لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-04-09, 09:55 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

1-مقدمة

اتكأ الرجل الرشيق الممشوق القامة على الدرابزين وراح يتأمل زرقة البحر. كان البيت الريفي البسيط يتوارى خلف حدائق الفندق بمنأى عن دوامة الحياة وصخبها. تنهد الرجل تنهيدة تنم عن استمتاع ورضى.
كان الليل يلفه بوشاح دافئ تخترقه بين الحين والآخر نسمة تداعب بشرته, عذبة ناعمة كنفس المرأة.
تناهت إلى مسمعه أصوات علت فوق هدير الموج الخافت, لكنه كان وحيدا تماما, كحاله دوما.
لقد اختار الوحدة بمحض إرادته والتزم بها سنوات طويلة حتى ألفها, فالمرء منا يختار طريقه ويسير فيها طيلة حياته. إلا أنه أحيانا, وفي ليلة مثالية كهذه, يجد نفسه يتساءل:" ماذا لو كان الوضع مختلفا؟ ما كان شعوره لو أنها الآن بجانبه؟".
"هي التي لم تكن وهما ولا سرابا", قال نايل بلاكثورن هذه الكلمات بصوت عال, ساخرا من نفسه.
في الجهة المقابلة من الخليج, كان مدخل كازينو كارييب رويال يشع بالأنوار كما في لاس فيغاس.
انتشل نفسه من حلم اليقظة الذي لم يعتد أن يستسلم له وتمدد بتكاسل في الظلام الذي راح يرخي ستاره. كان عاري الصدر يرتدي سروالا قطنيا قصيرا وباليا يكشف عن ساقين مسمرتين عاريتين. مع هبوط الليل, كان الهواء الذي يداعب بشرته لا يزال دافئا. رياح البحر لا تهب قبل ساعة متأخرة من الليل, وحينئذ يتوجب عليه أن يقصد العمل.
ابتسم عندما خطرت هذه الفكرة في باله. سوف يستحم ويحلق ذقنه ويسرح شعره ويرتدي بزته الرسمية المفضلة ثم يتوجه إلى الكازينو حيث يتجول بين السواح والمقامرين المتحفظين والغامضين ليجرب حظه.
يربح أحيانا, فيحسده الجميع. ويخسر أحيانا أخرى, فتدهشهم برودته ولامبالاته. لكنهم في كلا الحالتين, لا يتقربون منه. حتى النساء اللواتي حلمن بأنهن هائمات في حب المقامر الساحر الغامض ما كن ليتأخرن في الابتعاد عنه. وهو نفسه لم يرغب يوما في بقائهن.
راح يذكر نفسه ساخرا بحسنات الوحدة. ما من امرأة تتحمل هذا الجانب من شخصيته لوقت طويل حتى لو أرادها أن تفعل.
بطبيعة الحال, لم يطلب هو ذلك أبدا. وتلاشت ابتسامته في هدأة الليل. راح ينظر إلى المحيط تحت ضوء القمر بعينين تملؤهما الكآبة.
" تقبل الواقع نايل"
لم يكن قلبك يتسع لسوى امرأة واحدة كانت بدورها ملكا لآخر.!!http://www.liilas.com

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333   رد مع اقتباس
قديم 26-04-09, 09:57 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

1-امرأة مات قلبها

خيم الصمت في الغرفة الفسيحة الصاخبة عندما دخلتها جيمينا دار.
لم يدم الصمت غير هنيهة استعاد فيها الجميع أنفاسهم, لكن السكون كان أبلغ من قرع الطبول ويعني:" ها قد وصلت الملكة".
فكرت جيمينا في سرها: هذا ما أنا عليه اليوم, ملكة تتربع عرش هذا العالم الصغير.!!http://www.liilas.com


