كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الغاليات فوق حدِّ الوصف
أخواتي وصديقاتي وبهجة الروح وانتعاشتها
مهما كتبت وأسهبت ووصفت
يبقى الوصف قاصرا
عن مطاولة إحساسي الذي غلفني بالفخر
لوجودكن جواري
وعن إحساسي بالتأثر وأنا أرى استقبالكن
لي و لـ " أسى الهجران"
الذي أتمنى أن نكون نستحقه أنا و هي
وأتمنى ألا نخيب ظنكن بنا
ونكون عند حسن ظنكن العذب بنا
صدقوني أني وقفت أمام كل اسم من أسمائكن الغالية
أمام كل حرف وهمسة وشعور
والانفعال يهزني هزاً
هل استحق فعلا كل هذا؟!!
لقد طوقتموني بفيض مشاعركم
وأنا فعلا عاجزة عن التعبير ومشاعري تخونني
كنت أود لو كان لدي من الوقت ما يكفي لأرد بمعلقات شعرية
على كل عابرة
فمعلقة بطول معلقة امرئ القيس هي أقل تعبيرا
عما أود قوله لكل واحدة منكن
ولكن العلاقة بيننا أصبحت أكثر من شفافة وصريحة
فأنا في فصل تخرج وحامل
وما يشغلني أكثر هو كتابة "أسى الهجران"
حتى أتمكن من الاستمرار في التنزيل اليومي
همسة قبل نزول جزء اليوم
في هذه الرواية ستجدون تحديد دقيق للأماكن وجهات العمل
أريد أن أؤكد أن هذا كله والقصة كلها من خيالي 100%
والتحديد هو لصنع مصداقية أكثر ليس إلا
وحتى تشعروا أن هذه الشخصيات هي شخصيات حقيقية
تعيش في أماكن حقيقية والأهم بمشاعر حقيقية
مازلنا في البداية
وينتظرني وينتظركن وينتظر "أسى الهجران" الكثير الكثير
استلموا
الجزء الثالث والرابع
وموعدنا غدا
الساعة 8 مساء
.
.
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
أسى الهجران/ الجزء الثالث
بعد عدة أيام.. في الدوحة
بعد صلاة العصر بساعة..
نادي الفروسية
كانا اثنان يتسابقان في المضمار.. وصل الأول خط النهاية ونزل عن فرسه الرشيقة القوية السوداء كليل معتم ساحر السواد
كانت تصهل بعنفوان وهو يقف لجوارها ويمسح على عنقها الطويل الشامخ بفخر..علاقة فريدة تجمع الفارس بفرسه.. لا يحس بعمقها إلاَّ من رأى سحر تواصلهما بعينيه
كانت تستمد شموخها من شموخه وفخرها أن تكون فرساً لهذا الفارس الاستثنائي الذي يقف بطوله الفارع إلى جوارها في لباس الفرسان الأنيق الذي احتضن كتفيه العريضين وعضلات صدره النافرة بدقة تفاصيلها
ولكنه كان أنحف من شقيقيه الأكبر منه: مشعل وراكان.. نحافةً مقصودة لضرورة ضبط الوزن لكونه جوكياً محترفاً لا بد ألا يثقل على فرسه بوزنه..(الجوكي= راكب الخيل المحترف)
وصل الثاني بعده بدقيقة.. وهو يهتف بنفسٍ مقطوعٍ: يعني ناصر مافيه مرة تخليني أسبقك.. كل مرة تكسر بخاطري أنت والجليلة جذيه...
رفع ناصر عينيه له وهو يعدل وضع نظارته الشمسية عليهما وفكه القوي يرتفع باعتداد: كفاية عليك يا حسن أنك قادر تروض ذا الحصان.. ركوب ثيندر بروحه أحسه إنجاز..
حسن بابتسامة وهو ينزل ليحتضن عنق ثيندر: ترويض ثيندر كان أكبر تحدي في حياتي..
ثم أكمل بجدية: إلا صج يقولون منت مشارك في الفريق في سباق التحمل الصحراوي في الأردن شهر يناير..؟؟
ابتسم ناصر وهو يضرب على رأسه كمن تذكر شيئا: السموحة يا أخيك ياحسن.. نسيت أقول لك.. موعد عرسي تحدد قبل موعد السباق بيومين.. والله لو دريت بموعد السباق قبل تحديد الموعد كان أجلته لعقب.. الحين شباب الفريق وأنت أولهم ما حد منكم بحاضر عرسي
ابتسم حسن وهو يربت على كتف ناصر : آفا عليك.. عني بأخليهم يشحنون ثيندر.. وبأحضر عرسك وبأطلع منه على المطار على طول
ناصر بود وأخوية: جعلني ماخلا منك ماتدري وش كثر فرحتني..
