كاتب الموضوع :
نور الهدى4
المنتدى :
الارشيف
الفصل الثالث
أكلمت (نارا) دورتها الثلاثين، و هي تدور حول الخيمة، في محاولة للفهم ما يحدث لها، كل ما وجدت خنجر صغير وضع مع فاكهة التفاح، و اثنين من الإبل يجلسان خارج الخيمة، كانت تتذكر ما حدث لها ليلة الأمس، و علماَ أن لوالدها يد في هذا، لكن السؤال الذي يحيرها، هل لماذا فعل هذا؟... لماذا يضعها في هذا؟... لماذا هي لوحدها؟... ثم أين...
قطع صوت أقدام تقترب من الخيمة، فأسرعت تبحث عن شيء يمكنها الدفاع به عن نفسها، وقع بصرها على الخنجر الصغير، فأمسك به بقوة قبل أن تتوجه إلى مدخل الخيمة، و تضع يدها في موضع استعداد الهجوم، ما أن دخل الشخص الخيمة، حتى هجمت عليه، هول المفاجأة أسقطته أرضاَ معا، بحيث أصبحت هي فوق، و يدها في طريقها إلى صدره، امتدت يده تسمك معصمها بقوة، أجبرتها على إفلات الخنجر، ثم طرحها أرضاَ مثبتاَ إياها على الأرض، هو يقول بسخرية:
- هل تظنين أنه بهذه السهولة سوف تقتلينني؟.
حاولت تخليص نفسها، لكنها لم يستطيع، إلى أن تلقى هو ضربة على رأسها، مع صوت يقول في غضب:
- اتركها أيها الأحمق أنها شقيقتي.
تحررت (نارا) منه بعد أن امسك يده على مكان الضربة، في حين قالت هي بدهشة لصاحبة الصوت:
- (نيتا).
أجابتها شقيقتها، مازحة :
- نعم أنها أنا.
أسرعت (نارا) نحتضنها، و عيونها مليئة بالدموع، قائلاَ:
- شكرا لك أيتها الآلهة... لقد ظننته أنكم تخليتم عني.
إزاحتها (نيتا) و هي تقول بغضب:
- والداك هو من تخلى عندنا.
سألتها(نارا):
- ماذا تقصدين؟.
أخذتها بعيدا عن الرجل، الذي يتطلع إليها بغضب، قائلة:
- أعتقد أن والدنا ... قد باعنا لهذا الرجل.
تطلعت إليها، هي تسألها:
- ما معنى هذا الكلام؟.
أجابتها، و هي تتنهد بحسرة:
- معناه أننا أصبحنا جواري لهذا الرجل.
اتسعت عينا( نارا) و هي تقول:
- هذا...
" هذا صحيح"
قاطعها الرجل بهذه العبارة، و هو يتقدم منها، مكملة:
- لكنني أفضل كلمة خدم.
تطلعت إليه (نارا) باستغراب، فهذه أول مرة تراه فيها جيد، كان الرجل طويلاَ جدا، لدرجة أنها لا تكاد أن تصل إلى كتفيه، مفتول العضلات، يرتدي الزي التقليدي للمحاربين العظماء، المكون من تنوره و حذاء يصل إلى منتصف ساقه من الجلد مع معطف يستر به صدره العاري المليئة بالندوب..
قالت (نيتا) بتهكم:
- خدم أم جواري كلها نفس المعنى.
أجابها:
- ربما.... لكنني أفضل الخدم بالنسبة إليك.
و التفت إلى (نارا)، قائلاَ:
- و جارية بالنسبة إليك.
قالها دون أي يبالي في غضب (نيتا) و دهشة (نارا)، في حين أكمل هو كلام و هو يتجه إلى أحد زاويات الخيمة:
- حاولا أن تحصى على بعض الراحة، عندما يحل الليل سوف نرحل من هنا.
قالها و غطى، وجهه بالمعطف كي ينام، تاركاَ (نيتا) تسب و تلعن، و (نارا) تتطلع إليه في حيرة.
*******
أمسكت (حريمي) الكاهن الكبير من ملابسه بقوة، و هي تقول له بحزم:
- هل أنت واثق مما تقوله؟.
أجابها، و هو يحاول أن يتماسك أمامها:
- أظن ذلك يا سيدتي؟.
صرخت في وجهه:
- تظن ذلك؟.. هل تمزح معي؟.
أجابها بخوف:
- الفتاة تشبهها كثيراَ.
سألتها، و هي تشد ملابسه بقوة:
- بما أنها تشبهها، لماذا لم تبقيها معك حتى أصل إلى هذا البلد؟.
أجابها، و يحاول التراجع من وجهها، الذي أصبح قريب من وجهه:
- لقد أمرت الرجال بذلك، لكنها اختفت.
دفعته (حريمي) بقوة، فصرحت به قائلة ، و هو يسقط:
- اختفت... كيف ذلك أيها الفاشل، لماذا لم تبحث عنها في منزلها؟.
أجابها، و هو يراجع مبتعدة عنها قدر الإمكان:
- لقد ذهبت إلى منزلها، و استجوابنا والدها لكنه لم ينطق بكلمة واحد.
سألته، و هي تقترب منه:
- لماذا لم ينطق بكلمة واحدة؟... ما هو؟... محارب.
أجابها، و هو بدأ يرتجف منها:
- نعم... أنه كذلك.
ابتعدت (حريمي) عنه قليلاَ، و صمت و هي تفكر قليلاَ، و احترم هو صمتها، قبل أن تقول له:
- إذا كان محارب عظيماَ، فأنه لن يخبرنا أين هي؟.
أجابه الكاهن بصوت خافت:
- أنه كذلك؟.
تطلعت إليه، قائلاَ:
- لا فائدة أذا منه.... اقتله.
سألته بتردد:
- اقتله.
أجابته صارخةَ:
- هذا أقل جزاء يستحقه مني.
سألتها:
- لكن كيف سنعثر على تلك الفتاة؟.
أجابته و هي تذهب لتسترخي بأريكة مصنوعة من الحرير:
- بما أنك رأيتها ليلة البارحة، فهي لم تبتعد كثيراَ، أمراَ رجالك بالبحث عنها.. و عندها يجدوها أحضروها إلى هنا.
أجابها:
- حاضر سيدتي.
قالها و أسرع يخرج من غرفتها بسرعة، و كأنه يخشى أن تلقيه هو أيضا في جحيمها، و في داخله أشفق على تلك الفتاة التي سوف تقع في قبضة هذه المجنونة.
******
مع بداية شروق الشمس، وصل (اشدي) و (نارا) و (نيتا)، إلى مدينة (سروة)، المدينة المجاورة الشقيقتين، ترجل (اشدي) مع أبله، ثم اتجه يساعدهما على النزول من الإبل الآخر، قائلا:
- سوف أذهب أنا في طريق لتزود بالزاد من أجل إكمال رحلتنا.
أخرج من جيبه ثلاثة قطعة ذهبية، و أعطاها ل(نارا)، متمتماَ:
- هذه القطع ستكفني من أجل شراء ملابس جديدة كلتيكما و أجل تناول الفطور.
اختطفت (نيتا) القطع من يد شقيقتها، و هي تقول له بدهشة:
- هذه قطع ذهبية.
لم يجبها، و هو يربط الأيلين ، و يعطي الفتى الصغير قطعة نحاسية نطير حراسته الإبل، في حين سألته (نيتا):
- هل هذه القطع حقيقة؟.
لم يجبها أيضاَ، فسألته (نارا):
- إلى أين ستذهب؟.
أجابها، و هو يتجه إلى مركز المدينة:
- اهتمي بشؤونك الخاصة.... سوف نلتقي بعد ساعتين في هذا المكان.
راقبته كل من هما، و هو يحتفي وسط أنباء المدينة، فقالت (نيتا) و هي تمسك القطع بيدها:
- أنه وغد.
قالت شقيقتها، و هما تتجهان إلى محل للملابس النسائية:
- أنه يخفي أمراَ ما.
سألتها (نيتا)، هما تدخلان المحل:
- ماذا تعنين؟.
أجابتها:
- هنا أمراَ ما، و...
قاطعه صوت صاحب المحل، و هو يقول:
- يا له من يوم سعيد.... بماذا أخدمكما يا سيداتي؟.
أجابته (نيتا) بحماس:
- نريد أغلى أنواع الملابس.
اتسعت ابتسامته، قائلاَ:
- ما رأيك بالحرير الأصلي.
اتسعت ابتسامتها، في حين تنهد (نارا)، و أدركت أنه علينا أن تتحايل على شقيقتها حتى تخرجها من المحل، من بعيد وقف رجلان، غطت ملابسهما البيضاء جسديهما، يركبان جوادين،قال أحدهما للأخر:
- هل أنت متأكد من أنهما من نبحث عنها؟
أجابه الرجل الآخر:
- لم يصل أحداَ إلى المدينة هذا الصباح سواهما.
عقد الأول حاجبيه، و هو يشاهدهما تخرجان من المحل:
- إذا استعد.
كانت (نيتا) فرحة بملابس التي تريدها، قائلاَ لشقيقتها، و هي تدور حول نفسها، فيسقط أحدى القطع منها:
- انظري كم هذه القطعة جميلة علي؟.
تذمرت( نارا) قائلة، و هي تنحني لتلتقط القطعة، في حيت تواصل شقيقتها الابتعاد عن المحل:
- انتبهي يا (نيتا)، فأنتي تسقطين القط...
قاطع عبارتها صرخة مكتوم، فأسرعت ترفع رأسها، فلم تجد شقيقتها أمامها، لكنها شاهدت الجوادين ، يساعدان في الابتعاد، و على أحد الجوادين وضعت شقيقتها، فصرحت:
- (نيتا).... (نيتا).
لم يبالي أهل مدينة (سروة) بما حصل أمامهم، و كأنهم اعتادوا الأمر مع الغرباء، لذا لم يمد لها أحداَ يد المساعدة، أو حتى يكلف نفسه عناء سؤالها عن ما بها
******
|