كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية مابين الصباح والمساء
الوقت المموه الذي غادر الصباح بانبلاجه
ومازال في الطريق إلى الليل بسكونه
فلا هو بالصباح المنبلج.. ولا الليل الهاجع
لا هو ببراءة الصباح.. ولا هو بسكينة الليل
وقت قلق.. مريب.. يتأرجح!!
يــــتـــــأرجــــــــــح!!!
هي هذه تماما!!
اليوم هو جزء التأرجح.... وليس أي تأرجح.. بل التأرجح الموجع.. الموجع
هل تذكرن جزء الصفعات الثلاث؟!!
الذي أدى لتأزم الوضع بين ثلاثة أزواج من أزواج "أسى الهجران"
اليوم نعود للأزواج الثلاثة.. هم فقط
سيقتصر جزء اليوم على
مشعل ولطيفة
فارس والعنود
يوسف وباكينام
جزء التحولات
السعيدة للبعض
الغامضة للبعض
والحزينة للبعض
فمن سيكون الزوج السعيد بين الأزواج الثلاثة؟
ومن سيكون الغامض؟
ومن سيكون الحزين؟
هذا الجزء استنزفني تماما
تماما
تـــــــــمــــاما
بمشاعره الثائرة والمتناقضة
كتبته في حالة أشبه بغيبوبة الحمى
لأسقط بعدها فيما يشبه غيبوبة حزن غامض اعتصرني اعتصارا
لن أطيل
لأن الحديث ليس ذا معنى
موعدنا القادم سيكون يوم الأحد صباحا الساعة الثامنة والنصف
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
أسى الهجران/ الجزء المئة واثنان
بيت فارس بن سعود
الساعة التاسعة والنصف مساء
سيارة فارس تتوقف في الباحة قادما من المستشفى.. فهو حلف على خاله أن يعود لبيته.. فهو ليس مريضا ليبقى مرافقا معه
وحينما خرج خاله..شعر بالتملل.. فاستأذن الطبيب في الخروج ووعده أنه لن يتناول شيئا حتى موعد الفحص التالي الذي سيكون في السادسة صباحا
وأنه سيعود قبله.. لأنه يريد النوم في بيته
وهاهو يدخل البيت.. ينادي والدته.. ثم يتذكر أنها لابد في بيت خاله
فيقرر أن يتركها الليلة تبات عندهم.. تتحدث مع مريم وسعد وأولاده
فهي تعبت من الوحدة
وآه من الوحدة التي كُتبت عليه
وتغلغت في روحه بعيدا حتى عن مجرد الأمل في حبها!!
يصعد للأعلى بخطوات هادئة.. يصل لباب غرفته..
ليُفاجأ أن الباب موارب والمفتاح معلق في الباب من الخارج
(من سيجرؤ على دخول غرفته في غيابه وغياب والدته؟!!
أ يعقل أن تكون واحدة من الخادمات؟!!
حتى عندما ترتبن فإن والدته تبقى معهن حتى ينتهين
فكيف تتجرأن على الدخول الآن؟!!)
لذا صرخ بغضب وهو يدخل الغرفة : من اللي هنا؟؟
العنود فُجعت.. صُدمت.. انتهت من الحرج
وهي تتمنى أن تنشق الأرض لتبتلعها..أن تتلاشى
عيناها امتلئت بالدموع ويكاد يُغمى عليها من الخزي والحرج
كيف ستبرر وجودها له؟!!كيف؟!!
ستهرب..
ستهرب دون أن تنظر له حتى
ولكنها لم تستطع التحرك من مكانها حتى لتهرب... قدماها متصلبتان مغروستان في عمق الأرض
تحاول التحرك وقدماها يبدو كما لو كان الدم توقف عن الجريان فيهما.. فهي تأبى الاستجابة لها
بقيت واقفة متصلبة في مكانها بين فتحتي الدولاب وهي تشعر كما لو ضلفتي الدولاب تتقاربان لتطبق على كل أنفاسها
فارس تجاوز الصالة لغرفة النوم وهو يصرخ بغضب أشد:من اللي هنا؟؟
لاحظ الدولاب المفتوح فتوجه ناحيته وهو يخشى أن هناك ما سُرق
وأكثر ما يخشى عليه هو أغراض العنود.. فالعنود لم تأخذ شيئا من مجوهراتها ولا ساعاتها
وقف أمام الدولاب المفتوح بكل غضبه
لِـ
لِــ
لِــــ
ماذا يسمي مارآه بين فتحي الدولاب؟!!
معجزة؟!!
أعجوبة؟!!
دعوات أمه؟!!
رضى ربه عليه؟!!
