كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
الارشيف
4– لا يهمني الحب
نظر باركر إلى العلبة التي تحتوي على مخطوطة القصة وكأنه يخشى قنبلة موقوتة ستنفجر في أي لحظة .
قالت بايلي بإصرار : هيا .. افتحها
وحين لم يفتحها رفعت غطاء العلبة . و بإرتباك تصفحت أول 15 صفحة إلى أن جمعت الفصل الأول ، ورمته بين يديه .
- اقرأه
- الآن .
- ابدأ بالعنوان
و أشارت إلى السطر المطبوع في الجهة العليا اليمنى من كل صفحة .
فأخذ يقرأ بصوت مرتفع بطيء متردد : يورك .. إلى الأبد .. صفحة واحدة ..
هزت بايلي رأسها : والأن انتقل إلى النص
وأشارت بسبايها إلى ما تريده أن يقرأ : الفصل الأول ... تخوفت جانيس هامبتون من موعد العمل لأسابيع .. كانت ...
وتمتمت : هذا يكفي . إذا اردت قرائة ما تبقى فأهلاً وسهلاً .
- ولماذا أريد أن اقرأ ؟
- لئلا يعود لديك ادنى شك في انني كتبته ، ولكل تصدق انني كاتبة ولست مجنونة كاذبة . مع إن هدف زيارتيي لك وضرورة ان ابرهن لك انني اقول الحقيقة أمران غير واضحان بالنسبة لي بعد .. لكنهما بديا لي .. مهمين .
وفيما هي تتحدث رفعت الصفحات وأعادتها إلى العلبة وأغلقتها بقوة تكفي لتحكيم الغطاء .
قال باركر بلهجة عفوية : لقد صدقتك من قبل .
وتراجع عن كرسية وكأنه لم يتسائل ابداً عن مدى سلامة عقلها أو صدقها .
- ما من احد يستطيع اختراع قصة حول كونة كاتب رومانسية وتعكس سمات وجهه الصدق .
- لكنك ..
- ما لم أكن ممتناً له هو أنك اطلقت على نفسك اسماً مزيفاً .
- لقد فاجئتني ! فأعطيتك اسم بطلتي ... لأن .. حسن جداً .. لأنني رأيت فيك البطل
رفع حاجبة : هكذا إذن ..
وكان على بايلي أن تعترف : إنه حقاً بطل له اسلوب ..
وقالت بصوت منخفض : أعتقد انك لا ترغب في أن يلحق بك احد .
- هذا صحيح .. وإليك نصيحة ، هل من الممكن أن تأخذي بها ؟ هي المرة القادمة حين تريدين البحث عن تفاصبل حياة رجل .. استخدمي تحرياً . وأنت وصديقتك ما كان يمكن أن تلفتا الأنظظار أكثر حتى ولو أردتما ذلك .
احتارم بايلي لنفسها تلقى ضربة من هذا الرجل من قبل ، وهي ليست مستعدة لجولة اخرى .
- لا تقلق .. لقد تخليت عن المطاردة بعد أن اكتشفت أن ما من بطل حقيقي في العالم . ظننت أنك واحد منهم ، لكن ..
وهزت كتفيها مضيفة : يا الأسف .. كنت مخطئة
وضع باركر يدة على قلبة ، وكأن كلماتها جرحته : أخ .. بدأت أشعر بالغرور لتوي ، ثم أفسدت الأمر .
- أنا اعترف عما أتكلم في مسئلة البطل هذه . إنهم نوع منقرض .. ما عدا على صفحات الروايات الرومانسية .
- صححي لي إن كنت مخطئاً .. لكن ، ألا اسمع رنة مرارة في سوتك ؟
أنكرت بعنف : ليست مريرة
لكنها لم تذكر ثوب العرس الذي مال لونة إلى الإصفرار وهو معلق في خزانتها . لقد استخدمت كل قرش من مدخراتها لتدفع ثمن الثوب الأنيق واحست بالخزي لأنها لم تلبسه . حاولت أن تقنع لنفسها أنه استثمار لمالها ، غرض سيكسب قيمة أكبر مع مرور السنين ، مثل الذهب او الأسهم .. هذا ما قالته لنفسها .. لكنها في اعماقها كانت تعرف الحقيقة .
قالت بتصلب وهي تأخذ المخطوطة : انا آسفة لتطفلي على عملك ، ولن ازعجك بعد اليوم .
