كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
حست باختناق فى حنجرتها ، ثم بدأت تضحك ضحكات هستيرية صاخبة جعلت السيدة ثورب تظن بأن الفتاة قد جنت ، فتقدمت نحوها :
- ليا .. توقفى عن هذا . توقفى فورا ! لا أدرى حقا ماذا دهاك ! طالما قلت إن ماتيوس غبى لأنه يرعاك . إن طيش ابنتى ليس بسبب يدفعه إلى احتضان طفلة ليست من لحمه ودمه .
خبت ضحكات ليا بالسرعة التى ثارت فيها . مسحت عينيها بمعصميها ، ثم قالت :
- أرجوك ، اذهبى من هنا سيدة ثورب
أصدرت السيدة صوتا متوترا قبل أن تخرج ، وعادت وحيدة فى غرتها تشعر بالبؤس والسقم والهجران . لا تملك حتى السلوى بوجود أصدقاء يشاركونها مشاكلها ... لقد حرمها ماتيوس من كل شئ فصديقاتها بعيدات عنها وهى تقيم فى مانشيستر .
وضعت ذقنها على يدها ، تحدق إلى الفضاء ... لقد قربت كلمات السيدة ثورب صورة المستقبل . بات إرسالها إلى المدرسة فى سويسرا مؤكد .. ماتيوس يحضر كل شئ ، وهى لن تعرف شيئا عن تلك التحضيرات حتى يحين أوان رحيلها ، ستنقل أمه الخبر ... تحركت مشاعر ليا بسخط مكبوح ... ستكون فى الثامنة عشرة فى الميلاد القادم ... فهل نسى ذلك ؟ أنه يراها فتاة قاصرة تقع على عاتقه مسؤولياتها . ولعل ليلاس ما يريده حقا هو التخلص من هذا الحمل ولكن تهذيبه يمنعه عن قول شئ كهذا . عليها الآن أن تفعل شيئا . نعم عليها البحث عن عمل وعن مسكن حتى إذا ما جاء ناقلا إليها خططه بشأن مستقبلها رمت ما أتى به فى وجهه .
راحت تفتش فى الأدراج عن حقيبة يدها فأخرجت محفظة النقود التى فى داخلها ... عندما صحبها ماتيوس إلى هنا أعطاها بعض المال قائلا إنه مصروفها ، ولكنها لم تهتم به ساعتئذ . أما الآن فقد أخرجت الأوراق النقدية من المحفظة الجلدية . تعدها بسرعة ببهجة وحبور .
معها من المال ما يكفيها لإستئجار شقة حتى تجد عملا ، وما أن تبدأ بجنى المال ، حتى تعمد إلى توفير المبلغ لترده إليه .
لقد قررت خيرا انتزاع نفسها من وصايته . ولكن إن خرجت من هذه الشقة فقد لا تراه ثانية ... أحست بوهن رهيب يجتاح جسمها .
لكن ما البديل ؟ البديل مدرسة فى سويسرا حتى تبلغ الثامنة عشرة . ثم ماذا ؟ ... تنهدت .. تشك فى أن يسمح لها ماتيوس بالعودة إلى ماتلوك ايدج ... لا ...يجب أن تجد ترتيبا آخر لها . وهناك احتمال آخر أن يرجعها إلى منزل أمه حتى إذا ما أظهرت اهتماما بشاب ما ، سارع إلى تزويجها كما توقعت كاتى ، ليبعدها عن ظهره .
مسكينة كاتى ! لم يدم عملها طويلا . ولكنها لم تخسر شيئا بهذه الصفقة . فحسب قول السيدة ثورب إن ماتيوس أعطاها مكافأة ستجعلها غير مضطرة للعمل وقتا طويلا .
ولكن حظ كاتى الطيب لا ينطبق عليها لأن عليها أن تجد عملا فى غضون أسبوعين وهو وقت قصير للبحث فيه عن عمل وشقة .
أمضت قمــر الليل فى الأيام التالية أوقات الفراغ فى تمشيط وكالات التوظيف . لم تتساءل السيدة ثورب عا تفعله ، فانشغالها بحياتها الاجتماعية أبعدها عن الاهتمام بما تفعله ليا .
لا تنكر ليا أنها كانت تضبط السيدة تنظر إليها أحيانا باستغراب ، ولكنها تعرف أنها تتطلع شوقا إلى يوم رحيلها .
لم تحصل على العمل الذى وجدته أخيرا عبر وكالة من الوكالات بل عبر إعلان موضوع على واجهة محل تصفيف شعر ... سألت ليا فى الداخل فاكتشفت أن من يطلب موظفة هو الرجل المدعو ألفونسو الذى قال لها :
- لدى محلان للتزيين ... هل أنت واثقة حقا أنك تريدين هذا العمل ؟ أشعر بأنك لا تحتاجين إلى المال
- أنت مخطئ .. ماذا على أت أفعل بالضبط ؟ لأنه لم يسبق أن صففت شعرا
قال ألفونسو :
- أوه عزيزتى لن تصففى الشعر ... لهذا سألتك إن كنت فعلا بحاجة إلى العمل ، فالمطلوب منك خدمة الزبونات .
ابتسمت ليا تؤكد له بحزم :
- أريد العمل حقا ، أتعرف كم يصعب إيجاد عمل عندما يكون المرء معدوم الخبرة ؟
- اعرف .. حسنا أيتها الشابة ... سأقبل بك . من يعلم ، قد أكتشف فيك موهبة فى تصفيف الشعر .... وقد أمنحك فرصة التمرين
- شكرا لك متى أبدأ؟
- ما رأيك بالغد ، تعالى صباحا لتعتادى على المكان .. المزين المسؤول هنا هو جان ... سيتم تعارفكما الآن .
- ألن أعمل معك ؟
ابتسم ألفونسو : " فى الوقت الراهن لا ، ربما فى المستقبل ، لدى فى المحل الآخر فتاة تظن أنها حامل فإذا تركت العمل أرى ما أفعل "
عادت ليا إلى الشقة ذلك المساء والبهجة تعم قلبها . لقد وجدت عملا ولم يبق أمامها إلا البحث عن مكان تنام فيه .
وقد وجدت هذا المكان بعد ظهر اليوم التالى وهو عبارة عن عن غرفة صغيرة فى منزل فيكتورى لا يبعد كثيرا عن وسط المدينة . لم يكن الجوار مرموقا ولكن المنزل نظيف ورخيص ... وقد بدت صاحبته السيدة فريتز مشفقة على صغر سنها .
- لست من مانشستر ، أليس كذلك يا فتاة ؟ ما خطبك ، تشاجرت مع والداك ؟ لدى هنا من يعانى من المشاكل العائلية فلا تقلقى سأهتم بأن تتناولى طعاما جيدا فأنت نحيلة كالقشة
~ يتبــــــــــــــع ~
|