الاثنان يمشيان متجاورين متوجهين للحظائر..
حسن بتساؤل: جاي التدريب بكرة؟؟
ناصر وهو يسحب "الجليلة" لإعادتها للحظيرة: لا بكرة عندنا مؤتمر في الشغل..
كان ناصر فارساً محترفاً في فريق قطر لسباقات التحمل..
ولكن اشتراكه في الفريق كان على سبيل الهواية إلى جانب عمله في العلاقات العامة في وكالة الأنباء القطرية (قنا)
وهو يفكر في الاعتزال بعد زواجه.. وبعد أن قضى سبع سنوات في الفريق
ولكنه طبعا لا يفكر بترك ركوب الخيل الذي تغلغل في روحه ووجدانه
***********************
الدوحة.. منزل حمد بن جابر
زوج موضي وابن خالها
وفي ذات الوقت هو ابن عمتها نورة /أم حمد هي الابنة الوحيدة لمشعل الكبير
ذات الليلة ولكن الساعة 11 مساء بتوقيت الدوحة
يطرق الباب بوحشية.. وكأنه وحشٌ فقد عقله: أقول لش افتحي يا موضي قدام أكسر الباب..
ترد من خلف الباب بصوت باكي مرتعش: تكفى يا حمد لا تضربني.. تو أثار ضرب المرة اللي فاتت خفت من وجهي
حرام عليك لي أسبوعين ماشفت هلي.. وكل ما اتصلوا فيني يبون أجيهم أو يجوني تعذرت منهم .. عشان مايشوفون الضرب بوجهي.. عشانك موب عشاني
يصرخ بصوت مرعب: يعني أشلون؟ تخوفيني بهلش؟؟
موضي بنفس الصوت الباكي: حمد حرام عليك.. بأروح لهم بكرة.. وإذا رجعت اضربني على كيفك.. والله ما أقول شيء.. كسرني لو تبي
يا الله !!
كيف يكسر الظلم النفوس.. ويحيلها لحطام بشري يمشي على قدمين.. ويجعلك تتنازل عن أبسط حقوقك:
إنسانيتك!!
واحترامك لذاتك!!
********************
الدوحة
منزل فارس بن سعود بن مشعل
آذان الفجر
أم فارس تتوجه إلى غرفة فارس لإيقاظه لصلاة الفجر..
مازالت هذه السيدة تحتفظ بالكثير من ملامح صباها وهي في أواسط الأربعينات.. ولم تنجب غير فارس بعد أن توفي زوجها وابن عمها سعود وهي حامل..
لم تفكر أن تتزوج بعده لأنها خافت من عمها مشعل الكبير.. لأنها تعلم أنه سينتزع فارس من أحضانها بدون رحمة.. لو فكرت أن تتزوج..
وفي أحيان كثيرة تتساءل : أ لم ينتزعه فعلا من أحضانها؟؟
هو ومشعل الآخر.. مشعل ابن حماها محمد..
فالمشعلان تبادلا على تربية فارس دون أن يكون لها دورٌ فعليٌّ في هذه التربية..
مشعل بن محمد كان الأكثر التصاقاً بجده بحكم أنه الأكبر بين الأبناء وكان طوال ثماني سنوات هو الولد الوحيد في العائلة حتى جاء راكان ثم بعده بسنة جاء مشعل بن عبدالله ثم بعدها بعام ناصر.. ثم بعدها بعامين فارس..
تشرب مشعل بطباع جده الصلب .. ثم بعد ذلك الاثنان شرَّبا فارس هذه الطباع مضاعفة.. ليتجاوزهم جميعا وتتحول الصلابة عنده إلى قسوة عجزت عن سبب تفهمها..
لم يكن فارس قاسيا عليها أبدا.. هي الوحيدة التي كان يذوب حنانا لها.. ولكنها ترى قسوته تتجلى في تعامله مع الآخرين
وصلت إلى غرفة فارس وهي تطوف مع أفكارها.. اقتربت من سريره وهي تهمس بحنان: فارس حبيبي قوم يأمك للصلاة
بعد محاولات بسيطة جاءها صوته الأجش الشديد الخشونة: إن شاء الله يمه، قايم الحين... قالها وهو يستوي جالسا بقامته الطويلة مثل أبناء عمه
كان الطول وعرض الكتفين هو صفة الشبه الوحيدة التي ربطته بعائلة مشعل..
