لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-03-09, 06:18 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

نظرت الى اسفل والتقت عينيها بعيني الآن الذي كان هو الآخر ينظر الى أعلى .
( ما الذي تفعلينه عندك؟ هل تقومين بدور رابونزل ؟)
( شيء من هذا القبيل . ولكن للأسف ان شعري ليس طويلا لأجعلة حبلا تتسلق عليه!)
( أظن ان الدرج عملي أكثر ولا يسبب الماً لأحد . هل هناك درج ؟ وهب يمكنني أن أصعد أليك؟)
وقبل ان تجيبه . سمعت اندريا السيدة بريسون تتنحنح وراءها . من الواضح انها لم تكن
تقر مثل ذا الحديث من عروس في يوم عرسها . ولذلك قالت له:
( هناك بعض التعقيدات . سأنزل أنا اليك)
هبطت الدرج ببطء ويدها على الحائط لتحفظ توازنها مما جعل بصرها يستقر على الخاتم الذهبي العريض الذي كان يزين اصبع يدها اليسؤى.
ماذا كانت ستقول لآلان ولم يمض بعد ثمان وأربعون ساعة على تأكيدها له بأنها كانت في مهمة عمل لا يربطها ببليز غير علاقة عمل ؟
كان عليها ان تمر بالبناء الرئيسي قبل ان تخرج الى الباحة لموافاته كماوعدته ، فتركت السيدة بريسون في البرج وطلبت اليها ان توصد الأبواب كماكانت .
ما ام وقع بصره عليها حتى سألها والأمل يعلو وجهه :
( هل تريدين فنجانا من الشاي؟)
( كلا ، شكرا )
اجابته وهي تحاول ان تجد الكلمات المانسبة لتخبره بما جدّ بدون ان تصدمه بالحقيقة . استقر رأيها اخيرا على ان تخبره بطريقة مباشرة
وصريحه فقالت:
( أكثرت من الطعام والشراب اليوم)
( هل كنتم تحتفلون؟)
( شيء من هذا القبيل )
اجابته وهي تخرج يدها من جيبها وتريه الخاتم في اصبعها .
( يا آلهي !)
قال كمن صعق وانتزع نظارتيه عن عينيه ومسح زجاجها بطرفه سترته
وسألها مضدوها :
( ومتى حدث هذا ؟)
( هذا الصباح . ربما بدا لك ذلك غريبا)
( انه لا يعنيني في شيء)
اجابها بتهذيب شديد واستدار لينصرف .
( بحق الجحيم)
صرخت اندريا وهي تمسكه من ذراعه لتوقفه عن الانصراف ثم اضافت :
( أما زال عرضك قائم بخصوص فنجان الشاي قائما؟ أود ان اشرح لك الأمر !)
( بالطبع انه قائم. ولكن لا لزوم لأي شرح. انها حياتك وأنت حرة ولا شأن لي بها . ولكنني بصراحه
لا استطيع ان اتصورك مع هذا الرجل الأسمر !)
توقف قليلا وعلا الأحرار وجنتيه ثم قال :
( المعذرة . ربما لم يكن من الائق ان ادعو السيد لوفالييه بهذا اللقب امامك مع ان التسميه تلائمه جدا )
(صحيح )
اجابته وهي ترجع يدها الى جيب سروالها وتتقدمه بضع خطوات باتجاه غرفته .
ووبعد ان شربا الشاي نظر اليها آلان بامعان ثم قال:
( أرجو ان لا يكون هناك اي ضير من سلوكنا هذا . فالمفروض انك في شهر العسل .
وكيف يتركك تغيبين عن عينيه ولو للحظه واحدة؟)
( عندما قلت انني هنا في مهمه ، لم يكن ذلك مغاير للحقيقة . وليس بيننا أي علاقة حب لكي تعتبر هذا تطفلا )
وما ان تفوهت بهذه الكلمات حتى شعرت بضخامة الألم الذي سببته لها . ولمتجد الا الشاي ملاذا لها في تلك اللحظه فراحت تشربه وكأن رأحتها
تكمن في هذا السائل الذي حرق فمها .
( لن أتظاهر بانني فهمت شيئا ، فانا بالواقع لم افهم ولكنني اعرف امرا واحدا وهو انني لا اريد ان يهجم العريس.
فاقدا اعصابه ، ليقطعني اربا!
هل تعلمين ان الجريمة العاطفيه لا تزال دفاعا عن النفس في فرنسا ؟)
تبسمت اندريا وهي تهز رأسها ولم تجب .
عاد آلان الى الكلام وقال :
( ولكنك لم تخبريني ماذا كنت تفعلين في البرج كنت اظنه منطقة محرمة!)
( لم تبد كوتيلد اي حماس للفكرة ولكنها لم تقل لي أي شي من هذا )
( لا استغرب عدم حماسها للفكرة فربما كانت تخشى ان تلتقي مع ماري دنيز وجها لوجه !)
اجابها وعندما رأى الدهشة التي ارتسمت على وجهها اضاف :
( الم يذكر لك احد شسئا عن ماري دنيز؟)
( لم اسمع بهذا الاسم قبل الآن!)
اجابته اندريا بضيق ثم سألته :
( ومن هي ماري دنيز؟)
عشرات الاحتمالات في رأسها قبل ان يأتيها جواب آلان . هل كانت ماري دنيز الخطيبة التي عاملت بليز بهذه القسوة ؟ اخيرا سمعته يقول :
( لو ولدت قبل مئتي سنة لكنت عرفت ماري دنيز . يبدو انها كانت زوجة كبير عائلة لوفاليييه في ذاك الوقت .
وكان للعائلة اذ ذاك لقب تخلوا عنه ابان الثورة الفرنسية فيما بعد)
توقف آلان قليلا ورمى اندريا بنظرة ثاقبة قبل ان يتابع قصته:
( ويقال ان زواج ماري دنيز من زوجها كان مدبرا ولم يكن احدهما قد رأى الأخر قبل الزواج.
وعندما وجدا نفسيهما وجها لوجه يوم الزفاف شعرا بنفور متبادل بحسب الشائعه الرائجه اليوم.
وبعدها بقليل رجع الماركيز الى فيرساي لكن لم يصطحب ماري دنيز معه وتركها في القصر لتنعم وحدها بلقبها الجديد )
( وهل تمتعت باللقب ؟)
( يبدو انها كانت فتاة جريئة ومليئة بالحيوية فما لبثت بعد ان تركها زوجها ان وجدت عزاءها في احدهم ،
فحملت في غياب زوجها وولدت صبيا .
ولا بد انه كان للماركيزة أعداء لأن احدهم على ما يبدو نقل الخبر للماركيزالذي هرع الى القصر عند سماعه النبأ وكان قدومه غير متوقع .
ولكن وعلى ما يبدو ، هناك ما دفع الماركيزة الى اتخاذ الحيطة فعندما وصلالى القصر لم يكن الطفل فيه بل كان مع حاضنته في مكان آمن في الخارج
وبدا كل شيء طبيعيا . والفلاحون في اعمالهم كالمعتاد الزوجة ( الوفية) بانتظاره .
بقي عدة أيام في القصر ثم رجع الى باريس معتقدا بان الخبر كان دسيسة مغرضة ولا صحة له)
( وكيف عرفت كل هذا ؟)
( الم اقل لك انني جئت الى هنا لادرس تاريخ المنطقة؟ وهذه احدى القصص التي يتبرع الناس بسردها
بدو اي مقابل .
سمعت مايزيد عن عشر روايات حولها لكنها جميعا متشابهه من حيث الوقائع.
فجميع القصص مثلا تقول ان والد الطفل الحقيقي بقي مجهولا .
منهم من قال انه احد المالكين في الجوار ومنهم من ذهب الى القول بانه احد الفلاحين ومنهم من قال بانه كان رئيس عمال الماركيز)
( يبدو انها كانت ، رحمها الله . ذات نشاط واسع)
( انما ليس كما تتصورين . فبعد ولادة الطفل لم يعد احد يسمع بأي فضيحة .
ويقال بأنها كانت سيدة محبوبه وذات شعبيةواسعه ، تحسن معاملة الخدم اكثر من زوجها وفي المرات القليلة التى كان يأتي الماركيز
لزيارتها كانت دائما ترسل الطفل الى مكان آمن حتى يحين موعد انصرافة )
( الم يكتشف الماركيز امر هذا الطفل ابدا ؟)
( بلى )
أجابها آلان بأسى وتابع:
( يبدو ان كان لماري دنيز عدو لدود . ربما ذلك الشخص نفسة الذي اخبرالماركيز عن الطفل في المرة الأولى وفي احد الأيام تظاهر الماركيز بالسفرثم فاجأ زوجته بعودته في اليوم نفسه.
وعندما وصل الى القصر كانت ماري دنيز مع طفلها في البرج .
كانت تداعبه وتدندن له الحانا رقيقة. ولما رأت زوجها الماركيز يدخل من الباب
فجأة، حاولت ان تتقدم منه بعذر مقبول فادعت انه ابن احدى الخادمات وبانها تدربه ليصبح خادمها المخلص في المستقبل .
وهكذا علم الماركيز بالأمر .
( وماذا قال لها عندها ؟)
( لم يقل شيئا... تظاهر بأنه صدقها واستمر يؤدي دور الزوج المطمئن خلال اسبوع كامل كان اثناءه يتفقد املاكه الشاسعه
ويقيم الحفلات ويبادل فلاحيه الاحاديث الودية . وماري دنيز قامت بدورهاكذلك. لم تعد تخفي ابنها لكنها حرصت على ابقائه بعيدا عن الماركيز ظنامنها ان مالا تراه العين لا يمكن
ان يؤذي القلب . وفي احد الأيام صعدت الى البرج ووجدت الباب موصدا والمفتاح في ثقبه .
ارادت بالطبع ان تعرف السبب فقال لها زوجها ان المكان غير آمن لأن طفل احدى الخادمات وقع من احدى النوافذ ومات في الحال .
صرخت اندريا وهي تحدق فيه مصعوقة :
( يا آلهي .. وما ذا فعلت بعد ذلك؟)
( وما الذي بامكانها فعله ؟ لم يكن بوسعها ان تثبت شيئا . كان عليها انتستمر في التظاهر . ولم تستطع ان تندبه او ان تلبس عليه ثياب الحداد .
وعندما ذهب الماركيز الى باريس اصطحبها معه ولم يعودا بعد ذلك الى سان جاندي روش . وبعد بضع سنوات تناهى الى الأسماع ان الأثنين ارسلا الى المقصلةفي عهد الارهاب.
