كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
السلام عليكم أنا أخت أنفاس<< ماأعرف أهذر مثلها أو يمكن أعرف أكثر منها وراحمتكم مع ذا الصباح
المهم هي طيبة وبخير وتسلم عليكم والبارت الجاي بيكون عقب يومين صبح الثلاثاء إن شاء الله
أسى الهجران/ الجزء التاسع والثمانون
اليوم التالي على كل الجبهات
الدوحة.. دبي.. واشنطن
ترقب.. ثورات... وتغييرات
دبي
جناح موضي وراكان
الساعة 10 صباحا
موضي نهضت منذ وقت
صلت ضحاها ومنذ ذلك الوقت وهي تجلس على مقعد منفرد وتراقب راكان المستغرق في نومه على الأريكة
(حتى وهو نائم يبدو عظيما ورائعا!!
كانت علاقة رائعة ومريحة تلك التي ربطتني بك
لماذا أفسدناها؟؟ لماذا؟؟
هل نستطيع فعلا إصلاح ما اهتز بيننا؟!!
لماذا كان يجب أن تضغط على نفسك لتكون رقيقا وعذبا ومجاملا لأبعد حد؟!!)
تنهدت بعمق وهي تستعيد شريط البارحة الذي استعادته الآف المرات
لا تشعر بالضيق
ولكنها تشعر بالشجن وبحزن شفاف غامض
البارحة
حين خرج راكان من الحمام.. ارتدى ملابسه وخرج بعد أن أستأذنها
وقال لها بكل صراحة وشفافية إنه محرج من إساءته لها ومن إخلافه لوعده معها
ويحتاج لبعض وقت يمشي فيه وحيدا
ولن يطيل عليها.. سيمشي لساعة ويعود
وبالفعل بعد ساعة عاد
كانت موضي استحمت وصلت قيامها وجلست تنتظره
جلس قريبا منها ثم همس لها بعمق: توعديني تحاولين تسامحيني
على الأقل تحاولين
موضي ابتسمت له بشجن: ماسويت لي شيء أسامحك عليه
ولا زعلت منك أساسا عشان أسامحك
أنا زعلانة من روحي بس
أحس أني استنزفت مشاعرك وتعاطفك.. بكيت بكاء عمري في حياتي ما بكيته
وأنت لقيت نفسك متورط فيني
راكان بجزع فخم كفخامة عباراته: تكفين موضي لا تقولين كذا
إذا أنتي ورطة.. ليتني أعيش عمري كله متورط
خرجت العبارة عفوية..عميقة .. محملة بعشرات التاؤيلات..
ولكن كلا الطرفين بشفافيتهما العميقة لم يحملاها أكثر مما تحتمل.. وإن كانت تحتمل الكثير الكثير!!!
ابتسم راكان وهو يهمس لها بعمق حنون: يعني أصحاب؟؟
أجابته موضي بابتسامة عذبة: أصحاب
وهاهي موضي الآن تجلس مقابلة له وتنظر له بعمق
وهي تهمس في داخلها: أصحاب.. أصحاب.. أصحاب...
لتقنع نفسها أنهما فعلا لم يكونا أكثر من أصدقاء ومازالا أصدقاء
راكان فتح عينيه ببطء.. رآها تجلس أمامه.. ابتسم بعمق وعاد لإغلاق عينيه كان يعتقد أنه يحلم
عاود فتح عينيه ورآها مازالت تجلس أمامه.. فعاود الابتسام
ومد كفه لها وهو مازال متمددا
استجابت لدعوته بتلقائية وهي تضع أناملها المرتجفة في كفه المحتوية
احتضن أناملها بحنان وتملك.. طريقة خاصة براكان باتت تكتشفها وتثير قشعريرة حادة تهز كل فقرات عمودها الفقري بعنف
همس لها بصوته الناعس العميق: بعدنا أصحاب؟؟ أو غيرتي رأيش وتبين تزعلين علي؟؟
موضي ابتسمت: قلت لك أصحاب.. احنا نسوان كلمتنا وحدة ما نثينها
راكان أفلت يدها وهو يستوي جالسا: خوش نسوان أحدث طراز
موضي بعذوبة: أجهز شناطنا؟؟
راكان بهدوء: جهزيها.. بس خلي لي غيار واحد برا
************************
الدوحة
الساعة 10 ونصف صباحا
شركة مشعل بن محمد
مكتبه تحديدا
يجلس خلف مكتبه بهدوء ورزانة
وتجلس معه فاتن الفرج
الباب مفتوح كما اعتاد مشعل في كل لقاءاته مع سيدات الأعمال
فاتن أنهت حديثها معه في العمل.. ومشعل ينتظر أن تغادر لأن لديه موعد آخر بعد قليل مع سعد الذي اتصل به وأصر على مقابلته
فاتن صمتت قليلا ثم همست بعذوبة رزينة:
ما تخيلت أم محمد حلوة كذا.. ماشاء الله
مشعل بهدوء: الجمال هو أبسط صفات أم محمد.. فيها من الأخلاق والسنع اللي يفوق الزين بواجد
فاتن شعرت بضيق ما (شكله متولع فيها.. بس يالله المرحلة الثانية)
عاودت الكلام بتلقائية مدروسة: تشتغل أم محمد؟؟
مشعل بهدوء رغم ضيقه من تدخلها في خصوصيات بيته: لا
كفاية عليها بيتها..
