كاتب الموضوع :
نور الهدى4
المنتدى :
الارشيف
الفصل الثاني
يومان فقط، و انتهت تلك المؤامرة، التي خططت لها (حريمي)، لكنها لم تكتفي بقتل الزوجة الثالثة و فرعون، بل قتلت الزوجة الأولى (نايل) و بعض أتباع فرعون المخلصين، فعلت كل هذا بمساعدة من (رشاي) ابن رئيس الدولة المجاورة و معاونيه، اجتمع (رشاي) بها في غرفتها، بعد أن انتهى من قتل كل من طلبت منه، قائلاَ و الفرح تنطق في ملامحه:
- أخيراَ هذا كله لنا.
تطلعت إليه باستخفاف، و هي تسأله:
- هل نفذت ما طلبته منك؟.
ابتسم في استمتاع، و هو يأخذ بعض قطع الفاكهة الموجودة على الطاولة، و يأكل بعضها مجيباَ:
- كل شخص... من فرعون حتى أحقر خدميه المخلصين.
أخذت منه الفاكهة و رمتها على الأرض، و هي تصرخ بوجهه:
- و كيف إذا لم تعثر على تلك الصغيرة و تقتلها.
تطلع إلى عينها مباشرة، هو يقول بتهكم:
- مهمة قتل الصغيرة كانت لكِ.
ثم أطرق على رأسها بإصبعه، مكملاَ:
- هل نسيت ذلك؟.... أنت من فشل في ذلك و ليس أنا؟.
قالت بغضب:
- ماذا تعني؟.
اتجه إلى المائدة الصغيرة، و أخذ منها فاكهة أخرى و هو يستطرد:
- أعني أنه علينا الآن أن نبدأ بالجزء الثاني من الخطة.
سألته:
- أي جزء هذا؟.
أشار لها بيده، و هو يجيبها و الفاكهة في فمه:
- أن نتزوج... و أصبح أنا فرعون هذه البلاد.
ما أن انتهى من جملته حتى ضحكت هي بهستيريا، و هي تردد:
- فرعون.... أنت فرعون...
سألها بدأ الغضب يسيري فيه:
- لماذا تضحكين؟.
أجابته و هي تنظر إليه باستخفاف كعادتها:
- يا عزيزي أنت لن تصبح أبداَ فرعون.
سألها و هو يمسك رقبته بتألم:
- ماذا تقصدين بقولك هذا؟.
سقط على أرض هو يسألها قائلاَ:
- احضري لي الماء فأنا اختنق.
أجابته و هي تقترب منه و تجلس على ركبتيها، قائلاَ:
- للأسف يا عزيزي .. لن ينفعك الماء بشيء... فأنت تموت.
ابتسمت له بسخرية، فحاول إخراج الخنجر من جيبه ليطعنه بها، لكنها سبقت و أخذت منه قائلة له:
- أنت ضعيف جدا حتى تقتلني و فكيف تريد أن تصبح فرعون... أنت بالفعل أحمق يا(رشاي)..
كان هو يحاول أن يتنفس و استحال لون وجهه إلى الأزرق، و هي تكمل:
- سأخبرك شيء... أنا لا آكل شيء أعددته بنفسي.
تابعته حتى لفظ آخر أنفاسه ، ثم زفت بارتياح، قبل أن تعلو وجهها الجميل ابتسامة النصر، و تأخذ خنجره، و تخرج من غرفتها، تحدث إلى الرجلين كانا واقفين مع خادماتها قبل أن تذهب إلى غرفة وضع لحراستها اثنان من المحاربين الأشداء و خادماتها معها، قالت لإحداهم:
- أريد مقابلة فرعون.
فتح لها أحدهم الباب، و دخل هي لوحدها، فيما بقيت الخادمات في الخارج، كان في الغرفة الكاهن الكبير، مع صبي في الثالث عشرة من عمره، ما أن شاهدته (حريمي) حتى انحنت على ركبتها و هي تقول له:
- تحياتي سيدي.
أشارة لها برأسه، فقالت له:
- لقد قتل رجالي (رشاي) يا سيدي.
