ثلاثة أيام فى الأسبوع . إحدى زوجات العاملين فى المزرعة ، فقط ركزى على الطهى للعشاء "
فقالت وهى تحاول إخفاء الاستثارة فى صوتها :
" ربما أتمكن من أداء بعض الأعمال الخفيفة "
فابتسم نيك ، كان ذلك أشبه بشعاع الشمس وهو يخترق السحب . كان الجانب الغامض البارد فى شخصيته مختفيا عندما ابتسم مما جعل مينرفا تشعر بالتوتر . فعندما يتبعثر الدرع الذى يحيط مشاعره به يكون رائعا وقد سبب لها ذلك ضيقا . فهى لا تثق به وتعتقد أنه بشكل أو بآخر يمكن أن يكون مسئولا عن وفاة ستيلا لذلك فهى ترفض شعور الاعجاب نحوه وتقاومه بداخلها . ليس من العجيب أن تقع ستيلا فى حب مثل ذلك الرجل . رغم برودته إلا أنه يشع قوة . وبالتأكيد كان يعاملها بشكل آخر ، فقد كانت زوجته .
لم يكن لديها أى سبب لشعور بالضيق . هكذا فكرت مينرفا وهى تتذكر ستيلا . فكان لديها زوجا رائعا وكل ما يمكن ان تحيا من أجله . لقد كانت محبوبة أيضا من الجميع لجمالها وشخصيتها العطوفة . لم يكن من السهل تخيلها وهى تتعاطى الحبوب التى تقضى على حياتها . لقد انتظرت حتى رحل نيك لثلاثة أيام ثم انتحرت عامدة متعمدة بعد أن سرقت الحبوب من امها . لقد وجدتها هيلين فى الصباح التالى ميتة ، لا عجب فزعت عندما رأتها اليوم وأخبرتها أنها أخت ستيلا . " انتحار فى أثناء اضطراب الحالة الذهنية " كان نتيجة التحقيق النهائى . ولكن مينرفا وجدت من الصعب تصديق ذلك كما وجدته روث أيضا مستحيلا . لقد كانت ستيلا ذكية ومرهفة ومحبة للحياة . حقيقة كانت تنتابها نوبات من المزاج المتقلب تشعر بالإحباط والتعاسة ، ولكنها نوبات لم تستمر طويلا ولم تكن خطرة لدرجة دفعها للانتحار .
لقد شهدت هيلين ربة المنزل بأنها لم تلحظ أى تغير على سلوك ستيلا لم تر أى علامة من علامات الاكتئاب عليها ، فهل شهدت كذلك لكى تحمى سيدها الذى بدا عطوفا عليها للغاية .
هل كانت شهادتها تلك بدافع الولاء . لقد قال إن ستيلا شعرت بحنين للوطن أحيانا وغير قادرة على البقاء فى فورتلاند .
ولكن كانت ستيلا تبدو غارقة فى حب نيك لدرجة تمكنها من الذهاب معه لنهاية العالم ولكن لم تكن رسالتها الأخيرة لمينرفا ممتلئة بالمشاعر الفياضة والحب الجارف تجاه نيك كبقية الرسائل .
لقد حدث شئ ما ، فقد كانت الرسالة تقليدية ومجرد سرد للأحداث كما لو كانت ستيلا تحاول إخفاء شئما عن عواطفها وراء الكلمات .
ولكن بعد أن قابلت مينرفا نيك ودخلت القلعة الأسبانية أصبحت الأمور أثر غموضا فى

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 02-05-09, 09:07 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثانى



عندما عادا للقلعة وضع نيك السيارة فى الجراج الكبير وقد لاحظت مينرفا عندما وضعت سيارتها الصغيرة التى استعارتها من روث فى المكان الخالى من الجراج سيارة من طراز مرسيدس للمناسبات الخاصة . وبجانب الجراج كان هناك باب آخر مؤدى للقصر مفتوح على قاعة واسعة قادها نيك خلالها ثم أشار إلى أحد الأبواب قائلا :
" هذا هو المطبخ "
كان مطبخا رائعا . فقد تأكدت منيرفا من ذلك بعين خبيرة بعد أن أمضت أعواما طويلة فى مطابخ الأسر الراقية . كان مجهزا بكل الامكانات الحديثة ومع ذلك فقد احتفظ بالطابع الكلاسيكى للبيت كله .