كانت مفاجأة صاعقة.. لم يتخيلها ولا حتى في أشد أحلامه جموحا
المفاجأة الأعذب في تاريخ حياته وخارطة تكوينه
وجد سارقا كما توقع..ولكنه السارق الأروع والأجمل.. السارق الذي سرق قلبه واستولى على روحه ليرتحل بهما للبعيد
كانت العنود تقف بين دفتي الدولاب كطفل مذعور
عرقها يتصبب بغزارة على جبينها ..وشعرها المشعث يلتصق بجبينها وعنقها
حلقها جاف.. وعاجزة حتى عن ابتلاع ريقها لترطيبه ولسانها المتخشب يلتصق بقاع فمها
دقات قلبها تتصاعد بجنون متوحش..
تدعك أناملها وهي تضم يديها لصدرها الذي يكاد يتمزق من فرط ارتعاش ضلوعها
عيناها تنظران للأسفل..
وهي تدعو الله في أعماقها بكل الوجع واليأس أن ينقذها من هذا الحرج الذي سيقضي عليها
تكاد أن تذوي حرجا كمجرم أجبرته مرارة الحاجة أن يسرق للمرة الأولى فيمسكونه بالجرم المشهود
(ليس فارس
ليس فارس
يارب أرجوك.. ليس فارس
ليس هو
لن احتمل رؤيته.. لن احتمل رؤيته.. مع كل هذا الاشتياق الذي خنق روحي
أخشى أن انهار في حضرته)
فارس تنهد بعمق لاسع وهو ينظر بكل الوجع والشوق واللهفة للمخلوق المرتعش أمامه
يشعر ببراكين مشاعره تثور.. وأعاصير أحاسيسه تجرفه في دواماتها العميقة
(أ حقا هذه العنود أمامي؟؟
وفي بيتي؟!!
أخيرا.. أخيرا!!
كم أنا مشتاق.. مشتاق
بل نضجت واستنزفت اشتياقا لاهبا موجعا
أخيرا يا أميرتي..هنا.. هنا)
فارس تناسى كل شيء.. عـــداها
تناسى الغضب.. وكراهيتها
تناسى اليأس والألم
ماعاد يشعر بشيء في العالم سوى دقات قلبه الصاخبة التي تنادي دقاتها الأكثر صخباً
اقترب منها وهي تقف وترتعش وتضم كفيها لصدرها.. ودموعها بدأت بالانهمار بغزارة
فلا مناص.. ولا مهرب وهي ترى طرف ثوبه أمامها مباشرة
همس باسمها..
وأخيرا من هذا القرب..
همس بخفوت :(الــعـنــود)
همس اسمها بكل وجعه واشتياقه ولهفته العميقة
العنود شعرت مع مناداته لاسمها بماء بارد يسكب على رأسها.. إذن هو رآها !!
كانت تحلم أنها قد تحولت لمخلوق غير مرئي.. وأنه لم يراها
لكنه ناداها
نــاداها!!
آه وألف آه من جرس اسمها بصوته الرجولي المشتاق
ازدادت رعشتها
وهي ترفع عينيها
لـــتــفـجــع
تفجع تماما بما رأته أمامها..
ماذا حل به؟؟ مابه؟؟
كان شكله مريضا.. مريضا جدا
انخفض وزنه كثيرا.. هالات شديدة السواد تحيط بعينيه
يبدو على وشك الانهيار الفعلي
انتفضت بجزع كاسح وهي تنسى كل شيء.. عـــــداه
اقتربت منه ووضعت يدها على خده بجزع ورقة واحتواء
وهمست بصوت مختنق: فارس وش فيك؟؟
فارس تناول كفها من خده لينقلها لشفتيه وهو يطبع في باطنها قبلة عميقة وهو يتنفس بعمق موجوع عبق رائحة خطوط يدها
ويهمس لها بعمق مجروح: هذا اللي سواه فيني غيابش
قواش قلبش تهجريني ذا كله؟!!
قواش قلبش؟!!
أنا كنت كل يوم أموت ألف مرة بعيد عنش
قواش قلبش تقولين إنش تكرهيني؟!!
تكرهين فارس يا العنود؟!!
فارس اللي يتنفس هواش
فارس اللي لو قطعتي لحمه لقيتي اسمش على كل وريد وشريان
هان عليش تسوين فيني كذا يا العنود؟!!
انتفضت العنود بشدة أكبر وخلاياها تتهاوى مع كلماته
( أ أنا من فعلت به هذا؟!!
أنا؟!!
أفعل هذا بفارس؟؟ بفارس؟!!
