كاتب الموضوع :
السامقة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الحلقة الخامسة:-
أغمضت عينيها مبتسمة لكنها كانت تتكور على نفسها.. ربما هي تشعر بالبرد
يبدو إن غالية تعبة جداً بحيث إنها نامت بسرعة وكم قاوم عزيز الاقتراب منها وتدفئتها بحضنه ، لما تأكد إنها غفت ذهب يتفقد الممر عساه يجد مكان يستطيعان الخروج منه لكنه لم يجد فعاد إلى الحجرة وظل يتفقد الجدران فوجد شبه نافذة جدارها رقيق ربما بعدة ضربات يستطيع أن يصنع منفذ صغير ولو لدخول الهواء ... لكنه قال في نفسه إن من الأفضل أن ينتظر حتى الصباح كي لا يزعج حبيبته غالية
نظر إليها وهي مستلقية نائمة ومتكورة على نفسها .. نعم الجو شديد البرودة هنا، بالتأكيد لأن هذه الحجرة موقعها تحت البناء تقريباً ... عاد ليجلس على الأرض وينظر إلى غالية بشوق كبير ويبدو إنه قضى وقتاً طويلاً في البحث عن مخرج لهذا نام دون أن يشعر
استيقظا على صوت ضجيج في الخارج فوقف ليجد غالية تجلس وتنظر إليه بفرح وهي تقول
" عزيز ... لقد وصلت فرق الإنقاذ"
فقال بهدوء بالغ
" نعم "
" نعم !! ألست مسروراً"
" كيف لستُ مسروراً؟ .. لكن يا عمري أيضاً قد يتأخرون حتى يصلون لنا .. وربما هم لا يعلمون بعد أننا هنا أحياء محجوزين"
" إذن؟"
" علينا أن نصنع ضجيج عالي لعلهم يهتدون إلينا أو ننتظر حتى يزيلون كل الجدران الساقطة ومن ضمنها هذا الجدار"
ذهبا معاً ليفتعلا الضجيج فظلت غالية تصرخ طالبة المساعدة وعزيز يضرب الحجر بقوة وبقيا ساعات يحاولون حيناً ويستريحون حيناً آخر لكن يبدو إن حاجز الحجار سميك بحيث لم يهتدي إليهم أحد بعد ... نظر عزيز إلى حبيبته فوجدها مجهدة تماماً تكاد تسقط إعياءً فأجلسها وأخرج فطيرة من جيب معطفه وأمرها أن تأكلها وأن لا تنهض أبداً فأطاعت بسرعة لأنها شعرت بنفسها إن نهضت فسيغمى عليها
شعرت غالية بأن عزيز تقصّد فتح مواضيع عدة من أجل أن يروّح عن قلبها الخائف وقد نجح في ذلك وجعلها تبتسم عدة مرات وتندمج بالحديث وتتناقش معه بتناغم أفكارهم الشيء الذي عرفوه منذ أول يوم تعرفا به على بعضهما البعض ... تذكر عزيز ما وجده في إحدى جدران الحجرة الذي يبدو كالنافذة المغلقة.. فجاء بالعصا وظل يطرق بها ويطرق وغالية ترجوه أن لا يتعب نفسه عندما وجدت إن لا فائدة تقريباً من الطرق رغم تقدمه في عمل حفرة... ولم تهتدي لهم فرق الإنقاذ رغم سماعهم ضجيجها ولم يستطيعوا هم من إنقاذ أنفسهم وبهذا أشارت ساعة غالية الثانية عشر بعد منتصف الليل فنظرت غالية لعزيز وكأنها تسأله هل سيخرجون فكانت تراه هو أملها وهو بطلها الذي سينقذها من هذا السجن لكنه كان يغير الأحاديث وينظر إليها بقلق.. عرفت ماذا كان يسأل نفسه.. هل ستتحمل الجوع والعطش حتى يصل إليهم أحد.؟؟
" عزيز"
" حياتي.. نعم"
" لا تخف عليّ... سأكون قوية وسأتحمل"
" هذا ما أرجوه يا عمري... لكن هذه آخر شطيرة لدينا ولا ماء.. ولا نعرف كم سيطول الأمر وجسمك الصغير الحبيب ضعيف أخشى عليه وأخشى عليك"
" لكن عزيز أنا إن مت بين يديك فأعلمْ بأني قد مت وأنا أسعد فتاة في العالم"
تقدم نحوها عزيز وقد دمعت عيناه وصار قلبه يدق بسرعة خوفاً على حبيبته
" أرجوك لا تقولي هذا يا غالية... ستكونين بخير.. أعدك"
" لا تتركني أبداً"
" لن أتركك يا عمري.. لن افعل"
تنهدت بقوة فنظر إلى وجهها الذي بان عليه التعب بسرعة بل إنه يعتقد إن وجهها لا قطرة دم فيه من شدة اصفراره ورغم انه وعد نفسه أن لا يأكل أي شيء ليوفر لها إلا إن غالية أقسمت بأن لا تتذوق شيء حتى يأكل معها فأكل ما لا يكاد يسد جوعه فقط .
