كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح الفرص التي قد لا تتكرر
سمعتن كثيرا عبارة "الحياة فرصة"
وهي هكذا!! الحياة بمضمونها وفلسفتها: فرصة
أنتن الآن تنتظرن مصير مشعل.. سليم؟؟ مصاب؟؟ أو ميت؟؟
وقبل المصير أ لم تكن هناك الفرصة؟!!
أ لم يكن مشعل أمام لطيفة ولم تكتشف قيمته إلا حين شعرت أنها قد تخسره للأبد؟!!
هذا ألا يوحي لكن بشيء؟!!
لا تنتظري اللحظة الأخيرة التي لا أحد يعلم متى تحين
لا تنتظريها لتقبلي كف والدتك ورأس والدك وتهمسي لهما: الله لا يحرمني منكم
لتحتضني أختك الصغيرة وتهمسي لها: مهما تزاعلنا أحبك
لتصلي كل رحم انقطع.. وتطلبي السماح من كل من اخطئتي في حقه
لتدرسي دروسك كما يجب وتحققي النجاح قبل أن تفوتك كل فُرصه
.
.
لتنتقلي للفرصة الأعظم
فرصتك في الحياة قبل الممات
شبابك فيما افنيتيه
ومالك فيما انفقتيه
ووقتك فيما قضيتيه
الإنسان يغره طول الأمل
استغلي الفرصة مادامت في يدك..فأنتي الآن ترفلين بالحياة والصحة
بعد ساعة واحدة لا تعلمين ما الذي سيحدث
وتجدين أنكِ قد فقدتِ كل فرصة وتندمين حين لا ينفع الندم
.
.
موعدنا القادم الثلاثاء الساعة 8 ونصف صباحا مثل اليوم
.
استلموا
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
أسى الهجران/ الجزء المئة وثلاثة
بيت مشعل بن محمد
لطيفة برعب كاسح بل بما يتجاوز الرعب وكل معانيه:
فارس وش فيه مشعل؟؟
فارس بحزم موجوع: لطيفة الزمي بيتش.. لا تطلعين منه لين أتأكد وأرجع لش
لطيفة غرزت أظافرها في ذراع فارس وهي تصرخ بهستيرية: وش فيه مشعل؟؟
فارس بحزم: اذكري الله يا لطيفة.. اذكري الله.. قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. وانتي مره مؤمنة
لطيفة تكاد تجن.. روحها تصرخ ألما وحشيا: أقول لك وش فيه مشعل؟؟
فارس يحاول أن يتماسك..ولكنه لم يستطع..وكيف يستطيع؟!
هذا مشعل.. مــشــعـــل
مشعل والده وابن عمه.. سندهم القوي الذي لم يخذل أحدهم يوما
فارس ينزف وجعا لا حدود له
وجعا سرمديا بلا بداية ولا انتهاء ولا ملامح:
سيارة مشعل لقوها محترقة على طريق الشمال..
ولحد الحين يحاولون يطلعونه (لم يستطع تخيل بشاعة الفكرة!! لم يستطع!!)
يطلعون اللي يسوق ولا قدروا
.
.
فارس غادر بيت مشعل بن محمد وهو يركبه ألف عفريت متجها لطريق الشمال
لا يستطيع تخيل مايراه أو بشاعته.. ولكنه قرر أن يتصرف لوحده
فهو قد يكون الأكثر جَلَدا فيهم جميعا بعد مشعل بن محمد
يريد أن يجنب عميه وأبناء عمه مصيبة رؤية حادث مشعل
فارس شعر بألم يتجاوز مفاهيم الألم وهو يغادر لطيفة
أو بمعنى أصح يغادر بقايا لطيفة
شلاياها المتناثرة بعد أن مزقتها قذيفته
لم تعد تستطيع الوقوف.. جلست بصمت مرعب كمخلوق مجرد من الحياة
لا تستطيع حتى أن تشعر بالألم
أي ألم هذا؟!!
أي ألم؟!!
ماعاد للألم معنى أمام ما تشعر به
ما عاد للألم قيمة وهو يندحر أمام شعور سادي متوحش يحرث روحها وجسدها بمناجله
تشعر أن جميع خلايا جسدها وعقلها ممتلئة حتى آخر نقطة بهذا الإحساس القاتل.. تشبعت تماما به
لو لُمست أقل لمسة ستنفجر خلاياها الممتلئة بقيح الوجيعة/والفجيعة
لم تستطع حتى أن تبكي.. مشعل لا يُبكى كما يُبكى كل الناس
فهل هناك شيئ يتجاوز البكاء يعبر عن شعورها المتجاوز للألم؟!!
كيف تستطيع أن تعيش بعده؟!! كيف؟!!
كــــيـــــف؟؟؟!!
هل يصبح أولادها أيتاما؟!!
كم هي قاسية هذه الكلمات: أرملة وأيتام!!
والأقسى هو حقيقتها ومعناها!!
طوال سنواتها الماضية لم تخشَ مطلقا شيئا من مصاعب الحياة ومشعل يقف خلفها سندا حديديا
فهل ذهب السند؟؟ هل ذهب؟!!