سألها نيك :
" هل تعتقدين أنه بإمكانك إعداد العشاء بمفردك ؟ "
فأجابت بثقة وطريقة عملية :
" نعم . لا تقلق "
انحلت عقدة شعرها فانسابت الخصلات حتى وسطها ، فأخذت مينرفا تلملمها بسرعة وخجل من نظراته الثابتة والتى شعرت فيها بسخرية من نوع ما .
"إنك لا تبدين مثل الطهاة ، أو على الأقل ليس كفكرتى عنهم "
" لأننى لا أرتدى تلك القبعة الطويلة البيضاء ؟ أنا أرتديها فى مطابخ الفنادق فحسب "
ثم تساءلت هى لتمنعه من مواصلة أسئلته :
" ما هى الأطعمة التى لا تحبها ؟ "
" لا شئ . سأكل كل ما يوضع أمامى طالما أنه شديد الحلاوة " . ثم قال بعد أن نظر فى ساعته :
" سنتحدث عن الأطعمة فيما بعد ، بعد أن أريك بقية المنزل "
وقبل أن يخرجا من المطبخ تسللت قطة كبيرة للمطبخ وكأنها تبحث عن شئ ما وما أن رأت نيك حتى اندفعت نحوه فحملها من على الأرض قائلا :
" هذه بيونلبى . مهمتها القضاء على أى فئران "
وتركها من يديه لكى تهبد وتجلس عند قدميه فى هدوء تام . كانت مينرفا تحب القطط ، وهذه القطة التى تدل على الثراء ستعطى المطبخ مسحة لطيفة من الصداقة . سألته مينرفا :
" ما اسم الكلب ؟ "
" الصدئ "
عقدت مينرفا حاجبيها من الدهشة " الصدئ ؟ " وقالت بتعجب :
" اسم عجيب . إننى مستعدة أن أراهن أنه خال من أية بقعة بنية اللون . مجرد أبيض وأسود "
فقال بنصف ابتسامة بسطت ملامحه الحادة :
" أنت محقة . لم أكن من أطلق عليه هذا الاسم "
" من إذن ؟ "
" الرجل الذى رباه فى البداية سماه الصدئ . لقد اعتبرته دائما مصابا بعمى الألوان "
فسألته :
" هل تدعه داخل المنزل ؟ "
فقال رافعا حاجبيه وكأنه اندهش من سؤالها :
" لا . إنه كلب المزرعة . كلاب المزرعة لا تدخل البيوت " . إذن كلاب المزرعة ليست حيوانات مدللة ، المرء يتعلم الجديد كل يوم ، هكذا أخبرت مفسها بينما واصل هو :
" لقد كان لدى كلب مدلل . لكن ستيلا لم تحبه . عندما مات لم استبدله بكلب آخر "
لم تكن هناك علامة حزن فى صوته عندما ذكر اسم زوجته الراحلة . كما لو لم تكن تعنى شيئا بالنسبة إليه ، أو ربما كان الحل الوحيد فى نظره التأقلم مع حزنه وفقده إياها هو أخفاء مشاعره بداخله .
" وما إسم الحصان ؟ "
فقال وقد بدا عليه الاعجاب بالاسم :
" الجن الفضى "

لابد أن كان فى رد فعلها ما جعله يبتسم فى سخرية ويقول :
" لم أكن أنا من سماه أيضا . اسم سخيف أليس كذلك ؟ "
فقالت وهى تخفى استياءها من الاسم :
" لا . لآ . إنه يناسبه فهو فضى وأعتقد أنه سريع كالجن "
فهز رأسه قائلا :
" لا إن الاسم لا يناسبه . إنه حصان مزرعة فلسنا فى حلبة السباق هنا " . ثم انتظر برهة قبل أن يضف : " أنا لا أدعه داخل المنزل أيضا " .