استطاعت أن تشعر بالعيون تحدق إليها, وأن تستشف توقعات المحيطين بها. وأحست لبرهة أن أنفاسها تكاد تنقطع.
لكنها استدركت: إياك أن تخذلي جمهورك... فنفضت شعرها الأشقر المحمر إلى الوراء ثم زمت عينيها الكهرمانيتين الشهيرتين وابتسمت لهذا الحشد الصامت.
بدأت رحلتها مع الشهرة يوم اختارتها شركة بليندا لمستحضرات التجميل لتمثلها في الحملات الدولية. وها هي صورتها تتصدر اليوم, وللمرة الثانية في العام نفسه, غلاف مجلة أناقة, فضمنت بذلك التربع على عرش الشهرة.
كانت العارضات في هذه الغرفة يحسدنها, حتى أن كثيرات منهن كن يكرهنها ويحقدن عليها.
ألقت التحية على كل من في الغرفة. لكنهم كانوا قد عادوا للانكباب على أعمالهم, يسوون الملابس التي أعدها المصممون للعرض ويتبخترون بالكعوب العالية الرفيعة, ويصبون اهتمامهم كله على ترتيب شعر العارضات وتبرجهن.
وعلى الرغم من حرارة الغرفة المرتفعة, كانت جيمينا تشعر بالبرد بسبب الجليد الذي غزا المنطقة.
" انتبهي لما تتمنين..."
حسن, لقد تمنت ونالت مرادها عندما كانت في السابعة عشر من عمرها وصدقت كلام باسيل بلاين:
-أنت يا عزيزتي فنانة بالفطرة. سأجعل منك نجمة متألقة.
لم يخلف بوعده وأصبحت نجمة متألقة بحق, بل ملكة على منصة العرض. إلا أن باسيل لم يذكر يوما ضريبة الشهرة.
أجالت بصرها لبرهة في أرجاء الغرفة, وتأملت النساء اللواتي عجزن حتى عن رد التحية عليها, فامتلأت عيناها الكهرمانيتان كآبة. هزت جيمينا كتفيها استخفافا وفكرت في سرها:" بالفعل, إنها ضريبة النجاح".
اعتادت منذ حوالي خمس سنوات أو أكثر أن تشق طريقها وسط البلبلة التي تسود كواليس عروض الأزياء العالمية حتى أصبحت خبيرة في مهنتها.
-ها قد وصلت.
كانت عيناه هائجتين أما يداه فأبرد من يديها فهذا أول عرض ضخم في حياته المهنية.
-لقد اتصلت بك مرارا وتكرارا. ألا تجيبين على هاتفك؟
تلافت جيمينا الإجابة عن سؤاله هذا وردت:" أنا لا أخذل أحدا أبدا".
وهذا صحيح, فهذه, إلى حد ما, الميزة الوحيدة التي تفتخر بها اليوم.
-استرخ يا فرانسيس, سأجعلك فخورا الليلة.
كانت صادقة في كلامها فقدمت على المسرح أفضل عرض في حياتها. لاقى العرض استحسانا كبيرا, فجمع المصمم العارضات حوله وذرف دموع الفرح.
أسندت جيمينا رأسها إلى كتفه فانسدل شعرها الأشقر المحمر شلالات على صدر سترته الجلدية.
بدت عفوية, ودودة.. لا بل حنونة. يا لها من صورة مدهشة! هذا ما اجتمع الكل ليلة أمس ليخطط له: المسئولون عن العلاقات العامة, المعلنون, فرانسيس...
عفوية؟ حقا!
ثارت ثائرتها لبرهة عندما أخبروها بالأمر ليلة أمس. كانت قد وصلت للتو من باريس وقد بات السفر يؤثر في أعصابها في الآونة الأخيرة. فنسيت لهنيهة أنها تتقاضى مبالغ طائلة لتبدو عفوية!
-أنتم تسعون إلى نشر شائعة تطالني وفرانسيس.
وجهت إليهم اتهاما مباشرا يفتقر إلى اللباقة. فانكب بعض الموجودين على قراءة ملاحظاتهم فيما راح البعض الآخر يجيل نظره في أرجاء قاعة المؤتمرات. إنما لم تلتق عيناها بنظرة واحدة يتيمة من الحضور.
وأخيرا, خاطب مدير التسويق في شركة بليندا جيمينا بسأم:" أنجزي المهمة وحسب, فأنت وجه شركة بليندا. كما أننا نحتاج إلى المقال, والسيدة أتت إلى البلد لتحضر العرض".
كان الجميع, من دون استثناء, يهاب السيدة. لذا, اتكأت جيمينا على فرانسيس وابتسامة عريضة تنير محياها وكأنه جار لها لا مصمم أزياء متفان في عمله. فسارع المصورون فرحين إلى التقاط الصور في حين انهمك المحررون في كتابة بعض الملاحظات, حتى أن هذه التمثيلية لم تخل من تنهيدة رومانسية أو اثنتين.
فكرت جيمينا في سرها ومن دون حماس:" أستطيع أن أقرأ عناوين الصحف: هل وقعت جيمينا أخيرا في الحب؟".
سعت جاهدة لأن تحافظ على ابتسامتها مما أشعرها بألم في أذنيها. وما إن تواريا خلف الستارة أبعد فرانسيس يده عنها بسرعة, حتى أنه بدا منزعجا وكأنه محظور عليه لمس الملكة.
-شكرا حبي.
كان كلاهما يعلم أنها بعيدة المنال بالنسبة للجميع, باستثناء شخص واحد...
لم ينتبه فرانسيس لما يدور في خلدها وبادرها:" كنت محقة, لقد جعلتني فخورا بحق".
-هذا من دواعي سروري.
غير أن ابتسامتها بقيت باردة, ولم تنعكس في عينيها.
-أظن أنك...؟
كانت تخلع أحد تصاميمه بحركات دقيقة متمرسة فسألت:" أنك ماذا؟".
همهم متابعا:" ترغبين في تناول الطعام لاحقا؟".
واحمرت أذناه, فتنهدت جيمينا في سرها وراحت تردد لنفسها:" كوني لطيفة, كوني لطيفة, فليس الذنب ذنبه إن بخل عليه القدر بمكانة اجتماعية رفيعة".
-آسفة فرانسيس, فهذا غير ممكن حاليا لأن السيدة في البلدة, وقد تستدعيني في أي لحظة.
قرأت ارتياحا سارع إلى إخفائه قبل أن يستدرك:" فلنترك هذا إذا لفرصة أخرى".
كانت ردة فعله عفوية إلى حد أن جيمينا كادت تنفجر ضحكا لولا أنها تنبهت إلى مساعدته التي وقفت في الجوار. فقد كانت شبه متأكدة من أن المساعدة هذه على اتصال بإحدى الصحف الشعبية.
-عظيم, أتتصل بي؟
ثم بادرت المساعدة بابتسامة تجمع بين العذوبة والخبث في آن وكأنها تسألها:" هل سجلت ذلك؟".
قال فرانسيس بعجلة:" كنت فعلا رائعة, شكرا لك".
تردد لبرهة قبل أن يستأنف حديثه:" أنت تتقدمين في عملك يوما بعد يوم, أليس كذلك؟".
علت محياها إمارات الدهشة. فضحك فرانسيس ضحكة لا تنم سوى عن صراحة وإحساس بالارتياح.
-لطالما كنت رائعة. لكن ثمة ما تغير فيك في الأشهر الأخيرة, وكأنك اكتسبت لمسة من الخطورة.
توقفت عن متابعة ارتداء ثيابها عندما سمعت كلماته هذا, وقد أخذت منها الدهشة كل مأخذ:" أخطرة قلت؟".
قد لا يكون فرانسيس متملقا أو ملما بالكياسة الاجتماعية لكنه محترف. أردف يطمئنها:
-إنه لأمر جذاب فعلا, يضفي عليك جاذبية ساحرة.
وفجأة, بدت جيمينا مسحورة. فبادرته بأول ابتسامة صادقة وحقيقية في هذا اليوم.
-هذا لطف منك يا فرانسيس, شكرا لك.
-أنت أفضل مما تعتقدين.
وما كان منه إلا أن ربت على كتفها بارتباك.
-علي الآن أن أختلط بالمدعوين, أين ستقدمين عرضك القادم؟
كان هذا أسبوع الموضة في لندن, عارضات الأزياء يتنقلن بسرعة من عرض إلى آخر.
تنهدت جيمينا قبل أن تجيب:" لدي اجتماع مع فريق العلاقات العامة, إلا إذا استدعتني السيدة أولا".
-يا لحياة عارضات الأزياء المشهورات!
أجابته:" قل شبه المشهورات, لقد ولت أيام الشهرة".
-تستطيعين إحياءها من جديد.
-يا له من حلم!
وسارعت إلى ارتداء سترة حريرية. لا شك أن البرد قارص في لندن في شهر شباط, إنما لا يهم. فقد تصادف بعض المصورين في الخارج ولا يجوز أن تتدثر ملكة العارضات بثياب شتوية سميكة وتضع قفازين صوفيين حتى وإن رغبت في ذلك.
-ومن ثم؟ هل ستعودين إلى باريس؟
أومأت برأسها متابعة:" عندي جلسة تصوير في نيويورك, سأستقل الطائرة غدا صباحا".
ثم أردفت في سرها:" مبدئيا, على الأقل".
كانت السيدة بليندا قادرة على فسخ العقد معها بعد إعطائها الإنذار بأربع وعشرين ساعة إن كانت عازمة على شن الحرب. أحست بالقشعريرة تسري في جسمها. إذا ما فسخت عقدها المهم مع شركة بليندا فحياتها المهنية آيلة إلى الزوال لا محال, وهي تعرف ذلك حق المعرفة. فماذا ستفعل عندئذ؟
لا جدوى من التفكير الآن, فستعالج هذه المشكلة حين تطرأ.
لذا ركزت انتباهها على أهم موضوع تستطيع أن تعالجه الآن. وضعت قرطين مستديرين ثم رتبت شعرها المجعد المحمر. لم يطل وقوفها أمام المرآة أكثر من دقيقة, ألقت فيها على نفسها نظرة سريعة خبيرة.
ثم راحت تحادث صورتها:" لا بأس, لا بل ممتاز. يحتمل أن أتعرض لأزمة رئوية, إنما لا بأس".
ضحك المصمم.
-أنا جاد يا جيمينا, أنت نجمة بكل ما في الكلمة من معنى.
سحبت حقيبة الظهر حبذا لو يعرفون!
جلست في المقعد الأسود ومدت ساقيها الطويلتين قبل أن تتناول هاتفها النقال من حقيبتها. عضت على شفتها ثم استجمعت قواها وشغلته.