أريد أن أبكي.. أبكي كثيرا
أريد أن أهرب من أمامه
أريد أن أهرب
سأنهار الآن.. سأنهار)
العنود خلصت كفها من كفه بلطف وهي تتراجع وعبراتها تخنقها.. وعيناها غائمتان تماما من كثرة الدموع وهمست بصوت مختنق تماما:
أنا جاية أبي لي شغلة وبامشي
قالتها وهي تتجه للتسريحة وتفتح الجارور الأول حيث تتوقع وجود الفلاش
وتتناوله وهي تهمس بصوت أشد اختناقا وارتعاشا: اسمح لي استأذن.. تأخرت على أمي
كان جلالها على السرير.. تناولته وهي تمر بفارس في طريقها للخروج هربا لتختلي بحزنها المستحكم قبل أن تنهار
ولكنها فوجئت بكف قوية تطبق على معصمها وصوته الحازم يهمس:
من جدش أنتي تبين تروحين؟؟
العنود بضعف: فكني فارس
ولكن فارس شدها أكثر ناحيته وهو يتناول الجلال من يدها ويلقيه على الأرض
ثم يحتضنها من ظهرها بقوة وحنو..وذراعاه تحيطان كتفيها بإحكام
وينحني من عليائه ليلصق خشونة عارض خده بحرير خدها ويهمس لها بعمق رجولي موجع:
أولا: أنا آسف على كل اللي صار
ثانيا: قولي لي الحين فكني
ولو أنتي تبين أفكش صدق.. فكيتش
**************************
بيت مشعل بن محمد
الساعة الـ11 مساء
لطيفة عادت من بيت عمها منذ وقت.. تعشت مع أولادها
ثم نيمتهم وهاهي تدرس دروسها ومستغرقة تماما في الدراسة
دخل مشعل
ألقى التحية.. ردت بهدوء
دخل ليستحم.. أعدت ملابسه وعطرتها كعادتها تماما.. وضعتها في غرفة التبديل وعادت لدراستها
حين خرج مشعل.. صلى قيامه وشفعه ووتره.. ثم توجه ناحيتها وجلس على الأريكة
ثم تنهد بعمق وهمس بهدوء: فكرتي في كلامنا اليوم الصبح؟؟
لطيفة بهدوء وعيناها على كتبها: أظني قلت لك مبروك مقدما
حينها وقف مشعل كأسد جريح ليتوجه إليها وينتزعها من مقعدها وهو يهز عضدها ويهمس بغضب:
إذا كلمتيني.. ارفعي عينش وحطيها في عيني
تراني رجّالش ماني بأصغر عيالش
لطيفة تنهدت وهي ترفع رأسها له وتخلص عضدها من كماشة كفه القوية: أنت وش تبي مني؟؟
مشعل يحاول السيطرة على غضبه: لطيفة اسمعيني.. أنا زواج عليش ماني بمتزوج
مافيه مرة تسواش عندي.. وماني بظالم بنات الناس معي..أتزوج وقلبي معش
أنا قلت كذا أبي أشوف ردة فعلش
لطيفة تتجاوزه بهدوء وتجلس على الأريكة: وهذا أنت شفت ردة فعلي
مشعل يعود ليجلس قريبا منها ويهمس بألم عميق يختفي خلف هدوئه الثابت الحازم: يعني أفهم من كذا إنه أنا ماعاد لي أهمية عندش
لطيفة بهدوء: محشوم يا بومحمد أنت رجّالي وأبو عيالي الله يخليك لعيالك
مشعل بتساؤل حذر موجوع: ولش؟؟
لطيفة بذات هدوؤها: إذا سلمت لعيالك كفاية
مشعل يشعر بصدمة فعلية كاسحة من برودها القاسي .. همس بسخرية جارحة ومجروجة:
أفهم من كذا إني لو مت بيكون كن اللي مات عنزة جيرانكم
لا تعلم لطيفة لِـمَ شعرت بنغزة ألم حادة حادة وموجعة في عمق عمق قلبها مع ذكره للموت
لأول مرة تنتفض مشاعرها بل وبهذا العنف الهائل في حضرته منذ إجهاضها قبل حوالي شهر ونصف
ولكنها همست بهدوء بارد: لو عشت جعل عمرك طويل لعيالك.. ولو مت ماحد يموت قبل يومه
مع انتهاء جملتها شعرت بالنغزة الثانية في قلبها..شعرت مع الألم المتزايد في قلبها أن أنفاسها تثقل وسحبها للأكسجين يصعب
لم يكن هناك بأسا في جملتها (فلا أحد يموت قبل يومه المحدد)
ولكن طريقتها في قولها أوحت بمعنى فوق المعنى.. معنى موجع.. موجع لأبعد حد
لذا وقف مشعل وهمس بحزم ملتهب: تدرين لطيفة وش اللي كبر رأسش علي
أنش دريتي إنش حكمتي القلب وتحكمتي.. شختي عليّ يا بنت عبدالله!!