عندما ضحكت مينرا أخذ ينظر إليها بتفحص وكأن منظر امرأة ضاحكة غير مألوف بالنسبة إليه . وبالطبع فقد توقفت عن الضحك شاعرة بحرج لكنه خرج من المطبخ قائلا :
" سأريك الطابق الأسفل أولا حتى تعرفى طريقك ، ثم سأريك حجرتك "
وتبعته مينرفا خارج المطبخ وهى لا تدرى لم تضايق أو بدا عليه أنه تضايق من ضحكها .
كان البيت كله رائعا مؤثثا تأثيثا من الطراز الكلاسيكى مما جعل القلعة أشبه بقلاع الأمراء لدرجة أن مينرفا تساءلت برغبة صادقة فى المعرفة :
" إن المنزل رائع . من الذى أثثه ؟ "
" أمى "
هل ما زالت أمه على قيد الحياة ؟ نعم لقد ذكرت ستيلا فى رسائلها عن امرأة طويلة جذابة تزوجت للمرة الثانية . قالت مينرفا :
" إن موهبتها رائعة "
فقال :
" نعم . رغم أن معظم الأثاث كان موجودا قبلها ، إلا أنها أعادت ترتيب المكان واختارت الألوان والأقمشة الجديدة للستائر والمقاعد . ففى وقتها لم يكن من العادى أن تعمل النساء فكان البيت هو شغلها الشاغل . إنها تعيش فى سنغافورة الآن مع زوجها الثانى وهى سعيدة للغاية فهى تزين المنزل والحديقة هناك "
قادت السلالم إلى ممر غمره الضوء الآتى من نافذة كبيرة فى نهايته . وامتلأ بلوحات بعضها لفنانين كانت تعرفهم مينرفا وبعضهم تجهله ، لكن كل اللوحات كان بها نوع من الاصالة بل والعراقة . تساءلت مينرفا وهى تنظر للوحة زيتية لامرأة على الشاطئ :
" هل قامت والدتك بتجميع كل اللوحات ؟ "
" بعضها فقط . لقد قام أجدادى بشراء البعض الآخر كما أضفت إليها أنا بعض اللوحات "
فقالت وهى تحاول أن توصل المعنى الذى أردته :
" إنها .... إنها متناسقة كما لو كانت مجموعة واحدة "
" ربما لأننا لم نشتر إلا ما أعجبنا "
كانت غرفتها فى نهاية الممر كبيرة بشكل يثير الدهشة . وقد وضع فى مقابل الباب سرير كبر ذو أربع قوائم قال نيك وهو يحاول ترتيب ملاءاته :
" إنه مرتب تقريبا ، سأساعدك "
لكنها قالت بسرعة لأنها شعرت بالسخف أن يساعدها فى ترتيب فراشها :
" سأفعل أنا ذلك . أين خزانة الملاءات ؟ "
فأشار بيده إلى خزانة كبيرة بجانب دولاب ضخم فى طرف الغرفة :
" هذه ، وهذا الباب بجانب الدولاب يؤدى للحمام ، لو احتجتى لشئ دعينى أعرف "
" حسن . متى يكون العشاء ؟ "
" فى السابعة والنصف . أعتقد أن هيلين تركت قائمة ما "
" نعم "
فقال ولكن بدون عاطفة :
" شكرا لتطوعك لمساعدتى . لقد كانت هيلين مشتاقة لرؤية ابنتها . ولكن لم تكن مستعدة للذهاب وتركى بمفردى خصوصا وذلك العشاء يوم السبت "
فقالت مينرفا بهدوء :
" هذه هى الأمانة والإخلاص "
هل كانت ربة المنزل مخلصة لدرجة أنها كذبت عندما سألها المحقق عن علاقة سيدها بزوجته المنتحره ، لو لم تكذب فعلى الأقل قامت بسرد الحقائق قليلا لصالح من تعمل لديه . ربما كانت مينرفا متميزة ، قليلا فى احتياجاتها بسبب شعورها الطاغى بأن أختها كانت ضحية لظروف ما شديدة الصعوبة عليها .
