كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
الارشيف
10– الخبر الصاعق
التفتت بايلي إلى باركر غير مصدقة .. ووجدت نفسها لا شعورياً تقف . بدا جو الغرفة خانقاً ، ووجدت صعوبة في التنفس .
سأل باردلي ابنة ، والربة ظاهرة على وجهه : هل قلت شيئاً ما كان علي أن اقولة ؟
غضب باركر ، وقال لأبية : من الأفضل ان تتركنا وحدنا يا ابي .
- انا آسف بني .. لم اقصد ان اقول ما لا يعنيني .
- لا بأس ابي .
وغادر الأب الغرفة .
سارت بايلي نحو المدفأ الحجرية الضخمة ، وأخذت تحدق بالحطب المكوم .
وسمعت باركر يهمس بنعومة من خلفها : بايلي ؟
أدارها لتواجهه ، لكنها فقدت قدرتها على النطق ولم تتمكن سوى من هز رأسها بغضب مذهول .
- أعرف أن هذا شكل نوعا من .. المفاجأه
- نوع من المفاجأة ؟
- حسن جداً .. الصدمة .
- نحن .. تقابلنا بالكاد منذ شهر مضى
- هذا صحيح .. لكننا نعرف بعضنا أفضل من اثنين يخرجان معاً شهراً .
ولم يرحها إلا يجادلها : أليست جرأه منك أن .. تفكر بالحطوبة ؟
لقد اوضحت له منذ أن التقيا انها لا تنوي التورط مع رجل . ومن يلومها بعد التجربتين اللتين مرت بهما ؟ خطوبة اخرى ، مسألة غير مطروحة وإن كان الشخص رائعاً .
- أجل .. كانت جرأه .
- إذن كيف تقترح امراً كهذا ؟ الخطوبة كارتة بالنسبة لي ! ولن أمر بهذه التجربة مرة اخرى .. لن افعل !
- أعترف أنني اخطأت .
- هذا واضح .
وسارت إلى الجهه الأخرى من الغرفة لتقف وراء مقعد جليدي وتتمسك بظهره .
ورفعت إصبعين قبل أن تضيف : مرتان .. باركر .. مرتان .. وفي المرتين .. خذلاني .. ولن امر بهذا العقاب مرة اخرى .. لن استطيع !
تقدم باركر نحوها بطء : دعيني اشرح لك .. منذ امد طويل ووالداي يريدان تزويجي .
- رائع .. هذا يعني انك اسغليت وجودي .. كنت طعماً ، هل اخترعت هذه القصة ؟ كم انت شجاع .
بدا واضح من ملامح وجهه انه يحد صعوبة في المحافظة على هدوئه .
- انت محطئة يا بايلي .
رفعت يديها قائلة : كل شيء اصبح واضحاً بالنسبة لي .
- يبدو ان ما من شيء واضح
- أعتقد أنني كنت ساذجة جداً كي اقع ضحية خططك البغيضة
- خططي البغيضة ؟ ألا تظن أنك تبالغين ؟
- انا .. ؟ إنك تتحدث إلى امرأه نبذت مرتين .. كل رجل عرفته من قبل تحول إلى شرير .
قطع الغرفة بسرعة ووقف أمامها قائلاً :
- بايلي .. انا لا استغلك .. فكري ما شئت عني . لكن يحب ان تعرفي الحقيقة .. أجل ، والداي متشوقان جداً لزواجي . ومع انني احب عائلتي ، فلن استغلك ، انت او أي فتاهة اخرى ، لأرضي رغباتهما
عبست بايلي مشككة ، لكن عينية بدتا صادقتين جداً ، وقويتين .
قالت : إذن .. لم قلت لهما إنك وجدت المرأه التي تريد أن تتزوجها ؟
التمعت عيناه السوداوان الجميلتين واجاب : لأنني وجدتها .. وانا مغرم بك . وهذا حالي منذ التقينا .
اغمضت بايلي عينيها لتمنع دموعها الساخنة من الانهمار وهمست : قد تظن انك تحبني الآن . لكن هذا لن يدوم ، ولم يدم من قبل وقبل أن تدرك ، ستلتقس امرأه اخرى ، وستقع في حبها ، وتتخلى عني إلي الأبد .
- بايلي .. هذا لن يحدث .. سون ترتدين ذلك الفستان المستخدم قليلاً .. وسوف ترتدينة لي .
تابعت بايلي النظر إلية ، غير قادرة على الثقة بما تسمعه .
- الغلطة التي ارتكبتها هي اخبار امب . في الواقع ، لم تستطع روزان سنايدر الانتظار لتذكرك امام امي .. وكل ما اعرفة ان امي اخذت تلاحقني لاصطحبك إلى البيت ، كي تتعرف هي وابي إليك .. وتدخل والدي ، فزاد الطين بلة فالضطررت إلى الإعتراف بأن نواياي جدية .. ومن الطبيعي أن كليهما سر بالأمر .
- طبعاً .
لكن احساساً بالتوتر رفض أن يزول .
- لم ـشأ تسريع الأمور ، لكن بما ان ابي فضح الأمر ، من الأفضل الإعتراف بالحقيقة الآن فنواياي شريفة .
جادلت : لعلها كذلك الآن .. لكنها لن تدوم .
أخذ باركر نفساً عميقاً وقال : بل ستدوم . أعرف أنه لم يتح لك الوقت للتفكير بمشاعرك نحوي . وكنت آمل ..
وتردد مقطباً جبينة : .. أن نناقش الأمر بعد بضعة أشهر ، حين تنضج مشاعرنا نحو بعضنا البعض .
- سأكرر ما قلته مرة أخرى... الخطوبة لن تنجح. على الأقل ، ليس معي .
- سيكون الأمر مختلفاً هذه المرة .
- لو اخترت ان اقع في حب احد ما يوماً ، فسيكون أنت . لكن هذا لن ينجح يا باركر . وانا آسفة .. حقاص .. لكني لا استطيع خوض التجربة من جديد ، لا استطيع .
واخذت يداها ترتجفان ، وعضت عبى شفتها السفلى .. إنها تحب باركر .ز لكنها ببساطة خائفة جداً من ان تعترف بهذا .