فاتن بذات التلقائية: طيب شنو تخصصت؟؟
مشعل ببرود: مادخلت جامعة
فاتن ابتسمت ابتسامة لا تكاد تبين: طيب اشلون تفاهمون وأنت خريج اقتصاد؟؟
مشعل ابتسم بثقل: كفاية علي شغلي.. في بيتي أبي أريح رأسي من حوارات الشغل والاقتصاد
والشيء الثاني أنا اللي ما رضيت أم محمد تدخل جامعة مع أنها جابت في الثانوية 93 في المية
وتذكرين تيك الأيام الثانوية العامة كانت صعبة ..امتحان واحد آخر السنة والكتاب كامل الفصلين
ثم أكمل بخبث:
أنا جبت 79 على هذاك النظام.. أنتي كم جبتي؟؟
فاتن شعرت بحرج حقيقي ولكنها نهضت وهي تقول بلباقة احترافية اعتادت عليها:
اسمح لي أستاذن.... عندي موعد في شركتي بعد نص ساعة
غادرت وهي تقرر نقل معركتها لمستوى آخر.. ولكنها ليست من تخسر معاركها
**********************
واشنطن
بيت يوسف
الصباح الباكر
يوسف يصحو من نومه.. مد يده بحذر قبل أن يفتح عينيه
حين اصطدمت بجسد لين طري.. تنهد بعمق وهو يكف يده ويفتح عينيه
لينظر لها بعمق وهي مستغرقة في نومها
يعيش مع هاجس مرعب أنه سيصحو يوما ليجدها هربت كما فعلت بعد ليلتهما الأولى في واشنطن
(آه يا ملاكي الشرير..
لا أعلم كيف من تمتلك هذه الملامح الملائكية بداخلها كل هذا الشر والقسوة؟!!
وكيف من بداخلها كل هذا الشر والقسوة قادرة على إذابة قلبي بكل جبروت ورقة؟!!
تعبت حبيبتي تعبت..
أقسم أني متعب ويائس ومطعون بالألم حتى أقصى خلاياي
.
أخبريني
كيف أستطيع أن أقيدك إلي حتى أمنعك من مجرد التفكير في الهرب وتركي؟!!
كيف أستطيع الاستيلاء على قلبك الذي وهبته لغيري؟!!
ولِمَ تكونين أنتِ حبي الأول والأخير؟!!
وأكون أنا المهجور أبدا
والمجروح أبدا
والمخدوع أبدا
لا تتركيني باكي.. لا تتركيني
قربكِ عذاب وبعدكِ عذاب
ولكن العذاب مع النظر إلى محياكِ هو بحد ذاته نعمة
فلا تحرميني هذه النعمة حبيبتي... لا تبتعدي عن أسواري وقسوتي وجبروتي)
تذكر يوسف أن لديه موعدا اليوم مع مشعل
مد يده لهاتفه لينظر للساعة
فوجد رسالة من مشعل يعتذر فيها عن مقابلته
لأن اليوم موعد سفر صديقه النهائي للدوحة
وبالفعل كان اليوم هو يوم عودة سعيد للدوحة
ومشعل سينشغل معه
تنهد يوسف براحة وهو يعاود التمدد والنظر لوجه باكينام
تكفيه هذه اللذة عن كل ملذات الدنيا
أن يتمتع بالنظر إلى كل تفصيل دقيق في تضاريس وجهها
دون توتر أو توجس أو خوفا من ثورتها أو انفعالها
أن يستمع إلى سيمفونية أنفاسها العذبة وهي تتردد شهيقا وزفيرا لتنبئه أن هذا العالم مسكون بالسحر والمباهج
مسكون بحورية خيالية اسمها حبيبته!!!!!!