وقف ثم سألها : هل تمانعين لو طرحت بضعة اسئلة عليك قبل أن تغادري ؟
دار حول منضدته وأستدار إليها مسترخياً .
- لطالما أعجبني الكتاب
تظاهرت بايلي بالنظر إلى ساعتها . بقي امامها 45 دقيقة من وقت الغداء ويمكن أن تستغني عن بضعة لحظات .
- حسن جداً .
- كم استغرق كتابة " إلى الأبد واليو ؟
- " لك إلى الأبد " .. ما يقارب 6 أشهر . لكنني كنت اعمل عليها كل ليلة بعد العمل ، وفي نهاية الأسبوع .. أحسست وكأنني أكملت سباق ماراتون حين انهيتها لكنني ارتبكت بضعة أخطاء يقع فيها المبتدئون .
- وما هي ؟
- ارسلتها إلى دار النشر
- وهل هذة غلطة ؟
هزت بايلي رأسها وأجابت : كان علي أن اعطيها لأحدهم كي يقراها أولاً لكنني مبتدئة ولا اعرف هذا .. وفي ما بعد تعرفت إلى جو آن وانضممت إلى جمعية الكتاب
عقد باركر ذراعية على صدرسة العريض وقال : لست واثقاً من انني فهمت .. أوليس الغرض أن يقرأ قصتك رئيس التحرير مثلاً ؟ لما اهدار الوقت في أن بقرأ شخص آخر أولاً ؟
- كل مخطوطة تحتاج إلى لمسة اخيرة .. ومن المهم أن يبذل المرء جهدة ,
- أفهم من هذا أن " لك إلى الأبد " رفضت .
هزت بايلي رأسها وقالت : ليس بعد .. لكنني متأكدة من رفضها . لقد مضى 4 أشهر الآن لكنني في هذه الأثناء كنت أعمل على نسخة 2 .. وكما تقول جو آن .. لا خبر يعني لا خير
رفع باركر حاجبية : هذا صحيح .
نظرت إلى ساعتها جدداً ، لكن ليس لأنها متشوقة للرحيل بل لأنها احست بالغباء وهي تقف وسط مكتبه الفاخر لتناقش معه فصتها .. فقد راح حذرها يتراخى والرغبة في أن تثق به اقوى .
- أفهم من هذا أن جو آن قرأت قصة بعد أن أرسلتها بالبريد ؟
هزت بايلي كتفيها وأجابت : أجل .. اخذتها معها إلى منزلها وأعادتها لي في الصباح التالي مع لائحة من التعليقات طولها 3 صفحات . حين قرأت الملاحظات أدركت كم هي على حق ، وأن المشكلة الرئيسية مع بيطل
- مايكل ؟
دهشت بايلي لتذكره الإسم وقالت : أجل .. مايكل . انه رجل عظيم ، لكنة يحتاج إلى مساعدة ليفهم ما تريده النساء .. وهي في هذه الحالة جانيس هامبتون
- وهنا جاء دوري ؟
- صحيح
- كيف ؟
لم تكن بايلي واثقة من انها تستطيع أن تشرح فقالت : البطل على الأقل في القصص الرومانسية ، رجل مصمم ، قوي وبارد . حين رأيتك في المره الأولى تركت لي هذا الإنطبع .
- أكان ذلك قبل أم بعد أن اضربك بالمظلة على رأسك ؟
- بعد
ضحك باركر : ألم تفكري ابداً في أن مظلتي تسببت بخلل في قدرتك على اطلاق حكم جيد .. أظن انك لا تلاحقين الرجال في البلد ، وتسجلين الملاحظات عن تصرفاتهم أليس كذلك ؟
قالت ببرود : لا .. كنت الأول .
هذا الحديث يشعرها بالتوتر .
قال بضحكة مغرورة : أنا مسرور لسماع هذا .
- ربما أنت على حق .. وربما اصبت بضربة أقوى مما تصورت
ما أن تشعر بالارتياح معه حتى بقول شيئاً يذكرها بأنه من البشر ،وأي جهد لجعل شخصية مايكل على منواله مضيعة للوقت .
ضمت القصة إلى صدرها وقالت : يجب أن اذهب الأن وأعتذر لتطفلي .