وانتقل القصر الى احد ابناء عم الماركيز اذ لم يكونا قد انجبا أولادا . ومنذ ذلك الحين ساد الاعتقاد بأن البرج يجب ان يظل مقفلا والا عادت اليهماري دنيز لتجد ابنها )
كانت اندريا ترتجف ، وقالت تخاطب نفسها :
( قالت لي السيدة انه لا اشباح في المكان)
( بالطبع لا يوجد اشباح انها مجرد قصة وامل ان لا اكون قد اخفتك)
( كلا لكنني كنت عازمه على تحويل البرج الى غرفة لطفل صغير ننتظر قدومه ليعيش معنا . انه ابن شقيق زوجي ولكنني ، ربما غيرت رأيي)
( لست أدري)
قال آلان وهو يشغل نفسه بابريق الشاي ثم تابع :
( ربما تكون اعادة المكان الى الاستعمال افضل حل يضع حدا لهذه الخرافة)
لم تقتنع اندريا بهذا الكلام ولكنها ادركت اليبب الذي جعل السيدة
بريسون تصر على ضرورة اخذ رأي بليز في الموضوع .
نهضت اندريا من مكانها واستأذنت بالانصراف وهي تقول :
( يحسن بي ان اذهب الآن وشكرا على ضيافتك واود ن ادعوك الى تناول العشاء معنا في الأيام القليلة القادمة)
( ليس في المستقبل القريب . ربما في وقت لاحق )
عندما عادت اندريا الى القصر ، كانت كوتيلد تروح وتجيء في القاعه الكبرى وعلى وجهها
علامات الاستنكار . وعندما وقع نظرها على اندريا اسرعت تسألها :
( هل تريد السيدة ان احضر لها الحمام ؟)
ادركت اندريا انه بالنسبة الى مدبرة المنزل ، كان شهر العسل في اوجه وماسؤالها عن تحضير الحمام الا كتذكير مهذب بأنه عليها ان تبدل ثيابهااستعداد للعشاء.
اوشكت اندريا ان تقول لها بانها تفضل البقاء كما هي .
لكنها عدلت عن فكرتها وهي تشعر انها لن تربح شيئا اذا عارضت السيدة بريسون.
أطالت اندريا النظر الى صورتها في المرآة . بدا كل شيء ولو في الظاهر . على ما يرام ، كان شعرها الكستنائي معقوصا خلف اذنيها وحوله شريط رقيق منلون الثوب وتدلى من اذنيها زوج اقراط ذهبية
دقيقة الصنع . على ان الشحوب الذي ملأ وجنتيها افشى حقيقة امرها . وبدت عيناها شديدتي الاتساع في وجهها الشاحب
وحول فمها ارتسمت علامات الارهاق الشديد . واطلقت تنهيدة من اعماقها فلمتكن تود ان تظهر امام بليز في هذه الصورة التي توحي بالضعف والاستسلام .
لكنها عادت وتذكرت انه ليس في القصر كهرباء ومن المحتمل اذن الا يلاحظ بليز شحوب وجهها والهالات السوداء تحت عينيها .
وقفت اندريا في باب الغرفة التي تحولت بقدرة قادر الى عش غرامي يوحي كل ما فيه بالحب والحنان .
حتى القناديل العادية وغير المثيرة استعيض عنها بشموع اضفى نورها على الغرفة جوا رومانطيقيا لطيفا .
ترددت اندريا قبل ان تدخل وراودتها فكرة الهروب . ارادت ان تحتمي فيغرفتها لكن العقل قال لها ان تبقى وتحاول ان تظهر بمظهر من لا بلاحظ شيئاغير عادي.
وأهم شيء، قال لها عقلها . وهو ان لا تدع بليز يرى الانفعالات التى كانت مرتسمه على وجهها .
اثارت اعصابها هذه الخلوه التي فرضت عليها . ليتها اقنعت بليز باصطحابها الى مكان عام. الى مطعم كرودون مثلا الذي اخبرها عنه آلان .
او ليتها اقنعته بدعوة عدد من الاصدقاء لتناول العشاء معهما .
ولكن من الذي كان سيلبي الدعوة؟
كان الجميع سيرفضون افساحا في المجال للعروسين.
الم تقرأ كل ذلك في العيون الفضولية وفي الوجوة المترقبة؟
قطع جبل تفكيرها صوت خفيف انبعث من مكان ما في الغرفة .
رفعت اندريا رأسها لترى بليز واقفا بقرب الأريكه . كان وجهه في الظل ولذلكلم تستطع اندريا ان تقرأ ما ارتسم على ملامحه من مشاعر واحاسيس .
( أخفتني )
( ربما كأس من الشراب يصلح الأمور )
( شكراً لك)
تمتمت بصوت غير مسموع وهي تتناول الكوب الذي احضره لها وتأخذ بضع رشفات منه بدون ان تستطعم مما فيه.
كانت يداها ترتجفان بشدة الى درجة انها خشيت ان تسكب على ثوبها .
ولكن لم يبد ان بليز لا حظ أي شيء من عصبيتها .
( اخبرتني كوتيلد بانك ترغبين في تحويل البرج الى غرفة لفيليب )
اختلست اليه نظرة سريعه علها ترى في وجهه ما لم تستطع ان تتبينه من صوته ولكنها لم تنجح في معرفة حقيقة مشاعرة في هذا الشأن فاجابته
بحذر:
( بدت فكرة لا بأس بها اولا ولكنني لم اعد متأكدة الآن من صلاحيتها)
( هل لي ان اعرف السبب الذي جعلك تغيرين رأيك؟)
( اعتقد ان الأمر واضح. سمعت قصة ماري دنيز)
( آه .. اذن أخبرك احدهم هذة القصة القديمة)
( ألا تصدقها أنت؟)
( لكل بيت عريق نصيبه من القصص. ولكن لا يجب ان نبالغ في أهميتها . فمن الصعب جدا بعد كل هذه السنين ان تفصل الحقيقة عن الخيال)
( هل امضي في مشروعي الأول أذن؟ اعترف لك بأن الفكرة بدت جذابه الى ان تحدثت مع السيدة بريسون بشأنها . عندا فقط ساورتني الشكوك)
( أود ان اطلي الجدران من الداخل باللون الأصغر الباهت ففيه جمال ودفء . وأود ان تباع بعض الأُثاث البسيط وسريرا حديث الطراز يصلح لطفل صغير)
( افعلي ما ترينه مناسبا وسأطلب الى غاتسون ان يفحص الارض والسقف والنوافذ . ربما كان من الأفضل ان نحدد النوافذ فذلك اسلم . الا تعتقدين؟)
( لا اريد ان يشعر فيليب انه في سجن. ربما كان من الانسب ان تطلب الىغاتسون ان يضع مزلاجا للوقاية فلا تعود تفتح النافذة الا من القسم العالي .
فيها ومن اجل التهوية فقط . وفي أي حال فإن تحديد النافذة من شأنه ان يثبتالرواية المتداولة وانا اعتقد انه علينا ان نتجاوزها لا ان نحييها )
كان هناك طبق من القريدس حضر بطريقة مبتكرة وآخر من الدجاج المحمر اضافة الى الحساء الصافي الذي لم تذق اندريا بجودته في حياتها
وهكذا لم تدع كلوتيلد لونا من الوان الطعام الا وقدمته لهما ذاك المساء...
تناولت اندريا الطعام بشهية ادهشتها . وعندما وصل طبق الحلوى لم يكن عندهامتسع للمزيد ، وفي أي حال لم تكن تستطيع تناول الحلوى حتى لو ارادت . اذشعرت بغصة في نفسها
جعلت صدرها ينقبض فابعدت الطبق عنها :
( ما الأمر ؟)
( لا شيء ربما اني اكثرت من الطعام )
استرخى بليز على كرسية وعلى وجهه الأسمر الجذاب تعبير مبهم وقال:
( كوتيلد سيدة من الطراز القديم. فهي تعتقد ان الطعام الجيد الشرابالجيد ضروريان للحب الجيد )
وضعت اندريا الكوب من يدها ولم تجب .
وبعد فترة صمت قال :
( انك تبدين صامته والصمت يعني القبول والموافقه ، اليس هذا ما يقولة بنو قومك؟)
( اعتقد ان هذا الحديث بعيد عن الذوق السليم خاصة في هذا الظرف لالذات)
أجابته وهي تحملق في وجهه . لكنه لم يأبه لحملقتها واجابها:
( لا اعرف الا اننا اصبحنا زوجين شرعيين اليوم . واعرف ايضا انك تبدينفاتنه وانه لا يفصل بيني وبينك في هذه اللحظه الا هذه الطاولة اللعينه)
ازاحت كرسيها بنفاد صبر وبصوت مرتجف قالت:
( هناك اشيئاء كثيرة تفصل بيننا ايها السيد. كل ما بيننا انك قدمت لي عرضا وارغمتني على القبول به.
هذا كل ما في الامر !)
( انك تخدعين نفسك ياسيدتي . فأنا لم اقدم لك أي عرض ، العرض الذي تتكلمين عنه
قدمته لابنه عمك كلير وليس لك!)
حملقت اندريا في وجهه مشدوهه وقلبها يكاد يقفز من صدرها ونهضت من مكانها وقالت بقناعة لم تكن تشعر بها :
( هذه مغالطه وانت تدرك ذلك . فلقد اعلنت موافقتي على عرض قانوني ولا ارى اي فرق بين هذا الامر والتدبير الذي اتفقت عليه مع كلير)
( لا اريد الدخول معك في أي جدل حول هذا الموضوع . بل اود ان ابين لك انهناك فرقا كبيرا ، فأنا لم اضم ابنه عمك كلير بين ذراعي ولم اشعر بجسمهايرتعش ولم ار الرغبة في عينيها )
شعرت اندريا بالكلمات تخنقها . خانها النطق ، واخيرا صرخت في وجهه:
( كيف تجرؤ على التفوه بهذا الكلام ؟ ليس لك الحق في ذلك)
( انت منحتني حقوقا كثيره يا اندريا عندما قبلت ان تصبحي زوجتي ويهمني تأكيد ذلك)
وراح ينظر اليها بعينين نصف مغمضتين واجتاحتها هستيريا شديدة وبدا لها وجهه في ضوء الشموع
كوجه الشيطان . واخيرا استطاعت ان تقول بعد صمت طال :
( سأنصرف الآن ايها السيد ربما وجدتك غدا في حال افضل)
تعمدت ان تسير ببطء لا ان تعدو باتجاة الباب وعندما مرت بقربه طنت انهسيمسك بها فجفلت . غير انه لم يأت بأي حركة بل أطلق ضحكة خفيفه وهو يراهاتتوارى خلف الباب.