لقد كان اسم عائلة بيفريل معروفا فى طول نيوزيلندا وعرضها ، ونيك هذا كانت لديه أعمال خاصة أخرى فى القطاع الزراعى بجانب أرضه وتسويق محاصيلها . كان ماهرا وذكيا بجانب انتمائه لأصول عريقة ، ومن الواضح أن لديه قدرا لا بأس به من النفوذ أيضا . ولكنه طيب أيضا فاهتمامه بهيلين لم تضعه مينرفا فى حسبانها ولكنها بدأت تتخلص من انطباعها الأول عنه . فربما لم يهتم أحد بموت زوجته لأنه كان غائبا من المنزل فى ذلك الوقت فالولاء له لا يعنى الولاء لزوجته التى اعتبرت غريبة تماما عن المنطقة .
تحرك كتفاه العريضان وهو يقول بهدوء ويقصد ستيلا :
" لقد كانت تحب أمى وأمى كانت تحبها " . ثم عادت إليه طريقته العملية :

" بخصوص الأجر ، سواء كنت من العائلة أم لا أنا بالطبع لا أتوقع منك التخلى عن اجازتك دون مقابل "
فرفعت مينرفا عينيها وقالت بخفة :
" الأسرة سلاح ذو حدين . أنت لا تعطى أجرا لعائلتك عندما تساعدك فى مأزق ما "
فقال وقد بدا عليه الاقتناع رغم أنها تضايقت من عرضه الذى جعلها تشعر بغياب روح القرابة :
" حسن للغاية كما تشائين "
وللغرابة فقد تضايقت من موافقته السريعة . كانت تتمنى لو امر ليحدث بينهما نوع من النزاع لتثبت لنفسها فيه أنها قادرة على فرض إرادتها حتى مع هذا الرجل . لكنه أضاع عليها الفرصة بموافقته على كرمها العائلى !! كان سيكون خصما جيدا ، عنيفا لكن عادل وستكون ثقة خالصه فى تحديه . كانت مينرفا تختلف فى ذلك عن ستيلا تماما ، فستيلا تكره النزاعات وتنسحب منها قبل أن تبدأ لعدم قدرتها على الوقوف والتحدى . ولكنها شعرت فجأة بعدم الاخلاص لتبادلها الحديث الردى ولتفكيرها فى رجل قد تكون له يد فى وفاة أختها ، فعضت شفتيها بينما قال هو فى صوت عال دون مبرر :
" حسن ، سأتركك لترتبى أشياءك "
عندما غادر الغرفة أخذت مينرفا تفكر فى شخصيته القوية التى تبدو وكأنها تفرض إرادتها على كل من وما حولها .
كانت هناك نظرة غريبة فى عينيه تتوقع من الجميع الطاعة التامة ، ولكن مع ذلك فقد كانت هناك علامات لعاطفة غير محددة وصدق شعور يحاول إخفاءهما تحت درع صلب من البرود . ومع ذلك فقد كانت مينرفا متأكدة أن حالة أختها الذهنية لم تكن طبيعية عندما أقدمت على الانتحار وسواء كان لذلك الرجل دخل أم لا فى وفاتها فإن عليها أن تعرف ، هى لم تأت هنا عمدا لكى تتجسس وتبحث ولكن بما أنها هنا فإن عليها أن تحاول . وموت أختها ستيلا يزعجها ويطالبها بأن تفعل شيئا ، أن تجعل شخصا ما يعانى كما كانت أختها .منتديات ليلاس
كانت تلوم نيك مبدئيا ، ولكن من الواضح الآن أن وفاة زوجته جعلته مثل روث يعيش فى ظلام ووحشية وحزن يحاول إخفاءه بطريقته كما تحاول روث إخفاء حزنها تحت ستار من المرح . يا ترى ماذا كانت أفكار ستيلا فى ليلتها الأخيرة فى هذا العالم ؟ لن يعرف أحد هذا للأسف . لقد أرادت ستيلا ذلك على ما يبدو فهى لم تطلب مساعدة من أحد ، لم تصارح أحدا بعذابها ومعاناتها . أحيانا تعتقد مينرفا أنه لم يكن هناك أى فرق لو عرف أحد أم لم يعرف . فالحزن لا يمكن القضاء عليه بمجرد الإفضاء به لشخص آخر ، لكن ربما كانت ستيلا تجد فيها عونا لو كانت موجودة معها فى ذلك الوقت ، رغم أن مينرفا كانت أصغر بعام إلا أنها كانت أكثر تفهما للحياة من أختها التى سبب لها جمالها كثيرا من المشكلات فى مراهقتها ومطلع شبابها . لم تكن مينرفا فى جمال أختها فلم يكن لديها سوى عينين داكنتين واسعتين ووجه منحوت بدقة أما ملامحها فكانت عادية مقارنة بكثير من الفتيات .
