كاتب الموضوع :
تمارااا
المنتدى :
الارشيف
"لماذا فعلت ذلك؟".سألت بغضب وهي تعيد شعرها الى ماخلف اذنيها.
"لأنني افضل رؤية شعرك هكذا".
فيما كانت تبحث عن شيء تربط به شعرها اختفى هو داخل المنزل للحظات ثم عاد حاملا صينية كبيرة فيها صحن سلطة يونانية ضخ واخر يحوي لحوما مبردة مع رغيف خبز محلي تذكرت طعمه اللذيذ جيدا وزجاجة مياه معدنية وكوبين وضع كل ذلك على الطاولة قبل ان يجلس على الكرسي امامها.
قال وهو يسكب الماء في كوبها:"والآن عم ترغبين ان تتحدثي ياكاثرين؟".
قالت بانزعاج:"ماذا عن..متى ستغادر منزلي؟".
"آه ارجوك" قال ذلك واضعا يده على قلبه بحركة يونانية بحته وتابع:"سبق وانهينا مناقشة هذا الموضوع تمارا،باستثناء نقطة واحدة وربما هي كم تخططين للبقاء هنا؟".
"اخذت عطلة لمدة اسبوعين وهذه مدة كافية كما اظن لمعالجة هذه المسألة كليا".
"عطلة؟".
"اعمل في لندن في مصرف مشهور".
"حقا؟وماهو عملك فيه بالضبط؟".
"اصبحت مساعدة مدير الحسابات منذ فترة قصيرة فقط".
"تهانينا".
"شكرا،يقول جوليان ان..".
"آه،اجل،جوليان الغالي".
كانت يدها اليمنى على الطاولة فأمسك نيكولاس بها ورفعها محدقا الى الخاتم الألماسي في اصبعها،رغم تصميمها على عدم اظهار اي ردة فعل الا انها ارتعشت رغما عنها فرفع عينيه نحوها وترك يدها.
قال:"اخبريني عن جوليان".
"انه يعمل في المصرف ايضا،هكذا التقينا".
"آه،فهمت،اذن كلاكما يعمل في وظيفة محترمة".
"اجل".ردت فورا:"ومالعيب بذلك؟دعني اخبرك شيئا هذا العمل افضل من التسكع دون عمل لبقيةحياتك".
نظر اليها ورأت بريق السخرية في اعماقها فتابعت بجفاف:"آسفة،لاشأن لي بذلك.كنت تحاول اغاظتي اعرف ذلك وجوليان..شخص جيد".
"اجل طبعا اذكر ان جيرالد اخبرني عنه".
نظرت اليه لفهم مقصده لكنها لم تعرف شيئا لقد جاء جدها الى انكلترا قبل حوالي سنه لمتابعة علاجه الطبي،وقد سعدت كثيرا برؤيته حينها،لكنها ادركت رغم عدم تفوهه بشيء انه كان ممتعضا من مجال عملها،كما وانها ادركت ورغم ادبه الشديد اثناء وجود جوليان معها انه لم يعجب به اطلاقا ليكون زوجا لها.وقد آلمها ذلك بشدة والىن معرفتها بأطلاع نيكولاس على ذلك آلمها اكثر فأكثر.
"استلم جوليان فرع المصرف خاصته منذ ذلك الحين وهو واحد من اصغر المدراء في تاريخ المصرف".
ادركت انها كانت تثرثر لكنها ارادت بياس متابعة التحدث عن جوليان وكأن ذلك سيبقيه مكانه خلف ضوء الشموع.
فتابعت ،كنا نعمل في فرع المصرف ذاته لكنه اقترح علي الأنتقال فهو يفضل عدم عمل الرجل وزوجته في المكان نفسه".
"هذا مؤكد"رد نيكولاس بصوت هاديء.
لكنها جاهدت لتغير هذا الموضوع فسألته:"اذن لازلت ترسم؟".
برقت عيناه للحظات تحت ضوء الشموع فادركت انه عرف هدفها من تغير الموضوع،اجابها دون اهتمام"كما رأيت".
"هل تابعت اي دراسة اكاديمية؟اذكر انك..".
صمتت فجأة ثم تابعت:"كنت تتحدث عن الألتحاق بمدرسة رسم".
"اتممت دراستي في اثينا،اجل".
سألته:"ومن يشتري لوحاتك؟".
"السكان المحليون وفي الصيف ابيعها للسياح الأثرياء الذين يستخدمون المرفأ لرسو قواربهم".
"اي نوع من اللوحات ترسم؟".
