كاتب الموضوع :
تمارااا
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
توقف فجأة وكأنه شعر بما يخالجها من مشاعر وأحاسيس وهي تستمع اليه:
( لا ريب حديثي عن النزاعات التافهة في عائلتي يبعث في نفسك الملل .
ولقد مضى على وفاة والدي رحمة اللهسنتان وجان بول وزوجته هما الاخران في دنيا الخلود الآن . ولم يبق غيري . وعلي ان ارفع الانقاض وابني حياة جديدة لي ولفيليب )
كيف كشف لها بليز هذة المشاعر كلها ؟وكيف سمح لها بأن ترى ترى هذا الجانب من شخصيته وتطلع على ماكان يعاني منهويتألم لأجله ؟ بللت شفتيها الجافتين قبل ان تسألة :
( وما ذا حل بالمزرعة بيل ريفير ؟)
( اتت عليها النيران . شب فيها حريق التهم البيت والمزرعة وكل شيء وبقيت الارض التي وضعت الدولة يدها عليها فيما بعد واصبحت
تدفع لنا قيمة الايجار فقط )
اختلست نظرة الى وجه بليز ورأت الندبة فوق خده اشد بروزا من أي وقت سبق .
كان غاتسون بانتظارها عندما وصلا وبدتالمسافة بين ظهر الفؤس والارض شاسعه جدا في نظر اندريا التي كانت عضلاتهاالمتشنجه تكاد تصرخ من شدة التعب .
شعرت بيباس في ظهرها وخشيت ان لا تحملها ساقاها ان هي ترجلت .
وجاء بليز كالعاده لنجدتها في الوقت المناسب وقال وهو يحملها كريشة بين يديه وينزلها عن ظهر الفرس :
( اسمحي لي )
تمنت ان تظل بين ذراعيه وشعرت برغبة مجنونه في الالتصاق به وهي تحس بالدفء المنبعث منه.
ولكن ما ان لامست قدماها الارض حتىتراجعت بضع خطوات الى الوراء والحمرة تكسو وجهها . ومن شدة ارتباكها تعثرتقدمها وكادت تقع لولا ان أسندها بذراعة وهو يقول :
( انتبهي)
ثم وبصوت متباعد انما مجامل اضاف :
( اطلبي من كوتيلد ان تحضر لك حماما ساخنا . انه ينفعك كثيرا . وسأراك على العشاء في وقت لاحق هذا المساء.)
حياها بأشارة من رأسه وأسرع بالانصراف :
ظلت واقفه تراقبه وهو يبتعد . وأزعجها كثيرا هذا التمرد المفاجئ في مشاعرها .
انني أكرهه !
قالت تعنف نفسها ، ولن أدعه يلمسني مرة أخرى بعد اليوم .
3- الوقوع في الشرك
كان عليها لتصل الى الحمام ان تمر اما المغسلة الضخمة . وانفجرت اندريا بالضحك عندما رأتها للمرة الاولى في الليلة السابقه .
اما غرفة الحمام فكانت واسعه وجدرانها من البلاط الزخرف القديم وعليه رسوم جذابة مخروطية الشكل .
استنتجت اندريا من العناية الفائقة التي ابدتها مدام بريسون وهي تسخن الماء بأن للتمديدات الصحية في القصر مزاجها الخاص لكنها لم تجد ما تشتكي منه في ذاك النهار ,
اذ كانت حرارة الماء معقولة وخيل لاندريا انه بالامكان جعل المكان يبدو اقل تقشفا لا بل اكثر ترفا اذا اخفيت الانابيب ضمن صناديق وفرشت الارض بالبسط .
وجدت اندريا ان للماء الساخن تأثير ملطفا على الخدوش والجروح التي كانت تملأ جسمها .وبرغم التشنج الذي شعرت به حمدت ربها ألف مرة لأنها لم تصب بالشلل التام وكان ذلك من قبيل الصدف ليس الا .
برغم كل ذلك لم تكن اندريا قادرة على انكار الحقيقة وهي ان مشوارها في الهواء الطلق ذاك الصباح افادها كثيرا وفتح شهيتها للطعام .
