كاتب الموضوع :
غرور انثى 2010
المنتدى :
الارشيف
الجزء الخامس
خفض تامر سلاحه بيأس ممزق القلب و قريب شيرين يدخل شيرين السيارة و ينظر لتامر
نظرة حقد و شماتة و دار حول السيارة و احتل مكان السائق و انطلق و شيرين تدفن وجهها بكفيها باكية بحرقة ..
و بقي تامر واقفا ينظر الى السيارة المبتعدة تحمل قلبه داخلها ..
لولا الحياء لجلس و بكى كالاطفال ..
و اعاد سلاحه الى غمده ببطئ و عاد صامتا الى السيارة الخاصة به و اراد اللحاق بسيارة شيرين لكن قائد الحرس منعه .. كان قائد الحرس من اصدق أصدقاءه و هو رجل مخلص بحق لطالما ساعده في المآزق ..
و كان مراد قائد الحرس شابا ذكيا حلو الكلام حازما لا غنى للاسرة عنه لذا اعطوه صلاحيات لاحدود لها تصل لدرجة التصرف دون استشارة احد الا في الامور الكبيرة ..
و لذا كان اول ما فعله في ذاك الموقف وقتها ان جرد تامر من مسدسه و اشار لرجاله فانقضوا على تامر و قيدوه فراح يصرخ بهم بجنون : هل جننتم ؟ ماذا تفعلون؟
قال مراد بهدوء لرجال: ضعوه في المقعد الخلفي و لا تتركوه وحده .
جلس حارس على يمين تامر المقيد و اخر على شمال و قاد مراد السيارة يجلس بجواره حارس يحمل سلاحه متحفزا ..
و انطلقت السيارة مسرعة و تامر يقول بغضب لمراد : هل نسيت من انت ؟ كيف تفعل هذا بي؟ هل انت هنا لحراستي ام لخطفي؟
قال مراد بحزم : اصمت و دعني اركز بالقيادة.
صرخ به تامر : انت مجرد موظف عندي .. هل سمعت .. موظف يأخذ راتبه اخر الشهر .
قال مراد ساخرا : اه .. الراتب ..ذكرتني .. اريد علاوة هذا الشهر .
صرخ به تامر : هل تسخر مني ؟ انت مفصول انت و كل كلابك .
قال مراد لحرسه : كمموا فمه.
صرخ به تامر : خائن ..
و كمم الحرسان فمه فبقي يهمهم بغضب شديد .
و وصلوا الى المنزل فاشار مراد لرجاله فحملوا تامر الغاضب الى الحديقة و هرعت شقيقاته بجزع و رحن يحللن وثاقه و جاء والده و معه بعض مستشاريه ..
و سأل بغضب : من فعل هذا بتامر؟
كان تامر قد تحرر فنزع الكمامة عن فمه و ضرب بها الارض صارخا بغضب: من ؟ اسأل قائد حرسك الهمام .
نظر الاب لمراد بغضب فقال الاخير بهدوء : نعم انا من فعل هذا .
نهض تامر ملوحا بسبابته في وجه مراد بغضب قائلا: ستدفع الثمن يا مراد انت و رجالك الخونة .. لا اريد ان اراك هنا بعد اليوم .. و ساقتلك لو شاهدتك ولو بالشارع.
قال الوالد : كفى .. ماذا حصل يا مراد؟
روى له مراد ما حصل ببساطة .
و قال تامر : انا تامر يقيدني رجالي .. أي مهزله هذه؟ كيف يمكن الثقة بهم بعد اليوم؟
تنهد الوالد مطرقا ثم قال بحزم : مراد .
نظر اليه مراد بهدوء فتابع : لا تنس تفقد مجموعة الحراسة المسائية فجواد مريض اليوم.
ابتسم مراد بصمت فهدر تامر: ماذا؟ هل سيبقى؟ لقد قيدني و عرضني للخطر .
قال الوالد : ولو صفعك لكنت اعطيته مكافئة .