*******************
عودة لمكتب مشعل بن محمد في الدوحة
الساعة 11 صباحا
سعد يجلس مع مشعل وأنهيا تناول قهوتيهما
مشعل بمودة أخوية: دام أنك صممت تشوفني مستعجل وما انتظرت لين نتقابل في المجلس عقب المغرب
فأكيد أنك تبي شيء.. امرني يا أخيك
قاصرك شيء؟؟ تبي شيء؟؟ تبي فلوس؟؟ ترا الجيب واحد طال عمرك في الطاعة
سعد ابتسم: كل شيء عندكم يأهل الدراهم فلوس
لا.. جعلني ماذوق حزنك.. الخير واجد والرب كريم.. كنك انت تبي فلوس تراني حاضر
مشعل ابتسم: يا شين ملاغتك.. زين خلني اتمدح
سعد بعمق خبيث شفاف: سوو لي اللي أنا أبغي.. وبأكتب فيك معلقة مدح وأعلقها على طوفة بيتي واسميها المعلقة المشعلية
مشعل بابتسامة: آمر
سعد تنهد: تذكر قبل حوالي عشر أيام قبل مايرجع راكان من لندن
قلت لك عن تحديد موعد العرس إذا خلصت مريم دوامها نص شهر 5
وانت رديت علي ليلة عشاء راكان بالموافقة
وانا انحرجت أقول لك شيء وقتها
انا اخترت ذا الموعد المتأخر عشانك قلت لي انه لازم عرسنا عقب عرس راكان
ومادريت ان راكان بيسوي عشاه عقب ردته من لندن على طول
وراكان هذا هو تزوج وخلص
وماشاء الله الوالدة الحين معها في البيت ثنتين من بنات عبدالله
ومثل ما قالت لي أم فارس.. مريم ما تبي أصلا حجز قاعة.. وتبي عشاء عائلي بسيط وبس
فأنا أشوف انه التأجيل خلاص ماله معنى
وخصوصا أن المهر عند العروس من زمان
بصراحة يا أخيك أنا بالي مشغول على فهيدان مجنني.. أبي أتفرغ له وأبي بالي يكون مرتاح
قد يكون في الأسباب التي قالها سعد جانب كبير من الصحة
ولكن أيا منها لم يكن السبب الأساسي
فسعد خلال الفترة الاخيرة بات يشعر أنه قد يكون استعجل في خطبته لمريم
فهو خطبها تحت وطأة إحساسه المتزايد بالوحدة
وفي مقابلته الوحيدة لها حركت مريم بعمق صوتها ورقة عباراتها وزانتها شيئا غافيا في أعماقه
ولكن هل تكفي أحاسيس مشوشة مجهولة لصنع حياة زوجية ناجحة تترتب عليها مسؤليات..حقوق وواجبات؟!!
فمريم قد تصبح عبئا عليه يُضاف إلى أعباء أبنائه المتزايدة
وفي خلال تواجدها مع ابنائه لن تعرف مطلقا ما الذي قد يفعلونه ليس من وراءها.. ولكن حتى أمام عينيها
ماذا يشاهدون؟؟
مع من يتحادثون؟؟
ماذا حتى يرتدون؟؟
وحتى يهرب سعد من هذه الأفكار قبل أن تستولي عليه قرر تقديم موعد زواجه
حتى يضع نفسه أمام الأمر الواقع
فهو لا يستطيع مطلقا أن يُحرج نفسه مع ابن عمه محمد
وفي ذات الوقت بات يخشى وطأة أفكاره عليه
مشعل أجابه بهدوء: يعني متى تبيه؟؟
سعد بهدوء حذر: بعد أسبوعين ثلاثة بالكثير
مشعل بنفس هدوءه: ما تشوف أنك مستعجل؟!!
سعد يتنهد: لا مستعجل ولا شيء
السالفة كلها عشاء بسيط
أنا حتى خدامات مريم اللي جبتهم لها صار لهم فترة عند أم فارس
وبأقدم لأم صبري فيزه عشان تجي خلال ذا الأسبوعين
يعني ما أشوف سبب للتأجيل
مشعل يبتسم: ولا يهمك.. أشور العرب وارد عليك
سعد بابتسامة: ما أبيك تشورهم وبس
أبيك تشغل مخك التجاري وتساعد أخيك المسلم اليتيم المدعو سعد
لازم تحاول تقنعهم..
