كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
11 - ألم تفهمي بعد ؟
بالطبع لن تموت .. لايمكنها أن تموت .نظرت ليا ببؤس إلى شوارع مانشستر التى غسلها المطر , مفكرة بمرارة .. مع أنها كانت تفكر يائسة في الموت . إنما رغم امتناعها عن الطعام والشراب والنوم كذلك ظلت على قيد الحياة .. فالناس لا يموتون عندما تتحطم قلوبهم , على الأقل , ليس فى مثل هذه الأيام . وإذا حدث ما هو أسوأ فقد تنقل إلى المستشفى حيث يقومون على تغذيتها طبيا . كان هذا ما قالته لها السيدة ثورب .
لم توفر لها الغرفة الغريبة أقل راحة . لقد نقل ماتيوس ثيابها ومقتنايتها الشخصية إلى شقة أمه التى وافقت ، وإن على مضض ، على استضافة الفتاة بضعة أسابيع فكان أن افتقدت مساحات الريف ليلاس الشاسعة وغرفتها الحبيبة التى عاشت فيها طفولتها وشبابها
ولكن أكثر من تفتقده ماتيوس ، وافتقادها إليه يملأ قلبها بيأس لا حدود له ، فكلما استيقظت شعرت بعذاب شديد لأنها تعرف أنه لن يرجعها
تساءلت أحيانا عما ستفعله لو منحها فرصة أخرى ... أتسمح لنفسها أن تحبه وهى تعلم النتيجة سلفا ؟ أتتركه وشأنه كما طلب منها أكثر من مرة ، قبل أن يفوت الأوان ؟
اعترفت أنها ما كانت لتفعل ... فهى تعلم أنها لو منحت فرصة أخرى لأحبته ولشجعته على حبها ، هذا هو بالضبط ما تريده وما تتوق إليه ، منذ أن تفتحت عيناها على أحاسيس كهذه ... كيف لها الفرار من حبه وكل عرق فى جسدها وكل قطرة دم تصرخ متوسلة إليه ؟
عندما أحضرها قبل ثلاثة أسابيع إلى منزل أمه راحت تدعو الله كل ليلة حتى لا يتمكن من الابتعاد عنها . وأخيرا اقتنعت بأنه سيتعلم كيف يحبها
ولكن سرعان ما حطم الزمن هذا الأمل ، فاعترفت أخيرا أن ما تفعله لن يحل مشكلتها . فهى لا تريده هكذا ... لا ترده بالزواج أو بغيره ، إذا كان بغير حب
.سبقت طرقة على باب الغرفة دخول السيدة ثورب التى كانت مرتدية ملابسها استعدادا للخروج .
- سأعود فى السادسة مساء . إذا أردت ما تأكلينه تجدينه فى المطبخ فقد تركت السيدة هايز بعض السندوتشات فيه وهى عائدة لاحقا لتحضر العشاء ... فلا تزعجى نفسك بغسل الصحون .
- لا يزعجنى ذلك .
- أعرف أنك لا تنزعجين إنما أفضل ألا تكسرى لى المزيد من الصحون الفاخرة ، اتركى كل شئ للسيدة هايز فهى تعرف كيف تتعامل معها .
- حاضر سيدة ثورب .
قامت ليا من المقعد الذى كانت جالسة عليه قرب ليلاس النافذة لتواجه المرأة العجوز . طافت عينا المرأة الحادتان على كنزتها وتنوتها الحمراوين :
- ستكونين على ما يرام حتى أعود . نورا لا تقدم المرطبات عادة ... لذلك حالما تنتهى لعبة الورق أعود .
ردت ليا بجفاء : " لا تستعجلى فى العودة من أجلى "
كانت قد اعتادت على خروج السيدة ثورب بعد ظهر كل يوم للعب البريدج ، وفى الواقع كانت ترحب بوحدتها فى الشقة
رفعت والدة ماتيوس رأسها موافقة :
- حسنا .. يسرنى أنك تعلمت بعض الأخلاق الحميدة أخيرا .. لا أعرف ما سيفعلونه بك فى مدرسة سانت هيلين
ابتلعت ريقها بصعوبة : " هل ... ذكر ماتيوس لك مدرسة سانت هيلين مؤخرا "
- طبعا فهو ينهى الإجراءات لتكونى هناك فى مطلع الخريف أى بعد أسبوعين .. نسيت أن أخبرك
- بعد أسبوعين ؟
تنهدت السيدة ثورب :
- عليك التوقف عن التصرف وكأن التحاقك بالمدرسة الداخلية هو نهاية العالم ليا ... عرفت منذ أحضرك إلى منزلى أنه لن يمضى وقت طويل حتى ترحلى إلى سويسرا ، وأرى أنه تأخر فى إرسالك . لا أفهم كيف أبقاك فى المزرعة كل هذه السنوات !
أحنت ليا رأسها : " لا خطأ فى إقامتى هناك . كنت أنا وماتيوس سعيدين معا "
ردت بحدة لاذعة :
- لكنكما لم تعودا سعيدين . لقد ثاب إلى رشده لسبب لا يعرفه سواه ، وما أشد سرورى بقراره لأننى كنت أخشى أن يقع ما لا تحمد عقباه .
عبست ليا : " ما قصدك ؟ "
- وماذا برأيك أننى أعنى أيتها الغبية ؟ قد أكون فى الستين من عمرى ولكننى لم أفقد عقلى حتى الآن ... أنت ... فتاة جذابة ، وطالما أهتم ماتيوس بالفتيات الجذابات
حبست ليا أنفاسها :
- أوه .... هكذا إذن . تظنين ... تظنين أننا ربما ... ماتيوس وأنا ...
~ يتبــــــــــــــع ~
|