كاتب الموضوع :
معرفتي
المنتدى :
الادباء والكتاب العرب
عزيزي معرفتي .. شكرا لك
و أرجو أن لا تكون متأخرة
و أن تخصني بهذا الكتاب بالذات ، لأمر أقدره عاليا ، لك مني كل الشكر و أطيب تحية
* * * *
عن الريفي .. الراحل ..و أشياء
تعرفت الى الكاتب الراحل يوسف ابو رية أول مرة من خلال مجموعته القصصية " الضحى العالي " ، تحدث فيها عن نهر يمشي وحيدا في أرض سوداء و رجل مقدود من طمي أخضر فبدا لي يومها فنان حكي آسر و انا استمع لحديثه الهامس الحزين عن عالم القرية المنسي ، عن طينه و فقره ، عن اعرافه و قيمه ، و عن ناسه و طيبة قلوبهم ، عن الحياة فيه و الموت ، و من القرية المقهورة ينتقل الى عالم المدينة القاهر الموحش حيث لا شيء الا الليل و المشردين ، و غرباء باحثين عن مكان للنوم و الحب فلا يجدون الا الليل يحتويهم تحت عباءته السوداء
هذا الحديث ، يردده راو وحيد و حزين لا يدركه الا من دفنته الدنيا في احشاء مدينة شرسة بين شوارع مسدودة و حديد مزمجر و سواد شاهق يحكم قبضته ، فأي سبيل للخلاص يرجو المتعب الى حياة مشتهاة و الى ارض يغمرها شعاع شمس غاربة ، و قمر معلق يتلألأ ، و سماء ترصعها نجوم لا يطاولها العد ،فأنت كما شخوص عالم زكريا تامر الغارقة حتى قمم رؤوسها في محنة وجودها الفظ و لا يفطن ايها أحد لا سبيل أمامك أيها المتعب الى بحر بعيد و أم حزينة الا احلام يقظة و منام ، و هلوسات تستعيد بها ذكريات باهتة غائمة ، في ماض بعيد و ناس بعيدين ، و أحبة فقدتهم و حكايات حب صغيرة و بريئة تلاشت ، تلوذ بالحلم و الهذيان لنتطهر من حاضر موحش فتحل عليك تلك اللعنة التي تسمى يقظة ، فأحلامك لا امان لها ، تتبدد سريعا أو تنقلب الى كابوس ، لتنتهي عائدا الى ازقة مدينتك الغريبة ، رجلا حزينا بلا حبيبة ، بلا أمل ، تجلس وحيدا تحدق في الفراغ و تحلم بلحظة خلاص حادة و سريعة تبدد وحشة مكان "لا يتسع الا لأغان خشنة و قمر كئيب "، تراودك افكار شريرة تفتح ابواب لعنة و مواجهة مفزعة .فأين المفر ، و أي طريق تسلك الى الغياب ؟
|