***************************
بيت يوسف
بعد الغداء
يوسف يشعر بالاختناق فعلا.. فالعجوزان بدئتا بالملاحظة
فباكينام طوال فترة الغداء كانت غالبا مشغولة التفكير ويبدو الهم على وجهها
فإن كان هو قادر على التحكم في انفعالاته
فهي باتت عاجزة عن التحكم
وروحها تغرق في الهم أكثر وأكثر
هاهم يجلسون يشربون الشاي بعد الغداء
العجوزان تجلسان متجاورتين وعلى جبينيهما علامات تقطيب
تتبادلان النظرات ثم تنظران ليوسف وباكينام التي كانت غير منتبهة لشيء وملامحها غارقة في الحزن
يوسف نهض من مكانه وجلس جوار باكينام
تناول كفها وقبلها بعمق
انتفضت باكينام بعنف
ولكن ردة فعلها كانت أغرب
فهي أراحت رأسها على صدر يوسف
رغم تفاجئ يوسف العميق من ردة فعلها ولكنه احتضن كتفها
ومشاعر دافئة تستولي على روحه وهو يمسد شعرها حيث ارتاح رأسها على صدره لأول مرة باختيارها
و همس في أذنها بهدوء خافت:
باكينام ربنا يخليكي.. فكيها شوية
أنتي مش شايفة ستاتك بيبصوا لي ازاي
زي ما اكون مجرم حرب
باكينام لا تعلم لماذا وضعت رأسها على صدره.. اقنعت نفسها أنها تمثل من أجل جدتيها
همست باختناق: تعبانة يا يوسف والله تعبانة
أنته اللي ربنا يخليك خليني أروح لأوتيل أنا وستاتي
يوسف شدها بحنان ليوقفها ثم يتوجه للجدات بالحديث:
عن أزنكم
هأروح أنا وباكينام لمكتبي شوية
وأنتو ممكن تتجهزوا عشان نخرج بعد شوية كلنا
هأوديكم لمتاحف سميث سميثونيان.. هي مجموعة متاحف.. للتاريخ الطبيعي والتاريخ الأمريكي، ومتحف للطوابع .. ومتحف للفنون..
بس هتعجبكم خالص
باكينام بالفعل مستنزفة من التعب والإرهاق والألم
ماعاد بها قدرة على الصمود
ولكن يستحيل أيضا أن تستسلم وتتخلى عن كبرياءها العتيد
دخلا لمكتبه
همس يوسف بهدوء واثق: ايه حكاية الاوتيل دي؟؟
باكينام بهدوء مرهق: انا تعبت من الحياة اللي احنا عايشينها
يوسف باستغراب: تعبتي؟؟ ومن يومين
ثم أكمل بنبرة غضب: والحيطة الهبيطة اللي سايباه تلات أسابيع
مشاعره مالهاش أي احترام
باكينام بتساءل مؤلم مفاجئ: انته عندك مشاعر يايوسف؟؟
يوسف بصدمة: نعم؟؟
باكينام أعادت سؤالها بهدوء موجع: أنت عندك مشاعر زي كل بائي مخاليئ ربنا؟؟
صمت وهو يعيد النظر إليها بعمق..
ثم قال لها بصوت غائر يبدو كما لو كان قادما من بئر عميقة:
عندي مشاعر للي يستاهلها وبس
صمتت.. لن تسأل.. فهي تعرف جوابه
وهي ليست مستعدة لمزيد من الإهانات والتجريح والألم
صمت أعمق احتكم بينهما
بعدها همس يوسف بهدوء: البسي خلينا نودي ضيوفنا نمشيهم
ولما يسافروا.. ابئي فكري تطفشي براحتك
ما أنتي ما تئدريش تحلي مشاكلك الا بالهروب منها
باكينام هذه المرة هي من ردت بصدمة: أنا؟؟
يوسف ببرود ملتهب: آه أنتي.. فالحة بس تتعنطزي عالفاضي
بس وئت الجد.. هتطفشي وتسيبي كل حاجة
عندنا مشاكل زي كل المتجوزين؟؟ ممكن نحلها بالتصافي والتفاهم
لكن انتي جبانة.. ومش مستعدة توئفي ئدامي وتتفاهمي بلغة حوار طبيعية غير غرورك الفاضي
باكينام تنهدت بعمق.. ثم زمت شفتيها بحزم وهي تقول:
مش باكينام الرشيدي اللي يتئال لها جبانة
انا طالعة ألبس
وئاعدة معاك بدال الشهر سنة.. وخلينا نشوف ازي الحوار هينفع مع مخ مئفل زي مخك
هي غادرت
وهو بقي في مكتبه
وعلى شفتي كل منهما ارتسمت ابتسامة شاسعة
فكل منهما حصل على مبتغاه
هو استفزها.. حتى حصل على وعد منها أنها لن تغادره
وهي وجدت لها غطاء يرضي غرورها واعتقادها انه تبقى معه مجبرة على البقاء
***************************
بيت محمد بن مشعل
غرفة ناصر ومشاعل
بعد الغداء
ناصر يدخل عائدا من عمله ومن الغداء في المجلس
مازال الحذر يرسم دوره في علاقته مع مشاعل
فكلاهما يخشيان تكرار الجرح والألم..
يخشيان أن يقتربا أكثر.. فينتج عن الاقتراب جرح أعمق
كلاهما باتا غير قادرين على الابتعاد.. وفي ذات الوقت غير قادرين على الاقتراب
وضعهما كما لو كانا يعيشان داخل فقاعتي صابون
الفقاعتان شفافتان متلاصقتان.. لذا كل منهما مستمع برؤية الآخر..
ولكنهما يخشيان تفجر الفقاعتين.. وما ينتج عن هذا التفجر
هل يتمازجان ليصبحا في فقاعة واحدة؟؟
أم يسقطان أرضا لتُدك عظامهما؟!!
لم يجد ناصر مشاعل حين دخل
توتر
فهو لم يراها في الأسفل مع والدته ومريم
ولم تستأذنه في الذهاب لمكان ما
هل يعقل أن تكون ذهبت لبيت والدها
تحول التوتر لنوع من الغضب.. أيعقل أن تفعلها؟؟!!
اغتسل وأبدل ملابسه
وتمدد على سريره بكلا ساقيه.. فهو لا يخلع ساقه إلا ليلا
ثم رن على هاتفها
رن الهاتف عنده.. فهاتفها كان موجودا في الغرفة
إذن أين هي مختفية؟؟
بعد دقائق دخلت مشاعل بخطواتها الرقيقة المترددة
ابتسم وهو يراها تدخل وهمس لها بمرح:
لو تأخرتي 5 دقايق بعد كان بلغت الشرطة وقلت مرتي مخطوفة
ابتسمت بعذوبة: كنت في المطبخ
خبرك موضي بتوصل الليلة.. وحبيت أسوي شوي حلويات
ناصر ابتسم: لموضي بس؟؟
مشاعل بابتسامة دافئة: وراكان بعد
ناصر مستمر في أسئلته المرحة: وبس؟؟
مشاعل برقة مدروسة: وبس
ناصر بانكسار مصطنع: يا حرام وأبو نص رجل ماله شيء؟!!
مشاعل بجزع عميق: تكفى ناصر ما تقول كذا على روحك
ناصر يضحك: أنتي الحين مسكتي في التسمية وخليتي الموضوع الأساسي
وين نصيبي؟؟
مشاعل بعفوية: كلي لك يا ابن الحلال
ناصر بنبرة أبعد ما تكون عن العفوية: أكيد كلش لي؟!!
مشاعل قفزت وكلماتها تتبعثر بحرج عميق: نسيت الصينية في الفرن
ابتسم ناصر وهي يراها تهرب كمجرم أمسكوه بالجرم المشهود
(يا حبي لش بس
فديت المستحية ياناس
تدللي يا بنت عبدالله
القلب ملعبش)
في الوقت الذي بدأ ناصر يعود فيه إلى طبيعته
فإن مشاعل بدأت بالعودة إلى طبيعتها أيضا
قبل أسابيع.. بعد عودة ناصر من الإصابة
كانت مشاعل مطمئنة في عقلها الباطن أنها مهما تقربت من ناصر فهو لن يقترب منها..
ولكنها الآن تعلم أنه ينتظر إشارة صغيرة منها.. مجرد إشارة
لا تريد أن تطيل انتظاره لهذه الإشارة
ولكنها فعلا تشعر بخجل عميق.. هو خجلها الطبيعي
بعد أن عادت لقواعدها سالمة التي أعادها لها رؤيتها لناصر بشخصيته الطبيعية المرحة الدافئة
بالتأكيد ليس خجلها المرضي.. ولكنه الخجل الأنثوي الرقيق!!
****************************
بيت محمد بن مشعل
بعد صلاة العصر
كانت مريم تنتهي من صلاتها وتريد البدء في وردها
سمعت طرقات هادئة على الباب
همست بهدوء مرحب: تفضل يابو محمد
مشعل دخل وهو يبتسم.. بعد السلام.. همس بمرح:
تدرين يا السكنية إني مغير عطري اليوم أبي أفاجئش مرة ..وكل مرة تصيديني
مريم تبتسم: هالمرة عرفتك من الدقة..
مشعل بمودة عميقة: مافيش حيلة
مريم برقة: شأخبارك مع لطيفة؟؟
مشعل بعمق: مستانس فوق ما تخيلين.. لأول مرة أكون مبسوط بحياتي الزوجية مثل أنا ذا الأيام
مريم بسعادة: دوم يارب.. أنا فعلا كنت مستغربة منك
لما قلت لي إنك مهوب مبسوط مع لطيفة
لطيفة جنة وقربها جنة.. الله يديم السعادة عليكم
مشعل بود: آمين.. والحين خليش مني ولطيفة.. وخلينا فيش أنتي وسعد
مريم ببساطة عميقة موجعة صادرة من العمق : يبي يطلقني صح؟؟
مشعل بجزع غاضب: يطلقش؟؟ ليه نلعب حن؟؟
مريم بذات هدوئها: لا تعصب مشعل
أنا سألت سؤال.. والسؤال يرد عليه بجواب.. مهوب بسؤال مثله
مشعل تنهد ليسيطر على غضبه: لا طبعا.. يبي يقدم موعد العرس يخليه بعد أسبوعين أو ثلاثة
وأنا أقول بعد ثلاثة أحسن.. عشان يكون راكان رجع من سنغافورة
لكن وش اللي طرا الطلاق عليك؟؟
مريم بعمق: إحساس بس
مشعل بمودة حازمة: إحساسش غلط.. وين حد يلقى مثلش ويطلقها
مريم برقة حازمة: أنت آخر من يتكلم يا مشعل.. كان عندك جوهرة وتبي تتزوج عليها
أشلون بسعد اللي تورط بوحدة ضريرة...؟؟!!
أم فارس تقول سعد صاير متضايق من مشاكل ولده الصغير
والواحد يوم يتزوج يبي له سند..وش نوع المساندة اللي بأقدمها لسعد؟؟
أخذ من الوقت المخصص لعياله؟؟
أزيد مشاكله مشاكل..؟؟
يطلع من البيت وهو خايف إن الضريرة اللي وراه تخبط في طوفه وإلا تطيح من الدرج؟؟
مشعل باستغراب: مريم وش فيش؟؟ وش ذا الكلام اللي تقولينه؟؟ يعني هذا أنتي عمرش ما خبطتي في طوفة هنا؟؟
مريم بعمق موجع: هنا عشت عمر..حفظت كل شبر في البيت
لكن بيت سعد عمري ما دخلته
مشعل بعمق مشابه: مريم أنتي خايفة؟؟
مريم بوجع: وحرام أخاف يا مشعل؟؟
أنا خايفة على نفسي
وخايفة من نفسي
وخايفة على سعد وخايفة منه
وخايفة على عياله وخايفة منهم
خايفة من كل شيء
مشعل بمؤازرة وهو يحتضن كفها: أي واحد يقدم على خطوة جديدة لازم يكون خايف
مريم بحزن: الخوف إحساس بسيط تافه قدام اللي أنا حاسة فيه
ثم أردفت بمناشدة: تكفى مشعل عشان خاطري
قل لسعد إذا هو يبي يتراجع عن العرس ويطلقني.. ترا الزواج مهوب قضية وقتية هذي قضية مصيرية
مشعل قفز وهو يقول بغضب: مريم مع حبي واحترامي لش
لكن شكلش استخفيتي
مريم بمناشدة عميقة: تكفى يا مشعل عشان خاطري لو لي خاطر عندك
عشان قلبي يرتاح
وعشان لو صار بيني وبينه شيء عقب
ما ألوم نفسي.. لأني عطيته فرصة للتراجع
مشعل يحاول التماسك والهدوء: سعد أعرفه أكثر من نفسي
مستحيل يتراجع
مريم بمناشدة أخيرة عميقة: أرجوك مشعل قل له... وقل له إني جادة
أنا صاير عندي إحساس عميق إنه يمكن يكون ذا الزواج كله مشروع فاشل
وأنا في وضعي وعمري.. ما عدت حمل مشاريع فاشلة
************************
واشنطن
شقة مشعل
مشعل يدخل بهدوء
يسلم على هيا التي كانت تجلس في الصالة وتدرس
يخلع جاكيته.. ويجلس جوارها
وعلى محياه علائم ضيق عميق
هيا تحتضن كفه وتهمس برقة: وشفيك حبيبي؟؟
مشعل بهدوء عميق رغم ضيقه: متضايق شوي عشان سفر سعيد
الفال لنا ونرجع بالسلامة
هيا بذات الرقة: آمين
مشعل بسكون: والله سعيد مكانه بين.. مع أنه ماله إلا سنة هنا.. وأنا قبله بثلاث سنين.. بس كان قريب مني واجد
هيا بعتب: يعني أنا ما أكفي
مشعل يحتضن كتفيها ويهمس بحنان: أنتي تكفيني عن العالم كله
ثم أردف بعمق: بس الغربة كسرت ظهري.. الله يعدي ذا الكم شهر على خير
ونرجع لأهلنا سالمين غانمين..
***********************
بعد المغرب
السعودية.. الطريق الصحراوي بين الحدود الأماراتية والحدود القطرية
المنطقة حيث تعرض راكان لهجوم الذئب
موضي بألم: نفسي انكتمت علي
صرت أكره ذا المكان
راكان يبتسم: بس أنا صرت أحبه
صار له عندي ذكرى
موضي أنفاسها تتسارع بضيق: والله جد أتكلم راكان
متضايقة من المكان
راكان يتجه بالحديث لاتجاه آخر: تسمعين شيلة ببلاش
واحنا رايحين سمعتش لتركي الميزاني
الحين وشرايش سلمان الميزاني؟؟
موضي تعلم أنه يريد إشغالها عن أفكارها الكئيبة.. ولن تفوت فرصة سماعه مرة أخرى
فهما منذ خروجهما من دبي
كانا مع سيارة أجرة.. وحديثهما بينهما بصوت خافت
حتى أخذ راكان سيارته من المركز الإماراتي
ومن لحظتها وهي تتمنى أن تسمع شيلة بصوته لذا همست:
وليش ما تكون قصيدة لك
راكان بهدوء: الحين مهوب طاري على شيء من قصايدي
(لم يكن هذا عو السبب
والسبب أن كل القصائد التي تواردت على خاطره اسم موضي منصوص فيها
لذا قرر أن يشيل أول شيلة خطرت بباله ويحفظها)
موضي بعذوبة: خلاص سلمان الميزاني..و النعم
تنهد راكان ثم خلع غترته ووضعها جواره.. وبدأ في جر القصيدة الموجعة الآخرى.. ماهو سر خياراتك يا راكان؟!!:
لا خيرفي رَجل(ن) قصار(ن) شبوحه
ولا خير في سيف(ن) نثر دم راعيه
ماجيت أبي مد اليدين الشحوحه
ولاجيت ضامي في رجاء الغير يسقيه
سرتني أقـدار الليال اللحوحه
لو كان مسرايه على شي مابيه
والهم وطعون الزمان وجروحه
تجمعت في خافقي واسكنت فيه
واللي غموضه يختلف عن وضوحه
اجبرني اركب مركب التيه واتيه
أستاذنك يا خاطري والسموحه
لا عاد تلحقني ملام ومشاريه
سري وسرك لازم إنّا نبوحه
ونودعه توديع غالي لغاليه
لو إن دمعات الموادع فضوحه
تطري علي البعد وأنا ما أدانيه
لكن يا سر(ن) توفى طموحه
نقلك يعذبني ولاني بقاويه
ركزت في صدري سهوم(ن) ذبوحه
وعلمتني في شي ماني بناسيه
وعلمتني في شي ماني بناسيه
وعلمتني في شي ماني بناسيه
يا الله كيف يكون لجبروت صوته هذه السطوة في هز أوتار قلبها المتساقط ارتجافا واعياءً!!
تكاد أن تشهق ألما وشجنا..
تنزف كل دماء روحها بلا تفكير
أي رجل أنت يا هذا؟؟!!
أي رجل؟!!
صمت راكان وهمست موضي: وصدق يا راكان.. منت بقاويه؟؟
ابتسم راكان: وش هو؟؟
موضي بعمق: سرك..
ابتسم راكان وهمس بشفافية: أقواه وأقوى غيره.. مهوب راكان اللي سده قريب
ألتفتت موضي لزجاج نافذتها وهي تهمس بارتجاف: ماظنيت غير كذا!!
(أي ألم بات سرك يبعثه في أوصالي؟!!
في البداية كنت أشعر بالفضول
من هي؟؟ من تكون؟!!
الآن أشعر بالألم.. الكثير من الألم
رغم أن السؤال مازال ذات السؤال
من هي؟؟ ومن تكون؟؟)
راكان انتبه لارتجاف صوتها.. همس بقلق: موضي وش فيش؟؟
موضي تبعده عن المقصود الفعلي إلى شيء آخر هو قلق فعلي أيضا
همست بضيق: ما أدري وش بأسوي إذا رجعنا للدوحة.. متوترة.. أخاف أسوي شيء يضايقك مني
ابتسم راكان وهو يقول برجولة: لا تخافين من شيء وأنتي معي
ثم أردف بمودة حازمة: خلينا نتفق.. لو أنا ضايقتش أو أنتي ضايقتيني
على طول نتصارح.. مافيه داعي نحط بيننا حواجز
موضي بشجن: اتفقنا..ومن يقدر يحط بينه وبين روحك الصافية حواجز
راكان بعمق: أنتي حطيتي
موضي بألم: راكان بلاه ذا الموضوع
راكان بمصارحة شفافة: موضي أنا مستوجع فوق ما تتخيلين
لو شفت هذاك الكلب الحقير بأقطعه..
مهوب لأن الاثر له أي أهمية عندي.. لكن لأنه أذاش وخلاش تتعقدين من نفسش بذا الطريقة
موضي بجزع: راكان تكفى.. لا تنسى أنه ولد عمتنا.. وعمتي نورة وبناتها ماعندهم غيره
راكان ببرود يشتعل تحته ولا يعلم سبب هذا الاشتعال.. يشعر بألم مشتعل يحرث روحه بمناجله: مهتمة فيه؟؟
موضي باستنكار جازع: يخسى.. والله ولا همني.. بس حشمة لعمتي نورة وخالي جابر
راكان يحاول الهرب من وطأة أفكاره وهو يهمس لها بهدوء شديد الحزم: إذا تبيني أسامحه
فأنتي لازم تحاولين تتجاوزين كل اللي هو سواه فيش..
لكن دامني أشوفش مستوجعة.. والله ما أسامحه.. واللي رفع السما وبسط الأرض
لأخليه يدفع ثمن كل دمعة بكيتيها
موضي بجزع: خلاص أحاول
راكان بحزم: لا.. أوعديني
موضي تضغط على نفسها: أوعدك
راكان يبتسم وهو يهمس بشفافية: وأنتي على قولتش: من نسوان كلمتهم ما تصير ثنتين
وأنتي وعدتيني
موضي تبتسم: على قولتك: نسوان أحدث طراز.. وأنا وعدتك
***********************
بيت فارس بن سعود
غرفة فارس والعنود
الساعة 8 مساء
العنود تنهي زينتها.. تريد التوجه لبيت أهلها استعدادا لوصول موضي وراكان
يدخل عليها فارس مستعجلا
وهو يفتح الدولاب باستعجال
العنود تنظر له بفضول واستغراب حتى رأته يتناول مسدسه ويضعه في جيبه
ليتحول الفضول لرعب
والاستغراب لجزع قلق
العنود تختنق بكلماتها: فارس وين بتروح؟؟
فارس بنبرة اعتيادية حازمة: الشرطة طالبيني في مداهمة
ولأني مدني ما يعطوني سلاح..
بس عندي سلاحي هذا مرخص..
العنود تقف أمامه لتقول بمناشدة: تكفى فارس ما تروح
فارس بغضب: نعم..
أمسكت بذراعه لتمنعه.. ولكنه دفعها بحدة وخرج..
لم ينتبه أن دفعته كانت أقوى مما تحتمل رقتها وضعف بنيتها
ولم يعلم أنها سقطت أرضا
لأنها دفعها وخرج.. وهو يعتقد أنه أزاحها فقط عن طريقها
يعلم أن دفعته كانت قاسية نوعا ما
ولكنه لا وقت لديه للأخذ والرد والمداهمة بعد أقل من نصف ساعة
العنود بقيت مذهولة للحظات
لم تستوعب أنه دفعها ولم تستوعب أنها وقعت أرضا
ومع الاستيعاب حضر الألم
(تمد يدك علي يا فارس؟!!
أنا تمد يدك علي؟؟!!
عمري ماحد صرخ علي في بيتنا
صرخت أنت علي... وتحملت
اليوم تدزني
وش بيصير عقب؟؟
تضربني؟؟؟
بس ماعليه يا فارس ماعليه..
خلك ترجع بالسلامة.. ونتفاهم)
#أنفاس_قطر#
.
.
.
|