لم تعلم كم مر عليها وهي جالسة
وقت طويل مر.. ساعة.. ساعتان ربما
مرت عليها قرن.. قرنان.. فما تشعر به الوجيعة والألم والجرح والأسى أحدُّ من كل شيء وأعمق من كل شيء
هاهي تجلس في بيتها.. وبيت مشعل
عيناها زائغتان.. وقلبها كقبر مهجور.. تنظر لما حولها
لكل شيء حولها رائحة مشعل.. وذوق مشعل.. وإحساس مشعل
فكيف تعيش هنا من بعده؟!!
كـــيـــف؟!!
أي قدمين ستحملانها؟!! وبأي روح ستعيش؟!!
هل ما تشعر به هو محض ألم؟!!
إن كان يصح تسمية هذا الشعور الوحشي في قسوته ألـــمـــا!!
فما شعرت به من هذا الألم يكفيها عمرها كله.. كــــلـــه
كــــــلــــــــه!!
(يا نور.. نــــور..
تعالي اخذي السمك لا بارك الله فيش)
انتفضت لطيفة بعنف..وقشعريرة حادة تجتاح جسدها كالزلزال
وعظامها تكاد تتحطم لفرط ارتعاشها
هل جنّت؟؟
هل تتخيل صوته؟؟
(نور.. نـــور.. السمك باخليه عند الباب)
وقفت لطيفة بشكل حاد وهي تلتفت للباب بحدة
كان هو
هـــو
هـــــــو
يقف عند الباب وينزل كيسا ضخما عند الباب
حينها رآها
نظر لها ببرود.. وسلّم ببرود وهو يتجه للسلم ليصعد
كانت تنظر له بدهشة عميقة وفرحة أعمق.. تكاد تشهق من فرحتها وهي تملأ عينيها من رؤيته
عاجزة عن التصديق.. بعد كل هذا الرعب والألم
أن تنتقل من النقيض للنقيض في لحظة واحدة
كان يرتدي (برمودا) أسود و(تيشرت) أبيض قذر بدون أكمام ملتصق بعضلات صدره ومتسخ تماما
ويعقد غترته فوق رأسه على شكل عمامة (حمدانية)
ومازال يرتدي نظارته الشمسية التي خلعها ليمنحها نظرة البرود إياها
قد يكون في شكله خالٍ تماما من الأناقة.. ولكنها رأته بعينيها المخلوق الأكثر وسامة والأكثر رجولة كما كانت تراه طوال حياته..
حتى وإن كان الأبشع.. يكفيها أنه عاد لها
عـــاد لـــها!!
لطيفة جرت قدميها جرا وقطعت الطريق عليه وهي تقف أمامه مباشرة
مشعل همس لها ببرود: لطيفة وخري خليني أروح أسبح.. حالتي حالة
ريحتي سمك وثيابي وسخة
لطيفة مدت يديها وهي تتحسس خصره وذراعيه بوجع.. ثم تتحسس وجهه بكل الحنان والألم الممتدين بلا حدود كامتداد الكون
حــيـنـهـا
انخرطت في بكاء حاد ومفاجئ وهي ترتمي في أحضانه
لم يستطع مشعل إلا أن يحتضنها ويحتوي بكاءها
وهو يهمس لها بقلق: لطيفة وش فيش؟؟ حد فيه شيء؟؟
همست لطيفة بين شهقاتها ووجهها مختفٍ بين عضلات صدره وفي (تيشرته) القذر:
كنت خايفة عليك بس..
مشعل تنهد وذراعاه القويان يحيطانها باحتواء: البارحة رحت لرفيق لي عنده مركب في الخور..
وطلعنا للصيد.. أنا فصل شحني.. وهو نسى تلفونه
لطيفة احتضنت خصره أكثر وهي تهمس بوجع صارخ: تكفى مشعل سامحني
أنا آسفة حبيبي
تصلب جسد مشعل.. لأول مرة منذ خصامهما تناديه باسمه بهذه النبرة الموجعة.. بل وتقول (حبيبي)
تمنى أن يحتضنها بشكل أقوى..يخفيها بين أضلاعه.. ويغمر وجهها بقبلاته الوالهة المشتاقة
ولــكــنــه
أزاحها بخفة وهو يقول ببرود مستحكم: شوفي السمك
ووزعي منه على بيوت أهلنا.. واللي تبين عطيه.. السمك واجد
لطيفة أمسكت معصمه وهي تقول بصوت مختنق: تكفى مشعل سامحني
مشعل خلص معصمه من يدها بخفة باردة
وصعد للأعلى
مشعل لم يعد لديه رغبة في إطالة الخصام بينهما.. فحبه لها أعمق وأنضج من هذه المهاترات.. وهو متعب من طول هجرها
ومشتاق للطيفة القديمة التي رأى لمعان عينيها قبل لحظات وشعر بها تذوب بين أحضانه
ولكنه يريد تأديبها قليلا.. فما فعلته به المرتين الماضيتين لم يكن قليلا..
لم يكن قليلا أبدا!!
فهو إن كان لم يتقصد أن يكون باردا معها طيلة سنوات زواجها الماضية
فهي تقصدت معاقبته والبرود معه
فليذقها من ذات الكأس لتعرف مرارتها
مرارة البرود المتعمد!!!
لطيفة تنهدت بعمق وهي تجلس لتتماسك بعد كل هذا الانفعال
(لا بأس.. لا بأس
ليفعل مايريده بي
فأنا أستحق ما قد يفعله
فقد تماديت.. تماديت كثيرا
يكفيني أنه عاد سالما لي ولأولادي)
حينها كان هاتفها يرن.. كان فارس.. ردت وجاءها صوت فارس المشبع بالسعادة: أبشرش لطيفة أبشرش..