- ما من مشكلة . لقد وجدت نقاشنا .. ممتعاً .
ما من شك في ذلك ، لكن هذا لم يساعد بايلي التي ادركت انها مصدر تسلية لأحد اكبر المهندسين المعروفين بالمدينة .
سألت جو آن في الصباح التالي وكانتا واقفتين جنباص إلى جنب في عربة القطار المزدحمة : وماذا غير ذلك ؟
ولكن قبل أن ترد بايلي طرحت جو آن سؤالاً آخر .
- هل أتيحت لك فرصة أن تقولي له نكتة ان قصتك بداية وعقدة ونهاية ؟
أدهشها رد جو آن فحين اعترفت بايلي بمواهتها لباركر بمخطوطتها الكاملة أبد جو آن حماس للأمر . فحين افرضت بايلي أن صديقتها لن تكون ممتنه لرؤيتها باركر وتصحيح رأيها بها .. لكن بدل من ذلك وقفت جو آن على ما فعلته .. وأمطرتها بالأسئلة .
أجابت بايلي : لم يكن لي الوقت لأروي له النكات يا إلاهي لم ابقى في مكتبة أكثر من 10 دقائق .
- 10 دقائق ! قد يحدث الكثير في 10 دقائق
وضعت بايلي ساقاً فوق ساق وجلست بصمت وبنفاذ صبر .
- صدقيني لم يحصل شيء . برهنت ما ذهبت لأبرهن .. وهذا كل ما في الأمر .
- بقيت هنالك 10 دقائق كاملة ولا بد انكما تكلمتما
- كان لدية بضعة اسئلة عن الكتابة
هزت جو آن رأسها ببطء : فهمت .. حسناً جداً وماذا قلت له ؟
ولم ترغب بايلي في أن تفكر في الوقت الذي امضته مع باركر ... ليس مجدداص لقد عادت من العمل ذلك المساء مثل عادتها وتوجهت فوراً إلى جهاز الكمبيوتر . عادة لم تكن تطيق الإنتظار لتعود لبيتها وتكتب لكن بعد ظهر ذلك اليوم جلست هناك ويداها فوق لوحة المفاتيح وبدلاص من تأليف الحوار ما بين جايمس ومايكل ، راحت تسترجع الحديث الذي جرى بينها وبين باركر .
كان ودوداً ولطيفاً كا بدا مهتماً فهلاً حين لم يكن متسلياً ولم تتوقع بايلي ذلك بل توقعت الرفض المطلق . ولقد قصدته وهي مستعدة لأن تتحدث إلى جدار حجري .
كن مايكل مثلة في المرة الأولى خشن لا يلين . وعاشت جانيس المسكينة في ظلمة ثامه عاجزة في اكتشاف حقيقة مشاعرة ، وكأنما بطلها يعتبر الكشف عن مشاعرة دليلاً على الضعف .
أما في المرة الثانية فبدى مايكل قنوعاً جداً ، ومستسلماً ، بحيث أن أي خلاف في القصة يتلاشى على الفور.
قالت جو آن تقاطع افكارها : اعترف أن باركر ديفدسون يعجبني . كنت على حق حين ادعيت انة مادة للبطل ، ويجب أن تسامحيني للشك بك ، لكني لم ألحق برجل من قبل
لم تعد بايلي فجأ تفكر في مايكل ومزاجة المتغير ، وقالت : يعجبك باركر ؟ أنت متزوجة .
لكزت جو آن خاصرة بايلي : لست مهتمة به من اجلي ايتها السخبفة . انه لك .
لم تصدق بايلي ما سمعتة : انا ؟ أنت مجنونة !
- لا .. لست مجنونة .. أنة طويل ، واسمر ، ووسيم . وكلانا يعرف كم هذه الصفات ضرورية لقصة رومانسية . كما أن الطريقه التي ركزتي بها عليه لحظة رأيته ، تثبت أن له وجود آسراً ، وهذا ما يحتاجة البطل .
- الشيء الوحيد الذي لاحظنة هو مظلتة ! كاد يقطع رأسي بها .
فتمتمت جو آن : اتعرفين بماذا افكر ؟ اعتقد ان شيء ما في داخلك ، تحرك حينها . جزء منك كان يتشوف ليجد مايكل ، وفي اعماق لا وعيك ، سعيت إلى الحب والعواطف المشبوبة .