خاصتها من وسط كومة الأحذية والحقائب على الأرض. وأجابته بوقاحة:" حسن, لا تحسدني, فلن يدوم هذا طويلا".
-ماذا قلت؟
حملق فيها مندهشا.
ندمت جيمينا على انفعالها وصراحتها العفوية, فبادرته بابتسامة عريضة جذابة ثم أردفت:" انسي الأمر, علي أن انطلق, فسيارة الليموزين تنتظرني".
بعثت له قبلة في الهواء فرد عليها بالمثل قبل أن يهتف لها:" لقد حققت نجاحا باهرا...".
وانغلق الباب خلفها.
كان الشارع مزدحما, إلا أن جيمينا نجحت في العثور على سيارتها فهي تعرفها وتعرف سائقها. لطالما أصرت على الحصول على السيارة ذاتها كلما قصدت لندن, وهذا أحد الأسباب التي جعلتها تشتهر بأنها متطلبة.
في غيابها, كانوا ينادونها بالوحش أو الملكة المخيفة أو سيدة المطالب السخيفة بامتياز. كانوا يعتبرون أن لا معنى لطلباتها الخاصة وأنها تحب رؤية المحيطين بها يتهافتون لخدمتها.
استعرضت الرسائل الصوتية بسرعة. السيدة بليندا تستدعيها إلى دور تشيستر عند الثالثة.
كانت وكالة العلاقات العامة قد دعتها لتناول الغداء في السافوا حيث وجدت امرأتين تكادان لا تقلا عنها أناقة تنتظرانها على أريكتين فخمتين, تفصل ما بينهما طاولة خشبية ملمعة يعلوها صحن من المقبلات. غاصت في مقعد وثير برشاقة عارضة الأزياء.
فتبادلت المرأتان نظرة مستسلمة وكأنهما تقولان:" يا لها من حياة صعبة".
ارتعشت جيمينا. لقد عملت مع هاتين المرأتين لأكثر من سنة, حتى أن شقيقتها إيزي ستقترن بشقيق آبي, الأصغر سنا في الفريق, وهما لا تزالان تعاملانها كملكة أحيانا وكطفلة جامحة في الخامسة من عمرها أحيانا أخرى. كانتا تلبيان نزواتها كلها لأنها جيمينا دار, الوجه الذي يمثل شركات بليندا, فضلا عن أن مجلات العالم كلها تسعى جاهدة لتعمل معها.
تبادلتا النظرات ثانية. فهمت جيمينا أن هجوما ما يتحضر فاستجمعت قواها.
سألتها آبي مؤكدة شكوكها:" أترغبين في مراجعة رسائلك قبل أن نبدأ؟".
أحست جيمينا بالتوتر يتآكلها:" كلا, شكرا".
-هل تسمحين إذا بإطفاء هاتفك الخلوي, لا نريد أن يقاطع شيء حديثنا.
أجابتها جيمينا بفظاظة:" إنه مطفأ".
تبادلتا نظرة أخرى من تلك النظرات. إنهما ولا شك تحضران لهجوم ما, فما كان من آبي إلا أن سلمتها ملفا من دون أن تنبس ببنت شفة.
سألتها مولي دي بيرتي بنبرة جافة غبر ودودة:" أترغبين أولا في سماع الأخبار السيئة أم الحسنة؟".
وضعت جيمينا الملف على الطاولة وارتشفت قليلا من المياه الغازية في كأس من الكريستال.
-الجيد منها, فأنا متفائلة بطبيعتي.
وضعت مولي يدها على الملف:" كنت في الشهر الماضي شغل الصحافة العالمية الشاغل وتضاعفت المقالات التي تناولتك مجددا".
-عظيم.
وتابعت مولي بنبرتها القاسية:" أما الخبر السيء فيتعلق بفحوى هذه المقالات".
رفعت جيمينا حاجبيها تعجبا.
-لقد خف عطاؤك وكثرت مطالبك, فأمسيت بقرة متعجرفة يكرهها الجميع.
لم يرف لجيمينا جفن:" فهمت".
حاولت الليدي أبيجيل اللجوء إلى مقاربة ألطف من تلك التي اعتمدتها زميلتها, لأنها مضطرة لأن تمشي في أحد أيام الخريف على جانب جيمينا خلف إيزي دار, وإن لم تكن تتلهف إلى ذلك.
-من السهل جدا أن تسوء سمعة من يعمل في عالم الأزياء, وعليك أن تكوني أشد حذرا في المستقبل.
من جهتها, لم تنطق مولي بكلمة, أقله بصوت عال.
رمتها جيمينا بنظرة ساخرة, وقالت:" هيا يا مولي, أفصحي عما يدور في خلدك. أستطيع تقبل الأمر".
-آبي متساهلة جدا. تشتهرين بأنك طفلة مدللة, لأنك تتصرفين كواحدة بالفعل.
همهمت آبي لكن أحدا لم يعرها أهمية.
-لقد تخطت طلباتك الحدود. والكل يعتبر أنك ضللت الطريق. لا بد لك من الحصول على سيارة ليموزين سبق أن استقليتها, يقودها سائق يوافق مزاجك. تطلبين طائرات خاصة عوضا عن الرحلات المنظمة ثم ترفضين النزول في أفخم فنادق نيويورك لأنك تفضلين الوحدة, بمعنى آخر, شقة خاصة باهظة التكاليف. دعيني أخبرك شيئا عزيزتي جيمينا, أنت لست غريتا غاربو, فارجعي إلى رشدك.
تملك جيمينا الذهول. وتبادلت آبي و مولي نظرة ارتياح لأنهما, على الأقل, أفرغتا ما في جعبتهما هذه المرة.
صرخت جيمينا حانقة:" سائقون يوافقون مزاجي؟".
وضعت آبي رأسها بين يديها. وزمت مولي عينيها حتى باتا أشبه بشقين ضيقين.
-حسنا, لا تأبهي بنصيحتنا, وسترين إلى ما سيؤول بك المطاف.
بادرتها جيمينا بفتور:" أنا أدفع لشركتكم مبالغ طائلة لتدير علاقاتي العامة ولم أعينكما لتمليا علي أفعالي وترشدانني".
صاحت بها مولي غاضبة:" حسنا, سأبوح لك بالحقيقة بما أن أحدا لن يجرؤ على ذلك. إن مديرة أعمالك ترتعب لفكرة أن تتخلي عنها كما فعلت مع سابقها. أما شقيقتك فتعاملك بحذر وعناية شديدتين والله وحده يعلم السبب".
غشا الاضطراب عيني جيمينا الشهيرتين فيما تابعت مولي بنبرة لاذعة:
-عندما أخذت شركة بليندا تبحث عن الوجه الذي سيمثلها, أعلمت الجميع أنها تنشد فتاة من عامة الشعب. لم تعد ترغب في التعاقد مع المشاهير. كانت تبحث عن فتاة تعيش في كنف عائلة ويحيط بها الأصدقاء وتعيش حياتها بشكل طبيعي. لقد وضعت بعض القصاصات في الملف.
-شكرا لك.
كانت عينا جيمينا تشعان في هذه اللحظة وكأن الحنان والرقة هجراهما تماما.
-من المهم أن أذكرك بأنك عندما حصلت على العمل كنت تتمتعين بكل المواصفات المطلوبة. أما اليوم فقد اختلف الأمر وأراهن بأن القيمين على شركة بليندا بدأوا يلاحظون هذا التغيير.
أكانت تعلم أن السيدة تنتظر الآن في دور تشيستر, كأرملة سوداء تترقب أن تسحق عظامها؟
تصلبت ملامح جيمينا لكنها لم تتفوه بكلمة.
صاحت بها مولي بشيء من الاشمئزاز:" افعلي ما يحلو لك".
والتقت عيناها بعيني آبي. كانت الرسالة جلية حتى لجيمينا:" أستسلم!".
وانتصبت واقفة على قدميها قبل أن تضيف:" يستحسن بك يا آبي أن تنهي حديثك هنا. تنتظرني واجبات حقيقية في المكتب".
بقيت آبي بمفردها, فبادرتها بنبرة تحمل في طياتها معاني الاعتذار:" لا تستطيع مولي تمالك أعصابها عندما يتعلق الأمر بعملها".
بلعت جيمينا بريقها:" هل يقتصر الأمر على ذلك؟".
ظنت آبي لوهلة أن القناع الجميل سيسقط. بدا لبرهة أن جيمينا ستنزل من عليائها. لم تكن آبي تأبه سواء ضحكت جيمينا أم بكت, شتمت مولي أم أخذت ترمي الأغراض من حولها. . . شرط أن تتخلى عن المظهر الجامد أو الضجر أو حتى غير المبالي.
لكنها لم تفعل, بل رسمت على ثغرها ابتسامتها الشهيرة قبل أن تقول بفتور:" أخبريني عن أسرتي. علمت, في المرة الأخيرة التي تحدثت فيها مع إيزي, أنه يتعذر عليهما تحديد موعد نهائي للزفاف قبل أن ينظم دومينيك جدول عمله".
استسلمت آبي بدورها.
عند الغداء, كانت لهجة جيمينا لاذعة وذكية ودفاعية. كانت لطيفة مع النادل, غير آبهة بالنظرات الخفية التي يرميها بها رواد المطعم.
وسرعان ما تملكها التوتر عندما وقف أحدهم وتوجه نحوها, توتر لم يخفى على آبي.
تبين أنه محام لطيف يحمل في حقيبته نسخة من مجلة أناقة ترافقه ابنة أخ ترغب في امتهان عرض الأزياء. استقبلته جيمينا بابتسامتها العريضة التي جعلت منها يوما عارضة مشهورة, ثم لبت طلبه ووقعت على غلاف المجلة. قدم لها الرجل بطاقته قبل أن يعود إلى طاولته مسرورا.
سألتها آبي بلهجة لاذعة:" شخص لا يعتبرك طفلة مدللة؟".
أتى جواب جيمينا فاترا:" نعم".
لاحظت آبي أن أصابعها ترتجف. وفجأة شعرت بالقلق عليها:" هل أنت بخير؟".!!http://www.liilas.com


