كاتب الموضوع :
زونار
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
عضت شفتيها قبل أن تتحدث لكنها أطاعت واتجهت للسلالم اتصل لغرفتها . وهى فى منتصف الدرج ناداها هو بصوت بدا فيه نفاد صبر :
" مينرفا .. "
وقفت قليلا ثم استدارت لتنظر إليه , كانت عيناه لأول مرة تفضحه .
لم تكن هناك النظرة الباردة الخالية من التعبير بل نظرة أخرى مليئة بالرغبة والندم , قالت وهى تشعر بمقاومتها تنهار :
" نعم "
قال وهو يحاول الحفاظ على غروره وكبريائه :
" أشكرك على كل ما فعلتى "
فقالت وهى تحاول الابتسام :
" لا داعى لذلك , فقد سعدت بمساعدتك "
كان قلبها ينبض بشدة وهى واقفة على السلالم تنظر إليه من أعلى , كانت متوترة ومتعبة وفريسة لمشاعر كثيرة متناقضة وفجأة شعرت بدوار وأنها ستسقط من أعلى السلالم فأغلقت عينيها ولم تفتحهما ثانية إلا وهى بين ذراعيه .
لم تدر متى صعد وأمسك بها لكنها وجدت نفسها بين ذراعيه وغير قادرة على الوقوف بمفردها , فتحت عينيها واغلقتهما ثانية فرفعها من على الأرض وحملها تماما بين ذراعيه واتجه بها نحو غرفتها ولم يعبأ بطلبها أن يضعها على قدميها . وضعها على الفراش برقة أكثر مما أرادت ثم بدأ يخلع لها حذاءها فقالت وهى تحاول القيام :
" يمكننى أن أفعل ذلك بنفسى "
" بالطبع يمكنك "
مرت أصابعه على عظام قدميها وصعدت لتدلك ساقيها فشعرت بلذة عارمة وأن عضلاتها تسبح على الفراش فقال :
" إن عضلاتك متعبة للغاية , لابد أنك أجهدت نفسك طويلا اليوم . لا أدرى كيف اعتذر لك "
فقالت وقد حاولت أن تبدو مسيطرة على نفسها :
" سوف يصلح حمام ساخن كل ذلك "
كانت تحاول أن تتجاهل النظرة المليئة بالرغبة فى عينيه , فقالت وهى تحاول النهوض :
" نيك من فضلك اذهب "
فقال وكأنه يتحدث من وراء أنفاسه :
" هل تريدين منى حقا أن أذهب ؟ "
بللت شفتيها الجافتين بلسانها وقالت بصوت متكسر :
" أرجوك يا نيك من فضلك "
فقال ونظراته تشى برغبته :
" لقد تخيلتك مرارا تقدمين لى ذلك "
كانت نظراته تحرق جسدها كله بلهيبها وإغرائها ودعوتها الخفية وهى ممدة على الفراش أمامه كالقربان المستسلم وقد بدأ يفك رباط عنقه ليقبلها قبلة طويلة ثم واصل :
" يمكنك أن تطلبى منى الذهاب مرة بتوسل ومرة بلهجة آمرة ومرة برجاء وفى كل مرة أستجيب أنا لك لكن هذه المرة لن أذهب . إننى أريدك . أريدك أن تكونى لى جسدك وروحك . ولكن الأهم صراحتك وأمانتك أكثر من أى شئ أخر "
لكنها حاولت بكل ما لديها من إرادة ألا تستسلم له . فهى لا تعرف إن كان صادقا أم يعبث بها فقالت وهى تبتسم :
" إننى متعبة للغاية , أرجوك أذهب الآن "
فقبلها قبلة رقيقة ونهض قائلا :
" حسن , سأراك فى الصباح "
فقالت قبل أن يذهب :
" نيك يجب أن نتحدث , ليس الآن "
" سأكون مشغولا طوال اليوم غدا , يجب أن تنتظرى حتى المساء "
شعرت بنبرة التحذير تعود لصوته وكأنه ينتقم من رفضها له هذه الليلة . لكن يغضب قليلا أفضل من أن تندم هى طويلا كما أنها ليست واثقة من صدقه معها . فأومأت برأسها موافقة وقالت بصوت محايد :
" حسن , غدا مساء إذن "
عندما ذهب أخذت هى تخلع ثيابها وهى تفكر فيما حدث . كان بإمكانها أن تستمر حتى النهاية ولو كان ذلك هدفه كانت ستستسلم له آجلا أو عاجلا . لقد غرقت تماما فى جاذبيته ولكنها عادت لوعيها فى الوقت المناسب .
ولكن تراجعه يؤكد أنه شئ أكثر من مجرد علاقة عابرة تستمر لأيام . ولكن أيكون قد احتقرها لاستسلامها السريع ؟
لم تكن مينرفا من المؤمنين بالحب من أول نظرة , هذا ما تعلمته من علاقتها مع بول لو كانت حتى تعلمت شيئا ما . ولكن هل هذا الحب ؟ تلك الرغبة فى الأخذ والعطاء ؟ بالتأكيد إنه حتى لو كان حبا فلا يمكن أن يستمر مع نيك . إنه زوج ستيلا فهل من الولاء أن تقع فى غرامه .
كما انه لم يصرح لها بأى شعور أو عاطفة , من الغباء أن تعتقد أنه يحبها وهو لم يقابلها إلا منذ بضعة أيام . ليس حبا بل مجرد رغبة من كليهما . رغبة محمومة عليها أن تتخلص منها .
وشعرت بمرارة سافرة لأنها وقعت فى الإغراء ثانية بعد تلك السنوات الطويلة من الحذر والتحفز , ولكن ما أوقعها هذه المرة كان ضعفها وليس سذاجتها كما كانت فى المرة الأولى . لقد كانت دائما مصممة على أن تهزم أية رغبة تجتاحها حتى لو كانت رغبة الحب نفسها دون أن يكون لديها دليل على انها لن تفقد كرامتها واحترامها .
هل فشلت فى إقناعه بأنه يمكنها أن يبقيا أصدقاء مع حفاظهما على كرامتها أم أن مجرد مسامحتها له على ما فعله معها الليلة الماضية كانت بمثابة دعوة له لأن يفعل بها ما يشاء وقتما يحلو له ؟!
عندما هبطت مينرفا فى الصباح كان نيك قد ذهب وقد جاءت جوليان مبكرا لكى تقوم بالتنظيف بعد انتهاء العشاء الليلة الماضية .
قالت الفتاة الثرثارة وهما يتناولان الشاي :
" يبدو أنك ونيك على اتفاق "
فأجابت بطريقة عادية :
" ولماذا نختلف ؟ "
فنظرت إليها جوليان وبدا عليها أنها تود لو تقول شيئا لكنها خائفة :
" اعتقدت ان الأمور ستكون على غير ذلك "
" لا داعى لذلك . فلسنا سوى غرباء حقيقة وهى أول مرة أقابله فيها "
فبدا على جوليان أن صبرها نفد فقالت وهى تحاول ان تبدى نوعا من اللوم لمينرفا :
" لو كان نيك زوج أختى أنا لما نسيت ابدا ما فعله بها "
لقد كان ذلك خطأ مينرفا من البداية . لو لم ترد سماع الثرثرة لكان عليها إظهار ذلك من البداية لكن طالما بدأت جوليان فى الحديث عن عيوب الآخرين وأسرارهم فلن تتوقف أبدا . لكن مينرفا قالت بحزم :
" ما حدث بينهما ليس من شأننا "
فقالت جوليان وكأنها تتراجع :
" كل ما أعنيه أن تكونى حذرة . إنه رائع ولكنه ... أعنى لا يمكن الثقة به تماما "
شعرت مينرفا بأن بعضا من الأقل القليل الذى كان بداخلها تخبو جذوته فأدارت وجهها إلى أن جوليان واصلت :
" لقد ترك أختك وحدها هنا بينما أمضى عطلة الأسبوع مع صديقة له . لقد كانت العطلة التى انتحرت فيها "
تدلت شفة مينرفا السفلى وقالت فيما يشبه الصراخ :
" ماذا ؟ من ؟ "
بدا على جوليان الغضب والتقزز وهى تتذكر :
" نعم . لقد أبقى الأمر سرا لكن كل من هنا يعرفون بذلك . لقد كان مع جنيفيف تلك ال***** "
" جنيفيف ؟ " تساءلت وهى تشعر بغصة فى حلقها وألم فى صوتها .
" نعم . لقد كانت بينهما علاقة حارة عندما تزوج نيك أختك , وبالطبع لم تكن تلك الساقطة تتخلى عنه بسهولة فانتظرت حتى ذهب بريق الزواج الأول وبدأت تحوم حوله ثانية "
شعرت مينرفا بتقزز من كل ما حولها , كل ما فى القلعة بأثاثها وسكانها وحديقتها لكنها قالت وهى مازالت لا تثق فى جوليان :
" هل كان معها عندما ماتت ستيلا ؟ "
فقالت الأخرى بلهجة انتصار :
" بالتأكيد . لقد اتصلت به هيلين عندها لتخبره بوفاة ستيلا وقد استمعت انا للمكالمة من السماعة المعلقة فى المطبخ دون أن تشعر بي المرأة العجوز , وكانت جينيفيف هى من ردت عليها فى البداية "
لقد كانت تقول الحقيقة , بدا ذلك واضحا . إذن هذا هو السبب فى انتحار ستيلا . فسألتها وهى تكاد تبكى :
" لماذا لم تخبرى أحدا بذلك فى التحقيق ؟"
فضحكت جوليان ضحكة تنم عن المرارة أكثر من الفرح :
" إننا نعمل لديه هنا ويساعدنا لنبدأ حياتنا الخاصة , لقد ماتت أختك منتحرة وكل ما كنت سأقوله لم يكن ليعيدها للحياة بل سيطردنى أنا وزوجى للطريق "
فسألتها بلهجة هجوم :
" ولماذا تخبرينى أنا الآن ؟ "
فقالت الفتاة وقد بدا الصدق فى نبرتها :
" لقد كنت أحب أختك . كانت تعاملنى برفق وأنت كذلك مثلها . أنا أعرف نيك جيدا ولا أحب ان تتورطى معه فى شئ تندمين عليه بعد ذلك "
فصمتت مينرفا محاولة استيعاب ما سمعت لكن جوليان واصلت :
" على كل حال لم تكن مفأجاة لستيلا . فهى ونيك لم تكن الأمور بنيهما على مايرام فى الفترة التى سبقت وفاتها لدرجة أنهما كانا ينامان فى غرفتين منفصلتين "
ودون أن تنبس بكلمة أخذت مينرفا كوبها ووضعته فى الحوض وفتحت صنبور الماء وهى تنظر للكوب دون أن تغسله وقد شعرت بالماء ينساب على يديها فخفف ذلك من توترها قليلا فقالت جوليان كالمعتذرة :
" كان يجب ألا أخبرك . إن زوجى جون يقول لى دائما أن لسانى هذا سيضعنى يوما فى المشاكل وأعتقد أنه على صواب . لكنك طيبة ولذلك أحببتك "
فقالت مينرفا بصوت لا أثر فيه للحياة :
" لا بأس "
لم تكن تعرف من تحتقر اكثر , نيك لاقامته علاقة قذرة ومحاولة إخفائها , أم نفسها لانها سقطت فى إغرائه وجاذبيته . لكن ما تعرفه هو أن عليها أن ترحل عن القلعة الأسبانية بأسرع ما يمكن
|