سألها الكاهن:
- (رشاي).
أجابته، و هي توجهه كلامها إلى الصبي:
- نعم .. (رشاي) هو من قتل والدك فرعون، و أمك(نايل)، و زوجة أبيك و حتى أختك الصغيرة، قتل كل من في المعبد الكبير، لذا منذ أن اكتشفت خيانته حتى أمرت رجالي بوضع كمين له ، فقتل بالسم، لقد أخذه رجالي إلى بهو القصر يا سيدي.
سألها الكاهن:
- هل أنتي واثقة من ذلك ؟
إجابته:
- تمام الثقة.
أشارة الكاهن إلى الصبي أن يتحرك للمشاهدة الجثة، لكن (حريمي) استوقفته قائلة:
- هناك أمرا يجب أن يحل هنا.
سألها الكاهن:
- ما هو؟
أجابته: قائلاَ:
- إذا خرجت الآن أمام الشعب و أنت وحيد هكذا، سوف ينطبع إلى الشعب أن فرعون مكسور الجناح، لن تستطيع أن تحمي هذا الشعب، لكن...
سألها الكاهن بعد أن توقفت:
- لكن ماذا؟.
أجابته:
- لكن إذا تزوجتني فهذا سوف يغير من ذلك، سوف يعلمون أن هنا من يساعدك و يساندك في أمورك و أمورهم، لذا سوف يثقون بعد حتى تصبح عنهم القناعة أنك هو فرعون المنتظر.
أشارة الصبي إلى الكاهن، فسألها الكاهن:
- ماذا تقترحين؟.
أجابته، و هي ترفع رأسها:
- أن يتم زواجنا و حالاَ، ... ذلك لمصلحتك و مصلحة فرعون.
تحدث الكاهن مع الصبي قليلاَ، قبل أن يلتفت إليها قائلاَ:
- حسنا.. سوف يتم زواجكما حالاَ.
ابتسمت (حريمي) ففي داخل كانت تود لو تقفز من الفرحة
فرحة أنها أخيراَ انتصرت
و أصبحت سيدة القصر
بل الآمر و الناهي في هذا البلد...
*******
بعد اثنان و عشرون سنة....
اجتمع مجموعة من الفتيات و الفتيان حول مبنى قديم، مشكلين فريق، يتكون مجموعة من ثلاثة فتيان و 4 فتيات يبحث هذا الفريق عن مجموعة من الدمى الصغيرة و عددها ثلاث و عشرون دمية، و كان كل فرد في الفريق يرتدي وشاح يخفي به رأسه و نص بدنه،التقت أحدى الفتيات بفتى آخر في إحدى غرف المبنى المتهدم، قائلة:
- كم عدد الدمى معك.
اخرج من جيبه دمية، و هو يجيبها بأسف:
- هذا كل ما لدي.
تطلعت إليه مندهشة، قبل أن تقول في غضب:
- واحدة فقط... طوال 3 ساعات لم تجمع سوى دمية واحدة؟... ماذا كنت تفعل؟.
أجابها و هو يهز رأسه:
- لقد خبأها هؤلاء صيادون جيداَ... لدرجة أني...
قبل أن يكمل عبارته، أصابته كرة زجاجية على صدره، فتلون وشاحه باللون الأحمر، ما أن رأتها الفتاة حتى صاحت و هي تأخذ الدمية:
- أنت خارج اللعبة...
أسرعت خطاها تحاول الهروب من الغرفة، لكن ما اندفعت خارج من باب الغرفة، حتى تم رميها بكرات الزجاج، فتلون وشحها هي الأخرى، و احد راميها يقول:
- لقد خسرتِ.
أطلت نظرة غضب من عينيها، فيما أخذ رميها حقيبتها القماشية، و هو يقول لها:
- لقد أوقعنا بفريق كلهم.
أشار بيده إلى فريق المنهزم، لكنها لم تنظر إليهم، أحصى هو عدد الدمى، و قال لها مستغرباَ:
- سبعة عشر دمية... رائع (نيتا)، في كل تتفوقين على نفسك.