- بايلي .. هلا اصغيتي إلي ؟
ردت بشراسة : لا .. انا آسفة .. حقاً آسفة .. لمن الأمور في غير مواقعها هنا .. فأنا اكتب قصص رومنسية .. وانت .. انت الرجل الذي استخدمة كنموذج .
عبس باركر وقال : تعنين أن كل ما بيننا زائف .. والشخص الوحيد الذي استغل الآخر هو انت .
شدت بايلي قبضتها ، بحيث حفرت اظافرها عميقاً في راحتيها .. واخذ العرق البارد يتصبب من جبينها .
- انا لم ادع يوماً .
وصر اسنانة وقال : فهمت .. إذاً ، كل ما استطيعة هو ان اطلب عفوك لأني كنت وقحاً هكذا .
احسنت بايلي بكرب فضيع ، لكن يجب ان يعتقد ان عاقتهما زائفة ، وإلا سيصبح الأمر خطراً . ومؤلماً .
- لا داعي للإعتذار
وع قدمي والدة باركر الخافت ، وهي تدخل الغرفة ، ألهاهما للحظو .
قالت : العشاء جاهز واخشى أن يفسد إذا تأخرا أكثر
فأجابها باركر : نحن قادمان .
لم تعرف بايلي عشاء غير مريح في حياتها كهذا ، فقد ساد التوتر ، وبالكاد تكلم باركر طوال الوجبة . وحملت امة عبء الحديث بلباقة . وقامت بايلي بما في وسعها ، لكن الجو بقي مشحوناً ، بحيث أصبحت مهمتها صعبة .
ما إن انتهت الوجبة ، حتى اعلن باركر أن الوقت قد حان ليغادا .. وهزت بايلي رأسها موافقة ، ثم شكرت والدية على دعوتهما .
تمتم باركر وهما في السيارة : ألا تظنين انك بالغت قليلاً ؟
فردت بحدة : كان علي أن اتحدث ، لا سيما انك كنت فظاً جداً .
- لم أكن فظاً
- حسن جداً .. لم تكن فظاً .. افتقرت إلى اللباقة . ألم تلاحظ مدى انزعاج والدك ؟ لم تكن بحاجة إلى تعقيد الأمور بتصرفك المعيب .
- انة يستحق ذلك
- هذا فظيع
ولم يرد عليها باركر .. وبدا مستعجلاً لإيصالها إل بيتها ، وراح يقود سيارتة وكأنه يتدرب لسباق ما .
وأدهشتها حين اصر على أن يرافقها حتى الباب . .في الليلة السابقة ، رافقها إلي الباب ابضاً ، وبعد وداع متوتر تركها .. لكنه لم يشأ اليوم ترك الأمور على حالها ، بل قال حين فتح الباب : ادعيني لأدخل .
- أدعوك لتدخل ؟
تناهى إليها مواء ماكس الحزين من وراء الباب وخلا وجهه من أي تعبير وهو بقول : سأدخل سواء دعوتني ام لم تفعلي .
وعرفت أنه سينفذ تهديده ، فتشنجت معدتها ارتباكاً
فتحت الباب وقالت : حسن جداً .
أضائت الأنوار ، وخلعت معطفها .. وأحس ماكس بحالها فالتجه فوراً إلى غرفة النوم .
- سأحضر بعض القهوة .. لكنني لا اتصور أنك ستبقى طويلاً ؟
- حضري القهوة
أحست بايلي بحاجتها للحركة ، وركزت على تحضير القهوة والفناجين .
قالت له : مهما قلت لن ابدل رأيي .
ولكنها لم تبدي هادئة ومسيطرة على اعصابها كما أملت .
تجاهلها باركر الذي بدا عاجزاً عن الوقوف ثابتاً في مكان واحد .. وراح يذرع المطبخ جيئة وذهاباً ، ولم يقف إلا حين اعطتة بايلي فنجان القهوة الساخن .. كانت بايلي قد رأت باركر غاضباً ومحبطاً .. حتى وهو يشعر بالغيرة ، يتصرف بشكل غير منطقي .. لكنها لم تشاهدة بهذه الحلة من قبل .
أسندت ظهرها إلى حائط المطبخ ، وامسكت فنجانها بحذر قائلةة : قل ما تريد قولة .
- حسن جداً .. اكرة التعامل مع مشاعر غير المنطقية .
- مشاعري غير منطقية ؟
- اعترفي .. أنت تتصرفين بطريقة غير منطقية لأن رجل آخر فسخ خطوبة لك .
- رجلان آخران ، لاحظ الفرق .. وهذا يعني اكثر من واحد .. وقبل أن تحكم علي بقسوة يا سيد دايفدسون ، دعني أذكرك أن كل انسان يتصرف وفقاً لتجربتة .. وإذا وضعت يدك النار واخترعت ، فلن تلعب قربها مرة اخرى .. أليس كذلك ؟ الأمر بهه البساطة .. كنت غبية بما يكفي لأخاطر بلمس النار مرتين ، لكنني لا ارغب في هذا مرة ثالثة .
- - ألم يخطر في بالك ابداً انك لم تحبي بول او توم ؟
اجفلت لعدم توقعها السؤال وردت : هذا سخيف .. لقد وافقت على زواج وما من امرأه تفعل هذا من دون حب
- وكلاهما وقع في حب غيرك
- لطف منك ان تذكرني .
- مع ذلك حين اعترفا لك بالحقيقة اكتفيت بألمك . إن كنت تحبين وبعمق لقمتي بكل ما في وسعك للدفاع عن حبك . لكنك لم تفعلي شيئاً .. لا شيء على الإطلاق فماذا تريدين مني ان اظن ؟
- بصراحة لا يهمني رأيك ابداً .. انا اعرف مشاعري وقد اغرمت بهما . فهل يفاجئك ان ارفض الوقوع في الحب مرة اخرى ؟ الخطوبة مستحيلة !
- إذاً تزوجيني فوراً
تخبط قلب بايلي في صدرها ثم غاص في إلى الأسفل جثة هامدة .
- انا .. لا أظن أنني سمعتك جيداً .
- لقد سمعتك .. الخطوبة ترعبك . واعترف بأن هذرك وجية .. لكن يجب ألا تسمحي لهذا بأن يتحكم ببقية حياتك .