السيارة مهيب سيارة مشعل.. صحيح نفسها بالضبط.. بس راعيها انجليزي كان سكران اللي يكفينا الشر
لطيفة ابتسمت بشفافية: وأنا أبشرك إن مشعل رجع البيت.. توه واصل وكنت بأكلمك
فارس يضحك بسعادة: الله يبشرش بالخير.. ترا عشاء مشعل الليلة عندي
فرحتي الليلة فيه مالها حد
كفاية روعتي وروعتش
*****************************
بيت سعد بن فيصل
صالة البيت العلوية
بين العصر والمغرب
مريم تجلس أمام القهوة والشاي.. تقرأ لها كتابا..
وهي قررت أن تجلس هنا
لأن كلا من فيصل وفهد لديهما مشاريع يعملان عليها ولا بد من تسليمها بسرعة لأن الامتحانات النهائية اقتربت
ومريم تريد أن تكون قريبة من غرفتيهما
فهد فتح باب غرفته بخفة.. رأى مريم جالسة تقرأ .. وضع حذائه تحت إبطه وهو يمشي متسحبا لينزل للأسفل
فابن الجيران اتصل به ليرى إن كان سيذهب معه ليأخذا جولة على الدراجات ويذهبان لمحل البقالة القريبة
مريم همست بهدوء: فهد تعال
فهد انصدم كيف عرفت بوجوده.. ولكنه قال أنها قد تكون تنادي اسمه دون قصد.. فأكمل مشيه البطيء
مريم همست بحزم: فهد تعال.. أو تبيني اتصل في ابيك وأقول له إنك نازل تسحب مثل الحرامية
فهد ألقى الحذاء على الأرض بصوت مسموع وهو يتجه ناحيتها ويقول بغيظ:
أشلون عرفتي إني طالع؟؟ أنتي منتي بعمياء؟؟
مريم تبتسم: إلا عمياء.. بس مثل ماقلت لك قبل ربك يأخذ منا شيء ويعطينا أشياء
والحين ارجع وكمل مشروعك.. مدرسك يقول إنك أكثر طالب متأخر
فهد يضع يديه على رأسه: وكلمتي مدرسي بعد؟؟
تكفين كله ولا المدرسين لا تكلمينهم.. تبينهم يقولون قدام العيال إن أمي تكلم تبحّث وراي
مريم شهقت بعذوبة..(هل قال أمي؟!!)
ولكنها تعلم أنه قالها بعفوية لذا لا تريد احراجه
أخفت سعادتها العميقة المحلقة وهي تقول له بحزم: خلاص ما تبيني أكلمهم تصير رجّال وتكمل مشروعك
لم تخبره أن والده هو من هاتف مدرسيه ليسأل عنه كعادته.. قررت أن تجعله يظن أنها من كلمتهم رغم استحالة ذلك.. حتى يهتم أكثر
فهد بتأفف وهو يتجه عائدا لغرفته: زين.. هذا أنا راجع
مريم تبتسم: ترا هديتك مني غير هدية ابيك أخر السنة
بأوديك المكان اللي تبيه تختار الهدية اللي تبيها وأنا بأدفع بدون نقاش.. بس بشرط
عينا فهد تلتمعان: يعني ممكن أسحبش وأوديش فيرجن وإلا الرعاية التقنية وإلا مكتبة جرير وأختار أي شيء أبيه؟؟
مريم تبتسم: اللي تبيه بس أنا قلت بشرط
فهد يعود ويقفز جوارها: تشرطي..
مريم تبتسم: هياته في الشوارع ممنوع.. طلعة بدون أذن ممنوع.. سهر ممنوع
وأهم شيء تنجح على الأقل بتقدير جيدجدا..
لو أخليت بأي شرط من الشروط ذي ولو مرة وحدة لين نهاية الفصل تروح عليك الهدية
فهد لوى شفتيه: مهوب كنها شروط تعجيزية شوي؟؟
مريم تهز كتفيها: والله بكيفك..
فهد يقفز ويقبل رأسها: موافق.. بس مهوب تغيرين رأيش عقب
مريم تبتسم: أفا عليك..كلام رجّالة
******************************
بيت مشعل بن محمد
غرفة مشعل ولطيفة
قبل صلاة المغرب ببعض وقت
مشعل توجه إلى الحمام ليستحم
ولطيفة بقيت جالسة في الأسفل لفترة من الزمن حتى استجمعت قواها التى كادت تنهار بل انهارت من الانفعال والضغط النفسي المضني
حينها سحبت نفسها لتصعد لمشعل في الأعلى
حين دخلت كان مشعل أنهى استحمامه وارتدى ملابسه ويجلس على الأريكة ويكلم في هاتفه الموصول بالشاحن: أنت من جدك؟؟ وشو له العشاء؟؟
....................
يا ابن الحلال أنت سبقتني بالحلوفة.. بس والله ماله داعي.. أنت خبل؟؟.. وش ذا العشاء اللي ماله حِل؟؟
...............................
كان مشعل مستغرقا في حواره مع فارس..
فلم ينتبه لدخول لطيفة حتى شعر بأناملها تتخلل شعره المبلول..
