المنتدى :
الارشيف
رسائل ليلية ، دموع الياسمين ..
[SIZE="4"]دموع الياسمين
رواية
دموع الياسمين
بقلم :عبد الكريم الربيعى
الليل يزحف حثيثا ليرخى ستائره السوداء على اكتاف الحى الهادئ وها انا اجلس مقاربا لنافذتى لاراقب وصول المارد الاسود رفيقنا نحن معشر الليلين اليه نبث همومنا وهو لايبخل علينا ويشركنا فى احداثه وهى احداثها مذاق مميز وخاص جدالايعرفها ويشعر بها الا عشاق الليل والسهر تحت لياليه المقمرة اراقب ارتخاءالشعر الاسود على كتف الرجل الهادئ شعور جميل دفعنى الى التفكير بالحى الصغير الذى اسكنه ظللت اتامله طويلا احاول ان اسبر اغواره افهمه افهم تلك الرابطة التى تربطنا بالارض التى نعيش عليها رابطة غريبة امومية فى اصلها الفطرى فانا مثلا تعودت على حى الساحلى الهادئ بكل مافيه افراحه احزانه حتى جيرانى وشكهم فى اسلوب حياتى تعودت عليه فلا اتصور مثلا اننى استطيع ان ابتعد عن منزلى الصغير هذا برغم اننى لست بتوتيا بطبعى لاكنى ارتبط مع هذا الحى الصغير والبيت المتواضع بعلاقة عاطفية خاصة فبحكم عملى كما تعلم فانا اسافر كثيرا لاكن مهما تجولت او تنقلت او شاهدة ياخذنى الحنين الى بيتى الصغير وحى الهادئ وركوة القهوة التى ارتشفها هنا على نفس الكرسى الذى اجلس فوقه لاراقب العالم من حولى اذكر ان صديقى اخبرنى ان كل شئ يتغير من حولنا الايام والسنين والاماكن وحتى نحن نكبرونتغير وتظل داخلنا قطرة صغيرة من الحنين الا الام والارض وماضينا القديم فيها يبدو انها مسالة تعود
يبدو ان الوقت قد اخذنى وانا اتامل المشهد من حولى ونسيت ان لدى عمل ينتظرنى فى الغد وعلى الستيقاظ مبكرانهضت متثاقلا افرد اوصالى فى تكاسل وانا اعد نفسى للنوم فغدا يوم حافل ومليئ بالمفاجئات فعملى كما تعلم فى مكان بعيد فى المدينه واحتاج الى سفر للوصول اليه كارثه حياتى تلك تمددت فوق سريرى محاولا استرضاء النوم عله يداعب اجفانى التى اعتادت السهر .
استيقظت على صوت رنين الهاتف وهو يلح على لانحى الكسل جانبا وأمد يدى لالتقط سماعته لاعرف من يطلبنى فى هذا الصباح لاجد الو انه اخى يحيى عرفتك عليه فى المرة السابقة اين انت طلبتك بالامس اخذنا الحديث لبرهة ثم انهيت المكالة وانا ارتدى ملابسى على عجل فى محاولة منى لمسابقة الوقت الذى دائما ماينهى كل محاولاتى لصالحه وعلى غير مااشتهى فترانى اهبط درجات السلم مسرعا متجها الى عملى الذى اصله متاخرا
ترجلت من سيارتى التى توقفت بى امام مبنى فخم نوعا ما انه مقر عملى قطعت الطريق الى مكتبى وانا احى الجميع كالعاده لاجد سكرتيرتى فاتن وهى ممسكة بسماعة التليفون وتتحدث مع شخص ما على الطرف الاخر من الخط ابحثوا عليه فى منزل الاسكندريه لابد من الوصول اليه قلت لها من هو الشخص ال>ى يحظى بهتمام حسناء مثلها حسناء يالها من مصيبة حسناء تزن رطلا ويزيد ارتجفت الفتاة وهى تقول من استاذ المطلوب هو انت جائنى صوت مساعدى اشرف كامل الاستاذ غالب يبحث عنك فى كل مكان يبدو انه بدء يمل من مسالة تاخيرك ياستاذ جلست على مكتبى وانا اداعب مفاتيحى لماذا الا يعلم انى اسكن فى اخر الدنيا وهو من قال انه تعود على ذالك الم يخبره تعالى رنين الهاتف
وانا اسمع صوت رئيس مجلس الدارة وهو يقول اين انت ياستاذ كل مرة تاخير بدئت اتململ فى مكانى من حديث كل يوم ثم قاطعته اين انت فى مكتبك اجابنى بان نعم فوضعت سماعة الهاتف وقلت لاشرف ساصعد لارى ماذا يريد وانت راجع التقارير الواردة حتى اعود ضحك الفتى وهو يقول اعانك الله
فعلا هى دعوة احتاجها بشدة خصوصا مع غالب وصلت الى الدور العلوى لمكتب غالب ودلفت المكتب قائلا للسكرتيرة
اين الستاذ موجود ياستاذصبرى تفضل لم انتظرها تكمل الكلام
