المنتدى :
كتب المسرح والدراسات المسرحية
حامد ابو النجا , مسرحية شرخ فى لوحة فنان
مسرحية
شرخ في لوحة فنان
تأليف .....
حامد عبد النبي أبو النجا
!
شرخ في لوحة فنان – مسرحية يظهر فيها الصراع النفسي من جراء اختلاف الداخل والخارج وعلو درجة الآنا لدى كل شخص
فهي تخاطب الوجدان والعقل والحكمة التي يجب علينا أن نتحلى بها
الزمان : أي زمان
المكان : أي مكان
الديكور : عبارة عن قطعة قماش بيضاء تستخدم كسلويت ,
وكفن ، بالإضافة إلى أدوات فنان تشكيلي .
الإضاءة : الفنان التشكيلي له إضاءة خاصة به – مصنعة
يدويا عبارة عن كشافين يضيئان من خلال -
بطارية موتوسيكل أو حسب رؤية المخرج إذا
أمكن ذلك بحيث أن تكون إضاءة الفنان خاصة به
بالإضافة إلى الإضاءة العادية للعمل المسرحي ..
عدد الممثلين في هذا النص خمس ممثلين ....
الفنان التشكيلي وأربعة ممثلين يفضل أن يكونوا
ذو لياقة بدنية للدراما الحركية .
000000000000000000000000000000000000
المسرح في هدوء تام
يدخل الفنان التشكيلي من الصالة أو من أي مكان آخر حسب رؤية المخرج .. يحمل كل أدواته معه – يخاطب الجمهور...
الفنان - السلام عليكم ( ينظر أليهم بابتسامة محب ) أسمحوا لي
أن نقضى بعضا من الوقت معا ....... أنا فنان تشكيلي
ارسم لوحات فنية .. أبيعها مرة وأخرى اهديها .. اسكن
صومعتي المتواضعة الصغيرة .. التي هي عالمي الكبير
وقد أتيت هذه الليلة لأرسم لوحة واهديها لواحد منكم ...
لصاحب النصيب ..
وبما أنني سوف اهدي لوحة هذه الليلة لشخص جالس
بينكم .. فأود أن تكون اللوحة نابعة منكم , من أفكاركم
انتم ... أنني دائما أرسم ما يجول بخاطري .. أرسم ما
يدور بداخلي .. لكنني اليوم قررت أن ارسم ما بخاطركم
انتم .. ما بداخلكم انتم , فأنتم أصحاب تلك اللوحة وانتم
من تقررون الشكل الذي سوف تكون عليه تلك اللوحة ,
ولا تنسوا أنها هدية لأحدكم .
أعيش في هذا العالم بين فرشاتي والواني وقصاصات من
الورق والقماش ... كل فترة ارسم عالما جديدا أعيش فيه
( أثناء ذلك يكون الفنان انتهى من وضع أدواته في ركن -
من المسرح – بشرط ألا يحجب رؤية المشاهد للسلويت )
الفنان - الآن نبدأ – هيا - فلنتخير معا اللوحة التي سوف ارسمها
( يتجول الفنان بين الجمهور أو يكتفي بمقدمة المسرح - -
ويبدأ الحديث مع احد المشاهدين )
أنت .. ماذا تريد أن ارسم في اللوحة ؟
شخص - ( احد المشاهدين يطلب رسم منظر له )
الفنان - ( ينتقل إلى شخص آخر) وأنت ماذا تريد أن ارسم لك ؟
شخص - ( يختار منظر آخر له )
الفنان - الاختيار ... صعب علينا أن نختار خاصة إذا توفرت لنا
حرية الاختيار ... لكننا لا بد وأن نختار – لابد وأن ندرب
داخلنا على الاختيار - أنا شخصيا من أنصار الاختيار
لكن المشكلة تكمن في ماذا نختار وكيفية الاختيار ......