ولكن ملامحه الأخرى كانت شيئا مختلفا.. مختلفا جدا
الملامح التي كانت أحد أسباب تكوينه المقصود لشخصيته المرعبة القاسية
الشخصية القوية التي ناسبها عمله كوكيل نيابة في النيابة العامة، العمل الذي التحق به قبل 4 سنوات فور تخرجه من الجامعة من تخصص القانون..
**************************
منزل عبدالله بن مشعل.. صلاة الفجر
غرفة الجدة أم محمد
قد يستغرب البعض لماذا الجدة في بيت عبدالله وليست في بيت محمد الكبير؟؟
قبل أن يتوفى الجد بعدة سنوات كان هو وأبناؤه أنجزوا بناء منازل آل مشعل الجديدة..
أربعة منازل فخمة متلاصقة على ذات الطراز أمامها مجلس رجال خارجي ضخم مفتوح على الشارع مباشرة هو مقر اجتماعهم كلهم..
واشتروا كلهم لبقية الأبناء أراضٍ ملاصقة في حال قرر الشباب غير المتزوجين بناء منازلهم..
أما البيوت التي تمَّ انجازها فكانت لعبدالله ومحمد ومشعل بن محمد ولفارس بن سعود الذي أصرَّ جده أن يبني له بيتا خاصا فيه تدعيما لشخصيته القوية وحتى يضمن له ألا يتعب في بناء بيت حين يكبر..
والجد قرر أن يسكن مع عبدالله لعدة أسباب أهمها فارس.. لأن زوجة عبدالله كانت أم فارس بالرضاعة أرضعته مع موضي.. لذا كان فارس حراً في دخول البيت والخروج منه
السبب الثاني أن عبدالله كان هو من تبقى عنده أطفال صغار.. ومشعل الكبير مع صلابته يبقى جداً يستمتع برؤية أحفاده وخصوصا كلما كانوا أصغر.
السبب الثالث: أن زوجة عبدالله كانت ابنة شقيقة هيا.. وتقريباً هم من ربوها وهي الأقرب لهم من بين كل زوجات أبنائهم.
لذا قرر مشعل الكبير وأم محمد أن يسكنوا في بيت عبدالله رغم توسل محمد الدائم لهم.
ينزل عبدالله لصلاة الفجر ومعه ابنه الصغير ابن الثالثة عشرة.. ويمر بحجرة أمه التي كانت تجلس على سجادتها مشغولة بأذكارها تنتظر الإقامة (رغم أن حفيداتها حاولن إقناعها أن المرأة لا إقامة لها وإنها مادامت تصلي في بيتها فهي تستطيع الصلاة فور دخول الوقت)..
ينحني ليقبل رأسها بقامته الطويلة التي لم تأخذ من صلابتها وامتدادها سنواته الخمسة والخمسين شيئا.. ويهمس باحترام جزل: صبحش الله بالخير طال عمرش في الطاعة.. كيف أصبحتي جعلني الأول؟؟
انتفضت وتقلصت تجاعيد وجهها الغائرة وهي تضع طرف جلال الصلاة على أنفها وفمها لأنها اعتادت ألا يراها أبناؤها بدون برقعها ، وهتفت بحزم: صبحك الله بالنور والسرور.. كم مرة قلت لك لا عاد تقول جعلني الأول..
ابتسم لتكشف ابتسامته عن صفِّ أسنانٍ كاملٍ فتيٍّ هو نتاج زراعة حديثة بعد أن رفسته إحدى نياقه الأثيرة في وجهه قبل عدة أعوام: جعلني فداش، وفدا رجيلش
أم محمد بغضب: قوم توكل على الله وروح للمسجد.. وجعلني أنا اللي قدامكم كلكم أنتو وعيالكم
جعل ربي ما يفجعني في واحد منكم.. ماعاد أبي يا أمك إلاَّ حسن الخاتمة
ثم أكملت بحزن مرير وكأنَّ الكلمات تخرج مضرجة بدم أعماقها المكلومة: كفاية علي الاثنين اللي راحوا ما تمتعوا بشبابهم..