حملق بهم تامر بدهشة قائلا : ماذا؟
تجاهله الاب و عاد للفيلا بتمهل .
و جلس تامر على العشب ..كان يدرك انهم على حق
كان يفرغ توتره بمن حوله بعد ذهاب شيرين ..
و تفرق الكل من حول تامر و بقي رامي الذي قال لتامر بهدوء : ان كانت تحبك حقا فلن تخسرها يا تامر .. لكن ميساء هي المشكلة بينكما .. مشكلة لا ذنب لها .
و تركه و اتجه الى رجاله ليتابع عمله .
و بقي تامر مكانه و الدنيا تدور حوله بدوامة سوداء قاسية ..
و طوال الايام التالية كان يحاول الاتصال بها لكن دون فائدة ..
لقد غيرت رقم هاتفها و عملت له حظرا على المسنجر و لم تعد تذهب الى أي من الاماكن التي كانا يترددان عليها و لم كين يمكنه ان يراها الا عندما تغادر منزلها فحسب و يكون معها حارس او قريب .. و لاحظ ان قريبها ذاك يكثر الذهاب عندهم ..
يبدو انه يريد استغلال الوضع للتقرب من شيرين ..
لكن يبدو انها لا تحبه كما لاحظ ..لا تحب صنف الرجال عموما ..
ما كان يعطيه الامل انها كانت تنظر اليه بحزن و عتاب لا بغضب و كره ..
و هذا جعله يستمر في المحاولة لاقناعها بالعودة اليه لكن بلا فائدة ..
و للاسف انعكس الامر على حياته الداخلية ..
ميساء ادركت بطريقة او باخرى ما يحدث و انها متعلق بشيرين ..
و جن جنونها ..
تامر زوجها يحب اعز صديقاتها؟
اذن هذا هو سبب ابتعاد شيرين عنها مؤخرا ..
و استحالت حياتها مع تامر جحيما لا يطاق ..
تامر يرى ان شيرين احق من ميساء بالزواج كونه يحبها ..
و ميساء ترى تامر يخونها مع اعز صديقة لها ..
و كانت العادات تجبرهما على اخفاء الخلاف بينهما امام الناس .. و الابتسام ..
كان تامر ممزقا بين ميساء و شيرين ..
ممزق ما بين قلبه و ما بين عقله و واجبه ..
عقله يقول له ان ميساء زوجته و لها حقوق الزوجة بكل دقائقها و ان زواجهما هو محور هام للعائلتين و مصدر قوة لا غنى عنه ..
و قلبه يجري وراء شيرين الجميلة الغاضبة كحصان جامح يجر خلفه صاحبه جرا..
و يكاد و الحق يقال ان يفقد كلا الامرين معا .. قلبه و عقله ..
لكن .. هل سيستسلم للامر؟
كلا ..لن يخسر احدا .. لن يخسر اسرته و زوجته و لن يخسر قلبه ايضا ..
سيحارب الدنيا لأجلهما معا ..
كانت شيرين وقتها تعاني ايضا من نارين .. نار حبها لتامر و نار حبها لصديقتها ميساء..
نفس النار تعاني منها ميساء ايضا .. ما بين تامر و شيرين ..
لكن لم تنقطع العلاقة ما بين شيرين و ميساء و كأن احدهما لا تدري بعلاقة الاخرى مع تامر
شيرين لا تظهر لميساء حبها لتامر و ميساء لا تظهر لشيرين انها تعلم بحب تامر لها ..
لعبة مؤلمة بينهما .. لعبة اخفاء المشاعر..
لم يكن تامر يتميز بالصبر الجميل ..
لكنه لم يكن متهورا ..
و كان شديد العناد فيما يختص بما يريد ..
لذا لم ييأس من ان يستعيد شيرين و لم يترك الامر للزمن في نفس الوقت ..
و انطلق صوب منزل شيرين و ما ان وصل حتى شاهد سيارتها تنطلق بها فلحق بها ..
كان يعلم انه ترافق الحرس عادة و انه الان بلا حراسة و قد يتعرض للاذى فيما لو حاول التحدث لها .. لكنه لم يبال ..