- أتظن أن تجاوزك الخطوبة والتوجه إلى الكنيسة فوراً سيهدئ مخاوفتي ؟
- رددت أنك ترفضين المرور بتجربتة الخطوبة مرة أخرى .. وأستطبع فهم سبب ترددك .. " ريبو " لا تبعد سوى ساعتين .
ونظر إلى ساعته ، قبل أن يضيف : ويمكن أن نتزوج في مثل هذا الوقت في الغد .
- آه ..
وترددت الكلمات في رأسها ، لكنها لم تخرج بفكرة مفهومة .
ونظر إليها باركر مترقباً : حسناً ؟
- أنا .. نحن .. نتزوج .. فجأة ؟ لا اعتقد هذا يا باركر .. يا لها من شجاعة أن تقترح هذا ، لكنها فكرة مستحيلة .
- لماذا ؟ يبدو لي الحل منطقياً .
- وه فكرت بالجوانب الأخرى للموضوع ؟ ألم يخطر لك أنني ربما لا أحبك ؟
قال بثقة تشابة الغرور : أنت واقعة في حبي لدرجة أنك لا تستطيعين التفكير بوضوح .
- وكيف عرفت هذا ؟
- الأمر سهل .. من الطريقة التي تتصرفين بها . أنت تحاولين جاهدة إقناع نفسك بأنك لا تبالين ... في البداية قاومت مشاعرك ، ثم تركت حذرك جانباً ، ربما ، لادراكك عدى جدوى ذلك . وحين تأوهت عرفت كل ما أردت معرفته .
صبغ الأحمرار الشديد خدي بايلي ، وقال محتجة: انا لم أتأوه .
- هل تريدين أن أثبت لك ذلك ؟
تراجعت إلى الوراء ، وهي تصيح : لا !
فارتسمت ابتسامة خبيثة على فمه وانعكست في عينية . واحست بايلي بقلبها يعتصر هي تقول : انا آسفة باركر .. حقاً آسفة إذا خيبت أملك .. لكنني لن اخدم اياً منا إن وافقت على هذا .
بدا باركر متجهماً . ونظرت إلبة وهي تدرك أن ما من رجل يمكن ان يعيد السلام إلى قلبها إلى باركر .. لكنها تكرة عرض الزواج وهي غير مستعدة بعد .. فأمامها طريق طويل وحدها قبل ان تشفى من جراحها . واستجمعت شجاعتها لتهمس : هل يمكننا أن نتروى قليلاً قبل ان نقرر .
لقد طلب نتها باركر ديفدسون الزواج .. باركر دايفدسون الذي لا سبيل للمقارنة بينة وبين بول او توم وهي خائفة بحيث راحت تتلعثم وترتجف وتطلب فرصة للفتفكير .
قال : نتروة
ووضح الفنجان من يدة ثم تقدم نحوها فنظرت بايلي إلي وقد حبست انفاسها وتملكها ترقب دافئ .
شهقت بحدة حيث اقترب منها اكثر حتى كاد يلمسها لكنه لم يتوقف بل تابع تقدمة بنعومة فتصاعدت آه من اعماق حلقها .. آه ناعمة خافتة باكاد تسمع صرخة صغيرة من الشوق . سمعها باركر وتجاوب معها .. لكنه تراجع وابتعد فجأه استندت بايلي إلى الحائط لتمنع نفسها من الوقوع .. وسألته : لما كان هذا ؟
فضحك ضحكة صغيرة واجاب : لتساعدك لإتخاذ قرارك .
************
قالت بايلي متذمرة وهي تجلس على سجادة رفة الجلوس وصفحات من قصة جو آن منثورة على الأرض أمامها : أسوء ما في الأمر انني لم اكتب كلمة واحدة خلال الأسبوع كامل
فردت جو آن غير مصدقة : اسبوع كامل ؟
- لقد حاولت في كل ليلة كنت اجلس امام الكمبيوتر واحدق في الشاشة .. هذه اسوء مرحلة مررت بها أي ابدو غير قادرة على اجبار نفسي على العمل
استندت جوآن على الأريكة : همم .. أولم يمر عليك اسبوع من دون رؤية باركر ايضاً ؟ .. يبدو لي أن الأمر مرتبطان ببعضهما البعض
فهمست ببئس : اعرف
لم تذكر جو آن ما لا تعرفة فقد استعادت ذكرى تلك اليلية في رأسها عشراتالمرات في اليوم .
تفرست جوآن في بايلي وقالت : لم تخبريني ابداً ما حدث .
ابتلعت بايلي غصة في حلقها واجابت : باركر مجرد صديق .
- وللفيل جناحان
- الأمر الوحيد الذي يهمني فية هو دورة كنموذج لمايكل
لكنها لم تعرف من تحاول ان تقنع اولاً جوآن ام نفسها !
لم يتصل بها طوال الأسبوع . كان قد تركها واعداً بإعطائها الوقت الكافي الذي طلبتة . وقال لها إن هذا سيساعدها على ان تقرر ما إذا كانت تريدة .. تريدة !! لم تكن تعرف ابداً إذا كانت ستتوقف يوماً عن حبة .. لكنها نخشى أن لا يدوم حبه لها .. فهو لم يدم مع بول او توم ولن يدوم مع باركر .. فمع باركر ستتألم أكثر من دون ألم بالشفاء .
لعل باركر اعتقد انه يطمئنها حين اقترح التخلي عن الخطوبة والزواج مباشرة . لكن ما لا يفهمة ولا تستطيع هي شرحة هو ان هذا الأمر لن يشكل أي فارق ... فخاتم الزواج ليش الضمانة . في يوم ما وبطريقة ما سيكف عن حبها .
سألتها جوآن : هل أنت على ما يرام ؟
تمكنت بايلي على الحفاظ على ثبات صوتها من التظاهر بهدوء لا تشعر به ابداً
- طبعاً انا على ما يرام . يزعجني فقط عدم تمكنني من الكتابة لكنها ليست نهاية العالم . اتصور أن الأمور ستعود إلى طبيعتها قريباً وسأعود إلى كتابة 3 او 4 صفحات كل ليلة
- وهل انت واثقة من هذا ؟
لكن بايلي لم تكن واثقة فاعترفت : لا
- تذكري إذاً أنني هنا إذا ما رغبت في الكلام .