#أنفاس_قطر#
الجزء الرابع
واشنطن دي سي
جامعة جورج تاون
الساعة 2 ظهرا بتوقيت واشنطن
في حديقتها الشاسعة.. يجلس على الأرض
يمدد ساقيه الطويلتين اللتين يحتضنهما بنطلون أسود بقصة مستقيمة يرافقه على صدره العريض كنزة صوفية خفيفة رمادية اللون رفع أكمامها وأزاحها عن ذراعيه الأسمرين القويين وهو يقلب مجموعة من الأوراق بين يديه
استعدادا لمقابلة البروفسور المشرف بعد نصف ساعة..
رنَّ هاتفه المحمول، تناوله ونظر لشاشته.. ابتسم وهو يرد: هلا سعيد
....................
موجود طال عمرك
...................
عند الشجرة اللي أقعد عندها دايم
بعد دقائق كان سعيد يصل بجلبته المعتادة: هلا والله بالشيخ مشعل..
رفع مشعل عينيه لسعيد المتأنق بربطة العنق الرمادية الغامقة والقميص الرمادي الفاتح والطقم الرسمي الكحلي الأنيق : وش عنده الأخ كاشخ؟؟ مهوب عوايد
ضحك سعيد: طول عمري كشخة..
ابتسم مشعل: لا صدق الكشخة ذي شكلها سبيشل.. وش عندك؟؟
سعيد بمرح: على طول كاشفني.. جاي من السفارة طال عمرك كان عندي معاملة أخلصها.. وعلى فكرة ترا الملحق الثقافي يبيك
مشعل بهدوء: قال لك وش يبي مني؟؟
سعيد هزَّ كتفيه: لا... وهو يضع جريدة تحته حتى لا يفسد طقمه ويجلس بحذر إلى جوار مشعل حتى لا يتجعد بنطلونه
مشعل يضحك: يا المتيح ضاق عليك المكان إلاَّ تضيق علي..
سعيد يتجاهل شكوى مشعل وهو يضع كتبه جواره ويقول باهتمام: مادريت بأخر أخبار الشعب القطري في واشنطن..
مشعل وهو يقلب أوراقه ويضع ملاحظاته عليها: من وين أدري ووكالة الأنباء توه واصل الحين
سعيد يصطنع الغضب: الشرهه علي اللي أبيك تتواصل مع العالم.. وإلا أنت يمكن لا تقوم الحرب العالمية الثالثة مادريت بها وأنت دافن روحك وسط كتبك
مشعل وهو مستغرق في عمله: زين قل لي وش صاير.. لانك لو خليت العلوم في بطنك، بيجيك حاطي باطي.. (العلوم= الأخبار)
سعيد يضحك: مالت على عدوك.. ياطويل العمر صايرة علوم.. دريت بها من رئيس نادي الطلاب القطريين.. قابلته في السفارة
مشعل بنفاذ صبر: اخلص علي.. موعدي مع البروفيسور بعد شوي
سعيد يلقي الخبر بنبرة مذيعين الأخبار الجادة: البنية اللي اسمها هيا اللي كلمتك عنها قبل كم يوم.. تلاغت مع ولد في المدرج.. والولد شد حجابها..
مشعل لم ينتظر بقية الخبر لأنه قفز بانفعال كاسح..وترتسم على وجهه انفعالات عنيفة كأنه أسدٌ على وشك التهام فريسته
سعيد باستغراب : وين بتروح؟ ما كملت لك..
مشعل بغضب دموي: وهي فيها تكميل يا الكمخة.. بناتنا يفسخون حجبهم في الجامعة، وأنت مخليها سالفة.. بأطلع الحين لمدير الجامعة وعقب للسفير
سعيد يضحك: يمه منك ماعندك تفاهم... ماصار شيء
وهيا ذي ماينخاف عليها.. أصلا حجابها ما انفسخ لأنها كانت شادته وملزقته بلزقة عنزروت الظاهر، لا وضربت الولد كف.. وقدمت فيه شكوى بعد.. والجامعة قدمت اعتذار للسفارة
مشعل جلس بعد ما أطمئنت حميته الملتهبة: طيب والبنت ليش تلاغى هي والولد؟؟
سعيد بشرح: كان مجرد نقاش في المحاضرة.. بس الولد احتد وقال لها أنتي إرهابية وخرابيطهم الفاضية اللي أنت خابر وشد حجابها.. والبروفيسور نفسه طرده وقدم هو بعد شكوى ضده
في ذات الجامعة
وفي مكان قريب جدا من جلوس مشعل وسعيد
كانتا تجلسان على كرسي حجري.. هيا بعباءتها ولبسها المعتاد.. وباكينام ببنطلون كتان زيتي واسع وقميص بيج واسع للركبة وحجاب زيتي..