ناما مجهدين من هذا اليوم الطويل وهي نامت كالقتيلة إلا انه ظل يفكر ويفكر في طريقة لإنقاذها أو بأي أمل في النجاة حتى نام.. صحا على صوت غالية وهي تبكي وكم قطع صوت بكاءها قلبه فحدق بالحجرة فوجدها تغرق في الظلام وبعد أن طرد النعاس فهم غالية وما تقوله
" عزيز.. عزيز.. أين أنت.. أرجوك رد.. عزيز"
" حبيبتي أنا هنا... ماذا بك ؟ .. لا تخافي أنا هنا بقربك"
حاول الوصول إليها واهتدى بصوتها فأمسك بكفيها فوجدها ترتجف
" ما بك.. لا تخافي .. أنا هنا بقربك"
" يا الهي عزيز.. ظننت نفسي في القبر. ظننت انهم دفنوني وأنا حية.. هل تفهم.. ظننت انهم دفنوني.. دفن.. ولم أخبرك بعد أني احبك.. ظننت انهم.. وقبل أن أرى عائلتي وأني مت عزيز وأني... رأيت هذا الظلام و .. بالله لم الظلام.. أين الضوء عزيز؟ ولم ابتعدت؟ هل تركتني؟؟ قل قل.. عزيز أرجوك أنا خائفة"
كانت تتحدث بسرعة وهي ترتجف وتتناثر دموعها على وجهها فلم يستطع إلا أن جلس قربها وأحاط كتفيها بذراعه وقربها إلى صدره ويقول
" أرجوك اهدئي يا غالية.. بالله ما هذا الخوف.. أنت معي الآن .. اشششش .. هيا اهدئي.. لازلتِ على قيد الحياة يا حبي... "
ظلت غالية تسند رأسها على صدره وتشهق بقوة حتى هدأت وعزيز يهدئها بكلماته وبأن الله لن ينساهما وبأنه كما جمعهما معاً فلن يفرقهما بأذنه.. ثم صار يمزح معها وهو يؤنبها على أنها كبرت ولم تعد طفلة كي تخاف هكذا..واخبرها إن هذا الظلام أكيد سببه انتهاء كحول الفوانيس ولهذا انطفأت.. وأنه لم يبتعد عنها أبداً ولن يفعل لأنها عمره وحياته.. حتى هدأت وطلب منها أن تعود للنوم وأن تعلم انه قربها دوماً فأطاعت تحت تأثير التعب والنعاس.
استيقظا على ضجيج أعلى مما كان قبل يوم وبهذا عرفا إن فرق الإنقاذ أكيد تقدمت بحفرياتها وربما سيصلون إليهما فعادا لافتعال الضجيج وغالية تصرخ وتصرخ حتى سمعوا سكوناً وكأن الجهة الأخرى يريدون التأكد من المصدر فصاحت غالية تطلب النجدة وعزيز يضرب بالحجر بقوة علّه يوصل إليهم رسالة بأن هناك من هم على قيد الحياة هنا وبالفعل وصلت الرسالة فطارت غالية من الفرح وازدادت قوة وصاروا يشعرون أخيراً أنهم متصلون بالعالم الخارجي
وللحديث بقية
أختكم
السامقة
حنين محمد
|