13- الحب يصنع المعجزات
لماذا لاتكف هذه المراة عن الثرثرة وتذهب ؟ .فكر لوغان فى سره مع استمرار فرانسيسكا داروين فى الكلام . ألم تدرك بعد أنه غير مهتم بها ?
الشئ الوحيد الذى يهتم به هو أن دارسى بدت متكدرة حين تركته منذ دقائق . . وعرف انها تكدرت بسبب لؤمه معها , لكن يبدو انه لم يكن قادرا على منع نفسه . لأنه يحبها ..منتديات ليلاس
الحب . لقد أدرك لحظة ابتعدت عنه فى الحديقة , انه وقع فى حبها .. وان حبه لها كان سببا فى تلاشئ كل المعاني من حياته . وهو الذى كان يظن انه لن يشعر بهذا الاحساس نحو أى امرأة .. وهذا ما أرعبه !
فالحب , كما كان يعتقد , امر مخيف , لأن سعادة الحياة كلها تنحصر فى شخص واحد .. لكنه يدرك الان ان الحب يشمل كذلك البهجة , والاحساس بالسرور فى وجود الشخص الاخر , والسعادة فى كل حركة , فى كل كلمة تقال , والحاجة لحماية الاخر . وللمرة الاولى فى حياته , أحس لوغان بالكمال . وكأنه وجد نصفه الاخر , ودارسي هي ذلك النصف الاخر .
لم يعرف لوغان شعورا كهذا من قبل . الشوق اليها , ولتلك الابتسامة التي توقف القلب . كم كان يرغب في أن يعبر لدارسي عن مشاعره . لكن إحساسه بالرعب منعه . لأنها لا تحبه .
لقد عرف هذا عندما كانا فى الخارج , فقد أرادت الابتعاد عنه .. ولم تستطع الانتظار لتهرب . فماذا سيفعل الان ؟
تقدم برايس ليتدخل بلباقة فى الحديث .
- سأرافقك حتى الباب فرانسيسكا .
ونظر الى لوغان نظرة قلق قبل ان يمسك بحزم ذراع فرانسيسكا , .ويتحدث اليها وهما يبتعدان .
- لوغان .. ؟
استدار مذهولا لينظر الى امه . هل أحبت والده بهذه الطريقة التي يحب بها دارسي ؟. وهل تحب الان دانيال بالطريقة نفسها ؟ اذا كان الامر كذلك فأقل ما يدين به لها هو الاعتذار عن الطريقة التى عاملها بها , ليس لأشهر فقط بل لسنوات .
ابتسمت له ميغ بلطف : " دانيال وانا سنشرب شرابا ساخنا فى المكتبة , تعال وانضم الينا " ولم تنتظر رده , بل دست يدها تحت ذراعه وسار الثلاثة نحو المكتبة .
كانت النار المشتعلة تعطي وهجا دافئا , لكنها حرارة لم تكن تلامس لوغان.
اكتشافه انه يحب دارسى , وان الحب ليس متبادلا , كان سيئا بما يكفى .. فكيف له ان يبدأ بالاعتذار من أمه بعد رفضه هذا مرارا عبر السنوات ؟
نظرت اليه بقلق : " لوغان .. ؟ "
لم تكن أمه قد رأته بهذه الحالة من قبل , وبدت مترددة . فراحت تنظر بقلق الى دانيال وكلاهما ينظر الى لوغان بارتياب .
كانا على الارجح يتوقعان منه قول شئ او فعل شئ قد يفسد عليهما سعادتهما بهذه الأمسية , ومن يستطيع لومهما ؟ لقد كان غبيا .. أنانيا وغبيا . وليس له اى حق بأن يملى على هذين الشخصين ما يجب أو ما لا يجب أن يفعلاه فى حياتهما .
خرجت أنفاسه متحشرجة قبل أن يضع فنجان الشراب الساخن على الطاولة , ويسير ليمد يده الى دانيال .. . ويقول بهدوء : "أود أن أقدم لكما , ولو متأخرا , احر التهاني "
ولم يتأخر الرجل المسن لحظة فى قبول تلك المصالحة الحارة .
استدار لوغان الى امه : " أتمنى ان تكونا سعيدين معا .. أمي "
تقدم لوغان ليحتضن أمه . واحس بارتجاف جسمها وهي تبكي بصوت منخفض . فمرات ومرات, تقربت أمه منه خلال السنوات العشرين الماضية .. وقد صدها مرات ومرات . لكن حبه لدارسي الان , سمح للحب أن يعود الى قلبه , وعرف انه لم يتوقف أبدا عن حب امه . وانه لن يستطيع ابدا ان يفعل .