-طبعا.
لكن عينيها الذهبيتين بدتا فارغتين وكأن الخوف عرف طريقه إليهما.
انحنت آبي إلى الأمام:" هل أنت متأكدة ؟ لقد امتقع لونك عندما دنا هذا الرجل منك".
هزت كتفيها الرائعتين بلا مبالاة قبل أن تجيبها:" خلته شخصا أعرفه".
-أوليس كذلك؟
تلاشت تلك النظرة الباردة من عيني جيمينا وبدت لبرهة كئيبة حزينة, تكاد تشبه تلك الفتاة الودودة التي استخدمتها شركة بليندا لتمثلها في حملتها.
-كلا لم يسبق أن رأيته.
-حمدا لله.
وأضافت بصوت يكاد يقارب الهمس:" ما بالك يا جيمينا؟ هل ترهقين نفسك بالعمل مجددا؟".
كانت تعلم أن جيمينا عملت جاهدة منذ ستة أشهر. في الواقع, لو لم تضطر لأن تتوارى عن الأنظار لبضعة أسابيع, وحلت إيزي مكانها لما تعرفت هذا الأخيرة على دوم أبدا.
أشاحت جيمينا بنظرها وقد بدا وجهها خاليا من أي تعبير.
أردفت آبي بشيء من القلق:" حبذا لو كانت إيزي بجانبك".
كانت إيزي في النروج مع دوم ولن تعود قبل أسبوعين. استطاعت أخيرا أن تثير رد فعل لدى جيمينا.
-لا أحتاج إلى أختي الكبرى لتعتني بي. أستطيع الاهتمام بنفسي, فكما سبق أن أشارت مولي, يكفي أن أرفع سماعة الهاتف حتى يهرع أحدهم لمساعدتي. هذا عظيم بالفعل.
استوت آبي في مقعدها تحاول إخفاء اعتراضها على ملاحظة جيمينا. غيرت الحديث بعيدا عن العمل وهمومه وانتقلت إلى شؤون عائلية. لحسن الحظ تجمع بينهما عائلة تستطيعان التحدث عن شؤونها وشجونها.
استعادت آبي هدوءها ثم قالت:" بالمناسبة, أحمل معي صور عيد الميلاد, سأريك إياها".
أخرجت من حقيبتها مجموعة من الصور واستعرضتها بسرعة قبل أن تسحب بعضها ثم مررت البقية لجيمينا فيما خلفت ذكرى تلك السهرة ابتسامة على شفتيها.
-أستطيع أن أنسخ لك الصور التي تختارينها.
لم تكن جيمينا في أي من تلك الصور التي تنضح بهجة وأملا. كانت قد نجحت في تدبر أمرها لتحتفل بعيد الميلاد مع العائلة لكنها سافرت صبيحة العيد إلى جزر السيشيل لتشارك في جلسة تصوير مهمة. راجعت جيمينا الصور بسرعة كمن أمضى حياته المهنية يقلب في قصاصات الصور
-لا أرى غير أزواج متطابقة.
-عفوا؟
انتقت جيمينا أربع صور وعرضتها على آبي.
كانت إحدى الصور تمثل آبي نفسها وهي ترقص وزوجها الممشوق القامة والأنيق, وأخرى تظهر فيها إيزي ودوم تحت شجرة الميلاد فيما اتكأت ابنة عم جيمينا , بيبر, في الثالثة على كتف ستيفن.
علقت جيمينا:" والداي نفسيهما يمسكان بيدي بعضهما البعض".
أقرت آبي": فهمت".
-كنت لأخل بتوازن الحفلة لو قصدتها.
-بربك, لكنت تألقت كنجمة.
فأجابتها جيمينا بنبرة غريبة:" الأمر سيان, نادرا ما ترين النجوم أزواجا".
نظرت آبي إليها مذعورة كمن تنبهت فجأة لحقيقة فظيعة:" ألم تجدي الرجل المناسب بعد؟".
لم يدم الصمت بينهما غير هنيهة قاطعته جيمينا بالقول:" لم أجد من يستحق أن أقدمه لوالدتي. نحن يا آبي امرأتان. يعلم كلانا أنني جميلة ومتكلفة وعلاقاتي عصرية إلى حد يعجز معه والداي الرومانسيان عن تقبلها".
-أتقولين لي أنك تفضلين الرجال المستبدين؟
أجابتها بنبرة متشككة:" ليس هذا ما قصدته".
-ما هو قصدك إذا؟
ترددت جيمينا قبل أن تجيبها.
-انظري إلى الموضوع من هذه الناحية. أنا لا أبحث عن رجل يتبعني حول العالم.
-فهمت. ليس من السهل المضي في علاقة سليمة إن كان عملك يقتضي السفر المستمر.
كان زوجها رجل أعمال, صاحب مشاريع تجارية في المحيطات الأربعة, إلا أنه لم يكن يسافر بقدر عارضة أزياء عالمية مشهورة. رمقت جيمينا بنظرة فضولية:" أتشعرين بالوحدة؟".
أجابت جيمينا متذمرة:" من لديه الوقت ليشعر بالوحدة؟".
كانت الكلمات تتسارع وتتهافت على شفتيها كأنها تتفجر من عمق أعماقها.
-لقد تنقلت حتى هذا الوقت من السنة بين مدريد و ميلانو و برشلونة وباريس و لندن. سأقصد الآن نيويورك ثم ميلانو لأعود بعدئذ إلى نيويورك.
لم يرق الأمر لآبي, فعلقت:" هذا لا يمنع أن تشعري بالوحدة. هل فكرت يوما بتغيير مجرى حياتك؟".
غير أن جيمينا عادت لتقلب سريعا الصور:" عفوا؟ ما هذه؟ هل كنت مسافرة؟".
التفتت آبي إلى جيمينا ومدت يدها لتتناول الصورة وهي بخلاف الصور الأخرى, بطاقة بريدية تمثل مشهدا طبيعيا لشجر نخيل, تتكسر خلفها أمواج جامحة. أدارت البطاقة وراحت تقرأ الرسالة المدونة عليها وابتسامة تعلو شفتيها:" إنها مجرد بطاقة بريدية أرسلها إلي صديق".
أعادتها إلى جيمينا.
-إنه يقيم في انكلترا لكنه يرسل إلي بين الحين و الآخر بطاقة تذكرني بكل المتعة التي تفوتني.
علت ابتسامة حارة محياها, فيما راحت تستعيد ذكريات بعيدة.
-تبدو أشجار النخيل هذه رائعة في أيام لندن الممطرة, أليس كذلك؟