ثم تنتقل يداها لكتفيه وهي تتحسسه بكل الشجن والحنان لتتأكد أنه أمامها فعلا
شعر مشعل بارتباك عميق وتنهد بعمق أكبر وهو يشعر بملمس أناملها الحانية..
ولكن ارتباكه وتنهيدته لم تتجاوز داخله وهو ينهي اتصاله ويهمس للطيفة بحزم ساخر:
ترا عنز الجيران سالمة ماعليها شر.. هذي هي رجعت
لطيفة دارت حول الأريكة لتجلس جواره.. وتمسك كفه وتهمس بعمق:
تكفى مشعل.. سامحني.. والله العظيم عرفت غلطي.. آسفة حبيبي.. آسفة
مشعل نفض يده من يدها وقام من جوارها.. ليس لأنه غاضبا.. لكن لأنه لا طاقة له بمقاومتها..
مشعل لم يرد عليها وهو يتجه للتسريحة ليمشط شعره ويحكم إغلاق أزرار كميه
ولكن لطيفة لم تتركه وهي تلحق به وتهمس بألم عميق: حبيبي مشعل خلاص واللي يرحم والديك.. يهون عليك تخليني أترجى ذا كله
حينها التفت لها مشعل بحدة وهمس من بين أسنانه بغضب حقيقي:
الحين أنتي متكاثرة كلمتين أسف قلتيهم
واللحية اللي قدامش.. الرجّال اللي قال لش آسف بدل المرة ألف ماهان عليش؟؟
لطيفة صمتت وهي تتراجع وتشعر بعمق ذنبها في حقه لأنها الآن من أصبحت في مكانه..
ولكنها من الناحية الأخرى لن تسمح له أن يفعل معها مافعلته به.. همست بشجن:
مشعل أنت جرحتني واجد.. وأنا قلت لك قبلها إني ماراح أتحمل منك شيء ثاني
مشعل يحاول التماسك وهو يرد عليها بهدوء: هو فيه حياة زوجية تخلى من المشاكل وسوء الفهم؟!!
إذا كل مرة بتسوي في رجالها إذا غلط عليها مثل ما سويتي فيني.. خربت الدنيا
هذا وأنا اعتذرت لش يا لطيفة بدل المرة ألف.. بس يا سبحان الله مهوب كل إنسان يعطى على قد حبه
لطيفة انتفضت بوجل وهي تحتضن ذراعه وتسند خدها لعضده:
تكفى مشعل ما تقول كذا..
والله العظيم إني أحبك.. مهوب أحبك بس إلا أحب التراب اللي تمشي عليه
تكفى حبيبي تسامحني
مشعل شعر فعلا أنه عاجز عن الاحتمال.. فهو لا يريد اهانتها أو إذلالها.. ولكنه لا يستطيع أن يسامحها فورا بعد كل مافعلته به
لذا خلص ذراعه من بين ذراعيها ببرود وارتدى غترته وخرج.. وهو يتنهد بعمق
بينما عادت لطيفة لتجلس على الأريكة وهي تشعر بحزن عميق
غاية في العمق يرهق فؤادها
************************
قبل ذلك وقتا وتوقيتا
واشنطن
بيت يوسف
مساء
باكينام ويوسف يدخلان البيت.. ويوسف يحاول حشد كل مهاراته التمثيلية الفاشلة
قد يكون مريضا فعلا ومستنزفا من الحمى.. ولكنه يعلم أنه يعبر المرحلة الأخيرة في مرضه لأنه عانى حمى شديدة وانفولنزا ثقيلة الأيام الماضية
باكينام تسنده رغم أنه لا يحتاج من يسنده.. بل من هو في ضخامة جسده سيطحن رقة عظامها.. ولكنه وضع يده في يدها وهما يصعدان:
هيكفيني أحس بيكي جنبي
بلاش تسنديني أحسن أكسرك
باكينام انتفضت بوجل رقيق (ايه العيان الفايئ ده؟)
حين وصلا لغرفتهما
ساعدته باكينام على خلع ملابسه.. وعلى لبس بيجامته
كل ما بينهما يبدو كثيفا ومعقدا ومفعما بالمشاعر
أناملها المرتعشة وهي تغلق أزرار بيجامته
كفاه الساكنتان على كتفيها
العين التي تناجي العين.. والروح التي تنادي الروح
وإعصار مشاعر عاتٍ يدور في الغرفة يوشك على قلب كل شيء رأسا على عقب
همست باكينام بهدوء تخفي تحته ضغط مشاعرها: أنا هانزل أشوف ماريا عملت إيه للعشاء
يادوب تصلي أنته العشاء يكون العشاء جاهز
يوسف همس بهدوء متعب لا يُعلم حقيقته من تمثيله: مش عاوز عشاء
هاصلي وأنام
باكينام بحزم رقيق: عشان كده تعبان بئى لك كم يوم.. ازاي عيان ما يأكلش؟!!
يوسف ينفذ عن ذراعيه ليدخل الحمام وهو يهمس بصدق حقيقي هذه المرة:
بجد ماليش نفس.. ماتشغليش نفسك يائلبي
قال (قلبي) بعفوية.. وتقبلتها هي بعفوية
فكل واحد منهما يحمل للآخر مشاعر حب حقيقية غاية في العمق والاختلاف
فعلاما المكابرة؟!!
وحتى متى يستمر العقاب والعقاب المضاد؟!!
