كاتب الموضوع :
Disckoooooo
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
الفصل السابع
7- أحــزانــ عــنــد شــاطئـــ البحــــر...
تركته يقود السيارة في طريق العودة، ورضيت بالجلوس بجانبه فيما السرور يغمرها. قال:هذا يمنحني فرصة لزيارة " مخالب" واسرتها. والفضول يتملكني لرؤيتها بعد ان وضعت.
ما ان وصلت جينيفر الى بيتها حتى اندفعت الى صندوق القطط. ولكن لم تجد اي منها من بيتها.
ناداها ستيفن وهو يتلقط قطيطة من خلف الاريكة: هذه واحد هنا، واخرى هناك.منتديات ليلاس
فضحكت:" ما دامت القطيطيات خرجت من الصندوق فلت اعرف كيف اعثر عليها ابدا."
وبرزت مخالب من المطبخ وانضمت اليهما في البحث. وسرعان ما عادت القطيطيات جميعا الى بيتها. فأعد لها ستيفن حليبا ساخنا. وقهوة له ولجينيفر. ومالبثت جينيفر ان شعرت بأنها هي نفسها قطة، قطة راضية قانعه وهي تتمطى وتشعر بالغبطة وكأن كل شيء في العالم على مايرام.
قال ستيفن:" بالمناسبة، لقد نسينا شيئا.
-احقا؟
-مارتسون . اردت معرفة كل شيء عنه لكننا لم تنحدث عنه... على الاطلاق..
صدمت وهي تتذكر انها لم تكن تريد الخروج مع ستيفن ليري الا لتوقفه عند حده ولتحد من غطرسته... بدا لها ذلك امرا سخيفا وعبث تلميذة صغيرة.. لقد علمت الليلة اشياء ضاعفت من اهتمامها به وتركته يتغلغل الى اعماقها ليلامس مشاعر ماكانت لتسمح لاحد بالاطلاع عليها . اما الان فلم تعد تريد ان تعلمه درسا.
سألها:" اتريدين التحدث عن ذلك الان؟"
فردت متعلثمة : لا، لا، في وقت اخر. انه ليس مهما.
فأجابها وهو يأخذها من بين ذراعيه:" لا ، ليس مهما.
بدأت تشعر بالخوف منه... مع انها لطالما اشتاقت لهذه اللحظة....
فقد بات في نظرها ادمانا سيئا وخطرا... ولكن من المستحيل مقاومته ستدفعه عنها في المرة القادمة, لكنها الليلة, يجب ان تعانقه بكل لهفة وحرارة... هذه المرة فقط.
ولكن، كما هي حال كل المدمنين، لاوجود لشيء اسمه (هذه المره فقط). عناق واحد اصبح اخر ثم اخر ثم عناقا لانهاية له.
تمتم يقول:" اريدك، واريدك ان تريديني".
-انك تعلم انني... لا ادري... ياستيفن...
لكن الكلمات تبخرت في الهواء. كان ذهنها مليئا بصور ستيفن كما رأته في بداية المساء، بعضلاته القوية وكتفيه العريضين . لقد تملكها الشوق الى عناقه منذ تلك اللحظة.
رأت عينيه المثقلتين بالعاطفة تنظران اليها بشكل غريب مرتبك . ثم قال بصوت اجش: انت دوما اجمل مما اتذكر.
ادركت انه سيصعب عليهما التوقف عند هذا الحد. فهي تندفع بطيش ورعونه تقودها مشاعر تغمر كل كيانها، ومع ذلك...
كانت الكلمات التي صدرت عنها آخر ماتوقعت التفوه به:
-ستيفن... ستيفن لا...
احست بالجهد الذي بذله ليتحكم في نفسه ثم قال بصوت مزقه التوتر:
"ماذا جينيفر؟ ماذا حدث؟"
-لا ادري... لقد حدث كل شيء بسرعة.... لست مستعدة لهذا الامر....