وعدت نفسها بانها ستنصرف الى بعض الامور الخاصة بعد الغداء كان عليها مثلا ان تكتب رسالة لكلير ولكن ما عساها تقول ؟
وقالت في نفسها . بما ان بلبز لوقالييه يقوم بادارة التعاونية فلابد ان يكون له مكتب خاص . وربما كان هذا المكتب في القصر .
انه المكان الانسب للاحتفاظ بالرسائل والاوراق الخاصة وعليه فانها ستبدأ جولتها التفتيشية في هذا المكتب بالذات. لم ترتح للفكرة ابدا وشعرت بدناءتها .
كان عليها ان تذكر نفسها بالاساليب الملتوية التي لجأ اليها بلبز لارغام ابنة عمها على الزواج منه .
كان من العبث تجاهل الشعور الذي اثاره في نفسها وهي في رفقته ذاك الصباح . كان شعورها نحوه مزيجا من الانجذاب والانبهار . فهي قد امضت طفولة طفولة سعيده في اسرة تشعر بالاستقرار ولذلك صعب عليها ان تتصور تعرض عائلة مثل عائلة بليز لكل تلك المرارة وان تسود علاقات افرادها كل تلك الضغينه .
ارتدت اندريا تنورة ضيقة من قماش النويد الذهبي اللون وقميصا من الصوف الاخضر الغامق وجعلت شعرها على شكل ضفيرة وشبكته بدبوس في اعلى رأسها . وكانت مدام بربسون قد اخذت سروالها الجينز وسترتها لتنظفهما .
تناولت بعد ذلك عام الغداء الذي تألف من حساء الخضار والجبنه البلدية والفاكهة الطازجة من بساتين القصر .
وعندما جاءت مدام بريسون لتاخذ الصحون كانت اندريا ترتشف اخر مافي فنجانها من القهوة . قالت لها اندريا :
- دعيني اساعدك انك تقومين باعمال كثيرة .
وبرغم احتجاج مدام بريسون نهضت اندريا واخذت تصف الصحون على صينيه حملتهاالى المطبخ مبررة عملها هذا بالقول انها اذا كانت فعلا ستصبح سيدة هذا القصر يتوجب عليها القيام ببعض الواجبات المنزلية .
وفي كل حال لم تكن اندريا تتحمل رؤية غيرها يقوم بخدمتها بدون ان تساهم في العمل , فنزعتها الى الاعتماد على نفسها ما كانت لتسمح لها بغير ذلك .
لم تتبرم مدام بريسون من وجود اندريا في المطبخ بل بدت متشوقه لاطلاعها على كل شيء. ارادت ان تريها محتويات الخزائن من الاواني والاطعمه المختلفة . ولم تتردد بالبوح لها بان الشيء الوحيد الذي كان يزعجها هو عدم تجهيز القصر بالكهرباء .
وشرحت لها ان تلك كانت مشيئة السيد الكبير أي والد بليز. لكن عندما ارادت اندريا ان تطرح بعض الاسئلة تحفظت مدام بريسون ولم تعد تتكلم بصراحة.
ارتبكت مدام بريسون ولم تدر بما تجيب اندريا عندما قالت لها انه كان بودها ان تقوم بجولة استكشافية في القصر ولكنها عادت وانفرجت اساريرها عندما اكدت لها اندريا انها لم تكن بحاجه الى من يرافقها .
واجتاح اندريا شعور بالذنب وهي تتناول رزمة المفاتيح من مدام بريسون التي وثقت بها .
مضت ساعتان من البحث العقيم شعرت بعدها اندريا بخيبة امل عارمه . فلقد تناول بحثها كل شبر من الجزء الماهول في القصر . فتشت في غرف كفنها الغبار واجتازت اخرى على رؤوس اصابعها لئلا تكسر صمتا مخيما كصمت القبور وعبرت اروقة علقت على جدرانها صور الجدود في عائلة لوفالييه خيل لاندريا ان اصحابها كانوا ينظرون اليها بتعال احتجاجا على تطفلها عليهم .
صعدت ادراجها وهبطت اخرى لدرجة انها كادت تسمع صوته عضلاتها تطلب منها الرحمه . بقيت غرفة بليز وحدها لم يطلها البحث .
