كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
كان فى حياتها أحداث مؤسفة أخري .. كتسلق إحدى أشجار التفاح في البستان , وإدعاء عدم قدرتها على النزول . كانت تتوقع أن يتسلق ماتيوس الشجرة ليساعدها .. ولكن السيدة فلاندرز استدعت فرقة الإطفاء فكان أن مرت ليا بتجربة محرجة عندما حملها أحد رجال الإطفاء الشبان على كتفه , وكأنها كيس البطاطس .
ولكن الحادثة التي سببت أكبر قدر من الإزعاج , وقعت منذ أسابيع قليلة . في إحدي الأمسيات الحارة من شهر حزيران , قررت قمــر الليل السباحة في المسبح في منتصف الليل , وهناك ضبطها ماتيوس تخرج من الماء شبه عارية .
رنت ليا بطرف عينيها إلى جسد الأنسة لورد الأنيق , فرأت أنها لم تجرب قط السباحة وهي شبه عارية في كل حياتها . فهي لا تستطيع تصور الآنسة المهيبة المتزمتة ترمى برقع المدينة , أو تتصور شعرها مبتلا وأشعت .. لامست ليا شعرها الأسود الحريرى , المضفر في ضفيرة واحدة فوق كتفها . تذكرت أنها كانت مسرورة بطوله الذي أخفي تورد وجهها حياء , وتذكرت كذلك الكلمات القاسية التي أطلقها ماتيوس والتي جعلتها تتمني الموت خجلا وارتباكا .
أفسحت الطرقات الضيقة في " ستافورت " مجالا لظهور جمال غابات " جاكوب هولو " . أما " ماتلوك إيدج " فتقع بين أحضان جمال وادي " النيدل " الممتد الذي لايمت إلى القرن العشرين بصلة إلا عبر مداخن مصنع " ديكون " للمنتوجات الصوفية . كان آل ثورب يتعاطون أيضا صناعة الأقمشة وتجارتها فقد أسس جد ماتيوس الشركة فكان أن أنتجت الخيوط الصوفية المعروفة باسم " ثورب وارستد " في كل منطقة " وست رايدنغ " منذ عام 1908 .. وبعد الجد جاء أبو ماتيوس الذى نوع أعماله واستثماراته , ولكن لماتيوس نفسه اهتمامات مختلفة في صناعات أخري , غير أن المصنع الأساسي استمر في الإنتاج .. اضطرت مصانع أخري للإقفال خلال الكساد الإقتصادي الأخير , ولكن آل ثورب تمكنوا من رفع رؤوسهم .
_ أيبعد المكان كثيرا ؟
أخرج سؤال الآنسة لورد ليا من أفكارها , فنظرت إلى الراكبة لا إراديا وهزت رأسها .
قالت : " لا " ثم هزت كتفيها لتضيف في غير اكتراث .
_ هذا هو المنزل .. هناك , يفصلنا ميل واحد عن مدخل الأملاك .
تأملت الفتاة الأكبر سنا باهتمام ظاهر المبني الحجري المطل على الحقول والغابات .. في الواقع تبدو قمــر الليل " ماتلوك ايدج " مؤثرة حقا ..إنه بيت من النوع الذي يتمني أي إنسان أن يكون ملكه , فطالما أحست بالفخر وهي تظهر للناس أنه بيتها .. ولكن الآنسة لورد كانت مختلفة .. فحدس ليا ينبئها بان هذه المرأة ستحدث تغييرات غير مرحب بها في حياتها . تمنت من كل قلبها لو امتنع ماتيوس عن توظيفها لتكون رفيقة لها .
ارتدت الآنسة لورد في مقعدها وابتسامة خفيفة على شفتيها .
سألت كأنما لنفسها :
_ إذن , هذه هي " ماتلوك ايدج " .. لابد أن خالك رجل ثري .
لم ترد ليا بل عضت على شفتها وهي تحس بتعاسة أن تصريحها السابق عن اهتمام هذه المرأة بخالها لم يكن بعيدا عن الواقع . فعلى ما يبدو أنها لا تجد ضيرا في الانضمام إلى لائحة التائقات ليكن سيدات " ماتلوك ايدج " .. برز فك ليا سخطا .. لا يعقل أن يكون ماتيوس مهتما بالآنسة لورد . . ؟ لن يرغب , بوجود العديد من النساء , في التورط مع مربية قريبة .. بكل تأكيد ! ارتجفت شفتا ليا .. لماذا تهتم ؟ سألت نفسها بغضب , كان في حياته نساء من قبل ولا شك أنه سيكون فيها أخريات .. فلماذا الاعتراض بهذه القوة على مرشحة أخري ؟
الحقيقة أنها لم تر منذ تركت المدرسة امرأة في " ماتلوك ايدج " .. فالفاتنات اللواتي كن يلاحقنها في غرفة المدرسة في طفولتها انسحبن , فما عادت مضطرة إلى ارتداء فستان الحفلات الرسمي أو مراجعة قصيدة شعرية لتلقيها على المتشوقات إلى الاختلاء بماتيوس .
لا تعرف ليا متي أدركت أن هذا هو هدفهن .. فهي لم تكن طفلة نبيهة . ولكنها تدريجيا بدات تفهم سبب التصاق هذه النسوة به .. فهو رجل جذاب بل جذاب جدا .. ماتيوس طويل , نحيل , غير مكتنز العضلات , لين الحركة رشيق . في الواقع أن قسمات وجهه غير سويه قليلا : فوجنتاه عاليتان , أنفه غير مستقيم تماما , وذقنه تدل على قوة لا تلين , ولكن عينيه هما اللتان تضيفان على وجهه الجاذبية الكاملة .. وهما قادرتان على رمي أي شخص برماح فولاذية حية , أو إذابة الثلج بنارهما الزمردية .. تذكرت ليا هاتين العينين عندما مات والدها وزوجته .. كانت زوجة أبيها شقيقة ماتيوس الوحيدة .. أحست اليتيمة ذات السنوات الأربع برقتهما ولطفهما المحب . ما زالت تذكر كيف ضمها بين ذراعيه وحملها بعيدا لتنسي ذكريات موت والدها وزوجته وهما عالقان في سيارتهما تحت عجلات سيارة شحن مزدوجة .. ومنذ ذاك الحين وهو يحملها , بطريقة أو بأخري .
كانت أبواب الأملاك مفتوحة على مصاريعها .. حك ميردوك العجوز حارس البوابات رأسه ساخطا حينما مرت ليا به .. لا شك أنه يتساءل عما تفعله بسيارة اللاندروفر .. تمنت ألا تلاحظ عيناه العجوزتان الراكبة التي ترافقها .
تفصل قطعة أرض منحدرة المنزل عن الطريق , تحيط بالمنزل أشجار سنديان ودردار .. تعرف ليا أن والد ماتيوس اشتراه في مطلع شبابه . يربي ماتيوس الخيول وتعتبر الأرض حول المنزل خاصة , أما سائر الأملاك فمؤجرة للمزارعين الذين كانوا يزرعون أشجار الفاكهة الخاصة بهم , والخضار .
~ يتــبع ~
|