أعلنت بايلي بعناد : أنت مخطئة . أنت بعيدة عن المسار الصحيح .. كتاية قصة عاطفية وبيعها ما أول اهتماماتي الآن ، وأنا لست مهتمة بالحب ... ليس لي نفسي .
- وماذا عن جانيس ؟
السؤال كان ظالماً ، وعرفت بايلي هذا ، فالكثير من النواحي شخصيتها مرتبطة بالبطلة .
أخيراً وصل القطار إلى محطتهما ، فوقفت بايلي وجو آن واتجهتا نجو الباب .
أصرت جو آن على الموضوع ، رافضة على ما يبدو أن تتركة .
- حسنناً جداً ؟
خطن بايلي إلى الرصيف : لن اجيبك على هذا ، وتعرفين السيبب . والآن ، لطفاً تخلي عن هذه الأفكار . فأنا أشك في أن ارى باركر دايفد سون مرة اخرى . ولو حصل هذا ، سأتجاهلة ، كما سيتجاهلني .
- وهل انت واثقة من هذا ؟
- واثقة تماماً
- إذا ، لماذا ينتظرك ؟ هذا باركر ديفيدسون ، أليس كذلك ؟
أغمضت بايلي عبنيها وجاهدت لتستجمع شجاعتها .. كان جزء منها يأمل بيأس أن يمر بهما باركر دون أن يلتفت ولو لثانية .. ولكن جزء آخر ، الجزء الأنثوي العميق ، امل أن يكون بنتظارها كما اشارت جو آن .
قال باركر وهو يقنرب منهما : صباح الخير سيدتاي .
ردت بايلي : مرحباً
وقالت جو آن بحماس للتعويض عن نقص حماسة بايلي المؤسف : صباح الخير !
وابتسم لها باركر ابتسامة مذهلة احست بايلي بتأثيرها العميق عليها ، فهزت رأسها بسرعة لتطرد هذه الصورة من مخيلتها .
قالت يوجهه كلامة إلي بايلي : لقد فكرت قليلاً في حديثنا . وبما انك تواجهين المتاعب مع بطلك ، قد اتمكن من مساعدتك .
- وهل هذا صحيح ؟
عرفت انها اتخذت موقف الدفاع ، لكنها لم تستطع منع نفسها من ذلك .
هز باركر رأسهة : اعتقد انك لحقت بي ذلك اليوم لتعرفي بعض التفاصيل عن عاداتي ، وشخصيتي ، وما إلى ذلك . فما رأيك لو تناولنا الغداء معاً لتسئليني ما تريدين معرفتة .
ادركت بايلي فرصة جيدة لها ، وتعاظمت الإثارة في داخلها ، لكنها ترددت . فهذا الرجل بدأ يستحوذ على افكارها ، ولسوف تسعى وراء المتاعب إن سمحت لهذا أن يستمر .
وسئل : هل لديك الوقت بعد ظهر اليوم ؟
فردت جو آن من دون أي تردد : لديها الوقت .. انها تعمل كمساعدة لمحامي ووأوقات عملها مرنة .. بعد ظهر اليوم وقت رايع .
نظرت بايلي إلى صديقتها وهي تقوم رغبتها في ان تقترح أن تتناول هي الغداء مع باركر بما انها متحمسة جدأً للفكرة .
سئل باركر : بايلي ؟
- آآ .. انا .. اعتقد
ولم تبدو لطيفة كما افهمتها النظرة التي رمقتها بها صديقتها فأكملت : هذا كرم منك سيد ديفدسون .
قال باركر : سيد دايفدسون ؟ ظننت اننا تجاوزنا مرحلة الرسميات .
وأذهلها بالبتسامة كان لها تأثير الإبتسامة السابقة ، إذ اوهنت ركبتيها وقرارها .
قال باركر : لنقل عند الظهر إذاً ؟ سألقاك عند " فيشر مان وارف " في " الساند فايفر "
كان الساندي باربر مشهور بطعام البحر الرائع ، واسعارة الباهضة .
لعل باركر قادر على ان يأكل هناك ، لكن هذا يفوق ميزانيتها الهزياة .
وكررت : ساندي فارفر ؟ كنت .. افكر .. في ان ننتقي ما تأكلة قرب المرفأ فهناك مقاعد عدة على امتداد " فيار 39 "
عبس باركر : افضل ساندي باربر ، إذا كنت لا تمانعين ، فأنا اقوم ببعض الأعمال لهم . ومن الجيد رد الجميل .