كانت قد اصبحت في منتص الدرج عندما سمعت خطوات وراءها .
ارادت ان تجري فتعثرت قدنها بذيل فستانها الطويل وفي أقل من لمح البصر وجدت نفسها وجها لوجه مع بليز .
لم تعد الكهرباء تجدي فهمست بأسمه متوسلة ولكنه لم يبال . ضمها الى صدرة وعانقها بحنان.
كان عناقه رقيقا ناعما لا فظاظة فيه. ولا ابتذال . فأنهارت مقاومتها وشعرت بدوار في رأسها وكادت تهوي على الأرض لو لم تتمسك بسترته .
غمرها خجل عارم ولم تقو على النظر اليه فأغمضت عينيها مشيحه وجهها عنه . ارادته ان ينظر اليها ويملأ عينيه لكنه لم يفعل .
رأته يجتاز الغرفة بخطى ثابته وسمعت الباب يغلق وخطواته تبتعد .

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
قديم 27-03-09, 06:19 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

6- الوافد الجديد
استفاقت من نومها باكرا في صباح اليوم التالي وكانت تشعر بألم في رأسها لم تدع لأول وهلة سببا له ولا لتلك الكآبة التي غشيت كيانها .
لم يعد في مقلتيها دمع تذرفه لكثرة ماذرفت عيناها من دموع في الليلة السابقه . كانت مازالت غير مصدقه بانه عاملها بتلك القسوة . ايقظفيها رغبة كامنه وانتزع منها استجابه كامله ثم اعرض عنها هل كان يستحق تمزيقها لقميص النوم كل هذا الاذلال وذاك العقاب ؟
ولم يعزها ان عمله ارتد عليه وخطته فشلت بل شعرت بشكل لا يقبل الشكل بالجهد الخارق الذي كان عليه ان يبذله ليبعد جسمه المتمرد عن جسمها وكان عليه ان ينتزع نفسه انتزاعا وهي في ذروة استعدادها للعطاء .
نهضت من سريرها وانتعلت خفيها المطرزتين وجلست تفكر . لن تستطيع اتخاذ أي قرار نهائي قبل ان تهدأ . صحيح انها وعدت بليز بسنة من عمرها ولكن هذا التدبير لم يعد عمليا بعد ما جرى بينهما في الليلة السابقة .
ربما كان عليها ان تمكث في القصر ريثما يصل فليب وتصبح وصاية بليز عليه نافذه ونهائية وبعدها ترحل بوسعه ان يبرر غيابها كيفما يشاء .
تذكرت انها لم تكتب لكلير لتخبرها بما جد من تطورات ثم ما لبثت ان طوت فكرة الرساله لأنها ربما وصلت هي نفسها الى لندن قبل أي رسالة .
كان من السهل عليها ان تلقي اللوم كله على كلير ولكن قلبها لم يطعها والعقل قال لها ان ذلك ليس عدلا .
وعندما انطلقت في هذه المره المحفوفة بالمخاطر , كانت تحمل في رأسها بعض الاوهام التي سرعان ما تبددت .
كانت مثلا قد نجحت في اقناع نفسها بأنها ما رضيت بالزواج من بليز الا من اجل حماية عمها ماكس ولكن الحقيقة هي غير ذلك تماما . فهي ما برحت تقاوم انجذابها الى بليز مذ وطئت قدماها منزلة كانت اندريا عالقه في فخ من صنع يديها .
ارتشفت القهوة حتى اخر نقطه ثم غسلت فنجانها وتركته على المجلى ورأت ان تعود الى غرفتها وتكتب رساله الى كلير واخرى الى امرا عمها . لن تخبرها بالحقيقة كاملة بالطبع لكنها ستخبرها بعزمها على العوده الى لندن في اقرب فرصة وستطلب اليهما ان لا تقلقا بشأنها .
كانت تجتاز القاعه الكبيره عندما سمعت اصواتا من مكان قريب ظنت اول الامر انها كلونيلد واستعدت لملاقاتها فهي بلاشك سوف تلقي عليها محاضرة من نوع ما , وسوف تخضعها للاستجواب حول نهوضها المبكر ذاك الصباح .
انفتح باب غرفة الطعام وظهر بليز في حالة يرثى له . كانت سترته تتدلى باهمال من احد كتفيه وربطة عنقه اختفت . وكان قميصه مفتوحا حتى الخصر .
وقف امامها منبوش الشعر احمر العينين والجذامه تكسر ذقنه .
تقلصت عيناه عندما وقع بصره على اندريا وبدا وكانه يجد صعوبه في تركيز نظره . وكان على الطاولة خلفه زجاجه فارغة ... وعندما عرفها قال :
- اسعدت صاباحا يا سيدتي , ارجو ان تكوني قد امضيت ليلة هانئة .
تدفقت ذكريات الليلة السابقة الى رأسها . لكن ما لبثت ان سحقت تلك الذكريات واستحوذت على كيانها كبرياؤها المجروحه وكرامتها المهدورة واجتاحها غضب شديد .
رفعت رأسها بكبرياء وشموخ قبل ان تجيبه قائلة :
- على الاقل لم يكن علي ان استعين بالشراب !
- ألم تسمعي ابدا بما درج الناس على تسميته بليلة العازب الاخيرة ؟ اما انا ففضلت ان اعيش تلك الليلة بعد الزواج وليس قبله . هذا كل مافي الامر .
- ليس عليك ان تقدم أي تبرير لعمالك امامي ايها السيد واذا اردت ان تصل الى هذا الدرك فهذا شانك وحدك .
- لا تستفزيني ياعزيزتي ألم تأخذي من الليلة السابقه اية عبرة ؟
هزت كتفيها وتعمدت ان تدير له ظهرها لئلا يرى ما ارتسم على وجهها من مشاعر وقالت بحذر :
- انا لا اريد استفزازك . وما تفعله لا يعنيني في شيء ويتعلق بك وحدك وهذا كفيل على الاقل بعدم تدخل احدنا في شؤون الاخر .
- انك تخدعين نفسك , فلن اتأخر عن التدخل في شؤونك عندما لا ارضى عن سلوكك .
قال ذلك واقترب منها وراح يتأملها بعينين فيهما كآبة وحزن ثم تابع :
- ولذلك فأنني افضل ان تقللي من زياراتك الى البيت قرب البوابة .
اجفلها كلامه فنظرت اليه وعيناها تقدخان شررا واجابت :
- لن امتثل لهذا الامر ولا يحق لك ان تتوقع ... .
- بل ان لي كل الحق , لا تنسي انك زوجتي وعليك ان تتصرفي بطريقة لا ئقة .
- ليس هناك شيء غير لائق بالنسبة الى اجتماعي بآلان وردهاوس انني اجد رفقته مسليه , هذا كل مافي الامر .
- وهذا بحد ذاته يكفي !
- انني لا اصدق اذني ! لا تنس اننا ابناء وطن واحد في بلد غريبه ومن الطبيعي ان نتبادل الزيارات من وقت الى اخر . الا ترى ذلك ؟
- بل ارى ذلك وابعد من ذلك لكنني احذرك يا اندريا . فإن لم تنفذي اوامري سوف يجد ابن بلدك هذا نفسه مضطرا للتفتيش عن مكان اخر يقيم فيه لأنهاء دراسته .
- لم اسمع في حياتي شيئا اقل عدلا من هذا يا الهي , ان من يسمعك تتكلم هكذا يظن بأنك تشعر بالغيرة بدل ان ... .
- بدل ان ماذا ؟
- بدل ان تشعر كمن اعطى شيئا لا يرغب به ولا يشتهيه .
- ربما كان هذا صحيحا . ولكن اجدني مضطرا الى ان احذرك فعضتي اشد ايلاما من نباحي . كما يقول المثل ولابد انك اكتشفت ذلك انت بنفسك في اكثر من مناسبه , رجائي ان تأخذي ما اقوله كنصيحه من صديق وتعملي بموجبها .
- وهل للصداقه عنى بيننا ؟
سألته بيأس وتمنت بعد ان رات ما ارتسم على وجهه لو تسحب الكلمات ولكن ما قيل قد قيل وكان عليه ان يجيب . ومضت عيناه برهة ثم ما لبث بريقهما ان خبا وجاء صوته عندما تكلم خاليا من أي تعبير .
- ربما انت على صواب , فالصداقه لا تعني الكثير لنا بالنظر الى التدبير القائم بيننا . فما بيننا يمكن ان نسميه تحملا متبادلا .
انهى كلامه وهو يتمطى ويمرر اصابعه بين خصلات شعره الاسود. قالت :
- صنعت بعض القهوة وهي لا تزال ساخنه على ما اعتقد .
- انك تغمرينني بلطفك يا عزيزتي ... لو ان الظروف كانت مختلفه .
وعندما لم تجب اطلق ضحكه خفيفه ثم انصرف . وغمر اندريا شعور بالرضى وهي تهبط الدرج , فالاسبوعان اللذان صرفتهما في ترتيب العلية وتحيلها الى غرفة لفيليب اعطيا نتائج طيبه . كانت اندريا بمساعدة غاستون
قد طلت الجدران بلون اصفر هائى وغطت الارض ببساط وعلقت على النوافذ ستائر ذات الوان ونقوش زاهية غلب عليها اللونان البنفسجي والاحمر .
وكانت ايضا قد صنعت مجموعة من الوسائد والارائك وغطتها بقماش ذي الوان ملائمة وكدستها على افريز النافذه الداخلي وحولته الى مقعد مريح .
وكان غاستون قد اكتشف خزانه صغيرة في احدى زوايا القصر فاحضرها لها . طلتها اندريا حالا باللون الابيض وحولتها الى خزانة للألعاب والكتب وبذلك اصبح عليها ربما ان تشتري بعضا منها . لم تشأ ان تسأل بليز او تأخذ رأيه في هذا الموضوع لئلا يعتقد بانها كانت تتحرش به .
وفي أي حال لم يكن حتى ذلك الوقت قد ابدى اهتماما بما كانت تقوم به من اعمال .
وعندما احضر غاستون مزلاجا وركبه على النافذه وثبت الباب الموجود في ارض الغرفة كما طلبت اندريا , كان مخيم على المكان جو من الكآبة لم تستطع حتى الحمائم التي كانت قد صنعت اعشاشها على السطح المائل , ان تبدده .
لم يكن غاستون قد اتى على ذكر ماري دنيز اطلاقا غير ان صورة ذلك الطفل مابرحت في خيالها . هل دفعه احد من النافذه متعمدا قتله ام انه وقع عرضا ولقي مصرعه ؟
بدا لها انهماكها غريبا وهي لا تعرف الطفل . على ان ذلك لم يزعجها اطلاقا فأنشغالها في الاعداد لاستقبال فيليب صرفها عن التفكير في امورها الشخصية .