******************************
بيت محمد بن مشعل
غرفة مشاعل وناصر
قبل المغرب
مشاعل تدور في الغرفة متوترة نوعا .. يغتالها نوع الترقب وكثير من اللهفة
يُطرق عليها باب الغرفة.. تهمس بهدوء: تفضل
العنود دخلت وهي تبتسم: مشاعل أمي تسأل عنش.. ما نزلتي من عقب رجعتش من المدرسة.. لا تغديتي.. ولا نزلتي تقهوين معنا
مشاعل تبتسم: أنتي اللي غريبة اليوم متغدية ومتقهوية مع أمي بعد
العنود بابتسامة شاسعة: مزاجي رايق
العنود انتعشت بعد اعتذار فارس لها حتى وإن كان وفق شروطه وفي بيته
ولكنه اعتذر لها بعمق وغمرها بدفء مشاعره التي استنزفها الاشتياق لها
وهي تشعر الآن بسعادة حقيقية.. فهو لها ومشاعره لها..
وما تنتظره الآن أن يأتي لأخذها من بيت أهلها وأمامهم..
فهو اعتذر وهي قبلت الاعتذار حتى وإن كانت لم تخبره بذلك
ثم أردفت العنود بمودة: خليش مني أنتي وش أخبارش؟؟
مشاعل برقة: طيبة الحمدلله
العنود بابتسامة: يعني بتنزلين؟؟ أمي تحاتيش
ابتسمت مشاعل: قولي لها بأنزل فديت عينها
العنود نزلت .. ومشاعل فتحت حقيبتها لتستخرج علبة مستطيلة استخرجتها من فترة الظهر حتى الآن عشرين مرة وأعادتها
لها عدة أيام ينتابها الشك..
متوترة متوترة متوترة
تتمنى أن تكون حاملا
تتمنى أن تهدي ناصرا هذه الفرحة
وتخشى في ذات الوقت تحطم آمالها
تنهدت بعمق.. وهي تتناول علبة الاختبار بحزم
وتدخل إلى الحمام
***************************
بيت جابر بن حمد
بعد المغرب
الصالة العلوية
حمد كان عائدا من صلاة المغرب
وجد شقيقاته في الصالة العلوية يدرسن حينا ويتحدثن أحيانا
سلّم عليهن ورددن السلام بابتهاج
همس لهن بمودة مصفاة: وين تبون تروحون بكرة
عالية وعلياء تبادلتا النظرات.. ومعالي همست بمرح: بصراحة يابو جابر
ماخليت مكان في الدوحة يعتب عليك إنك ماوديتنا له
جعلنا مانذوق حزنك يالغالي
حنا نبي شيء ثاني؟؟
حمد بمودة: آمروني يالغوالي
معالي بابتسامة: نبيك تزوج
حمد ضحك: أمي وابي اتعبوا مني وكلوكم بالمهمة
معالي بجدية لا تتناسب مع شخصيتها: لا والله العظيم ماقالوا لنا شيء
أصلا أمك بتزعل لو درت انه احنا كلمناك.. تقول البنات مايتكلمون في سوالف العرس.. تفكير عجايز أول
حمد يبتسم ويهمس بمرح: لا مهوب تفكير عجايز أول.. عيب عليكم.. اقصروا الحكي أو علمت أمي عليكم يا اللي ما تستحون
ماعاد إلا هو.. بنات ويحكون في العرس.. وينش يا بنت مشعل تسمعين بناتش؟!!
علياء بخجل: تكفى فديتك مايصير عايش عزابي كذا.. حتى ربع ماعندك تطلع تسهر معهم..
حمد بمودة: زين ما تخافون أخذ وحدة تصك علي.. ولا عاد أوديكم ولا أجيبكم.. ووقت الدلع القصير يخلص بسرعة
عالية بخجل رقيق: لا ماحنا بخايفين.. لأنه لو جيت للحق أنت قبل ما تأخذ موضي ما عمرك عبرتنا..فما تغير علينا شيء
والحين يوم تتزوج نتأمل إنك ما تتغير علينا
حمد احتضن عالية القريبة منه وهمس بحنان: إن شاء الله إن ربي قاله.. عمري ما أتغير عليكم إن شاء الله
سواء ما عرست أبد.. أو خذت أربع نسوان حتى
معالي قفزت وهي تصرخ وتحتضن حمد وعالية: حضن.. حضن.. لازم تحضنوني معكم
أموت في الأفلام الهندية
وبعدين وش سالفة أربع نسوان؟؟ حنا قلنا لك أعرس وجب لنا مصيبة وحدة
مهوب أربع مصايب
*****************************
بيت راكان
بعد صلاة العشاء مباشرة
راكان عاد إلى بيته ليستبدل ملابسه من أجل عشاء فارس لمشعل
لم يجد موضي
كان بوده أن يراها فهو غادرها قبل صلاة العصر وكانت تبدو متعبة
بل كانت متعبة منذ عودتها من عملها
لم يكن يريدها أن تذهب للعمل اليوم ولكنها رفضت أن تتغيب ليومين متتاليين
في طريق عودتهما من العمل كانت طوال الطريق تسند رأسها للمقعد بشكل مائل وهي تشعر بألم متزايد في معدتها.. خليط من الجوع والغثيان
فهي لم تتناول أي طعام حتى لا تتقيأ في العمل
همس لها راكان بهدوء حان: موضي
موضي انتفضت بتلقائية وصوت راكان يأخذها عن إحساسها بالألم: لبيه
همس راكان بحنان رجولي عميق: خلينا نروح المستشفى موضي
موضي بضعف: أنا قلت لك عطني يومين بس راكان.. لو ما تحسنت بأروح
راكان تنهد ثم همس بحزم: هذا كان أمس..