فأكدت جو آن : لا تقلقل ستلافيك هناك .
لن تحتمل بايلي أن تجيب صديقتها عنها ، وقالت : جو آن .. لو سمحتي .. سأرد بنفسي
- أوه .. بالتأكيد .. آسفة .
عاد باركر بالهتمامة إلى بايلي ، التي تنفست بحدة وهزت رأسها : استطيع أن ألاقيك هناك .
هذا سيعني تحضير الغداء لنفسها في الأسبوعين القادمين وعدم الرد على اذواق ماكس المكلفة في طعام القطط ، لكن هذا كلة سوى تضحية صغيرة .
كان باركر ينتظر بايلي حين وصلت إلى ساندي فايبر عند الظهر . ووقف حين اوصلها رئيس السقاة إلى الطاولة إضائة الغرفة .. السجاد الأحمر السميك والخشب الفخم ، يخلو جواً حميماً دافئ ، جذب بايلي بالرغم من توترها .
لقد قصدت الساندي باربر مرة واحدة مع والديها حين زاراها من أوري غون ، إذ اراد والدها أن يحتفي بهل في افخم مطعم في المدينة ، وختارت بايلي الساندي فايبر ، المعروف بفخامتة وطعامة البحر الطازج .
رفع باركر حاجبة وهو يبعد لها الكرسي .. وقال : ها قد إلتقينا مجدداً .
- اجل .. لطف منك أن تفعل هذا .
- من من مشكلة
وظهر النادل مع لائحة الطعام ، لكن بايلي لم تكن بحاجة لأن تنظر إليها ، لأنها تعرف ماذا تريد .. سلطة القيصر البحرية ، مع القريدس ( الربيان ) والسرطان ، والمحار . هذا ما تناولتة في آخر زيارةة لها ، واستمتعت به . وطلب باركر المحار المفلي مع السلطة .. كما طلبة القوة بعد الطعام وفعل باركر مثلها .
وبعد تسجيل الطلب ، احرجت بايلي دفتر الملاحظات وقلماً من حقيبة يدها ، فضلاً عن نظارتها ولائحة من الأسئلة .
- هل تمانع في ان نبدأ ؟
مال باركر إلى الأمام وقال : بالتأكيد .
وضع مرفقية على الطاوة ونظر إليها بحدة : كم عمرك يا بايلي ؟ 21 ام 22 عاماً ؟
- 27 عاماً
بدا علية العجب وهز رأسه قائلاً : بحسب جو آن ، انت تعملين مساعدة لمحامي .
- يجب ان تعذر جو آن ، فهي رومانسية .
- وهذا ما قالته عنك
- أجل .. حسن جداً .. ارجو بكل تأكيد أن يكون هذا لصالحنا معاً
رفع حاجبية : اوه ؟
- كلانا يكافح ليصبح قصصياً مشهوراً ، وهذا يلزمة أكثر من الموهبة بكثير .
وطل الخبز الطري ، فأخذت بايلي قطعة على الفور ، وتابعت : على الكاتب أن يشعر بالحس الأدبي . بالنسبة لي جو آن وانا ، يعني هذا الكتابة من القلب . لم يمضي علي من هذا المجال سوى بضعة اشهر ، لكن هناك نساء في جمعيتنا ، يقدمن اعمالهم منذ 5 او 6 سنوات ، دون أن ينشر لديهن شي . كما أن هناك من الأمور الناجحة التي نعتمد عليها .
- مثل ماذا ؟
ابتلعت بايلي ريقها قيل أن ترد : مثل انهاء المخطوطة .. ليتملكنا إحساس حقيقي بالإكتفاء عند انهاء القصة .
- فهمت .
- بعض النساء يشتركن في الجمعية ظنناً من هن أنهن سيحصلن على نجاح سريع . فهمن يعتقدن أن أين كان يمكنه تأليف قصة رومانسية . وهن يحضرن لقاءات عده ، ثم يقررن أن الكتابة صعبة جدأ وتتطلب جهداً .
- وماذا عنك ؟
- انا في هذا المشروع لمدى طويل ، وفي النهاية سأبيع قصصي لأنني لن أتوقف عن إلاسالها إلى دور النشر قبل أن انجح .