اقترب منها، مكمل حديثه:
- ما رأيك أن تنظمي معنا... أفضل لك من هؤلاء الحمقى، سوف تكسبين المال معنا أكثر؟.
ارتسمت ابتسامة سخرية في شفتيها، و هي تقول:
- لقد سبق و طلبتِ مني هذا أكثر من ست مرات، في كل مرة الإجابة تكون هي لا؟... هل فهمت؟.
تطلع كل منها في عيني الآخر بتحدِ، قبل أن يقول أحد أفراد فريقها:
- (نيتا) شقيقتك هنا.
ما أن قالها، حتى هرب جميع أعضاء فريقها، فقال أحد أعضاء فريق(نوي):
- يا لشجاعة.
اقتربت شقيقتها منهم، فسألتها (نيتا):
- (نارا) ماذا تفعلين هنا؟.
أجابتها (نارا)، و هي تقرص أدنها، بشدة:
- بل ماذا تفعلين أنت هنا؟... أبي يبحث عنك؟.
سألتها:
- لماذا يبحث عني؟.
أجابتها، و هي بشد من قرصها على أذنها:
- لماذا؟..... اليوم هو يوم الاحتفال، هل نسيت مرة أخرى.
صرخت (نيتا)، و هي تبعد يد أختها عن أذنها:
- يوم الاحتفال،...هيا بسرعة إلى المنزل والدي سوف يقتلنا.
قالتها و انطلقت تجري باتجاه المنزل، و شقيقتها و (نوي) و فريقه، ينظروا إليها بدهشة، قبل أن يقول (نوي) ل(نارا):
- كيف يعقل أن تكون هذه شقيقتك؟.
تطلعت إليه (نارا) محذرة إليه:
- إياك و أن تعبث معي شقيقتي مرة أخرى.
أنهت عباراتها و هي ترمقه بنظرة غاصبة، ثم لحقت بأختها، في حين ارتفع حاجبي(نوي)، قبل أن يتمتم لنفسه:
- أنها حقا عائلة غريبة.
*******
ارتدت كل من الشقيقتين الملابس التقليدية في الاحتفال، كانت (نيتا) ارتدت الحرير الأحمر، في حيت ارتدت (نارا) الحرير الأزرق، قالت (نيتا) لشقيقتها:
- من تظنين سوف نقابل.
أجابتها (نارا)، و هي تمسك يدها:
- من سنقابل غير المحاربين كعادة.
سألتها شقيقتها، مرة أخري:
- لماذا المحاربين دوماَ يحبون مثل هذه الاحتفالات؟.
أجابتها (نارا)، و هما تدخلان إلى ساحة الاحتفال:
- لا تنسي أن هذا الاحتفال، هو تكريم لهؤلاء اللذين بذلوا جهدهم في حماية بلدنا من العدوان، و الأهم أن والدنا واحداَ منهم، لهذا علينا أن نجعل والدي فخور بنا مثلما نحن فخورين.
قالت لها (نيتا) بتوسل:
- أرجوكِ كفى محاضرات.
ثم أمسكتها من ذراعيها قائلة في مرح:
- لنحاول أن نجعل هذا الاحتفال ممتع.
" أهلا (نيتا)"
دون أن تلتفت (نيتا) قالت:
- أيها الوغد.
اقترب منهما (نوي) قائلاِ لها:
- ما رأيك أن تكوني مرافقتي في الحفل.
قالت له:
- أنت أحمق.
ثم سحبت شقيقتها من يدها لتبتعدا عنه، و (نارا) تقول لها ضاحكة:
- من الواضح أنه معجب بك.
أجابتها:
- أنه أحمق....
استمتع الجميع احتفال، إلى أن جاءت الفقرة الأخيرة، هنا وقف حاكم البلاد ليلقي كلمته الختامية للحفل، مخاطباَ الحضور:
- دعوني أيها السادة الكرام أن أجعله هذه الكلمة يلقيها ضيفنا العزيز، ضيفنا هو الكاهن الكبير لدى صديقنا العزيز فرعون.
