كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
4- القريب البعيد
كانت ليا في الفراش عندما عاد ماتيوس إلى المنزل .. استطاعت رؤية أنوار سيارته , وسمعت هدير محركها الناعم , وهويقودها نحو الكاراج .. تساءلت بمرارة مع من قضي أمسيته .
حينما عادت مع كاتي في وقت متأخر من بعد الظهر , علمت من السيدة فلاندرز أنه أتصل , قائلا إنه لن يأتي للعشاء أما عذره فانشغاله باجتماع عمل في " ليدز " لكن ليا طالما سمعت مثل هذا العذر من قبل .. على أي حال أحست برضي معين وهي تشهد خيبة أمل كاتي عندما وقع بصرها على مقعدين فقط حول المائدة .. سألت وهي ترجع حمالة الثوب الرفيعة عن كتفها إلى مكانها الصحيح .
_ أيتناول خالك العشاء في الخارج كثيرا ؟
هزت ليا كتفيها : " أحيانا ".
ظهر الانزعاج على كاتي وهي تجلس مكانها .. لم تزعج ليا نفسها بارتداء فستان للعشاء , بل ظلت متردية التنورة والبلوزة اللتين ارتدتهما في مانشستر .. امتنعت أمام نظرات كاتي عن تناول الأطعمة الدسمة التي وضعتها السيدة فلاندرز أمامها .
تجنبت ليا البطاطا المشوية التي تفضلها , وركزت طعامها على القنبيط والجزر واللوبيا , التي رافقت البطاطا وهذا ما استدعي تعليقا مضطربا من السيدة فلاندرز التي قالت :
_ ما بالك يا فتاة .. ؟ هل انت مريضة ؟ لم أعهدك تمتنعين عن الطعام هكذا .. لقد لاحظت أنك لم تأكلى البيض هذا الصباح .
تجنبت ليا النظر إلى كاتي : " ولكنني تغديت ؟ " .
_ كان الغداء سلطة وهو مناسب للأرانب لا لفتاة صغيرة , لا يمكنك العيش قمــر الليل على الخس واللوبياء .. هيا الآن لقد أعد لكما بولي فطيرة بطاط حلوة .
سال لعاب ليا ولكنها قالت بانزعاج :
_ هل لي أن أتناول فقط الجبنة والتوست المحمص ؟ فلست جائعة .. سأتناول بعض الفاكهة فيما بعد , فالحرارة شديدة على تناول الفطائر المحلاة .
لم تصدقها السيدة فلاندرز : " هه ! " .
لم تستطع كاتي انتظار خروج السيدة فلاندرز حتى تسخر من ليا .
تركت يديها تمران على جسمها النحيل باستمتاع وقالت :
_ إذن لقد اخذت بكلمتي في وقت سريع .
_ علمت أنك ستقولين لي هذا .
تمنت لو تقول لها ما تشعر به حقا .. تركت كاتي ضحكة خبيثة تنطلق منها :
_ لم أواجه قط مشكلة مع زيادة الوزن , كنت نحيلة منذ أن كنت في السادسة عشرة من عمري .. فزيادة الوزن تحد من اختيار الملابس .. فدور الأزياء لا تحسب حساب المقاسات الكبيرة .
ردت ليا : " ليس قياسي قياسا كبيرا "
التوت شفتا كاتي : " افعلي ما شئت , إنما تذكري أن مصممي الأزياء يفضلون النحيفات .. ولكن لا تقلقي , فلا حيلة لك بالأمر .. تعاني بعض النساء مثلك من كثرة الدهنيات في أجسامهن " .
صاحت ليا وهى غير قادرة على كبح ردها الغاضب :
_ ليس لدي مشاكل دهنية .. بشرتي صافية , خالية من البثور !
ابتسمت كاتي ساخرة : " إذن لماذا تعتمدين حمية غذائية ؟ "
صمتت ليا لافتقارها إلى رد مهذب .
فيما هي مستلقية في فراشها تصغي إلى هدير محرك سيارة ماتيوس الثابت , تمنت لو تجرؤ على الخروج من الفراش لمقابلته , كما كانت تفعل في طفولتها . فعندما كان يجفوها النوم ليلا , كانت تتسلل إلى الطابق السفلي حالما تسمع صوت الباب يقفل وكثيرا ما ضحكت مسرورة عندما يرفع ماتيوس يده إلى فمه دهشا من وجودها . منذ حادثة المسبح لم تحاول ترك غرفتها .. ركلت الغطاء بعنف عنها لأنها أدركت أن تلك الأيام ولت .
عادت ذكري ما حصل هذا الصباح لتعذبها , كان ماتيوس غاضبا جدا .. لقد تصرف وكأنما ما حصل كان غلطتها , ولكنه عندما ضمها بين ذراعيه لم تستطع تحرير نفسها منه , حتى لو أرادت .. وكأنه كان يريد معاقبتها , ومعاقبة نفسه في آن واحد .. عرفت رغم قلة خبرتها , أن الأمر خرج عن سيطرته .. غريبة الحياة . ففي اليومين الماضيين تلقت نوعين مختلفين من العناقات .. ولكنها تعرف قمــر الليل أن عناق ماتيوس كان الأخطر .
أصغت ليا متوترة إلى وقع قدمي ماتيوس وهو يرتقي الدرج القديم الذي تعرف كل طقطقة فيه . لم يصعد فورا إلى الطابق العلوي , بل تظنه دخل إلى المطبخ ليشرب الحليب . كانت معتادة على مشاركته الحليب والجلوس إلى حافة مائدة المطبخ وعيناها تبرقان .
استلقت على بطنها غير عابئة بالبرد الذي تعرض نفسها له بغياب الغطاء . ولأن الجو حار لم ترتد ثوب النوم , ودفنت وجهها في الوسادة وهي تتمني لو تستطيع النوم .
جعلها وقع أقدام ماتيوس المقتربة تدفن وجهها في الوسادة .. ثم تسمرت بلا حراك عندما انفتح بابها فجأة .. أنار شعاع ضوء من الممر سريرها ..كادت تزهق أنفاسها ولكن النور سرعان ما اختفى وعاد الباب إلى ما كان عليه .. فتركت أنفاسها تنطلق بضعف .
~يتبـــــــــــــع ~
|