أخذ باركر قطعه الخبز : و هل اردتي يوماً ان تكوني كاتبه ؟
- لا .. حتى انيي لم أكتب يوماً في صحيفة المدرسة الثانويه .. مع انني أتمنى الآن لو شاركت فيها ، و لا اعتقد انني كنت لأجد صعوبه في بناء الجمل و توضيح الافكار ان اهتممت بذلك
- اذن .. ما الذي جعلكي تقررين كتابة القصص العاطفيه ؟
- لأنيي احب قراءتها . في الواقع ، انا اقرءها منذ كنت في الكليه ، لكنيي لم أبدأ في التاليف سوى منذ سنه تقريباً .. و لقائي بجو آن شكل دافعاً قوياً لي ، و كان يمكن ان استمر في ارتكاب الاخطآء ذاتها لسنوات لولاها . لقد شجعتني ، و قدمتني الى كاتبات اخريات ، و اخذتني تحت جناحاها .
و صل النادل حامل وجبتهما . و ادركت بايلي بخجل التي كانت الوحيده اللتي كانت تتكلم ، و لم تسأل باركر سؤالاً واحداً بعد .
كانت صلطه القيصر رائعه كما تتذكرها بايلي . و بعد لقمة واحده قررت ان تدلل نفسها بمثل هذه الوجبات دايماً ، فغداء مكلف مره في الشهر لن يخرب ميزانيتها .
قال باركر : كنت تقولين انه لزمك 6 اشهر لتكتبي " لك إلى الأبد " .. الا تستغرق كتابه اول قصه وقتاً اطول ؟
- بلا ، لكنني اخصص كم دقيقه من وقتي للمشروع .
- هكذا اذن .. و ماذا عن حياتك الاجتماعيه ؟
حلولت جهدها بأن لا تضحك ، أي حياة اجتماعيه ؟
انها تعيش في سانفرانسيسكو منذ اكثر من سنه ، و هذا الموعد على الغداء مع باركر هو الاقرب إلى موعد حقيقي .
- بايلي ؟
- اوه .. أنا اخرج أحياناً .
لكنها م تذكر له أنها تخرج دايماً مع صديقة ، فمنذ فسخ خطوبتها الثانية ، تخلت بايلي عن أي علاقة مع الجنس الاخر . فقد اكتشفت مرتين متألمه ان عليها ألا تثق بالرجال .. و بعد 15 شهراً ، لا يزال خدلع توم لها يؤلمها .
و لعل التغلب على ذكرى توم لم يكن صعباً لولا بول ، فقد أحبته هو أيضاً في اوائل ايام دراستها الجامعية ، لكنه مثل توم ، وجد فتاة اخرى احبها امثر منها . و بقي المثال يتكرر ، و بهذا وضعت بايلي حداً لكل هذا ، و لم تكت تتواعد مع الرجال .
مرت عليها اوقات ندمت فيها على قرارها ، و بعد ظهر هذا اليوم مثال ممتاز ، فقد تجد نفسها بسهوله مهتمه عاطفيه بباركر .. لكنها لم تفعل ، مع ان الاغراء موجود .
باركر ، بعينه السوداوين ، ابتسامته المدمره . و لحسن الحظ انها واعيه بما يكفي لتعرف تقلبات قلوب الرجال . كانت واثقه من امر واحد ، ان باركر ديفيدسون لم يصل الى اوسط الثلاثين من عمره ، و هو لايزال عازباً ، من دون ان يحطم بضعه قلوب .
مرة عليها اوقات اخرى ندمت فيها على قرارها لعدم التواعد مع الرجال .
لا رجل يعني لا زواج ، ولا اولاد .. و الاولاد هم مصدر قلقها ، لاسيما الاولاد الصغار ، فحين تراهم يصدمها قرارها بعنف . فبدون زوج لن ترزق بطفل .. لكن ، حتى الساعه ما كان عليها الا ان تتجنب الاماكن حيث يمكنها ان تلتقي بامهات مع اولادهم . فبعيد عن العين بعيد عن القلب
- بايلي ؟
تمتمت : انا آسفه .. هل فاتني شيء ما ؟
- لا .. بل نظرتك متألمه ، و تساءلت عما اذا كان هناك خطب ما في السلطة
- لا .. انها رائعه .. ممتازة كما اذكرها .
و قصت عليه باختصار قصه دعوه والديها على العشاء هنا . لكن ، ما لم تشرحه له هو ان زيارتهما كانت بغرض التاكد من حاله بايلي ، لأنهما قلقان عليها ، و اصرا على انها تعمل جاهده ، و لا تخرج بما يكفي ، ولا حياة اجتماعيه لديها .
استمعت بايلي بأدب الى ما يقلقهما و احتضنتهما معاً ، فشكرتهما على حبهما ، ثم اعادتهما الى اوريغون .
تنهدتبايلي وهي تلمح دفتر ملاحظاتها و القلم الى جانب طبقها ، فهي لم تسال باركر سؤالاً واحداً بعد ، و هذا هو سبب لقاءهما ، و نظرت الى ساعتها متاوها في سرها ، لم يعد لديها سوى ربع ساعه و هذا الوقت لا يستحق عناء البدع ، ولا سيما انها مضطره ان تتوقف بعد حين .
قالت بأسف : يجب ان اعود الى العمل .
و التفتت الى النادل لتطلب الحساب
فقال لها : الحساب مدفوع .
لزم بايلي لحظات لتدرك ان باركر يحدثها عن وجبة الطعام .
- لن ادعك تفعل هذا .
و مدت يدها الى حقيبتها ، فقال : ارجوك .
لو انه جادلها ، و ابدى شيأً من التحدي الرجولي المتعصب ، لما سمحت له بايلي بان يدفع . لكن هذه الكلمه الوحيده التي قالها بلطف كانت كافيه لتصبب عزيمتها .
ردت بصوت منخفظ ناعم مثل صوته : حسن جداً .
- لم تتح لك فرصه طرح اسألتك .
فوجدت هذا مثيلاً للصخط ، لكن لا احد تلومه على ذلك سوى نفسها : اعرف .. لقد انسجمت في الحديث عن القصص العاطفيه و الكاتبيه و ....
- هل نجاول مره اخرى .. في وقت آخر .
- يبدو اننا سنحتاج الى ذلك .
و كان عليها ان تكون حذره لأن لا يتحول اللغداء معه الى عاده .
قال : انا حر مساء الغد
- في المساء ؟
بطريقه ما ، بدا لها موعد العشاء مهدداً اكثر من لقاء على الغداء .
- اوه .. انا في العاده ، اخصص ساعات ما بعد العمل للكتابه ..
- هكذا اذن .
و تعاطف قلبها مع رنه خيبة الامل في صوته ، فقالت : لكن لقل قاعدة استثناء .
و احست بالذعر للحظه نطقت بالكلمات .. فلساعه كامله ، كانت تعض نفسها حول عدم التقرب من باركر ، و تداركت بحزم : لا .. من المهم ان احافظ على مواعيد الكتابه .
- هل انت واثقه ؟
- طبعاً .
اخرج باركر بطاقة عمل من جيبه ، و كتب عليها شيئا ما و اعطاها اياها .
- هذا رقم هاتف منزلي في حال غيرتي رايك .
اخذت بايلي البطاقه ، و دستها في حقيبة يدها ، مع القلم و دفتر الملاحظات.
- انا حقاً ضطره لأن اكتب .. أعني ، مواعيد الكتابه ضروريه لي ، و لايمكنني ان اخرج في موعد على العشاء بمجرد ان شخصاً ما طلب مني ذلك .
وقفت ، و رجعت كرسيها الى الخلف بصوت حاد متشوقه للخلاص .
- اعتبري الامر بحثاً .
هزت بايلي راسها و قالت : شكراً لك على الغداء .
- انت على الرحب و السعه .. لكنني آمل ان تعيدي النظر في مسأله تناول العشاء معي .
تراجعت عن الطاوله و حقيبتها بين يديها .. و كررت : العشاء ؟
- لغرض البحث .
- و لن يكون موعداً حقيقياً ؟
كان من المهم ان توضح هذا .. فالرجل الوحيد الذي تخصص له وقتها الآن هو مايكل .. لكن ، من المفترض ان يساعدها باركر على ضياغه شخصية مايكل .. لذلك .. ربما ..
و كررت بصوت اكثر تصميماً : ليس موعداً .. مجرد بحث ، موافق ؟
ضحك ، ولمعت عيناه بخف : و ما رأيك ؟
|