راحت جيمينا تتأمل الأمواج المزبدة وتهز برأسها ثم قالت بنبرة جافة:" عاتية بعض الشيء بالنسبة لي".
وأدارت البطاقة لتلقي نظرة على اسم المكان:" جزيرة بنتكوست؟ أين تقع يا ترى؟ في بحر الجنوب؟".
أومأت آبي برأسها:" من يدري؟ ربما. فهو في ترحال دائم".
علقت جيمينا ممازحة:" هو؟".
اقتصر التوقيع على حرف "ن" رسم بحبر أسود وبخط ينم عن كبرياء وتعجرف.
-أيجدر بإيميليانو أن يقلق؟
ابتسمت آبي فجأة:" أبدا, فهو يعرفني منذ كنت أضع مقوما لأسناني. ما من رجل آخر في العالم يعرفني حق المعرفة ويقرأ أسراري الدفينة سواه".
قطبت جيمينا وجهها:" يبدو مملا".
قهقهت آبي عاليا:" إنه مقامر محترف يتقن لعبته. يسعك وصفه بما تريدين إلا بالملل".
-أنت لا تفكرين إذا بالسفر إلى جزيرة بنتكوست لتمضي نهاية أسبوع مثيرة مع حبيبك القديم؟
-مستحيل, حتى أني لم أسمع بها من قبل.
-أنا أيضا. تبدو نائية جدا.
ردت آبي بنبرة جافة:" ليس إلى هذه الدرجة. لابد أن فيها ملهى ما".
أعادت الصور إلى حقيبتها وأشارت للنادل أن يأتيها بالفاتورة.
-إلى أين ستذهبين الآن؟ أتودين أن أقلك؟
-سأقصد الدور تشيستر.
أجابتها آبي وبريق عجيب يتلألأ في عينيها:" حسنا".
أما جيمينا فقد قطبت وجهها فجأة:" ليس إلى هذا الحد. ينتظرني استجواب قاس من السيدة".
تغيرت تعابير آبي على الفور وسرت رعشة في جسدها.
-هذه السيدة تخيفني بالفعل. أنا سعيدة لأننا نعمل لحسابك وليس لحساب شركة بليندا.
-إنها لا تخيفني.
وهزت جيمينا كتفها استخفافا.
-أنت شجاعة بحق يا جيمينا, أليس كذلك؟
-ولم عساها تخيفني؟ إنها ربة عملي وليست الامبرطور نيرون.
-لكنها شريرة أحيانا, سيئة الطباع كما أنها تبدو... معصومة عن الخطأ.
أجابت جيمينا ببرودة:" لكنني أستطيع ترك العمل بخلافها هي لأنها تدير شركتها".
أعجبت آبي بموقفها لكنها هزت رأسها واستفسرت:" ألا يؤثر فيك بتاتا؟".
أجابتها جيمينا وعيناها تلمعان:" أبدا. ثمة أمور في الحياة تستحق التعب والقلق بشأنها والسيدة ليست واحدة منها".
***********
لو قصدت آبي الدور تشيستر بعد ساعة, للاحظت أن هذه للاحظت أن هذه ليست الحقيقة الكاملة.
كانت جيمينا قلقة بالفعل, لكنها لم تشعر بالخوف, بل بالغضب.
أرجعت شعرها الشهير إلى الخلف وقد شعرت بالغضب يتأجج في داخلها. انتصبت واقفة ورمقت رئيسة شركة بليندا لمستحضرات التجميل بنظرة غاضبة.
-هل تقولين إنك قطعت المحيط الأطلسي لتجتمعي بي في أكثر أسابيع السنة عملا وانهماكا وتتذمري من أن لا حبيب لي.
امتقع وجه نائب رئيس الشركة الجالس إلى يمين السيدة إلى طاولة الاجتماعات الفخمة, في حين لم يرف للسيدة جفن.
إلا أن جيمينا لم تستطع لجم نفسها:" من تخالين نفسك, بحق السماء؟".
التقت عيناها بعيني السيدة اللتين كانتا تشعان غضبا وشرا.
-المرأة التي تسدد فواتيرك الباهظة.
-أنت لا تمتلكينني, أنا مرتبطة بعقود أخرى.
نظرت جيمينا مباشرة في عيني السيدة كما ينظر المحارب إلى عيني عدوه. ومضت فترة طويلة من الصمت لم يرف لأي منهما خلالها جفن.
سألتها السيدة ببرود:" إلى متى برأيك ستحتفظين بعقودك هذه إن أخبرت العالم أنني استغنيت عن خدماتك؟".
لم تسمح لنفسها بأن تتذكر أنه سبق لهذه الأفكار أن راودتها. كانت محاربة جريئة مصممة على القتال.
أجابت جيمينا باستهزاء:" وهل يمنحك هذا الحق في أن ترغميني على اختيار حبيب؟ لا أظن ذلك".
انتصبت السيدة واقفة. كان المشهد مرعبا, فهي على الرغم من قصر قامتها, مثال القوة والعزم. ضربت بيديها على الطاولة ومالت بجسمها إلى الأمام.
وصاحت بها بنبرة أقرب إلى الزئير, نبرة من المفترض أن تخيف جيمينا:" ستنفذين ما أمليه عليك".
كانت هذه الأخيرة متأهبة لخوض المعركة أكثر من أي وقت مضى.
-لقد انضممت إلى حملة إعلانية وليس إلى حريم.
تأوه سيلفيو, فتابعت:" هل كان سيلفيو يواعدني نزولا عند رغبتك؟".
ردت السيدة بحركة تحمل في طياتها معاني الازدراء والاستخفاف:" بالطبع".
صاحت جيمينا متعجبة. كانت من الغضب بحيث شلت حركتها.
-أفترض أيضا أنك من دفع المسكين فرانسيس هال سميث ليدعوني للخروج, أليس كذلك؟ بالمناسبة, أخبرته أن يلعب بعيدا.
احمر وجه السيدة من شدة التعب.
-أنت تمثلين شركة بليندا وإن طلبت منك أن تنتقي حبيبا لك, فستنفذين أوامري!
-لن أفعل.
صاحت بها السيدة:" أنا أدفع لك راتبك".
كانت تلك قطرة الماء التي فاض بها الإناء. فأجابت جيمينا بهدوء لامتناه:" إذا, أنا أستقيل".
التقت عيونهما لثوان سيطر فيها التوتر. هذه المرة كانت السيدة من غض الطرف.
شحب لون وجنتيها ثم استأنفت حديثها كأن شيئا لم يكن:" ما رأيك بكوب من القهوة؟ سيلفيو, اطلب قهوة على الفور".