ولطالما حاولت ان تكون صورة عنه الا ان بليز لم يساعدها على ذلك واكتفى بانه كان كثير البكاء وبانه لم يره منذ كان في الاشهر الاولى من عمره .
لمست اندريا عدم اكتراث عند بليز تجاه الطفل فهو لم يكن يبدي أي اهتمام بكا ما يتعلق به لذلك لم تفهم سبب اصراره على حقه بالوصاية ,
اللهم الا اذا كان حب سيطرة وتملك هو الدافع الوحيد لذلك . اوليس في تصرفه تجاهها هي بالذات الدليل على ذلك ؟ وهذا الطفل , ألم يكن عليه ان يتغلب على شتى الصعوبات ليتأقلم مع بيته الجديد ؟
ربما كان شعور بليز بالمسؤولية تجاه اخيه المتوفى هو الدافع الحقيقي وراء رغبته في جعل نفسه الوصي الوحيد على فليب.
وكلمة مسؤولية بحد ذاتها كانت في نظرها مجرده من كل عاطفة واهتمام حقيقي . وفي هذه الحال ألن يكون من الافضل ان يبقى الطفل مع خالته التي كان من المفروض ان تكون قادره على منحه الحب والحنان اللذين محتاجهما طفل في عمره ؟
سرت قشعريرة في جسمها فتركت العلية وتوجهت الى المبنى الرئيسي ووقفت في القاعه الكبيرة وراحت تجول بعينيها في ارجاءها . عزمت ان توليها عنايتها حالما تفرغ من تجهيز غرفة فيليب .
ومع ان القاعه كانت تتطلب جهدا كبيرا لتصبح في حاله مقبولة . الا ان اندريا كانت تعلم تماما ماذا كان ينقصها ومالذي كان عليها ان تفعله لتضفي عليها جوا مرحا وجذابا .
توجهت الى المطبخ لتفتش على غساتون ووجدته جالسا يحتسي القهوة وعلى الطاولة امامه اكوام من الخضار والفاكهة بانتظار عودة كلوتيد .
كانت اندريا تجد غاستون صعب المراس ومشاكسا بالاضافة الى جهله اللغة الانجليزية وكانت تعتقد في سرها بانه غالبا ما يتظاهر بعدم الفهم لمجرد ان يراقبها وهي تفتش عن الكلمات المناسبة باللغة الفرنسية .
استقبلها هذه المرة بعينين صافيتين لا مكر فيهما ولا دهاء واشرق وجهه بابتسامة عريضة حين رآها .
- سوف يتساقط الثلج قريبا يا سيدتي .
- آه , كلا .
صرخت بغيض ولكن غاستون بدا واثقا مما قاله فعاد واكده قائلا :
- بلى ! سوف يسقط الثلج وسوف يقطع الطريق الى القرية .
لم يفرحها قوله وغمرها شعور بالكآبة فلقد كانت تجد متعه في الذهاب الى القرية سيرا على الاقدام ولطالما تخيلت نفسها بصحبة فيليب في نزهة بين الحقول .
وعدا ذلك كان المشوار الى القرية المتنفس الوحيد الذي تبتعد به عن القصر واهله . اما اذا قطعت طريق القرية فعلا فستضطر للبقاء في القصر وربما على امتداد ايام .
نظرت الى غاستون وقالت له :
- اريدك ان تشعل النار في الموقد في القاعه الكبيرة .
حملق غاستون في وجهها وهز رأسه وكانه اصيب فجأة بالسم ولم يعد يسمع شيئا . فعادت اندريا وكررت طلبها . ولدهشتها رأت غاستون يهز رأسه ولكن بعلامة الرفض هذه المرة وسمعته يقول :
- كلا يا سيدتي , هذا غير ممكن .
- بل ممكن لم أر في حياتي اكبر من الموقد الموجود في القاعه الكبيرة واذا ما اوقدت النار فيه فسيبدو المكان اقل وحشة .
وكان عليها ان تكرر ذلك القول مرتين ولكنها في المره الثانية استبدلت عبارة وحشة بعبارة اقل كآبة على ان غاستون وجد نفسه فجأة في محنة عظيمة .
اعتقدت اندريا في اول الامر ان غاستون كان يريد ان يتهرب من العمل الاضافي الذي كان ذلك سيجلبه عليه . رمته بنظرة خانقة ولم تملك الا ان ترى كميات الشحم التي تراكمت على جسمه وما لبثت ان خاطبته بنبرة آمرة قائلة :
- يمكنك ان تبدأ بتقطيع الحطب حالما تنتهي من شرب القهوة .
وبانتظار الححطب , اختارت ان تنظف بنفسها الموقد وتلمع البلاط حوله . وكان خيالها يدور وهي في ذروة انهماكها في هذا العمل حول الجو الدافي الذي ستضيفه على القاعة .
وما ان انتهت من عملها حتى اقبل غاستون حاملا رزمة من الحطب وعلى وجهه علامات التذمر والاستنكار .
نظر اليها بغيظ وقال بالفرنسية :
- هذا لا يجوز . علينا اولا ان ننظف القاسطل من السخام .
لم تفهم اندريا بالطبع شيئا مما قاله وابتسمت له وقالت :
- لا عليك ياغاستون . سوف ترى كم سيبدو المكان افضل بعدما تشعل النار .
هز غاستون كتفيه وكأنه استسلم لقدره المحتوم ووضع الحطب قرب الموقد . تناولت اندريا قطع الحطب وصفتها في الموقد بترتيب ثم اضرمت النار فيها وهي تبتسم بفرح .
وما كادت تبعد بضع خطوات حتى سمعت صوتا غريبا ينبعث من الموقد الذي مالبث ان انفجر مرسلا دخانا اسود كثيفا انتشر في القاعه كلها وغطى كل ما حوله بما في ذلك اندريا نفسها وغاستون بطبقة كثيفه من السخام .
- ياللجحيم !
صرخت اندريا بغيظ وهي تتراجع الى الوراء لتتقي مزيدا من السخام .
نظرت الى غاستون وكان قد اصبح اسود اللون من رأسه الى اخمص قدميه وتصورت نفسها وحالة شعرها ووجهها . وعندما رات ابتسامة الشماته على وجه غاستون لم تعد تتمالك اعصابها فجن جنونها وصرخت بشكل هستيري.
- لا تقف هكذا ! تحرك وافعل شيئا !
وما كادت تتفوه بهذه الكلمات حتى سمعت بوق سيارة في الخرج معلنا قدوم بعض الزوار . اسقط في يدها ولم تعد تدري كيف ستواجه بليز وهي في تلك الحالة وما عساه ان يقول لزواره مبررا استقبالهم في قاعة سوداء كالفحم وزوجته كأحدى المهرجات ...
نظر اليها غاستون وهز رأسه بتأسف ومرة اخرى تمتم بالفرنسية ما معناه بأنه كان يجب ان تنظف القساطل اولا .
اندفعت بعصبيه باتجاه الدرج المؤدي الى الطابق العلوي لتلوذ بالفرار قبل وصول الزوار . ولكن ويا للآسف كان قد فات الاوان اذ انفتح الباب فجأة وظهر فيه بليز بنفسه وكان برفقة صبية حسناء وفتى صغير .
تسمرت اندريا في مكانها ها ان فليب قد وصل اخيرا وبدون ان يعلن عن موعد قدومه .
التقت عينا الفتى بعينيها ورفع اصبعه يدل عليها ويصرخ بصوت حاد:
- ماهذا ؟
ارتفع في داخل اندريا انين صامت ورات الغضب يحل محل الدهشة على وجه بليز وبهرها جمال رفيقته المميز .كان جسمها متناسقا بغير طول مفرط . وبدت شديدة الاناقة في ثياب بدت انها اختيرت بعناية وذوق .
حولت الصبية نظرها الى بليز وبشفتين ساخرتين قالت له :
- ألن تقدم لي زوجتك ياعزيزي ؟
- بكل تأكيد .اجابها بليز وهو يتقدم باتجاه اندريا بضع خطوات وملامحه جامده كالصخر :
- اسمحي لي ان اقدم لك سيمون دالتون , خالة فيليب .
منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
قديم 27-03-09, 06:21 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

اجبرت اندريا نفسها على الابتسام وهي تعي تماما وضعها غير المؤاتي خاصة انها لم تكن في حالة تسمح لها بمصافحة سيمون . قالت :
- يؤسفني ان يكون استقبالك على هذا النحو يا آنسة . ان قدومك الآن قد فاجأني .
اتسعت ابتسامة سيمون تلك الابتسامة التي شعرت اندريا انها لم تكن لها بل عليها واجابت :
- يبدو ان بليز نسي ان يخبرك . ألم تصلك رسالتي يا عزيزتي ؟
خنقت اندريا في صدرها شهقة سخط . هل استلم بليز فعلا رسالة تخبره عن موعد وصولها واخفى الامر عنها ؟ ألم يكن يدرك كم تحتاج تلك الزيارة من تحضير مسبق؟ الم ير بعينيه كم صرفت من الوقت لتجهيز غرفة لفيليب؟
شعرت برغبة في البكاء ولكنها تمالكت اعصابها وحررت ذراعها من قبضة فيليب وبصوت هادئ قالت :
- اجدني مضطرة الى الاعتذار منكم جميعا فلدي الكثير لأقوم به في الحال .
- يبدو انك اهملتي شيئا مهما يا عزيزتي ! لم تسلمي على ابن اخي قريبك الجديد .
استوقفها بليز بصوت لاذع وقع على نفسها كالسوط .
علا في داخلها انين صامت وحولت نظرها الى الفتى الذي وقف يراقب المشهد امامه. لاحظت اندريا انه لم يكن طفلا جميلا بالمعنى المألوف لدى الاطفال .
كان نحيلاالى درجةالهزال شعره الاسود كهالة من الشوك حول وجهه الشاحب اما عيناه المستديرتان فكانت تنظران اليها بعداء سافر .
- فيليب .
قالت مرحبة وهي تفتح ذراعيها لتضمه اليها وتعتذر عن استقبالها :
- ارجو الا يزعجك السخام على ثيابي ... .
ولم تكمل اذ قاطعها فيليب بانتحابه عالية وركض نحو سيمون ودفن رأسه في ثيابها وصرخ وكأنه يحتمي من الشيطان :
- يا خالتي !
عضت اندريا على شفتيها ولم تجرؤ ان تنظر الى بليز لئلا ترى ما ارتسم على وجهه من تعبير . هي نفسها لم تكن تتوقع مثل ذلك اللقاء . تمتمت شيئا عن رغبتها في الانسحاب واسرعت تصعد الدرج الى غرفتها .