هز كتفيه وكأنه تعب من كل الموضوع وقال:"مناظر طبيعية على الأغلب،وارسم الناس حين يطلب مني ذلك فقط".
"الناس؟اجل،انا.."صمتت فجأة مجددا وهي تشعر بارتباك اكبر وتابعت:"ومناظر طبيعية،تقصد مناظر طبيعية محلية؟".
"احيانا".
قالت:"فهمت".وفكرت باقناع جوليان بشراء بعض لوحات تحمل مناظر سكايثوس لوضعها في منزلهما الجديد،مع ان الفكرة كانت تزعجها،لكنها قد تفعل ان كانت بحاجة للمال..
وسألته بلباقة:"وهل انت..ناجح؟".
لسبب ما ابتسم مظهرا اسنانه البيضاء البراقة وقال:"انا لازلت حيا".
انحنى الى الأمام وقطع الخبز ثم وضع عليه الزبدة والمربى وناولها اياه قائلا:"اخبريني ياكاثرين وسؤالي تمارا بدافع الفضول والبحث فقط بالطبع،لنفترض انني لم اكن املك فيلا انجيلكا.."
قاطعته قائلة:"وانت لاتملكها فعلا".
"فما كانت مخططاتك لهذا المكان؟".
ترددت وقالت :"حسنا".
تابع:"اكنت ستأتين للعيش هنا على الجزيرة؟".
"بالطبع لا،كيف لي ان افعل ذلك؟".
"اذن كنت ستستخدمينها لقضاء العطلة فقط؟".
"ليس تماما،لا".ردت وهي تشعر فجأة بالتردد امام نظرته المخترقة.
لكن مالفائدة؟مادخله هو في هذا فكرت بذلك وتابعت بصوت عادي:"في الواقع انوي انا وجوليان تحويل المكان الى استثمار سياحي".
"حقا؟"سال بنبرة عادية بدوره:"اخبريني عن ذلك".
"لاشيء بالغ الفخامة بالطبع فانا لاأرغب بافساد المكان وتبديله كليا".
"بالطبع لن تفعلي".وافقها بنعومة فائقة،لكن حين نظرت اليه كانت ملامحه صفحة بيضاء لاتعكس شيئا ممايجول بداخله.
فقالت:"لكن جوليان يعتقد...اقصد نحن معا نعتقد ان التخطيط الدقيق غير المكلف هو الأفضل لذا سنبني بعض الأكزاخ الصغيرة وحوض سباحة وملعب تنس.."
قاطعها بسؤاله:"واين كنتم تنون بناء ذلك؟".
"فكرت في المساحة عند بستان الزيتون".
"وسط بستان الزيتون؟".
"اجل لكني شاهدت الأزهار الآن ومن الواضح انني سأغير الموقع".
لم يعلق على اقتراحها لكنها شعرت بنفسها تنحصر في زاوية الدفاع عن النفس مجددا ولم يعجبها ذلك فتابعت:"لسنا ماديين،سيكون كل شيء مرهف الذوق ،لدى جوليان
صديق.."
قاطعها مجددا:"صديق؟انت تذهليني".
اشتدت اصابعها على كوبها ،لكنها قاومت انفجار غضبها وقالت بصوت جليدي:"لدى جوليان صديق يعمل في مجال تطوير المنشآت السياحية وهو.."
وفر عليها ماكانت ستشرحه وقال:"سيكون شريكه بالوقت والعمل وانتم بالمال والأرض؟".
"اجل كل شيء سيتم وفقا للمستوى الممتاز،لن يكون هناك من يطوف في شوارع سكايثوس بحثا عن الزبائن او ماشابه لقد اصريت..اقصد اتفقنا على ذلك الأمر".
"لقد ارحت تفكيري".
قالت:"يسرني ذلك".ثم رفعت اليه نظرها وتابعت:"انظر،من الواضح انك لاتوافق على خططنا،ليس هذا من شأنك،لكن هل لي بتذكيرك ان هذا سيؤمن فرص العمل لكثير من المواطنين المحلين هنا؟".
"ربما ضمن موسم السياحة القصير فقط".
قال بصوت جليدي لم يلبث ان تحول الى صوت ناري وهو يتابع:"فيما كل المال الحقيقي يسحب الى لندن الى جيوب جوليان وصديقه،اتعرفين ياكاثرين..لقد تغير،لقد اصبحت امرأة طماعة وشريرة".
مزقتها كلماته كالخنجر السام فصاحت بقوة:"اجل،بالطبع تغيرت،انا اكبر الآن بثمان سنوات تمارا والمشكلة فيك يا نيكولاس انك لم تتغير ولن تتغير ابدا،ستقضي كل حياتك مستلقيا تحت الشمس،بائعا لوحاتك كلما استطعت للسياح الذين يملكون مالا اكثر ممايملكون عقلا".
قال وكأنه لم يسمع كلمة مما قالته:"كما وانك تحولت الى متزمته صغيرة متمسكة برأيها الخاطيء،كان جيرالد محقا بقلقه عليك.."
تأوهت قائلة:"حسنا لم يكن من داع له لذلك اؤكد لك هذا".
"حتى انه كان يخشى من ان تصبحي نسخة مكررة عن والديك".
سألته بحدة:"آه،حقا؟وماضير ذلك؟".
"الكثير،تبعا لجدك،لقد خاب ظنه بهما بشدة،كان يعتبرهما ضيقا الأفق وباردا الأحاسيس".
وهل خطر ببال جدي يوما ان تزمت والدي هو ردة فعله لنمط حياة والده عديم المسؤولية؟".
"اجل بالطبع مع ان ذلك لم يسهل على جدك تقبل الأمر،هل يحب والداك خطيبك؟".
حدقت به للحظات ثم توتر فمها وهي تقول:"بالطبع يفعلان،انهما معجبان جدا بجوليان".
التوى فمه وهو يقول:"لاشك انه حين اطلعنهما على نبأ خطوبتك اخذك والدك جانبا قائلا،عزيزتي كاثرين هذا شاب سيصل الى القمة لقد احسنت الأختيار".
"ليس هذا ماقاله بالضبط"قالت ذلك وهي ترفع ذقنها بعناد.
فقال:"هذا المشروع السياحي هو فكرة خطيبك الغالي،اليس كذلك؟".
ردت بعنف:"لابالطبع.لا".لكن نظرة الذنب في عينيها فضحت كذبتها.
"هذا المكان..الا يعني لك شيئا اطلاقا؟".
"بالطبع يعني لي الكثير"ردت بصوت مبحوح،كيف يمكن له طرح سؤال كهذا؟المكان الذي وقعت فيه وبيأس والم في الحب للمرة الأولى في حياتها،هيام مراهقة،عطلة رومانسية،بوسعها رؤية ذلك الآن وبالطبع هو بدوره يعرف ذلك.
في هذه الأيام هي تتباهى بقدرتها على اخفاء عواطفها ومشاعرها لكن حينها كان وجهها مرآة واضحة للحب الجارف الذي تكنه لليوناني الشاب الوسيم.
كررت ثانية وبقوة:"بالطبع يعني لي الكثير،فذكرى الماضي باكمله يكمن هنا،لكنك بالطبع ترى.."
قاطعها قائلا بصوت غاضب:"لا،بل انت بالطبع ترين ان اي تطوير مهما كان مرهف الذوق كما تقولين سيدمر تلك الذكرى الى الأبد".
جرع كل مافي كوبه ثم تابع:"هل تتوقعين مني تسليم هذا المكان الجميل لخطيبك الشرير والطماع كي يفسده؟".
"انظر" قالت وقد تعكر مزاجها بدورها:"سمعت مافيه الكفاية عن هذا الموضوع،جوليان ليس شريرا،انت لاتعرفه ولاتعرف والدي و.."
"ولارغبة لدي اطلاقا بالتعرف عليهم نظرا لماأراه من تغير فيك بسببهم".
"احتفظ بآرائك لنفسك".تابعت وهي تبعد شعرها الأشقر عن وجهها المتضجر احمرارا:"وللمرة الألف اقول لك ان هذا منزلي وانا حرة بفعل ماأشاء به".
"كلاياعزيزتي".قال بابتسام:"دعيني اقول لك هذا،لاشيء مماسبق وفعلته في حياتي سيمنحني مقدار الرضى الذي سأناله من منعك وجوليان من الاستيلاء على هذه الفيلا".
"اعرف ان هذا سيرضيك".ردت بقوة:"فانت لم تعمل يوما في حياتك كلها وقد سقط هذا المكان في حضنك كالخوخة الناضجة وانت لن تتخلى عنه دون قتال".
"صدقت بهذا".
"لابأس،سنرى ماسيقوله السيد جونايدس المحامي غدا،فكر بذلك قبل ان تعتبر المكان ملك".
نهضت بغضب فسألها:"اين تذهبين؟".
"الى غرفتي،فالرفقة هذه لاتهمني".
"الشعور متبادل،اؤكد لك ذلك". وسمعت صراخه بالكلمات الأخيرة هذه حتى وصولها الى غرفتها واغلاق الباب خلفها.
انتهى الفصل.
|