انكمشت امام ثورته المفاجئة. كان وجهه بالغ الشحوب لكنه تمكن من السيطرة على نفسه.
تركها ببطء وألم. وحالما ابتعدت عنه، اشاح بوجهه وهو يرتب شعره باصابعه.
قال بذهن شارد:" آسف."
ادهشها قوله كصدمة انفجرت في رأسا... ستيفن ليري يعتذر؟ يبدو وكأن الكواكب توقفت عن الدوران
قالت مرتبكة:" الذنب ذنبي فأنا لا اعرف ماذا افعل."
-لندع هذا الجدال العقيم، لا اظنني اتحمل هذا حاليا.
وضحك متوترا:" ليس من عادتي ان اخطئ في تقدير الاشياء الى هذا الحد."
فقالت متعلثمة:" لست المذنب.... بل انا... انا التي غيرت رأيي... لا ادري لماذا.."
-سأذهب الان إذا شئت..
-نعم... الافضل ان تذهب.
تمنت لو تدعوه للبقاء، لكن لا! عليها الا تقوم بذلك . بعد لحظة سيكون خارج البيت وتنتهي علاقتهما وهذه المره ... الى الابد!."
واذا برنين الباب يجفلهما فأخذا ينظران متسائلين، ثم تمالكت جينيفر نفسها وفتحت الباب فظهر رجل وامرأه في الاربعينات من العمر، ومعهما فتاة في حوالي العاشرة.
قالت المرأة:" نأسف لازعاجكما في مثل هذه الساعة. اتصلنا بك مرات كثيرة هذا المساء لكننا لم نجدك. ينبغي ان تكون "يربندا" في فراشها منذ ساعات... لكننا لم نستطع ان نكسر قلبها مادام هناك امل في استعادة" ثلجية"
سألتها جينيفر وقلبها يهبط"ثلجية؟"
ففسرت الفتاة:" ان مخالبها بيضاء كالثلج رغم انها سوداء برمتها".
ثم اشرق وجهها بابتسامة مبتهجة وهي تصيح:"ثلجية!
واندفعت الى الداخل تحتضن " مخالب" التي هرعت نحوها هي الاخرى.
وبابتسامة منكسره، ادخلت جينيفر الوالدين.
جرى تعارف سريع. كان السيد والسيدة " كرانمر" مسلحين بصور عائلية تظهر القطة " مخالب " او " ثلجية" بين ذراعي فتاة, مامن شك....
انهم اصحاب القطة الاصليين! وما ان كتشفت الصغيرة بريندا القطيطيات الاربع حتى احتضنتها بسعادة غامرة.
قالت السيدة كرانمر:" اننا نعيش على بعد اربعة شوراع من هنا. وقد اخبرنا احد جيراننا ان شخصا ما في هذه المنطقة قد آوى في بيته قطة سوداء ذات مخالب بيضاء... لكنه لم يكن واثقا من اسمه فرحنا نطرق الابواب في جميع الانحاء حتى اخبرنا البعض عنك. الحمدلله انها كانت آمنة معك"
قال السيد كرانمر:" اسمحي لنا ان نسدد اجرة البيطري."
فأجابت جينيفر:" لقد وصل البيطري بعد الوضع لكن ستيفن قام بكل شيء."
حول اكواب من القهوة تحدثا عن قصة تلك الليلة وضحكوا كثيرا. لكن ستيفن لاحظ ان ابتسامة جينيفر كانت مصطنعة نوعا ما. تلاقت اعينهما فبدت عيناه مليئتين بالعطف والتفهم.
عندما حان وقت انصراف الزائرين، قفزت "ثلجية" الى حضن جينيفر واخذت تلامسها برأسها وهي تموء مواء لطيفا.
قالت بريندا :" انها تشكرك... انها تحبك."
فردت جينيفر بصوت ابح:" وانا ايضا احبها، وانا سعيدة جدا لانها عثرت على اسرتها."