كيف كانت ستبرر وجودها لو ان احدا رآها في الغرفة ؟ اما تجوالها في انحاء القصر فيمكن تفسيره في سهولة . يمكنها ان تقول مثلا بانه مجرد فضول او ربما عزته الى اهتمام علمي بالامكنة الاثرية .
شعرت بألم في رأسها وبطعم الغبار في فمها فارتدت معطفها استعدادا للخروج . كانت بحاجه ماسة الى تنشق الهواء النقي .
تساءلت في نفسها اذا لم يكن من الافضل لها ان تقفل عائده من حيث اتت قبل ان تتورط اكثر , وما عليها الا ان تجد طريقة ما لدرء الاذى عن كلير ريثما يحين موعد زواجها ,وهو في أي حال بات وشيكا . سوف تختفي بعد ذلك الى الابد .
كانت كمن يبحث عن قبرة في القش . لا شك ان كلير كانت مجنونه ولكن هل هي اقل جنونا منها عندما وافقت على هذه الخطة الخرقاء ؟ لو ان بليز كان هذا الاحمق المتغطرس المغرور الذي رسمت صورته في ذهنها لكان من السهل عليها ان تجد متعه في خداعه والضحك عليه والعبث بعواطفه .
ولكن الامر مع بليز مختلف وهو في أي حال ما زال سيد الموقف ومازالت جميع الاوراق في يديه .
عندما خرجت من الاباب الرئيسي طالعتها شمس اوشكت على المغيب . اعترتها قشعريرة فدست يديها في جيبها . لابد ان للقصر حديقة ما لكن ستجدها حتما كناية عن ادغال .
توقفت في وسط الساحه ونظرت حولها . كانت الكآبه تملأ نفسها وبحركة لا شعورية اقتلعت بعض الاعشاب والحشائش وقذفت بها باتجاه البناء القائم قرب بوابة القصر فارتطمت باحدى النوافذ صوب نافذه تفتح ويطل منه وجه .
انه الوجه الذي كانت قد راته يوم وصولها . رفعت يدها الى فمها في ضيق ولكن بعد فوات الاوان .
كان الوجه الذي اطل من النافذه ملتحيا ودودا وفوق انفه نظارتان بدون اطار .
ارسل اليها نظرة استهجان وألم وقال بالفرنسية ولكن بلكنة انكليزية :
- معذرة يا آنسة , أي خدمة ؟
- انا آسفة لم اكن اعلم ان احدا يقيم هنا .
- وانت ايضا انكليزية !
قالها باستهجان وغبطة وحلت ابتسامة مشرقة مكان النظرة المندهشة المتألمه .ثم تابع :
- يالها من صدفة . لابد انك سائحه ضللت الطريق . فهذا المكان لا يقصده السواح .
- كلا .
اجابته اندريا وهي تنظر الى القصر بعينين نصف مغمضتين بسبب الشمس في وجهها , وكأم تدافع عن ولدها القبيح سمعت نفسها تقول :
- لكنه جميل !
- هل ترغبين بكوب من الشاي ؟
بسبب فضولها قررت قبول الدعوة وتوجهت صوب البيت.
رات اندريا مضيفها عن كثب عندما فتح الباب لاستقبالها , ذلك الباب الكبير المزدان بمسامير ذات رؤوس ضخمة ونافرة .
وبدا عن قرب اصغر سنا مما قدرت ربما كان اكبر منها بسنه او سنتين على الاكثر. كان مربوع القامه يرتدي ثيابا عرفت اندريا حالا انها مستعملة سابقا . فسرواله الجينز وسترته وحذاؤه كلها كانت تنطق بماض سحيق .
- الآن وودهاوس .
قال مقدما نفسه ومد يده مصافحا ووجدت اندريا يده ثابته وقوية واعجبها ذلك .
- اندريا ويستون .
- ياللغرابة اسمانا يبدآن بالحرف نفسه . يبدو ان هذا لقاء رتبه القدر . تفضلي بالدخول واحترسي وانت تصعدين الدرج . من هان يا آنسة .تفضلي هذه غرفة الجلوس وانا علميا اقيم فيها ولذلك ترينها في فوضى .
كلمة فوضى لا تكفي قالت اندريا في نفسها عبارة فوضى عارمة قد تفي بالغرض .
