كاتب الموضوع :
السامقة
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الحلقة الثانية
الحلقة الثانية:-
مرّ الأسبوع بسرعة مجهداً لها كثير التعقيد والإرباك والصعوبة بالنسبة لها.. فكان تأنيب أمها شديداً لها وتضايقَ أخوها من الأمر كله إضافة إلى سهرها من اجل دراسة الأمر ومشاويرها إلى المستشفى لترى حسن وتقف بجانبه في محنته... أمور كثيرة وكتابتها اليومية لعزيز تضحكه تارة وتشكو له تارة وتخبره عن أخبار حسن تارة أخرى... ولم تكف عن الدعاء برسائلها بأن يجمعهم الله بالحلال.
في بريطانيا
شعرت بالغربة هناك منذ أول يوم لكن السيدة ثناء حفظها الله لم تترك غالية لوحدها وهي من قامت بالحجز في الفندق وهي من كانت تعلمها على كل الطرق كي لا تتوه في هذه البلاد.. وعلمتها وسائل الاتصال بها إن حدث لها شيء ، فالسيدة ثناء دوماً تأتي هنا تعيش عند ابنها وتعود للبلاد لتعيش عند ابنتها متنقلة بسعادة بين البلدين... في البداية وجدت صعوبة في فهم تحدثهم بالانجليزي فلكنتهم غريبة قليلاً لكنها تعودت عليها بعد يومين فليست غالية التي يصعب عليها شيء أو يقف عائقاً لديها
صارت عشر أيام لا تعرف خبراً عن عزيز خاصة إنها أخبرته أنها ستغيب أسبوع وأقسمت له أنها لا تفعل هذا عمداً لأنه غاب عنها بل لأنها مجبرة وستخبره فيما بعد عن الأسباب على أن لا يقلق عليها ونوهت له أنها ظروف عمل ليس إلا ولم تخبره عن سفرها لبريطانيا لأنها تعرفه مجنون وقد يطير إليها تاركاً ظرفه الذي تركها من اجله بالتأكيد مجبراً
" سيدي المدير... اتصل بحسن وأخبره بأني فعلت ما اخبرني به وقد نجح الأمر... غداً سيتصلون بي ليردون لي الخبر.. نعم نعم.. إني مستعدة لمنصبي الجديد"
أثمرت جهودها وتعبها وسهرها .. أعطاها المدير هدية لها 5 أيام سياحة في بريطانيا على حساب الشركة بعد أن أتمت الصفقة على أتم وجه بحيث ازداد غرورها أضعافاً
كتبت لعزيز عن سعادتها وأنها ما أن تسمع صوته حتى ستخبره بعدة أخبار..وسألته برجاء أن يطمئنها عن نفسه وأحواله..
اتصلت من هاتف عمومي بالسيدة ثناء تخبرها أنها ستتجول في المحلات فأخبرتها السيدة عن أفضل المحلات التي تستطيع الاعتماد عليها بأسعار مناسبة... أمسكت غالية بالدليل وهي تؤشر لسائق التاكسي عن المكان التي ترغب بالوصول إليه . أخرجت من جيب معطفها الطويل النقود أعطتها لسائق التاكسي ونزلت مسرعة ناسية حقيبتها وذلك لأنها كالأطفال انبهرت بالبناية القديمة والعتيقة الكبيرة التي أمامها ... تقدمت نحو البناية ووجدت الكثير من السياح هناك ، تلمست الجدران المهترئة وكم تمنت أن يكون عزيز هنا لأن أكيد سيخبرها عن قصة هذا المبنى نظراً لقضاء سنين دراسته في بريطانيا..كان أظلماً من الداخل مخيف لكنها لم تفكر في شيء إلا باكتشاف داخله من غرف ودهاليز . وكأنها تعيش في قصة رعب في وضح النهار.. كانت تدفع الجدران ضاحكة علّها تجد ممر سرّي كما في الأفلام التي تهواها.. هل وصل عزيز إلى هنا؟؟ كانت تسأل نفسها بين الحين والآخر هذا السؤال وهي في قمة من النشوة والفرح والانبهار. في البداية دخلت المبنى مع السياح وكانوا يسيرون هنا وهناك لكن بعدها هي تعمقت في دخول الدهاليز ولم تدرك أنها ظلت وحدها تستكشف المكان، سارت وهي تحلم كطبيعتها بقصص وروايات ووجدت مكان واسع كالحجرة وقد أضيء المكان بالفوانيس الكحولية ليضفي جو من القرون الوسطى رائع بحيث يأخذك خيالك إلى تلك الحقبة من الزمن... وهناك وجدت غالية صور محفورة على الجدران ومكان لوضع جرة الماء ومكان للجلوس كله من الحجر وقد تناثرت أغراض بسيطة هنا وهناك وكأنها حجرة كانت لعبد ما لم تتعد أغراضه إلا عدة أشياء.. فصارت تقلبها وأرادت تصوير هذه الحجرة فتفقدت حقيبتها فإذا بها ليست معها ففزعت وتذكرت بأنها نسيتها في سيارة التاكسي فضاق صدرها فإن كل معلومات العودة للفندق وأرقام الاتصالات بتلك الحقيبة ثم شعرت إنها أضلت أصلاً طريق الخروج من هذه الدهاليز ، نظرت لساعتها فأدركت إنها قد قضت ساعات هنا في هذا المبنى مما يعني أنها بعيدة جداً عن المخرج فطفرت دموع الخوف لعينيها الزمردتين وتوجهت نحو الممر الطويل وما أن استدارت حتى وجدت أمامها آخر شخص تتوقع أن تراه
" عزيز!!"