( ثم ينتقل إلى شخص ثالث ) وأنت ماذا تريد ؟
شخص - ( يختار منظر آخر )
الفنان - هل الإنسان منا مسير أم مخير ... أنتم مثلا مصرح لكم
الاختيار ، أما أنا مسير لما تختارونه أنتم ، هذه اللحظة
تمنيت لو أنني مثلكم مخير ، لكنى قد حكمت على نفسي
أن أرسم لوحة من اختياركم ، وهكذا وضعت نفسي
بنفسي تحت طائلة التسيير وليس الاختيار 000 آه
( ثم ينتقل إلى شخص آخر - ويستمر الفنان في سؤاله
للمشاهدين إلى إن يحصل منهم على عدة اختيارات . مما
يصعب عليه تنفيذ متطلباتهم في لوحة واحدة فيظهر عليه
حالة من ضيق النفس والكئابة والاشمئزاز للاختيارات
المتضاربة المختلفة ) .
الفنان - أحيانا ندور حول ما نبحث عنه ولا نراه – وربما يكن ما
ما تبحث عنه في يدك ولكنك لا تشعر به - دائما ما يبحث
الإنسان عن نفسه في داخلة أو خارجة، إذن أنا ابحث عن
نفسي عندكم – وانتم أيضا تبحثون عن أنفسكم في أللوحه
التي سوف ارسمها وأعطيها لشخص منكم – إذن كلنا
نبحث عن بعضنا عند بعضنا – فلنبدأ معا في البحث
الفنان - ( يبدأ الفنان في استخراج فرشاه وألوانه وهو يحدث نفسه )
ما هذا ؟ ماذا بي ؟ لماذا اختلط على الأمر ؟ لما كل هذا -
الخلاف ؟ ما هو الداعي لكل تلك الصراعات ؟
إنني في حيرة من أمري .. اطلب أن ارسم لوحة واهديها
فأجد نفسي في مأزق – لا أدرى كيف الخروج منه .
(أثناء ذلك يرسم الفنان في اللوحة كل ما اختارة الجمهور
كل رسم فوق الأخرى إلى أن تتوه معالم اللوحة ألمرسومه
ثم ينظر إليها وهو متألم وفى حالة يرثى لها – أثناء رسم
الفنان للوحة تبدأ إضاءة السلويت – وكلما يرسم منظر على
اللوحة نرى الممثلين خلف السلويت يجسدوه على أن يكون
السلويت حر الحركة حتى يتمكن الممثلون بعد ذلك من نقله
للمسرح يلتحفون به ويظهرون للجمهور من تحته )
لماذا تشابكت الخطوط ؟ وتاهت النقاط ؟ واختلت الواني
عن مصداقيتها ؟ كيف أصبحت عاجزا أمام لوحاتي ؟ لا
إنها ليست لوحاتي .. كيف لي أن أرضى كل هؤلاء في -
لوحة واحدة ؟ إنهم يتصارعون .. وأنا أصبحت في صراع
( يبدأ الإعياء على الفنان ولم يعد متوازن الحركة – حينئذ
يكون الممثلين خلف السلويت قد شكلوا شكلا متشابكا معقدا
مع تقليل إضاءة ركن الفنان والتركيز على إضاءة الممثلين.
الفنان يسقط على الأرض وهو يردد )
أنهم يتصارعون – إنها لوحة صراع – صراع النفوس ..
( يتهاوى الممثل على الأرض رويدا رويدا بأحد أركان
المسرح مع تغيير الإضاءة وانتقالها من لوحة الفنان إلى
السلويت - وتتغير أيضا الموسيقى التصويرية لتواكب
الممثلين وأصواتهم وحركاتهم ، وأثناء سقوط الفنان يتحول
الممثلون من منطقة السلويت الخلفية إلى وسط المسرح
على شكل أشباح يلتحفون القماش الأبيض مع سماع أنين
وآهات وزمجرة تصاحبهم موسيقى تصويرية ومؤثرا
صوتية تخدم الحالة مع خروج الممثلين من أماكن مختلفة
لقطعة القماش كالأشباح تنعكس عليهم اختيارات الجمهور
المختلفة والمتضاربة - مع ضوء غير مباشر لا يؤثر على
الألترا - كما لو أن المناظر العشوائية التي رسمها الفنان
باللوحة ( من خطوط ونقاط واللوان ) تخرج منها وهى
متضررة وتريد الانتقام فنرى المشهد كله كالكابوس
بالنسبة للفنان ....