و سارت سيارة شيرين مسافة طويلة لم قبل ان تصل مكانا لم تكن شيرين تقصده من قبل ..
حي شعبي قديم متداخل المباني و الزقاقات ..
يبدو انها ملت كل الاماكن و قررت الابتعاد عن عالمها ولو قليلا ..
و هبطت شيرين كأجمل ما تكون الفتيات .. متألقة بفستان بسيط جميل ..
و دهش تامر ان لم يجد معها الا سائق عجوز لا اكثر .. لا حراسة ..
اذن قد يمكنه محادثتها دون عوائق ..
و نزل بدوره من السيارة و سار خلفهما على مسافة نحو عشرين مترا لكي لا يحرجها مع السائق الذي تبدو الطيبة عليه..
كان يفكر في طريقة لكي يجلس معها .. سينتظر حتى يبتعد السائق عنها ولو دقيقة لكي يكلمها ولو كلمة ..
و سارت شيرين و السائق خلفها حتى وصلت مكانا بعيدا نسبيا عن الحي الشعبي .. كان واضحا انها تسير على غير هدى .. فقد كانت المنطقة عبارة عن منازل نصف مهجورة ..
و اسرع تامر في مشيه قليلا .. وما ان صار على مسافة عشرة امتار منها حتى وجد ان اربعة من الشبان يعترضون طريقها بشكل ينذر بالسوء .. و سمع احدهم يقول لها : دعك من هذا العجوز و تعالي معي يا حلوتي فانا اقدر على اسعادك منه ..
قالت له بغضب: انقلع من هنا ايها الوغد؟
ضحك الاربعة و قال اخر : وقحة و جميلة .. هذا ما احبه .
قال السائق : ابتعدوا ايها المجرمون.
قال احدهم بتحد مستهتر : و ماذا لو لم نبتعد؟ هل ستضربنا؟
و ضحك الاربعة بنزق ..
و هنا وصل تامر فتعلقت به شيرين بخوف قائلة : تامر .. الحمد لله انك هنا.
قال احد الشبان لتامر بقسوة: هذا الفتاة لنا ايها الولد .. اذهب الى امك.
استدار تامر نحوه و قال بهدوء : هكذا ؟
قال الشاب ملحا بسكين بين يديه : نعم هكذا و انصحك بان تكسب عمرك .. البنت لنا .
قال تامر بحزم : وانا انصحك بالابتعاد .
اقترب الشاب الضخم منه حتى لامس وجهه وجه تامر و قال : و ان لم ابتعد؟
و فجأة صدر صوت طلق مكتوم .. و تراجع الشاب بألم و دهشة و هو يضع يده على معدته و الدم يسيل من بين اصابعه ..
و رأت شيرين مسدس تامر يتصاعد منه الدخان ..
و دفع تامر الشاب بقدمه فسقط على ظهره .. و رفع مسدسه نحوه و اطلق سبع طلقات اخرى مدوية على صدر و رأس الشاب الذي تناثر جزء منه بمنظر دموي بشع و جسد الاخير ينتفض محتضرا .. و ادار مسدسه بسرعة صوب البقية المأخوذين و اطلق رصاصة اصابت ترقوة ثان ..
و نفذ رصاص تامر فاسرع يستبدل خزانة الرصاص باخرى مما اتاح للثلاثة مجال الفرار لا يلوون على شيء و المصاب يصرخ برعب ..
و اعاد تامر مسدسه لغمده و قال لشيرين المصدومة : هيا نخرج من هذا العفن .
و سارت شيرين معه كالمنومة مغناطيسيا .. لا .. مستحيل .. هذا حلم ولا شك ..
لم تر من قبل انسانا يقتل امامها هكذا .. لم تر رعبا اشد في حياتها من هذا ..
و قال تامر لها و هي لا تعي ما حولها : اياك يا ملاكي ان تخرجي من جنتك الى مكان اخر .. فكل مكان هو جحيم لا مكان فيه لملاك .. الا ملائكة العذاب امثالي .
و ترك السائق ينطلق بها بسيارته كأن عفاريت الدنيا تلاحقه وهو يجري اتصالاته مع اهلها .. و ركب سيارته و عاد الى منزله ..
كانت هذه الحادثة ما فجر الحرب بين العائلات ..
ففي نفس اليوم كانت عائلة الشاب تطالب برأس تامر الذي اصر انه كان يدافع عن نفسه .. و قالت عائلة الشاب القتيل ان تامر تعمد اعدام الشاب بوحشية بعد اصابته لذا يجب ان يعدم و قالت عائلة تامر ان الشاب لو لم يمت لقتل تامر فور ابتعاده كما ان هناك ثلاثة اخرين كانوا مستعدين للفتك به لذا كان الموقف دفاعا عن النفس..
و عرضت عائلة تامر دية للقتيل لكن العائلة الاخرى اصرت على موت تامر .. و من هنا بدأ الصراع و تعددت الاصابات و اختلفت الاهداف من الحرب كلية ..
و لم تنس عائلة الشاب ان شيرين كانت ضمن الحدث لذا طالبت بها فهبت عائلتها لتدافع عنها و وجدت انها مضطرة للتحالف مع عائلة تامر ضد تلك العائلة الكبيرة مما صنع توازنا في القوى يميل قليلا جدا لصالح حلف العائلات المكون من عائلة تامر و عائلة شيرين و عائلة ميساء قريبة تامر ..
العائلات عادة تتكون من الاف من الافراد و تملك موارد غزيرة و مناصب في الدولة و محامون و تمتد العائلات الى كل فروع الدولة مما اعطى الصراع ابعادا متشعبة و جعل احتواء المشاكل امرا عسيرا للغاية حتى على الدولة ..
فكل حدث يقيد ضد مجهول و كل من يعتقل تهب لجان محاماة لاطلاق سراحه ولا احد يترك دليلا خلفه عند العمل ضد الاخر ..
امر معقد يستعصي على الشيطان !!
و هكذا وجدت المدينة نفسها في صراع يلتهم خيرة شباب و مقدرات اكبر عائلاتها و لم يكن بالإمكان لبقية العائلات الا تحاشي الصراع و حماية نفسها ..
و حاولت الدولة ارسال فرق امن كثيرة لكن الصراع لم يزل .. بل تحول الى ضربات خاطفة سريعة مخططة جيدا بحيث تنسب الى مجهول كل مرة عدا حالات قليلة و حتى في هذه الحالات القليلة لا يكاد احد يبقى في السجن بعد تدخل جهات عليا و ضباط و محامين و ما الى ذلك .. كان الامر كأنه صراع المافيا في الثلاثينات ..
و تنهد تامر قاطعا ذكرياته بنفسه هذه المرة و رفع عينيه يتأمل رواد المكان .. يحسدهم على حياتهم الهادئة البسيطة الخالية من المشاكل .. لماذا لم يكتب له ان يعيش مع شيرين بمكان بعيد هادئ لبقية العمر؟ يتمنى ذلك .. يتمناه من كل قلبه الجريح ..
اه لدنيا ليس فيها شيرين .. تكون خرابا و لو كانت مرتعا للغيد الحسان ..
و نهض تامر من مكانه و راح يتمشى حتى وصل الى قرب جدول رقراق يجري بهدوء و الاسماك تلعب داخله مختطفة قطع الخبز او طعام الاسماك مما يلقى لها من قبل العمال المكلفين بالاشراف على المكان ..
و سرح ببصره في الماء و الاسماك و الحصى مجترا ذكرياته من جديد..
كانت علاقته مع ميساء تتدهور يوما عن يوم رغم انه كان يقوم بواجباته نحوها على اتم وجه .. لكن معرفتها ان قلبه ليس لها كان يجعل حياتها جحيما لا يطاق ..
و كانت عندما يفيض الكيل بها تخرج للترفيه عن نفسها حتى تتناسى ما تعيشه من عذاب داخلي مرير ..
|