ارتسمت ابتسامة مرتجفة على فم بايلي وهزت رأسها .
رأت بايلي باركر بعد 3 ايام من هذا الحوار وكانت تنتظر هي محطة القطار وحدها . حين رفعت نظرها رأته يسير في اتجاهها .. في البدابة حاولت ان تتجاهل خفقات قلبها المتسارعة وان تركز انتباهها بعيداً عنه . لكن هذا بدا مستحيلاً .
وعرفت انه رآها ايضاً وإ لم تظهر علية اب ي دلالة واضحة .. والتقت عيناه بعينيها وكأنه يتحداها أن تتجاهلة . وحين خطت متردده نحوة ظهرت على فمة ابتسامة ساخرة .
- مرحباً بايلي .
- باركر .. كيف حالك ؟
تردد للحظة قبل أن يرد فكتمت بايلي أنفاسها ترقباً .
- رائع .. وماذا عنك ؟
فقالت كاذبة : رائعة
وأدهشها أن يستطيعا التحدث والتظاهر هكذا . انتقلت نظراتها إلى فمها فأحست بالتوتر يحيط بهما .. لا بد أن باركر قد اسرع ليلحق بالقطار إذ بدا شعرة مشعثاً قليلاً وانفاسة ثقيلة .
قال شيئاً ما لكن كلماتة ضاعت مع اقتراب القطار من المحطة وتجمع الناس . ولم يتكلم لي منهما وهما ينتظران دورهما ليصعدا .
ولحق بها إلى الداخل لكنه جل على بع خطوات منها .. ونظرت إلية مصدومة ومحبطة لأنه لم يجلس إلى جانبها .
كانت لديها الكثير لتقولة له . وحتى الساعة لم تجرأ على الإعتراف حتى لنفسها كم تفتقدة وكم تتشوق للتحدث معة . لقد عرفا بعضهما لفترة قصيرة ومع ذلك بدا وكأنه يملئ حياتها كلها .
لكن يبدو أن هذا لا ينطبق على باركر فهو قادر بكل بساطة على أن يجلس بعيداً عنها .. رفعت دقنها واجبرت نفسها على تأمل اللوحات الإعلانية المعلقة في العربة .
أحست بايلي بعيني باركر عليها .. كان الإحساس قوياً جداً وكأن يده تلامسها وتمسك وجهها .. ولم تعد تستطيع تحمل المزيد فالستدارا والتقت عيونهما ولامست الرغبة المتشوقة في عينيه قلبها .
واستجمعت ارادتها لتبعد ناظريها عنه . في النهاية سيجد غيرها سيد من يحبها أكثر منها كانت واثقة من ذلك تمام الثقة . تأملت كل ما يحيط بها لتبعد ذهنها عن باركر . لكن قوة غريبة بينهما دفعنها للإلتفات إلية مجدداً كانت ينتظر إليها بشكل اثار اضطرابها وسرع نبضت قلبها وهزت جسمها موجة شوق .
راح القطار يبطئ سرعتة وشعرت بايلي بالإرتياح لأنها وصلت إلى محطتها وهبت من مكانها والتجهت إلى المخرج .
همس باركر من خلفها : لا زلت انتظر ألم تقرري بعد ؟
أغمضت بايلي عينها لتستجمع شجاعتها وتقوم بما هو صائب لكليهم ... ثم هزت رأسها نفياً بصمت .. لن تستطيع التحدث إلى االآن فهي غير قادرة إلى اتخاذ قرار منطقي فيما الشوق يعتمر في قلبها والضعف يبدب في جسمها . وسارع الجمع إلى الأمام وخرجت بايلي تاركة إياه خلفها .
اجتمعت جمعية الكاتبات في مساء اليوم التالي ورحبت بايلي في الأمر . فلم تضطر هكذا للجلوس امام شاشة بيضاء لتحدق فيها بساعات وهي تحاول أن تقنع نفسهلا بالكتابة . ها هي جوآن تتابع إعادة الكتابة فيما هي تراوح مكانها .
ألقت المحاضرة كاتبة رواات عاطفية تاريخية تعيش في سانفرتنسسكو وكان حديقها مليئ بالنصائح الجيدة . وحاولت بايلي تسجيل الملاحظات لكنها وبدل من ذلك راحت ترسم أشياء لا معنى لها . لم تلاحظ إلا في نهاية الجلسة إنه رسمها الاخير يشبة خاتمي زواج متشابكين . فهل يجاول لاوعيها أن يوصل لها رسالة ما ؟ لكنها لن تشغل بالها في التخمين .
سألته جوآن : هل ستذهبين للمقهى لإحتساء القهوة ؟
- بالتأكيد .. إنها كرة جيدة
وتأملت صديقتها فعرفت على الفور إن هناك خطب ما .. بدت جو آن وكأنها تتجنبها طيلة الأمسية وطنت في البداية أن هذا محط خيال .. لكن التوتر جلياً بينهما .
قالت بايلي : حسن جداً .. ما الأمر .. ماذا هناك ؟
تنهدت جو آن بعمق واجابت : لقد رأيت باركر بعد الظهر .. وأعرف أن الأمر لا يعنيني وأنني اتصرف بحماقة . لكنه كان مع امرأه أخرى ويبدو لي أن الأمر يتعدى الصداقة .
ارتجفت ساقاه بايلي وهي تنزل السلم واحست إن قلبها أصبح كالحجر في صدرها .
- لعل المرأه شقيقتة وأنا .. لم أكن انوي الكلام لكنني ظننت في أنك قد ترغبين في أن تعرفي .
ابتلعت بايلي غصة في حلقها وأجابت : بالطبع ارغب .
وكان صوتها حازماً وكاذباً لا يكشف تشوش افكارها .
- وأظن أن باركر شاهدني .. في الواقع أن متأكدة من ذلك بدا وكأنه يريدني ان أراه . كما لم يبذل أي جهد لإخفاء رفيقتة مما يدفعني إلى الظن بأن الأمر برئ
قال بايلي كاذبة : أنا واثقة من هذا .
وارتسمت على فمها ابتسامة قلقة وتظاهرت بأنها تنظر إلى ساعتها .
- يا إلاهي لم اتصور أن الوقت متأخرإلى هذا الحد .. سأتخلى عن القهوة الليلية واعود إلى البيت مباشرة .