فقالت بريندا:" لكنك ستكونين وحدك . اتريدين واحده من قطيطاتها."
ورفعت الذكر الذي كان لونه يماثل لون ثلجية تقريبا وهي تقول:"سأحضره اليك عندما يستطيع ان يستغني عن امه.
هزت جينيفر رأسها مكرهه:" اود ذلك من كل قلبي. ولكن ليس من العدل ان اتركه وحده في البيت بينما انا اعمل طوال النهار. كان الامر متخلفا مع مخا.. ثلجية . فهذا المكان افضل لها من الشارع لكن لهذا الصغير خيارات افضل."
سألتها بريندا:" الاتريدينه؟"
-نعم ، اريده طبعا.ولكن...
وتهدج صوتها فقالت السيدة كرانمر برقة:" اننا نتفهم ذلك."
نظر اليها ستيفن وهي تقفل الباب خلفهم، فرأى كيف انحنت كتفاها لم تلتفت اليه بل ذهبت سريعا الى المطبخ.
استدعى ستيفن سيارة اجرة. كان يمسك بالهاتف وانتباهه منصب على الطبخ. وسمع صوتها وهي تنفخ انفها في منديلها.
وحين عادت قال لها :"سيصل التاكسي بعد دقيقتين."
-هذا حسن.
قالت ذلك بابتسامة مشرقة لكنه علم ان ابتسامتها سرعان ماتخبو حالما يخرج... وتعود الى وحدتها... من دون قطط... من دون دايفيد، من دونه هو، من دون احد. وادمى ذلك قلبه. اندفعت من بين شفتيه كلمات عفوية:"اقضي نهار الغد معي جينيفر.
اجابت متعلثمة:" لدي... لدي اجتماعات طوال النهار."
-الغيها. خذي يوم اجازة وتعالي معي الى شاطئ البحر.
-شاطئ البحر؟
قالت ذلك وهي لاتصدق ماتسمع.
-اريد ان اخذك الى هانتلي واريك مكان نشأتي. دعينا نصاب بالجنون.
-آه، نعم. فلنصب بالجنون!
قالت ذلك ببهجة بالغة وكأنها صبية صغيرة.
-سأقلك عند الثامنة من صباح غد. لاتتأخري. تصبحين على خير.
بعد ذهابه . اخذت جينيفر تذرع ارض الغرفة باضطراب، وهي تحاول تنظيم افكارها....
لماذا تملكها الذعر؟ ربما لان الشوق الى ستيفن حين يجتاحها يصبح اقوى منها، ويمزق الحياة المستقرة التي لطالما انتظرتها منذ وقت طويل، منذ كانت صبية صغيرة وحيدة مهجورة.
في صباح اليوم التالي، لم تكن متأكدة من حضوره. ولكن في الثامنة الا خمس دقائق سمعت طرقات على بابها. فتحته واذا بها تجد رجلا كادت الا تعرفه . ستيفن ليري في قميص ملون تزينه مربعات، ومن دون ربطة عنق، يبتسم كصبي متشوق الى نزهة ممتعه.
كانت هي ايضا ترتدي بنطلونا وقميصا تبني اللون ماكانت لترتديهما للعمل... وقد عقدت وشاحا حريريا احمر حول عنقها وعلقت في كتفها حقيبة منقوشة من القماش.
سألها:"الست جاهزة بعد؟"
اجابت:"مازلت بحاجة الى عشر دقائق "
هي كلمات عادية تبادلاها، لكن وراءهما يكمن توتر.
لكنهما، على كل حال، تمكنا من تغطية التوتر ببضع كلمات عادية.
وما ان جهزت للخروج حتى قال:"ملابسك مناسبة تماما لقضاء نهار على شاطئ البحر.
-حسنا، ارجو ان يكون شاطئا حقيقا، تكسوه الرمال الذهبية وتعلوه خيمة فيها رجل يبيع الايس كريم.
-اسف لان الشاطئ مغطى بالحصى، ولكن اظن خيمة الايس كريم ما زالت هي هي.
حين انطلقت بهما السيارة، قالت جينيفر: عندما كنت صغيرة، اعتاد والداي ان يأخذانا، انا وتريفور ، الى شاطئ البحر، تلك الرحلات ماتزال شموعا مضيئة في ذاكرتي. كانت الشمس مشرقة والايس كريم لذيذا على الدوام، وانا وترايفور نتشاجر. فالرابح هو من يبني قصرا رمليا اعلى من قصر الاخر.
-اراهن على انك كنت تربحين دائما.
-ليس دوما، لكنه اعتاد على الغش.
-بمناسبة الحديث عن ترايفور، لم تعد ماود الى البيت ليلة امس...
وذلك لاول مرة. اظن علينا ان نستعد لحفلة الزفاف.
-هل انت جاد؟
-انت لاتعرفين اختي عندما تصمم على شيء . انها رهيبة.
كانت جينيفر على وشك الجدال عندما تذكرت وجه تريفور وهو يأخذ ماود بين ذراعيه. كان يبدو عليه الوله والخضوع.
سألته بشيء من الاضطراب:"هل قلت انها قررت ان تتزوجه منذ ان تعارفا؟ ولكن هل حبها ذاك حقيقي؟"
-ولماذا فكرت في الزواج منه اذن؟
-حسنا ، يحين وقت في حياة كل عارضة ازياء....
وسكتت جينيفر بلباقة. فقال سيتيفن: انها لا تتزوجه طمعا في امواله، اذا كان هذا ما تظنينه... لقد اكتسبت الكثير من المال من مهنتها. الاتؤمنين بالحب من اول نظرة؟
فسألته مجفلة:" وهل تؤمن به انت؟"
-انني اؤمن بشيء ما من اول نظرة. اما الحب... ترى ماود في هذه الكلمة معان عميقة اما انا فأظنها تكسب معنى جديدا في قلب كل انسان.
-لا اظنك تعلم ما تعرفه ماود عن هذه الكلمة. من الواضح انها اكتشفت في تريفور شيئا خفي عنا نحن. ربما هي البصيرة الغريزية التي يسمونها الحب. فالمحبون يمنحنون الشخص الاخر كل ثقتهم ويرونه على حقيقته عاريا عن كل زيف. ان اختبرا ذلك فأنا احسدهما.
-ولكنك عرفت ذلك مع دايفيد.
-وانا ودايفيد نحب بعضنا.... لكنك تعلم ان الامر ليس بهذه البساطة... وهو لايخلو من تعقيدات، كما هو الحال مع ترايفور وماود.
قال بلطف:" ان كانت فيه تعقيدات، فلعله ليس حبا على الاطلاق"
-لن اتخلى عن حبه لاننا نواجه بعض الصعوبات، فلكل المحبين مشاكل. لكننا سوف نتخلص منها. هل مازلت"هانتلي" بعيده؟
اجاب وقد تقبل تغيير الموضوع.
-مازال امامنا ستون ميلا. انه مكان صغير او هكذا كان عندما رأيته آخر مرة. ليس مكانا مفضلا لاجازات الاسرة فالحصى تغطي الشاطئ بأكمله.... لذلك بقي هادئا. فاصبح ملاذا يقضي فيه كبار السن فترة تقاعدهم. في صغري كنت اراه مكانا هامدا بلا حياة ، لكنني بلغت سنا قدرت فيه جوه المسالم الهادئ.
اخذت تحدق الى يديه القويتين على عجلة القيادة. كانتا امس تضمانها اليه بعاطفة محمومة، ومع هذا رفضته . اتراها مجنونة؟
بعد فترة قصيرة ،لفحها الهواء المالح، فادركت انهما اقتربا من البحر.