انتصب نائب الرئيس واقفا وإمارات الارتياح بادية على وجهه:" بالطبع سيدتي".
واندفع مسرعا إلى الهاتف في زاوية الغرفة وتحدث بعجلة.
فكرت جيمينا في سرها والشك يساورها:" ما الذي تخطط له هذه العجوز الشمطاء الآن؟".
لوحت السيدة بيد مثقلة بخواتم كافية لإضرام حرائق إذا كانت الشمس ساطعة.
-حسن, حسن. اجلسي ولنحتسي معا كوبا من القهوة. سنعالج هذه المسألة سويا.
أنارت محيا السيدة ابتسامة فيما راحت تومئ برأسها كمن يطري على تلميذ مجتهد.
حاولت جيمينا أن تستعيد رباطة جأشها, وقالت بهدوء تام:" عندما تعاقدت معكم لتمثيل شركة بليندا, تعهدت بإجراء أربع جلسات تصوير في السنة وبالقيام ببعض المهام الاجتماعية المختلفة, ولقد التزمت بالجزء الخاص بي من الاتفاق".
تأففت السيدة بصوت عال, فبذلت جيمينا مجهودا جبارا لتكبت الإجابة القاسية التي عنت على بالها.
هيا, أثيري قلق هذه العجوز الشمطاء!
بادرتها جيمينا:" أعطني سببا واحدا يحول دون تركي هذه الشركة في الحال".
كاد سيلفيو يفلت سماعة الهاتف, حتى أن السيدة نفسها عجزت عن إخفاء دهشتها.
أجابتها ببساطة:" لأنا نستطيع تحقيق الكثير معا".
تأملت عينا جيمينا سيلفيو الذي بدا شديد القلق, و أجابت بنبرة جافة:" ليس إن كنت تعتزمين اختيار أصدقائي, فمن الواضح أن ذوقنا في الرجال مختلف".
لمعت عينا السيدة غضبا:" سيلفيو, أخرج من هنا".
ترك سيلفيو الغرفة فاستأنفت السيدة حديثها:" حسن, فلنكشف أوراقنا. نحن نواجه مشكلة".
رفعت جيمينا حاجبين مثاليين.
-بربك اجلسي, أشعر بأنني أتحدث إلى عمود كهرباء. لم أصبحت العارضات فارعات الطول بحق السماء؟ حين كنت طفلة في باريس, كانت مقاييسهن أقرب إلى المعايير البشرية.
حاولت جيمينا أن تكبح ضحكتها قبل أن تجلس.
-هذا أفضل.
مالت السيدة و أسندت ذقنها إلى أصابعها فلمعت خواتمها, إلا أن جيمينا لم تعرها أي انتباه.
-إن الصحف...
-تعتبرني طفلة مدللة. لقد تناولت الغداء مع مستشارتي العلاقات العامة لدي وقد أطلعتاني على المستجدات.
هزت السيدة رأسها:" إنهما مخطئتان, فالصحافة تنجذب إلى العارضات المدللات. المشكلة هي أن الأضواء بدأت تنحسر عنك".
ثم اختارت مجموعة مجلات وطرحتها على الطاولة.
-ألقي نظرة عليها. أرني اسمك. ستجدين نجوم سينما ولاعبي بيسبول حتى بعض الأرستقراطيين المقيتين الذي اختفوا عن الأضواء مدة خمسة عشر عاما. لكنك, بالتأكيد, لن تقعي على اسم جيمينا دار. والاهم من ذلك, على وجه شركة بليندا.
قطبت جيمينا لكنها كانت منصفة في حكمها. تصفحت المجلات سريعا. كانت السيدة محقة بالفعل.
-حسنا, لم تأت على ذكر شركة بليندا, أو حتى جيمينا دار. سأسلم لك بذلك. فما العمل؟
-آن لك أن تفعلي شيئا بهذا الخصوص.
سألتها جيمينا فجأة, وقد زمت عينيها:" إنها الفرصة الوحيدة و الأخيرة, أليس كذلك؟".
طرفت السيدة بعينيها, وقالت بصراحة:" أصبت. تصرفي إذا".
ابتسمت جيمينا.
-كنت أتوقع سماع كلمة (وإلا). ستفسخين العقد إلا إذا ماذا؟ إلا إذا صبغت شعري؟ كتبت رواية؟ غنيت؟ ماذا؟
تفاجأت جيمينا لرؤية السيدة تطلق ضحكة فظة, وتقول:" تعجبينني يا جيمينا. أنت جسورة".
لا بد من ذلك, عندما أتقاضى أجري من حوت مثلك.
بطبيعة الحال, لم تجهر جيمينا بما تفكر فيه, بل علت وجهها ابتسامة رزينة.
-شكرا لك. أفصحي عما يدور في خلدك. ماذا تريدينني أن أفعل؟ أن أواعد فرانسيس؟ أهذا هو الحل؟
-ولم لا تواعدينه؟ إنه موهوب فعلا. ينتظره مستقبل واعد.
استوت جيمينا في جلستها ووضعت ساقا فوق ساق:" إنه يفتقر إلى الكياسة. لقد دعاني للخروج معه في وجود فتاة أخرى وفيما كنت أبدل ثيابي".
تبادلتا نظرة تنم عن تفاهم تام, فقد كانت السيدة عارضة أزياء في ما مضى.
أردفت جيمينا وهي ترمق السيدة بطرف عينها:" ماذا بعد؟ عندما أجبته أنه من الأفضل أن نخرج سوية في مناسبة أخرى, بدا كمن حرر من سجنه".
خيم صمت على الغرفة. وزمت السيدة شفتيها.
أحست جيمينا بفضول حقيقي, فسألتها:" كيف استخدمته بحق السماء؟".
بعد صراع داخلي, أجابت السيدة بفظاظة:" عرضت عليه ترقية في عيد الميلاد المقبل".
ردت جيمينا بالنبرة نفسها:" حسنا, لقد حاول. أتودين إطلاعي على السبب؟".
بدت السيدة غارقة في تأمل خواتمها.
-عندما كنا نبحث عن وجه جديد يمثل شركة بليندا, كنا ننشد نموذجا معينا. امرأة من عصرنا هذا تتخذ قراراتها بنفسها, وتولي أهمية كبرى لمهنتها طبعا, من دون أن تهمل نواح أخرى من حياتها كالأصدقاء والفكر والحب والأولاد.
نظرت جيمينا إليها من دون أن يرف لها جفن, وقالت:" لا تتوقعي أن أنجب طفلا, فهذا ليس بالقرار الذي اتخذه بناء على رغبة شركة تجميل أو أي مدير آخر".
انفرجت أسارير السيدة حتى أنها بدت كمن حقق نصرا ما أثار دهشة جيمينا.
-بالضبط. هذه هي النبرة التي أنشدها.
رفعت جيمينا يديها إلى السماء:" أنا أستسلم".
-اسمعيني, لقد اخترتك بنفسي لتمثلي شركة بليندا. أعجبتني الطريقة التي قدمت بها نفسك.
وأردفت السيدة بنبرة كادت تخلو من الحس الدرامي الذي طغى على حديثها:" لقد فكرت في بعض الأمور ولم تخافي من إبداء رأيك فيها. أحببت هذا الجانب من شخصيتك".
-شكرا لك.
تملكت الدهشة جيمينا.
-لم يجدك سيلفيو فاتنة بما فيه الكفاية.
ذلك المراوغ! لم يكن هذا رأيه عندما كنا نتناول العشاء, هذا ما خطر لجيمينا قبل أن تجيب السيدة بصوت مسموع:" حقا؟".
-قلت له إن النقطة هذه ليست بمهمة. نحن في القرن الواحد والعشرين, وقد حان وقت التغيير. إنها تعيش مع أختها وابنة عمها شأنها شأن أي شخص عادي. كما أنهن جميعهن نشيطات وجريئات.
-أنت محقة.
أضاءت وجه جيمينا ابتسامة فيما راحت تفكر في بيبر سيدة الأعمال وفي إيزي المغامرة المجنونة.
بادلتها السيدة الابتسام.
-قلت في نفسي: هذه هي ابنة القرن الواحد والعشرين, فاتنة, صهباء, لا تعيش حياتها قلقة على حجم مؤخرتها, فتاة لها حياتها الخاصة ومستقبل باهر.
تأثرت جيمينا لسماع هذه الكلمات:" شكرا لك".
-كيف انقلبت المقاييس رأسا على عقب؟ ماذا حل بتلك الفتاة المحبة التي لطالما كانت واقعية؟
أجفلت جيمينا.
سمعت نقرا خفيفا على الباب, وإذا بنائب الرئيس يدخل برفقة نادل يحمل صينية ضخمة, سكب لهم القهوة ومياه معدنية قبل أن ينسحب من الغرفة. من جهته, بدا نائب الرئيس مترددا, فأشارت إليه السيدة بالجلوس.
استأنفت السيدة حديثها مقطبة الوجه:" عندما راح مدير أعمالك الغبي يتحكم في الحفلات والسهرات, طلبت من سيلفيو أن يتصل به ليطلب منه التروي, أليس كذلك يا سيلفيو؟".
أومأ هذا الأخير برأسه بحماس ثم أجابها:" بالطبع سيدتي".
-ثم عمدت بنفسك إلى طرده.فقلت في نفسي: جيد. هذه الفتاة تتمتع بحدس مميز, ستعود المياه إلى مجاريها الآن.
-لم أطرد باسيل.
بدأت جيمينا ترتعش وراحت تعبث بحقيبتها في محاولة منها لإخفاء اضطرابها.
خاب ظن السيدة:" هذا ليس ما تناهى إلى مسامعي".
-اتفقنا سوية على الاستغناء عن خدماته كمدير أعمال.
بدت السيدة مشككة:" حقا؟".
في نهاية المطاف, عندما هددته بفضح الضغوط المقيتة التي مارسها كإعطائها أقراصا لتحافظ على لياقتها, وإبعادها عن عائلتها لئلا تفقد تركيزها على عملها. عندما واجهته بهذا الحقائق كلها, سره أن يفسخ العقد معها لكنه الآن يعيد حساباته و...
إن لم تسيطر على نفسها, ستغلبها الرعشة مجددا.
لم يلبث مزاج السيدة أن تبدل فجأة كعادتها وكأنها فقدت اهتمامها بالموضوع.
-لا بأس. ما يهمني حاليا هو أنك لا تعيشين حياة شخصية. لا تواعدين أحدا ولا تخرجين إلا للعمل.
أجابت جيمينا وهي ترتجف:" أنا أعمل, لذا لا تتسنى لي فرصة مواعدة أحد".
-جدي بعض الوقت.
سألتها جيمينا مندهشة:" ماذا قلت؟".
-استرجعي حياتك الطبيعية. لست مضرة لأن تختفي عن الأضواء, ولا تواعدي مصمم أزياء إن كنت لا ترغبين في ذلك. إنما واعدي أحدهم!
-أنا...
-سألغي جلسة التصوير في نيويورك. خذي استراحة. أخرجي لتتعرفي إلى شبان جدد كما تفعل الفتيات في مثل سنك. أود أن أراك تعيشين حياتك كزبائن شركتنا. أنا أترقب مقالات الصحف لأتأكد من النتيجة.
وهبت واقفة معلنة انتهاء الاجتماع.
تخلصت جيمينا من الرعشة التي تملكتها, فهي لا تهاب السيدة.
كانت الغرفة مضاءة بمصابيح ترسل نورا دافئا جعل شعرها رائعا يتموج وكأنه نار مستعرة. كانت جيمينا تعرف أن السيدة اختارتها شخصيا لتمثل شركة بليندا ولن تقر بأنها أخطأت الاختيار.
سألتها جيمينا بنبرة لطيفة:" وإلا؟".
لعل السيدة تحب جيمينا شخصيا, لكنها لا تتحمل أن يتحداها أحد وتقف مكتوفة اليدين. قست تعابيرها وهي ترد:" سبق أن حضرنا حملة الميلاد ولن أستثنيك منها. لكنها ستكون الأخيرة إلا إذا...".
قاطعتها جيمينا:" واعدت أحدهم".
ثم هدأت من طبعها ومنحت سمكة القرش ابتسامة لطيفة, قبل أن تضيف:" أنا شبه متأكدة من أن إجراء كهذا غير قانوني".
لم تكن السيدة تأبه لهذه الترهات والهراء القانوني, فصاحت:" إلا إذا استعدت حياتك الشخصية".
فسألته جيمينا:" وإن لم أفعل؟".
-لن تعودي فردا من فريق العمل.
أجابتها السيدة بذلك وقد باتت عيناها كعيني السحلية برودة.
فانتصبت جيمينا واقفة, وقالت:" سبق أن أخبرتك أنني أستقيل".
واندفعت خارجة قبل أن تلقى جوابا.
***