دخلت الى المكتب ولاجده جالسا خلف مكتبه كائن كروى ببطن ممتلائة يذكرك بنظرية كروية الارض ماذا هناك علمت انك تبحث عنى لعل الامر خير اسمع ياكريم انت تعرفنى انا من
صنع سمعة لهذه المؤسسة بعدما تسلمتها خربة غالب قاطعته
قائلا اعرف ماستقول انت تبحث عنى هناك امر معين مطلوب منى اجاب ايجب ان يكون بيننا امر معين لاطلبك قاطعته ثانيتا
غالب ساذكرك باننى لست موظف صغير انا رئيس تحرير هذه الجريدة وليس من الجيد ابدا ان تتعامل معى وكانك تتعامل مع سكرتيرك وان بيننا اتفاق منذ البدايه تراجع بسلرعة قائلا مهلا هدء من روعك ما قصدته انى احتاج اليك ولا اجدك عندما يتطلب الامر ذالك ثم ثم نحن اصدقاء قبل كل شئ اليس صحيحا
اجبته نعم صحيح حسنا ماذا هناك ماهو الخطب الجلل الذى استدعى ان تبحث عنى بكل وسائل البوليسية جلس خلف مكتبه مكتب باريس انت تعرف المشاكل التى يواجهها التقارير التى تاتى من هناك تظهر انخفاضا فى المبيعات بشكل ملحوظ
وهناك العديد من المشاكل التى تواجه مديره تابعت وبعد قال وهو يستدير بتجاهى لقد فكرت ان انسب من يحل هذه المشكله هو انت اجبته تعنى ان اسافر الى باريس قال تمام هذا ماعنيته قلت له وعملى هنا قال الاستاذ رضا يحل محلك انت لن تمكث طويلا هناك كل مافى الامر فترة زمنيه محدده الى ان يتم اصلاح الاوضاع هناك وتعود مع تفويضك كافة الصلحيات للتصرف الكامل دون الرجوع الى مجلس الادارة مارأيك فرصة اليس كذالك قلت له هى ليست بهذا المعنى دعنى افكر انت تعرف اننى لا يمكن ان ابقى خاج البلدلفترة طويله قاطعنى قائلا عزيزى هذا كلام لايقوله صحفى صغير فما بالك وانت صحفى كبير ولك اسمك وبدئت وصلات المدح والترغيب حسنا ايها اللعين يبدو اننى مضطر لكى اقبل متى السفر بعد ثلاثة ايام الوضع حرج ويجب ان نسرع بمعاجتها منذ البدايه الم اقل لك انه لئيم استفز حماس الصحفى بداخلى وهو يعلم انى ساوافق فى النهاية
الجو اليوم عاصف ومغيم جعلت انظرالى الافق المترامى لبحر مترامى الاطرافمتلاطم الامواج برغم هذا الجو المتقلب كان هو اول من توجهت اليهم لاودعهم كان اولهم بصخوره ورائحته التى تملئ الانوف وتحبس الانفاس بامواجه المتلاطمة المتسارعة بصحوه وهدوئه برعونته وغضبه كنت يابجر اولمن تذكرت ان على توديعهم انت الذى احتضنت احلامى احلام الصبا والشباب
وسنين العمر التى مضت لكم وقفنا هنا فى الماضى وبحنا لك باسرارنا ولكم شاركتنا احلامنا وامالنا كنت تحاورنا ونحاورك ونفتح قلوبنا معك لا اعرف لماذا اشعر بانى عندما اقف على صخرتى المفضله على شاطئ البحر اشعر بانى مختلف ملك يملك الدنيا سندباد يفتح ذراعيه للمجهول للحظات شردة افكر امام البحر واشركه معلى فى افكارى بعدما علمت خبر سفرى من صديقى اللدود غالب الحقيقة انها ليست صدمة المفاجئة فهذه ليس اول مرة
اسافر فيها فطبيعة عملى تفرض على ذالك لاكنها طقوسى الخاصة قبل السفر وحنين يشدنى الى ذكريات مضت توجهت
الى المنزل بعدما قمت بعدت زيارات عائلية لعلى احظى بالقليل من الراحة قبل السفر فى موعد السفر توجهت لى المطار بعدما اوصلنى اخى ليودعنى برغم كرهى للحظات الوداع لاجد نفسى
فى قاعة المطار انتظر الطائرة التى ستقلنى الى باريس عاصمة الثقافة الاوروبية والحقيقة ان لى ذكريات مع تلك المدينه الجميلة ومع حواريها من الحى الاتينى الى جلسات مقهى الحزب الشيوعى الفرنسى الى اليبراليين الفرنسيين كل الاوجه هنا تتشابه فى باريس
التى تحمل نكهه خاصة تميزها عن باقى المدن الفرنسية الاخرى حتى الباريسيين انفسهم يشعرون بذالكويعبرون عنه فى معظم احاديثهم كما اخبرنى صديق فرنسى فى باريس ياعزيزى لاتستطيع ان تتجاهل شيئين الحب والسياسة افقت من شرودى على صوت المضيفة تعلن اننا سنحط بعد لحظات فى مطار اورلى بدئت اعد نفسى لمغادرة الكتلة المعدنية تلك الى فرنسا الباريسية او باريس الفرنسية .
انهيت اجرائات الوصول فى قاعة الجوازات ياخى الغريب اننى انهيتها بسرعة فلو كنت فى بلاد الشرق السعيد لظللت الى اليوم الثانى حتى انهيها لاكنى مع ذالك احب بلاد الشرق على اى مكان اخر الم اقل لك انى غريب الاطوار المفروض ان اشرف الذى سافر قبلى بايام سيكون فى شرف استقبالى هو ومدير مكتب باريس لاكن يبدو انهلم يحضر لا هو ولا الاخ المدير على كل الاحوال يجب ان اكيف نفسى على الانتظار الذى اجبرت عليه حسنا لاضير من تناول فنجان من القهوة الفرنسية دخلت الى مقهى المطار وانا ابحث عن مكان فارغ اجلس فيه لاكن محاولاتى بائت بالفشل فالمكان على ماارى مذدحم بالرواد اليوم سالت النادل عن مكان فارغ ففاجابنى باجابة منطقية سيدى اذا اردت ان تحصل على مكان عليك الانتظار للحظات طالت قليلا
واخيرا وبعد مدة ليست بالقصيرة سمعت صوتا ينادى استاذ انه البيه الجارسون يبدو ان هناك مكان قد اصبح فارغا الان سالنى الرجل عن طلبى قهوة فرنسية من فضلك تركنى النادل ليحضر ماطلبت جلست لاحتساء القهوة وانا ارفع نظرى عن جريدة فى يدى كنت اتصفح فيها وجدتها امامى تبحث هى الاخرى عن مكان تجلس فيه مسكينه يبدو ان انتظارها سيطول انها فتاة فى العقد الثانى من عمرها خمرية حسناء ذات ملامح شرقية تجول بناظريها بحثا على مكان تجلس فيه على مايبدو توجهت الى كرسى على مائدتى كان قد فرغ لتوه وسمعتها وهى تسالت\نى بالفرنسية هل يمكننى الجلوس من فضلك نظرت اليها هنيه واجبتها بكل سرور تبادلنااطراف الحديث هل انتى فرنسية اجابت لا انا عربلية تحدثت معها بلغتى التى اعشقها العربية اهلا قالت وانت عربى اجبتها نعم قالت انا ياسمين من العراق وانت كريم من مصر ماذا تفعلين فى باريس قالت انا هنا للدراسة وكنت فى زيارة لوالدى فى لندن وانت قلت لها انا صحفى وانا هنا فى مهمة اجبارية اقصد رسمية انت صحفى اذن قلت لها اجل ودار بيننا حديث عن الصحافة والصحفيين ووضع الحريات الاعلامية فى بلادنا بالمقارنة بالمتاح هنا حديث خرجت منه بحالة من الاحباط على ماالت اليه مهنة الصحافة فى بلادنا السعيدة قالت الايوجد من ينتظرك قلت لها المفروض ان هناك اثنين من الجريدة التى اعمل بها لااعرف اين ضلا الطريق هنا المفروض ان يكونا فى انتظارى وانتى قالت زميلتى ايضا من المفروض ان تكون فى انتظارى قلت لها اذا كل منا على قائمة الانتظار لااعرف اين ذهبا هذين الاحمقين فجاءة سمعت صوت ياتى من خلفى
اخر مكان اتوقع رؤيتك فيه هنا ايها الساحلى الساذج
نظرت خلفى مسرعا هذا الصوت اعرفه انه ممدوح الزيات صديقىالقديم ممدوح انت انا اجابنى مابك باريس الهبت عقلك قلت له اسف نسيت ان اعرفكما الانسة ياسمين صديقة من العراق
ممدوح الزيات صديق عمرى واكمل هو رجل اعمال مصرى فرنسى صافح ممدوح الفتاة مرحبا قلت لها مادامت صديقتكى تاخرت فلماذا لانوصلك الى حيث تريدين اجابت معتذرة شكرا قاطعتها لاتعتذرى ارجوكى انها فرصة لنستفيد من صديقى الممل هذا ولا اعتقد ان صديقتكى ستاتى قال ممدوح يسعدنى ان تشرفى سيارتى المتواضعة انستى لاتعتذرى رجائا توجهنا الى سيارة ممدوح المتواضعة لاجد نفسى امام سيارة فارة من الطراز الحديث يبدو ان سيارتك فى منتهى التواضع يارجل نظر الى ضاحكا هل ارسلتك مصر لتحسدنى ام لتعمل استقلينا السيارة واوصلنا الفتاة الى وجهتها والان توجه بى الى الفندق ايه الاخرق ضغط مكابح سيارته فجأة لاتكن مملا عندى فيلا طويلة عريضة وتنزل فى فندق ايها السخيف ستقيم معى على الاقل نستعيد ذكريات الذى مضى يانمر المطار كيفحال غالب امازال كما هو يعتقد انه ملك الادارة حالته ذادت سوئا على فكرة من اخبرك بوصولى ضحك وهو يوقف سيارته امام منزل انيق وفخم
من اخبرنى بموعد وصولك يانمر المطار هو غالب نفسه
يتبع فى الحلقة القادمة
|