هيا تكمل بمرح: بس لو شفتي وجه الولد عقب الكف..
باكينام وتضحك: أما انتي يا بت يا هيا تحفة.. ماحدش يجي جنبك تعمليه فشه وكوارع وبمبار..
هيا تضحك: أعييييييييه منج.. زين خليه بفتيك وستيك شي كشخة.. اللي يشوف كلامج مايقول بنت كلاس.. لكن جزارة من السلخانة
باكينام تضحك: أنت هتعملي زي أنّا (أنّا=الجدة بالتركية).. بتقول لي ماتشميش مع الولاد
ولاد عمي دول يخربوها ويئعدوا على تلها، هم اللي تلفوا لي لساني
المرة دي أخدوني للحسين واكلوني لحمة رأس، كنت هاموت وجالي تلبك معوي
هيا بخبث: على طاري (الولاد) أخبار ابن الجيران اللي في مصر إيه؟؟
باكينام تغمز : الله أنتي ما بتنسيش؟!!
ثم أكملت بنبرة الشعارات الحماسية: لا للمصريين.. لا للعرب.. لا الإنجليز
ثم أردفت وهي تلتفت للشباب المتواجدين حولهم وتقول (بعيارة): أهلا بالأمريكاني
**************************
منزل محمد بن مشعل..
غرفة ابنته الكبرى مريم..التي تعبر انعطافة أواسط الثلاثينات
آذان الفجر..
نهضت من نومها على صوت جرس المنبه لصلاة الفجر.. نهضت بهدوء وهي تتمتم بدعاء الاستيقاظ.. توضأت ثم توجهت لغرف أشقائها لترى من منهم أستيقظ للصلاة
وهي تغلق باب غرفتها، مرَّ بها ناصر وهو يقول لها بمرح ومودة: صبّحها الله بالخير شيخة أل مشعل كلهم.. أنا اليوم براءة قمت بروحي.. روحي ذهني راكان والعنود.. (ذهني=صحي)
ابتسمت مريم بشفافية ابتسامة زينت وجهها الصافي الشفاف وهي تقول: دوم مهوب يوم.. مافيه حد يتعبني وأنا أذهنه مثلك.. وإلاَّ راكان والعنود مقدور عليهم
ناصر يضحك وهو ينزل السلم: زين يا مريوم، رجعتي علي، على نصوري المسكين.
مريم وهي تتوجه لغرفة راكان أولا: أنت مسكين أنت؟؟ أنت مسكون طال عمرك..
ضحكة ناصر المجلجلة تصلها من الأسفل وهي تصل لباب غرفة راكان
رغم أن راكان أصغر منها بخمس سنوات (أمها أسقطت مرتين بينهما) إلا أنها تهابه وتحترمه
فراكان بهدوئه وسمْته وطباعه ومهابته كان يجبر من هو في حضرته على احترامه
تدخل مريم بحذر لأنها تخشى أن تصدم بشيء من دروع راكان أو كؤوسه
راكان بطل أوليمبي حاصل على عدة ميدايات عالمية في الرماية
إضافة إلى أنه يتسلى بلعب الشطرنج.. وحاصل على عدة ميداليات فيها
ورغم غرابة اجتماع الرياضتين.. بين رياضة جسدية وأخرى عقلية.. إلاَّ أن هذه كانت غرابة راكان أيضا
راكان الذي يستحيل أن يكتشف أحد كيف يفكر.. وكأن الحياة أمامه لعبة شطرنج.. يجب ألا يكتشف أحد حركتك القادمة حتى لا يباغتك
من ذلك مثلا لماذا راكان يرفض أن يتزوج حتى الآن رغم وصوله الثلاثين؟؟
لا أحد يعلم.. ولا حتى مشعل بن عبدالله صديقه المقرب!!
اقتربت مريم من سريره وهي تمدُّ يديها وتتحسس طريقها حتى وصلت
هزَّت كتفه من ناحية صدره اليسار بلطف: راكان.. راكان.. يا موظفين الديوان الأميري (حيث يعمل راكان)
راكان بصوت ناعس عميق: لبيه يا أم محمد.. قايم جعلني فداش..
راكان بالذات اعتاد أن يناديها أم محمد.. احتراما لها
وربما تحقيقا لرغبة لن تحصل أبدا: أن تكون يوماً أماً لمحمد أو غيره!!
مريم بابتسامة: ماشاء الله عليك.. هذا صدر وإلا مطار؟!