حرصت الا تلمس شيئا في الغرفة ودخلت الحمام لتستحم ولم تهدأ نفسها الا بعد ان ازالت كل السخام عن شعرها وجسمها ورجعت بيضاء نظيفة .
وما ان مدت يدها لتناول المنشفة الكبيرة استعدادا للخروج من المغطس حتى انفتح الباب فجأة وظهر بليز .
نظرت اليه مشدوهة وانعقد لسانها وكأنما مسها سلك كهربائي لفت المنشفة حولها مسقطه نصفها في الماء من شدة العجلة وبصوت مخنوق قالت :
- كيف تجرؤ ؟
- لا تكوني طفلة فمنظر امرأة عارية ليس جديدا بالنسبة الي وبضع سنتيمترات من المياه القذرة لا تشكل أي اغراء وانا اؤكد لك ذلك . جئت اعلمك ان السيده بريسون تنقل الآن ثيابك من غرفتك لأستقبال سيمون .
- آه .
قالت كمن وجد هذا التدبير الحلو الوحيد المعقول ثم اردفت :
- وانا الى أي غرفة سأنتقل ؟
- الى غرفتي .
حملقت فيه وكادت المنشفة ان تسقط من بين اصابعها التي اصبحت فجأة كالمشلولة . اخيرا قالت بصوت غير مصدق :
- انك تمزح !
- لم اكن يوما اكثر جدية .
اجابها وهو يرفع يده بتهكم ثم اضاف :
-اعفني الآن من نوبة هستيريا واعلمي انني لم اكن لأختار هذا التدبير لولا وجود اسباب تدفعني لذلك . اود ان يبدو زواجنا طبيعيا امام سيمون وهي بالطبع ستكون انطباعا اخر اذا ما اكتشفت ان لكل منا غرفته .
- ولكن قد نجد حلا اخر . ربما غرفة اخرى قرب غرفتك او أي شيء من هذا القبيل .
- لا تخشي شيئا ففي غرفتي اريكة كبيرة سأنام عليها .
- هذا مضحك. فزواجنا قد استوفى جميع الشروط القنونية ولا شأن لأحد بنوع العلاقة التي تربطنا .
وكادت ان تضيف عبارة سيمون خاص ولكن شيئا ما استوقفها .
- قلت لك ان لدي اسبابا .
اجابها بصوت بدا طبيعيا برغم الاجواء التي سيطرت على هذا اللقاء .
- اظن انه من حقي ان اطلع على هذه الاسباب .
- لا تتكلمي عن الحقوق يا عزيزتي ولكن اذا كنت مصره فأنني اقول لك بان لي كبريائي .
قال ذلك ونظر في عينيها واطلق ضحكة غريبة قبل ان يضيف :
- غريب ومثير هذا الامر . انا لا استطيع ان اتقبل نفورك مني بعد ان اعتقدت بأنني اعتدت على هذه البليو التي اصابتني لقد مضى وقت كاف لكسبني مناعه ضد هذه المشاعر ولكنك يا ملاكي قد جعلني اكتشف العكس تماما , واود ان يبقى ذلك سرا بيننا ما دامت سيمون موجوده معنا .وعليك ان تشكري ربك لأنني لن اطلب المزيد منك .
- كنت على علم بان هذا سيحدث !
اجابته بصوت فيه تحد واسنانها من البرد تصطك وتابعت :
- لقد كنت على علم بموعد وصول سيمون مع فيليب ولكنك لم تخبرني لكي تواجهني بالامر الواقع .
- لا تعذبي نفسك اؤكد لك بأنني لم اخطط بهذا الشكل الجهنمي الذي تتصورينه لمجرد ان اجذبك الى فراشي.ذكرت سيمون بالفعل انها سترافق فيليب وتوصله بنفسها ولكنني لم اصدقها واعتقدت ان الامر مجرد حيلة... .
توقف عن الكلام ونظر اليها بدهشة ثم قال :
- يا آلهي ! انك ترتجفين ايتها الحمقاء الصغيرة!
وتقدم منها وقبل ان تفقه ما كان يدور بخلده حملها بين يديه غير مبال بشعرها المبتل ولا بالمنشفة التي كانت تقطر ماء .انزلها من بين ذراعيه فجأة وباقتضاب قال :
- هيا ! نشفي نفسك يا سيدتي ولا تنسي ان هناك ضيوفا بانتظارك وبأن فيليب لم ير غرفته بعد .
وبرغم الفوضى التي عمت المكان بسبب نقل الثياب وتغيير الغرف , استطاعت اندريا ان تجد سروالا من المخمل الاخضر وسترة بيضاء ذات قبة مرتفعه
وارتدتهما بسرعه وهي موقنة في قرارة نفسها بأنها في أي حال لن تتمكن من منافسة سيمون باناقتها وستكون حمقاء اذا هي حاولت .
لم تكن مرتاحه الاعصاب وهي تهبط الدرج بل في حال من التوتر والاضطراب . كانت سيمون جالسه قرب المدفأة تدخن سيكارة وامامها فنجان من القهوة عندما دخلت اندريا الغرفة , اما فيليب فكان جالسا الى المائدة ويداه حول كوب كبير من الحليب .
ابتسمت اندريا تلقائيا لكي تخفي انزعاجا غريزيا شعرت به عندما طالعها هذا المشهد العائلي . لم يكن لقاؤها الاول مع فيليب مرضيا غير ان ذلك لم يزعجها لعلمها انه سيكون امامها وقت طويل لتصلح هذا الامر ولا بد ان تسنح لهما فرص عديدة توثق معرفتهما .
اختلست نظرة الى سيمون واغاظتها لمحة الاستخفاف التي راتها في عينيها وهي تجول بعينيها في المكان . تملك اندريا شعور مفاجئ بالكبرياء وشعرت بدافع عفوي يدفعها الى حماية ما يخصها .
رفعت اندريا رأسها باعتداد وشموخ وسألتها بتهذيب بالغ :
- هل هذه زيارتك الاولى الى سان جان دي روش يا آنسة ؟
لمعت العينان المائلتان بنظرة عابثة لم تخف على اندريا وبدون ان يرف لها جفن اجابت :
- يسعدني ان اقول لك انها الاولى ... انها ليست تماما البيئة التي تستهويني او التي يمكن ان يقبع عليها اختياري بشكل تلقائي . ولكن ما لنا ولهذه الرسميات , انا اسمي سيمون وات اسمك , آه ... ماذا قال بليز ؟ آه ... اندريا .
اسرعت اندريا توافقها الرأي بالرغم انها كانت تشعر في قرارة نفسها انهما لا يمكن ان تصبحا صديقتين .وهي في أي حال لم تكن ترتاح لها او تانس لوجودها .
وفي محاولة يائسة لكسر الجمود حولت اندريا نظرها نحو فيليب وقالت بموده وتحبب :
- اظن ان فيليب يريد ان يرى غرفته .
حملق فيليب فيها وارتسمت على وجهه علامات التمرد والعصيان وقال :
- لم اكمل شرب الحليب بعد .
اجابته برقه :
- خذ ما يلزمك من الوقت .
وضع الكوب من يده بنكد مريقا بعض الحليب على الطاوله ثم قال وهو ينزلق عن كرسيه :
- لا اريد ان اشرب المزيد ... الا تأتين انت ايضا ياخالتي ؟
هزت سيموت كتفيها ونهضت من مقعدها ورمت عقب سيكارتها في الموقد واجابته مبتسمه:
- كما تريد يا صغيري.
والتفتت الى اندريا والابتسامه اياها على شفتيها وقالت:
- هل تمانعين ؟ انا لا اريد ان ابدو متطفله .
- كلا بالطبع , فعلى الرحب والسعه .
اجابتها اندريا بصوت متخشب , لم تكن الامور تسير كما خططت لها ووجدت انه من المؤسف حقا ان تسمح لسيمون بأثارتها .
كانت اندريا قد رسمت في رأسها صورة لفيليب وهو يستعرض تلك الغرفة التي صرفت الكثير من جهدها ومن وقتها في تجيهيزها على نحو يحظى باعجابه ولم يخطر في بالها انها ستريه اياها امام جمهور من المتفرجين وعلى الاخص امام شخص مثل سيمون .
كان غاستون قد زيت مفصلات الباب ولذلك لم يسمع له أي صرير عندما فتحته اندريا التي مدت يدها تجاه فيليب بحركة ودية وقالت له بلهجة مسرحية :
- اهلا بك في مملكتك ايها السيد الصغير .
تجاهل فيليب اليد الممدودة وادخل يديه في جيوبه واجتاز العتبه .
وقف فيليب في الباب وراح يجول بعينيه في ارجاء الغرفة . كان رأسه الى الوراء ووجهه خاليا من كل تعبير وكأنه قناع غير مناسب لذلك الجسم الصغير . اخيرا نظر الى اندريا وسألها :
- هل هناك شيء يا سيدتي ؟
تقدمته اندريا على الدرج المؤدي الى العلية بصمت وكانه لا حول لها ولا قوة . وكانت سيمون وراءهما .
مرة اخرى وقف فيليب ينظر حوله بهدوء وصمت . رأت اندريا العينين السوداوين المستديرتين تجولان في انحاء الغرفة .
شيء ما تحرك في وجهه محطما ذلك الجمود والتحفظ الذي حرص على الاحتفاظ بهما وكأنه ليس طفلا صغيرا . اخذ نفسا عميقا ثم نظر الى اندريا وهو يتلعثم :
- هل قمت بكل ذلك من اجلي ياسيدتي ؟
شعرت اندريا بغصة في صدرها ولم تعرف مصدرها لكنها اجابته ببطء وبمنتهى الجدية :
- كله من اجلك انت يا فليب .
التفت اليها وكانه يراها للمرة الاولى وعلت شفتيه ابتسامه سرعان ما اختفت عندما جاء صوت سيمون من قرب الباب قائلا :
- انها بعيده عن باقي غرف القصر يا صغيري . هل انت متأكد انك لن تخاف هنا وحدك ؟
اكتست ملامحه بتلك المسحة المقلقة من الكآبة والجمود ورفع كتفيه بارتباك ثم اندفع نحو سيمون ودفن رأسه في ثوبها كما فعل سابقا .
نظرت سيمون الى اندريا وقالت لها بهدوء :
- انه طفل عصبي المزاج .
- فقط عندما يذكره احدا بذلك . قالت في نفسها وهي تنظر الى الرأس الاسود الصغير .