قاعدة تلعبين بي كني بزر!!.. لا واللي في رفع سبع سماوات بليا عمد
ما أكون ولد محمد وأبو محمد إن خليتش تلعبين بي أكثر من كذا
حلا لش الزعل يأم محمد.. قلتي هذا يحبني وما يقوى بعدي.. خلني ألعب به.. أبعده شوي واقربه شوي.. واحرقه شوي
لا يأم محمد.. لا.. لهنا وخلاص.. لا أبو الغلا اللي خلاني مسخرة لك
أقص عروق قلبي وأحرقها ولا أذل نفسي لش أكثر من كذا
أخرتها موتي وحياتي عندش سوا.. مابقيتي شيء أتحسف عليه يأم محمد
باروح أنقلع في قلعة وادرين.. وأنتي مالش شغل فيني.. هذا يعني لو كان الثلج يهتم وإلا يحس
مشعل ارتدى ملابسه وخرج كإعصار غاضب
لطيفة كانت جالسة كالمذهولة وكأنها تفيق من حلم طويل.. طويل
بل كأنها تصحو من غيبوبة أشبه بالموت
لم يهمها قسوة كل ماقاله
عدا جملة واحدة أشعلت كل مشاعرها الراكدة تحت الجليد
أشعلتها لأقصى حد
وهي تنتفض بعنف.. وغشاوة الأسابيع الماضية التي وضعتها هي بنفسها وتحكمت هي بها تُزال عن عينيها وقلبها
لم تزال فقط بل تمزقت
تمزقت تماما..
ولطيفة القديمة..عاشقة مشعل.. تعود للظهور بكل القوة والحدة والعنفوان
لأن الموقف لا يحتمل البرود ولا الجمود ولا حتى التصنع
ولا يمكن أن يحتمل
(موته وحياته عندي سوا؟؟)
(من اللي يقول كذا؟؟
من؟؟)
************************
واشنطن
مساء
سكن يوسف..
في المنطقة الجامعية القريبة من جورج تاون
باكينام تصل للسكن
تشعر بحرج بالغ وهي تعبر بهو السكن للاستقبال
فالمتواجدون في البهو جميعهم شباب ويبدو من أشكالهم أنهم عرب
تتوجه للاستقبال كان الموظف شيخا عربيا يبدو شاميا
توجهت له بالسؤال: أنا عاوزة أسأل عن يوسف عزت
الشيخ بنبرة رسمية عفوية: سامحيني بنتي .. غير مسموح بطلوع بنات للسكن
باكينام بهدوء: أنا مرات يوسف
الشيخ رفع رأسه مستفهما: وين عقد الزواج ؟؟
باكينام استخرجت عقد الزواج الذي لا يفارق حقيبتها أصلا وناولته الشيخ
الشيخ نظر في العقد ثم همس بهدوء: غرفة 15 الطابق الثاني.. ربع ساعة بس وتنزلي
باكينام صعدت بخطواتها الواثقة المعتادة ولكنها شعرت بالحرج من نظرات الاستغراب التي طاردها بها الشباب
وصلت للغرفة وقفت على الباب لدقيقة وهي تتنهد بعمق..
ماذا لو لم يكن هناك بأس في يوسف
وكل ماهنالك إنه انشغل عن الاتصال
كيف ستبرر قدومها له؟!!
طرقت الباب بخفة
فتح الباب شاب في بداية العشرينات تمعن في باكينام ثم همس بانجليزية ركيكة بها وضوح اللكنة المصرية: هل أخطأتِ الطريق أيتها الجميلة؟!
باكينام بالعربية وبنبرة حازمة: مش دي اوضة يوسف؟؟
الشاب يطل برأسه للداخل ويهمس بمرح: إلحئ ياعم يوسف.. بت زي فلئة الئمر بتسأل عنك
وصلها صوت يوسف المتعب من الداخل: ئول لها تتسهل.. أكيد غلطانة
الشاب يبتسم: العم يوسف مالوش في الطيب نصيب.. أنا ما انفعش؟!!
باكينام بغضب: أنته ياواد انته.. اتلم وانته متبعتر كده.. أنا مرات يوسف
الشاب بحرج: آسف يامدام.. والله كنت باهزر معاكي..
أنا ئاعد مع يوسف عشان هو بعافيه شويه
خلاص اتفضلي وانا هارجع اوضتي
الشاب خرج.. وباكينام دخلت بخطوات هادئة وأغلقت الباب
همس يوسف وعيناه مغلقتان: مشيت البت يامحمود؟؟
ازاي الريسبشن خلوها تطلع.. كلم عم أبو فراس وئول له
(عشان عم أبو فراس هو اللي سمح لي أطلع)
يوسف يقفز جالسا وهو يفتح عينيه على اتساعهما
يحتاج دقيقة ليستوعب وجود باكينام في غرفته
ثم صرخ بغضب بقدر مايسمح له مرضه: إزاي تيجي هنا؟!!
باكينام ببساطة: يعني لو كنت أنا عيانة مش هتيجي تطل عليا
يوسف بذات الغضب: اتصلي تلفون مش تيجي لسكن كلو شباب
باكينام بهدوء: شوف موبايلك..