/
\
الممثلون : ( يخرجون من قطعة القماش كالأشباح )
1 - ما هذا ؟
2 - أين نحن ؟
3 - كيف تشابكنا هكذا ؟
4 - من الذي أتى بنا إلى هنا ؟
( الجميع ينظر حوله ثم يرون الفنان فيتجهون نحوه فى
خطوات انتقامية )
الفنان - ( بفزع ) من انتم ؟ ماذا تريدون ؟
1 - أنت الذي يجب أن تجاوب على هذا السؤال ..
2 - من أنت ؟
3 - ماذا تريد ؟
( الممثلون دائما في شكل ضغط جسدي على الفنان )
الفنان - أنا لا أريد شيئا
4 - إذن لماذا أتيت بنا إلى هنا ؟
الفنان - أنا .. أنا لم آت بكم إلى هنا
1 - الست فنانا ترسم ؟
الفنان - نعم -- أنا فنان ارسم
2 - إذن أنت الذي أتيت بنا إلى هنا متشابكين معقدين
الفنان - لم اقصد أن أؤذيكم .. صدقوني لم اقصد
3 - انك تلهو بعقولنا .. وتضيع وقتنا
الفنان - أرجوكم تمهلوا
4 - ولماذا نتمهل ؟
الفنان - تيقنوا
1 - ليس لدينا متسع من الوقت
الفنان - كل منكم يريد أن يأخذ ما له .. وأنا لا أستطيع أن أمنعكم ..
لكنى أشفق عليكم
2 - تشفق علينا
الفنان - نعم أشفق عليكم .. ( يبدأ الفنان في فك التشابك بين الممثلين
الأربعة – وكأنهم يستيقظون من ثبات عميق ) .. لماذا -
تتعجلون ؟ ماذا تريدون ؟ دنيتكم - غايتكم – أحلامكم -
أمالكم .. والى أين ستذهبون ؟ ألا تدرون ؟ ستسجنون ..
ستسجنون داخل برواز .. ترون الدنيا من خلف لوح من
الزجاج .. ثم تعلقون على جدار أصم .. أو ربما تهملون
في مخزن الزمن القديم
3 - ماذا تريد أن تقول ؟
4 - أفصح عما قلت
الفنان - الفن مدرسة للناس .. وقد رسمكم فنان وانتم جزء من هذا
الفن ..فلتستغلوا تلك الحرية المؤقتة قبل أن تباعوا في مزاد
للتحف والانتيكات
( ضحكات عالية من الممثلين الأربعة - مع تشكيلات حول
الفنان )
الفنان - لماذا تضحكون ؟ لماذا تسخرون من كلامي ؟
1 - لأننا خلقنا للبيع والشراء
2 - أما انتم أيها البشر تباعون وتشترون وربما اقل منا ثمنا
3 - ألم تسمع عن بيع البشر
الفنان - أيو سمعت .. بس ده برة مش عندنا هنا
4 - تعرف تقول لي فيه إيه برة مش موجود عندكم
الفنان - مش لازم كل حاجة برة تبقى من الضرورة وجودها عندنا
1 - لكن بالفعل موجودة .. وأنت تعلم ذلك
الفنان - ( محدثا الجمهور ) ليس هناك أقصى من الحالة التي تجد
فيها الإنسان وهوه يبحث عن نفسه دون جدوى ..........
إنها أقصى أنواع الضياع .. ضياع النفس البشرية ......
ألذات الإنسانية ..عندما نفقد الأشياء التي أهملناها في حياتنا
لا ندرك كم من الوقت نحتاج لاستعادة ما فقدناه .............