شعرت اندريا بوضعها الشاذ وهي ترتدي ثايبها استعدادا للعشاء وتضاعف ارتباكها عندما لاحظت وجود مخدتين جنبا الى جنب على السرير الكبير . ولكن لم يؤكد لها لها بليز بنفسه بانه سيمضي ليلته على الاريكة قرب النافذه ؟ كانت اندريا قد اكتشفت ان الحياة اقل تعقيدا عندما تكون بعيده عنه وها هو القدر الآن يرميها في طريقه كيفما توجه .
وشعورها بأنه هو الاخر كان مجبرا على هذا التدبير وبأنه لم يختره طوعا ازعجها كثيرا وزاد في تعاستها .
وجدت اندريا سيمون في غرفة الطعام وكانت رائحه عطرها تملأ المكان وبدت في ثوبها المفتوح من الظهر كثيرة التكلف بعيده عن البساطه وكأنها تخلت عن كل الكوابح والضوابط .
وبدا فيليب الذي جلس بقربها على الاريكة صغيرا ومنطقيا وكان نظره منصبا عليها وهي تتكلم وتؤثر وشر وتبتسم وكأنه مبتعد في هيكل .
استدار بليز قليلا عندما دخلت اندريا والتقت عيناهما ثم افتر ثغره عن ابتسامه عذبه ورفع كأسه وكانه يشرب نخبها . كان تصرف اندريا غريزيا. فاتجهت نحوه ورفعت وجهها اليه فانحنى عليها وطبع على وجنتها القبلة التقليدية .
كانت سيمون تراقب المشهد بعينين وصفتهما اندريا في سرها بعيني افعى .
كان الحديث حول المائده عاما واستأثر موضوع التعاونية الزراعية بجزء كبير منه . وبدت سيمون عالمة بكل التفاصيل وهذا ما ازعج اندريا التي وجدت بانشغالها في امور البيت عذرا وقبولا لا بتعادها عن كل تلك الامور .
وفي أي حال , كيف كان لها ان تعرف كل تلك الامور ان لم يطلعها عليها بليز بنفسه وهو من كانت تتعمد الابتعاد عن طريقه .
اخذت اندريا على نفسها محاولة جعل فيليب يرتاح بعض الشيء ويتفتح لها ولكن ماحولاتها المتعدده ذلك المساء باءت جميعها بالفشل وبدا فيليب تعبا وغير راغب في الحديث .
لم تتابع اندريا الحديث الذي كان يدور بين بليز وسيمون لا نشغالها بفيليب ولكن استوقفها فجأة جملة نطقها بليز مقاطعا سيمون التي كانت تقول وكانها تجادل وتبدي اعتراضا:
- كيف تقول هذا .. ؟ لقد كانت بيل ريفبير...
قاطعها بليز يقول بنبرة قاطعه :
- بيل ريفبيز لم تعد موجوده . اختفت وزالت من الوجود .
وبدا لاندريا بان كلمات سيمون احيت في نفس بليز ذكريات مؤلمه اذ ما لبث ان قال :
- ارجوك ان لا تقارني هذا مع بيل ريفبير .
عندما رمته سيمون بنظرة حانقة ووضعت الشوكة من يدها وقالت انما بصوت فيه اعتدال :
- حسنا كما تريد .
ولكن اندريا شعرت بشكل لا يقبل الجدل بان سيمون لم تكن مستاءة ابدا من ردة الفعل التي اثارتها كلماتها بل على العكس بدت وكانها سجلت انتصارا .
حاول فليب ان يخفي تثاؤبه ولكنه لم ينجح فسلطان النوم كان اقوى منه فنهضت اندريا من مكانها وقالت:
- ياله من طفل مسكين . انه يكاد يغفو على كرسيه . سأضعه في فراشه لو سمحتما .
- آه ... دعيني اقوم بهذا العمل عنك .
قالت سيمون وهي تنهض وبدت عيناها كبيرتين في وجهها وارتسم على شفتيها المتدليتين تعبير قائط فيه رغبة مكبوته واضافت :
- قد تكون هذه المرة الاخيرة التي اضعه فيها في فراشه واروي له قصة قبل النوم . اما انت فيمكنك ان تستمتعي بكل طفولته المتبقية . لاتحرميني من هذا يا اندريا ارجوك !
- لم تعد اندريا في وضع مؤات ابدا اذ بدت وكأنها تستكثر عليها بضع لحظات مع ابن شقيقتها . وكان هذا صحيحا الى حد ما اذ كانت سيمون ستحرم من الطفل .
تمتمت اندريا موافقه ثم رأت فيليب بطرف عينها يسير بجانب خالته وكانه يحتمي بها . وعندما وصلا الى الباب استدارت سيمون ورمت اندريا بنظرة باسمة من عينها المائلتين .
تملك اندريا شعور بالفشل والاحباط وما ان جلست في كرسيها حتى سمعت لعنة تخرج من بين شفتي بليز الذي قال لها معنفا :
- لماذا سمحت لها بذلك ؟ كان عليك ان تضعي فيليب في فراشه بنفسك .
كادت الدموع تنهمر من عيني اندريا وقالت :
- يمكنك ان تتصرف بكرم. الاطفال يحبون هذه الطقوس قبل النوم عادة وفي أي حال قد يساعده ذلك على النوم الهادئ ... .
لم يعلق بليز بشيء ولكنها رأت وجهه متجهما وعابسا .
نهضت اندريا مستأذنه وقالت:
- اريد ان آوي الى فراشي لو سمحت . كان يوما شاقا على الجميع .
نهض بليز ايضا وتوجه نحو احدى الخزائن وتناول منها زجاجه من الشراب . انحنى لها بسخرية وهو يسكب في كأسه بعضا منه وقال :
- رافقتك السلامه يا سيدتي . لا تخافي فلن ازعجك اطلاقا , فكما ترين لدي رفيق هذا المساء .
قال ذلك وهو يشير الى الزجاجه بيده ويسكب منها المزيد في كأسه .
عضت اندريا على شفتيها بغيظ وقالت :
- هناك ايضا سيمون فلا شك لديكما ما تتحدثان عنه , ذكريات ماضيه , ومشاريع جديده .
ولم تدر أي شيطان جعلها تتفوه بهذه الكلمات لأنها ما ان انتهت حتى رأته يضع الكوب من يده ببطء وتأمل ويقول بصوت كالفحيح :
- ماذا تعنين ؟
- لا اعني شيئا ولكن يبدو لي انكما تعرفان بعضكما منذ وقت طويل ولا بد ان هناك ذكريات تجمعكما .بيل ريفبيز مثلا .
- ذكريات مؤلمة ولا احب ان استرجعها .. ليس لدي ما ابحثه مع سيمون يا عزيزتي .
لاذت اندريا بفراشها تطلب النوم الذي جفا مقلتيها تلك الليلة وراحت تتقلب من جنب الى جنب وهي تشعر بصداع شديد وبألم عميق في نفسها . حاولت عبثا ان تطرد الصور والهواجس التي غزت مخيلتها .
وبرغم الدفء المنبعث من الغطاء في سريرها , اعترت اندريا رجفة شديدة عندما سمعت الباب يفتح بهدوء . اغمضت عينيها وظلت ساكنه لا تأتي بحركة وقلبها يقفز في صدرها مع كل خطوة من خطوات بليز التي كانت تروح وتجيء في الغرفة .
سمعت صرير احدى الخزائن فقدرت انه يفتش عن اطية وشراشف ثم اقتربت خطواته منها فحبست انفاسها .مد رأسه فوقها وقال :
- لا تجزعي يا سيدتي , لا اريد سوى مخدة . ولا احسبك تضنين علي بمثل هذا الطلب .

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
قديم 27-03-09, 06:22 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

8- كابوس الصبي
قرعت اندريا الباب مرات عدة قبل ان يفتح لها الآن اخيرا . وما ان رآها حتى بادرها بالقول :
- انه نائم .
- هل هو بخير ؟
- هذا يتوقف على تفسيرك للأمور .
قال ذلك وهو يقف جانبا ليفسح لها الطريق لتصعد الدرج ثم تابع :
- انه طفل مشوش التفكير ومرتبك. ولا شك انك لاحظت هذا الامر بنفسك .
- لا حظت هذا بالفعل .
كان فليب يرقد على السرير في زاوية الغرفة وعلى وجهه اثار دموع لم تجف . وكان تنفسه بطيئا ومنتظما ووجهه خاليا من أي تعبير .
- لقد راودته احلام غريبه .
قال آلان وهو يمسك ابريق الشاي بين يديه ويهزه قبل ان يضعه على النار . ثم اردف موضحا كلامه :
- ما الذي جعلك تخبرينه قصة ماري دنيز وولدها ؟
- لم اخبره أي شيء من هذا . وهل تظنني على هذه الدرجة من الغباء ؟
- كلا بالطبع . ولكن كان علي ان اتأكد . ربما مدبرة المنزل , ما اسمها ؟ كلوتيلد اظن اخبرته .
- كلوتيلد لا تفعل لك. لأنها تعتقد ان مجرد ذكر القصة نذير شؤم .
شغل آلان نفسه بتحضير الشاي . وكان غارقا في تفكير عميق عندما ناولها فنجانها . ثم قال ببطء وكأنه يزن وقع كلماته :
- هل تعلمين انه يعتقد ان عمه يريد قتله ؟
- ماذا تقول ؟
صرخت اندريا مذهوله وكاد الفنجان يقع من بين يديها واتسعت عيناها دهشة : اجابها آلا ن:
- انها الحقيقة . فيليلب يحمل في رأسه اعتقادا راسخا بأن زوج ماري دنيز كان يحمل هو الآخر ندبة فوق خده . وبأن عمه زوجك هو حفيده الذي سيجعل التاريخ يعيد نفسه ولهذا السبب بالذات وضعه في العلية .
رشف قليلا من الشاي واستوى في مقعده قبل ان يتابع :
- ما من مره حظر فيليب الى هنا الا وراح في سبات عميق يبدو انه لا يعرف طعما للنوم وهو في تلك العلية حيث يستولي عليه الخوف ويمنعه من النوم , وحدث اكثر من مره ان سمعته يهذي بكلام لم افهمه في البدء اذ كان بالفرنسية ولقد سمعته يردد كلمة الندبة عدة مرات .
- هكا دعا بليز هذا الصباح .
قالت اندريا وهي شاردة الفكر . ووضعت يديها حول فنجان الشاي تطلب الدفء وتطرد بردا تسلل الى كيانها . نظرت الى آلان ... وتابعت :
- اشعر انني مسؤوله الى حد ما . فانا اخترت العلية له , ولم يدر بخلدي ان قصة ماري دنيز ستصل الى اذنه , فمثل تلك القص لا تروى عادة للأطفال وعلى الاخص لطفل مثل فليب سهل الانقيادب .
- ولكن من أي جاء بتلك الفكرة من ان زوج ماري دنيز كان هو الاخر يحمل ندبة فوق خده ؟
- لا ادري . انا نفسي لم اكن اعلم هذا .
- بالطبع فهدذ قصة اخرى .
انعقد لسانها من فرط الانفعال لكنها اخيرا قالت:
- هذا منتدى القسوة !
- بالفعل .
اجابها آلان وهو يرشف اخر قطرة شاي في فنجانه ثم اضاف :
- انا لا ادري من هي سيون ولكنني على يقين من ان وجودها هنا هو مصدر الفتنه. ذكر فيليب عن خلاف بينها وبين بليز على الوصاية.
- نعم .
اجابته بصوته خافت وتابعت :
- انها خالة فيليب ولد ساءها ان يحرمها بليز من حق الوصاية على ابن اختها ولذلك رفعت القضية الى المحاكم لتنظر بقانونية وصية جان بول لوفالييه .
- آه انها بدون شك جميلة لكنها لاتوحي الي بالثقه ولا تبدو لي من النوع الذي يتعلق بالاطفال , فأي مصلحه لها بذلك ؟
- لا شيء على ما يبدو .
اجابته وهي تحدق في وجهه ثم اضافت :
- كان هناك بيت ومزرعه يطلقون عليها اسم بيل ريفبير وذهبت المزرعه وكذلك البيت طعما للنيران فوضعت الدوله يدها على الارض بعد ذلك لقاء اجر بسيط تدفعه للورثة . ولم يبق أي شيء لفيليب لكنه يبقى الوريث الوحيد لعمه .
- الى ان يرزق بليز بوريث من صلبه .
علا الاحمرار وجهها عند سماعها تلك الكلمات وقالت وهي تحاول ان تتمالك نفسها وتبدو طبيعية :
- بالطبع ان بيل ريفبير هي سبب هذا العداء المستشري بين بليز وفيليب , لقد تسبب الحريق الذي التهمهما بموت جان بول وهو شقيق بليز . بليز يعتقد نفسه مسؤولا عما حدث ويلقي اللوم على نفسه وفيليب كذلك يلقي اللوم كله على بليز . ومما لا شك فيه ان فيليب يحمل في رأسه صورة مشوهة عن الواقع .
- انها ليست المرة الاولى في التاريخ . فهي اعادة واقعيه لقصة هاملت ان يحاول احد تدمير انسان ينفث السموم في اذنيه فهذا يوازي جريمة قتل في نظري .
كان فيليب في تلك الاثناء يتقلب في فراشة ويتمتم كلاما غير مفهوم .
قام آلان واتجه نحوه وانحى فوقه وقال :
- مرحبا يا صغيري . ها هي امرأة عمك اتت لتصحبك .
جلس فيليب وذراعاه حول ركبتيه وراح ينقل نظره من آلان الى اندريا . واستقرت عيناه اخيرا على اندريا وسألها بصوت كسير :
- اما زال عمي غاضبا ؟
- اعتقد ببأنه متألم .
اجابته اندريا بصوت ثابت وبرغم ما اثارت كلمات آلان من هواجس في نفسها استطاعت ان تقول بهدوء :
- كيف تفوهت بتلك الكلمات يا فيليب ؟
هز الطفل كتفيه بكآبة وقال :
- لكنها الحقيقة .
اجابها فيليب باقتناع .
تنهدت اندريا بصمت وقررت ان لا تسترسل في ذلك الحديث ليقينها انها لن تخرج منه بنتيجة مرضية .
مدت يدها لفيليب مشجعه وقالت :
- هيا ياعزيزي. تعال والا ظنت دلفين بانك هجرتها . يجب ان تقدم لها الطعام .
كانا قد اقتربا من الاسطبل عندما سألته اندريا بلطف :
- هل تود ان انقلك الى غرفة اخرى يا فيليب ؟
اكتفى بالنظر اليها ولم يجبها ورات ان توضح اكثر فقالت :
- يوجد غرف كثيرة في القصر وبامكانك اختيار الغرفة التي تعجبك .
ابتلع ريقه بعصبيه وهز رأسه علامة النفي .
- هل انت متاكد من ذلك ؟ يمكنك ان تختار غرفة في البناء الرئيسي وتكون عندها قريبا مني . صحيح ان العلية بعيده نوعا ما ولكن يمكنني ان اسمعك ان انت ناديتني في الليل .
احنى رأسه وشرد فكره بعض الشيء ثم اجابها :
- انني اشكرك يا سيدتي ولكنني افضل البقاء حيث انا .
كان غاستون على باب الاسطبل عندما وصلا اليه . وما ان وقع نظره على فيليب انفجر بكلام غاضب بالفرنسية وكان يصرخ ويلوح بيديه .
تنهدت اندريا بنفاذ صبر وقالت :
- ما الامر الآن يا غاستون ؟
- لا شيء يا سيدتي . فقط انظري بنفسك.
قال ذلك وهو يشير بيده الى كومة الخشب تلك ما كانت الا المزلجة التي كان غاستون قد انفق جهدا مضنيا لاصلاحها وتجديدها ...
واستقرت المطرقه التي افتقدها غاستون في الصباح فوق كومة الخشب وكأن من انهال على المزلجة ضربا قد حل به التعب فجأة فألقاها من يده .
صعقت اندريا لهذا المشهد ونظرت الى فيليب الذي وقف جامدا كالتمثال بقربها وشعرت وهي ممسكة بيده بانه كان يرتعش من رأسه الى اخمص قدميه.
انحنت اندريا فوقه ونظرت في عينيه وهي تخاطبه قائلة :
- لماذا فعلت ذلك يا فيليب؟ ألأنها كانت لعمك بليز ؟ لقد كانت لوالدك ايضا والآن انظر ما حل بها !.
تملص من بين يديها واندفع يعدو التقط غاستون المرقه ونظر الى اندريا بحيرة واضحه وقال لها بصوت كئيب :
منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
قديم 27-03-09, 06:23 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- انظري ياسيدتي. هذه هي المطرقة التي كنا نبحث عنها لكن اين الادوات الباقية. لماذا يريدها ياترى ؟ لا شك ان في داخله شيطانا .
- شيطان اليأس . قالت في نفسها وهي تبتعد بخطى مترنحه . ازعجتها هذه الحادثة كثيرا وان دلت على شيء فعلى جنوح الى العنف مخيف .
مالذي دفعه الى ذلك العمل وهو الذي احب المزلجه من اول نظرة واقبل عليها وراح يلعب ويتسلى بها كسائر الاطفال ؟
لم تدر ان كان عليها ان تلحق به . فخبرتها في التعامل مع الاطفال كانت محدوده ولم يكن لديها من تستشيره في مثل تلك الامور .
ترقرقت الدموع في عينيها وهي في طريقها الى القصر وما ان وصلت اليه حتى اغمضت عينيها واسندت ظهرها الى الباب الكبير مستمده من صلابة الخشب ومتانته عزما جديدا .
- ماذا بك ؟ هل انت مريضه ؟
جاءها صوت سيمون التي وقفت في اسفل الدرج وفي يدها سيكارة راحت تنفض رمادها بعصبية لم تلحظها اندريا فيها قبل تلك اللحظة .
- انا بخير .
- اين فيليب ؟ ابتدأت بأعطائه بعض الدروس وحان وقت الدرس الآن .
- لابد انه يلعب في الخارج .
اجابتها اندريا بشكل عفوي وفي داخلها صوت يقول بأن سيمون لا يجب ان تعرف مادار من احداث الصباح.
- يلعب ام يجلس مقطبا جبينه؟ انك تنسين مدى معرفتي به يا عزيزتي ! وانا اقول لك بأنه طفل غريب الاطوار . فهو صاحب مزاج متقلب . وهو ليس قادرا على حجب الحب فقط بل انه قادر على الكراهية .
غطت اندريا عينيها بيديها وبصوت وكأنه آت من مكان بعيد قالت :
- ما هذه اللعبة التي تلعيبها يا سيمون ؟ ما الذي تريدينه بالضبط ؟
- ليس هناك أي لعبة يا عزيزتي اندريا صدقيني كل مافي الامر انني رغبت في ان اجعلك ترين الامور على حقيقتها لا ادري ما الذي قاله لك بليز ولكن الا ترين انه من الافضل لفيليب ان يظل معي ؟
وفجأة ارتسمت على وجهها ابتسامة ساحرة واسدلت على عينيها ستارا من الرموش الطويلة السوداء وتوجهت الى اندريا تقنعها قائلة:
- من السخف ان نكون انا وانت على خصام ,فاذا اقنعت بليز بالتخلي عن فيليب اخذته وخرجنا من حياتكما في الحال . اما اذا بقي معكما فسوف ترين كيف ستتضاعف مشاكلك بعد ذهابي .
- انك حقا مقنعه. لكن يجب ان تقنعي بليز وتتكلمي معه في هذا الموضوع واعتقد بأنه مصمم على الاحتفاظ بفليب مهما كان الثمن .
رمت سيمون بعقب سيكارتها على الارض وداست عليه بقدمها وقالت بلؤم:
- لقد ابتدأ فعلا يدفع الثمن ! وكان الاستحقاق باهظا . أليس كذلك؟
توقفت قليلا لتتأكد من وقع كلامها على اندريا ثم تابعت :
- حتى انا استطيع ان اشفق على بليز ليس بقليل عليه ان يضطر للاحتفاظ بزوجه لا يربطه بها أي رابط غير ذلك الطفل! لاشك ان زواجكما كان زواجا قسريا وانا لم انخدع به على الاطلاق .
- اظنك تعنين زواجا اضطراريا . ولكنك على خطأ يا آنسه ربما كانت البداية هكذا لكنني اصبحت احب بليز واعتقد انه ابتدأ يبادلني هذا الحب .
- مشاعرك نبيلة وآسرة يا سيدتي . غير انك ساذجه وتسمحين لعواطفك ان تتغلب عليك . انا لا أشك لحظة في ان بليز يسره ان يجعلك تعتقدين هذا فهو لا يستطيع البقاء عازبا . لن يدعك تتذمرين ولن يكون لديك ما تشتكين منه انه عاشق ممتاز هذا ان استطعت ان تتغلبي على نفورك من وجهه . انا شخصيا لم استطع !
- ماذا تعنيني بكلامك ؟
- الا تعرفين حقا ؟ فلقد كنا انا وبليز خطيبين .