لقد ضايقها ذلك كثيرا فى الماضى ولكنها تعلمت من علاقتها الأولى أن الجمال ليس ما يجعل الفتاة مرغوبة ، بل قدرتها على المقاومة والاحتفاظ بكرامتها هو ما يجعل لها قيمة ، لقد أحبت بول كثيرا وسلمته نفسها تماما لكنه تخلى عنها لفتاة أخرى وأصابها بصدمة ما زالت تعانى منها للآن رغم أنها تعلمت منها الكثير . وعندما تتذكر تلك العلاقة الآن تشعر برغبة عارمة فى استغلال كل موقف لتأكيد سيطرتها على عواطفها وحمايتها لنفسها من أى رجل يريد استغلالها واللهو بها . لم يكن بول يحبها بل يستغلها ليثير غيرة فتاة أخرى أما هى فقد كانت من السذاجة لكى تقع فى حبه وتظن أنه يحبها . هل حدث نفس الشئ لستيلا يا ترى ؟ !
عندما دخل نيك للمطبخ فى حوالى الرابعة والنصف كانت مينرفا تخرج صينية فطائر خفيفة من الفرن ، لاحظت نظراته الفاحصة لها فابتسمت وواصلت ما تفعل دون أن تتحدث . لكنه قال بابتسامة كالوميض :
" هل هذه لشاى المساء . إن رائحتها جيدة "
فقالت باقتضاب وهى تشعر بانقباض فى صوتها :
" نعم "
لكن رنين التليفون قاطعها فتناول السماعة المعلقة فى المطبخ وتحدث قليلا ثم وضع السماعة سريعا .
" هل الشاى معد ؟ "
" لا ليس بعد "
" فى هذه الحالة هل يمكنك أن تأتينى به فى المكتب عندما تنتهى منه ؟ "
" بالطبع "
ان مكتبه واسعا وكان هناك كمبيوتر بدا أنه حديث للغاية موضوع على منضدة بجانب المكتب .
وضعت مينرفا – التى كان لديها شئ ما ضد التكنولوجيا – صينية الشاى على المكتب واستدارت لتذهب .
كان نيك يقرأ شيئا عندما دخلت ويضع بعض الملاحظات على الورق وقد أشار لها بالدخول عندما نقرت الباب ولم ينظر لها . ولكنها عندما تحركت لتغادر الحجرة سألها بتعجب :
" لماذا هناك كوب واحد ؟ "
" حسن إن .... "
رفع عينيه من الورق ونظر إليها وقد ضاقت عيناه قليلا :
" اذهبى وائتى بكوب آخر لك "
أمر مباشر آخر وبدا عليه أنه لا يتوقع العضيان ، لماذا لا يعتقد أنها ربما تفضل بعض الخصوصية ؟ !