جالت بعينيها بأرجاء الغرفة الصغيرة لم يكن أي شيء في موضعه . كان السرير الصغير قرب الحائط من النوع الذي يطوي وعليه اغطية وكيس النوم .
وبالقرب منه رأت اندريا فرنا على الغاز من النوع الذي مجمل باليد وصندوقا خشبيا فيه معلبات مختلفة وفي وسط الغرفة طاولة مستديرة عليها عشرات الاواني الفخارية منها ما كان نظيفا ومنها ما كان غير نيف وعليها كذلك اوراق مبعثره وكتب وآلة كاتبه تحمل باليد .
راح آلان يفتش بين الاغراض على الطاولة وهو يقول :
- لقد قمت بغسل بعض الاواني امس او لعله قبل ذلك ولبس في هذا المكان ماء. علي ان احمله من الاسطبل وفي أي حال ليس لي ان اتذمر فهو لا يتقاضى مني أي اجر لقاء اقامتي علي ان اتكيف مع البيئة وان لم استطع فمعناه انني غير امل للتقدم في هذه الحياة .
- هل انت كاتب ؟
-ربما اصبحت كاتبا ذات يوم اما الآن فانني اقوم يبحث من اجل كتابة اطروحتي وهي تدور حول حياة فيرسنجيتوركس. انه كما تعلمين من هذه المنطقه .
عادت الى رأسها ذكريات المدرسه يوم كان عليها ان تعارك كتب التاريخ الكلاسيكية واجابت :
- اعرف ذلك ومازلت اذكر قوله .. تقسم بلاد الغال الى 3 اقسام .
- نعم . معظمالناس يعرفون هذه البداية ولكنني معجب بنهاية القصه . احسب انني اشعر بضعف تجاه الخاسرين بشكل عام. لم اكن يوما من المعجبين بشخصية يولبوس قيصر فانا اجده موضوعيا جدا لدرجة التجرد من كل عاطفة واذا ما استعرضنا الاحداق تجد عدوه اللدود ذلك القائد الفرنسي العظيم الذ انهزمت جيوشه امام جيوش القيصر بعد حصار مرير , قادما اليه عبر التلال حاملا درعه المذهب معلنا استسلامه لم يجد قيصر ما يقوله امام هذا المشهد المؤثر سوى بضع كلمات جافة اسمعيه يصف بلسانه ما دار بينهما .
وتناول كتابا وراح يقرأ منه :
- جلس قيصر امام المعسكر قرب التحصينات واقتبد القاده الـ3 الى حيث كان يجلس والقى فيرسنجيتوركس سلاحه وسلم نفسه .
عندما انتهى من القراءه راح يهز رأسه بألم ثم قال :
- الا تجدينه مجردا من العاطفه ؟
- بالتاكيد .
اجابت وهي تضحك ثم قالت :
- وهذا ينطبق كذلك على عبارته المشهورة , لقيت اتيت لقد رأيت لقد انتصرت . غير انني اجده واقعيا في قوله بانه علينا ان نسلم بالقدر ونحني رؤوسنا امام ماهو مكتوب علينا , وافهم ايضا لماذا انت تفضل فيرسنجيتوركس عليه . فالبطل الشعبي الذي باباء وكبر حتى اما الهزيمة جدير بالاحترام .
انفرجت اساريره واجابها وو يبتسم :
- هذا هو شعوري ايضا . هل رأيت تمثاله في ملبرمون فيران ؟ يا الهي انه ضخم .. اين الشاي لاشك انك تشعرين بالعطش ولكني اخشى انه لايوجد لدي غير الحليب المجفف مع الشاي .
جلس الان على السرير الصغير قبالتها ونر اليها بسرور ظاهر وقال :
- انه امر رائع ان التقي بشخص يتكلم الانكلزية وانا لا اتفن الفرنسية ومع ان السيد لوفالييه يتكلم الانكليزيه بطلاقه لكنه يحب المخالطه ولذلك لا تسنح الفرص لتبادل الحديث معه الا نادرا .
اجابته بتحفظ جعله يجفل ويسرع بالقول :
- يا الهي , لقد اسأت التعبير فاعذروني . وعلى فكرة هل انت من وصل بالسيارة ليلة امس ؟ وهل تقيمين في القصر ؟ لابد انك احدى صديقاته .
حدقت اندريا في الارض قبل ان تجيبه !
- ذلك صحيح الى حد ما .
خيم صمت طويل وعندما رفعت اندريا عينيها اخيرا رأت الحمرة تكسو وجه آلان واسرع يقول :
- لا اريد ان ابدو متطفلا .
- الواقع انني هنا في عمل وعلي ان افاوض السيد لوفالييه بشأن مسألة مشتركه .
انفرجت اساريره كانه سمع خبرا افرحه فقال :
- الحقيقة انه لايبدو عليك انك من النوع الذي ... ماذا اقول ... لساني يخزنني مرة اخرى . ما اريد قوله هو انه زير نساء وهو يفضل النساء اللواتي يضاهينه في هذا الميدان ولايبدو عليك انك منهن .
وكانه خشي ان تاخذ كلامه على غير محمل فأسرع يضيف :
- هذا لا يعني انك لست جذابه .
- شكرا لك ايها السيد اللطيف !
قال بيؤس :
- اوه ... انك تدركين ما اعني بدون شك .
رات اندريا ان تغير مجرى الحديث فسألته عن الاطروحه التي كان يحضرها وعن المعلومات التي جمعها اثناء اقامته في هذا الجزء من فرنسا وعلمت منه انه مضى على وجوده في سان جان دي روش سته اسابيع ويتوقع البقاء شهرا آخر . وقال :
- ربما استطعنا تناول العشاء معنا انا لست معدما تماما كما قد يتراى لك فلي بعض المال وهناك مكان في كرودون التنقل ليس مشكله بوجود سيارتك .
- لم تعد السيارة معي .
- وماذا حل بالسيارة ؟
- كانت سيارة مستاجره ربما عادت الآن الى كلبر مون فران .
- انه امر مؤسف . هناك جان لوك غابرييه ولديه دراجه ناريه ربما اعارنا ايها . لا تخشى سنتدبر الامر .
- هذا رائع .
قالت اندريا وحاولت ان تتصور بليز لوفالييه عندما يتناهى الى سمعه ان زوجة المستقبل كانت تجوب المنطقه على المقعد الخلفي من دراجه نارية مستعاره. امر واحد كانت واثقه منه لن تكون الدراجه اكثر ازعاجا بالنسبه اليها من دلفين .
نظرت الى ساعتها وطار صوابها وصرخت :
- يالسماء علي ان اذهب لم اشعر بالوقت يمر .
- ساتصل بك في القريب .
قال لها وهو يواكبها للباب وبعد ان قطعت اكثر من نصف الساحه سمعت صوته يقول :
- الى اللقاء يا اندريا .
- رباه .
صرخت بجزع وعادت اليه مسرعه . لم يكن قد اغلق الباب بعد عندما وصلت اندريا فنظر اليها باستغراب وقال :
- هل نسيت شيئا ؟
- نعم . . نسيت ان اطلب اليك ان تناديني كلير ان لم يكن عندك من مانع .
حدق فيها وكانه خشي ان تكون فقدت عقلها . ولا عجب قالت اندريا في نفسها وكان عليها ان تجد تبريرا معقولا فتابعت بتلعثم :
- انا لا استعمل اسمي الحقيقي في العمل . وهذا يعود لاسباب مهنية بحته ولا يعرفني السيد لوفاليه الا بأسم كلير ومناداتي بأسم غيره قد يسبب تشويشا ان بغنى عنه تكفيني مشاكل اللغة .
لاحظت اندريا بارتياح ان نظرة الحيرة فارقت وجهه فمشاكل الاتصال بلغة غير الانكليزية كانت بالنسبة اليه امرا يستطيع ادراكه والتعاطف معه .
- سوف اتذكر ذلك .
قال وهو يرميها بنظرة متفحصه ثم اضاف :
قال وهو يرميها بنظرة متفحصه ثم اضاف :
- لا يروقني هذا التغيير في الاسم . فاسم كلير لا يناسبك ابدا .