يوسف يتناول هاتفه وجده على الصامت.. يبدو أن محمودا من وضعه على الصامت منذ بداية مرضه وهو لم يهتم بالسؤال عن هاتفه
وجد عدة اتصالات منها ومن ماريا ومن والديه في مصر ومن عدد من أصدقائه
يوسف تنهد: خلاص اديكي اتطمنتي.. امشي يالله
باكينام جلست جواره وهي تهمس بعناد: لأ لسه ما تطمنتش عليك
قالتها وهي تمد يدها لتضعها على جبينه
التسعت برودة يدها بحرارة جبينه.. وهو لُسع من ملمس يدها نفسها
همست بقلق: انته سخن أوي.. انته بتاخد علاج ايه؟؟
لا ينكر ..
لا يــنــكــر..
نبرة القلق في صوتها لذيذة..لذيذة جدا..
قلقة عليه حقا!!
كم هو مستمتع بقلقها!!
يوسف بهدوء: شوية برد.. ومحمود جاب لي دكتور وأديني باخد الدوا
باكينام باستنكار: والعيل اللي اسمه محمود هو اللي بيديك الدوا
هو بيعرف يلبس البامبرز لوحده؟!!
ابتسم يوسف.. كم هي لذيذة اليوم!!..
(طعمة) كما يقول المصريون (وطعامتها) تجاوزت كل حد!!
همس يوسف بهدوء: خلاص باكينام امشي.. انتي كده بتخالفي قوانين السكن
ليكي ربع ساعة بس.. وئربتي تخلصيها
باكينام بحزم: انته اللي امشي معايا البيت
مستحيل اسيبك وانته تعبان كده.. ومع اللي اسمه محمود ده.. دا هو بنفسه مش ماسك في بعضو
انتفض داخل يوسف بانتصار.. هاهي تدعوه للعودة وبنفسها
ليته مرض منذ زمن.. بل هو يوشك الآن على الشفاء.. اليومان الماضيان كان مريضا حقا..
ومع ذلك همس لها بتعب اصطناعه هذه المرة أكثر من حقيقته:
مائدرش باكينام.. أنا تعبان.. ومائدرش أنزل.. وأخاف تيجي لي نكسة
يريدها أن ترجوه أكثر.. وكم هو خائف أن تنسحب ولا ترجوه..
هاهي صمتت.. وهو يسب نفسه في داخله
(كنت قاب قوسين أو أدنى للوصول لهدفي
ماذا استفدت الآن من تخطيطاتي الفاشلة)
باكينام أنهت صمتها وهي تهمس بحزم:
أديني مفتاح عربيتك.. هاجيبها لحد باب السكن
وانته خلي محمود ده ينزلك
ابتسم يوسف في داخله بانتصار أكبر
بينما باكينام تقنع نفسه أن هذا ما يجب تفعله (بنت أصول) مثلها مع زوجها المريض
ساعدته على ارتداء ملابسه حتى جواربه وحذاءه
بينما يوسف يزيد من عيار تمثيل المرض وهو مستمع حتى النخاع بقربها وحنانها المختلف
أنهت مساعدتها له بإلباسه جاكيتا ثقيلا
ثم نزلت لتحضر سيارته
بينما يوسف كان غارقا في نشوة عميقة ..
لمساتها.. قربها.. حنانها.. كل شيء كان مختلفا.. وممتعا.. ولذيذا
لــذيـــذا جـــدا
****************************
بيت فارس بن سعود
غرفة فارس
العنود تتناول جلالها عن الأرض وتلتف به
فارس بدهشة عميقة: العنود وين بتروحين؟؟
العنود بغضب خجول: بأروح بيت هلي
فارس بذات النبرة المدهوشة: من جدش؟؟
العنود بذات النبرة الغاضبة الخجولة: أنت واحد نذل وحقير.. كذا تسوي فيني
فارس بنبرة بدأ يتسلل لها الغضب الذي يحاول كتمه:
أول شيء عيب عليش ذا الكلام
ثاني شيء أنا ماسويت لش شيء..أنتي مرتي واللي صار صار برضاش
العنود قاطعته بخجل كاسح: لا.. أنت جبرتني..
فارس باستغراب عميق: العنود أنتي تلعبين علي وإلا على نفسش
ثم تنهد وأردف بعمق: خلاص خلش من اللي صار
أنتي الحين في بيتش
وأنا قلت لش إني في بيتش بأراضيش
وهذا أنا اعتذرت لش
وأعتذر مرة ثانية.. آسف ياقلبي
وتنقص يدي لو انمدت عليش مرة ثانية
والرضاوة اللي تبينها تجيش.. وش تبين؟؟ تدللي
لو مهما بغيتي أنا حاضر.. تدللي بس
العنود بعناد متوتر متذبذب: ما أبي شيء.. أبي أروح لبيت هلي.. أمي تنتظرني
تفكير معين يدور في رأس فارس.. همس لها بهدوء مدروس: براحتش
اللي علي سويته.. تبين تروحين روحي
العنود شعرت بالصدمة أنه لم يلح عليها بالبقاء بعد كل هذا.. رغم أنها تمنت بكل اليأس أن يفعلها..
لم ترد أن تتركه وهي تراه على هذا الحال.. ولكنه لم يلح عليها
(هل مازال يستكثر عليها رد بعض كرامتها؟!!)
همست بغيظ وهي تتوجه للباب ثم تعود لتأخذ فلاشها: حقير.. وأكرهك
خرجت بينما ابتسامة فارس اتسعت.. وشمس جديدة تشرق في روحه
بعد أيام المعاناة المرة طيلة الأسابيع الماضية
(قولي أكرهك..
الحين فهمت إنش تقولين أكرهك وأنتي قصدش أموت عليك
قولي أكرهك..
لأنه وأنتي بين أحضاني قبل دقايق همستي لي أحبك ألف مرة
قولي أكرهك..
ماعاد يهمني.. لأنه عرفت مكاني في قلبش خلاص
وبترجعين يالعنود.. بترجعين وقريب)
فارس توجه لدولابه ليتناول له غيارات ويستحم
وجد ترتيبها الذي يستحيل أن يغفل عنه.. الأنيق كأناقتها
اتسعت ابتسامته أكثر:
بترجعين ياقلبي.. بترجعين
فارس حين عَلم أنها جاءت ليس لتعود ولكن لتأخذ فلاشها فقط.. لم يرد أن يجبرها على البقاء..
قرر تركها عدة أيام حتى تهدأ بما أنه اعتذر له.. ولابد أن اعتذاره سيطيب خاطرها حتى وإن أنكرت ذلك.. فهو اعتذر لها بكل صدق
وبعد ذلك سيأتي لأخذها هو وأمام أهلها.. تكبيرا لقدرها عنده
ويكفيه الآن أن قلبه اطمئن بمكانته عندها وتمكنه من روحها
لم يعد لديه أدنى شك بمدى تغلغله في طيات قلبها وغياهبه
القلب الذي كاد يموت فارس حين ظن أن العنود أبعدته عن أسواره
***************************
بيت مشعل بن محمد
الساعة الثالثة بعد منتصف الليل
لطيفة تكاد تجن قلقا
مضت أكثر من ثلاث ساعات منذ خروج مشعل من البيت
لطيفة تجلس في صالة البيت السفلية
تجلس على الأريكة وهي ترفع قدميها وتحتضن نفسها وترتعش بعنف موجع
تريد أن تبكي.. بل تريد أن تنتحب..تريد أن تبكي أنهارا متدفقة
ولكنها لا تجرؤ
لا تـــــجــــرؤ
البكاء فأل سيء.. وهي تخشى من مجرد أفكارها
ليت لسانها أصابه البكم قبل أن تقول لمشعل ما قالته
كيف طاوعها قلبها أن تقول ذلك لمشعل؟!!
لــمـــشــعــــل؟!!
مـــــــشـــــعــــل!!!!
أ لم يكن مشعل هو صباها وشبابها ونضجها؟!!
رفيق الأيام حلوها ومرها
أ لم تكن تزداد جمالا من أجله.. ومن أجله فقط؟!!
بينهما:
ليس عاما ولا اثنين ولا خمسة
بل يوشكان أن يقطعا السنة الرابعة عشرة معا
لا تعرف للحياة لونا أو نكهة بدون مشعل
الحياة عندها تمثل مشعل
في كل ولادة من ولاداتها كان الاسم الذي الأول تنطق به فور صحوها هو مشعل
ويكون الوجه الأول الذي تراه هو وجهه
حينما كانت تدخل الشهر التاسع كان يرفض السفر لأي مكان خوفا أن يفاجئها الطلق وهو غير موجود..
كان يصرُّ أن يكون من يأخذها للمستشفى ويبقى يدور في أورقة المستشفى حتى تلد
قد يكون طوال السنوات الماضية تعامل معها ببرود تام بينما كانت هي تحترق دفئا له ومن أجله
ولكنها لا تستطيع أن تنكر أنه قدم لها شيئين بدونهما انهارت كثير من الزيجات:
الاحترام والتقدير
ولم يكونا احتراما وتقديرا بمعناهما العابر
بل بأقصى معانيهما
ثم بعد أن تصافيا.. جعلها تعيش خلال أشهر حبا عميقا بعمر قرون
كان لحبه نضج الكون ودفء العالم وكل أحاسيس الحياة
فكيف طاوعها قلبها أن تجفو مشعل كل هذا؟!!