لم يكن هناك دفء فى عينيه وهو يتحدث وقد ترددت هى قبل أن تجيب أو تتحرك فبادرها بحزم :
" مينرفا ، إنك عضو فى العائلة يجب أن يكون ذلك واضحا . إنك ستساعديننى فشكرا لك ولكنك لست مأجورة لتعلمى هنا . أنت عضو فى عائلتى "
فقالت وكأنها تدافع عن نفسها :
" لقد عملت لخمس سنوات كأجيرة . سوف أستغرق وقتا لأعتاد على الوضع الجديد "
" إذن أعتادى عليه سريعا " . قال ذلك وهى تستدير لتغادر الحجرة لتأتى بكوب لنفسها .
عندما عادت كان لا يزال يقرأ ويكتب ملاحظاته لكنه وقف عندما رآها قد جلست ثم قال بلطف :
" هل رتبت كل شئ ؟ "
" نعم ". قالت ذلك وهى تصب الشاى وقد بدأ يتسرب إليها إحساس غامض بأن لطفه هذا ليس طبيعيا بل مصطنعا . ثم قالت :
" ستحتاج لبعض العون مع ذلك . فسأقوم بالطهو ولكننى لن أتمكن من إعداد المائدة لعشرين شخصا بمفردى "
" لقد تم ترتيب ذلك . ستأتى جوليان هوارد لتساعدك طوال الجمعه والسبت . وإبنا كبير الرعاة سيأتيان ليقدما الطعام للضيوف : إنهما فى المدرسة الثانوية "
أخذت مينرفا بذلك فقالت وهى تحاول إخفاء انطباعها :
" هل يعلمون أنهم سيفعلون ذلك "
" نعم لقد فعلوا ذلك مرارا . إننى أفضل استخدام أناس من المزرعة لمساعدتى "
بدا الأمر طبيعى غير أن مينرفا تساءلت لو أنهم يقبلون ذلك تحت تهديد من الرجل .
فقال بوضوح لدرجة أنها شعرت أنه يقرأ أفكارها :
" أنت بالطبع ستأكلين معنا "
فقالت بجزع محذرة :
" سيكون ذلك صعبا للغاية "

" صعبا للغاية ؟ "
" أعنى .... لا ..... "
فقال بثبات :
" إننى أود لو قمت بدور المضيفة من أجلى "
" نعم ... لكن ..... " . توقفت الكلمات عندما قابلت عيناها عينيه الحادتين وقبل أن يسقط اسم جنيفيف من فمها .
فسأل بأدب :
" حسن اتفقنا . هل هناك شئ آخر تودين السؤال عنه ؟ "
فهزت رأسها قائلة :
" لا ، ليس الآن "
فقال وهوينحنى للأمام :
" إننى أعلم أنك قبلتى ذلك متورطة . فما كانت هيلين لتتركنى لو لم تقبلى وأنا ممتن للغاية . وفى الحقيقة لم تكن حالة ابنتها مطمئنة كما أخبرها زوجها فى التليفون " . ثم أضاف :
" هل أعجبك ما رأيتى فى الشمال حتى الآن ؟ "
فقالت بمرارة :
" كل ما رأيته حتى الآن هو المطر . لقد تركت أوكلاند فى يوم رائع ولكن بمجرد أن وصلت لتلال برين ديروين بدأ المطر وما زال مستمرا من آن لآخر "
" حسن إذا أتيت فى الربيع ستجدين الأمور أفضل "
وقبل أن تتحدث رن التليفون فالتقط السماعة وأصغى قليللا ثم قال :
" فرانك ؟ أين هو ؟ ماذا حدث ؟ " ثم قال بعد أن قطب :
" أنا أتناول الشاى الآن . سآتى بعد أن أنتهى منه . لا يهمنى إذا كان مقبلا " . ثم وضع السماعة بعنف .