" حبيبتي غالية!!"
لم تسأله كيف وصل أو أي صدفة جمعتهم في هذا المكان أو ما أروع هذه المفاجأة فقط لجأت إليه كعادتها عندما تشعر بالخوف وقالت باكية
" عزيز لقد تهت ولا أعرف الخروج من هذا المبنى وأيضاً لقد نسيت حقيبتي ولا اعرف كيف أعود للفندق وأنا لم اخبر السيدة ثناء إني هنا وبهذا لن تعرف أين اختفيت أنا وقد تتصل بماما وعندها .."
فتقدم منها عزيز ببطيء يخشى عليها من الخوف منه أيضاً وقال لها بحنو بالغ
" ما بك يا عمري.. اهدئي قليلاً ودعيني افهم... أنا معك لا تخشي شيئاً.. سأعيدك بنفسي للفندق يا غالية.. اهدئي حبيبتي "
فأخفت وجهها بيديها وأجهشت بالبكاء وكأنها تريد التخلص من هذا الضيق الذي كان يثقل صدرها وقد تأثرت جدا بصوت حبيبها الرائع بحنانه البالغ.. فأمسك بهدوء بكتفها وبحذر لأنه يعرفها لا تحب أن يلمسها أحد وصار يحثها على السير داخل الحجرة وأجلسها على الحجر وقال لها
" اهدئي يا عمري.. أنا بقربك.. بالله كيف وصلتي هنا؟؟ والله بقيت في حيرة من أمري عندما وجدت إن عنوان رسالتك الأخيرة من بريطانيا وقلقت عليك جداً.. هل أنت بخير حياتي؟"
نظر إليها بقلق ظناً منه إنها أتت هنا للعلاج وأراد أن يتأكد من صحتها بالنظر لوجهها الحبيب فهزت رأسها بنعم بعد أن ضمت كف بكف ووضعتها على حجرها
" غالية يا غالية بالله أخبريني كيف وصلتي هنا"
" هل ستوصلني للفندق بحق عزيز .. قل أرجوك"
فضحك بمرح على سؤالها المضطرب هذا .. يا الله كم يحب هذه الفتاة ، تجهم وجهها وبان الغضب عليها كعادتها عندما تجده يضحك على اضطرابها
" لم تضحك ها؟"
" سعادة يا عمري .. سعادة برؤيتك وبسماعك وبقربك هذا .. ممنوع؟؟ "
عندها أشرق وجهها بابتسامة عريضة وهي تتذكر حديثهما معاً ساعات الوصال وكيف انه يردد دوماً هذه الجملة " سعادة يا عمري.. ممنوع؟" .. كم تحبه
" عزيز"
" عيون عزيز"
" والله غير مصدقة لحد الآن إنك قربي .. بالله هل أنا أحلم "
" إن كنت تحلمين فأعلمي إني وردني نفس الحلم .. لا يا حبيبتي إنك لا تحلمين .. أخبريني فقط ما الذي أتى بك إلى هنا؟ وأنتِ دوماً تخبريني بصعوبة الخروج من البلاد .. ولم لم تخبريني وتعرفين بأني أستطيع الطيران إليك كي نلتقي ونحقق حلمنا الغالي "
" خفت يا روحي أن يكون ظرفك صعب جداً فتترك كل شيء وتأتي لأنك مجنون فتخاصمك عائلتك "
" يا حياتي كم أحبك"
" وأنا أيضاً"
" وأنتِ ماذا؟"
كان يشاكسها لأنه يعرف أنها تخجل من نطقها وتطفق تكتبها ألف مرة بأنها تحبه أكثر وبهذا نظرت إليه وقد أدركت مشاكسته فقالت هي تشاكسه أكثر
" وأنا أريد قتلك"
فأنفجر ضاحكاً
" كل هذا حب !! ما أروعكِ"
نهضت هي قائلة
" عزيز دعنا نخرج من هنا أرجوك .. وبعد أن توصلني للفندق أعدك بأن نلتقي غداً وأحدثك بكل شيء "
" حاضر"
وللحديث بقية
أختكم
السامقة
حنين محمد
|