ثم كيف طاوعها لسانها أن تقول له ما قالته؟!!
موته وحياته سواء؟!!
كيف؟؟
كــــيــــف؟!!
هل يستوي الجليد والنار.. والثرى والثريا.. والليل والنهار.. الموت والحياة؟!!
حينما أجهضت قبل شهر ونصف على خلفية عراكها مع مشعل
برمجت عقلها الباطن على الجمود معه حتى تحمي مابقي من روحها المتهاوية..فهي لن تحتمل مطلقا الصفعة الثالثة..
تريد أن تحفظ مابقي من قوتها لأبنائها.. فحبها لمشعل مع صفعاته المتتالية استنزف كل طاقتها.. كل مشاعرها
لو حدثت صفعة ثالثة.. ستنهار الانهيار النهائي..فمن سيكون لأولادها؟!!
يكفيها أن مشعلا جوارها وقوتها كاملة محفوظة لأبنائها
لم يخطر لها مطلقا أن الصفعة الثالثة قد لا تكون من مشعل ولكن من أجل مشعل؟!!
في فترة برودها السابقة عجزت كل المؤثرات عن اقتحام جمودها
لا مشاعر مشعل الدافئة
ولا حتى تهديده أن يتزوج أخرى
لأنه في كل الأحوال سيبقى موجودا أمامها وحولها
اكتفت بمجرد هذا.. ولم تسمح لمشاعرها أن تتدفق ناحية مشعل لأنها تعبت من الجرح.. وماعاد بها طاقة
لذا كان الجمود سلاحها الوحيد للصمود
ولكن أن تتخيل الحياة من غير مشعل؟!!
حياة بدون خطوات مشعل؟؟
بدون قوة مشعل؟؟
بدون وجود مشعل؟؟
هذا هو ما نسف كل جمودها نفسا
هذا هو هو ما مزق كل شرايينها حزنا ورعبا
لا بأس بحياة جمود يكون مشعل فيها!!
ولكن أي حياة بدون مشعل مهما كانت هي حياة مرفوضة.. مرفوضة!!
لا تعلم كيف استطاعت طمر مشاعرها تحت كل هذا الجليد
ولكنها كانت تعلم يقينا أن جذوة حب مشعل المحرقة بقيت تنتظر تحت الجليد
تنتظر من ينفض ركام الجليد
وهاهو الركام انتفض.. انتفض بكل العنفوان
ليعد مشعل الآن..
لــيــعــد..
ويجد لطيفة المشتعلة له ومن أجله كما تمنى
لــيــعــد فقط!!
قامت لتتوضأ قبل صلاة الفجر
صلت طويلا
ودعت الله بكل القوة والوجع والألم أن يحفظ مشعلا لها..
لــها هــي
فلا يمكن أن تكون هناك لطيفة بدون مشعل
فأي غشاوة حقيرة أحاطت بقلبها وروحها طوال الأسابيع الماضية وهي تبعد مشعل عنها؟!!
(يارب احفظ مشعل بحفظك
وأحطه بعنايتك
أعده لي يارب.. أعده لي
سأعتذر منه ألف مرة.. سأعتذر له حتى آخر دقيقة في عمري
سأبكي على كتفه كما لم أبكِ طوال عمري
أعده لي ياذا العزة والجلال
لا تعاقبني يا آلهي في مشعل.. لا تعاقبني فيه
يا ذا المنة والكرم.. أنعم علي برؤيته يدخل علي سليما معافى)
*****************************
اليوم التالي
بيت محمد بن مشعل
الصالة السفلية
الساعة التاسعة صباحا
العنود تنزل وحقيبتها وعباءتها بيدها
تقبل جبين والدتها وتجلس وتسكب لنفسها كوبا من الكرك وتهمس برقة: يمه سونيا جات؟؟
أم مشعل بهدوء: جات من شوي وتتتناش في السيارة في الحوش
العنود ترتشف من كأسها بهدوء
ووالدتها أردفت بعفوية: اشفيش تأخرتي البارحة في بيت فارس؟؟
العنود شرقت وكحت وهي تُصدم بالسؤال الذي أثار بالغ حرجها
ثم تناولت المناديل الورقية وهي تمسح وجهها وتحاول أن تهمس بطبيعية: قلبت الغرفة أدور الفلاش لين لقيته
وعقب استحيت أخلي الغرفة معفوسة.. قعدت أرتبها
والدتها ابتسمت: تدرين.. يوم تأخرتي.. قلت يمكن البنت عقلت وبتقعد في بيتها
العنود بحرج: يعني تبيني أرجع بدون ما يكلف فارس على نفسه إنه يجي عندي ويراضيني؟؟
أم مشعل بحنان: يأمش ماطال مسخ.. وفارس عرف غلطه..
وفارس يأمش رجال مثايله نادرين.. لا تضيعين رجالش من يدش
العنود وقفت وهي ترتدي عباءتها ونقابها وتهمس لانهاء الموضوع: مايصير إلا خير يمه.. مايصير إلا خير
******************************
بيت فارس بن سعود
بعد صلاة العصر
الصالة السفلية
فارس يعود من المسجد.. ويجد والدته تجلس أمام قهوة العصر
يقبل رأسها ويهمس بابتسامة شاسعة: يمه عندش حلا.. مشتهي شيء حلو مع القهوة
أم فارس رفعت رأسها لفارس وهي تبتسم بسعادة حقيقية: ماشاء الله وجهك اليوم أحسن.. وأبشر بالحلا
الخدامة مسوية بسبوسة.. قلت لها وديها لبيت محمد جنبنا.. ماعندنا حد يأكلها بس مابعد ودتها
فارس بابتسامة: عطوني منها قطعة.. وودو الباقي لبيت عمي محمد.. يستاهلون الحلو
أم فارس باستغراب سعيد: ماشاء الله على ذا المستشفى.. ما أمسيت عندهم إلا البارحة.. وصحتك أحسن
وش عطوك؟؟
فارس بابتسامة شاسعة: الله يمه بس على ذا المستشفى.. الله لا يخليني منه فديته.. أحلى ليلة في حياتي ليلة البارحة أصلا
أم فارس تضحك: فارس يأمك أنت صاحي.. تفدى بالمستشفى؟!!!
فارس بمرح: بلاش يمه ماعرفتي ذا المستشفى وحلاته وطيبة قلبه ودلاله اللي يذوب الحجر
أم فارس مستمرة في الضحك: شكلك استخفيت يأمك!!
الحوار المرح مستمر بين فارس وأمه حتى رن هاتف فارس
التقطه بترحيب: هلا والله بأم محمد
..........................
تغير وجهه وصوته: جايش الحين.. الحين
أم فارس بقلق: وش فيها لطيفة يأمك؟؟
فارس وهو يقف متوجها للباب: ما أدري يمه.. بس تقول تبيني ضروري.. وماتبي حد يدري..
زين يمه؟؟
أم فارس بذات القلق: زين يأمك أبشر.. بس طمني..
************************
بيت مشعل بن محمد
الصالة السفلية
لطيفة تدور كإعصار مجنون.. ماعادت قادرة على الجلوس في مكان
تكاد تجن قلقا ورعبا
مشعل لم يعد
وهاتفه مغلق
ولم يذهب لشركته.. وسكرتيره لا يعرف شيئا عنه
لم يعد ما تشعر به مجرد قلق
بل رعب متوحش سادي يمزقها تمزيقا
أرسلت أولادها لوالدتها لأنها لا تريدهم أن يروها وهي على هذا الحال
وطلبت من والدتها أن تبقيهم عندها حتى تتصل بها
واتصلت بفارس وهاهي تنتظره
لم تمر دقائق حتى كان فارس يدخل عليها
لم تسمح له بالدخول للداخل وهي تتلقاه عند الباب وتمنع نفسها من الانهيار في البكاء وهي تخبره بغياب مشعل
فارس بقلق كبير: من البارحة غايب وحتى الشركة ماراح لها.. الله يستر عليه بستره
لطيفة بصوت مختنق: تكفى فارس.. طالبتك تدوره
فارس يتنهد بحزم: على أي سيارة راح؟؟
لطيفة توشك على الانهيار: ما أدري.. ما أدري
فارس يطل في مواقف البيت ليجد أن سيارة مشعل ذات الدفع الرباعي تقف في موقفها المعتاد
يهمس للطيفة بذات النبرة الحازمة: باتصل برفيق لي في كنترول العمليات وأسأله
لطيفة شهقت برعب متوحش: تكفى فارس ما تفاول على مشعل
فارس بحزم: وش أفاول وما أفاول.. مشعل إن شاء الله مافيه إلا العافية
بس لازم أتأكد قبل ما أبدأ أدور له
فارس يتصل بصديقه: محمد أنت في الدوام؟؟
- ..................
- افتح لي الكمبيوتر.. وشوف لي سيارة بالمواصفات ذي لو جاك أي تبليغ عنها
- ..............
- مرسيدس S500 سوداء موديل السنة.. رقمها رباعي بس ماني بحافظه
- ..............
- معك
- ................
- ويش؟؟ويش؟؟ ويـــــــــش؟؟ (وجه فارس يسود تماما ويمتقع وملامحه تنقلب لأسوأ أسوأ تعبير وأبشعه وأكثره ألما..)
لطيفة برعب كاسح بل بما يتجاوز الرعب وكل كل معانيه وتفسيراته وأوجاعه:
فارس.. وش فيه مشعل؟؟
#أنفاس_قطر#
.
.
.
|