وقف الكاهن الكبير، وهو يحي الحاكم و يقول للحضور:
- أخبركم أيها الحضور الكريم، أن فرعون و حرمه ، سوف يصلون غدا صباحاَ إلى بلادكم الكريمة ليبقوا فيها لمدة شهر في ضيافتكم.
تعالت هتاف الجماهير تحية لفرعون، و طلب منهم الحاكم شرب نخب فرعون، كان الجميع فرح بخبر قدوم الفرعون إلى بلدهم، إلا شخص واحد، أخذ يعقد حاجبيه مفكرا، هنا أعلن الحاكم بدأ الفقرة الأخيرة، و التي تسمى النصف الآخر...كانت الفقرة عبارة عن وضع أسماء البنات في وعاء و أسماء الأولاد في وعاء الأخر، و يسحب اسم من هذا الوعاء وذلك الوعاء، ليكون الاثنان رفقاء في الرقصة الأخيرة، بدأ سحب الأسماء، هنا قالت (نيتا) لأختها:
- أنها فقرتي المفضلة،.... أتمنى أن يكون رفقي وسيم و قوي...
ضحكت عليها أختها، و نادى المنادي باسم (نيتا)، وقفت (نيتا)، و هي تقول:
- أنه يوم سعدي.
ثم نادي باسم رفيقها قائلا:
- سوف يكون رفيق (نيتا)..... (نوي)
لم يكن المنادي ينطق اسم، حتى وقف (نوي) فرحاَ، في كانت هي تقول لشقيقتها:
- لا بد أنهم يمزحون معي.
ضحكت شقيقتها، و هي تدفعها، ثم نادى المنادى باسم(نارا)، قال:
- رفيق (نارا) سوف يكون.... (أشدي).
وقف (نارا) إلى رفقها،هنا تطلع إليها الكاهن بشك، في حين قال أحد الحضور:
- أنه ليس هنا... لقد ذهب.
قالت (نارا) لشقيقتها:
- أنه ليس يوم سعدي.
قال لها شقيقتها، هي ترى (نوي) يتجه إليها:
- هل تبادليني؟.
*******
وقف (أشدي)، أمام المحارب المعلم، هو يقول له:
- ماذا تريد مني يا سيدي؟.
أجابه المحارب:
- أريد منك خدمة ترد بها جميع ديون والدك كامل لي.
عقد (أشدي) حاجبيه، و هو يكرر سؤاله:
- ماذا تريد مني؟.
*******
أمسك المحارب العظيم بكتف ابنته (نارا) قائلاِ لها:
- أنت سيئة الحظ اليوم.
زفرت ابنته، و هي تأخذ العصير من يده و تشرب منه قليلا، قائلة:
- يبدو هذا يا والدي، لكن انظر إلى (نيتا)، أنها تبدو سعيدة بالرغم من كرهها إلى (نوي).
ابتسم والده وهو يراقب ابنته (نيتا)، التي ترقص مع (نوي) بسعادة، و هويردد:
- أنها كذلك.
أنهت (نارا) العصير، و ظلت هي و والدها يراقبنا (نيتا) قبل أن تشعر(نارا) بدوار فقالت لوالدها، و هي تمسك رأسها:
- أشعر بالمرض.
أجابها والدها:
- هذا جيد.
قالت و الرؤية أصبحت ضبابية لها:
- أبي ماذا تعني؟
أجابها،وهو يمسكها بعد فقدت وعيها:
- سامحيني يا عزيزتي فهذا لأجلك.
بالنسبة إلى (نارا) لحظات و استفاقت لتجد نفسها راقدة داخل خيمة، و الشمس قد اعتمد في السماء، تطلعت بدهشة لكل هذا، و حاولت أن تتذكر متى انتقل أشرتها، قبل أن تتذكر ماذا فعل بها والدها، فسألت نفسها و هي تتجه خارج الخيمة:
- لماذا فعلت هذا يا أبي؟.
لم تكن تخرج من الخيمة، حتى وفقت فاتحة فمها ببلاهة، و هي تشاهد أين هي؟
لقد كانت الخيمة في منتصف الصحراء
و لا أحد هنا سواها....
*****
|