كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رأت جيمينا بقعة رمادية قاتمة تمشي خلفها بثبات وعزمو متجهة رأسا إلى هدفها, فشعرت بالخطر يحدق بها.
نادت ثانية فيما راحت ترجو أن ترى نايل أمامها تفصله عنها بضع خطواتك:" نايل؟".
بادرها باسيل لاهثا:" من هو نايل؟ حبيبك الجديد؟".
صرخت عاليا فأطلق باسيل ضحكة مدوية اقشعر لها بدنها.
سالته جيمينا مذعورة:" ماذا تفعل هنا؟".
-الطيف يلحق بصاحبه. لن أتخلى عنك يا صغيرتي. لقد اكتشفتك, وأنت ملك لي.
أخذ يدنو منها مزهوا بنفسه, فأحست جيمينا بالهلع القديم نفسه يتملكها, يضيق عليها الخناق.
أجابته بشجاعة:" أنا لا أدين لك بشيء".
-هذا ليس صحيحا. يعلم كلانا أن هذا الكلام ليس بدقيق. عندما قصدتني, كنت أشبه بحشرة نحيلة ترتدي ثيابا لا تليق بها.
احتجت جيمينا وقد غضبت من نفسها لأنها وقعت فريسة الخوف مجددا:" أنا لم أقصدك بل أنت من أخذ يطاردني ".
صحح جملتها:" قولي بالأحرى اكتشفتك".
-أنا لم أطلب من أحد أن يكتشفني. لقد رأيتني في مسرحية المدرسة ولم يهنأ لك عيش قبل أن تقنع والدي بالسماح لي بالمشاركة في بعض جلسات التصوير.
-لكنك جنيت ثروة طائلة.
كان والدها قد صرف لتوه من عمله, فراح يبحث عن آخر, لكن العائلة كانت تعلم أن أحدا لن يوظفه لأنه لم يعد شابا, فتراكمت الفواتير. عندئذ, بدأت ابنة السبعة عشرة ربيعا تتقاضى المال عن كل جلسة تصوير تشارك فيها.
تابع بنبرة حادة:" كانت عائلتك تؤمن قوتها بفضلي".
-أعترف بأن الجميع كان ممتنا لكو إذ كسبت بعض المال...
تابع باسيل وهو يستشيط غضبا:" ما كانت أختك اللعينة لتنال الشهادة الجامعية لولاي. وقد باتت تعاملني بازدراء".
-لا يسعك لوم إيزي..
تابع من دون ان يكترث لها:" لكنك اسوأ منها بكثير, فقد قررت أن تتخلصي مني لاآن وقد أصبحت نجمة مشهورة".
-أنت مخطئ!
عظيم, لقد عادت تقترف الأخطاء نفسها. تنكب فورا على تبرير نفسها وتصرفاتها و كأنه معصوم عن الخطأ.
-لقد استغليتني. أتصورت أنه ىيسعك التخلي عني بسهولة؟.
-أنا لم أفعل.
لكنه لم يعرها اهتماما, و تابع قائلا:" لقد فعلت لك المستحيل, بكل ما في الكلمة من معنى".
تلألأت أنوار الحفلة من بعيد و تناهت إليها الموسيقى الشعبية. كانت بمفردها على الشاطئ مع رجل تكرهه.
رفع باسيل يده بحركة مفاجئة, فظنت جيمينا أنه سينقض عليها, لكنه أمسك بمعصمها. فما كان منها إلا أن حاولت جاهدة الإفلات من قبضته, لكن من دون جدوى.
بادرها بنبرة قاسية:" الحقلة المفرغة نفسها. باسيل الشرير يحاول أن يدير حياة جيمينا المسكينة".
بذلت جيمينا جهدها لتحافظ على هدوئها وطلبت منه بهدوء أن يدعها و شانها. غير أن باسيل لم يعرها اهتماما بل تابع:" ماذا عساي أفعل؟ إنه عملي".
-اتركني وشأني لنتحدث.
كرهت رنة التوسل في صوتها, لكنها لم تره يوما في هذه الحالة. حملق فيها غاضبا و إمارات الإحباط تلوح كسلاح فتاك أمام ناظريها. بدا واضحا أنه فقد عقله.
-كنت عميلة أو زبونة تدفعين لي المال لأدير حياتها. لكن أختك اللعينة لم تكن مقتنعة, لطالما كرهتني.
رأت جيمينا رأسه يترنح من جهة إلى أخرى كأنه رأس أفعى, فشعرت فجأة بالذعر الشديد.
صاحت به وقد تخلت عن لهجتها الملاطفة:" توقف يا باسيل".
أرخى قبضته للحظة فسحبت يديها و أخذت تعدو. لكنها تعثرت بالرمال ووقعت على ركبتيها.
انقض باسيل عليها يحاول ضربها, فأحست جيمينا برداء إيللي يكاد يتمزق. اغرورقت عيناها بالدموع, وحاولت الدفاع عن نفسها هي التي لم تضرب احدا في حياتها.
كان باسيل قد فقد رشده تماما فصب جام غضبه عليها فيما راح يهمهم جملا و عبارات مجنونة لم تفهم منها كلمة.
حاولت جيمينا طلب النجدة لكنها ركزت قوتها كلها في الدفاع عن نفسها حتى عجزت عن التنفس أو دفع أوتارها الصوتية لإطاعتها. كانت جيمينا تشهد أسوأ كابوس في حياتها.
-أنت لي, أيتها الساقطة الناكرة للجميل.. أنت لي, سالقنك درسا. أنت لي.
وفجأة تناهى إليها وقع أقدام نحوهما. لم ينتبه باسيل لها بخلاف جيمينا جيمينا, فاستجمعت هذه الأخيرة قواها لتبعده عنها.
سمعت أحدهم يناديها:" جاي جاي؟".
صرخت جيمينا وهي تكاد تنفجر بالبكاء, لكن باسيل عاد لينقض عليها مزمجرا.
ثبت لها يديها فوق رأسها وارتمى بثقله على صدرها. فظنت جيمينا أنه سيخنقها.
صاحت لاهثة:" ابتعد عني, أنت شرير, أكرهك".
تناهى إليها الصوت أقرب بكثير من ذي قبل, لكن باسيل لم يكن واعيا لما يحصل من حوله. ومالت جيمينا برأسها وصرخت ملء رئتيها, حتى شعرت باضلاعها تحترق:" من هنا, من هنا.. النجدة!".
لفح هواء البحر المنعش وجهها وملأ رئتيها, فأغمضت عينيها.
سمعت أصواتا بشعة... ولم تستطع تبيان من يلكم من أو من يفوز في معمعة العراك الهمجي هذا. ورأت نايل ينقض على غريمه ليطرحه ارضا بلكمة وحشية ويثبته واضعا ركبته على أسفل ظهره.
رفع نظره إلى جيمينا قائلا:" أنت تتألمين".
كان صدره ينتفض لكنه بدا ممسكا بزمام الامور.
-كلا, أنا بخير.
تابع نايل وقد استعاد هدوءه بسرعة:" لا تبدين بخير, ماذا فعلت بك هذه الحثالة؟".
-لا شيء.
أجابها بفتور:" لقد رأيته".
أشاحت بوجهها عنه. كانت أنوار الحفلة تتلألأ من بعيد و تنعكس على السماء اللامتناهية. أخذت تطرف بعينيها, وكأنها لا تصدق ما تراه.
كان نايل لا يزال ينتظر ردا, فهمهمت أخيرا:" لا شيء مهم".
|