ابتسمت موضي بشفافية: عاد عندي لين بكرة
راكان بشجن: أنا أبي أتطمن عليش يا موضي.. حرام عليش اللي تسوينه في نفسش وفيني وكل يوم حالش أشين من اللي قبله..
موضي أعادت رأسها لتسنده للزجاج وتهمس بعمق: بكرة ياراكان.. بكرة
وها هو اتصل بها من بعد العصر حتى قبل صلاة العشاء عدة مرات ليطمئن عن وضعها الذي بات يمثل رعبا متواصلا له..
لم يكن فعليا يحتاج لتبديل ملابسه.. فملابسه أرتداها لصلاة العصر
ولكن ربما كانت مجرد حجة ليطمئن عليها
وهاهو لم يجدها أيضا..
اتصل بها
جاءه صوتها المرهق: هلا راكان
تنهد بعمق وهو يحاول تجاوز اهتزاز أوتار قلبه من ضعف صوتها البادي.. ثم همس بحزم: وينش؟؟ أنا في البيت
همست وهي تعتدل جالسة عن فخذ والدتها حيث كانت تضع رأسها:
عند أمي
قلت لك اليوم وأنت طالع لصلاة العصر
تبي شيء؟!! تبيني أجي؟!!
كان بوده أن يقول لها: (إيه تعالي.. أبي أشوف عيونش بس)
لكنه همس بهدوء: لا خلش عند الوالدة وسلمي لي عليها
أنا يمكن أتأخر شوي على العشاء
موضي باحترام عميق: براحتك.. أنا بأرجع للبيت بعد العشاء على طول
موضي أغلقت هاتفها.. احتضنته بعفوية .. وعادت لتضع رأسها على فخذ والدتها التي تجلس على طرف الأريكة
أم مشعل كانت تمسح على شعر موضي بحنان.. ثم همست لريم التي كانت تحل واجباتها عندهما وهي تنثر كتبها على امتداد الصالة:
الرويم قومي لغرفتش يأمش
ريم بتأفف: يمه..فديتش
أم مشعل قاطعتها بحزم: قلت قومي.. لا تراديني
موضي بهمس متعب: خليها يمه تقعد
أم مشعل بذات الحزم: أنا قلت تقوم لغرفتها تقوم.. ما أبيكم ثنتينكم ترادوني
ريم نهضت وهي تتأفف وتجمع كتبها (بتحلطم) ثم هتفت بصوت عالٍ وهي تقف في منتصف الدرج:
إذا خلصتي السالفة اللي تبين تقولينها لموضي وعيب أسمعها.. ادعيني
فيه واجب أبي موضي تساعدني فيه قبل تروح لبيتها
موضي ابتسمت وهي ترفع عينيها لأمها: صدق يمه عندش سر تبين تقولينه لي وإلا هذي تأليفة من الرويم الدعلة؟؟
ابتسمت أم مشعل: مافيه دعلة غيرش.. وظنش الناس كلهم مثلهم
موضي ضحكت رغم إرهاقها الواضح: أفا.. تسبيني يأم مشعل؟!!
أم مشعل بحنان مباشر: أي شهر؟؟
شهقت موضي وهي تجلس وتهمس بحرج وعيناها في حضنها: شهر وشو يمه؟؟
أم مشعل قرصت خد موضي بحنان غامر: أنا صار لي تقريبا شهر وأنا طايرة فوق السحاب
يعني من قبل ألاحظ الوحم اللي أنتي داسته حتى.. بس كنت أنتظر تفرحيني أنتي؟؟
موضي صمتت بخجل حاد ووهي تشعر بحرج عميق من والدتها
همست أم مشعل بحنان: يأمش أنا ما أتشره عليش.. أنا كنت أبي أسمعها منش بس
موضي بخجل: والله العظيم توني دريت من 3 أسابيع.. واستحيت يمه
أم مشعل بحنان: تستحين مني يأمش؟!!
موضي أبعدت عينيها عن مدى رؤية والدتها حتى تخفي لمعان الدموع في عينيها
وحتى لا تقرأ والدتها في هاتين العينين سبب إخفائها خبر حملها: الموقف كله غريب علي بس فديت عينش
والدتها ابتسمت: يعني غريب علي ومهوب غريب على راكان يا مويضي
موضي بحزن: أنا حتى راكان ما قلت له
أم مشعل بهمس غاضب عاتب: لا يأمش ما يصير تدسين على راكان
وبعدين ماله عيون يشوف ذا الوحم... هذا وأنتي تدسينه وواضح
أجل لو ما تدسينه.. أشلون؟!!
صمتت موضي وحزن عميق يخترم روحها.. ماذا تقول لوالدتها؟!!
ماذا تقول لها؟!!
