كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
بادره نايل بنبرة جافة:" سنتناول العشاء يا آل. أحتاج إلى طاولة منعزلة".
أضأت ابتسامة محيا آل:" أتريد قضاء أمسية رومنسية مع الآنسة كوبر النكدة؟".
-سأتفاجأ إن كانت شهرتها كوبر, أو إم كانت قد قالت كلمة صحيحة واحدة. أرني سجل الجوازات.
قال آل و الابتسامة لا تفارق ثغره:" عجبا, لقد أثرت فيك فعلا".
-إنها تجيد التلاعب بمن حولها. لقد تزوج أبي مرات عدة و عرفت خالات كثيرات. أنا أفهم جيدا هذا النوع من النساء. أحتاج إلى بطاقتها من فضلك.
لم يصدق آل أذنيه:" أترغب في تناول العشاء لأنها تشبه زوجات أبيك؟".
هز نايل كتفيه قبل أن يميل فوق المكتب ليخطف البطاقة من ملف آل ثم تفحصها وقد تجهم وجهه.
علق نايل شارد الذهن:" كنت محقا".
-هل تستلطفها؟
-جيمينا دار.
راح نايل يردد الاسم نفسه ليحفره في ذاكرته:" جيمينا جاين دار, سأجد ما تخفينه".
هز آل رأسه وقد تملكته الحيرة:" لم تتكبد هذه المشقة كلها؟".
أجابه نايل بتردد:" لا أحب أن يتلاعب بي أحد".
رفع آل ذراعيه مستسلما وقد تخلى عن أي محاولة لفهم صديقه القديم.
-هذه حياتك الخاصة. سأحجز لك طاولة في الحديقة, وسأخبر إيللي.
لم تتكبد جيمينا عناء ترتيب أمتعتها. انهارت على سرير واسع يكفي لعائلة من ستة أفراد و غرقت في سبات عميق. كان الليل قد أرخى سدوله عندما استيقظت. شعرت لبرهة بالحيرة لأن النافذة لم تكن في مكانها المعتاد, ولم تستطع إيجاد مفاتيح الكهرباء, ناهيك عن الرائحة الغريبة التي فاحت في المكان... وأخيرا استيقظت و عادت إلى أرض الواقع فتذكرت المشكلة التي يتعين عليها حلها.
لقد هربت من باسيل و تخلصت من نيره لتقع بين ذراعي نايل المقامر. جافى النعاس أخيرا مقلتيها فراحت تتلمس الطاولة قرب السرير بحثا عن مصباح و ساعة.
كانت الساعة قد قاربت السابعة مساء. لا بد من أن تتأخر قليلا عن الموعد, فهذا حقها كامرِأة.
و تحركت على السرير لتتناول حقيبة الزينة خاصتها, إلا أنها لم تشأ أن تتزين لموعدها مع نايل. كانت ترغب بالأحرى في اخفاء معالم الأنوثة لديها لأنها لا تريد أن تحظى بمعاملة خاصة هذا المساء. لن يفتح لها نايل الأبواب و لن يمسك لها الكرسي و الأهم من هذا كله, لن يغازلها. أرادته أن يتذكرها كمسافرة قبيحة, لن تترك أثرا في نفسه.
لم تكن جيمينا تحتاج إلى التبرج أو الثياب الفاخرة لتبدو في أجمل حلة. اكتفت بحمام سريع أزال عنها غبار السفر, فتألق شعرها كغيمة حمراء ذهبية. بدا براقا أخاذا حتى بعد أن رفعته كيفما اتفق إلى أعلى رأسها. همهمت جيمينا وهي تغرز دبوسا آخر في رأسها بما أوتيت من قوة حتى اهتز كيانها ألما.
تناست غرور عارضة الأزياء ونظرت إلى نفسها في المرآة, فعلمت أنها لن تكون يوما امرأة قبيحة بسيطة. ستضطر إذا لمعاملته بجفاء لتنجح في صده ! وبما أن هذا المتبطل المقامر لا ينتمي إلى نادي معجبيها و لا ينشد رضاها, فلن تكون الخطة صعبة.
إلا أنها لم تنس بعد تلك الشعلة الفريدة التي جذبتهما إلى بعضهما البعض في المطار كما لو أنهما غرقا في عيني بعضهما البعض في لحظات غريبة آسرة.
أما الآن فقد أصبحت مستعدة لصد أي هجوم. لن ينجح في تحريك مشاعرها الدفينة!
تأخرت نصف ساعة عن الموعد. وكان المقهى مزدحما بالزبائن.
أخذت جيمينا تجيل النظر في ما حولها, ترمي النسوة بنظرة خبيرة متفرسة, فلم يقع نظرها على واحدة ترتدي آخر صيحات الموضة وإن كن أنيقات بالفعل, حتى أن بعضهن تزين بمجوهرات مذهلة فعلا.
لا بد أن النزلاء ميسورو الحال. أتحرق شوقا لأعرف كيف يتأقلم هذا المتبطل المقامر نايل مع هذه الطبقة من الناس.
تفحصت جيمينا المقهى بحثا عن نايل و جف حلقها. كان لرؤيته متأنقا على هذا النحو وقع أقوى وأبلغ من المغازلة.
لم تكن قد خبرت يوما هذا الشعور الغريب الذي اعتراها فجأة. كان شعورا جديدا, فهل يسعها تحمله؟
شلت الحركة لبرهة في جسمها, ولم تعد تعرف ما العمل.
رفعت جيمينا يديها إلى صدغيها. كانت على وشك أن تستدير على عقبيها وأن تفر بعيدا. ولعل الصراع الذي ضاق به صدرها انعكس على وجهها, إذ تسمر نايل في مكانه يراقبها وقد تقوس حاجباه في تعجب أخرس.
هذا سخيف بالفعل, إذ يسعها التحكم بالموقف. تماسكت جيمينا, وقالت لنفسها:" لن أخشى رجلا في حياتي. أي رجل كان".
تقدمت من دون أن تسمح لنفسها بالتفكير ثم بادرته قائلة:" مرحبا, هذا المكان مزدحم بالفعل, أليس كذلك؟".
تغضنت عينا نايل بابتسامة مرحة ثم أشار بيده بحركة لا مبالية قبل أن يسأل:" لم تعرفيني على الفور".
-ليس للوهلة الأولى. تعكس هذه المصابيح ضوء غريبا فعلا.!!http://www.liilas.com
|