صرخت كفتاة صغيرة:" هاقد وصلنا. لقد لمحته من خلال الاشجار" كانت المياه تتألق تحت اشعة الشمس. فتملكتها تلك البهجة القديمة.
وسرعان ماظهر البحر لعينيها، ولمدة اطول هذه المره. واخيرا اصبحا على الطريق الساحليوالشاطئ بمحاذاة الطريق.
وقعا على مطعم جيد يقدم الاطعمة البحريه، فجلسا قرب النافذه يستمتعان بالمناظر. قال : ارى هنا ناس اكثر مما اتذكر. اصبحت "هانتلي" اكثر ازدهارا. هذا من حسن حظ "دان ماركام"
-ومن هو دان ماركام؟
-انه صاحب المتجر الذي عند الزاويه. هناك عملت للمره الاولى، كموزع صحف على البيوت. مازلت ارتجف كلما تذكرت كيف كنت انهض في السادسة صباحا ايام الشتاء الباردة. لكنه كان دوما يعطيني شرابا ساخنا قبل ان ابدأ عملي، وايضا بعد عودتي. كان رجلا طيبا.
لم تسمعه جينيفر يتحدث بهذه الحرارة عن اي شخص من قبل ، فقالت لكي تبقى على رقة مزاجه هذه: حدثني عنه اكثر.
-كان اشبه "ببايا نويل" بلحيته الكبيرة والغمزة في عينيه. وكان كريما الى حد الطيش. فلطالما دفع لي اكثر من الاجر المعتاد. ورفع اجري عندما ماتت امي.
قالت باسمة:" ياله من رجل اعمال ردئ."
-وفظيع. كان يدين الزبائن، ثم لا يلبث ان يمحو الدين لانه يظنهم فقراء.
-شيء مخيف. اظنك القيت عليه محاضرة في الكفاءة والتدبير.
-لقد فعلت ذلك . مازلت اسمع نفسي الان. وانا في الرابعة عشرة من عمري، واقول: انك تفقد بذلك الحد لادنى للربح، ياسيد ماركام. فنظر الى بجمود، قائلا:" لا اعرف ماهو الحد الادنى يافتى... انا فقط اشتري وابيع." عندما كانت زوجته حية، اهتمت
هي بالحسابات، وبعد فترة استلمتها انا. حينذاك اكتشفت كم استفادت امي من احسانه.
انهى كلامه بجفاء... وقد اظلمت عيناه، وكأن مازال يتألم للذكرى.
قالت جينيفر:" لابد انك سددت كل قرش."
نظر اليها فجأة مجفلا:" هل انا شفاف الى هذا الحد؟"
-حسنا، اظنني بدأت اعرفك قليلا.
-نعم. اظن ذلك. لقد جمعت ما كنا مدينين له به، ثم رفضت ان اتقاضى اجري منه حتى سددت ديني، كل شيء، لقد قامت بيني وبينه مشاحنات رهيبة لاجل هذا الامر. لكنني انتصرت.
تمتمت تقول:"طبعا."
-اعدت له نقوده. ثم حاولت ان اعلمه درسا في التجارة لكنني لم استطع ذلك قط. لقد تراجعت احوال المتجر لسنوات، لكنه لم يفهم السبب.
اخذت جينيفر تنظر اليه وقد سلبها عقلها. ان لستيفن ليري قلبا. ليس عاطفيا ولاويذوب شفقه، وانما هو عضو صلب قوي يتصرف بغرابة لكنه صالح ونزيه، ورقيق ايضا. كان قلبا تزداد رغبتها في معرفته، وربما في تملكه ايضا.
سألته:"هل فقد متجره في النهاية؟"
-تقريبا . من حسن الحظ ان شخصا ماتدخل وانقذه من المستنقع.