***********************
انتهى عشاء فارس في وقت متأخر نوعا ما
فالعشاء لم يكن عشاء اعتياديا بل كان عشاء كبيرا فخما حضره عشرات المعازيم
الجميع كان مستغربا من كون العشاء لمشعل وبهذه الضخامة ودون مناسبة
ففارس لم يخبر أحدا بحكاية السيارة المحترقة وحالة الرعب التي عاشها
الجميع عادوا لبيوتهم
ليلة جديدة تحمل من المفاجآت الكثير
بيت مشعل بن محمد
مشعل يتنهد بعمق وهو يدخل لبيته ويحشد في قلبه عشرات الدعوات أن يتجلد أمام لطيفة
قرر أن ينام فور انتهاءه من صلاة القيام
حتى لا يعطيها أي مجال للحديث
ولكن إن كان هو يخطط.. فلطيفة كذلك تخطط
حين دخل.. كانت رائحة بخور وزيوت عطرية قوية تفوح من الغرفة
مفرش جديد بالغ الفخامة على السرير
قد تكون لطيفة بطبيعتها شديدة الاهتمام بهذه الأمور.. تحب البخور كثيرا وكثيرا ما تغير مفرش السرير كل أسبوع تقريبا.. وأحيانا مرتان في الأسبوع
ولكن اليوم مختلف.. مختلف تماما
أو ربما هو إحساسه من أوحى له بهذا..!!
ولكنه حين رأى لطيفة تخرج من الحمام وهي تجفف يديها وتهمس برقة: "جاي من زمان حبيبي؟؟"
تأكد أن اليوم مختلف بل غاية في الاختلاف
فلطيفة كانت فتنة متحركة قد تشكل خطرا قوميا في قميص نومها البحري
مشعل تجاوزها وهو يهمس ببرود كان يحترق تحته حتى آخر ذرة: دامش شفتيني قدامش.. أكيد جيت
دخل للحمام يتوضأ
خرج وصلى دون أن يلتفت لها
ثم تمدد على سريره الذي كان غارقا في رائحة العطور
ولكن لطيفة لم تتركه في حاله وهي تتمدد جواره
أعطاها ظهره وهو يقول ببرود بارع: طفي الليت.. بأنام..
لطيفة اقتربت أكثر
مشعل التبس والتمس (اللهم طولك ياروح
يالله ياكريم لا تفشلني .. لا تفشلني)
لطيفة اقتربت منه أكثر وهي تضع كفها على عضده وتهمس في أذنه برقة مدروسة شعر بها تذيب عظامه لتصل إلى عمق النخاع
وهو يتنفس رائحة عطرها الموجع ويشعر بنعومة جسدها المستحيل:
حبيبي مشعل قلت لك آسفة بشكل مباشر.. وقلتها بشكل غير مباشر
لا تصير قاسي كذا
والله ما يهون علي زعلك.. تكفى حبيبي تكفى
مشعل أزاح يدها عن عضده بيده الأخرى.. وهو يهمس بذات النبرة الباردة:
لطيفة بعدي عني.. ما أقدر أنام وأنتي لازقة فيني كذا
لطيفة انسحبت بخفة ولكن قبل أن تنسحب نهائيا.. طبعت قبلة رقيقة على صدغه ثم نقلت شفتيها لأذنه وهمست:
أحــبــك
****************************
بيت محمد بن مشعل
غرفة مشاعل وناصر
يبدو أن الليلة ليلة خطط بنات عبدالله بن مشعل
مشاعل أيضا لديها ليلة مفعمة بالاختلاف.. ليلة لن تتكرر
فهذا الخبر حين يكون في مرته الأولى يكون له أفق فرحة لا حدود لها
ناصر دخل
ابتسم حين رأى مشاعل وهمس: وش ذا الزين؟؟
مشاعل كانت غاية في التأنق والألق وهي ترتدي فستانا قصيرا وضيقا باللونين الأحمر والذهبي
مشاعل تقف وهي تأخذ غترته منه وتهمس بعذوبة: يا النصاب يعني أنا ما أتزين لك كل ليلة!!
ناصر باعجاب وهو يمسك بكف مشاعل ويديرها ليراها من كل الاتجاهات:
بلى يا قلبي.. بس الليلة حلاش زايد
همست مشاعل بخجل: أبيك تشوف رشاقتي دامني رشيقة
ناصر تناول كفها وقبلها وهمس بابتسامة: أنتي على طول رشيقة
مشاعل تنهدت ( مافهم التلميح الأول... نتتقل للثاني)
ناصر توجه للأريكة وجلس وهو يشير للمكان المجاور له حتى تجلس جواره
مشاعل توجهت له وجلست جواره
وناصر همس بعمق ووله: جد يا قلبي حلاش الليلة غير طبيعي.. ماشاء الله تبارك الله خايف عليش من عيني
مشاعل بخجل: خلك من حلاي ومن مجاملاتك الواجدة..
كنت أبي أسألك عن شيء
ناصر بمودة: آمريني يا قلب ناصر
مشاعل بنبرة خاصة: مهوب أمر مجرد سؤال
الحين الجليلة ممكن تجيب مهر صغير.. عشان أنا أبي لي مهر صغير بس من نوع طيب
ناصر باستنكار: بعيد الشر عنها
ثم أردف بابتسامة: الجليلة عادها بعزها.. اللي مثلها ما تخلا تحمل الحين.. إذا كبرت شوي وماعاد تنفع للسباقات.. ممكن تحمل
بس..ووش تبين بالمهر يعني؟؟
مشاعل بنفس النبرة الخاصة: زين إذا أبي مهر أصيل وطيب عروق... من وين نجيبه؟؟
ناصر يبتسم: أما أنتي الليلة غريبة على ذا الأسئلة..
