المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
الطريق الى الجنة يبدأ من بغداد
الجنة تبدأ من بغداد منتدى ليلاس الثقافي
الملوك لهم الحكم والسلطان أما الفقراء فلهم الله
بقلم عبد الكريم الريعى
قرص الشمس بدأ يزحف مزيلا عتمة الليل وفاردا نور الصباح على الحي الصغير الهادئ من أحياء بغداد وفى بيت من بيوت الحي الفقير حيدر الشاب الأسمر بسمرة هذه الأرض حيدر ينهض مبكرا وينطلق مسرعا وهو يرتدى ملابسه على عجل في محاولة لمسابقة الوقت تطلب منه أمه التمهل حتى تناول الريوج أو الإفطار فيقبل يدها معتذرا فلا وقت لديه فهو سيمر على صديقه عمر زميله في العمل وجاره في الحي ورفيقه في الحياة وقبل أن يهم حيدر بالخروج نظر هنيهة إلى فناء المنزل نظر إلى أخويه القاسم وعبد الله إنهما يمرحان بمنتهى الطفولة انه يريد لهذه الطفولة إن تعيش حياة كريمة وان ينالان حقوقهما في التعليم وحياة كريمة أفضل من هذه الحياة التي يحياها حيث الكبد والتعب ومرارة الأيام اتجه إلى أخويه وودعهما وقبل كل منهما على وجنتيه الصغيرتين قبل التوجه إلى العمل الذي تحصل عليه
بشق الأنفس يبتسم عبد الله مشيرا إلى أخيه الأكبر بان لاينسى الحلوىالذى يحبها أن ابتسامته هي الحياة نفسها لكم ألح عليه أبوه أن يرسلهما أو احدهما إلى العمل الاان حيدر كان يرفض بشدة لايمكن أن يسمح لنفسه بان يكون شريكا في هذه الجريمة لايمكن لنا أن نغتال المستقبل كما اغتلنا منهم الماضي وطارحناهم في طرقات مجهول الحاضر لذلك فانه
يعمل ليل نهار يكابد الأمرين يصارع الزمن والفقر في بلد تفيض أنهاره لبنا وعسلا إلا أن هناك من عكر اللبن ومرر العسل في فهم حيدر ومن هم في مثل سنه من سكان الحي الفقير حي يسكن أهله في بيوت قديمة بالكاد تقيهم لهيب الشمس وبرد الشتاء حيث تملاء أراضيه بحيرات من المياه الأسنة تعودت على سكان الحي وتعود سكان الحي عليها
باختصار أيها السادة نحن نتحدث عن الفئة المنسية لمهمشة طواها النسيان وأسقطها الخليفة من حساباته فهم من المغضوب عليهم لم ينعموا أبدا بخير الخليفة ولم يتقلبوا في خيره ولم يروا منه الاسيف المتوكل لم يروا ذهبه إنهم أبناء الصمت والعجز وقلة الحيلة ونار تخبوا تحت الرماد الحقيقة لم يشغل حيدر نفسه كثيرا بأمور الحكم والسلطان لالان الأمر برمته لايعنيه او أن شئن هذه البلاد السعيدة لاتخصه بل لان التفكير في هذه الأمور والبحث عن نظريات تملاء الكتب يحتاج إلى بطون مشبعة وبالنسبة لحيدر ومن هم في مثل ظروفهم لايملكون ترف التفكير في هذه الأشياء انه ترف لا يقدر عليه سوى من يملكون مقومات الحياة في تلك البلاد السعيدة
إنهم حاشية الخليفة وصفوة القوم هؤلاء ملاك الضيعة الكبيرة التي أسموها وطنا كانوا موجودين في السابق ومازالوا يحيون تحت ظل خليفة الزمان .خرج الفتى حيدر إلى دار صديقه عمر ليتجهان سويا إلى عمليهما كل يوم تدور عجلة الحياة على نفس الوتيرة صراع من أجل البقاء والسعي وراء لقمة العيش الممزوجة بالدماء والدموع وصبر الأولياء وع ذالك فان الحي الفقير ينعم بسعادة لا تعرفها أفخم القصور التي أشبعت الحقد والضغينة وجو النفاق الذي يملا المكان من اجل إرضاء خليفة الزمان العجوز صاحب الحل والسلطان هناك ترى هناك وجوه من خشب لا روح فيها أما هنا فأبناء الحي الواحد يفخرون بالحب والدفء العائلي وروح المحبة التي تخيم على الجميع رغم فقرهم فإنهم شوامخ كالجبال فالكل يذكر الكرمة القديمة واستكانة الشاي وروايات الحجى أبو احمد والنار تعانق الوجوه لتبعث فيها دفء ومحبة الناس بعضهم لبعض
والمودة التي تطل من أعينهم المنهكة وراء لقمة العيش وسارت الايام بالحى هكذا لم يعكر صفو حياته شئ سوى هذا الوافد الجديد جاء وسكن وسط الحى وقد علم اهل الحى بان الوافد الجديد غريب عن بلاد النهرين واسمه الشيخ حرملة انه يحمل بشرة مختلفة ورائحة تعرفها ويعرفها كل من يقراء التاريخ وله عينان قدتا من صخر وقلب من حجر هكذا على الأقل رآه كل من حيدر وعمر عندما جاء حرملة جاء بوجه بشوش يوزع البسمات هنا وهناك جاء ليسكن هنا بين الحي القديم بأمر خليفة الزمان فالخليفة أم الله عزه وأبقى الخلافة في عقبه وعقب أبناءه إلى يوم الدين أمر لحرملة ببيت في الحي الفقير وعاش حرملة بين الناس وهو يحمل صفة رجل الدين والتاجر المؤمن صاحب الأيادي البيضاء على فقراء البلاد فهو يسكن في بيت من طين كأهل الحي عاش بينهم وهو يحمل على وجهه علامات الزهد والتقوى بينما كان يخفى قلبه شئ أخر ولأننا شعب مشهور بالطيبة التي تصل بصاحبها إلى درجة البلاهة فلم يرفض أهل الحي سكن هذا الرجل لصالح بينهم أن الكرم الذي يتمتع به أهل الحي كان بلا حدود مع الوافد الجديد مما أتاح له حرية الحركة فنطلق يؤسس قاعدة انطلاق لنفسه من خلال سلاح المال الذي تحرك في جنبات الحي فهنا زاوية للصلاة وهناك مركز تحفيظ قران وليس هذا فقط فالرجل كان يجلس مع شباب القرية بعد صلاة العشاء يتكلمون طويلا في ما يجرى حولهم من أمور الدنيا والمجتمع لم يكن احد في القرية إلا وحرملة يتواصل معه حتى مسيحيي القرية وعلى قلة عددهم وحده حيدر كان يتابع تحركات الرجل بعلامات تساؤل كبيرة حتى إن أم حيدر لامته على ذلك قائلتا له فيما معناه انه رجل صالح حرا مات عليك الكل لام الفتى على نظرات الشك التي أحاط بها الفتى الشيخ حرملة كما كان يحلو للناس مناداته لاحظ حيدر أن
شئ ما تغير في الحي وفى سلوك الناس أصبحت وجوه الشباب صلبة متحجرة تشبه تلك الوجوه الخشبية في قصور الخليفة صحيح أنها ليست نفس الوجوه لاكن الملامح منها تتقارب بعضها من بعض ذات يوم وبينما كان المؤذن ينادى لصلاة العشاء فنطلق أهل الحي الى المسجد
لاداء الصلاة فخرج حيدر وصديقه عمر لأداء الصلاة وعندما بلغوا المسجد وجدوا جمهرة حول المسجد الصغير وهمهمات تصدر وسط الضجيج المرتفع انطلق الجميع ليجدوا الحاج أحمد ومعه جاره الحاج كاظم يتبادلان الحديث مع نفر من الشباب اقتربوا منهم ماذا هناك ماذا جرى
وكانت المفاجأة عبد الرحمن ابن الحاج أحمد شيخ الحي يمنع الحاج كاظم من دخول المسجد لأداء الصلاة مما أثار غضب أبيه الحج أحمد لماذا ما السبب يا عبد الرحمن سأله حيدر أجابه بصوت يشبه الفحيح لا شئن لك بهذا وأنت أيضا لن تدخل الجامع اندفع عمر صائحا فيه ماذا تقول أيها المعتوه ما هذه الهلوسة أجابه أستاذ عمر نحن نحترمك ولن نمنعك من دخول المسجد منتدى ليلاس الثقافي
شرط أن تترك صحبة هذا الكافر مشيرا الى حيدر أترك صديقي أترك أيام الحلوة والزمن الجميل أترك من أرك نفسي انه جزء منى أحلامنا مآسينا أفراحنا "ردها هكذا لا أترك حيدر حتى تخرج روحى من الجسد البالى وأدرك حيدر أن شئ ما تغير فعلا فالالحى هو الحى ولا الناس صارت ناسه .كان حيد يسأل نفسه ما الذى تغير فبالأمس كنا نعرف عدونا خليفة الزمان أما ألان لااحد يعرف من أين ياتى الخطر وكنا وكانت البلد على شفا تغيير فقائد المغول قرر عزل الخليفة وتغيير وجه البلاد
|