قالت الأم مختنقة : " لقد جعلتنى سعيدة يا لوغان "
واحاطت وجهه بيدها وهي ترفع نفسها لتقبل خديه .
وشجعها بصوت أجش : ." كونا سعيدين معا .. همم ؟ "
رفعت الام نظرها اليه متفحصة : " وأنت .. ؟ هل انت سعيد ؟ "
رد بخشونة : " إذا لم أكن سعيدا , فلا ألوم سوي نفسى "
لقد أختار ان يعيش بالطريقة التي عاشها ,. وقسي قلبه ضد الحب . ولن يلوم احدا سواه إذا ما وجد نفسه الان وحيدا
- دارسي ...
قاطع لوغان ملاحظة دانيال المترددة : " شابة جميلة وفاتنة "
والتقى بنظرة الرجل المسن مباشرة
هل يعرف دانيال ؟ هل فضح لوغان نفسه بطريقة ما ؟ هل كانت مشاعره نحو دارسي واضحة للجميع ما عداه ؟هل تعرف دارسي ؟
أضاف بصراحة : " انها موضع فخر لك دانيال "
وأحس بالخوف لفكرة ان تعرف دارسي كيف يشعر نحوها . هل كان هذا هو سبب هروبها منه ؟
وضع دانيال ذراعه حول كتفي ميغ وقال بمحبة : " لم أكن واثقا من هذا حين رمت عليك البيض المخفوق "
هز لوغان كتفيه : " كنت استحق هذا على الارجح . على الأقل كانت هي صادقة فى مشاعرها "
وهذا أمر لم يكنه منذ وقت طويل .. أو لم يحن الوقت ليكون صادقا تماما فى مشاعره . مهما كانت الكلفة علي كبرياؤه ؟
استقام فى وقفته قائلا : "إذا كنتما لا تمانعان , سأترككما لوحدكما الان . ما هذه السخافة . طبعا لن تمانعا "
وهز رأسه لسخافته , وأضاف : " اعتن بامي يا دانيال "
اشتدت ذراع دانيال حول كتفي ميغ :."اعتمد علي في هذا "
لزمه بضع دقائق فقط ليعرف ما أراد أن يقوله , فراح يشق طريقه الى الطابق العلوى . لكنه لم يتلق ردا حين طرق باب غرفة دارسي . لابد أنها نامت .
عليه أن ينتظر حتى الصباح ليتمكن من قول ما يريده , لم لا ؟ لقد انتظر خمس وثلاثون سنة . وليلة سهاد اخرى لن تقتله ! او على الأقل هذا ما أمله ! ليلة دون نوم هي على الأقل ما يجب أن يتوقعه .. وكل ما أمله هو ألا يفقد أعصابه فى ليلة واحدة !
تلقى صدمة حياته حين رأى دارسي تسير فى الممر باتجاهه . لم تكن مستكينة فى الفراش أبدا . بل لاتزال مرتدية ذلك الفستان الرمادي الضيق.
وبدت مصدومة حين رفعت نظرها ورأته ! لو تجرأ .. لو قام بتعليق واحد عن سبب وجودهما هنا
حياها بخفة : " دارسي . . هل ضعت مجددا ؟ "
ولم يبد فظا او ساخرا .
لكن هذا لا يضمن لها , .انه لن يكون فظا ساخرا .. أنه .
عرض عليها بلطف : " هل ترغبين فى أن أرشدك الى غرفة نومك ؟"
تابعت دارسي النظر اليه بحذر : " آه . فى الواقع . انا .. ابى وامك دعياني لشرب شراب ساخن معهما فى المكتبة . وعندما لم أتمكن من النوم , فكرت فى أن أنضم اليهما على اي حال "
هز لوغان رأسه : " لقد تركتهما لتوي . انا . .. أعتقد , انهما على الارجح يودان البقاء لوحدهما قليلا "
وتصاعد احمرار الحرج الى خديها : "بالطبع .. هذا سخف مني "
قال متفرسا : " ما رأيك بالانضمام الى في غرفة الجلوس لشراب ساخن ؟ ارغب فى الكلام معك علي أي حال "
عاد اليها تشوشها مضاعفا .. كانت تشعر أنها مدينة للوغان بتفسير لتصرفها فى الحديقة بعد أن ادركت سوء فهمها فيما يتعلق بفرانسيسكا . فراحت تبحث عنه لتعتذر وهي تعرف انها لن تستطيع النوم اذا لم تفعل .. وبعد أن سألت احدي الخادمات عن غرفته . كان ارتياحها كبيرا حين دقت على الباب . ولم يرد عليها , وقد عرفت انه كان فى الطابق الارضى مع ابيها وميغ .منتديات ليلاس
لكن , ألم تزل مدينه له بالتفسير ؟
تقبلت دعوته بارتباك : "شكرا لك "
ورافقته نزولا على السلم .