أوقف لها البواب سيارة أجرة فغاصت في مقعدها الكبير ثم اتصلت بالوكالة.
-لقد طردنا أنا و بليندا بعضنا البعض الآخر.
بعدئذ, فعلت ما كانت تؤجله طوال اليوم, فراجعت الرسائل على هاتفها. ارتجفت أصابعها بعض الشيء فيما راحت تضغط على الأزرار. في الآونة الأخيرة لم يعد باسيل يترك لها رسائل. وكانت جيمينا قد اعتادت أن تلغيها قبل أن تقرأها. لكنها اليوم, وقعت على إحداها صدفة.
كانت الرسالة هي نفسها كالعادة. الكلمات تتغير إنما يبقى الموضوع هو نفسه.!!http://www.liilas.com


(أنت لي وحدي).

^^^^^^^^^^

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333   رد مع اقتباس
قديم 26-04-09, 09:58 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

ان شاء الله كل يوم رح أحط فصل .........

لكني محتاجة تشجيعكم عشان أكتب بسرعة.........

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333   رد مع اقتباس
قديم 26-04-09, 12:53 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 43839
المشاركات: 67
الجنس أنثى
معدل التقييم: aghatha عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 16

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
aghatha غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

thx sweetie i think its great plz dnt keep us waitin nd thx 4 ur efforts again

 
 

 

عرض البوم صور aghatha   رد مع اقتباس
قديم 26-04-09, 02:11 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

عفوا عزيزتي ..........

وان شاء الله ما أطول عليكم........

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلام, لو يتوقف الزمن, دار الفراشة, روايات, صوفي ويستون
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:47 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية