لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القسم الادبي > منتدى الكتب > كتب الأدب واللغة والفكر
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

كتب الأدب واللغة والفكر كتب النحو والصرف والأصوات والمعجم والبلاغة واللسانيات المعاصرة - الأدب العربي القديم - والنقد الأدبي القديم والحديث- أدب الطفل- وكتب الأساطير والغرائب - كتب الفلسفة و المنطق - الدراسات الفكرية - كتب الفكر الإسلامي


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-03-09, 08:40 PM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 47838
المشاركات: 739
الجنس ذكر
معدل التقييم: kais1975 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدRussian Federation
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kais1975 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kais1975 المنتدى : كتب الأدب واللغة والفكر
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bader44 مشاهدة المشاركة
   صديقي..

شكرا لك هذه الثقة و كلماتك الطيبة ، لا يمنع هذا أني أضم صوتي الى ما تفضلتم به فالتقصير حاصل ، عن المشاركة ، أنا أحاول جهدي و بقدر ما تثير المواضيع فيَ من اهتمام و دائما بالقدر الذي يتسع له المكان هنا فليس عندي رغبة في افتعال مواجهات مع احد ، المكان هنا هادىء و يعجبني أن يظل كذلك ، حاول صديقك رحومي مرة فواجهته قوانين ( الحذر و المواربة) و لما يفه بكلمة بعد ، و أن تكتب ما تعتقد و على سجيتك ، مسألة ستحمل في نظر البعض سقطات لا بل خطايا ستحتاج منك الى جلسة عاجلة للاعتراف بخطاياك و التوبة لتنال رضا من يظن أنه يملك أن يغلق دونك ابواب ملكوته قبل وصولك ، و تسألني اينك ؟

أيضا المشاركة الحقيقية تحتاج الى تشجيع أيضا من خلال من يرد عليها ليظهر ما فيها من عوار لتقدح بدورك زناد فكرك لتخرج بالأفضل ، فلا تستسهل ، إذن الأمور لن تزيد عن تعليقات حول الموضوع ، تقترب حينا و تبتعد أحيانا ، و كفى الله المؤمنين ،


صديقي..

لااملك امام ردك.الاسلاحي المخزي و هو الصمت -صديقك الدائم قيس ودمت لنا

 
 

 

عرض البوم صور kais1975   رد مع اقتباس
قديم 28-03-09, 10:08 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
حكيم المنتدى


البيانات
التسجيل: Oct 2006
العضوية: 15471
المشاركات: 2,182
الجنس ذكر
معدل التقييم: galalgalal عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 29

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
galalgalal غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kais1975 المنتدى : كتب الأدب واللغة والفكر
افتراضي

 

ياقيس 00
نستطيع ان نوصل صوتنا الى كل الدنيا 000
فقط نحتاج للموجه الصحيحة للحوار مع اناس لما يخرجوا من عباءة الجاهلية بعد 000 فالحوار يجب ان يكون بتأنى وقد كان لنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة حينما قام الاعرابى يبول فى المسجد وهجم عليه الصحابة يريدون قتله فبسم الرسول الكريم وقال اتركوه حتى ينتهى ثم اشرحوا له بالهدوء عيب مافعل
صلى الله عليك وسلم ياكريم الخلق يارحمة مهداة 000 والله لو كنت فى امه غير العرب لربما كانوا عبدوك فالحمد لله --- انت من قلت لصحابتك لاتقوموا لى كما تقوم الاعاجم لبعضها 000 صلوات الله عليك ورحمته وبركاته

صديقى قيس 000 لايضر الانسان ان يقول مايريد حتى ولو دار قليلا حول الحوار ليسمع الصم ويفهم العمى ويرى الاغبياء فهذا قدر المبصرين الفاهمين والذين قال فيهم ربى " انما يخشى الله من عباده العلماء "
شكرا قيس سعة صدرك لسماع هذه المحاضرة ّّ لكنها كل الحب

محمد جلال

 
 

 

عرض البوم صور galalgalal   رد مع اقتباس
قديم 23-07-10, 03:03 PM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 27469
المشاركات: 129
الجنس ذكر
معدل التقييم: AlHawa عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدTunisia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
AlHawa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kais1975 المنتدى : كتب الأدب واللغة والفكر
افتراضي كتاب حيرة مسلمة ل د. ألفة يوسف

 

[CENTER]السلام عليكم،
أثار هذا الكتاب الكثير من الأفكار و الشبهات لهذه الدكتورة سأدرج هنا نسخة الكتاب و ملاحظات من شيخ زيتوني حول أفكار و أسلوب الكاتبة لإثراء الحوار:




و الآن الملاحظات

 
 

 

عرض البوم صور AlHawa   رد مع اقتباس
قديم 23-07-10, 03:06 PM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 27469
المشاركات: 129
الجنس ذكر
معدل التقييم: AlHawa عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدTunisia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
AlHawa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kais1975 المنتدى : كتب الأدب واللغة والفكر
افتراضي

 

ملاحظات على كتاب "حيرة مسلمة" لألفة يوسف (1)
الكاتب: ياسين بن علي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
السؤال – كما قال الراغب الأصفهاني في المفردات – هو "استدعاء معرفة أو ما يؤدي إلى المعرفة". فكل معرفة – كما قال بشلار – هي جواب عن سؤال. وعليه، يجوز لنا أن نقسم المعرفة إلى قسمين: سؤال وجواب.
وقد جاء في الأثر: حسن السؤال (أو المسألة) نصف العلم؛ لأن في السؤال الحسن تأطير مسألة وتحقيق مناط وتحديد بحث وحصر موضوع، وهذه العناصر هي نصف المعرفة؛ لأنّ الجواب مبني عليها. ولهذا فإنّ العالم الحقّ هو من يحسن السؤال، أو بعبارة شتراوس: ليس العالم من يجيب أجوبة صحيحة إنما العالم من يسأل أسئلة صحيحة.
وقد انطلقت الدكتورة ألفة يوسف من هذا المنطلق، فألفت كتاب "حيرة مسلمة"، وبيّنت قصدها من تألفيه قائلة: "إننا في هذا الكتاب أبعد ما يكون عن الأصولية في وجهيها الديني والحداثي، ذلك أننا لا نريد تقديم أجوبة جاهزة نهائية وننتمي إلى السؤال قبل الجواب والحيرة قبل الاطمئنان..."(1).
وأنا لست ضدّ السؤال، ولذلك ألتمس للدكتورة ألفة عذر السؤال، ولكنني ضدّ الحيرة والتشكيك؛ ذلك أن الأسئلة التي سألتها الدكتورة معبّرة عن حيرتها قد تجاوزت الشأن الفردي لتتحوّل بعد النشر إلى شأن جماعي. وبعبارة أخرى، فإن الدكتورة بنشرها لكتابها قد بثّت الحيرة في نفوس الناس من خلال أسئلة تشكيكية تتعلّق بأحكام شرعية وآيات قرآنية زعمت الدكتورة نفسها بأنّ جلّ المسلمين يعتبرها "محكمة واضحة لا تطرح أيّ إشكال ولا تستدعي أيّ تفكير"(2).
وعليه، فقد رأيت من واجبي القيام بنقض هذا الكتاب والردّ على صاحبته. {عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}.

1. ملاحظات عامة:
أردت قبل الخوض في بعض المسائل التي تناولها الكتاب عرض جملة من الملاحظات العامة التي تكشف لنا عن قواعد لم تأخذها الدكتورة ألفة بعين الاعتبار. وأحسب، أن قسما لا بأس به من المغالطات الواردة في الكتاب قد نشأ عن إهمال لهذه القواعد؛ لذلك أردت بيانها مع بيان بعض المغالطات الناتجة عن إهمالها. كما أردت من خلال هذه الملاحظات بيان أسلوب الكاتبة وكيفية تناولها للمسائل التشريعية، وبيان موقفها من الصحابة والعلماء.

ملاحظة أولى: الطعن في الصحابة والعلماء
تقول الدكتورة ألفة: "ولكن ما لم أتوقعه البتّة هو أن تتحول قراءة الكتاب ومجادلته الفكرية لدى البعض إلى سيل من الشتم والقدح على صفحات الجرائد ولا سيما على الانترنت. ولعلّ هذا السيل من الشتائم أثار في الكاتبة المسلمة حيرة أخرى تتصل بالعلاقة بين الديني والأخلاقي بمعنى الإطيقا... فلا بدّ من التصدي لهم بقوة الفكر والحجة وبأخلاق المسلم لا بالثلب والسب والشتم والتكفير ممن يدّعون أنهم مسلمون وممن ينسون أن الرسول بعث ليتمّم مكارم الأخلاق"(3).
أقول: وأين هذا "الأخلاقي بمعنى الإطيقا" في كتاب الدكتورة؟ وهل من قوة الفكر والحجة، ومن أخلاق المسلم، ومن مكارم الأخلاق، أن تطعن الدكتورة في نزاهة الصحابة والعلماء، وتصوّر لنا عملية تفسير النص القرآني وكأنها عملية تزوير واحتيال وتحريف قام بها شرذمة من الرجال يدفعهم لاوعيهم الذكوري لمخالفة صريح القرآن وغمط حقوق المرأة.
تقول الدكتورة: "فها أنّ المفسرين والفقهاء يعمدون أحيانا إلى مجرّد النظر العقلي ليقرّوا أحكاما إلهية وها أنهم يجوّزون ذلك متى شاؤوا ويمنعونه متى شاؤوا" (4).
ومعنى هذا الكلام، أنّ المفسّرين والفقهاء يقولون بالتحريم والتحليل حسب هواهم ورغباتهم. فهل الطعن في موضوعية المفسرين والفقهاء من قبيل البحث الفكري الرصين أم من قبيل التجريح والقدح؟ وهل معنى هذا الكلام، أنه لا يجوز لنا بعد الآن قراءة كتب التفاسير والفقه لأنها مبنية على الهوى، وأن علينا أن نكتفي بما كتبته الدكتورة؛ لأنها هي وحدها من تمتلك النزاهة والموضوعية؟
وتقول الدكتورة: "... فالرازي يستند إلى إجماع المفسّرين وابن عاشور يعتمد قول الجمهور، ولكن ألا يكفي ظاهر النص اللغوي الصريح لتفنيد موقف هؤلاء فكلام الله تعالى لا يخصّص الإخوة بأنهم للأب أو للأم أو لكليهما اللهم إلا إذا كان المصحف الذي بين أيدينا منقوصا أو مختلفا في شأنه. وكأنّ بعض المفسرين لا يجد حرجا في أن يضمّن ذلك... إنّ من الطريف أن المفسرين في نشدانهم تفسيرا للنص يلائم المجتمع الأبوي فيرفع من نصيب الإخوة من الأب وينقص من نصيب الإخوة من الأم وفي سعيهم إلى المحافظة على تفسير للنص يلائم الإجماع وقول الجمهور لا يتحرّجون من إضمار وجود تحريف طرأ على القرآن أس الرسالة المحمدية"(5). وتقول: "فإنّ الفقهاء والمفسّرين لم يدّخروا في مقابل ذلك أيّ جهد في اعتماد الإجماع البشري أو (بالأحرى الذكوري) واعتماد أخبار الآحاد والقراءات الشاذة حتى يغمطوا المرأة حقّها... بل إنهم قد خالفوا صريح النص أو أضمروا إمكان تحريف القرآن في أحيانا أخرى حفاظا على مصالحهم..."(6).
ومعنى هذا الكلام، أنّ مفسرا وعالما كالشيخ الطاهر ابن عاشور (رحمه الله) الذي "يعتمد قول الجمهور" يضمر – كما صرّحت الدكتورة – إمكان تحريف القرآن حفاظا على مصالحه الذكورية. أليس هذا طعنا في نزاهة الشيخ الطاهر ابن عاشور؟ وهل تقبل الدكتورة أن يطعن أحد في نزاهتها وموضوعيتها العلمية، وهل ستعدّ ذلك من باب النقاش العلمي أم من باب الثلب والسب والشتم والتجريح؟ ثمّ لنسأل الدكتورة: ما حكم من أضمر تحريف القرآن ونقصانه؟ هل هو مؤمن أم كافر؟؟؟
وتقول الدكتورة: "كما أنه يجب أن لا ننسى أن بعض المسلمين انزعجوا أيما انزعاج من إسناد الله تعالى نصيبا من الميراث للنساء، فهؤلاء – وهم المسلمون الأوائل الذين يقدّمهم لنا البعض اليوم في صورة مثالية يطيعون دون تلكإ وينفذون دون نقاش- لم يقبلوا أوامر الله تعالى بتوريث النساء إلا على مضض...ولعلّ هؤلاء الذين ترجّوا السماء لتغير حكمها ثم قبلوا الواجب عن مضض أقلّ استنكارا لكلام الله من مسلمين سواهم ودّوا لو نسي الرسول قوله أو غيّره... فإذا تلدّد هؤلاء المثاليون صحابة الرسول ومعاصروه عن توريث البنات فلن نستغرب أن يتواصل إلى اليوم..."(7).
أقول:
أولا: الصحابة رضوان الله عليهم كلّهم عدول، ولا معنى للطعن فيهم إلا الطعن في المصدر الذي نقل إلينا القرآن دون تحريف. فما معنى قول الدكتورة: "المسلمون الأوائل... لم يقبلوا أوامر الله تعالى بتوريث النساء إلا على مضض"؟ وهل يجوز قول ذلك في الصحابة مع علمنا بقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}؟ فهل تريد الدكتورة نفي الإيمان عن المسلمين الأوائل بإثبات انزعاجهم من حكم رباني؟
ثانيا: اتهمت الدكتورة العلماء في مواضع كثيرة من كتابها بمخالفة صريح القرآن، ولكن أليست هي من خالف صريح القرآن بطعنها في الصحابة؟ قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }، وقال سبحانه: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبا}، وقال سبحانه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
ثالثا: انتقدت الدكتورة في كتابها منهج المفسرين الذين يعتمدون أخبار الآحاد مع مخالفتها لصريح القرآن، وقاعدتها في ذلك أن "عموم القرآن لا يجوز تخصيصه بخبر الواحد"(9)، ولكن الدكتورة لم تلتزم بمنهجها هذا فطعنت في الصحابة - الذين ثبتت عدالتهم بصريح القرآن- معتمدة في ذلك على أخبار آحاد مروية في تفسير الطبري.
رابعا: تقول الدكتورة: "ومن هذا المنظور يجوز أن نتساءل: بأي حقّ يسمح ابن عاشور لنفسه بأن يقرّ إقرار المتيّقن"(10). وأقتبس من كلامها هذا فأقول: ومن هذا المنظور يجوز أن نتساءل: بأي حقّ تسمح ألفة يوسف لنفسها بأن تقرّ إقرار المتيّقن "أن بعض المسلمين انزعجوا أيما انزعاج من إسناد الله تعالى نصيبا من الميراث للنساء، فهؤلاء... لم يقبلوا أوامر الله تعالى بتوريث النساء إلا على مضض"، وأن بعضهم "ودّوا لو نسي الرسول قوله أو غيّره"؟ فهل لها من حجة قاطعة لتطعن في صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
خامسا: لننظر الآن في الروايات التي اعتمدتها الدكتورة لتطعن في الصحابة:
قالت الدكتورة: "ففي رواية يوردها الطبري قال الناس بعد نزول آيات المواريث: تعطى المرأة الربع والثمن وتعطى الابنة النصف ويعطى الغلام الصغير، وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة. اسكتوا عن هذا الحديث لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينساه أو نقول له فيغيره"(11).
أقول: سند هذه الرواية كما ذكرها الطبري في تفسيره هو: "حدثنا محمد بن سعد قال: ثني أبي [أي سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي] قال: ثني عمي [أي الحسين بن الحسن بن عطية العوفي] قال: ثني أبي [أي الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي]، عن أبيه [أي عطية بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي أبو الحسن الكوفي]، عن ابن عباس ...". وهذا سند جلّ رجاله من الضعاف الذين لا يحتج بهم. ويكفي أن نذكر منهم:
- الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي: قال فيه ابن حجر في التهذيب: "الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي روى عن أبيه وجده وعنه أخواه عبد الله وعمرو وابناه محمد والحسين وسفيان الثوري وابن إسحاق وغيرهم. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال ابن حبان في الثقات: أحاديثه ليست بنقية. له عند أبي داود حديث واحد في لعن النائحة والمستمعة. قلت: وقال البخاري: ليس بذاك. وقال ابن قانع مات سنة 181 وكذا أرخه ابن حبان في الضعفاء وزاد منكر الحديث، فلا أدري البلية منه أو من ابنه أو منهما معا"(12).
- وعطية بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي أبو الحسن الكوفي: قال فيه ابن حجر في التهذيب: "قال أحمد وذكر عطية العوفي فقال هو ضعيف الحديث ثم قال بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي ويسأله عن التفسير وكان يكنيه بأبي سعيد فيقول قال أبو سعيد وكان هشيم يضعف حديث عطية... وقال الدوري عن ابن معين صالح وقال أبو زرعة لين وقال أبو حاتم ضعيف يكتب حديثه وأبو نضرة أحب إلي منه وقال الجوزجاني مائل وقال النسائي ضعيف وقال بن عدي قد روى عن جماعة من الثقات ولعطية عن أبي سعيد أحاديث عدة وعن غير أبي سعيد وهو مع ضعفه يكتب حديثه وكان يعد مع شيعة أهل الكوفة... وقال ابن حبان في الضعفاء بعد أن حكى قصته مع الكلبي بلفظ مستغرب فقال سمع من أبي سعيد أحاديث فلما مات جعل يجالس الكلبي يحضر بصفته فإذا قال الكلبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا فيحفظه وكناه أبا سعيد ويروي عنه فإذا قيل له من حدثك بهذا فيقول حدثني أبو سعيد فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري وإنما أراد الكلبي قال: لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب... وقال ابن سعد: ... وكان ثقة إن شاء الله وله أحاديث صالحة ومن الناس من لا يحتج به. وقال أبو داود ليس بالذي يعتمد عليه. قال أبو بكر البزار كان يعده في التشيع روى عنه جلة الناس وقال الساجي ليس بحجة وكان يقدم عليا على الكل"(13).
وكما ترى فهذه رواية ضعيفة، إلا أن الدكتورة لم تكلف نفسها عناء البحث فيها لأنها تخدم غرضها.
وأما من ناحية المتن: فهل يعقل أن يتصوّر الصحابة رضوان الله عليهم إمكان نسيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقد قال الله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى}؟ وهل يعقل أن يتمنى الصحابة رضوان الله عليهم تغيير القرآن أو هل يعقل أن يتصور الصحابة رضوان الله عليهم إمكان تغيير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقد قال الله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
فإذا كان الصحابة قد انزعجوا من آية المواريث، واستنكروا كلام الله، وودوا لو نسي النبي أو غيّر، فمن هم إذن من وصفهم الله تعالى بالصدق ورضي عنهم، ومن هم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم..." (رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود
وقالت الدكتورة: " كما أنه يجب أن لا ننسى أن بعض المسلمين انزعجوا أيما انزعاج من إسناد الله تعالى نصيبا من الميراث للنساء، فهؤلاء – وهم المسلمون الأوائل الذين يقدّمهم لنا البعض اليوم في صورة مثالية يطيعون دون تلكإ وينفذون دون نقاش- لم يقبلوا أوامر الله تعالى بتوريث النساء إلا على مضض. يثبت ذلك الخبر التالي عن الطبري: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ, لا يرث الرجل الصغير ولا المرأة. فلما نزلت آية المواريث في سورة النساء شقّ ذلك على الناس وقالوا: يرث الصغير الذي لا يعمل في المال ولا يقوم فيه والمرأة التي هي كذلك، فيرثان كما يرث الرجل الذي يعمل في المال. فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء. فانتظروا. فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا: لئن تمّ هذا إنه لواجب ما منه بدّ"(14).
أقول: هذه الرواية الثانية التي استدلت بها الدكتورة لتطعن في عدالة الصحابة. ومع أنّ سند هذه الرواية يحتاج إلى نظر إلا أننا ستناولها من حيث المتن، فنقول: من أين فهمت الدكتورة انزعاج الصحابة أيما انزعاج واستنكارهم لكلام الله؟
إنّ معنى "شقّ ذلك على الناس"، لا يفيد انزعاجهم من القرآن أيما انزعاج واستنكارهم له، بل يفيد استشعارهم لمشقة التكليف. قال في تاج العروس: "وشق عليه الأمر يشق شقاً ومشقة إذا صعب عليه وثقل وشق عليه إذا أوقعه في المشقة والاسم الشق بالكسر قال الأزهري ومنه الحديث لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة المعنى لولا أن أثقل على أمتي من المشقة وهي الشدة...". وإذا وجد المرء صعوبة ما في تكليف ما فلا يعني ذلك انزعاجه منه أيما انزعاج أو إنكاره. ولو اعتبرنا كل استشعار لمشقة من تكليف ما عبارة عن انزعاج واستنكار للتكليف لحكمنا بعدم إيمان الصحابة لتكرر الأمر معهم. وإليك أمثلة:
روى البخاري: عن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "واصل، فواصل الناس، فشق عليهم...".
وروى: "نزل رمضان فشق عليهم".
وروى: عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم، يقول: لبيك ربنا وسعديك ، فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار، قال : يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف - أراه قال - تسع مائة وتسعة وتسعين، فحينئذ تضع الحامل حملها، ويشيب الوليد، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد. فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم...".
وروى: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ " فشق ذلك عليهم...".
وروى أبو داود: عن ابن عباس قال: "نزلت إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين فشق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم أن لا يفر واحد من عشرة...".
وروى النسائي في الصغرى: عن ابن عباس قال: "لما نزلت هذه الآية ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن و إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، قال: " اجتنب الناس مال اليتيم وطعامه، فشق ذلك على المسلمين...".
وروى أحمد: عن أنس قال: قال: - كأنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال - " الإزار إلى نصف الساق، فشق عليهم...".
وروى ابن خزيمة: عن أنس بن مالك يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر ومعه أصحابه, فشق عليهم الصوم...".
إذا، ما هي النتيجة لو عملنا بفهم الدكتورة الذي يحمل معنى "فشّق عليهم" على الانزعاج أيما انزعاج من التشريع وإنكاره؟
ستكون النتيجة تكفير الصحابة – والعياذ بالله -؛ لأنهم وفق فهم الدكتورة ينزعجون من كل حكم أيما انزعاج ويستنكرون كل آية!
إنّ الصحابة رضوان الله عليهم بشر يعتريهم ما يعتري البشر، فيجدون أحيانا مشقة في بعض التكاليف كما نجد. وحينما نزلت آية المواريث وجدوا فيها مشقة باعتبار ما ألفوه وتعوّدوا عليه، ولكنهم لم يستنكروا حكم الله بل رجوا منه سبحانه وهو العالم بحالهم أن يخفف عنهم، فلما علموا أن لا نسخ ولا تبديل في الحكم سلّموا تسليما وقالوا: سمعنا وأطعنا. فليست المسألة: هل شقّ الأمر على الصحابة في البداية أم لا، فليس التكليف إلا مشقة(15)، إنما المسألة: هل عمل الصحابة بالحكم أم لا؟
والجواب هو: نعم، عمل الصحابة كلّهم بالحكم، ولا نجد أحدا منهم قسّم ميراثه وفق القسمة الجاهلية.
يتبع إن شاء الله تعالى...
02 شعبان 1431هـ


__________________
(1) حيرة مسلمة، ص11، دار سحر للنشر، ط3
(2) ص9
(3) ص8
(4) ص24
(5) ص55-56
(6) ص57-58
(7) ص33-34
(8) ص99
(9) ينظر: ص57-58
(10) ص31
(11) ص 33-34
(12) تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، ج1 ص559، دار المعرفة ط1 سنة1996م
(13) ج4 ص138-139
(14) حيرة مسلمة، ص33
(15) قال ابن النجار في شرح الكوكب (ج1 ص483): "التكليف لغة: إلزام ما فيه مشقة... قال في القاموس: والتكليف: الأمر بما يشقّ. وتكلّفه: تجشّمه...".

 
 

 

عرض البوم صور AlHawa   رد مع اقتباس
قديم 23-07-10, 03:07 PM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 27469
المشاركات: 129
الجنس ذكر
معدل التقييم: AlHawa عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدTunisia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
AlHawa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kais1975 المنتدى : كتب الأدب واللغة والفكر
افتراضي

 


ملاحظات على كتاب "حيرة مسلمة" لألفة يوسف (2)

الكاتب: ياسين بن علي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
ملاحظة ثانية: مكانة العلماء في الإسلام
تقول الدكتورة ألفة: "أمّا الموقف الثاني فإنّه يدعو إلى أن نقبل تأويلات الفقهاء قبولا حرفيا، محوّلا إياهم إلى ناطقين رسميين باسم الله عزّ وجلّ. وينسى أصحاب هذا الموقف أنّهم باعتماد هذا التصوّر إنما يعبدون الفقيه في أشكاله المختلفة وتجلياته المتعددة متوهمين أنهم يعبدون الله"(1). وتقول: "ما الذي جرى لنا حتى نعبد الفقهاء والمفسّرين ونؤلّه كلامهم وننسى أنهم مثلنا بشر يجتهدون فيخطئون ويصيبون وننسى أن الله تعالى عرض علينا الأمانة مثلما عرضها عليهم؟"(2).
أقول: إنّ واقع العلماء هذا كما صوّرته الدكتورة لا وجود له إلا في مخيّلتها؛ ذلك أنّ المسلمين لا يعبدون العلماء ولا يؤلهون أقوالهم. فالمسلم إذا وجد من نفسه قدرة على الاجتهاد اجتهد، وإذا لم يجد من نفسه تلك القدرة اتّبع عملا بقول الله تعالى: { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، ولا أظنّ هنا أن الدكتورة توجب أن يجتهد كل مسلم في النص مع علمها بواقع من لا يفهم العربية أو لا يقرأ أو غير ذلك من الموانع الفكرية. إذن واقع الناس هو: أنّ منهم من يملك قدرة على فهم النص والاجتهاد فيه، ومنهم لا يملك تلك القدرة؛ فعليه أن يأخذ باجتهاد العالم مع الأخذ بعين الاعتبار أنه غير معصوم. فإن وجد مسلم يقول بعصمة العالم، ويعبده ويؤلّه كلامه كما قالت الدكتورة، فهو مخطئ.
ها قد وضحنا الموقف الصحيح من العلماء وعلاقة المسلم بهم. والآن، لنسأل الدكتورة: كيف فهمت أن إتبّاع المسلم للعلماء هو من باب عبادتهم وتأليه أقوالهم؟ ومثال ذلك: أنا ياسين بن علي أعلم من نفسي عدم القدرة على تفسير كتاب الله لذلك أعمل بقول الشيخ الطاهر ابن عاشور (رحمه الله)، فكيف تفهم الدكتورة من موقفي هذا عبادة الشيخ وتأليه قوله مع تصريحي بعدم عصمته؟
وبالطبع فإنّ الدكتورة لا تستطيع قراءة أفكاري ولا تعلم ما في نفسي، فعليها أن تستنج الجواب من سلوكي الظاهري.
والجواب الوحيد الممكن هو قولها: لأنّك تأخذ دائما بقوله، ولا تأخذ بقولي.
إذن تستنج الدكتورة من إتباعي الدائم لأقوال الشيخ الطاهر أنني أعبده وأقدّس قوله، ولو أنني تركت العمل بقول الشيخ الطاهر وعملت بقولها لاعتبرتني ساعتها غير عابد له.
ولكن، هل يجب عليّ يا دكتورة ألفة أن أعمل بقولك؟
فأنت تصرحين بأنّ المسائل نسبية اجتهادية، بمعنى أنّ لك اجتهادك وللشيخ الطاهر اجتهاده. وإذا كان الأمر -كما زعمت – ضمن مجال النسبي فلماذا عليّ أن أتبع اجتهادك؟
بالطبع فإن الجواب عندك هو أنّ اجتهادك هو الأصحّ، وبالطبع فإن الجواب عندي هو أن اجتهادك هو الأصح عندك. وسنبقى في هذه الدائرة ولا نخرج منها؛ لأنك حكمت على كل قول بأنه نسبي. فعليك إذن احترام هذه القاعدة التي قام عليها كتابك.
قد تقول الدكتورة: ما قصدت أن تتبعني، وما قلت إنني أملك الحقيقة المطلقة، ولكن من حقّي أن أجتهد ويحترم قولي الاجتهادي كما هو من حقّ غيري من العلماء كالرازي والطبري وابن عاشور.
الجواب في الملاحظة التالية:

ملاحظة ثالثة: الاجتهاد العلماني
تقول الدكتورة ألفة: "القرآن وحده هو الصالح لكل زمان ومكان أمّا قراءته البشريّة فنسبية متصّلة بانتماءات أصحابها وأطرهم التاريخية وعقدهم النفسية"(3).
أقول: الحقيقة، أنني استطعت من خلال قراءة الدكتورة للقرآن وموقفها من بعض المسائل الشرعية أن أفهم جلّ عقدها النفسية، ولكن هناك عقدة عند الدكتورة (ومن معها من التيار العلماني الحداثي) لم أستطع فهمها بعد، ألا وهي عقدة الاجتهاد.
فالدكتورة ألفة يوسف تريد الاجتهاد وتدعو له وتمارسه، وترى أن قراءتها (أي اجتهادها) كقراءة الطبري أو الرازي أو ابن عاشور.
والدكتورة ألفة يوسف قدّمت في كتابها هذا قراءة تتعلّق بمسائل الميراث والزواج والجنسية المثلية أي مارست الاجتهاد وفق تصورها.
ولكن، هل نسيت الدكتورة أنها علمانية بمعنى أن الدين عندها لا علاقة له بالمجتمع والدولة، وأنه عندها – كما قالت في كتابها – "دين لا يقوم إلاّ على علاقة فرديّة بين الإنسان وخالقه"(4)، فهو عندها لا ينظّم علاقة الإنسان بنفسه ولا علاقته بغيره، بل ينظّم فقط علاقة الإنسان بخالقه أي هو مجرّد عبادة (من صوم وصلاة وحج). فلماذا إذن تصرّ الدكتورة العلمانية على الاجتهاد في قضايا دينية ليست متعلّقة بعلاقة فردية بين الإنسان وخالقه بل متعلّقة بالجانب الاجتماعي (أي علاقة الرجل بالمرأة ومنها الزواج والطلاق والجنس) والجانب المجتمعي (كمسألة الشذوذ الجنسي التي هي علاقة بين إنسان وإنسان وترتبط أيضا بالمنظومة القضائية)؟
ثمّ، وهذا من أعجب العجب، تؤكّد لنا الدكتورة في خاتمتها حقيقة مطلقة وهي: "القرآن وحده هو الصالح لكل زمان ومكان أمّا قراءته البشريّة فنسبية".
ولكن يا دكتورة، ألا يناقض هذا الكلام علمانيتك، وعلمانية تونس ومكتسبات الحداثة؟ ألا يعني هذا الكلام أن الإسلام صالح ليطبّق في كل زمان ومكان، وأنّه قادر على معالجة شتى القضايا المتعلقة بالمجتمع؟
فمعنى كلام الدكتورة أنه يمكننا تطبيق النص القرآني في شتى القضايا ولكن بفهم جديد، أي يمكن لتونس العلمانية أن تتحوّل إلى دولة دينية تنطلق من القرآن لتنظيم المجتمع ولكن بفهم يقوم على اجتهاد ألفة يوسف ومن لفّ لفّها.
وأنا من ناحيتي أوافق الدكتورة على هذا الرأي، فلنجعل القرآن الذي "وحده هو الصالح لكل زمان ومكان" الحكم الذي يحكمنا ويعالج مشاكل مجتمعنا، ولكن باجتهاد غير اجتهادك؛ لأن "قراءته البشرية نسبية".
ملاحظة رابعة: النسبية والمعروف
تقول الدكتورة: "ولعلّ الله تعالى إذ يؤكد مرات كثيرة في كتابه العزيز على المعروف أمرا وقولا إنما يحيل على مفهوم النسبية الأساسي إذ ليس المعروف إلا ما تعارف عليه الناس عليه [كذا في الكتاب] مما يختلف وفق الأزمان والأمكنة والأطر المقامية ومما يتعدد وفق تعدّد رؤى الناس ومشاربهم. إنّ تأويل القرآن لا يمكن أن يخرج عن "المعروف" أي عن المعرفة البشرية المتحوّلة دائما والمتجددة أبدا"(5).
أقول: يبدو أن الدكتورة لم تفكّر في كلامها وأطلقته مدفوعة بعقدتها النفسية أعني عقدة الاجتهاد العلماني، ولو فكّرت الدكتورة لما كتبت هذا الكلام. وإليك البيان:
1. قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلّ لَهُمُ الطَّيّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ..}.
لو كان المعروف كما تزعم الدكتورة "يختلف وفق الأزمان والأمكنة والأطر المقامية ومما يتعدد وفق تعدّد رؤى الناس ومشاربهم"، لما جعله الله تعالى علامة مميزة للنبي صلى الله عليه وسلم يعرف بها عند اليهود والنصارى. فهذه الآية تثبت أنّ المعروف كلّه أو على الأقل بعضه غير نسبي كما تزعم الدكتورة؛ إذ جاء محمد صلى الله عليه وسلم بما يعرفه اليهود والنصارى من قرون كثيرة.
ثمّ، لو كان المعروف كما تزعم الدكتورة "يختلف وفق الأزمان والأمكنة والأطر المقامية ومما يتعدد وفق تعدّد رؤى الناس ومشاربهم"، لكان معروفنا اليوم يختلف عن المعروف الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم. فوفق فهم الدكتورة، قد جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليأمر بمعروف في زمنه، وعلينا نحن أن نأمر بمعروف زمننا، فما الحاجة للنبوة والرسالة يا دكتورة، إذا كان معروف النبي غير معروفنا؟
2. قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. وقال سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِوَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَوَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وفق فهم الدكتورة للمعروف والمنكر، أنّ المنافق يدخل النار لأمره بمنكر زمنه ونهيه عن معروف زمنه، والمؤمن يدخل الجنة لأمره بمعروف زمنه ونهيه عن منكر زمنه، ولكن بما أن المعروف نسبي، فقد يصبح المنكر الذي أدخل ذلك المنافق النار معروفا، ويصبح المعروف الذي أدخل ذلك المؤمن الجنة منكرا. علينا إذن أن نسأل عن الحاجة للقرآن ككل، ما دام لا يضبط حتى مقاييس الجنة والنار؟
3. قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وفق فهم الدكتورة للمعروف والمنكر، فعلينا أن نأمر بمعروف زمننا بمعنى يجب علينا اليوم أن نأمر بالزنا (إذا كان عن طيب خاطر أي وفق فهم الدكتورة) والشذوذ (إذا كان عن طيب خاطر أي وفق فهم الدكتورة) والربا (لأنه جائز قانونا) وشرب الخمر (لأنه جائز قانونا)؛ "إذ ليس المعروف إلا ما تعارف عليه الناس عليه [كذا في الكتاب] مما يختلف وفق الأزمان والأمكنة والأطر المقامية ومما يتعدد وفق تعدّد رؤى الناس ومشاربهم".

يتبع إن شاء الله تعالى...
04 شعبان 1431هـ

_____________________
(1) حيرة مسلمة، ص10
(2) ص225
(3) ص226
(4) ص225
(5) ص226

 
 

 

عرض البوم صور AlHawa   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ألفة يوسف, مسلمة\ألفة, حيرة, حيرة مسلمة, يوسف
facebook




جديد مواضيع قسم كتب الأدب واللغة والفكر
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:06 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية