بنيتي أنفاس.. حفظها الله.
صغيرتي العذبة، ليتكِ تعلمين ماذا فعلتِ بأمكِ "أم عبدالعزيز" ؟!
أنتِ هدية من السماءِ أيتها الصغيرة.
أنا أتابعُ "أسى الهجران" من بدايتها أنا وابني عبدالعزيز، حفظه الله لي.
كنتُ أتابعُ بصمت وهأنا أخرج عن صمتي لأولِ مرةٍ في تاريخِ تعاملِي مع شبكةِ الانترنت.
أنتِ تنطقين الحجرَ ياصغيرة، فكيف بقلبٍ رقيقٍ حنونٍ كقلبِ أمكِ "أم عبدالعزيز"؟!!
سأخبركِ أولاً كيف تعرفتُ عليكِ.
فنحن العجائز نحبُ الثرثرة.
أعانَ الله صبايا المنتدى عليّ.
بنياتي، تستطعن تجاوزَ ثرثرتي.
فأنا أعلمُ أنكن لا تطقن ثرثرتنا نحن العجائز المملات.
كعادةِ كلِ الأمهاتِ الرديئةِ في التفتيشِ خلف أبنائهن.
أعترفُ أني أفعل.
كلما دخلتُ على ابني في وقتِ فراغِهِ.
ووقتُ فراغِهِ قليلٌ فهو أستاذُ جامعة.
وجدت عيناه الغاليتان تتابعان شاشة الحاسوبِ، ويبتسم.
أسألهُ ماذا تفعل؟؟
فيقولُ أقرأ "بعد الغياب"، أهداني إياها صديقي على فلاشٍ، وأنزلتها على جهازي.
لم يطمئنْ قلبي حتى فتشتُ جهازَهُ.
فالأمُ تعتقد أنَّ ابنها طفلٌ مهما كَبِرَ.
حينها وقعت العجوزُ في غرامِ "بعد الغياب".
فأصبحَ ابني كلما عادَ من عملِهِ، وجدني في مكتبِهِ وعلى جهازِ حاسوبِهِ.
ماذا تفعلين يا أمي؟؟
أمك تقرأ "بعد الغياب".
وحتى يتخلصَ مني، أنزلَ الرواية على حاسوبي الخاص.
فأمكِ العجوزُ بارعة جدا في الحواسيبِ.
وكان هو من أخبرني بنزول "أسى الهجران".
التي عوضتني عن اشتياقي لأيام "بعد الغياب"، وأبهرتني أكثر.
قصتكِ يا بنيتي أدخلت حيوية هائلة في علاقتي بابني، وفتحت محورَ حديثٍ لا ينقطعُ بيننا.
بنيتي:
لا أخفيكِ أنني في البدايةِ لمتُ نفسي.
هل يعقلُ بعد عبدالرحمن منيف وغسان كنفاني وجمال الغيطاني، بل وتولستوي وتشيخوف وهمنجواي،
وأنا أستاذة اللغة العربية القديرة تفتتني صبية باسمٍ مستعار؟!
لا أخفيكِ أنني قرأتُ لصبايا الشبكةِ روايات جيدة.
ولكن أنتِ مختلفة يابنيتي، مختلفة.
أنتِ فتنة طازجة.
طازجة جدا، كفاكهةٍ مرتويةٍ مليئةٍ بالعصارة.
وما يبهرُ فيكِ هو كم الذكاءِ المبهرِ الذي تتمتعين به.
حفظكِ الله ومتعكِ به.
نعم قد يكونُ لدى البعض موهبة رائعة، ولكن جمعَ الموهبةِ بالذكاءِ أمرٌ نادرٌ.
ومما يُبهرُ أيضا : قدرتكِ على تدويرِ الأحداثِ، والمرواحةِ بين الزمانِ والمكانِ بإحكامٍ مقتدر.
تنويع الشخصيات ببراعةٍ والتلاعب بمشاعرها.
قدرتكِ على التصويرِ فائقة، بل هي مبهرة ومتجلّية جدا.
لقد أصبحتِ يا بنيتي جزءاً من روتيني اليومي.
لذا أنا أكتب لكِ اليوم، لأقولَ لكِ أطيلي، أطيلي قدر ما تستطعين.
لا تحرمي أمكِ العجوز من متعتِها ومتعةِ ابنها.
قد لا أعودُ للتعليقِ، ولكن تأكدي أنني أتابعكِ من خلف الكواليس.
وأدعو لكِ بظاهرِ الغيبِ، أن يمتعَكِ الله بالصحةِ والعافيةِ، كما تبعثين متعة دائمة في رتابةِ حياتِنا.
مع السلامة بنيتي، وحفظكِ الله من كلِ شر.
والدتكِ المحبة
أم عبدالعزيز