المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
مطر مطر
مطر ... مطر
احتمالات خاطئة قادتني إلى حياة لم أكن لأفكر أنني أحياها أو أكون جزء من ذلك المجتمع , فأنا مصرية من الأرياف , ارتبطت بشاب إماراتي طيب القلب .
منتدى ليلاس الثقافيلقد ارتبطت به رغما عني و بكيت عندما فارقت أهلي , لم يكن رفضي له لشخصه و لكن لجهلي التام بكل ما يخصه و يخص مجتمعه , لقد كانت ملامحهم غريبة عني و كان مظهرهم يختلف عنا , و الاختلافات أعظم بكثير من التشابه .
لقد بكيت بحرقة في أيام زواجي الأولى و نحن ما زلنا في مصر , لقد تكلم معي لمدة ربع ساعة و بالكاد أفهم الخطوط العريضة من حديثه .
بدأت مرحلة المقاومة و كل ما قرب موعد السفر للإمارات زادت شراستي , كنت ألوم نفسي على ذلك و بخاصة عندما كان زوجي يتغاضى و كأنه لم يسمع بعض الكلمات .
و في المطار كنت أجر قدمي جرا , كمن يذهب إلى زنزانة يعلم علم اليقين أنه لن يخرج منها , كان زوجي سعيدا جدا , و كنت أرى الناس الأغراب عنا يبتسمون لزوجي , لقد كانت لزوجي موهبة دخول قلوب الناس مباشرة , لدرجة أنك لو رأيته ولو لمرة واحدة ستعلق ذكراه في مخيلتك .
منتدى ليلاس الثقافياندهشت للفخامة و البذخ على الخطوط الإماراتية , لم أكن ممن تغريهم الأموال ولن أتغير مهما حصل لي , حتى أن أبي عندما زوجني لم ينظر للمادة , و لكنه علم بغريزة الأبوة أنه الرجل المناسب و سأسعد معه .
عندما خطوت الخطوة الأولى من الطائرة , أحسست ببرودة شديدة في جسمي بالرغم من حرارة الطقس .لقد لاحظت أن زوجي يتنفس ملئ رئتيه و كأنه لم يتنفس منذ مدة .
كانت حالتهم المادية ميسورة و بالرغم من ذلك كانت ملابسهم تنم عن ذوق و عدم تكلف , ذهبنا لمدينة زوجي و التي تقع في عمق الإمارات .
و لكن حالما قربنا من بيت زوجي حتى رأيت سيارات كثيرة متوقفة برغم قلة البيوت , و عندها دق زوجي منبه السيارة , فخرج الكثير من الرجال , و الأطفال و في الجهة الأخرى بعض النسوة , لقد هجم الرجال على زوجي يرحبون به بعاطفة لم أشهدها من قبل , لدرجة أنني أحسست ببعض الدفئ .
لكن الأطفال توجهوا لي وأخذوا يسلمون علي و كأنني أميرة أو سندريلا أو ما شابه , لقد كانت ملامحهم متقاربة , ولكن و لدا بعمر ست سنوات أخذ بجماح قلبي حتى أنني عندما خرجت لم أتمالك نفسي فحملته و ذهبت للنساء المجتمعات .
عندما اقتربت زغردت النساء و أخذ الرجال يطلقون النيران في الهواء و للحظة الأولى أحسست بفرحة الزواج لقد أحسستها هنا مع الأغراب أكثر مما أحسستها مع أهلي و في وطني .
مضى أسبوع إلى الآن لا أعرف كيف انقضى بتلك السرعة لدرجة أنني لا أذكر منه إلى أنني لم أجلس لوحدي و لو لدقيقة واحدة و لم يغلق فمي إلا و يستثيرون الابتسامة في .
لقد كان صديقي الصغير هو أخو زوجي الصغير لذلك أغدقت عليه العاطفة و الهدايا , لقد كان مثل الابن لي ,لذلك استأذنت من زوجي أن نسمي ولدنا الأول باسمه .
كانت حسبتي و احتمالاتي خاطئة , لقد فكرت بحياة و قدرت لي حياة أخرى لم أكن لأحلم بأن هناك مقدار من السعادة يضاهي تلك السعادة , و لقد كنت أفكر أحياننا بأنه لو لم تحدث لي تلك الأحداث كيف ستكون حياتي , لذلك كنت أعيش اليوم شاكرة حامدة كل دقيقة و كل لحظة , وزاد ارتباطي بهم أكبر و أكبر .
لقد كانت فرحتهم عند نزول المطر عجيبة , فحالما يحس الأطفال بنزول المطر حتى يركضون للخارج و يقولون مطر مطر , لقد كان ذلك يحرك في كل المشاعر الجميلة .
لقد مرت لحظات كدر بيني و بين زوجي , و لكن أهلي أقصد أهل زوجي كانوا له بالمرصاد و كانوا ينصرونني عليه ظالمة أو مظلومة , و كنت مضرب المثل عندهم بالأدب و الذوق الرفيع .
لقد رزقت بثلاث أبناء و لكن لم أرزق ببنات لذلك في المناسبات أجمع البنات الصغار من أقارب زوجي و أهتم بلبسهم و تمشيطهم كانت المناسبات كثيرة , حتى أنني أصبحت أغني معهم بلهجة متقنة. الآن أنا الآن في الطائرة متجه إلى مصر الحبيبة , لكن ما هذه الدموع الغزيرة على و جهي هل هي بسبب الفرحة أم بسبب الحزن لفراق أحبتي في الإمارات , و للحظة تمنيت أن تتعطل الطائرة و يقولون عودوا إلى بيوتكم .
|