كانت غرفة جلوس العائلة أقل رسمية من الغرف التى رأتها حتى الان, نار دافئة فى الموقد , وأثاث قديم مريح . وكتب ومجلات متروكة هنا وهناك , وصورعائلية فى كل مكان . ما من شك أن بعضها للوغان حين كان صبيا , وتمنت دارسي بشوق أن تتقدم وتنظر إليها .
مد لوغان كوب كاكاو ساخن : " هاك "
أخذت منه الكوب , واحتست الشراب الساخن , لتستمد الشجاعة من حرارته ..
- لوغان .
- دعينا نجلس ..
وأشار الى كنبة خلفهما . وانتظر الى ان جلست قبل أن يجلس إلى جانبها .
على الفور ارتبكت دارسي مجددا . .قربها من لوغان فى اى وقت كان بمثابة عذاب لها . لكن وجوده فى هذا المزاج الغريب أصعب من أن تحتمله .
أخذ ينظر إلى السائل الحار بين يديه . وقال بصوت منخفض : " أعتقد أنك ستسرين إذا علمت أننى تصالحت مع أمي "
سألت بتأثر : " حقا ؟ "
وقفزت الدموع إلى عينيها : " اوه ... لوغان .. هذا رائع ! "
وكانت تعنى ما تقول . مع أن لوغان لن يقدر لها هذا . لكنها تعرف انه من الافضل له الا يكون هناك أي ارتباط فى حياته .
هز رأسه ونظر اليها بعينين ملتهبتين : " والان ارغب في ان أتصالح معك "
تراجعت دارسي فى المقعد قليلا : " معى .. ؟ "
هز رأسه ثانية وتنهد : " اذا كنت قد اخفتك او كدرتك سابقا حين كنا فى الخارج "
احتجت : " اوه .. لكنك لم تفعل هذا "
اخر ما احست به بين ذراعيه هو الخوف !
بدا مرتبكا : " حقا , على اى حال ,واضح اننى فعلت شيئا خاطئا . واعتذر لهذا . اخر ما يمكن ان افكر فيه هو اخافتك او تكديرك "
فجأة سمعت دارسي صوت الساعة الكبيرة القديمة خلفهما , واحست بصمت القصر بعد ضجة الحفلة الصاخبة . وادركت كذلك ان اي كلام مهما يكن , يجب أن يأتى الان منها
عضت على شفتها من الداخل : " انت لم تفعل اي شئ لوغان .. انا .. انا ظننت ان فرانسيسكا داروين كانت . اعتقدت انها ستبقى هنا فى القصر .. معك ! "
نظر لوغان اليها بتساؤل ثم قال ببطء : " ولماذا بحق الله تظنين هذا ؟ "
وقفت دارسى , وتحركت مبتعدة عنه . لم تكن قادرة على التفكير وهي جالسة إلى جانبه !
- كانت معك حين انضممت انا وبرايس اليكما . وجلست الى جوارك للعشاء وجعلتك تغير رأيك حول ان تكون شاهدا على الزواج بعد الغداء ذلك اليوم !
بدا لوغان وكأنه يحاول فهم ما تقوله .
وتابعت دارسي بإحباط : ." كان واضحا لي ان من تناولت الغداء معه منذ عشرة أيام قد دفعك الى تغيير رأيك "
مط شفتيه : " انت محقة . لقد فعل . واعتقدت انه امرأة ؟ "
- بالطبع كانت ..
ونظرت اليه مترددة : " ألم تكن امرأة ؟ "
هز لوغان رأسه , وقال معترفا : " كان فيرغوس . ولو ان من غير رأيى فعلا هو امرأة "
تنهدت دارسي بثقل : " هذا ما ظننته "
وضع لوغان كوبه من يده ووقف على بعد خطوات منها وقال لها بصوت اجش : " تلك المراة كانت انت .. دارسي "
اتسعت عيناها : " انا ؟ لكن .. "
تنهد : " فيرغوس وبرايس سيحضران العرس . وكلاهما جذاب وعابث من الطراز الاول .. وانت .. "
كتمت أنفاسها , راغبة فى ان يكمل , وحين لم يفعل , حثته : " وماذا لوغان ؟ "
اخذ نفسا عميقا : " دارسي . ماذا كنت تفعلين حقا وانت تتجولين فى البرج الان ؟ "
اعترفت : " ابحث عنك . لقد سمعت فرانسيسكا تتحدث اليك وهي تغادر , وادركت اي غلطة فظيعة ارتكبتها ...وانا .. احتجت ان اقول لك هذا "
- أنا أخطي معك دائما
- لماذا ؟
- لانك ..
قالت : "لأننى ! لأننى ماذا لوغان ؟ "
بدا أنه يعيش معركة داخلية مع نفسه .. اخيرا تنهد بعمق قبل أن يبتسم لها : " انت ذكية , مرحة , جميلة , فاتنة , مثيرة. ."
- لوغان ..
أنهى كلامه : " لقد قررت ان احضر الزواج . كي لا يأخذ مني أحد هذين النذلين الجذابين المرأة التى أحبها ! "
حدقت دارسي فيه , وهي تبتلع ريقها بتشنج , واثقة من انها لا يمكن ان تكون قد سمعته بشكل صحيح . لوغان يحبها ؟ لكنه لا يؤمن بالحب .. لقد سبق ان قال لها هذا
استدرك بألم : " انا صدمتك فعلا"
ترددت : " لم أصدم . أنا .. أنت حقا تحبنى ؟ "
وشعرت أن قلبها يكاد ينفجر داخل صدرها .
اكد لها : " انا احبك حقا . ولا استطيع تصور أي شئ أكثر روعة من السير . وانت الى جانبى لما تبقى من حياتى , وان تكوني معي لنتحدث , لنضحك , لنبكي معا , .اذا كان هذا ضروريا .. ولن امانع ابدا لو احسست أحيانا برغبة فى رمي البيض علي "
كانت دارسي لا تزال تحملق فيه غير مصدقة : " أنا .. هل تعرف ان جدتك ضربت جدك على رأسه بمقلاة لتجعله يدرك أنه يحبها ؟ "
بدا مذهولا : "جدتي الحلوة المهذبة , فعلت هذا ؟ "
هزت دارسي رأسها : " على ما يبدو "
- وهل نجحت .. ؟ واضح أنها نجحت . لقد بقيا سعيدين معا لأكثر من خمسين سنة .
ورفع نظره اليها بحدة : " دارسي .. اتحاولين ان تقولي لي ., وبأسلوبك الفريد من نوعه , .إنك فعلت تلك الاشياء لأنك تحبيننى ؟ "
خطت الى الامام نحوه , واصبحت على بعد إنشات منه .. وقالت بصوت مرتجف : "لوغان ماكنزي .. . أنا أحبك كثيرا "
رد بخجل وهو يمد يده ليمسك كتفيها : " دارسي سيمون .. وانا أحبك كثيرا كذلك .. هل تتزوجيني ؟ "
اخذت نفسا عميقا : " الزواج لوغان ؟ الا تريد ان تعتاد على فكرة الحب اولا ؟ "
وكانت محاولة للمزاح , ولو ان صوتها تكسر لشدة العاطفة .
قال بتأكيد : " لا .. لا أريد أبدا ان اعتاد على هذا الشعور . انه رائع .. مبهج "
واشتدت يداه على ذراعيها وهو ينحني ليعانقها بلطف .. ومن ثم بشوق شديد .
لم يعد لدي دارسي فكرة كم من الوقت بقيا بين ذراعي بعضهما .. وكان هذا رائعا !
أخيرا اعترف لوغان : " اعتقد اننى وقعت فى حبك منذ اليوم الأول "
ردت دارسي وهي تريح رأسها علي صدره : " لا أصدق هذا . لقد بكيت على قميصك وبدوت من دون ترتيب "
ضحك لوغان : " دموعك هى التى جعلتنى اشعر بك كإنسانة دارسي , اما ابتسامتك .. فقد خطفت أنفاسي .. هل تتزوجينني ؟ "
أجابت : " اجل "
ولم تعد قادرة على تصور اى شئ اكثر روعة من ان تكون مع لوغان لبقية حياتهما .
حثها متشوقا : " قريبا ؟ "
ردت : " قريبا جدا "
وعرفت انها لا ترغب في اي شئ اكثر من ان تكون لهذا الرجل لما تبقى من حياتها , وقالت بصوت منخفض : " ما زلت لا أصدق هذا يا لوغان "
دفنت وجهها فى قميصه : " أعدك بألا أركلك ابدا أو أرمي البيض المخفوق عليك ثانية "
ضحك لوغان : " لا تعدي بأشياء لن تتمكنى من الوفاء بها يا حبي , فأنا واثق من أننى سأفعل احيانا أشياء تزعجك .. أنا أحب غموضك دارسي . فى الواقع . أنا أتوقع ان تمنحينى توأما . أو حتى ثلاثة , فى يوم ما كنوع من المقاومة ! "
يا لها من فكرة رائعة !
فى الواقع . يعد المستقبل مع لوغان بأن يكون مليئا بالأحداث الرائعة !
( تمت )