- امست جوآن بذراعها وسألتها : هل أنت بخير ؟
- طبعاً ..
لكنها لم تلتفت إلى عيني صديقتها وهي تضيف : الأمر ليس مهماً كما تعرفين .. بالنسبة إلى الأمر باركر .
- لا يهم ؟
- أنا لست من النوع الغيور
لكن معدتها تشجنت وأخذ رأسها يدور ويداها ترتجفان .. وبعد 15 دقيقة دخلت بايلي إلى شقتها ولم تتوقف لتخلع معطفها بل توجهت إلى المطبخ مباشرة والتقطت سماعة الهاتف .
رد باركر بعد 3 رنة .. وبدا شارد الذهن وهو يقول : بايلي .. يسرني سماع صوتك . كنت احاول الإتصال بك طوال الأمسية .
- كنت في لقاء الكاتبات هل اردت ان تقول لي شيئاً ؟
- في الواقع .. أجل .. يبدو إنك لم تغيري رأيك ؟
- انا ..
- دعينا ننسى مسئلة الزواج كلها .. لا داعي للتسرع .. فما رأيك ؟
11 - متى ستفهمين ؟
ردت بايلي : اوه .. أوافقك الرأي
ولم يدهشها أن يغير باركر رأيه ، فقد توقعت أن يحدث هذا عاجلاً أم آجلاً . ومن الجيد أنه أدرك حقيقة مشاعرة في وقت مبكر .
- من دون ضغينة إذن ؟
أكدت له ، وهي ترفع صوتها لتبدو واثق من نفسها : ابداً .. فأنا معتاده على هذا ، لا تقلق .
- تبدين مبتهجة
- أنا فلاً مبتهجة .
وبذلت جهداً لتدو سعيدة وغير متأثرة .
- كبف تسير احوال الكتابة ؟
- لا يمكن أن تكون افضل .
في الواقع لا يمكن أن تكون اسوأ ، لكنها لن تعترف بذلك .. ليس لباركر على أي حال .
قال : سأإراك فيما بعد إذن .
حافظت بايلي على حماس زائف ما كاد يقتلها ، وقال : أنا متأكد من ها .. لكن لدي سؤال وحيد ؟
- تفضلي .
- أين التقيتها ؟
- هي ؟
وتردد قبل أن يقول : أتعنيني ليسا .. نحن نعرف بعضنا منذ زمن طويل .
- فهمت .
وكان عليها أن تنهي المكالمة قبل أن تنهار : أتمنى لك الخير يا باركر .
صمت ، وكأنه يفكر في شيء آخر : وأنت كذلك يا بايلي .
أعادت بايلي السماعة مكانها ، والضعف قد تملكها وجعلها تتعثر لتصل إلى الكرسي وترتمي علية . غطت وجهها بيدها ، وهي تحاول التقاط انفاسها . وراح الألم الحارق في معدتها ينتشر حتى وصل إلى أطراف أصابعها ، وإلى باطن قدميها .
واستجمعت ارادتها ، ثم رفعت رأسها ، ووقفت . لقد مرت بهذا من قبل .. مرتين . وهذه المرة ن تكون أصعب من المرتين الأولتين .
على أي حال هذه المرة ما من خاتم تعيدة ، وما من ترتيبات عرس تلغيها ، او بطاقات عرس تحرقها .
لا احد يعرف بأمر باركر ما عدى جو آن ، لذا لن تشعر بالإحراج الشديد .
التغلب على حب باركر يجب أن يكون سريعاً وسهلاً . لكنه لم يكن . مر الأسبوع ببطء جهنمي .. وأحست بايلي وكأنه يعيش على كوكب آخر .. ظاهرياً ، ولم يتغير شيء .. ومع ذلك بدا لها وكأن العالم يبتعد عن محورة . كانت تقصد عملها كل صباح ، وتناقش امر الشخصيات والجبكة مع جو آن ، وتعمل 8 ساعات في اليوم بمثابرة .
بدت وكأنها تسيطر على الوضع في حياتها في الواقع كانت تمر أمامها في حركة بطيئة وكأنها مجرد مشاهدة .
لا بد أن هذ هذه الحالة ظهرت في كتابتها . فقد اتصلت جو آن بعد أن أعطتها بايلي لبقصة بيومين ، ولم تستطع بايلي اخفاء إثارتها
- هل انتهيت القراءة ؟
إذا اعجبت القصة جو آن فسترسلها بايلي فوراً بالبريد إلى باولا أولبرايت ، رئيسة التحرير التي طلبت رؤتها مرة أخرى .
- أود أن امر بك لنناقش بضع نقاط . فهل لديك الوقت ؟
الوقت هو كل ما تملكة بايلي ، وبوفرة .. لم تكن قد أدركت الأهمية التي وصلها إليها باركر في حياتها ، او كم استطاع ان يطرد الفراغ منها بسرعة .. اما الفراغ العميق الذي تركتة ، فقد بدا من الصعب ملأه . وراحت تكتب حتى تشعر بالإرهاق ، لكنها لم تكن تجد إلى النوم سبيل فتجلس في غرفة الجلوس وهي تحتضن ماكس .
قالت جو آن : ضي ابريق القهوة ، سأخضر بعد بضع دقائق .
ردت جو آن : عظيم .. أنا بالنتظارك .
ثم قطبت .. إذا وصلت إلى مثل هذا النقص في الإبداع بعد اسبوع واحد من فراق باركر ، فهي التأكيد تكره التفكير في مدى التفاهه التي ستصل إليها بعد شهر .
وصلت جو آن إلى منزل بايلي بعد 15 دقيقة ، وهي تتأبط مخطوطة بايلي .
قالت بايلي بصوت معذب : لم تعجبك ..
ردت جو آن : الأمر ليس كذلك بالضبط .
ووضعت القصة على الطاولة ثم جلست في المقعد الوثير .
- ما هي المشكلة هذه المرة ؟
- جانيس .
- جانيس ؟
وكبتت بايلي رغبتها في الجدال ، فقد عملت جاهدة لتعيد صياغة " لك إلى الأبد " .
- ظننت ان مايكل هو المشكلة .
- هذا صحيح في النسخة الأصلية ، ولقد اعدت صياغة شخصيتة بشكل جميل .. لكن جانيس بدت .. أكره قول هذا .. ضعيفة جداً .