راكان وهو يعتدل جالسا ويفتح عينيه الواسعتين بكسل، ويبتسم: شام ريحة تنظال يا أم محمد..
ضحكت مريم: قلنا ماشاء الله.. تقول لي العنود أنك غطيت كل سلالة آل مشعل طول وعرض
ضحك راكان: وش ذا؟؟ أنتي وأختش مسوين اجتماع نظل عائلي علي
ابتسمت مريم: على طاري أختك خلني أروح أذهنها
راكان بحنان: تبين أوصلش لغرفتها؟؟
مريم بذات الحنان وهي تتلمس طريق الخروج: لو أبيك توصلني بأقول لك روح ذهنها أنت..
راكان وهو يدخل لحمامه الخاص ويقول بمرح: لا يا بنت الحلال فكينا من أختش الأذوة ذي.. ما حد عنده استعداد لملاغتها على الصبح غيرش.. ما أدري أشلون تستحملينها؟؟
مريم وهي تخرج: فديت روحها.. بنتي ذي مهيب أختي بس..
وفعلا كانت العلاقة بين مريم والعنود تتجاوز علاقة الاخوة العادية لشيء أعمق بكثير.. ففرق خمسة عشر عاما بينهما.. أهلت مريم أن تكون أما للعنود وبجدارة
وصلت مريم لحجرة العنود.. أخر العنقود ومدللة البيت
في هذه الحجرة تحفظ كل زاوية وتستطيع التحرك بثقة.. توجهت لسرير شقيقتها
ومباشرة توجهت لرأسها لأنها تعرف كيف تنام وعلى أي وضعية تماما..
همست عند رأسها بحنان وهي تداعب خصلات شعر العنود الحريري المتناثر على مخدتها: عنادي.. قومي يا قلبي.. الفجر أذن..
العنود وعيناها ماتزال مغلقتين تهمس بدلالها الطبيعي الرقيق بصوتها العذب المفعم بأنوثة مصفاة: وين أحلى بنت في الدوحة؟؟
مريم تبتسم: أكيد مهيب عندنا في البيت.. وماعندي وقت أروح أدور برا
العنود تبتسم وتفتح عينيها النجلاوين برموشهما الطويلة المتشابكة: ماني بقايمة حتى ألقى جواب صريح وواضح ومحدد..
مريم تبتعد عن سريرها وتقول بمرح: أنا طلعت من ذنبش.. إذا سألش الله عز وجل يوم الحساب ليه ماصليتي الفجر.. قولي عشان مريم ما تعرف وين أحلى بنت الدوحة
العنود تقفز واقفة من سريرها للأرض في قفزة واحدة لتظهر بيجامتها الزهرية الطفولية المليئة بالخطوط المتداخلة والنجوم.. وتحتضن مريم وتطبع قبلة عميقة على خدها: أفا .. الدعوة خاربة مع ذا الفجرية.. مافيه مجاملات تطري القلب
مريم وهي تمسح قبلة العنود وتقلب وجهها بطريقة مصطنعة مرحة: الله يقرفش.. ألف مرة قايلة لش لا عاد تحبيني وأنتي ماغسلتي
تضحك العنود وهي تفلتها وتتوجه لحمامها: يا أختي وجهي منور وأنفاسي معطرة حتى وأنا صاحية من النوم.. يا حظه بس زوج المستقبل
مريم وهي تغادر الغرفة وتضحك: إلاَّ أمه داعية عليه ومن قلب
" الله يديم ذا الضحكة علينا يارب"
وقفت مريم باحترام وهو تسمع صوت والدها الحنون المختلط بحزمه الطبيعي: هلا يبه.. صبحك الله بالخير يا بو مشعل..
محمد ينحني بقامته المهولة الصامدة قوة وحزما على جبينها ويقبله وهو يحتضنها من كتفها بحنان: صباحش أخير يا أبيش.. أخوانش راحو للمسجد؟؟
مريم بذات نبرة الاحترام: ناصر راح.. وراكان يتوضأ وبيروح الحين
أبوها يفلتها ويتجاوزها نازلا متوجها للمسجد، وهو يقول بحنان لم تخطئ أذنها نبرة الحزن العميقة فيه.. النبرة التي تمزق روحها أشلاءً : يالله ياكريم مع صلاة ذا الفجر أنه ما يحرمنا منش.. ويعوضش بالجنة ونعيمها..
#أنفاس_قطر#
.
.
.
.[/COLOR][/SIZE][/FONT]
|