-هل من جائزة لمن يتكهن باسم ذلك الشخص؟
بعد لحظة بدت على وجهه ابتسامة عريضة يخالطها بعض الخجل:" نعم ، لابأس. انا ذلك الرجل. صادف ان مررت بالقرب من هانتلي منذ سنوات قليلة، فذهبت لاراه، كان مرغما على ترك المحل. وبما انني رجل احب دفع ديوني، فقد منحته قرضا."
-وهل استطاع تسديده؟
هز راسه ضاحكا:" كان علي ان امحوه. فالتعامل على الورق شيء مزعج."
-تختلق اعذارا. انت شغوف به... انه مجرد ضعف بشري.
-لا اعاني من اي ضعف بشري، فلست من النوع الودود على كل حال
-قد يكون "لمخالب" رأي مخالف بهذا الشأن.
-ساعدت القطة تلك الليلة لاحول دون اصابتك بانهيار عصبي فقط لا غير.
-انك مخادع، فوراء هذا المظهر الفولاذي...
قاطعها:"يخفق قلب من فولاذ، لا تنسبي الي مزايا تذوب رقه .كنت مدينا لذلك العجوز. هذا كل مافي الامر."
-كما تشاء!
وعندما عادا لمتابعة الرحلة، دخلا الارض الزراعيه فترة عادا بعدها فجأة الى الطريق الساحلي.
قال ستيفن:" المباني السكنية هذه الجديدة. يالها من شقق قبيحة."
تابعت جينيفر نظراته نحو الافق، فأبصرت معدات ضخمة بين المباني كما تناهت اليها موسيقى صاخبة.. ولمحت اضواء متألقه.
قال ستيفن متأوها:" تلك المباني الوحشية جديده، يبدو وكأن المقاولين قد دخلو المكان."
وفيما هما يقتربان من "هانتلي" توضحت لهما اثار المقاولين الهمجية... فالابنية العصريه تنتشر في كل مكان، والمتاجر المضاءة متناثرة في اماكن النزهه. كما اصبحت المدينة الصغيرة مزدحمة بالناس.
قال بقلب مثقل:" ليس هذا المكان الذي عرفته، ولكن لماذا يوافد الناس الى هنا فجأة؟"
وبعد دقائق جاءهما الجواب حين شاهدا الكازينو الضخم.
قال البواب:" انه يجذبهم من مسافة اميال.. يبقى مفتوحا على مدار الساعة. والاطفال شغوفون به."
فقال ستيفن بذعر:" اراهن على انهم كذلك"
فذكرته جينيفر:" انه استثمار جيد.."
فرد ببطء دون سخرية:" ليس بالنسبة الي. كل ما ارجوه هو ان يستفيد "دان العجوز من هذا."
اخذ يفتش عن متجر الزاويه. وشعرت جينيفر بالارتياح وهي ترى متجرا متألقا يحمل اسم :" وكالة صحف ماركام."
قال ستيفن بارتياح:" لقد نجح اخيرا."
-الفضل لك.
امسك بيدها واخذا يركضان الى الداخل وهو يقول:" فلندخل ونفاجئه كان شاب يقف خلف منضدة الاستقبال، فسألهما باسما برقة :" امن خدمة ، ياسيدي؟"
فسأله ستيفن:" هل دان ماركام هنا؟"
-دان...؟آه، اتعني العجوز ماركام. اظنه سافر الى كند!"
سأله ستيفن بذعر:" اتعني انه ذهب في اجازة؟"
-كلا لقد باع المحل.
-باع المحل؟ لكن الاسم....
-آه، نعم ... لم يتغير اسم المحل لان الناس جميعا يعرفونه. لكن الواقع انه الان ملك لاصحاب سلسلة من المحلات... وقد اشتروه من دان ماركام.
سأله ستيفن عابسا:" اتعني انهم اخرجوه بالقوة؟"
-لم يحتاجو الى ذلك. فقد كان متلهفا للبيع بعد ان تنازل له دائنه عن الدين... لقد انخدع الاحمق به... وبعد ذلك الاسبوع باع دان هذا المحل، قائلا انه يريد ان يأخذ المال ويهرب.
قال ستيفن ببطء:" فهمت... نعم فهمت."
ثم خرج من المتجر ببطء وتبعته جينيفر. كان وجهه شاحبا وكأنما تلقى صدمة، واكتشفت انها تأسف لاجله.
حاولت ان تتأبط ذراعه.لم يسحب ذراعه منها . ولكنه لم يساعدها على ذلك. كان يسير في الشارع منكس الرأس متهجم الوجه، وقد بدا ضائعا في عالم من الغضب.
سألته بحنان:" انه امر يهمك، اليس كذلك؟"
-نعم يهمني... لا ادري لماذا ولكن... نعم يهمني كثيرا."
استرخت ذراعه اكثر فأمسكت بها جيدا وهي تقول:" دعنا نتنزه سيرا على الاقدام."
عبرا الشارع ونزلا الى الشاطئ. وجدا بعض السايحين، لكنهم كانوا نادرين. فهذه الايام يأتي الناس الى هانتلي للمقامرة والتسلية الصاخبة. اما فردوس الهدوء والسكينة النفسية التي لطالماعاشت في ذهن ستيفن فقد تلاشت الى الابد.
انعطفا عند رأس بحري الى ان وصلا الى خليج صغير ، مقفر. وقف ستيفن فجأة، ثم امسك بقبضة من الحصى واخذ يقذف بها بعنف الى الماء...
وكأنه يرمي معها مشاعره كلها.
قال بمرارة وهو يستعيد كلام ذلك الرجل.
-بعد ان انخدع به... اي بعد ان خدعني!
-لماذا يهمك امره الى هذا الحد؟
-بعد ذلك بأسبوع! لابد وانه كان مصمما على البيع! لقد استغلني!
-يبدو وكأنه تعلم اخيرا شيئا منك.!
نظر اليها مشكرا، لكنه بعد لحظة، لف ذراعه حول كتفيها بينما وضعت هي ذراعها حول خصره واخذ يسيران صامتين..بقيا على تلك الحال وقتا طويلا... لكنها رضيت بهذا القدر. مر الوقت بسرعة، فأدركت انهما قطعا مسافة طويلة. اصبحت المدينة خلفهما اما هما فأصبحا وحيدين على الشاطئ لارقيب لهما... سوى الامواج.
القت ذراعيها حول عنقه ونظرت الى وجهه وهي تقول برقة: لاتتألم
لكنه كان يتألم . والاسوأ انه ليس معتادا على الالم الذي يتبع الصحوة من دنيا الخيال، ولايعرف كيف يواجه ذلك. غمرتها موجه من الحنان والارتباك والقلق. فهذا ماكانت تشعر به نحو دايفيد.. انه شيء يشبه الحب الى حد خطير، وهي التي عاهدت نفسها الاتقع في حب ستيفن ليري ابدا.
وازداد اضطرابها حين سمعته يقول: انا مسرور لانك كنت الى جانبي عندما اكتشفت الامر.سمعت صدى صوت اخر، صوت رجل اخر، ضعيف قلق، يقول كلمات مماثلة في زمن اخر لكن الصدى سرعان ما تبدد
جذبها ستيفن نحوه ، لا ليعانقها ولكن ليشبث بها وكأنه يلتمس منها السلوان. بادلته العناق بعنق، وهي تتلهف لان تحمل عنه همومه.
واخيرا قال متنهدا بأسى:" لابأس. لقد تحسن مزاجي الان. آسف لانني ابتعدت كل هذه المسافة.
-لابأس، ولكننا سنعود الى سيارتنا بالحافلة، فأنا مرهقه.
-هيا لنخرج من هاتتلي الى الابد.. لن يهمني ان ارى هذا المكان بعد الان.منتديات ليلاس
|