- ضعيفة ؟ جانيس ليست ضعيفة ! إنها قوية ومستقلة و ...
- .. غبية وضعيفة .. وضعيفة الإرادة . ويفقد القارئ تعاطفة معها قي منتصف الطريق . لقد تصرفت كإنسان آلي مع ماكل .
وجدت بايلي صعوبة في كبت احتجاجها ، لكنها تثق بوجهات نظر جو آن . وتقيمها للقصة سابقاً ، كان صحيحاً .
قالت وهي تجاهد لإبقاء صوتها عادياً غي عاطفي : أعطني مثلاً .
- كل شيء تغير بعد مشهد الحفلة الموسيقية .
قالت بايلي تجادلها : كان باركر احمق حقيقياً .. ويستحق كل ما قالتى وفعلتة .
- باركر ؟
فصححت بايلي : مايكل .. تعرفين من اعني ؟
- فعلاً .. عرفت
خلال الأسبوع الفائت ، قامت جو آن بعدة محاولات لذكر باركر عفوياً في الحديث ، لكن بايلي رفضت ببساطة أن تناقش أمره .
وتابعت جو أن : تصرف مايكل بشكل من التسلط . لكن القاؤئ مستعد لأن يسامحة ، لأنه يعرف أنه اكتشف حقيقة مشاعرة نحو جانيس . لقد احس بالغيرة حين رقصت مع رجل آخر مما شكل صدمة حقيقية له ... تصرف كالأحمق فعلاً ، لكنني أفهم دوافعة ومستعدة لأسامحة .
فسألت بايلي بعدوانية : أي ان القارئ مستعد لتقبل مثل هذا التصرف من وليس البطلة ؟
ردت جو آن بدهشة : هذا لس كل شيء . في النسخة الأثلية ، بدت جانيس قوية شجاعة ، دافئة ومستقلة . ولا يمكن للقارئ إلا أن يعجب بها ويتعاطف معها .
رفعت بايلي صوتها تسأل : وماذا تغير إذن ؟
هزت جو آن كتفيها وردت : أتمنى لو اعرف ماذا حدث لجانيس ، كل ما استطيع قولة هو ان التغيير بدأ بعد مشهد حفلة الفوب . من تلك اللحظة ، بدأت اواجه مشكلة في التعرف إليها . لم افهم سبب تقبلها كل ما يقوله ما يكل ويفعلة ، وكأنها فقدت معنوياتها .. ومع نهاية الكتاب ، كرهتهاا فعلاً . أردت أن امسكها واهزها .
احست بايلي وكأنها ستبكي : إذاً .. لقد عدنا إلى نقطة الصفر . اعتقد انيي سأعتاد على هذا .
قالت جو آن بتفهم : نصيحتي ان تضعي القصة جانباً لبضعة اسابيع . ألم تقولي لي ان لديك فكرة قصة اخرى ؟
هزت بايلي رأسها إيجاباً .. لكن هذا كان قبل .. قبل ان تصرف طاقتها في العيش من اليوم إلى آخر .. وقبل ان تبدأ بالإدعاء بأن حياتها طبيعة فيما الألم يكاد يقعدها .. وقبل أن تفقد الألم .
وسألت : وماذا سيحصل بعد وضعها جانباً ؟
قالت جو آن تنصحها : سيعطيك هذا بعد نظر . انظري إلى جانيس ، وانظري إليها حقاً .. هل تستحق رجلاً رائعاً مثل مايكل ؟ لقد قمتي بعمل رائع عند كتابة شخصيتة .
وغني عن القول ، ان باركر كان مصدر الهامها .
- بكلمات أخرى ، لم تكن جانيس مثيرة للشفقة ؟
هزت جو آن راسها آسفة : هذا ما اخشاة .. لكن تذكري إن هذا رأيي الخاص .. وقد يقرأ شخص آخر القصة ويشعر أن جانيس بطلة رائعة .. وقد تحتاجين إلى رأيي كاتبات اخريات . انا لا اقصد ألا اشجعك يا بايلي ، حقاً لا اقصد .
- أعرف هذا
- وأنا صادقة معك لأنك صديقتي .
اعترفت بايلي ببطء : وهذا ما كنت اريده .
ن تحاول ان تخدع ؟ قد تصبح كاتبة مشهورة بقدر ما يحتمل ان تصبح زوجة ..
كررت جو آن : انا لا اريد أن لا اشجعك .
- لو كنت افتش عن الإطراء ، لأعطيت القصة لأمي .
ضحكت جو آن بخفة ، ثم نظرت إلى ساعتها ، قائلة : يجب ان اسرع .. من المفترض أن امر لإصطحاب دان من الكاراج ، فالشاحنة الصغيرى تصدر اصواتاً كدبابة عسكرية .. وإذا لديك أي اسئلة اتصلي بي فيما بعد .
- سأفعل .
وسبقتها إلى الباب ثم فتحتة بينما جو آن تحمل حقيبتها ومعطفها .. وقفت جو آن ، وقد بدا عليها القلق : انت لست متكدرة حول هذا أليس كذلك ؟
قالت بايلي : قليلاً .. حسن جداً .. كثيراً . لكن هذا جزء من عملية التعلم . وإذا اضطررت إلى اعادة كتابة هذه القصة 100 مرة قب ان تصبح ممتازة ، فسأفعل .. الكتابة ليست لضعفاء القلب .
- لقد فهمت هذا جيداً .
كانت جو آن قد نصحتها بأن تضع القصة جانباً لكن ما إن خرجت ، حتى بدأت بايلي تتصفح المخطوة ، وتقلب صفحاتها بحذر .
كانت ملاحظات جو آن بالهوامش ثمينة .. ومؤلمة واهتمت بايلي بشكل خاص بالتعليقات التي تلت مشهد حفلة الرقص . ولم يلزمها وقت طويل لتقارن هذا المشهد بما يماثلة في حياتها الحقيقية أمسيتهال مع باركر .
إنها تتصرف كإنسان آلي مع مايكل ، هذا ما قالته جو آن . ووافقتها بايلي الرأإي وهي تقرأ الفصول التالية . بدأ وكأن بطلتها فقدت رغبتها في قرض شخصيتها ، وفي الحياة ، فستسلمت .. وماتت .
سألها قلبها : أليس هذا ما فعلته انت ؟
لكن بايلي تجاهلتة . فقد توقفت عن الإصغاء إلى هذا الجزء العميق فيها بعد أن ادركت مدى الألم الذي يمكن ان يلحق بها .
" في نهاية الكتاب ، كرهتها فعلاً " و على صدى كلمات جو آن و كأنه دوي الرعد في رأسها .. شخصيتا جانيس و بايلي متشابكتان بحيث لم تعد تعرف أين تتوقف أحداهما لتبدأ الأخرى .
" بدت لي جانيس .. ضعيفة جداً " .
قاومت بايلي رغبتها في أن تغطي أذنيها لتبعد كلمات جو آن ، و بذلت جهدها لتمنع نفسها من أن تصرخ : ستكونين دول أو قوة أيضاً ، لو أن ثوب عرسك الذي لم يستخدم خزانتك .
و حين لم تعد بايلي قادرة على تحمل الأصوات ، التقطت حقيبتها و سترتها و هربت . أي شيء أفضل من الإصغاء إلى الاتهامات التي تتردد كالصدى في رأسها .. و بدت الشقة معادية و ضيقة ، حتى عينا ماكس الخضراوات بدتا و كأنهما تعكسان أسئلة قلبها .
كانت السماء مكفهرة رمادية تناسب مزاج بايلي . و راحت تهيم على وجهها من دون هدى إلى أن وجدت نفسها قرب محطة القطار .. و بدأ قلبها يخفق فجأة .. ووبخت نفسها لبصيص الأمل الذي لاح لها . ما هي فرص لقاء باركر بعد ظهر يوم السبت ؟ معدومة ، فهي لم تره منذ أكثر من أسبوع و لابد أن يستقل سيارته كي يتجنبها .
باركر .
و تصاعد الألم الذي حاولت لبضعة أيام أن تبقيه خامداً .. و تجمعت الدموع في عينيها .. فتابعت السير بخطوات متصلبة سريعة و كأنها على عجلة من أمرها .. مقصدها كان الأمان ، و لكنها لن تجده بسهوله ، و أحياناً كان تتساءل عما إذا ستجده يوماً .
الرجال يقعون في حبها بسهوله ، لكنهم يتخلصون من هذا الحب من دون جهد . و الأسوأ من هذا كله ، هو أن امرأة أخرى تحتل مكانها دايماً . امرأة يحبونها أكثر منها .. بول و توم ، و الآن باركر .
سارت بايلي لأميال .. و لم تتفاجأ حين وجدت نفسها بالشارع الذي يسكنه باركر ، و كان قد أشار إليه و هما يمران به ليلة الحفل الموسيقية .. كانت المساكن في الجوار حديثة ، و مكلفة ، و جميلة ، و تروق للعينين . و لن يدهشها أن تكتشف أن باركر هو المسئول عن تصميم المباني . فبرغم من ان الحديث مع والديه كان متوترا ، إلا أن والته لم تتردد في ذكر انجازات ابنها المتعددة . و بدا أن باركر لم يتحمس لكلام أمه ، لكن بايلي أحست أنها تفتخر بالرجل الذي تحب .
الرجل الذي تحبه .
و فجأة توقفت بايلي ، و أغمضت عينيها و شدت قبضتها ، فهي تحب باركر . و لو وقعت في الحب مجدداً فلن تغرم برجل متقلب لا يستحق الثقة ، مثل باركر دايفدسون ، الذي يقع في الحب ثم يتخلى عمن يحب بلمح البصر .
أنت تحبينه أيتها الغبية .. و الآن ماذا ستفعلين ؟
جل ما تريده هو أن تتوقف هذه الأسئلة .. أن تدعها و شأنها .. أن تتركها مع بؤسها .. وحيده مع ألمها و أفكارها .
تعاظم الغضب في داخل بايلي ، غضب وليد شعور غيب عجزت عن السيطرة عليه . و من دون أن تفكر بعواقب عملها ، دخلت الردة الرئيسية للمجمع السكني .. فتقدم الحارس منها ، و قال بأدب : مساء الخير .
تمكنت بايلي من أن تبتسم ، وردت : مرحباً .
و بعد أن أدركت أنه ينتظر ، أضافت : منزل السيد دايفدسون .. من فضلك .
كان صوتها هادئاً و من دون حياة . سوف يسويان المسألة الآن . و لن يقف في وجهها لا حارس باب ، ولا حارس أمني .
- هل لي أن أسأل من يريده ؟
ردت بثقة : بايلي يورك .
- أرجو أن تنتظري هنا .
و لم يغيب سوى لهنيهة : طلب السيد باركر أن تصعدي فوراً إلى شقته رقم 204
- شكراً لك .
و لم تتراجع مع وصول المصعد إلى الطابق الثاني . و قفت باركر الباب على الفور ، و لم تنتظر بايلي دعوته للدخول ، بل توجهت إلى الداخل ، متجاهله المنظر الرائع و الأثاث التقليدي المصنوع من الخشب اللماع و القماش الفاخر .
بدا مندهشاً لرؤيتها : بايلي .
وقفت وسط الغرفة ، و يديها على خصرها ، و حدقت فيه بعينين تتطاير منهما الغضب و السخط .
- لا تناديني .. أريد أن أعرف من هي ليسا .. و أريد أن أعرف الآن .
نظهر باركر إليها مشدوهاً و كأنها فقدت عقلها .
فدارت من حوله و هي تقول : لا تنظر إلى هكذا .
استدار ببطء ، و هو لا يزال يحدق فيها ، فأضافت : لا داعي للوقوف هكذا ، فاغراً فمك .. إنه سؤال بسيط .
- ماذا تفعلين هنا ؟
- و ماذا يبدو لك ؟
- بصراحة .. لست واثقاً .
- جئت لأعرف بالضبط أي نوع من الرجال أنت .
و بدا لها رداً جيداً ، لاسيما و أن نبرتها كانت نبرة تحدي ساخر ، و لا بد أنها ستسمع رده .
- أي نوع من الرجال أنا ؟ و هل يعني هذا أنني مضطر إلى المرور بين صفين محاربين مستعدين لجلدي ؟
و لم تكن بايلي في مزاج لتقبل المزاح .
- ربما .
أزاحت يداً من خصرها و لوحت بها قائلة : أريدك أن تعرف أن جانيس دمرت و أنا أضع اللوم عليك شخصياً .
- من ؟
- جانيس .. شخصية قصتي ، " لك إلى الأبد ". لقد أصبحت ضعيفة الشخصية ، خاضعة ، و مطيعة ، و القراءة عنها أشبه .. أشبه بالفانيلا بدلاً من أن تكون كالشوكولا الشهي .
- لكنني مولع بالفانيلا .
نظرت بايلي إليه بغضب : أنا من سيتكلم هنا .
رفع يديه قائلاً : آسف .
- يجب أن تكون آسفاً .. أي نوع من الرجال أنت بالضبط ؟
- أعتقد أنه سبق و طرحتي هذا السؤال .
استدارت بايلي لتنظر إليه عابسة ، فتمتم : آسف .. لقد نسيت أنك من سيتكلم هنا .
- في لحظه تدعي أنك تحبني .. حتى أنك تريد الزواج مني ..
و ارتجف صوتها و هي تضيف : و في التالية تتورط مع امرأة اسمها ليسا و تريد قطع علاقتنا .. حسن جداً أعلمك يا سيد أنني أرفض السماح لك أن تتلاعب بقلبي .. لقد طلبت مني الزواج .
صمتت بايلي حين رأت الابتسامة ترتسم على فمه و سألته : هل يسليك هذا النقاش ؟
- قليلاً .
لوحت بيدها قائله : أرجو أن تطلعني على النكتة .
- ليسا هي زوجة أخي .
لم تفهم كلماته على الفور .
- ماذا ؟
- إنها زوجة أخي .
انهارت بايلي على مقعد .. و بقيت مشوشة للحظه ، ثم حاولت استجماع أفكارها .
- أنت تحب زوجت أخيك ؟
بدت الصدمة في صوته و هو يجيب : لا .. فأنا أحبك أنتِ .
- أنا لا أفهمك تماماً .
- هذا ما لاحظته .. و إلا ..
- و إلا ماذا ؟
- و إلا لكنت الآن زوجتي ، أتحاولين الانتقام مني .
غضبت .. بالكاد تأمل : من الأفضل أن توضح كلامك .
- أحبك يا بايلي . و لم أعرف كم سيطول بك الوقت لتكتشفي حبكِ لي .. كنت غارقة في الماضي ..
فقاطعته قائله : و لي عذري .
- و لك عذرك .. على أي حال طلبت منك الزواج .
ذكرت : في الواقع ، والدك هو الذي تكلم .
- هذا صحيح .. و من دون أن أطلب منه ذلك لكنه سؤال كنت على استعداد لأن أسأله ..
- لكن ..
- لكن ، لم أكن أعرف حقيقة شعوركِ نحوي .
- أرجو عفوك ؟
سألها بلطف : هل وقعت في حبي أنا أم في حب مايكل ؟
- لا أظن أنني أفهم .
- برأيي ، إن أحببتني فعلاً لفعلت كل ما في وسعك لاستعادتي .
- أستعيدك ؟ أنا آسفة باركر .. لكنني لازلت لا أفهم .
- حسن جداً .. لنعد إلى الوراء حين أعلن بول أنه وقع في حب امرأة أخرى و يريد فسخ الخطوبة .. ماذا فعلت ؟
- تركت الجامعة و تسجلت في كلية التجارة .
- و ماذا عن توم ؟
- انتقلت إلى سان فرانسيسكو .
- هذه وجهة نظري بالضبط .
و ضاعت بايلي في مكان ما بين بول و توم .
- و ما هي وجهة نظرك بالضبط ؟
تردد باركر ، ثم نظر مباشرة إلى عينيها و قال ببساطة : أردتك أن تحبيني بما يكفي لتقاتلي لأجلي .. و لا تقلقي .. ليسا و أنا لسنا .. و أكرر لسنا على علاقة .
- أردت إيهامي فقط ؟
اعترف كارهاً : أجل .. فهي تقرأ الروايات الرومنسية أيضاً ، و يبدو أن نساء كثيرات يفعلن . و كنت أخبرها عن علاقتنا ، ففكرت في استخدام " امرأة أخرى " كما يحدث في بعض القصص العاطفية .
- يالك من مخادع معدوم الضمير .
- تحمليني بضع دقائق بعد .. هل هذا ممكن ؟
- حسن جداً .
- حيل فسخ بول و توم خطوبتهما لك لم تفعلي شيأً لإقناعهما بحبك ، بل تقبلت الأمر و خرجت من حياتهما .
- و ماذا بعد ؟
- أردت منك أن تحبيني كثيراً ، لكنك استسلمتِ . كان عليك أن تضعي كبريائك اللعين جانباً و تواجهيني .
- هل كنت تتطلع إلى مصارعه حرة في الوحل بيني و بين ليسا ؟
بدا مذعوراً للفكرة : لا ! أردت فقط إثارتك بما يكفي لتأتي إلي . فما الذي أخرك ؟ بدأت أفقد شجاعتي .
و هزت رأسها فقالت : ستفقد أكثر شجاعتك إذا استخدمت هذه الخدعة مره أخلى .. باركر دايفدسون .
و أضاءت وجهه ابتسامه متسلطة بددت آلامها و شكوكها ..
تمتمت : يجب أن أكون غاضبه منك .
- أحبيني أولاً .. ثم أغضبي .
و تمكن في لحظه واحده من أن يعوض عن أيام و ليالي طويلة قضتها وحيدة . و شعرت بأنها مقطوعة الأنفاس .
همست ، تلتمس رده : هل تحبني حقاً ؟
و ارتجفت شفتيها السفلى ، فرد هامساً ، و هو يبتسم لها : أحبكِ حقاً .. و بما يكفي لعمرين .
- اثنان فقط ؟
فأضاف بلطف : أربعه على الأقل .
و صمت فجأة ثم سألها : و الآن .. ماذا كنت تقولين عن جانيس ؟ ما خطبها ؟
ارتسمت ابتسامه ناعمة على وجه بايلي ، و أجابت :
- في الواقع ، يمكن لعرس و شهر عسل طويل أن يشفياها .
|