اسمعيني يا قلبي.. ترا طِيب الحلال إن كان خيل وإلا أبل وإلا غنم.. تعتمد في الأول على الفحل
إن كان الفحل طيب.. طاب نسله..
وإن كان الفحل طيب والأم طيبة.. إن شاء الله يجي النسل من أطيب ما يكون.. (الطيب هنا بمعنى الجودة)
بس لحد الحين ما فهمت وش تبين بالمهر الأصيل الطيب؟؟
مشاعل ابتسمت وهي تهمس بخفوت وتنغم جملتها ببطء كلمة كلمة:
يعني أنت تكون عندك فرس طيبة.. وولدك مايصير عنده مهر طيب؟!!
أبيه فارس مثل ابيه
***************************
قسم راكان
موضي لم يكن لديها أي مخططات على عكس شقيقتيها
لأن راكان دخل عليها ووجدها في الحمام تتقيأ
ولأن البيت كان خاليا والغثيان داهمها فهي تركت الباب مفتوحا
فُجع راكان وهو يراها تجلس على فوطة على أرضية الحمام
وتتقيأ في المرحاض ويبدو أنه مضى عليها وقت طويل وهي على هذا الحال
فوجئت موضي بيد قوية تطبق على عضدها وهمسه الحازم: قومي الحين نروح للمستشفى
موضي كان وجهها محمرا وعيناها محمرتان لكثرة ماتقيأت
همست بصوت مختنق.. فهي كانت متعبة حقا: تكفى راكان خلني.. المستشفى ما يقدرون يسوون لي شيء
راكان شعر بالجزع وجملتها تخترق روحه اختراقا متوحشا.. همس برعب:
أشلون مايقدرون يسوون لش شيء
موضي أنتي وش داسة علي؟!!
موضي تحاول أن تقف .. تشعر بالدوار..وتكاد أن تسقط.. فيحتضنها راكان بقوة
لم يسندها..
ولكن احتضنها .. احتضنها بكل قوته..بكل شغفه بها وخوفه عليها
ماعاد به طاقة للاحتمال..
يشعر كما لو كان على وشك أن يفقدها..
يــفـــقـــدها؟؟!!
يستحيل.. يستحيل
كيف يفقدها؟!! سيفقد روحه معها!!
موضي همست بضعف ورأسها مختف في عضلات صدره:
راكان تكفى هدني.. خلني أتسبح.. ريحتي خايسة
كل يوم وأنا أتحلم بحضنك.. ما تحضني إلا وأنا كذا
همس لها راكان بكل وجع العالم ورجولته: موضي لا تخليني.. لا تخليني
لا تخليني عقب ما لقيتش
لأول مرة في حياته يشعر بهذا الضعف.. وهذا الاحتياج..!!
معها يتجرد من الجبروت والقيود ليتحول مخلوقا صافي المشاعر.. يعبر عن خوفه وولعه وواحتياجه
موضي باستغراب متوجع: وين بأخليك؟؟ أخاف أنت اللي تخليني
راكان بدهشة أعظم: أنا اللي وين أخليش؟؟ وأشلون أخليش؟؟
موضي تخلصت من حضنه بلطف وهمست بعمق: راكان خلني أتسبح الحين
عشر دقايق وأجيك.. وأقول لك كل شيء
راكان توجه لينتظرها جالسا على السرير.. بينما عادت هي للحمام
شعر أن العشر دقائق مرت عليه عشر سنوات
فقلقه ورعبه يتصاعد أن تكون مريضة بمرض خطير تخفيه عنه
موضي أنهت استحمامها
خرجت ملتفة بفوطتها وروبها.. والتعب بادٍ تماما على وجهها
قفز راكان واقفا وهو يمد يده لها فور أن رآها
موضي وضعت كفها في كفه المحتوية وكأنها تستمد القوة من قوته
راكان احتضن كفها بحنو وهو يقول لها بحزم حنون: شوفي سالفة القولون الملتهب خلاص ما تدخل مخي
قولي لي وش فيش.. ولا تدسين شيء علي
موضي أنزلت عينيها للاسفل وسالت دموعها بصمت
راكان بجزع حقيقي وقلبه يتمزق شظايا متناثرة: ودموع بعد؟!! والله إن السالفة كايدة
موضي بضعف: راكان يمكن تستغرب بس أنا مبسوطة.. مبسوطة فوق ما تخيل.. سعيدة سعادة عمري ماعشتها
راكان بدهشة عميقة: مبسوطة وأنتي مريضة وتبكين؟!!
موضي بصوت مستنزف من الإرهاق: اسمعني راكان
أدري إنه يمكن كان عندك مخططات تبي تسويها في حياتك بعيد عني
وفي قلبك حبيبة يمكن باقي لها مكان فيه
وأنا ما أقدر أمنعك من أي شيء تبي تسويه
بس تكفى راكان تكفى... حتى لو ماكنت مبسوط بالخبر
بيّن إنك مبسوط عشاني.. لا تكسر فرحتي
راكان بتوجس عميق: أي خبر؟!!
موضي بتوتر وترقب رقيقين وهي تدعك أناملها بحدة:
أنـــــا حـــــامــــــــل !!!
#أنفاس_قطر#
.
.
.
|