حاولت أن تبدو مينرفا غير مهتمة على الاطلاق بما سمعت لكنه بادرها :
" فرانك أحد عمال المزرعة ، اليوم عطلته وقد ذهب للبار حتى ثمل تماما وخرج على قدميه للطريق فهو لا يستطيع القيادة فى تلك الحالة . لقد أخذ يفرط فى الشراب بعد أن هجرته زوجته . يجب أن أذهب لآخذه لبيته قبل أن تصدم سيارة هذا الغبى "
بدا على مينرفا التعجب لذلك فقال هو :
" من الصعب الحصول على مساعدة هنا . إنها العزلة فى هذا المكان "
من الواضح أن لديه اهتماما بالعاملين لديه، فموقفه من هيلين ومساعدته لفرانك هذا تؤكد ذلك ، لا شك أنهم يحبونه لذلك . لقد تضايقت روث زوجة أبيها عندماقررت أن تتعلم الطهو رافضة فكرة أن يكون أحد أعضاء العائلة " خادما " . لكن مينرفا تقبلت رأيها النابع من الحب والحرص على مستقبلها بسعة صدر ، كانت تتمنى لو حصلت على وظيفة سهلة حتى تتزوج كستيلا . لكنها سألته بتعجب :
" عزلة ؟ أى عزلة ؟ "
رجع نيك بظهره للوراء وقال :
" ألا تمانعين فى العزلة هنا ؟ "
" نحن على بعد عشرين كيلومتر من كيرى كيرى لا أسمى ذلك عزلة "
" إن العزلة إحساس أكثر منها عزلة مكانية "
شئ ما فى صوته جذب انتباهها . فتحت هذا الستار من البرود كان هناك شعور بحزن عميق وافتقاد للعاطفة والحب . قالت بهدوء وهى تنظر لوجهه الثابت :
" نعم أعتقد أنك على حق " . ثم قالت لتقطع الصمت :
" أعتقد أن المكان المنعزل هو الذى لا يصله البريد "
" نحن نتلقى البريد ست مرات فى الأسبوع "
" وماذا عن استقبال التليفزيون والراديو ؟ "
" ممتاز "
" ولديك الماء والكهرباء . بالإضافة لمكتبتين على الأقل فى كيرى كيرى وسينما أيضا .لا أعتقد أنك منعزل على الاطلاق . فلقد ذهبت لأماكن أقل ما يقال عنها أن الحضارة لم تصلها بعد "
كانت ابتسامته ساخرة فقال :
" يبدو أنك خبيرة بالعالم . أين ذهبت . مجاهل أفريقيا ؟ "


فقالت باختصار " حول العالم " . كانت تعتقد أن هؤلاء الذن يتحدثون عن رحلاتهم مملون للغاية .
" أعتقد أن على العودة للمطبخ "
قالت ذلك وقامت وقد أخذ هو ينظر إليها كما لوكان يعرف أنها تتراجع . وقال وهو يقوم :
" أشكرك مرة أخرى "


وانتظر حتى اقتربت من الباب وقال مرة أخرى برقة :
" مينرفا "
" نعم ؟ "
" مرحبا بك فى القلعة الاسبانية "
بدا لها وكأنه تحذير ، ولم تدر سبب هذا الاحساس وما لبثت أن استشعرت سخافته فسألت :
" لماذا الاسبانية ؟ فيمكننى رؤية القلعة ولكن لا يبدو عليها أنها أسبانية أكثر منها إنجليزية "
" من مائة وخمسين عاما حلم نيكولاس الكبير بأن تكون له قلعة فى أسبانيا لكنه لم يتمكن من ذلك فسماها القلعلة الاسبانية "
ثم عاد لعمله مرة أخرى الذى كان قد قطعه عندما دخلت هى وقبل أن تخرج قال دون أن يرفع عينيه من على الورق :
" من الأفضل أن تتصلى بوالديك وتخبريهما أين أنت . فأنا أعرف روث قلقة للغاية "
" حسن "
عندما صعدت لغرفتها لتبدل ثيابها سمعته وهو يخرج فى مهمته الانسانية لإنقاذ فرانك ، أصبح بإمكانها أن تسترخى الآن قليلا قبل أن تواصل العمل وقد قررت الاتصال بروث فى المساء .
إن من الغريب أن يتركها هكذا وحدها فى المنزل دون ان يكون لديه أى دليل أنها أخت ستيلا فعلا ، ربما كانت أى فتاة أخرى جاءت لتخدعه ولكن لم يبد عليه أنه من ذلك الطراز الذى يسقط فى الشراك بسهولة .
لقد كان باردا ولكنه جذاب أيضا , شعرت مينرفا بإعجاب نحوه رغم أنه لم يبد معها سوى أقل قدر من الترحيب .
رغم كل عبارات المجاملة ، إلا أنه بدا عليه التكلف أكثر من الحميمة ومع ذلك فقد شعرت نحوه بنوع من العطف .
وقبل العشاء تلك الليلة أعطاها نيك كأسا من النبيذ ، أخذا يتحدثان عن والديها وعن أخيها كين الذى كان يذهب لنفس المدرسة الداخلية التى كان نيك يذهب إليها . تناولا العشاء فى الحجرة الصغيرة الملحقة بالمطبخ ،كانت مضاءة جيدا وقد أمضيا الوقت فى الأحاديث العامة . وقد وضح من حديثه أنه واسع الخبرة والاطلاع . على الأقل فيما يخص عمله ومصالحه .بعد العشاء عاد لمكتبه وطلب منها أن تشعر بحرية تامة وتتصرف كما تشاء فى المنزل . لكنها ذهبت لتتصل بروث التى ما أن سمعت صوتها حتى سألتها صائحة :
" مينرفا أين أنت ؟ "

" القلعة الاسبانية . لقد مررت لأقابل السيد بيفريل وحدث أن مدبرة المنزل كان عليها الذهاب لظرف طارء فبقيت لأساعده فى حفل العشاء الذى سيقيمه يوم السبت "
" إن ذلك رقيق منك يا حبيبتى " . قالت روث ذلك وبدا فى صوتها أنها ****ة . ثم سألت :
" هل نيك معك ؟ "
" لا . إنه فى مكتبه يعمل "
" حسن . لا أود إزعاجه "
قالت مينرفا وهى تعلم حب روث للحديث فى التليفون :
" روث . إن هذه المكالمة تكلفنى الكثير "
" نعم ولكن لا بد أن نيك سيـ..."
فقاطعتها مينرفا : " لا أنا سأدفع ثمنها "
" حسنا حبيبتى . لا تسرعى بالعودة إذا كنت مستمتعة بالبقاء هناك "
مستمتعة !؟ آه لو عرفتى يا روث . وفى طريقها لحجرتها ترددت مينرفا إذا كان يجب عليها أن تذهب للأسد فى عرينه وتلقى عليه تحية المساء . لقد بدا مؤدبا ولكنه ربما يزأر لمقاطعتها إياه . لكنه لم يزأر ولم يظهر أى مخالب ، كان واقفا يقرأ أحد الملفات عندما دخلت عليه واستغرق دقيقة قبل أن يلحظ وجودها . فقالت مسرعة :
" أنا ذاهبة للنوم . متى تود الإفطار ؟ "
" فى السابعة . ولكن لا تستيقظى مبكرا فأنا أعد إفطارى . ليلة سعيدة وأشكرك ثانية لمساعدتى "
" العائلات مؤسسات رائعة " . قالت ذلك ضاحكة وهى تغادر الحجرة بينما حياها بإيماءة من رأسه .
كان المطر قد توقف فى أثناء العشاء . وفى حجرتها أخذت مينرفا تفكر فى نيك وهى تبدل ثيابها . بالطبع هو رجلجذاب أو على الأقل مثير للاهتمام . كانت متعبة للغاية ولم تستغرق طويلا فنامت ولكنها استيقظت فى وسط الليل بعد أن رأت حلما غريبا لم تتذكر منه شيئا ، ولكن خاطرا ما برق لذهنها وهى نصف نائمة ونصف مستيقظة ، لم يكن هناك أدنى علامة تدل على أن امرأة عاشت فى هذا المنزل وكان اسمها ستيلا . لم تجد لها صورة أو أثر وكأنها لم توجد على الاطلاق .

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 02-05-09, 09:28 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ما رايكم اكملها ولا.....................

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لون منتصف ليل, مكتبة مدبولي الصغير, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روبين دونالد, robyn donald, the colour of midnight, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:45 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية