كاتب الموضوع :
غرور انثى 2010
المنتدى :
الارشيف
الجزء السادس
و اسرع تامر في مشيه قليلا .. وما ان صار على مسافة عشرة امتار منها حتى وجد ان اربعة من الشبان يعترضون طريقها بشكل ينذر بالسوء .. و سمع احدهم يقول لها : دعك من هذا العجوز و تعالي معي يا حلوتي فانا اقدر على اسعادك منه ..
قالت له بغضب: انقلع من هنا ايها الوغد؟
ضحك الاربعة و قال اخر : وقحة و جميلة .. هذا ما احبه .
قال السائق : ابتعدوا ايها المجرمون.
قال احدهم بتحد مستهتر : و ماذا لو لم نبتعد؟ هل ستضربنا؟
و ضحك الاربعة بنزق ..
و هنا وصل تامر فتعلقت به شيرين بخوف قائلة : تامر .. الحمد لله انك هنا.
قال احد الشبان لتامر بقسوة: هذا الفتاة لنا ايها الولد .. اذهب الى امك.
استدار تامر نحوه و قال بهدوء : هكذا ؟
قال الشاب ملحا بسكين بين يديه : نعم هكذا و انصحك بان تكسب عمرك .. البنت لنا .
قال تامر بحزم : وانا انصحك بالابتعاد .
اقترب الشاب الضخم منه حتى لامس وجهه وجه تامر و قال : و ان لم ابتعد؟
و فجأة صدر صوت طلق مكتوم .. و تراجع الشاب بألم و دهشة و هو يضع يده على معدته و الدم يسيل من بين اصابعه ..
و رأت شيرين مسدس تامر يتصاعد منه الدخان ..
و دفع تامر الشاب بقدمه فسقط على ظهره .. و رفع مسدسه نحوه و اطلق سبع طلقات اخرى مدوية على صدر و رأس الشاب الذي تناثر جزء منه بمنظر دموي بشع و جسد الاخير ينتفض محتضرا .. و ادار مسدسه بسرعة صوب البقية المأخوذين و اطلق رصاصة اصابت ترقوة ثان ..
و نفذ رصاص تامر فاسرع يستبدل خزانة الرصاص باخرى مما اتاح للثلاثة مجال الفرار لا يلوون على شيء و المصاب يصرخ برعب ..
و اعاد تامر مسدسه لغمده و قال لشيرين المصدومة : هيا نخرج من هذا العفن .
و سارت شيرين معه كالمنومة مغناطيسيا .. لا .. مستحيل .. هذا حلم ولا شك ..
لم تر من قبل انسانا يقتل امامها هكذا .. لم تر رعبا اشد في حياتها من هذا ..
و قال تامر لها و هي لا تعي ما حولها : اياك يا ملاكي ان تخرجي من جنتك الى مكان اخر .. فكل مكان هو جحيم لا مكان فيه لملاك .. الا ملائكة العذاب امثالي .
و ترك السائق ينطلق بها بسيارته كأن عفاريت الدنيا تلاحقه وهو يجري اتصالاته مع اهلها .. و ركب سيارته و عاد الى منزله ..
كانت هذه الحادثة ما فجر الحرب بين العائلات ..
ففي نفس اليوم كانت عائلة الشاب تطالب برأس تامر الذي اصر انه كان يدافع عن نفسه .. و قالت عائلة الشاب القتيل ان تامر تعمد اعدام الشاب بوحشية بعد اصابته لذا يجب ان يعدم و قالت عائلة تامر ان الشاب لو لم يمت لقتل تامر فور ابتعاده كما ان هناك ثلاثة اخرين كانوا مستعدين للفتك به لذا كان الموقف دفاعا عن النفس..
و عرضت عائلة تامر دية للقتيل لكن العائلة الاخرى اصرت على موت تامر .. و من هنا بدأ الصراع و تعددت الاصابات و اختلفت الاهداف من الحرب كلية ..
و لم تنس عائلة الشاب ان شيرين كانت ضمن الحدث لذا طالبت بها فهبت عائلتها لتدافع عنها و وجدت انها مضطرة للتحالف مع عائلة تامر ضد تلك العائلة الكبيرة مما صنع توازنا في القوى يميل قليلا جدا لصالح حلف العائلات المكون من عائلة تامر و عائلة شيرين و عائلة ميساء قريبة تامر ..
العائلات عادة تتكون من الاف من الافراد و تملك موارد غزيرة و مناصب في الدولة و محامون و تمتد العائلات الى كل فروع الدولة مما اعطى الصراع ابعادا متشعبة و جعل احتواء المشاكل امرا عسيرا للغاية حتى على الدولة ..
فكل حدث يقيد ضد مجهول و كل من يعتقل تهب لجان محاماة لاطلاق سراحه ولا احد يترك دليلا خلفه عند العمل ضد الاخر ..
امر معقد يستعصي على الشيطان !!
و هكذا وجدت المدينة نفسها في صراع يلتهم خيرة شباب و مقدرات اكبر عائلاتها و لم يكن بالإمكان لبقية العائلات الا تحاشي الصراع و حماية نفسها ..
و حاولت الدولة ارسال فرق امن كثيرة لكن الصراع لم يزل .. بل تحول الى ضربات خاطفة سريعة مخططة جيدا بحيث تنسب الى مجهول كل مرة عدا حالات قليلة و حتى في هذه الحالات القليلة لا يكاد احد يبقى في السجن بعد تدخل جهات عليا و ضباط و محامين و ما الى ذلك .. كان الامر كأنه صراع المافيا في الثلاثينات ..
و تنهد تامر قاطعا ذكرياته بنفسه هذه المرة و رفع عينيه يتأمل رواد المكان .. يحسدهم على حياتهم الهادئة البسيطة الخالية من المشاكل .. لماذا لم يكتب له ان يعيش مع شيرين بمكان بعيد هادئ لبقية العمر؟ يتمنى ذلك .. يتمناه من كل قلبه الجريح ..
اه لدنيا ليس فيها شيرين .. تكون خرابا و لو كانت مرتعا للغيد الحسان ..
و نهض تامر من مكانه و راح يتمشى حتى وصل الى قرب جدول رقراق يجري بهدوء و الاسماك تلعب داخله مختطفة قطع الخبز او طعام الاسماك مما يلقى لها من قبل العمال المكلفين بالاشراف على المكان ..
و سرح ببصره في الماء و الاسماك و الحصى مجترا ذكرياته من جديد..
كانت علاقته مع ميساء تتدهور يوما عن يوم رغم انه كان يقوم بواجباته نحوها على اتم وجه .. لكن معرفتها ان قلبه ليس لها كان يجعل حياتها جحيما لا يطاق ..
و كانت عندما يفيض الكيل بها تخرج للترفيه عن نفسها حتى تتناسى ما تعيشه من عذاب داخلي مرير ..
و كان تامر يتألم لها كثيرا و يحاول ان يتجنب الصدام معها .. لكن كانا كمن صنع من بارود تكفي اية شرارة صغيرة لتفجيره ..
ثم اتى ذاك اليوم المشؤوم ..
كان يومها قد خرج لاصطياد احد عتاة العائلة الثانية ممن آذوا عائلته بعد ان وردته معلومات مؤكدة عن مكان وجوده ..
كانت غارة غير مجدية اذ لم يجدوا الشخص المطلوب و اشتبكوا مع عدد من رجال العائلة الثانية بشكل كاد يتحول الى كارثة لولا ان اسرع هو و من معه بالانسحاب ..
و عندما رجع منزله لم يجد زوجته فظن انها خرجت كالعادة للتنزه ..
لكن ما ان استقر في مكانه حتى اتته مكالمة من مجهول تقول ان زوجته رهينة و ان عليه ان يدفع نصف مليون دولار فدية لها و ان يحضر النقود بنفسه و ان لا يبلغ الشرطة و حددوا له مكانا هو قلعة اثرية سياحية على تخوم المدينة ..
و جن جنون تامر .. و اسرع يستدعي مراد و عرض عليه الامر و على والده ايضا ..
و قال مراد : الامر واضح .. انه كمين لقتلك انت يا تامر ..
قال الوالد : بقلق: كيف؟
قال مراد : لاحظوا انهم اتصلوا على تامر مباشرة .. هم يعرفونه و يعرفون ان ميساء زوجته و يعرفون رقم تامر .. و هناك الخبر الكاذب عن ذاك المعتوه من العائلة الاخرى .. كان الهدف ابعاد تامر عنم المنزل .. و بما ان زوجته تخرج عادة للتنزه لذا لا بد انهم رصدوا حركتها و ابعدوا تامر عن المنزل كي لا يهب لنجدتها و اختطفوها عندما ابتعدت عن المكان .
قال تامر : ماذا نفعل .؟ هل اذهب لهم الى القلعة؟
قال مراد : غبي .. اية قلعة؟ لن تجد هناك الا كمينا يقتلك و يتقاسم رجاله ما تحمل من نقود مكافئة لهم على عملهم .. فكر بعقل .
قال تامر فجأة: الخبر .. من احضر لنا الخبر عن وجود القاتل لا بد انه مدسوس و سيكون الخيط الذي نتوصل عبره لميساء .
و فورا اجرى الوالد اتصالات ثلاث برجاله و حدد لهم الهدف ..
و قبل مضي ساعتين كان الرجل مقيدا في قبو سري بمنزل تامر و مراد يشرف على التحقيقات معه ..
ولا داع للقول ان التحقيق كان قاسيا و وحشيا ..
فكل اساليب التعذيب الوحشية التي تعرفها عزيزي القارئ و ما قد يخطر ببالك لهو مداعبة رقيقة لما تعرض له المسكين قبل ان يبوح بكل ما يعرف من معلومات سواء طلبوها منه ام لم يطلبوها ..
كان المكان الذي احتجزوا به ميساء حصينا بحق .. فهو مزرعة شاسعة تمتلكها العائلة الاخرى تقع في الارياف و يحيط بها ضور مكهرب مزدوج له ابراج حراسة كمعسكر جيش و حول السياج مساحات مكشوفة و يمنع دخول أي غريب الى المزرعة التي يوصل لها طريق واحد طويل لا يسمح بدخوله الا لسيارات العائلة فقط و يتم التأكد منها في اول الطريق و وسطه و اخره عبر ثلاث نقاط تفتيش محروسة بشدة و أي سيارة تقترب من خارج الطريق ولو بشبر يتم استهدافها حالا هذا عدا عن دوريات الحراسة طوال الليل و النهار التي تحوم حول المزرعة .. و داخل المزرعة و بين الاشجار كلاب حراسة مدربة شرسة تهاجم كل غريب لا يرتدي زي الحراسة المميز الذي لا مثيل له خارج المزرعة و يسير كل خمسة حرس معا و يمنع سير حارس منفردا خوف استيلاء احد على الزي فيما لو وصل بمعجزة للمزرعة .. و المبنى الرئيسي للمزرعة فيلا شديدة التحصين لها باب واحد فقط عليه كاميرات حراسة و جهاز كشف معادن و يحرسه اربعة رجال ..
و دون اطالة اكثر كان المكان مستحيل الاقتحام بلا شك الا لفرق الجيش و الصاعقة بحرب مباشرة و غطاء جوي ..
و بسرعة التم شمل كبار العائلة و معهم تامر و مراد و راحوا يرسمون خطة انقاذ ميساء ..
نظرا لبعد المسافة و قياسا للوقت الذي مضى منذ شاهد اخر شخص ميساء و الوقت اللازم لخطفها و الانطلاق بها بسرعة الى المزرعة مباشرة و بفرض عدم وجود اية معوقات لا بد انه ميساء ستصل المزرعة خلال نصف ساعة تقريبا ..
أي انها الان على الطريق ..
و هذا يعني انهم لم يمسوها بسوء بعد فلا يجرؤ احد من الرجال العاديين على ذلك قبل ان تصل الى الرؤوس الكبيرة التي يمكنها فعل كل شيء فالوليمة للكبار لا للصغار ..
وهذا يعني ان يسرعوا هم بالتحرك قبل ان يفقدوا زمام الامور ..
و اقترح مراد خطة جريئة جدا ..
الهجوم الجوي ..
و راح يشرح خطته بسرعة و تفصيل ناظرا لساعته بقلق .. و حالا اصدر الكبار اوامرهم باستئجار فوري لخمس طائرات مروحية و اعطى مراد رجاله تعليمات سريعة حول المعدات و المواد المطلوبة فورا للعملية ..
و لأهمية الامر كانت الطائرات تقلع خلال نصف ساعة أي في الوقت الذي كانت به ميساء تصل الى مدخل المزرعة مكممة الفم و اليدين و لحسن حظ تامر ان نقاط التفتيش و التدقيق عن البوابة اكسبه دقائق ذهبية .. و زاد عليها دقائق ماسية اخرى تركهم لميساء في حقيبة السيارة لدقائق اخرى كي تتعذب ثم فتحوا الغطاء و اخرجوها بقسوة و جروها من يديها نصف فاقدة للوعي الى مدخل الفيلا حيث القوها هناك .. يمنع عليهم دخول الباب اطلاقا و الا اطلق الحرس و القناصة عليهم النار حالا ..
دقائق اخرى مرت قبل ان يفتح الباب و يصل رجل قاسي الملامح للباب و فتحه ناظرا بازدراء الى ميساء و ان لم يخف اعجابه بجمالها على رجاله ..
و قال بعد قليل لرجال كانوا معه .. انقلوها للقبو حالا و احكموا اجراءات الامن ..
قال احدهم بابتسامة : و هل يقدر احد على الدخول حتى نحكم الاجراءات؟ ..
|