نحن في حاجة إلى الحب إلى الحنان .. في حاجة إلى لمسة
إنسانية .. لابد لنا أن نشعر أننا نعيش في وجدان الآخرين
1 - انه يهذى
2 - بل يحلم
3 - لا تجعلوه يخدعكم بكلماته
4 - إذن لا بد أن يحاكم
الفنان - ماذا فعلت من جرم ؟
1 - جعلتنا نتصارع في صورة سيئة – وهذا لم يحدث لنا من قبل
الفنان - ليس لي ذنب في هذا
2 - كيف وأنت الذي رسمت تلك الصورة التي ليس لها ملامح ؟
الفنان - لكنى لست المذنب
3 - انه يراوغنا
الفنان - صدقوني لست المذنب
4 - إذن من المذنب ؟
الفنان - (الفنان يواجه الجمهور موجها له الاتهام ) .. هم المذنبون
صدقوني .. أنهم هم المذنبون .. طلبت أن ارسم لوحة -
واهديها لشخص جالس بينهم .. على أن تكون اللوحة نابعة
منهم .. فاختلفوا فيما بينهم وتصارعوا في اختياراتهم ..وكل
منهم أراد أن يظهر ذاته في اختيار اللوحة .فطلب كل منهم
لوحة لنفسة .. وأنا لا امتلك سوى لوحة واحدة ، فتشابكت
أرائهم .. وتشتتت وجهتهم .. واختلفت هويتهم .. فاختلط –
على الأمر.. وحملوني ما لا أطيق .. وأردت أن أرضى -
الجميع .. فرسمت كل ما طلبوه منى ، حتى أرضيهم ..
فتشابكت الخطوط .. وتاهت النقاط .. وتصارعت الألوان ..
فكانت اللوحة المعقدة ، ومن هنا جئتم انتم هكذا ..
صدقوني لم أكن المذنب .. هم المذنبون
1 - ونحن أيضا لسنا مذنبين
2 - إذن ماذا ترون في الحكم عليه
3 - فالتقطع يده التي يرسم بها
4 - فلتفقع عينه التي يرى بها
( حينئذ يرفع الفنان كفيه على عينيه - ويعود الممثلون
إلى مكانهم خلف السلويت وتختفي عنهم الإضاءة ويعود
الضوء إلى ركن الفنان وهو يردد )
الفنان - لا – لا - ( ثم يتحسس جسده ووجهه وعينيه – وعندما
يطمئن على نفسه ينظر إلى اللوحة ثم يرفعها من مكانها
ويواجه الجمهور بخطوات ثابتة وهو يلملم حاجياته -
ويظهر مرآة يوجهها للجمهور ليروا أنفسهم .. وهو يردد
الفنان - ليه نختلف – ليه نستلف من الحقد ربع جرام
ليه لبعضينا نقول لاء – وليه للصح ما نقولش آه
ليه كل واحد فينا في وادي
ليه كل واحد بعيد عن التانى
ليه بنسمع اللي يجرحنا
ليه بنشوف اللي يجرّحنا
ليه ندور على اللي يفضحنا
ومين السبب ؟
مين السبب في الحقد والخلافات
وليه ضاع الحق بنا
وليه الحب مات
( حينئذ ينتهي الفنان من تمزيق اللوحة وحمل أدواته )
الفنان - ( ينظر إلى الجمهور في حسرة وألم ويخاطبهم ) ........
عذرا أيها السادة المختلفون .. إنني لم استطع أن أوفى
بكلامي واهدي منكم لوحة فنية .. اسمحوا لي .........
سوف اذهب ابحث في مكان آخر عن أناس آخرون ربما
يتفقون على اختيار لوحة واحدة ...
( يبدأ الفنان التشكيلي في التحرك – ثم ينظر إلى الجمهور في
حالة من اليأس ، ثم إلى المسرح - ثم يلقى الفنان بقصاصات
اللوحة على المسرح – ثم يمسح دموعه – ويبدأ في الخروج
من حيث أتى – وهو يردد )
اللهم ما أجمعنا على كلمة سواء ، اللهم اهدي أنفسنا ، اللهم وحد
صفوفنا .....
( للجمهور ) السلام عليكم --- السلام عليكم
*
*
*
*
*
*
*
*
مسرحية
شرخ في لوحة فنان
000
تأليف
حامد عبد النبي أبو النجا
بلبيس شرقية منشية أبو النجا
0107315834
2850748/055
.
|