اسرعت اندريا بالانصراف وراودتها فكرة وهي تجتاز الساحه . لوكانت كلير مكانها لوجدت الموقف مثيرا وهي التي تهوى التمثيل واجواء المغامرات والقصص الغريبه .
كانت مدام بريسون تذرع القاعه ذهابا وايابا وعندما وصلت اندريا اخيرا وحالما وقعت عيناها عليها قالت بقلق:
- اين كنت يا آنسه سأل عنك السيد عدة مرات .
- يا الهي .
قالت اندريا باستهتار وتابعت بتهكم :
- وهل سأعدم رميا بالرصاص
تصنعت اندريا مرحا لم تكن تشعر به بالحقيقة عندما دخلت الغرفه كان بليز لوفاليه واقفا قرب النافذه يدخن سيكاره وكان نظره شاردا ووجهه متجهما .
- اين كنت ؟
- كنت في جولة استكشافية .
- وهل ذلك يتطلب كل هذا الوقت ؟
سألها وهو ينفث الدخان بضيق وتبرم .
- لماذا تسأل ؟
سألته وهي تتصنع البراءة وتابعت :
- لابد انك اشتقت لرؤيتي .
خيم بعد هذه المبادلة بالحديث صمت ثقيل قطعه بليز وهو يقول بصوت لم تخدعها رقته :
- احذري يا عزيزتي , قد تجدين اثارتي امرا مسليا الآن ولكن العواقب لن تكون على المستوى نفسه من الاثارة .
بدا في نظرها كالشيطان وكان على اندريا ان تستجمع كل شجاعتها لتستمر في المواجهة وقالت وهي نفسها غير مقتنعه بصدق كلامها :
- ان تهديداتك لا تقلقني انا ولا اكترث لها , واي امر اسوأ من ارغامي على الزواج ؟ ولقد رضخت للامر الواقع .
- الا يوجد اسوء من الزواج ؟
سألها بتهكم واطلق ضحكة خافته جعلت الدم يجمد في عروقها ثم تابع :
- يبقى ان تتعلمي الكثير يا عزيزتي كلير برغم كل هذه الحنكة التي تتبجحين بها .
مالذي قالته كلير في رسائلها يا ترى سألت اندريا نفسها وشعرت بيديها تنفض بدون ارادتها واغاظها انه رآها . ثم سألها فجأه ونبرة طبيعيه :
- وهل اعجبك القصر ؟
ولم تملك اندريا ان تلاحظ تقلب مزاجه . اذ كان مثل طقس اوفيرن يصعب التنبؤ به . وباحساسها المرهف وشعورها المتطير ادركت ان وراء هذا الاهتمام المفاجئ امرا لا تعرفه . فربما يعرف الحقيقة ويريد ان يتسلى .
- انه مثير
- ولكن لابد انك وجدت الزيارة لبيت الحارس اكثر اثارة .
ادركت اندريا سبب لعبة القط والفأرة التي كان يلعبها معها وبوضوح واعتداد اجابته :
- كانت زيارة ممتعه جدا . اشكر لك اهتمامك ولكنني اتساءل لماذا لم تخبرني بوجود نزيل فيه .
- ربما لأنني واثق من مقدرتك على استكشاف هذه الامور بنفسك .
ولم ينقذها من المأزق الذي وجدت نفسها فيه الا دخول مدام بريسون الغرفة حاملة معها طعام العشاء . التقطت اندريا الملعقة بيدها وقالت متابعه الحديث :
- مازلت اجهل سبب عدم ذكر هذا الامر امامي وانت تعلم بدون شك ان وجود احد ابناء وطني على قاب قوسين مني يثير اهتمامي .
- ربما كان هذا هو السبب .
- ياللوقاحه !.
صرخت وبساتنكار سألته :
- وماذا تعني بالضبط يا سيدي ؟
- اعني ياجميلتي ان سلوك مدام لوفالييه في المستقبل يجب ان يكون فوق الشبهات بصرف النظر عن حماقات الماضي .
صمتت برهة قبل ان تجيبه بصوت مضطرب :
- هذه اهانه !
- لماذا ؟ هل لأنني اشير الى امور انت نفسك لم تبقها سرا؟ اكملي عشاءك الآن فانك نحيلة جدا .
منتديات ليلاس
|