- قبل الحريق الذي التهم بيل ريفبير ؟
- بالطبع . وعندما اخرجوه ورأيت ما حل بوجهه اعترف بأنني جننت ولم استطع النظر اليه وفي الحال تملكني شعور غريب وهو انني لن ادعه يلمسني ثانية . كان هذا بالطبع مؤلما لكلينا . ولكن في النهاية كان اسهل عليّ من محاولة اخفاء نفوري ومشاعري فيما تبقى لنا من حياة معا . لقد كان ذلك مستحيلا ...الان ربما فهمت السبب في اصرار بليز على حرماني من الوصاية على فيليب هذه طريقته للانتقام مني لأنني فسخت الخطوبة ... كان من الممكن ان اكون الآن سيدة لوفالييه ! اليس هذا غريبا؟ اتدرين انه مازال يريدني ؟ لكنني قطعت عليه الطريق ليس بسبب الندبة فقط ولكنك زوجته وتستحقين ولاءه ولهذا عليك ان تشكريني .
- شكرا لك .
اجابتها اندريا بصوت متخشب واسأذنت بالانصراف .
- تفضلي .
اجابتها سيمون بالفرنسية وهي تقف جانبا لتفسح لها الطريق , ثم استوقفتها فجأة قائلة :
- دقيقة من فضلك , لقد منحتك بليز وان الآن مدينه لي وعليك ان تمنحيني فيليب في المقابل .
استدارت اندريا لتواجهها مستجمعه كل ما تبقى لها من رباطة جأش وقوة اعصاب واجابتها :
- انا لا ادين لك بشيء يا آنسة . اما فيما يخص فيليب فانك لا تستحقينه وبليز ايضا لا يستحقه .
الآن فقط اتضحت امامها الصورة كاملة وكان عليها ان تتخذ قرارها النهائي .
دخل غاستون غرفة الطعام ليشعل نار الموقد وما ان رأته اندريا حتى سألته اذا كان قد رأى فيليب واستطاعت ان تبتسم له بمرح عندما اخبرها بأنه قد رآه مع خالته يقومان بنزهة .
اشتد هطول المطر مع هبوط الظلام وغمرت المياه كل شبر في الخرج وابتدأ الثلج يذوب .
ظنت ان الاغتسال بالماء الساخن سيريح اعصابها ولكنها خرجت من الحماما باعصاب مشدودة وكأوتار الكمان وجلست امام المرآة تسرح شعرها وتترقب خطوات بليو في الرواق .
سقطت الفرشاة من يدها عندما وصل اخيرا وكانها اصيبت بالشلل وارادت ان تكمل زينتها لكن يديها المرتجفتين لم تسعفانها .
التقت نظارتهما في المرآة كان يبتسم وظنت اندريا ان قلبها سيتوقف عن الخفقان كانت في وجهه رقة وفي نظرته حنان .
اجتاز الغرفة بخطوات سريعه وعندما اصبح بجانبها انحنى فوقها وطبع على عنقها قبله افقدتها توازنها ثم اتبعها باخرى جعلت الدنيا تدور من حولها .
- ثوب اسود ؟ هل انت في حداد يا جميلتي ؟
ارادت ان تصرخ في وجهه وتقول انها كانت فعلا في حداد على ما تبقى لهما من ايام معا لكنها فضلت الصمت في هذا الموضوع واجابته:
- ظننته انيقا الا يعجبك ؟
- لست متأكدا من اعجابي به , ولكن اعتقد ان فيه ما يعوض عن سواد لونه .
ارتعدت فرائصها وهي تشعر بأنامله فقال لها مطمشنا :
لا ترتجفي هكذا ياعزيزتي .
وكان في صوته حنين وفي نظراته رغبة ثم اضاف :
- لابد انك علمت وانت تردين ثيابك هذا المساء بأنني سأجعلك تخلعينها لاحقا .
انتزعت نفسها من بين ذراعيه وقالت :
- ولكن ليس الآن ليس هكذا يا بليز , فالعشاء سيكون جاهزا بعد قليل والجميع بانتظارنا .
- فلينتظروا .
- كلا ارجوك يا بليز دعني .
جمد في مكانه ثم رفع رأسه ببطء واطال النظر اليها وفي عينيه بريق غريب كاد يفقدها اعصابها ثم قال :
- اذا كانت هذه مشيئتك يا سيدتي فليكن .
وجدت سيمون وحدها في غرفة الطعام واكنت تقف قرب النافذه وتروتدي ثوبا ابيض فابتسمت بمكر وكأنها شاهدت جميع فصول المسرحية التي دارت بينها وبين بليز منذ لحظات :
نظرت اندريا حولها وقالت :
- اين فيليب؟
- انه في غرفته وسيتناول العشاء فيها .
اجابتها سيمون واتجهت الى خزانة جانبية وسكبت لنفسها مقبلا ورفعت الكوب بحركة ساخرة وكأنها تشرب نخب اندريا وقالت لها :
- اهلا بك . اعتقد بأن فيليب اخذ بردا اثناء نزهة الثلج.
لم تجيبها اندريا في الحال وبعد قليل من الوقت قالت:
- في هذه الحال سأصعد اليه لأتفقده .
- كما تشائين . قد تجدينه مستغرقا في النوم الآن وسيكون عليك ان توقظيه .
- اعدك بأنني لن اوقظه .
دخلت اندريا العلية ورأت فيليب مستلقيا على ظهره واحدى ذراعيه خارج الاغطية . كان تنفسه منتظما ولكنها عندما لمست جبينه وجدته ساخنا بعض الشيء. وكان على المنضده قرب سريره قنديل صغير .
سمعت اصواتا من غرفة الطعام وايقنت انه بليز . اخذت نفسا عميقا ودخلت الغرفة . كانت سيمون تقف قبالة بليز وتكاد تلتصق به ثم رفعت يدها ببطء واثارة واحاطت يده التي كانت ممسكة الكأس .
رجع بليز عدة خطوات الى الوراء عندما رأى اندريا تدخل الغرفة وبتهذيب وذوق سألها وهو يرسل اليها نظرة فيها تحذير واضح :
- هل تودين كأسا من الشراب يا سيدتي ؟
قبلت اندريا عرضه وشكرته وخطر لها ان تعتذر لقطع خلوتهما وتنسحب لكنها عادت وآثرت الحكمة والصمت حفاظا على كرامتها .
- انك شديدة الشحوب يا عزيزتي .
جاءها صوت سيمون وكانه من واد سحيق وسمعتها تضيف باهتمام مصطنع :
- ارجو الا تكوني تعرضت للبرد مثل فيليب .
- لا اظن ذلك ... ولكنني اشعر بصداع هذا المساء .
تناولت اندريا الطعام بشكل آلي وبدون شهية وكانت عينا بليز تراقبانها عن كثب ثم ما لبث ان قال بتهكم :
- هل فقدت شهيتك الى الطعام يا عزيزتي ؟
ولم يغب عن بالها ما تضمنته كلماته من معنى فأحمر وجهها وزاد ارتباكها . وما ان وصلت السيده بريسون بالقهوة حتى وجدت اندريا الفرصة مؤاتيه لتستأذن بالانصراف ببضع كلمات متقطعه .
لو كان بالباب قفل لأوصدته وتحدت غضبه . ولكن بغياب القفل لم يكن بوسعها الا ان تحضر الاريكة مثل كل مساء وان لم يستعملها هو فلن تتردد هي في الانتقال اليها .
اسرعت ترتدي قميص النوم برغم الصوت الذي علا في داخلها يدعوها الا تفعل . ارتدت المبذل فوقه وشدت خصرها الناحل بالحزام وجلست تنتظر قدومه وابقت القناديل مشتعله فلم تكن مهيأة لليلة مع بليز في الظلام .
انحنت فوق الاريكة تسوي تقضبا لم يكن هناك وفجأة رأت بليز يقف وظهره الى الباب .
تسمرت في مكانها مصعوقه .كيف دخل الغرفة بدون ان تسمع وقع خطواته ؟
تعلقت عيناه بعينيها في صمت وبعد قليل قال :
- هذا الصابح ضممت الى صدري امرأة ارادتني بقدر ما اردتها ! اين ذهبت تلك المرأة ؟ ومن هي هذه الطفلة التي تقف امامي الآن وتظهر لي كل هذا العداء ؟
- ما تقوله لا يمت الى العدل بصله !
- لا يهمني مفهومك لما هو عدل وحق . كل ما ابغيه هو جواب بسيط لسؤال بسيط , انا هنا لأسأل عن المرأة التي عرفتها هذا الصباح . هل هي موجودة ؟
تحول نظره الى الاريكة وعندما استوعب الصورة وما كانت توحيه ضاقت عيناه وقال :
- ما معنى هذا ؟
- لا تعقد الامور يا بليز . لم يتغير أي شيء بعد.
- كل شيء تغير وانت تعرفين ذلك . لقد انتهت المسرحية يا عزيزتي وانت زوجتي وستقاسمينني فراشي .
انتظر برهة ثم خلع قميصه وقال وهو يفتح ذراعه ويدعوها اليها :
- الا تأتين ؟
وعندما لم تتحرك قال :
- لا تجعليني آتي بك بالقوة يا اندريا .
- اني اكرهك .
- لا فرق .
- كان الامر يختلف هذا الصابح .
- هذا الصابح كانت العاطفة الصادقه تجمع بيننا لكن هذه الليلة ولأسباب اجهلها اخترت ان يجمعنا الواجب . القرار لك ياعزيزتي .
- انك تطلب الكثير. لست بالنسبة اليك الا زوجة تقوم بمهمتها انت بنفسك قلت ذلك واذا كنت تبغي المزيد فلماذا لا تطلبه من سيمون يبدو انها لانت تجاهك .
ارتدت ملامحه تعبيرا شيطانيا وقال وهو يصر بأسنانه :
- لن اضربك , كلا ولكن في الصابح ستكونين قد تلقيت درسا لن تنسيه .
شق السكوت صوت بعيد ظنت اندريا انه صادر عنها ولكن ....
- فيليب .
صرخت وبها رعب غريب . وبقفزة سريعه كان بليز على قدميه وهرع خارجا .
كانت الصرخات تصم الاذان وعندما وصلت اندريا الى العلية اخيرا وجدة السيدة بيرستون في الغرفة وكانت قد سبقتهما اليها وانحنت فوق فراش فيليب تحاول عبثا ان تكلمه .
كان جاثما على طرف السرير وجسده الصغير يرتعد من رأسه الى اخمص قدميه وكانت عيناه تنطقان بالرعب وكذلك شفتاه .
التفتت اليهما السيدة بريستون وقالت بآلم :
- سيدتي , سيدي .
- اسكت يا فيليب , ما بك ؟

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحصن المرصود, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, سارة كريفن, place of storms, sara craven, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:59 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية